وقد قدّم للكتاب الاستاذ معن بن حمد الجاسر، الأمين العام لمؤسسة حمد الجاسر الخيرية، الذي أوضح أن هذا الكتاب سيكون باكورة الانتاج لسلسلة من المؤلفات التاريخية والأدبية التي سيقوم (مركز حمد الجاسر الثقافي) بطباعتها خدمة لتراث الأمة العربية والاسلامية.
وبيّن الجاسر أن من أهداف المركز حفظ تراث الشيخ حمد الجاسر، والمساهمة في نشر وطباعة الكتب المتعلقة باهتماماته من أدب ولغة ومواضع وتأريخ، خاصة ما يتعلق بتاريخ الجزيرة العربية، وكتاب (معجم الأماكن) يصب في هذا الباب ويخدم جانبا من جوانبه.
ويُعد مؤلف الكتاب الشيخ سعد بن عبدالله بن جنيدل متعه الله بحياته على طاعته أحد الرواد الأوائل في المواضع والمواقع التاريخية والجغرافية، فهو باحث، وأديب، ومؤرخ، ورحالة، وجغرافي، وجامع للروايات الشفهية والأشعار الشعبية، وقد سبق أن أخرج كتابه (معجم عالية نجد) في ثلاثة أجزاء ضمن موسوعة (المعجم الجغرافي للبلاد السعودية) التي دعا لتأليفها الشيخ حمد الجاسر رحمه الله، كما أن له عدة كتب عن مناطق المملكة وعن شعراء شعبيين، وموسوعة عن التراث، ومعجما عن الأمكنة الواردة في القرآن الكريم وفي صحيح البخاري، ويعكف حاليا على اخراج معجم عن الأمكنة الواردة في صحيح مسلم.
عُرف الشيخ سعد بن جنيدل بدقته في تحديد المواضع وربط حاضرها بماضيها، والوقوف عليها بنفسه مما أعطى (معجم الأماكن) طابعا خاصا، كما أن صدور كتابه متأخراً جعل المؤلف يطلع على كثيرٍ من المصادر التي نشرت لاحقاً، وأقوال المحققين في نصوصها.
وقد أوضح المؤلف في مقدمته أن جغرافية المواضع من العلوم التي عُني بها علماء المسلمين، وألفوا فيها مؤلفات قيمة في وقت مبكر من تاريخ الأمة الاسلامية، وتحدثوا عن تلك المواضع، وجاء ما ألفوه مكملا بعضه بعضا، مشتملا على رصيد كبير من الشعر العربي الذي استعانوا به كشواهد على تحديد المواضع.
وينبه الشيخ ابن جنيدل الى أن الباحث والمهتم ربما وهم أو وقع في شيء من الأخطاء نتيجة الروايات المختلفة للشعر العربي، أو نتيجة تعدد المسميات في اسم واحد أو نتيجة تغير الاسماء، ولابد من بحث الروايات المختلفة وتطبيقها تطبيقا موضعيا والاستعانة بالقرائن والمسح الميداني حتى يكون الباحث على بصيرة من الأمر.
ويشير المؤلف الى ان الأماكن الواردة في المعلقات العشر وردت في كتب المؤرخين القدامى متفرقة دون أن يهتموا بها اهتماما خاصا وكان أول من اعتنى ببحثها بحثا مقصوداً هو الشيخ محمد بن بليهد في كتابه (صحيح الأخبار) إذ ركز على المواضع الواردة في المعلقات العشر وبحث المواضع الواردة في شعر شعرائها العشرة.
ويقول الشيخ ابن جنيدل .. في الكتاب: (أما الطريقة التي اتبعتها في بحث هذا المعجم فإنها لا تختلف عن الطريقة التي اتبعتها في تأليف كتابي (معجم عالية نجد) غير أن (معجم عالية نجد) كانت النصوص الشعرية ترد فيه كشواهد على تحديد المواضع، بينما في هذا المعجم اتخذت البيت الشعري الذي ورد فيه ذكر المواضع في المعلقات العشر أساساً للبحث، وأوردت من الشواهد ما أمكنني إيراده، وذلك لأن بحوث هذا المعجم استهدفت مواضع المعلقات، وصفاً وتحديداً) ا.هـ.
وقد اتبع الشيخ ابن جنيدل في بحثه الخطوات التالية:
1 حصر المواضع الواردة في المعلقات العشر، التي بلغت
(135) موضعاً، ثم ترتيبها ترتيبا هجائياً.
2 جعل كتاب (شرح البتريزي للمعلقات العشر) أساساً في رواية الأبيات، والاطلاع والبحث عن الروايات الأخرى في الشروح الأخرى، وفي الكتب الأدبية وفي دواوين شعراء المعلقات.
3 وصف كل موضع وصفاً جغرافياً وتحديده تحديداً قدر الاستطاعة يمكّن القارئ والباحث من معرفته منسوبا الى المنطقة التي يقع فيها أو المدينة القريبة منه.
وقد فرغ المؤلف من تأليف هذا الكتاب عام 1407هـ، ثم قامت جامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض بطباعته عام 1411هـ في (520 صفحة)، ثم أخرجت له فهارس عن طريق الدكتور علي بن حسين البواب عام 1413هـ في (120 صفحة) تحوي فهارس مفصلة للحديث والأمثال والأشعار والأعلام والمواضع والقبائل والكتب، بالاضافة الى أكثر من (130) خطأ مطبعيا، في الطبعة السابقة.
وبعد مضي (14 سنة) على طباعة الكتاب، وبعد نفاد نسخه كثر طلب الباحثين له فقرر مركز حمد الجاسر طباعة الكتاب في
(627 صفحة) مشتملا على الفهارس التي كانت سابقا في كتاب مستقل وصححت جميع الأخطاء التي وردت الاشارة اليها في الفهارس، بالاضافة الى أخطاء أخرى بلغت الأربعين، صححها المؤلف في نسخته الخاصة، وقام بمتابعة تصحيحها والاشراف على طباعة الكتاب الأستاذ خالد بن زيد المانع، الباحث في مركز حمد الجاسر الثقافي في الرياض.