كلماتي إليك
أرَاك تَعْتكِفُ المَقْعِدَ الخَشبِيّ كلَّ مَسَاء
تُطعِمُ الحَمَامَ بقايا فُتاتٍ و حِنْطة
أراكَ تُسَايِِرُ النهر
تغيبُ عيناك في مرآة النهرِ ثمّ تعودُ
لِتَنْحَنِيَ عَلَى عُشبةٍ أو زهرة بَرِيّة تتفَقّدُها
يَدَاكَ تَحْكِيَانِ ألفَ حِكاية
وَ وَجْهُكَ تاريخ الحِكاية
مِعْطَفُكَ ذا المُرَبّعاتِ البُنِيّة و السوداء
يُضْفي بَعْضَ الدِفْءِ في شتاءٍ رَمَاديّ
خُطُوَاتُكَ الرَّصِينَة تَحْمِلُ ألفَ كلامٍ مَوْزُونْ
و تُشْعِرُ بالأمان و السكينة
أرَاكَ مِرْآةَ قلبيَ المُتْعَبْ ، فِيكَ قَدْ أنْشَدْ:
ليْتَ الشَقَا يَرُوحُ ألا يكفي شَقَا دُنْيَا لَعُوبْ ؟
شَابَ فيها القلبُ قبل الرأس و غاب قبل الغُروبْ
دَعْنِي أسَايِرُكَ و النهر ، و أغوصُ في أعماقِ شُرُودكْ
دَعْنِي أجَالِسُكَ و أحَادِثُكَ و أؤنِسُكْ
فَفِي رفْقَتِكْ بَعْضُ أنْسِي و عَزَائي و سَلْوايْ
خَبِّرْنِي عَنْ أحْزَانِكْ ، عَنْ آلامِكْ ، عَنْ آمَالِكْ
خَبِّرْنِي فَإنِّي أرَاكَ تنْطِقُ بأحْزاني و آلامي و آمالي
مَضَى فِيكَ عُمُرْ ....و فِيَّ مَضَى نِصْفُه
لكنِّي لا أقوَى عَلى الاحتمالْ
وَ كَأنَّهُ كُلُّ العُمُرْ قَدْ مَضَى
يا بَطَلِي ، أرَاكَ بَطَلاً يا رحَّالَةَ الدهرِ و الزمنِ
بالله عَلَيْكَ نَوِّرْنِي
كَيْفَ الصُّمُودُ لِمَا تَبَقَّى مِنَ العُمُرِ ؟
دَعْنِي أزُورُكَ لِبِضْعِ أشْهُرٍ أوْ أعْوَامْ
دَعُونِي أزُورُهُ لِبِضْعِ أشْهُرٍ أوْ أعْوَامْ
لِمَا شَاءَ الرَّحْمَانُ مِنْهَا أنْ تَكونْ
يَحُفُّ فِيهَا مَنْزِلِي و أحُفُّ مَنْزلَهْ بالأنْسِ و طيبِ الكلامْ
بِحِكْمَة ، بِعِبْرة
بِرَسْمَة ، بِأغْنِية
بسيطة أنا و أحبّ بَسَاطتَهْ
دَعُونِي أزُورُه فالعُمُرُ مُنْقَضٍ بِكُلِّ حَالْ
بِحُلْوِهْ...كمْ قَلِيلٌ حُلْوُهْ
بِمُرِّه...كمْ مَرِيرٌ مُرُّهْ
دَعُونِي فَفِيهِ بَعْضُ البَلْسَمْ
و فِي ذِكْرَاهُ الانشراحُ و بَعْضُ البَسْمَة
العُمُرُ مُنْقَضٍ فَمَاذا لوْ زيَّناه بِطِيبِ ذِكْرَى
و الفِرَاقُ ......... آتٍ لا مَحَالةَ
كمَْ تَعَوَّدْتُ ألمَ الفِراقْ
دَعُونِي أذُقْ وَ لَوْ مَرَّة طَعْمَ اللِّقاء