الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد، فقد من الله علي بقراءة كتاب (موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب) للشيخ خالد الأزهري، واختصاره في كراسة صغيرة.
فأحببت أن أشارك الأحباب في الملتقى بنثر هذه الكراسة بين أيديهم، لعل النفع يحصل بها.
الكتاب مطبوع بتحقيق (عبد الكريم مجاهد) عن مؤسسة الرسالة.
وهو أربعة أبواب:
- شرح الجملة وذكر أسمائها وأحكامها.
- الجار والمجرور.
- في تفسير كلمات يحتاج إليها المعرب.
- في الإشارات إلى عبارات محررة مستوفاة موجزة.
__________________
الباب الأول: شرح الجملة وذكر أسمائها وأحكامها
المسألة الأولى: شرح الجملة
اللفظ المفيد المركب الإسنادي إذا كان مفيدا، أي: يحسن السكوت عليه، فهو كلام، وإلا فهو جملة وليس بكلام. فجملتا (قام زيد) و(قام عمرو) من قولك: (إن قام زيد قام عمرو) ليستا بكلام مع أنهما جملتان.
• والجملة قسمان:
- اسمية، إن بدأتْ:
أ?- باسم صريح، نحو: زيد قائم.
ب?- باسم مؤول، نحو: (وأن تصوموا خير لكم)، أي: صومكم خير لكم.
ت?- بوصف رافع لمكتف به، نحو: أقائم الزيدان؟
ث?- باسم فعل، نحو: هيهات العقيقُ.
ولا يغير تسميتُها دخول حرف عليها، نحو: إن زيدا قائم – هل زيد قائم – ما زيد قائما – لزيد قائم.
- فعلية، إن بدأت بفعل، نحو: قام زيد – اضرب زيدا – نِعمَ العبدُ – كان زيد قائما – قُتل الخراصون.
ولا فرق في الفعل أن يكون:
أ?- مذكورا أو محذوفا، نحو: يا عبد الله، التقدير: أدعو عبد الله.
ب?- تقدم عليه معموله أو لا، نحو: (فريقا كذبتم)، أصله: (كذبتم فريقا) فقُدم المعمول.
ت?- تقدم عليه حرف أو لا، نحو: هل قام زيد؟
• وهي أيضا تنقسم بالنسبة إلى الوصفية إلى: صغرى وكبرى.
فالصغرى هي المُخبَر بها عن مبتدأ، والكبرى هي التي خبرُها جملة.
مثال: (زيد قائم أبوه) جملة كبرى، و(قام أبوه) صغرى.
وقد تكون الجملة صغرى وكبرى باعتبارين، نحو: (زيد أبوه غلامه منطلق). فجملة: (غلامه منطلق) صغرى، وجملة (زيد أبوه غلامه منطلق) كبرى؛ وأما جملة (أبوه غلامه منطلق) فهي كبرى بالنسبة إلى (غلامه منطلق)، وصغرى بالنسبة إلى (زيد).
ومثاله أيضا: (لكنا هو الله ربي)، وأصلها: (لكن أنا هو الله ربي).
- أنا: مبتدأ أول.
- هو (ضمير الشأن): مبتدأ ثان.
- الله: مبتدأ ثالث. و(ربي) خبره. وجملة (الله ربي) خبر (هو). وجملة (هو الله ربي) خبر المبتدأ الأول.
جملة (هو الله ربي) كبرى بالنسبة إلى (الله ربي)، وصغرى بالنسبة إلى: (أنا).
__________________
المسألة الثانية: بيان الجمل التي لها محل من الإعراب
وهي سبع:
1- الواقعة خبرا: نحو (زيد قام أبوه) أو (إن زيدا أبوه قائم) أو (كانوا أنفسهم يظلمون) أو (وما كادوا يفعلون).
فجملة (قام أبوه) في موضع رفع خبر المبتدأ.
وجملة (أبوه قائم) في موضع رفع خبر إن.
وجملة (يظلمون) في موضع نصب خبر كان.
وجملة (يفعلون) في موضع نصب خبر كاد.
2- الواقعة حالا: نحو (وجاءوا أباهم عشاء يبكون).
فجملة (يبكون) في محل نصب حال من واو الجماعة في (جاءوا).
3- الواقعة مفعولا به: وتقع في أربعة مواضع:
• محكية بالقول، نحو: (قال: إني عبد الله) فجملة (إني عبد الله) في موضع نصب على المفعولية، محكية بـ(قال).
• تالية للمفعول الأول في باب (ظن)، نحو: (ظننت زيدا يقرأ)، فجملة (يقرأ) في موضع نصب مفعوا ثان لـ(ظن).
• تالية للمفعول الثاني في باب (أعلَم)، نحو: (أعلمت زيدا عمرًا أبوه قائم)، فجملة (أبوه قائم) في موضع نصب مفعول ثالث لـ(أعلم).
• معلقا عنها العوامل، والتعليق إبطال العمل لفظا وإبقاؤه محلا، لمجيء ما له صدر الكلام. نحو: ((لنعلم أي الحزبين أحصى)، فالجملة من المبتدأ والخبر (أي الحزبين أحصى) في موضع نصب سادة مسد مفعولي (نعلم). ونحو: (فلينظر أيها أزكى طعاما)، فجملة (أيها أزكى طعاما) في موضع نصب سادة مسد مفعول (ينظر).
4- المضاف إليها: نحو: (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم)، فجملة (ينفع الصادفين صدقهم) في موضع جر بإضافة (يوم) إليها.
وكذلك كل جملة بعد:
• (إذ) الدالة على الماضي، نحو: (واذكروا إذ أنتم قليل).
• (إذا) الدالة على المستقبل، نحو: (إذا جاء نصر الله). (وتختص بالفعلية على الأصح).
• (حيث) الدالة على المكان، نحو: (جلستُ حيث جلس زيد).
• (لما) الدالة على وجود شيء لوجود غيره – عند من قال باسميتها، نحو: (لما جاء زيد جاء عمرو).
• (بينما) أو (بينا)، نحو: (بينما زيد قائم). والصحيح أن (ما) كافة لـ(بين) عن الإضافة، فلا محل للجملة بعدها من الإعراب. وأصل (بينا): (بينما)، فحذفت الميم.
5- الواقعة جوابا لشرط جازم: وهو (إن) الشرطية وأخواتها. وهنا ثلاث حالات:
• أن تكون الجملة الجوابية مقرونة بالفاء، أو بإذا الفجائية، فمحلها الجزم. نحو:
- (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) فجملة (لا هادي له) في محل جزم جواب شرط جازم. (ولهذا قُرئ بجزم (يذرْهم) عطفا على محل الجملة).
- (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون) فجملة (هم يقنطون) في محل جزم جواب الشرط.
• أن تكون جملة الجواب فعلها ماض خال عن الفاء، نحو: (إن قام زيد قام عمرو)، فمحل الجزم في الجواب محكوم به للفعل وحده، لا للجملة بأسرها.
(وكذلك القول في فعل الشرط، فإن محل الجزم محكوم به للفعل وحده لا للجملة بأسرها).
• نحو (إن قام زيد أقومُ) برفع (أقوم)، فاختلف في محل (أقوم):
- (أقوم) ليس هو الجواب وإنما هو دليل الجواب، والجواب محذوف، والأصل: (أقوم إن قام زيد). وهو مذهب سيبويه. وعلى هذا، فجملة (أقوم) لا محل لها لأنها مستأنفة.
- (أقوم) هو نفس الجواب على إضمار الفاء والمبتدأ، والتقدير: (فأنا أقوم)، وهو مذهب الكوفيين. وعلى هذا فمحله الجزم.
- (أقوم) هو الجواب، وليس على إضمار الفاء ولا على نية التقديم. وإنما لم يجزم لفظه لأن الأداة كما لم تعمل في لفظ الشرط لكونه ماضيا مع قربه فلا تعمل في الجواب مع بعده.
6- التابعة لمفرد: كالجملة المنعوت بها، ومحلها بحسب منعوتها. نحو: (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه) فجملة (لا بيع فيه) في محل رفع على أنها نعت لـ(يوم).
7- التابعة لجملة لها محل من الإعراب: وهذا في صورتين:
• عطف النسق، نحو: (زيد قام أبوه وقعد أخوه)، فجملة (قام أبوه) في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة (قعد أخوه):
- إما أن تقدرها في موضع رفع معطوفة على جملة (قام أبوه)
- أو تقدرها معطوفة على جملة (زيد قام أبوه)، فلا محل لها إذن لأنها معطوفة على جملة مستأنفة.
- أو تقدر الواو واو الحال، فتكون الجملة في محل نصب على الحالية.
• البدل، نحو: (أقول له: ارحل لا تقيمن عندنا)، ففجملة: (لا تقيمن عندنا) في محل نصب على البدلية من جملة (ارحل). وشرطه أن تكون الجملة الثانية أوفى بتأدية المعنى المراد من الأولى.
__________________