أخي الكريم الدكتور:
أبو شامة المغربي
آثرت أن أسرع في الإجابة على اسئلتك الكريمة مهما يكن أمر بعدي أو قربي من مستقر الإجابة.
هذه إجاباتي في جزئها الأول وسوف أوافيك بالجزء الثاني، ريثما تطلع والقراء الكرام على هذا الجزء.
إجابة قبل الأجوبة
جملةً:
أنا يمني الضحى والدجى
وأجنبي اللقمة المضنكة
ولدت على كف كهلٍ كفيف
وأوغلت في ظلمةٍ محلكة
وذقت مرارات ذاك الزمان
ولم تزل اليوم محلولكة
وعاصرتُ يوم غزانا المغول
وأجّج هولاكو المعركة
وشاهدتُ كل انتتكاساتنا
بصنعاء أو قدسنا المنهكة
وتفصيلاً:
مقبل العمري هو مواطن وشاعر من الريف العربي اليمني، ولد لأسرة متوسطة بقريته العمارية (موطن بيت العمري جميعا وهي من أشهر هجرالعلم ومعاقله في اليمن) مديرية الحدا محافظة ذمار.
تلقى تعليمه الأولي في كتّاب القرية وهناك ختم البياض والقرءآن الكريم ثم انتقل لمدينة المدن صنعاء الحضارة والتاريخ، ودرس الإبتدائة والإعدادية والثانوية في مدارسها الأيتام الشعبية - الشعب الاعدادية - عبد الناصر والكويت الثانويتين.
- حصل على درجة الليسانس في الشريعة والقانون من جامعة صنعاء بامتياز، وحصل على درجة الماجستير في القانون العام من أكاديمية الشرطة، ومن ثم درجة الماجستير في الفقه المقارن من جامعة أم درمان الإسلامية بالخرطوم - السودان الشقيق، ومن نفس الجامعة حصل على درجة الدكتوراه في الفقه المقارن عام 2003م بتقدير (ممتاز مع التوصية بطباعة الرسالة وتداولها مع الجامعات العربية ...) وذلك عن رسالته الموسومة:( مسئولية الدولة عن أعمال السلطة التنفيذية في النظام الإسلامي - دراسة مقارنة بالقانون اليمني)
إضافة إلى عمله الرسمي هو:
- أستاذ القانون العام والفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الحديدة العامرة.
- وهو عضو هيئة التدريس بكلية الدراسات العليا أكاديمية الشرطة.
- وهو كاتب وشاعر، عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، صدرت له العديد من الكتب والمؤلفات الأدبية والتاريخية والفقهية، ومنها ثلاثة دوواين شعرية الأخير رهن التوزيع، وله مثلها في طور الإعداد للطبع إن شاء الله.
- وهو بطبيعة الحال ليس متفرغاً للشعر، وإلا لأعطاه أكثر مما ينبغي.
إجابتي الأولى:
الشعر العربي يعني لي الكثير، فهو دوحة غناء وروضةٌ فيحاء وهو لسان حال الأمة الطويل، وضميرها وقلبها النابض، ومنارة إشعاعها الفكري، وحكمتها الشاعرة الحية.
وبعيدا عن التعريف المتداول، فنحن نقصد به: (التجارب المنغمة المقفاة الموزونة العابقة بالحياة والموسيقى والإيقاع، والتي تحدث أثراً عميقاً في النفوس).
والشعر في نظري لا يزال ديوان العرب بغير منازع مهما كثرت الدوواين المستحدثة المزعومة.
إجابتي الثانية:
بداياتي الشعرية كانت في سفوح جبال بلادي الخضراء، حينما كنا نسرح وراء القطعان، وكنا نحاكي أصوات وأغاني الرعاة والراعيات حين تتجاوب معها أصداء الجبال، وكأنها رجع نأي بعيد، حيث بدأت ألف لهن أو لهم معاني وأغاني جديدة بدلا عن تقليد الأغنية اليمنية الشعبية القديمة، وأول قصيدة ألقيتها كانت في قاعة الشوكاني بكلية الشرطة بحضور الأستاذ/عبد العزيز بن فهد المساعيد عميد دار الرأي العام الكويتية رحمه الله.
وظيفة الشاعر في نظري هي تحمل الهم ونقله للأمة، وغرس القيم الحميدة بين الأجيال واستنفار، واستنهاض النيام للدفاع عن أنفسهم واللحاق بالركب الحضاري للأمم.
والشعراء الذين قرأتُ لهم كثر، فمن القديم حسان، والمتنبي، والبحتري، وديك الجن الحمصي الذي أعددت عنه كتابا، وكذلك أبو فراس الحمداني، ومن الحديث إيليا ابو ماضي، وجبران خليل، وبدر شاكر السياب، وأبو القاسم الشابي شاعر الحب والثورة، الذي لقبت نفسي به حينا من الدهر.
ومن اليمن معري العصر الأديب العربي العالمي اليمني عبد الله البردوني رحمه الله، والذي أنحدر معه من قبيلة واحدة وأقرأه باستمرار، وكذلك أبي الأحرار الشاعر الخالد محمد محمود الزبيري رحمه الله، والشاعر الدكتور عبد العزيز المقالح.
ولعل اغلبهم ذكرتهم في قصيدتي (حسان بلا عصر النبوة) في ديواني الجديد (فجر من ظلام) والتي جاء فيها:
أنا الشعر الذي فيه القوافي*كحقل القمح زينته السبولُ
أنا حسّان إلا أن عصري*أخيرٌ لم يشرفه الرسولُ
أنا متنبي الشعراء طراً*ولكن الزمان له فصولُ
أنا الشابي أكرع من رؤاه*ومن قبساته بدمي جميلُ
ومن ذكرى أبي الأحرار روح*وإني من فصاحته أقولُ
إجاتي الثالثة:
نعم هناك فاصل واضح بين الكتابة الشعرية وأختها النثرية، فالشعر شعر، والنثر نثر، ولكل منهما ضوابطه وأصوله وفنه، ومن الخطأ البين الخلط بينهما.
أجابتي الرابعة:
القصيدة التي أجد في نفسي إليها ميلاً هي القصيدة العمودية، والقصيدة التي تعالج موضوعا حياّ، أي القصيدة التي فيها روح ونبض وموسيقى ولغة، وليست القصيدة الميتة الخاوية.
إجابتي الخامسة:
القصيدة الشعرية فن مستقل بذاته، وليست في حاجة للتذوق من العمل النثري، بل العكس هو الصحيح، النثر هو الذي يتذوق القصيدة، لأن القصيدة خلق، والنثر فن، والخلاق لا يتذوق فن الفنان المحاكي، ولكن لا أستبعد أن يتذوق الشاعر لغة الناثر، إذا ما كان نثره أنيقاً أهلا للتذوق.
إجابتي السادسة:
القصيدة المعاصرة في حالة يرثى لها، وقد طغت عليها أشكال وألوان لم نكن نتصور حدوثها، واهتمامات الشعراء العرب في حالة سبوت أو بيات شتوي مزمن، وفي حالة شتات وانقسام وتباين إن صح التعبير، ولكني أرى وأدعو أن يكون موضوع النهوض والتحرر والتطور، هو الموضوع الذي ينبغي له أن يحوز قصب السبق في يومنا هذا، وليست هذه مواضيع متعددة، بل هو موضوع واحد تتبدى واحديته في إخراج الأمة من واقعها المرير.
إجابتي السابعة:
النقد الشعري هو فن عتيق وأنزيم أنيق، وهو في القديم والحديث صابون القصيدة العربية ومعنى بقائها، فبدون النقد الشعري الذي يتفتق عن نقاد متخصصين لا تجود القصيدة العربية، ويختلط الغث بالسمين.
ونحن نعاني في الوطن العربي من أزمة الناقد والناشر والمنبر الحر، وهي أزمة خطيرة تشكل محددات حقيقية للقصيدة العربية، وللإبداع الشعري بشكل عام.
إجابتي الثامنة:
لا شك أن الشعر خلق وإبداع، والقصيدة كقالب فن شعري له مميزاته وضوابطه، ولا شك أن دلالاتها ومحتواها لا تستغني عن البروز في شكل أنيق، كما أن شكلها الأنيق لا يستغني ولا يغني عن قوة محتواها ودلالاتها، فهناك علاقة ما بين شكل القصيدة ومحتواها في نظري.
إجابتي التاسعة:
أعتقد أن حظ الإلقاء والإنشاد لما ينظمه الشعراء المعاصرون قليل جداً، ويتركز في لون الشعر الغنائي، رغم وجود هذه التقنيات والفضائيات، ونحن بحاجة إلى تنظيم مهرجانات عربية ومرابد للشعر تبرز الحضور الإلقائي والإنشادي، سواء للشعراء، أو المنشدين، أو الفرق، أو الفنانين الصادحين بأسنة الشعراء.
إجابتي العاشرة:
لا أعتقد أن السيرة الذاتية للشاعر والشاعرة تحدث أصداء في شعرهم المنظوم، إذ أنها مجرد بيان منفصل عن الإبداع، والعبرة عندي بالإبداع ذاته، فلا صدى للسير الذاتية في ظل تعثر صدى الإبداع، إذ أن بعض الشعراء كتبوا سيرهم الذاتية بما أبدعوه، وربما لم يعلم قرّاؤهم ما هي أسماؤهم الكاملة لليوم.
إجابتي الحادية عشرة:
كنت أود أن أُسأل هذا السؤال بشكل مختلف، وهو هل هناك شعر إسلامي وشعر غير إسلامي؟ وهل هناك أدب إسلامي مستقل عن الأدب الذي هو ملك لجميع المسلمين؟؟
من هنا تنطلق التساؤلات وتتبدى الإجابات، وأعتقد أن الشعر الإسلامي هو الشعر الذي يقوله الشعراء المسلمون في البلاد الإسلامية، ولا يمكن أن نفصل بينه وبين بعضه مطلقا، بغض النظر عن أغراضه ودرجة جودته.
هل نستطيع أن ننكر أن أبا الطيب المتنبي وديك الجن الحمصي أبناء العم هم من شعراء العصر الإسلامي، رغم اختلاف وظائف شعرهما؟
لست مع أسلمة الشعر والأدب مطلقاً، فالشعر والأدب العربي الحديث هو ذات الشعر الإسلامي الحديث، والشعر الذي يقوله المسلمون في العالم بالعربية هو شعر عربي إسلامي، فليس لأقسام الشعر والأدب العربي من ثالث - الجاهلي - الإسلامي - والإسلامي ينقسم إلى قديم وحديث.
والشعر منذ حسان حتى نزار قباني شعر إسلامي، والأدب منذ ابن المقفع حتى طه حسين والعقاد أدب إسلامي، والذي أراه في الشعر والأدب الإسلامي الحديث أنهما بين مغيب ومستلب، وبين قاصر ومقصور، ونتمنى لهما الإزدهار والفكاك من عصور الظلام والإنحطاط .
سوف أترك لحضرتك وللقراء الكرام مجالاً للتعليق على هذا الجزء حتى إرسال الجزء الثاني من الإجابة على أسئلتكم الحوارية المفيدة والشيقة.