كتب
حمادة زيدان
في عالم من العوالم كانت تعيش تلك الأسرة التي مات فيها الأب والأم وتركوا مجموعة من الأخوة وتركوا لهم من الأموال والكنوز ما يكفيهم هم وأبنائهم
, ولكن مع وفاة الأبوين تغيرت أشياء كثيرة في تاريخ تلك الأسرة....
كانت الأخت الكبرى هي الجميلة وترك لها والديها ما كانوا يملكونه من قصور ومنازل لا تستطيع أن تحصيها العين
, ولم تكن تعشق من كل ما تركه لها والديها سوى تلك المرآة التي كانت دائماً ما تنظر لها لدرجة أن أهملت كل ما لديها من أموال وكنوز وأبناء حتى أصبحت أضحوكة أخوتها جميعاً فكانوا دائماً ما يطلقون عليها "الجميلة العجوز" و"جميلة الكهنوت" و "مجنونة المرآة" .
لم يعلم أحد لماذا تحب تلك المرأة العجوز المرآة ولماذا تهمل بسببها كل ما تملك حتى أن أبنائها الآن لا يقدرون علي إيجاد طعامهم وكانوا يشحذون طعامهم من أعمامهم
, كانت المرأة الجميلة العجوز بالإضافة لحبها للمرآة كانت تعشق من يطربها بالحديث عن تاريخها وجمالها القديم فكان هذا الرجل الأجنبي الذي عشقته وذابت فيه عشقاً .
لم تتذكر تلك المرآة تاريخ عائلتها العريق ولا دينها ولا أبنائها الذين كلما أزداد عددهم أزداد معه فقرهم
, لم تتذكر تلك المرأة أنها الأخت الكبرى التي من واجبها أن تضم أخوتها الصغار , كل ما كانت تتذكره هو حبها الشهواني لجمالها وعشقها لمرآتها التي دائماً ما تكذب عليها وتوهمها بأنها مازالت جميلة ومازالت صبية وليست أماً للكثير من الأبناء وأختاً للكثير من الأخوة .
زوج تلك المرأة هو الثالث لها وكانت من قبله تزوجت من اثنان كان الأول تزوجها من بعد ثورة كبري على أبيها الذي كان يرفضه نظراً لفقره وبعده الكبير عن مستوى تلك العائلة الكريمة
, وكان هذا الزوج المكافح هو من أستطاع أن يجمع تلك المرأة وأخوتها وأن يجعل منهم قوة كبري , ولكنه فشل فشلاً ذريعاً في تربية أبناءة بل ووصل الأمر أن يعذب من يرفض كلامه أو نصيحته وكانت المرأة في عهده تحبه بل وتعشقه لأنها كانت مازالت صبية جميلة وهو شاب مفتول العضلات قوي حتى أنها بسببه كرهت أبنائها لأنهم كانوا دائماً يطالبون بحريتهم من قبضة أباهم القوية.
كان الزوج الثاني لتلك المرأة أكثر تفتحاً وحباً لأبنائه ولكنه في نفس الوقت لم يشعر بالحب من ناحية أخوة تلك المرأة لذلك بعدما قام بتسديد مديونياتهم وقام بطرد هذا الغريب الذي قام باغتصاب أجزاء من أملاكها قاموا أخوة تلك المرأة بمؤامرة علية وقاموا بتسليط أحد أبنائه لقتله أثناء احتفاله معهم بعيد ميلاد زوجته
زوجها الثالث بسببه فقدت تلك المرأة عقلها وجعلها تتمسك بمرآتها كل تلك الأيام
, كان هذا الزوج صديقاً لزوجها السابق لذلك كانت تعتبره صديقاً لها ولزوجها , ولكنه بعدما توفي زوجها بيد أحد أبنائها بدأ في خططه الشيطانية للزواج منها والاستيلاء على كل ما تمتلك من كنوز وكانت خطته تبدأ بمغازلته لها الصريحة في كل مناسبة وحديثه لها عن جمالها وتاريخها حتى بدأت تفكر فيه وتحبه , ولهذا كان زواجهم السريع وبعهدها بدأ في سرقة أموالها حتى كانت اللحظة النهائية لعقل تلك المرأة عندما قام زوجها بصنع تلك المرآة الشيطانية والتي كانت تظهرها في أتم جمالها ولا تظهر لها أبنائها ولا أخواتها الصغار الذين تم اغتصاب حقوقهم , فكانت المرأة لا تترك المرآة ليل ولا نهار , كان لهذا الزوج أصدقاء ولكنهم جميعاً بعيدين عن أخلاق ودين تلك العائلة وكانت له معهم مصالح كثيرة ويستفاد منهم لكي يزيد ثرواته .
جعل هذا الرجل من زوجته التي كانت يوماً هي أكبر إخوتها وأجملهم عجوز شمطاء مجنونة لا تعشق سوى نفسها وصورتها الجميلة في تلك المرآة
أجتمع أبناء تلك المرأة علي أن يجعلوها تعود إلي عقلها المفقود وأن يجعلوها تعلم أنها الأخت الكبرى لكل أعمامهم
, وأن تعلم أن زوجها جعلهم يشحذون الطعام فكان اتفاقهم على كسر تلك المرآة السحرية لكي تعلم حقيقة وجهها الذي تحول بفعل هذا الزوج إلي مسخ بعدما فقدت جمالها القديم .
بعد اجتماع الأبناء ذهبوا جميعاً إلي غرفة نوم أمهم بعد خروج الزوج فوجدوها نائمة واقتربوا إلي تلك المرآة وكادوا أن يحطموها ولكن في اللحظة الأخيرة وجدوا الزوج بينهم وقام بضربهم هو ومن معه من أقاربه
, وبعدها أيقظ زوجته وأقنعها بأن أبنائها كانوا يريدون أن يقتلوها حتى أنها ثارت عليهم واتهمتهم بالسرقة وقامت بالإبلاغ عنهم وحبسهم جميعاً عندها أخذت مرآتها في حضنها ونظرت إليها وقالت "مرآتي حبيبتي أنظري إلي جمالي , مرآتي أنتِ أغلي عندي من أبنائي ومن نفسي بل ومن كل شيء , مرآتي أنا مازلت جميلة بسببك فلا تتركيني أبداً" كان احتضان المرأة للمرآة كبيراً حتى أنها لم تشعر إلا والمرآة تتفتت بين أيديها لتبقي أشلاء مكسورة .
لم تفهم المرأة لماذا تحطمت المرآة ولكنها انهارت بعدها وقامت بالنظر إلي مرآة أخري بالمنزل فوجدت عجوز شمطاء
, وقتها بكت بأعلى صوتها ووجدت كل قواها تنهار ولم تجد غير أبنائها فصرخت بأعلى صوتها أبنائي ولكن لم يستمع إليها أحد.
قلم
حمادة زيدان
http://hamadazedane.maktoobblog.com/