مظاهر رمضان في المدينة المنورة

رمضان في مدينة المصطفى _ _ له طعم خاص يضاهي سائر الشهور ويتفوق عليها ، وإن كانت الشهور والأيام في المدينة المنورة كلها جمال وجلال .
تبدأ هذه المظاهر أو إن شئت فسمِّها المهرجان الرمضاني قبل رمضان بفترة طويلة حيث يقوم أهلوها بشراء كميات كبيرة من الرطب وتخزينها في الثلاجات تمهيداً لهذا الضيف الكريم ، ولكن إذا ما آذن شهر شعبان بالمغيب تحلق الناس حول شاشات الرائي ( التلفزيون ) منتظرين انقطاع البث المعتاد ثم ظهور المذيع وعلى محيَّاه بسمة مضيئة ليزف للناس إعلان مجلس القضاء الأعلى بدخول شهر الخير والبركة والغفران والعتق من النيران .
وما إن يسمع غلمان المدينة الخبر حتى يخرجوا زرافات وجماعات وبيدهم الدفوف وهم يغردون : جاكم رمضان بالفرحة جاكم رمضان بالبهجة
جاكم رمضان يا مرحى لهذا الشهر اللي جا ..
أما أهم مايبرز هذا الشهر فهو الموائد الرمضانية التي تُبسط قبيل المغرب في الحرم النبوي الشريف لتقَدِّم للمعتكفين والزائرين تلكم الوجبة الخفيفة : حبات من الرطب ورشفاتٍ من القهوة العربية ، وقليلٍ من اللبن ونوعٍ خاص من الخبز يطلق عليه أهل المدينة اسم ( شُرِيك ) وأجمل ما في هذه الموائد أن يقف صاحبها بنفسه ليصطاد المارين ويجلسهم على مائدته وعلى ثغره ابتسامة ، وعلى لسانه عبارة محببة : تفضل يا سيدي الله يحييك .. أما الأجواء الروحانية فحدِّث عنها ولا حرج فهي تبدأ بتلاوات القرآن الكريم في كل المساجد والمواعظ الدينية التي تنطلق من مناراتها بعد صلاة العصر من كل يوم ، وتنتهي بصلاة القيام التي تجعل روح المسلم تتصل برب السماء وتجأر إليه بالدعاء … وما أجمل ذلك المنظر الرهيب وحشود المؤمنين تغادر المساجد : الوجوه تسطع ، والقلوب تخشع ، والكواهل تحمل شارات اليقين : مفارش الصلاة …