كتابات الرواد. .. المجهولة
................................

بقلم: محمد جبريل:
.......................
mlg_38@hotmail.com

أثار الصديق الناقد نبيل فرج في جريدة "القاهرة" قضية المقالات التي لا يعني أصحابها من الأدباء الكبار -في حياتهم- بتجميعها في كتب. فلا تجد -بعد الرحيل- من يعني بعملية الجمع يقتصر مراجعوها علي الدارسين. علي الرغم من أهميتها في التعبير عن فترات تاريخية. أو قضايا فكرية وإبداعية.
أذكر أني وجدت في إشرافي علي كتب دوري فرصة لتجميع الكثير من المقالات التي أهمل أصحابها من كبار المفكرين والأدباء ضمها في كتاب جمعت ذكريات فتحي رضوان مع جمال عبدالناصر التي نشرها في مجلة خليجية. وحين استأذنت رضوان في إصدارها في كتاب بالاسم الذي اختاره لها وهو "72 شهرا مع عبدالناصر". صارحني الرجل أنه قد نسي هذه المقالات تماما. وأحدثت الذكريات -عند صدورها- ردود أفعال لافتة. وأصدر كتاب الهلال طبعة ثانية. أضفت إليها مقالة عن علاقة عبدالناصر بعمه خليل لم أكن فطنت إلي وجودها بين أوراقي.
الشيء نفسه حدث مع عبدالفتاح أبوالفضل نائب رئيس المخابرات الأسبق. من بين آلاف الأوراق التي وضعها أمامي. اخترت مادة كتابه "كنت نائبا لرئيس المخابرات" وعهدت إلي الأديب الراحل الداخلي طه بإعادة صياغة بعض خطب الجمعة التي ألقاها -شفاهة بالعامية- الإمام الشعراوي. وضمنتها كتابا بعنوان "هذا هو الإسلام".
اتصلت بأحمد بهاء الدين أطلب مقالاته في مجلة "المستقبل" الباريسية. رحب بالفكرة. لكنه فضل أن ينشر المقالات بواسطة ناشره.
وطلب يوسف إدريس أن اتصل به قبل أسبوعين من مكالمتنا الهاتفية. حتي ينتهي من إعداد كتاب -تنقصه بعض اللمسات- عن علاقته بثورة يوليو وبتحمسه المعروف روي لي إدريس -عبر الهاتف- ما تتضمنه فصول الكتاب الذي انتهي -كما قال- من وضعه وحين اتصلت به فاجأني بأنه نسي الأمر تماما وأدركت أنه لم يكن قد ألف الكتاب. وأنه اكتفي بالرواية الشفهية دليلي أنه لم يصدر للرجل -حتي الآن- ما يشي بهذا الكتاب!
زرت عبدالرحمن الشرقاوي في "الأهرام" أبدي تحمسه للفكرة. ووعد أن يضع في يدي ما صدر له من مقالات. لتصنيفها وإصدارها في أكثر من كتاب كان يعاني مرضا ألزمه مد قدمه -معتذرًا- علي كرسي مقابل واتصل بي الشرقاوي ذات مساء. يبلغني أنه يعد نفسه إلي الخارج. ووحددنا موعدًا يسلمني فيه -عقب العودة- مقالاته المنشورة في الصحف لكن الشرقاوي عاد إلي مصر دون أن تزايله تأثيرات المرض. ثم ماتت الفكرة بموت الشرقاوي.
ظني أن الاجتهادات الببليوجرافية يجب ألا تقتصر جدواها علي الدارسين. فلابد من إصدارها في كتب ولعلي أجد في مقالات المازني -له مقالات كثيرة لم تصدر في كتب- والزيات وشكري وأحمد عباس صالح ونعمان عاشور وغيرهم. كنوزًا ثقافية. من المهم أن تطالع القاريء في تعدد مستوياته الثقافية.
أعرف أن هيئاتنا الثقافية التابعة للدولة تعاني في اختيار ما تدير به مطابعها ومن المؤكد أن هذه الكتابات الريادية تمثل ملمحًا مهمًا في وجه ثقافتنا المعاصرة.
.................................................
*المساء ـ في 24/11/2007م.