مختارات من كتاب اللمع في اللغة لابن جني (322 هـ، /392 هـ.)
أضرب الكلام
الكلام كله ثلاثة أضرب: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى.
فالاسم: ما حسن فيه حرف من حروف الجر أو كان عبارة عن شخص فحرف الجر نحو: قولك من زيد وإلى عمرو وكونه عبارة عن شخص نحو قولك: هذا رجل، وهذه امرأة.
والفعل: ما حسن فيه قد أو كان أمرا فأما قد فنحو، قولك: قد قام، وقد قعد، وقد يقوم، وقد يقعد وكونه أمراً نحو: قم واقعد.
والحرف: ما لم تحسن فيه علامة من علامات الأسماء، ولا علامات الأفعال، وإنما جاء لمعنى في غيره نحو: هلْ، وبلْ، وقد لا تقول: من هلَ ولا قد هلَ ولا تأمر به. قولك قد قام، وقد قعد، وقد يقوم، وقد يقعد، وكونه أمرا نحو: قم واقعد.
باب المعرب والمبني
الكلام في الإعراب، والبناء على ضربين: معرب، ومبني.
المعرب
فالمعرب على ضربين: أحدهما الاسم المتمكن، والآخر الفعل المضارع، وما عداهما من سائر الكلام فمبني غير معرب.
فالاسم المتمكن: ما تغير آخره لتغير العامل فيه، ولم يشابه الحرف نحو: قولك هذا زيد ٌ، وورأيت زيداً، ومررت بزيدٍ.
والفعل المضارع: ما كان في أوله إحدى الزوائد الأربع، وهي الهمزة، والنون، والتاء، والياء. فالهمزة للمتكلم وحده نحو: أقوم أنا، والنون للمتكلم إذا كان معه غيره نحو: نقوم نحن، والتاء للمذكر الحاضر نحو: تقوم أنت، وللمؤنث الغائبة نحو: تقوم هي، والياء للمذكر الغائب نحو: يقوم هو.
وحرف الإعراب من كل معرب آخره نحو: الدال من زيدٍ، والميم من يقومُ.
باب الإعراب والبناء
الإعراب ضد البناء في المعنى، ومثله في اللفظ، والفرق بينهما زوال الإعراب لتغير العامل وانتقاله، ولزوم البناء الحادث عن غير عامل وثباته.
الإعراب
فالإعراب أربعة أضرب: رفع، ونصب، وجر، وجزم. فالرفع والنصب يشترك فيهما الاسم والفعل، والجر يختص بالأسماء، ولا يدخل الأفعال، والجزم يختص بالأفعال، ولا يدخل الأسماء.
البناء
والبناء أربعة أضرب: ضم، وفتح، وكسر، ووقف. فالضم يكون في الاسم نحو: حيثُ ومن قبلُ ومن بعدُ، وفي الحرف في مُنْذُ في لغة من جر بها، ولا ضم في الفعل. والفتح يكون في الاسم نحو: أينَ، وكيفَ، وفي الفعل نحو: قامَ، وقعدَ، وفي الحرف نحو: إنَّ وثمَّ. والكسر يكون في الاسم نحو: أمسِ، وهؤلاءِ، وفي الحرف في جيرِ، وفي لام الإضافة، وبائها نحو: قولك لزيد وبزيد، ولا كسر في الفعل. والوقف يكون في الاسم نحو: منْ وكمْ، وفي الفعل نحو: خذْ وُكلْ، وفي الحرف نحو: هلْ وبلْ.
باب إعراب الاسم الواحد
الاسم المعرب على ضربين: صحيح ومعتل.
الأسماء الصحيحة
فالصحيح في هذا الباب ما لم يكن حرف إعرابه ألفاً، ولا ياءً قبلها كسرة نحُو: زيدٌ، وعمٌرو، وهو على ضربين منصرف، وغير منصرف. فالمنصرف ما لم يشابه الفعل من وجهين، وتدخله الحركات الثلاث الضمة، والفتحة، والكسرة، والتنوين، ويكون آخره في الرفع مضموماً، وفي النصب مفتوحاً، وفي الجر مكسوراً، تقول في الرفع: قامَ زيدُ يا فَتَى، وفي النصب رأيتُ زيداً يَا فَتَى، وفي الجر مررتُ بزيدِ يا فتى. فضمة الدال علامةًُ الرفع، وفتحتها علامةً النصب، وكسرتها علامة الجر، ودخل التنوين الكلام علامة للأخف عليهم، والأمكن عندهم، وهو الواحد النكرة.
والمضاف كالمفرد فيما ذكرنا، يعرف الأول بما يستحقه من الإعراب إلا أنك تحذف منه التنوين للإضافة، وتجر الثاني بإضافة الأول إليه على كل حال، تقول: هذا غلامُ زيدٍ، ورأيت غلامَ زيدٍ، ومررت بغلامِ زيدٍ.
وغير المنصرف ما شابه الفعل من وجهين، وتدخله الضمة، والفتحة، ولا يدخله جر، ولا تنوين، ويكون آخره في الجر مفتوحا، فإن أضيف أو دخلته الألف واللام فأمن فيه الثقل دخله الجر في موضع الجر، تقول في الرفع: هذا أحمدُ، وعمرُ، وفي النصب رأيت أحمدَ وعمَر، وفي الجر مررت بأحمدَ، وعمرَ، وتقول: مع الإضافة عجبت من أحمدِكم، وعمرِكم، ومع الألف واللام: عجبت من الفرس الأشقرِِ، ونظرت إلى الرجل الأسمرِِ
يتبع