لقد مرت على منبج هذا الأسبوع جمعة حزينة هزت مشاعر الناس لا في منبج فقط بل في كل مكانٍ في العالم وصل إليه الخبر , إذ أقدم أبٌ على قذف أولاده الأربعة في نهر الفرات أكبرهم بنت اسمها هاجر عمرها ست سنوات أما الآخرون فأصغر منها وأسماؤم موسى وعبد الرحمن وزريفة , أما الأسباب التي كانت وراء الحادث فهناك أخبار كثيرة منها أنه الفقر والديون ومنها أنه اختلف مع أبيه فأراد أن يحرق قلب أبيه على أحفاده الذين يحبهم , لكن المهم أن الجريمة البشعة حصلت منذ ثلاثة أيام وما زالت حديث الناس في منبج بل أكاد أجزم أن كل أهل منبج بكاهم وأنا واحد منهم , وهذه الدفقة التي بين أيديكم أعزائي هي بعض ما يعتلج في الصدر من وجع وحرقة , إنها على لسان هاجر إلى أهلها من الجنة .
إنا لله وإنا إليه راجعون .أخوكم علي صالح الجاسم .رسالة من الجنة
أبي لماذا يا أبي
ماذا جنت طفولتي
وإخوتي الصغار يا أبي لماذا يقتلونْ
لأننا صغار يا ترى عجزتَ عن طعامنا
فنحن لم نطلبْ سوى الحنان يا أبي سوى الحنانْ
وها هم الأطفال يسألونْ
عن ذنبنا يا أبتي
فما نقول نحن و الأطفال يسألونْ ؟
أيا ترى من خشية الإملاق يا أبي قتلتنا
أم أنه من سكرة الجنونْ ؟!
قلها : عجزتُ عن طعامكم وشربكم
عجزتُ عما تطلبونْ
هلا أجبت يا أبي
فنحن منذ أن قذفتنا
نطيركالحمام عند الله في الجنانْ
هذا أخي الصغير موسى يا أبي يزين المكانْ
يطير من نافذة الزمانْ
جناحه الرحمن يا أبي
جناحه الرحمنْ
وأختيَ الصغيرةُ البريئةُ الظريفةُ البيضاءُ كالرباب يا أبي
حمامةٌ تعانق الأغصانْ
بقربها عبد الإله يغزل النجوم سترةً
لزورق المساءْ
يا أيها الصغار في قريتنا
يا أيها الصغارْ
لا تكرهوا أبي لأننا نحبه .... لا تكرهوا أبي
لأنه يعيش في الأحداق من عيوننا
ويوم يأتي عندنا
سنرفع الأكفَّ ضارعينْ
كي يعفوَ الرحمن يا أحبتي
كي يعفوَ الرحمنْ
يا أيها الصغار في قريتنا
يا أيها الصغارْ
دفاتري تنتظر الصباح
كي تعانق المدرسة .. المقاعد .. الجدرانْ
تعانق النهارْ
مروا على أمي خذوها يا أحبتي
كي تكمل المشوارْ
دفاتري وهذه الأقلام في حقيبتي
يا أيها الصغارْ
تنتظر النهارْ
وأنت يا حبيبتي
يا أميَ الرائعة الفياضةَ الحنانْ
قولي لمن يمرُّ من قبورنا
هناك يلعبونْ
تحرسهم ملائك الرحمنْ
يا أمِّيَ الحنونْ .... يا أمِّيَ الحنونْ
*************************
شعر : علي صالح الجاسم