أضحية العيد
قد جنَّ ليلك فاستثقلت يــــــــــــا عيدُ
أتيت والنفس لا يحلو لهــــــــا عيدُ
أتيت والنفس لا تدري أفي حلـــــــــمٍ
تركتهـــــــا , أم بطيِّ النبض تنهيدُ
ما زلت أذكـــــــــــر تكبيراتك انتثرت
وخــــــــــافق الفجر تمجيدٌ وتحميدُ
حملت شعري بركاناً علـــــــى شفتي
وفي عيوني حملت الشمس يا عيدُ
صديقك الفجر مرميٌّ به وجــــــــــــعٌ
مما أصـــــــــابك محمومٌ ومعمودُ
بغداد تدري ونهراهـــــــــــا وشطهما
أنَّ المشــــــــــــانق للأحرار تعميدُ
*******
آمنتُ بالله كـــــــــــــم أشعلتني عنباً
وأحرقتني حميَّـــــاهـــا العنــــاقيدُ
عراق يا آهتي الحــــــرَّى ويا وجعي
أتيت يحملني رجــــــــــــعٌ وترديدُ
أتيت دجلاك أروي في الهوى ظمئي
شوقـاً وقد أشعلت حزني الأناشيدُ
أستسمح الموج أن ألقــــاه منكسراً
وأحرفي هدَّهـــــا في الليل تسهيدُ
ودمعتي موجةٌ في الموج حـــــائرةٌ
وبلبلٌ فوق رمــــــــل الشطِّ غريدُ
يا دجلة الخير ما حيَّـــــاك شاعرها
إلا لأنك سقيــــــــــــــا الله مورودُ
على شواطئك الظمــأى زرعت منى
وأضرمتني هوىً تلك المــــواعيدُ
حملت نعش زمــان العرب في لغتي
فأشعل الحرف فــــي عينيَّ صنديدُ
*******
يا عيد جئتك محمومــــاً بلا أمــــــلٍ
لأسأل الفجر عن بعضي .. أمفقودُ ؟
لأســـأل الفجر عن بغداد هل علمت
بكلِّ مـــــــا كان في ذا الليل يا عيدُ
لأســــأل الفجر عن صقرٍ لها فقدتْ
قد ضيَّعته وفيـه العزُّ والجـــــــــودُ
شــاخت على ذكره الأيام وانفطرتْ
كأنَّمـــا هزَّهـــــــــــا في نشوةٍ عودُ
جـــــــــــلاده النذل مخنوقٌ برعدته
يخافه .. وهو فــي الأغلال مصفودُ
عجبت للحبل مطويَّـــــــــاً ومرتبكاً
يهزُّه وجـــــــــــــــــعٌ لليل مرصودُ
أبــــى النقاب على عينيه فارتعدتْ
فرائص الأرض تلويهــــــا الأخاديدُ
يمشي على وجهها طوداً كأنَّ بها
عرشاً له , حيثما قد كـــــان موجودُ
ثنَّــــى الشهادة في عزٍّ فلا سكنتْ
عين الجبان , وقد أضنــــاه تسهيدُ
أتى إلى الموت موتاً فارتمى خجلاً
أمام عينيه تكويــــــــــــــه التجاعيدُ
*******
تآمـــــــروا خسَّـــةً في وكر عربدةٍ
باعوا العراق بــه , فاستوطن الدودُ
قالوا نحررها من كيد غاصبهــــــا
تالله إن الَّـــــــــــــذي قالوه مردودُ
ألقوه في الجب .. ظنوا أنهم غلبوا
في حومـــــة الغدر شهَّادٌ ومشهودُ
جاؤوا عشاءً ... وكان الدمع منسكباً
كادوا , فما ضاع في ذا الكيد مجهودُ
بغداد يا قبلة الأحرار ما عشقتْ
إلاك إلاك هـــــــــــذي الأعين السودُ
جاوزت فيك جنون الشعر فانخذلتْ
عند اليراع أســــــاطيرٌ و " تلمودُ"
ستضحك الشمس يا بغداد في غدها
ويمحق البغـــــــيَ إمَّــــا شئتِ مولودُ
من نسل قحطان يطوي الأرض في يده
ويركب الشمس للعليــــــــــاء مشدودُ
يبني لنـــا العزَّ أسواراً تحيط بنـــــا
مجداً تزيِّنه هـــــذي الأغــــــــــــــاريدُ
مجداً تسبِّحه الدنيــــــا بمــا وسعتْ
لله لله ذاك العـــــــــــــزُّ يــــــــــــا عيدُ
*****************
علي صالح الجاسم