الباب الثالث
في أحكام الظرف والجار والمجرور"[1]"
لابد للجار والمجرور والظرف من متعلق إما بفعل أو بما يشبهه ، أو بما أول بما يشبه أو بما يشير إلى معناه ، فإن لم يوجود من هذه شيء وجب تقديره ، وهل يتعلقان بالفعل الناقص ؟ على قولين مبناهما هل الفعل الناقص يدل على الحدث ؟ وهل يتعلقان بالجامد؟ وهل يتعلقان بأحرف المعاني فالمشهور المنع مطلقاً وقيل يجوز مطلقاً ، وقيل إن ناب عن فعل محذوف جاز على طريق النيابة لا الأصالة وإلا فلا ، مثال ذلك : يالزيد ، فاللام متعلقة بـ(يا) وكذلك قوله تعالى: {ما أنت بنعمة ربك بمجنون}"[2]" فإن (بمجنون) متعلق بـ(ما) والمشهور أنهم يقدرون فعلاً مطابقاً للنفي أي انتفى ذلك بنعمة ربك .
ويستثنى من قولنا لابد للجار من متعلق أمور :
الأول : الزائد ، مثل : { وكفى بالله شهيداً }"[3]" .
الثاني : (لعل) في لغة عقيل لأنها بمنزلة الزائد حيث أن مجرورها في موضع رفع على الابتداء .
الثالث : نحو : لولاي على القول بأنها جارة لأن الضمير بعدها مرفوع المحل بالابتداء .
الرابع : (رب) لأن محل ما بعدها بحسب العوامل .
الخامس : أدوات الاستثناء كـ(خلا) إذا خفض بهن .
حكم المرفوع بعد الظرف والمجرور"[4]"
لايخلو من حالين ؛
أحدهما : أن يتقدمهما نفي أو استفهام أو موصوف أو موصول أو صاحب خبر أو حال ، مثل : مررت بزيدٍ عليه جبةٌ . ففيه ثلاثة أقوال :
أحدها : ترجيح كونه مبتدأ مخبرًا عنه بالظرف .
الثاني : ترجيح كونه فاعلاً ، اختاره ابن مالك .
الثالث : وجوب كونه فاعلاً ، ونقل عن الأكثر ، وإذا كان فاعلاً فهل عامله فعل محذوف أو نفس الظرف والمجرور؟ على قولين ؛ المختار الثاني .
الحال الثانية : أن لايتقدمهما ماسبق من النفي وشبهه ، فالجمهور يوجبون الابتداء والكوفيون يجوزون الوجهين"[5]".
[1] - انظر : المغني ص566.
[2] - سورة القلم . الآية : 2 .
[3] - سورة النساء . الايتان : 79 ، و 166 .
[4] - انظر : المغني ص578.
[5] - انظر : الإنصاف 1/51.