أنا وريشتي
شعر عبد الرحمن بن صالح العشماوي
طلبتُ من ريشتي أنْ ترسم القمرا ... فأبدعتْ وقضتْ من حاجتي وَطَرا
طمعتُ فيها، فقلت: النَّجمُ يُعجبني ... فصوَّرتْ ريشتي من حُسْنِه صُوَرا
فزاد ممـا أرى في ريشتي طمعي ... والـمرءُ يَطْـــمَعُ فيـمـا حُسْنُه ظَهَرا
فقلت: هـــيَّا ارسـمي روضـــاً ورابيةً ... خضراءَ تُعْجبُ في تنسيقها النَّظَــرا
وأبدعي صورةً للنَّخــــــــل باســــــقةً ... وصوِّري النَّبْعَ والأزهارَ والشَّــــــــجرا
وصوِّري سُـحُـــباً في الـجــوِّ سابـحــةً ... وصوِّري البرقَ فيـها وارسـمي الـمَطَرا
فأبدعتْ ريشتي في كلِّ ما رسَــــمَتْ ... حتى رأيت لها في خــــــاطري أَثـــَــرا
طَمِعْتُ في ريشتي، قلت: ارسمي حُلُماً ... فصوَّرتْ صورةً ، عـــــقلي بـها انبـهـَرا
قلت:ارسمي وَمْضَةَ الإحساس فانطلقتْ ... تصـــوِّر البَرْقَ لـمَّــا يَـخْطَــــفُ البَصَرا
قلتُ : ارسـمي لَوْعَةَ الـمشتاق، لَهْفَتَهُ ... حنـيـنَـهُ ، دَمْعَهُ الرَّقْـــراقَ حين جَرَى
وصوِّري ليـــــــلَه ما زالَ يُرْهِـــــــــقُه ... طـــــولاً، وَيُسْكِنُ في أهدابه السَّهَرا
وصوِّري فَرَحَ الـمشـــــتاقِ حين يَرَى ... وجهَ الحبيبِ وينسى الـهـــــمَّ والكَدَرا
ولـم تَزَلْ ريشتي في كلِّ ما رســــمـَتْ ... تُبـــــدي لعينيْ من الإبداعِ ما استترا
وزادَ من طمعي فيـــــها تَأَلُّقُـــــــــــها ... فَرُحْتُ أطلبُ بالإسهابِ ما اختُصِرا
يا ريشتي، أنتِ في الإبـــــداعِ رائدةٌ ... كبَّرْتِ من لَمــــــحَاتِ الفَنِّ ما صَغُرا
هيَّا ارسمي وَجْهَ مَنْ أهوى وبسمتَه ... وناظرَيْنِ، إذا ما صُـــوِّبا سَـــــحـَرا
توقَّفَتْ ريشتي طال الوجومُ بــــــها ... حتى تـخيَّلْتُ رأسَ الرِّيشةِ انكسرا
ماذا دهى ريشتي، ما بالُها وَجَـمَتْ ... ما بالُ إبداعها في رسـمها انـحسرا؟!
قالت : أتطــــلبُ مني رســــــمَ فاتنةٍ ... لو أبصر الفـــجر عينيها لـمـا انتشرا
ولو رأى الزَّهْـرُ في الواحاتِ بَسْمَتـَها ... لَمَا حَبَانا الشَّـذا يوماً ولا ازدهـــــــَرا
ولو رآهـا نسيـمُ الفـــــــــجر حاضرةً ... على ضِفافِ الرَّبيعِ الطَّــلْقِ ما حَضَرا
هنا، رأيتُ يَدَ الإبــداعِ راجـــــــــفةً ... كأنَّ ريشــــَهُ قـــد أصبــــحتْ حَجَرا
فقلتُ: سبحانَ من صاغَ الجمالَ لنا ... حتى ظنـــنَّــــا بـأنَّـــــــا لا نرى بَشَرا