منذ بداية الشعر الحديث، أو الشعر الحر، عند العرب سنة 1947 والصراعات قائمة، والتحديث جار إلى أن ظهرت قصيدة النثر، فأثارت ضجتها كذلك، فبحث فيها كثير من النقاد العالميين مثل "جون كوهن"في كتاب"بنية اللغة الشعرية"، الذي بدل فيه جهدا علميا مميزا، في محاولة منه لصياغة مفهوم نقدي لـ "قصيدة النثر" يميزها عن الأنواع الأخرى، وقد ميزها بالفعل آنذاك، وأطلق عليها اسم"قصيدة دلالية"، وغيره كثير ممن أثاروا هذه الزوبعة من الأطروحات، عد معي إلى الأديب الناقد "سوزان برنار" في موضوع "قصيدة النثر منذ بودلير إلى أيامنا" .
الفاصل بين قصيدة النثر وأختها الشعرية، لا يكمن في استقلاليتها عن القواعد التفعيلية وحسب، بل حتى في طريقة تركيبها، لكنها تبقى امتدادا للقصيدة الأم، وليس بينها وبين ماضيها وبين الأشكال الأخرى أي قطيعة، ما دامت لا ترفض انتماءها إلى لغتها، وقد وصفها النقاد بعدة صفات، منهم من ذهب إلى أنها ليست رؤيوية، ومنهم من اتهمها بأنها لا تتقدم نحو غاية أو هدف، كالأشكال الشعرية الأخرى، ومنهم من اتهمها بتجاوز الشكل والمضمون، ومنهم من قال بأن وحدتها العضوية مغلقة.
محمد اللغافي