ساطع الحصري.. الدين والعلمانية
الوحدة
الأحد14/8/2011
في كتاب صغير الحجم , كبير الفائدة تناول الكاتب احمد ماضي الكثير من الموضوعات التي اشتغل
عليها المفكر النهوضي / ساطع الحصري / لتبيان العلاقة بين الدين والعلمانية . وساطع الحصري مفكر سياسي قومي , عدو الإمبريالية والاستعمار . وفي نظره أن العرب , درسوا التواريخ العربية . والامة العربية من اعظم الأمم في التاريخ , كانت لها حضارة قبل الاسلام , وارتقت كثيراً بعد الاسلام , ساعدهم المسيحيون العرب في بنائها . لقد كان لساطع الحصري رؤيا عصرية علمانية لإذكاء مسيرة العرب التحررية الوحدوية على حد تعبير المؤرخة الروسية / تيخونوفا / ولعل ما نشر في كتابها ( ساطع الحصري رائد المنحى العلماني في الفكر القومي العربي ) من الاسباب التي حفزت احمد ماضي على تقصي مصادر علمانية الحصري وتجلياتها في الفكر والممارسة السياسية معا . يحدوه في ذلك حشد من الدراسات التي شددت على ان الدعوة الى القومية العربية العلمانية ولدت على ايدي مفكرين مسيحيين , لكن انخراط الحصري فيها اعطاها زخما كبيرا نظرا لموقعه الفكري في الوطن العربي , فهو من اكثر المفكرين العرب المسلمين ادراكا لاهمية الدعوة الى القومية العربية العلمانية التي تعد بحق المدخل السليم الى بناء مواطنه عربية حقيقية , فلا تمييز بين عربي واخر على اساس ديني . ولقد نبه احمد ماضي الى ان بعض دارسي الحصري قد اتهموه بكثير من التسرع وقليل من الدراية والاطلاع المعمق على كامل تراثه الفكري , انه تأثر الى حد بعيد بالقومية الاوروبية ذات المنحى العلماني التي دعت وفق النموذج الفرنسي والى فصل الدين عن الدولة . لا شك في أن الحصري تعرف عن كثب على المصادر الاساسية للقومية العلمانية من مصادرها الغربية مباشرة 0لكنه لم يقتبس أياً من شعاراتها . فأسس مقولات علمانية مبتكرة ذات توجه قومي عربي غايتها توحيد شمل العرب في دولة مركزية علمانية تعتمد العلوم العصرية والبحث العلمي والفكر العقلاني بمختلف تجلياته وكان هاجسه قيام دولة قومية علمانية ,تحت لوائها جميع العرب من جميع المذاهب والطوائف وفي جميع المناطق » فالدين لله والوطن للجميع « 0 والوطن المنشود يضع المسلمين والمسيحيين على قدم المساواة , فللمسيحيين ما للمسلمين من حقوق وعليهم ما على المسلمين من واجبات . وخشية ان يتهمه الاسلاميون بمعاداة الدين ووضع القومية العربية العلمانية في موقع التعارض مع الدين الاسلامي بحيث يسهل ضربها ومحاربة الداعين والمنتسبين اليها , دافع عن مقوله مبتكرة لديه , رفض فيها نعت القومية العربية باللا دينية والقوميين العرب باللادينيين . وأكد أن نعت القومية العربي باللادينية يشوه معانيها تشويها كبيرا لأنها لا تتضمن اصلا أي إنكار للدين 0 وليست على تضاد معه 0 إلا أن دعاتها ينأون بالدين عن التسييس الامر الذي يجعل القابضين على السلطة عرضة للحساب والمساءلة أمام الشعب وفق ما نصبت عليه تعاليم الاسلام من جهة وما اقرته القوانين الوضعية في الدول الديمقراطية المتطورة التي تجعل الشعب وليس الحاكم مصدر جميع السلطات . وشدد على ان الحضارة المنشودة لبناء نهضة عربية جديدة سوف تكون عربية لادينية بل مدنيةٍ علمانية . ولقد تمسك الحصري طوال ايام حياته بأن الحضارة العربية لم تكن بحته بل غنية ومتنوعة .‏