لكننا سنتجاوزه ونتجاوز كذالك ما قاله القدامى من أمثال "ابن قتيبة"، ولا أعود إلى حداثة العهد القديم مثلا عند الفرزدق وجرير والأخطل، وأمثالهم في مجمل العصور، ولا أعود الى عمرو بن العلاء، الذي كان يعد ناقدا مميزا، وقد لا تختلف نظرة القدامى والمحدثين إلا إديولوجيا.
ثم هناك نقد النقد، وهو مؤاخذة النقاد بعضهم البعض، فكل حديث في عصره تجد له موقفا اتجاه العهد الفائت، وتوافق النموذجين: الحديث والقديم يكمن في كونه امتد عبر الصور بطريقة تلاقحية، مما أثر على الغرب كذلك.
أرجع إلى"ben jhanson" الذي قال: {إن أولى الضروريات يجب على الشاعر أن يستفيد من كتابات غيره}، وأعتبرها دعوة سياسية تروج للكاتب منتوجه، ويقول" ت س إليوت":{عقل الشاعر يجب أن يكون كالمغنطيس، يجذب إليه الأفكار، والصور، والعبارات مما يقرأ}..
إلا أنني أخي أبو شامة لا أتفق معهما، فالمسألة يجب أن يعاد النظر في محتواها، لأنها تؤدي إلى الإنتحال والسرقة الأدبية غير المباشرة، وهذا الذي وقع فيه أديبنا الكبير الشاعر"أدونيس".
راجع كتاب "أدونيس منتحلا".
لهذا لا يستهويني تكرار قراءة النصوص، وخصوصا الجيدة منهاذ.
أما عن سؤالك التاسع والعلاقة بين تشكيل القصيدة العربية ومحتواها، فالشكل والمضمون كلاهما مرتبطان بالحالة النفسية عند الشاعر، وإذا لم يكن هناك علاقة بين الشكل والمضمون، فهل يستحق النص أن يعتبر قصيدة؟
الشكل والمحتوى هما ركيزتان أساسيتان في بناء النص الشعري قديما وحديثا، والإيقاع، والدلالة، والتركيبة الواعية، والمتخيل الرؤيوي، والوحدة العضوية ...
على العموم كلها تعتبر أدوات أساسية في بناء الهرم الشعري، العربي وغير العربي.
أما عن فن الإلقاء يا حبيبي، فهو عامل استراتيجي يخدم بالدرجة الأولى النص الإبداعي، واذا غاب الإلقاء، وأعني هنا فن الإنشاد تغيب معها جمالية النص، فالإلقاء يضفي على القصيدة خمسين في المئة من شاعريتها حسب تردد التموجات الإيقاعية، وحسب كذلك ما يطرأ على النص من مد وجزر...
أما سؤالك الأخير.
السيرة الذاتية طبيعتها من طبيعة الشاعر، إذا كان الشاعر علما، فقد يكون للسيرة وزن، هذا إذا ما كنت تعني أصداء القراء والمتتبعين.
أما اذا كنت تعني أصداء السيرة الذاتية داخل النص الإبداعي نفسه، فهذا قد يكون منطقيا في بعض الحالات، وليس بالضرورة في جميع ما ينظم.
تتمة
بهذا أيها الأحبة في منتديات المربد، وكل متتبعي هذا الحوار أكون قد أنهيت أجوبتي، أتمنى أن تكون مفيدة، وأنتظر ردودكم بشوق كبير.