من أمثال ما لفقه الوضاعون الكذابون في مناقب الإمام على رضى الله عنه من الاحاديث المكذوبة ، التى هي في مرتبة ، دون مراتب الغلو والاطراء الشركى ، التى غلوا بها فيه رضى الله عنه ، قول بعضهم:
* عن أبى ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أسرى بى مررت على ملك جالس على سرير من نور ، وإحدى رجليه في المشرق ، والاخرى في المغرب ، وبين يديه لوح ينظر فيه ، والدنيا كلها بين عينيه ، والخلق بين ركبتيه ، ويده تبلغ المشرق والمغرب ، فقلت : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا عزرئيل تقدم فسلم عليه ، فتقدمت وسلمت عليه ، فقال : وعليك السلام يا أحمد ، ما فعل ابن عمك على ؟ فقلت : وهل تعرف ابن عمى على ؟ فقال : وكيف لا أعرفه وقد وكلنى الله بقبض أرواح الخلائق ما خلا روحك وروح ابن عمك على بن أبى طالب ، فإن الله يتوفا كما بمشيئته .
أخرجه الملاء في سيرته .
* عن سلمان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كنت أنا وعلى نورا بين يدى الله قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزأين ، جزء أنا وجزء على .
روى في المناقب .
* وخرج الملاء أيضا في سيرته عن أبى الحمراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليلة أسرى بى إلى السماء نظرت إلى ساق العرش الايمن فرأيت كتابا فهمته ، محمد رسول الله أيدته بعلى ونصرته به .
* وعن ابن عباس قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فإذا طائر في فيه لوزة خضراء ، فألقاها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فقبلها ثم كسرها فإذا في جوفها دودة خضراء مكتوب فيها بالاصفر : لا إله إلا الله محمد رسول الله نصرته بعلى .
أخرجه أبو الخير القزويني الحاكمى .
* عن الحسن بن على قال : كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجر على وهو يوصى إليه، فلما سرى عنه قال : يا على صليت العصر ؟ قال : لا. قال : اللهم إنك تعلم أن كان في حاجتك وحاجة نبيك.
فرد عليه الشمس فردها عليه ، وغابت الشمس .
خرجه الدولابى.
* وقد خرج الحاكمى عن أسماء بنت عميس مثله ولفظه قالت : كان رأس النبي صلى الله عليه وسلم في حجر على ، فكره أن يتحرك حتى غابت الشمس ، فلم يصل العصر ، ففزع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له على أنه لم يصل العصر ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عزوجل أن يرد الشمس عليه ، فأقبلت الشمس لها خوار حتى ارتفعت قدر ما كانت في وقت العصر فصلى ثم رجعت .
* وخرج أيضا عنها أن على بن أبى طالب دفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أوصى الله إليه أن يجلله بثوب فلم يزل كذلك إلى أن أدبرت الشمس يقول : غابت أو كادت تغيب ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم سرى عنه ، فقال : أصليت يا على ؟ قال : لا . قال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم رد الشمس على على .
فرجعت الشمس حتى بلغت نصف المسجد .
* وعن أنس رضى الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ قال صلى الله عليه وسلم لعلى : هذا جبريل يخبرني أن الله عزوجل زوجك فاطمة ، وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك وأوحى إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدر والياقوت ، فنثرت عليهم الدر والياقوت ، فابتدرت إليه الحور العين يلتقطن من أطباق الدر والياقوت فهم يتهادونه بينهم إلى يوم القيامة .
أخرجه الملاء في سيرته .
* عن مخدوج بن زيد الذهلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلى : أما علمت يا على أنه أول من يدعى به يوم القيامة بى فأقوم عن يمين العرش في ظله فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة ، ثم يدعى بالنبيين بعضهم على إثر بعض فيقومون سماطين عن يمين العرش ويكسون حللا خضراء من حلل الجنة ألا وإنى أخبرك يا على أن أمتى أول الامم يحاسبون يوم القيامة ، ثم أبشر ، أول من يدعى بك لقرابتك مني فيدفع إليك لوائى وهو لواء الحمد تسير به بين السماطين ، آدم وجميع خلق الله تعالى يستظلون بظل لوائى يوم القيامة وطوله مسيرة ألف سنة ، سنانه ياقوتة حمراء ، قبضته فضة بيضاء ، زجه درة خضراء ، له ثلاث ذوائب من نور ذؤابة في المشرق وذؤابة في المغرب ، والثالثة في وسط الدنيا ، مكتوب عليه ثلاثة أسطر : الاول بسم الله الرحمن الرحيم .
الثاني الحمد لله رب العالمين .
الثالث لا إله الله محمد رسول الله، طول كل سطر ألف سنة وعرضه مسيره ألف سنة .
فتسير باللواء ، والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بينى وبين إبراهيم في ظل العرش ، ثم تكسى حلة من الجنة ، ثم ينادى المنادى من تحت العرش: نعم الاب أبوك إبراهيم ونعم الاخ أخوك على .
أبشر يا على .
إنك تكسى إذا كسيت وتدعى إذا دعيت ، وتحيى إذا حييت .
أخرجه أحمد في المناقب .
وفى رواية أخرجها الملاء في سيرته قيل : يا رسول الله وكيف يستطيع على أن يحمل لواء الحمد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وكيف لا يستطيع ذلك وقد أعطى خصالا شتى صبرا كصبري ، وحسنا كحسن يوسف ، وقوة كقوة جبريل ؟.
وعن جابر بن سمرة أنهم قالوا : يا رسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة ؟ قال : من عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا ؟ على بن أبى طالب .
أخرجه نظام الملك في أماليه .
وأخرج المخلص الذهبي عن أبى سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كسا نفرا من أصحابه ، ولم يكس عليا ، فكأنه رأى في وجه على ، فقال : يا على ما ترضى أنك تكسى إذا كسيت وتعطى إذا أعطيت ؟.
* عن أبى الحمراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى بن عمران في بطشه ، فلينظر إلى على بن أبى طالب .
أخرجه القزويني الحاكمى .
وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه ، وإلى نوح في حكمه ، وإلى يوسف في جماله ، فلينظر إلى على بن أبى طالب .
أخرجه الملاء في سيرته .
قال ابن الجوزى فى ( الموضوعات ) :
( لئن كنا أسهبنا بعض الشئ في إيراد نمط من مزاج الوضاعين وإسرافهم المقبوح في الاطراء والمديح ، فإننا لم نعرج على ما وضعوه من أحاديث هي الشرك الصراح ، والكفر البواح ، والفتنة العمياء ، بتأليه أمير المؤمنين على رضى الله عنه وأرضاه .
فيما أوردنا عينة مما رموا به إلى إشرك على رضى الله عنه في النبوة فحسب ، بحيث لا يقل نصيبه منها عن الشطر كاملا ، بل لقد وشت بهم شياطينهم فوضعوا أحاديث جعلوا لعلى رضى الله عنه فيها الشطر الافضل .
والنبى تابع له .
وحاشاه قالوا : عن البراء ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : على منى بمنزلة رأسي من جسدي .
أخرجه الملاء .
فماذا أبقوا للنبى صلى الله عليه وسلم من الفضل مع على رضى الله عنه ؟ لقد جعلوا النظر إلى وجه على عبادة .
قالوا : عن عائشة رضى الله عنها قالت : رأيت أبا بكر يكثر النظر إلى وجه على ، فقلت : يا أبت تكثر النظر إلى وجه على ، فقال : يا بنية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : النظر إلى وجه على عبادة.
أخرجه ابن السمان في الموافقة .
وأخرج مثله الخجندى أيضا من طريق أخرى مطولا عن أنس .
وأخرج ابن أبى الفرات مثله أيضا مطولا عن جابر .
وأخرج أبو الخير الحاكمى مثله عن ابن لعلى .
والملاحظ كثيرا أنهم يضعون ما وضعوا وينسبون أكثره إلى عائشة وأبى بكر رضى الله عنهما ، أو أسماء بنت عميس ، وكانت تحت أبى بكر رضى الله عنهما .
يعنون بزعمهم - وكذبوا - أن الفضل ما شهدت به الاعداء.
ثم قعدت القواعد في مسائل النقد وعلل الحديث ، والجرح والتعديل ، والتوثيق والتضعيف ، وتقييم أحوال الرواة في الاسانيد ، ضبطا وعدالة ، واتصالا وانقطاعا ، وقبولا أو ردا .. حتى انكشف الصبح لذى عينين ، وتميز صحيح الحديث من سقيمه ، وأصيله من منحوله ، بفضل الله سبحانه الذى آلى على نفسه حفظ دينه ، ثم بفضل همة المخلصين من علماء الامة وصلحاء البرية .. إذ تصدى فريق من حفاظهم للتأليف والابانة عن " الثقات " من الرواة ، واقتصر المؤلفون في كتبهم على العدول من أهل الثقة والامانة والتثبت والحفظ والاتقان ) ا . هـ .