الأحيمر السعدي شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، كان لصا فاتكا ماردا، من أهل بادية الشام. أتى العراق، وقطع الطريق، فطلبه أمير البصرة (سليمان بن علي ابن عبد الله بن عباس) ففر فأهدر دمه، وتبرأ منه قومه. وطال زمن مطاردته، فحن إلى وطنه فنظم قصيدة حنين إلى الشام مطلعها: لئن طال ليلي بالعراق لربما أتى لي ليل بالشآم قصير وتاب بعد ذلك عن اللصوصية، ونظم أبياتا في توبته، أوردها الآمدي نقلا عن أبي عبيدة.
عوى الذئب
عَوى الذِئبُ فَاِستَأنَستُ بِالذِئبِ إِذا عَوى
وَصَوَّتَ إِنسانٌ فَكِدتُ أَطيرُ
يَرى اللَهُ إِنّي لِلأَنيسِ لَكارِهٌ
وَتُبغِضُهُم لي مُقلَةٌ وَضَميرُ
فَلِلَّيلِ إِن واراني اللَيلُ حكمُهُ
وَلِلشَمسِ إِن غابَت عَلَيَّ نُذورُ
وَإِنّي لَأستَحيي مِنَ اللَهِ أَن أُرى
أُجَرِّرُ حَبلاً لَيسَ فيهِ بَعيرُ
وَأَن أَسأَلَ المَرءَ اللَئيمَ بَعيرَهُ
وَبَعرانُ رَبّي في البِلادِ كَثيرُ
لَئِن طالَ لَيلي بِالعِراقِ لَرُبَّما
أَتى لِيَ لَيلٌ بِالشَآمِ قَصيرُ
مَعي فِتيَةٌ بيضُ الوُجوهِ كَأَنَّهُم
عَلى الرَحلِ فَوقَ الناعِجاتِ بُدورُ
أَيا نَخلاتِ الكَرمِ لا زالَ رائِحاً
عَلَيكُنَّ مُنهَلُّ الغَمامِ مَطيرُ
سُقيتُنَّ ما دامَت بِكَرمانَ نَخلَةٌ
عَوامِرَ تَجري بَينَكُنَّ بُحورُ
سُقيتُنَّ ما دامَت بِنجدٍ وَشيجَةٍ
وَلا زالَ يَسعى بَينَكُنَّ غَديرُ
أَلا حَبِّذا الماء الَّذي قابَلَ الحِمى
وَمُرتَبِعٌ مَن أَهلِنا وَمَصيرُ
وَأَيّامُنا بِالمالِكِيَّةِ إِنَّني
لَهُنَّ عَلى العَهدِ القَديمِ ذَكورُ
وَيا نَخلاتِ الكَرخِ لا زالَ ماطِرٌ
عَلَيكُنَّ مُستَنُّ الرِياحِ ذَرورُ
وَما زالَتِ الأَيّامُ حَتّى رَأَيتُني
بِدَورَقَ مُلقىً بَينَهُنَّ أَدورُ
قالت أرى ربع القوام
وَقالَت أَرى رَبعَ القَوامِ وَشاقَها
طَويلُ القَناةِ بِالضَحاءِ نَؤومُ
فَإِن أَكُ قَصداً في الرَجالِ فَإِنَّني
إِذا حَلَّ أَمرٌ ساحَتي لَجَسيمُ
تُعَيِّرُني الإِعدامَ وَالبُدو مُعرِضٌ
وَسَيفي بِأَموالِ التِجارِ زَعيمُ
قل للصوص
قُل لِلُصوصِ بَني اللَخناءِ يَحتَسِبوا
بَزَّ العِراقِ وَيَنسوا طُرفَةَ اليَمَنِ
وَيَترُكو الخَزَّ وَالديباجَ يَلبَسُهُ
بيضُ المَوالي ذَوو الأَعناقِ وَالعُكَنِ
أَشكوإلى اللَه صَبري عَن زَوامِلِهِم
وَما أُلاقي إِذا مَرَّت مِنَ الحَزَنِ
لَكِن لَيالِيَ نَلقاهُم فَنَسلِبَهُم
سَقياً لِذاكَ زَماناً كانَ مِن زَمَنِ
فَرُبَّ ثَوبٍ كَريمٍ كُنتُ آخِذَهُ
مِنَ القِطارِ بِلا نَقَدٍ وَلا ثَمَنِ