إهداء شعري إلى الأخ الكريم
ثروت سليم
كفى بالعلم في الظلمات نورا
كفى بالعلم في الظلمات نـورا*
يُبيّن في الحياة لنـا الأمـورا
فكم وجد الذليل بـه اعتـزازاً*
وكم لبِس الحزين به سـرورا
تزيد به العقول هدىً ورشـداً*
وتَستعلي النفوس به شعـورا
إذا ما عَـقّ موطنَهـم أنـاسٌ*
ولـم يَبنـوا بـه للعلـم دورا
فـإن ثيابهـم أكفـان موتـى*
وليـس بُيوتهـم إلاّ قـبـورا
وحُقَّ لمثلهم في العيش ضنـك*
وأن يدعـوا بدنياهـم ثُبـورا
أرى لبّ العـلا أدبـاً وعلمـاً*
بغيرهما العلا أمست قشـورا
أأبنـاء المـدارس أنّ نفسـي*
تؤمّل فيكـم الأمـل الكبيـرا
فسَقياً للمدارس مـن ريـاض*
لنا قد أنبتـت منكـم زهـورا
ستكتسب البـلاد بكـم عُلُـوّاً*
إذا وجدت لها منكـم نصيـرا
فإن دجت الخطوب بجانبيهـا*
طلعتم فـي دُجُنَّتهـا بـدورا
وأصبحتم بها للعـزّ حِصنـاً*
وكنتم حولهـا للمجـد سـورا
إذا أرتوت البلاد بفيض علـم*
فعاجز أهلهـا يُمسـى قديـرا
ويَقوَى من يكون بها ضعيفـاً*
ويَغنَى من يعيش بهـا فقيـرا
ولكـن ليـس مُنتَفِعـاً بعلـم*
فتىً لم يُحرز الخُلُق النضيـرا
فإن عماد بيت المجـد خُلْـق*
حكى في أنف ناشفه العبيـرا
فـلا تَستنفِعـوا التعلـيِـم إلاّ*
إذا هذّبتـم الطبـع الشَرِيـرا
إذا ما العلم لابس حُسنَ خُلْـق*
فَـرَجِّ لأهلـه خيـراً كثيـرا
وما أن فاز أغزرنـا علومـاً*
ولكن فـاز أسلمنـا ضميـرا
أأبناء المدارس هـل مصيـخٌ*
إلى من تسألون بـه خبيـرا؟
ألا هل تسمعون؟ فـإن عنـدي*
حديثاً عن مواطنكـم خطيـرا
ورأياً فـي تعاوُنكـم صوابـاً*
وقلباً مـن تخاذُلكـم كسيـرا
قد انقلب الزمان بنا فأمسـت*
بُغاث القوم تحتقـر النُسـورا
وسـاء تقلُّـب الأيـام حتـى*
حمِدنا من زعازعها الدَبـورا
وكم من فأرة عميـاء أمسـت*
تسمّى عندنا أسـداً هَضـورا
فكيف نروم في الأوطان عزّاً*
وقد ساءت بساكنهـا مصيـرا
ولم يك بعضنا فيهـا لبعـض*
على ما ناب من خطب ظهيرا
ألسنا الناظمين عقـود مجـد*
نزين من العصور بها النحورا
إذا لُجَجُ الخطوب طمت بنينـا*
عليها من عزائمنـا جسـورا
لِنَبْتَدر العبور إلـى المعالـي*
بحيث نطاول الشِعر العَبـورا
ألا يا ابن العراق إليك أشكـو*
وفيك أُمارس الدهر المَكـورا
تنفَّض من غُبار الجهل وأهرع*
إلى تلك المـدارس مستجيـرا
فهنّ أمان من خشـيَ الليالـي*
وهنّ ضمان مَن طلب الظهورا
معروف الرصافي
د. أبو شامة المغربي