الأغنام
الحرارة كانت تقترب من الخامسة والأربعين، الطريق يظهر كخيط يتبخر، و تظن السراب نهراً منسكباً على الطريق.
نظرت جانباً فشاهدت الغنامة تجمع أغنامها في كومة تحت مظلة صغيرة مصنوعة من أكياس الخيش ، والأغنام تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة في هذا القيظ.
ابتعت منهم خروفاً وأجلسته بجانبي ، نظرت فيه وقد تنفس الصعداء، زدت له التبريد، فنام قرير العين.
بعد عشر حواجز أمنية وصلنا للمطار الدولي بالقامشلي، أوقفونا أربع ساعات في ساحة تبعد أكثر من خمسمائة متر عن صالات المطار المكيفة.
كاد الخروف أن يهرب ويعود لسيده لكني صبرته، وأجلسته على كرسي تحت شجرة، وما إن جلسنا حتى جاء فتى الاستراحة وقال : ماذا تشربون، قلت له والله أنا صائم لكن الخروف قد يريد بعض الشعير والماء، قال لا يوجد لدينا شعير، ويمكنك شرب بعض الماء من ذلك الصنبور، و لا تنسى حساب الكراسي خمسين ليرة .
عند الحاجز الأول أخذ العسكري هويتي وبطاقة السفر وابتسم للخروف الذي معي.
عند حاجز التفتيش المختص بصالة المطار ، صاح الخروف جائعاً ولم يكن يوجد مكان لبيع البطاطا المقرمشة والبسكويت المملح .
أخيراً جلست في مقعدي في الطائرة والخروف جلس بجانبي بكل سرور
ربطت المضيفة له حزام الأمان وربتت على ظهره ومشت باتجاه الصف الآخر.
بعد نصف ساعة صعد الربان عابساً نظر في الركاب ، ثم نظر في الخروف وقال : ما هذا ؟؟
قلت له : خروف.
قال وماذا يفعل خروف في الطائرة.
قلت له : يريد أن يسافر معي.
قال بغضب: كيف يسافر خروف في طائرة مدنية في مطار دولي لشركة محترمة.
قلت له: وهل هو الوحيد هنا ؟
قال : ومن غيره ؟؟
قلت له : انظر لكل هذه الأغنام من حولي.
نظر الربان في الركاب فصاحت به بحنان : ماااااااااااا مااااااااء
طارق شفيق حقي
من وحي المطار الدولي بالقامشلي