أثر الصيام في انضباط الشخصية .
صيام رمضان تجربة رائعة يخوضها المسلم في كل عام , فتجدد دماء الإيمان في عروقه وتستحي مشاعر الاسلام في حسه وروحه ووجدانه ووعيه وإدراكه .وتوقظ ضميره الديني والخلقي ..وتحرك عواطف الدين في نفسه وتدعمها وتقويها .
تأثير الصوم في الشخصية ككل :
صيام رمضان ولا شك , تجربة ذات أثر قوي في كل جوانب شخصية الفرد , وسلوكه , واتجاهاته العقلية وميوله واستعداداته وقيمه ومثله ..ونظرته للحياة ووعقيدته الإسلامية , بل وفي صحته الجسمية ..وتخليص جسمه من الدهون والشحوم والرواسب المتراكمة والأملاح الزائدة على امتداد العام ,
ويؤدي إلى علاج كثير من مظاهر السمنة والتخمة التي أصبحن من اخطر أمراض العصر , فلم يعد الإنسان يموت بفعل الأوبئة الكاسحة التي كانت تحصد أرواح البشر بالملايين في العصور الغابرة , كالطاعون والجدري والكوليرا , وإنما أصبح يعاني من أمراض أخرى ومن بينها السمنة OBESITY وضغط الدم BLOOD PRESSURE والسكر و ضيق الشرايين ..وللصيام آثار عميقة وباقية راسخة في الصائم .
ولكن الذي يهمنا في هذا المجال هو استنباط ما للصيام من قيم تربوية Educational values أصيلة , وخاصة ونحن نعلم لأن الانسان لا يتعلم فقط عن طريق التربية النظامية في المدارس والجامعات ولكنه يتعلم طوال حياته من المهد الى اللحد مصداقا للحديث النبوي , اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد " متفق عليه ..يتعلم من خلال تجاربه الذاتية Self experiences ومن خلال تفاعله Interaction واحتكاكه مع البيئة الاجتماعية والفيزيقية التي يعيشها في وسطها ..ويؤثر فيها ويتأثر بها .
كيف ذلك ؟ ...لأن الصيام مدرسة جامعة ...
هو مدرسة لتربية الفرد على كثير من القيم والفضائل الحميدة .وتعويده على كثير من العادات السلوكية الطيبة ..والاتجاهات العقلية والعقائدية الإيجابية .
ومن القيم التربوية للصيام " الطاعة " وإحساس الصائم بأنه يطيع أمر الله تعالى وأنه يؤدي واحدا من التكاليف الدينية الرئيسة في الاسلام لقوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون .." و..." شهر رمضان الذي أنزل فيه القرىن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان , فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من ايام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " البقرة 182-185 .
والإحساس بالطاعة يبعث في نفس صاحبه الشعور بالرضا والسعادة والأمان والاطمئنان النفسي العميق .
ومن اهداف الصيام غرس قيمة الصبر وقوة التحمل على الجوع والظمأ والحرمان على الأكل والشرب وهو ماثل امام الصائم وفي متناول يده , وليس هناك أي قوة خارجية رادعة تمنعه ..اللهم إلا ضميره الواعي وحسه الديني ..ولذلك فالصيام يدرب الصائمين على الجلد والقوة والصلابة في التحمل والاصرار والمثابرة والإرادة والعزيمة , بحيث تتمكن إرادة الانسان من توجيه سلوكه وضبطه والسيطرة عليه ...وللصيام أهمية كبيرة في تعويد الانسان على الانضباط والالتزام بمواقيت الصيام والامساك , وتناول الطعام ومن شأن هذه العادة أن تنعكس فيما بعد على كافة جوانب سلوكه , فيصبح منضبطا في عمله وفي دراسته وفي مسلكه العام .