كلمة ..
على الجانب المظلم من الجدار انتحي مكانا قصيا.جلس هناك يستعذب الحزن الجاثم على صدره.جسد محموم, بطن تآكل من فرط السموم,فخد اتقدت عظامها بلهيب ساق متأجج.حرض جسده عليها بلحاف مشمر,هيأ لها من لعابه ترياق العشاق.كلمات حانية كسرت عتمة الجدار,حررت أطياف الأماني من البرك الآسنة.يهفو لها قلبه اشتياقا كل يوم من مصباح إلى معشاء وسحر.فيبيت سهد الجفن احتراقا,ويصحو ضنين الضرع كما لوأجحرت.كان يعرف من نفسه أن بينهما أنهارغير سالكة ومعابرمغلقة.كان عليه تخطي جبالا وعرة وكثبانا رملية متحركة وركوب أمواج عاتية عله يظفر بالحقيقة أو بقبس منها حتى.ذات لحظة عبور,شعر على غير عادة بحواجز الغيوم تتبدد وبجداريات الصمت تتكسر على جدران غرفته الصامتة صمت القبور.أحس بزوال الثقل الذي ناء بحمله كثيرا وجثا على قلبه طوال كل تلك السنين البائدة.أدرك حينها أن مصيره بين يديه،وبعد ثوان معدودة سيغادر عالمه المسكون بأطياف الحزن وأشباح الضيم.ترتفع درجة حرارة حروفه وتستعيد وميضها بعد أن انطفأت على رفوف النسيان.كانت كل رساله تنضم عقدا من الدر الحر المرصع بحروف ذهبية،ود مرارا أن يرصع عنقها به ويتوج صدرها بأوسطه لؤلؤة فريدة خالصة الجوهر.لم يدر لماذا وكيف لم يتسن له فعل ذلك..؟ انشرح صدره،ولم ينطلق لسانه،فعاش سنوات عجاف من الضياع والبعد لم تنه تفاصيلها الحزينة والمملة غير كلمة واحدة من سحر الوجود ..!
خرجت بغتة من الأعماق قبل أن يفصح عنها لسانه،جاءت مدوية ومعها الخلاص من لا متناهيات من الآهات.باح بها أخيرا,ومن يومها،لم يعد يومه كما كان،ضنين الوجد والوصال.