أخي الشاعر محمد اللغافي
أسعد الله مساءك
حوار شيق استمتعت معك بقراءته واسمح لي أن أتفق معك في أجزاء وأختلف في أخرى:
أما اختلافي: فقد قلت في معرض حديثك إن القصيدة التفعيلية بدأت تنحسر أمام موجات القصيدة النثرية.
وهنا أختلف معك بشدة حيث أرى أن العكس هو الصحيح، وما كان انصراف كثير من المتلقين والمحبين للشعر عنه إلا بسبب عدم فاعلية قصيدة النثر وغموضها وتفكك تراكيبها.
الموسيقى والأوزان مهمة جدا للشعر وهذا ما تفتقدة قصيدة النثر وجعل الكثير من الكتاب أو مدعي الشعر يستسهلونها في الكتابة مما جعلها تميل إلى ما يسمى بالخاطرة كلماتها تراصت فوق بعضها البعض بدون هدف تحاول أن توصلنا إليه.
محمود درويش الذي استشهدت به يكتب قصيدة التفعيلة بلغة ومفردات عصرية أوصلته لما هو فيه من مجد و شهرة بالإضافة إلى أنه إنسان صاحب قضية وهدف في كتاباته.
أدونيس اعتذر مؤخرا عما كان يكتبه من نثر بدعوى التجديد وأرى كثيرا من الشعراء بدأوا ينتهجون نهجة ويعودون إلى الأصالة و أقصد بها القصيدة العمودية التي كانت التفعيلية مشتقة منها و خذ على سبيل المثال محمد عفيفي مطر والشاعر الكبير وأستاذي محمد الشهاوي الذي لم يكتب إلا قصيدة التفعيلة وكانت له واحدة من روائع الشعر العربي الحديث ألا وهي قصيدته الشهيرة (المرأة الاستثناء)
والجزئية الثانية التي أختلف معك فيها هي ما ورد هنا:
(أما عن فن الإلقاء، فهو عامل استراتيجي يخدم بالدرجة الأولى النص الإبداعي، واذا غاب الإلقاء، وأعني هنا فن الإنشاد تغيب معها جمالية النص، فالإلقاء يضفي على القصيدة خمسين في المئة من شاعريتها حسب تردد التموجات الإيقاعية، وحسب كذلك ما يطرأ على النص من مد وجزر...)
وهنا أتفق معك وأختلف
أتفق معك بأهمية فن الإلقاء و لا سيما إن كانت القصيدة تلقى بصوت صاحبها لأنه سيضفي إليها رونقا خاصا بالوقفات أو مخارج الحروف أو الإيقاع .. أو .. أو ....
ولكن ماذا لو غاب عنا الإلقاء .. هل هذا يعني أن تموت القصيدة .
أحمد شوقي لم يكن يلقي شعره، ورغم ذلك كان أميرا للشعراء، وظل وسيظل شعره خالدا مخلدا عبر العصور، نعم الإلقاء مهم، ولكن فترته محدودة وهي فترة حياة الشاعر .. أما الكلمة أو القصيدة المقروءة فهي باقية وهي الأساس، وهنا يجب أن تكون القصيدة قصيدة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، أقصد بها الموسيقى والوزن والتفاعيل التي تجعل القارئ العادي يترنم طربا ويتمايل معها كيفما و أينما قرأها هذا بالإضافة طبعا إلى الفكرة أو الهدف أو القضية التي تحملها.
والاختلاف الثالث معك أنك استشهدت بمحمود درويش أنه لم يكن ليقرأ .. واقتديت به، فخشيت أن تسقط في بئر التقليد أو السرقات الأدبية.
فمن أين إذا تستمد أنت أو أنا أو أي شاعر على ظهر البسيطة ثروته اللغوية وصوره وأخيلته، وقديما عرفوا لنا الشاعر أنه كالنحلة التي تمتص رحيق جميع أزهار الحديقة ثم تخرجه لنا عسلا مصفى.
تحياتي لك وهذه مجرد نقاط لفتح أبواب من الحوار.
مودتي وتقديري
الدكتور جمال مرسي