الناقد المغربي يحيى بن الوليد يقرأ ديوان حوافر في الرأس للشاعر محمد اللغافي
جريدة الاتحاد الاشتراكي العدد5201 نونبر 1997
صدرت مؤخرا بالدار البيضاء المجموعة الشعرية السادسة "حوافر في الرأس "لصاحبها محمد اللغافي ومن الملاحظات اللافتة حول تجربة هذا الشخص أن كل مجاميعه نشرها على نفقته الخاصة ..وهو بهذا يريد تأكيد فعل الشعر ذاته خضوضا وأنه فعل يسبق النتائج أو الضرائب التي يمكن أن يحصدها المرء بسبب تعلقه بهذا الهم الذي يدرك حقيقته من هو مسحور بغوايته ..وقد أثرت أن أقرأ مجموعته السادسة تحت العنوان المشار اليه أعلاه "سلطة الهامش ""أو سلطة المهمشين " وهو عنوان مثير ومتداول عند البعض كذلك ..والغاية منه هنا هي التأكيد على الهامش والمنسيين الموزعين في الهوامش المحادية ..أوالكامنة في قلب المركز والواجهات ..وهؤلاء بأحلامهم وطموحاتهم يساهمون في الحراك عن طريق لغاتهم الناقمة والصامتة في أحيان كثيرة.أن المهمشين لهم حضورهم في قلب التاريخ بل يساهمون في توجيهه كذلك.
في ضوء هذه المقدمة يمكن فهم تجربة محمد اللغافي ..وهي ببعدها الانساني البسيط والعاري تذكرنا بتجارب " جماعة تحت السور"في تونس وهي جماعة من المهمشين كانت تعيش بالفن لأجل الفن بعيدا عن صداع الحياة وأرقامها ، فهذا الشاعر غريب في حياته ..فهو اسكافي في أطراف الدار البيضاء ،في منطقة سيدي مومن الأهلة بأبناء الشعب الحالمين والخائبين ولقد قطع مع دوامة الحياة وخلد الى مطرقته يطرق بها العالم اليعيد خلقه من جديد عبر فعل الشعر في تدافعه العفوي والسريع باضاءاته واشراقاته والشاعر هذا لا يكترث بأشكال التنضيد والعلاقات التي تقيمها الدوال مع المدلولات في أفق خلق نسيج متسق ومتكامل ..من العلاقات التي تبدع من حسها بقدر ما تسمح لقارئها بالتدخل ليعيد خلق المعنى من جديد..والسؤال الكبير الذي يمكن أن يستوقفنا هنا هل من الضروري أن يراعى في الشعر الأحكام ، أن يكون صاحبه على قدر كبير من الاطلاع على القواعد والنظريات والنصوص ؟ وهل المقروء كفيل بأن يضمن دائما صفة الشاعرية لصاحبه ؟ واذا كان طرح هذا السؤال أهم بكثير من محاولة الاجابة عنه .ورب سؤال خير من ألف جواب كما يقال.
فانه يمكننا القول بأن الشعر اللغافي يفهم من كونه زفرة أو صرخة المنسيين و المهمشين .وشعره كذلك قرين الانتماء ل"الدرب " وتعرف أهل الدرب عليه ثم ان أولى قرائن هذا النتماء أن يطبع نصوصه في مطبعة" الدرب "وهو ما فعله مع مجموعته الثالثة "امتدادات" الصادرة عن مطبعة سيدي مومن ،الشاعر هنا يبحث عن مكان ويريد أن يرد على عنف الحياة ، وهو عنف رمزي بالابداع والكلمة العارية والمتقلبة ..والشعر هنا كذلك سلطة خفية ..سلطة الأعماق ، ورغبة في التجدر بين أسلاك الوجود..
يتبع