الحداثة والحداثة الزائفة والشيخ حسونه
بقلم : سمير الأمير
يظل الأدباء الحقيقيون فى أقاليم مصر مشغولين بالأسئلة الأساسية ولا يغير موقفهم كل دعاوى الزيف التى تتستر بالحداثة الزائفة ,هذا التخلف الذى يرتدى ثوبا جديدا يخفى تحته جسدا يئن تفوح منه رائحة الظلم ,مازال الاستعمار يعب من دمنا ومن ثرواتنا ومازال الناس فى قرانا يموتون بالفشل الكلوى وتمزق أكبادهم البلهارسيا ويتم تشريد العمال فى المدن بالآلاف بدعوى الإصلاح الاقتصادي .
آيها الكتاب والمثقفون عندما يكون لنا وطن ....ربما يصبح من حقنا ساعتها أن نداعب أعضاءنا ونتحسس أوجاع الجسد الخاصة ...كيف نتحدث عن الحداثة وما بعد الحداثة ؟ وحيرة طه حسين , مازالت قادرة على نفى " نصر أبو زيد " خارج مصر ... أو طعن
" نجيب محفوظ " بسكين مواطن مقهور يتخبط فى جهله وفقره ومرضه الجسدى والنفسى ... فعن أية حداثة إذن تتحدثون ؟ .... تنادون بقبول الآخر دون أن تطالبوه بالكف عن قتلنا والتمثيل بجثثنا فى فلسطين وفى العراق ؟ عن أية حداثة تتحدثون وأحفاد أبى سفيان
مازالوا يحكمون ويتحكمون ويمنحون ويمنعون , والله إن حداثتكم ما هى إلا حصان طروادة الذى اخترعتموه لتبرير استسلام المثقفين للتخريب الذى يقوم به أبناء "معاويه" داخل بلادنا العربية و تبرير الخضوع للاستعمار الصهيونى الأمريكى , والله إن انشغالنا بتجديد الخطاب الدينى والثقافى ما هو إلا دعوة القتيل لمسامحة القاتل ... والتوسل للعدو لكى يغفر لنا خطايانا وافتعال المعارك حول قصيدة النثر واعتماد " سوزان برنار" و" دريدا " بديلا عن كل تراثنا ... لتتحول الحداثة إلى مجرد محاولة فاشلة للتغطية على الجرب الذى أصاب أرواحنا .
إن ذلك يذكرنى بالحوار الدائر بين " محمود بيه " و "الشيخ حسونه" فى فيلم الأرض فأوقن مرة أخرى أننا مصرون على دفن رؤسنا فى الرمال والهروب من مواجهة واقعنا ... يقول "محمود بيه" وهو يتحدث عن تمثال لفنان أوربى " شوف يا شيخ حسونه إزاى الفنان قدر يعبر عن الجسم البشرى... إمته يبقى عندنا فنانين زى كده"
فيرد الشيخ حسونه قائلاً "إحنا عندنا ناس مش لاقيه تاكل يا محمود بيه!!
إننى مدين "للشيخ حسونه" فقد نبهنى إلى أن الحداثة الحقيقية هى تعبير عن تطور اقتصادى واجتماعى وسياسى وليست مجرد موضة من أجل التوافق مع المجتمعات الغربية التى أنجزت قدراً من التقدم على كافة المستويات وأرجو ألا أكون قد وضعت نفسى فى خندق الرافضين لقيم الحداثة الحقيقية وقيمتها ولكن ما أعنيه هو أن علينا أولاً أن نكافح من أجل بناء أوطاننا وانتزاع حريتنا من هؤلاء الذين يستعمرون أراضينا وأيضاً من هؤلاء الذين يستعمرون أرواحنا.. وبعدها يمكننا ان نبدي اعجابنا بالتمثال الذي بهر " محمود بيه "