تفسير الآية واضح وقد قام كثير من النقاد بتأويل قول الله لتخريج أقوال الشعراء, بأننا لا نحاسبه على قولهم لأنهم يقولون ما لا يفعلون , ويفعلون فعلة الفرزدق في قصته مع هشام بن عبد الملك والقصة أوردتها في نقد كتابا لدكتور سلوم على الرابط اضغط
ورد في تفسير الطبري:
أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَمواضيع ذات صلة
قوله : { ألم تر أنهم في كل واد يهيمون } يقول تعالى ذكره : ألم تر يا محمد أنهم , يعني الشعراء في كل واد يذهبون , كالهائم على وجهه على غير قصد , بل جائرا على الحق , وطريق الرشاد , وقصد السبيل. وإنما هذا مثل ضربه الله لهم في افتنانهم في الوجوه التي يفتنون فيها بغير حق , فيمدحون بالباطل قوما ويهجون آخرين كذلك بالكذب والزور . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك : 20404 - حدثني علي , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : { ألم تر أنهم في كل واد يهيمون } يقول : في كل لغو يخوضون. 20405 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث , قال : ثنا الحسن , قال : ثنا ورقاء جميعا , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { في كل واد يهيمون } قال : في كل فن يفتنون . * - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , قوله : { ألم تر أنهم في كل واد } قال : فن { يهيمون } قال : يقولون . 20406 - حدثنا الحسن , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة , في قوله : { في كل واد يهيمون } قال : يمدحون قوما بباطل , ويشتمون قوما بباطل .
وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ
وقوله : { وأنهم يقولون ما لا يفعلون } يقول : وأن أكثر قيلهم باطل وكذب . كما : 20407 -حدثني علي , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : { وأنهم يقولون ما لا يفعلون } يقول : أكثر قولهم يكذبون. وعني بذلك شعراء المشركين . كما : 20408 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال عبد الرحمن بن زيد : قال رجل لأبي : يا أبا أسامة , أرأيت قول الله جل ثناؤه : { والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون } فقال له أبي : إنما هذا لشعراء المشركين , وليس شعراء المؤمنين , ألا ترى أنه يقول : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } إلخ . فقال : فرجت عني يا أبا أسامة ; فرج الله عنك .
المصدر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال الطبري عند تفسيره لتلك الآية: ... وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال فيه ما قال الله جل ثناؤه: إن شعراء المشركين يتبعهم غواة الناس ومردة الشياطين وعصاة الجن وذلك أن الله عم بقوله (والشعراء يتبعهم الغاوون) فلم يخصص بذلك بعض الغواة دون بعض، فذلك على جميع أصناف الغواة التي دخلت في عموم الآية، قوله (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) يقول تعالى ذكره: ألم تر يا محمد أنهم يعني الشعراء في كل واد يذهبون كالهائم على وجهه على غير قصد بل جائرا عن الحق وطريق الرشاد وقصد السبيل، وإنما هذا مثل ضربه الله لهم في افتننانهم في الوجوه التي يفتنون فيها بغير حق فيمدحون بالباطل قوماً ويهجون آخرين كذلك بالكذب والزور.
وأخرج ابن كثير بسنده في قوله تعالى: (وأنهم يقولون ما لا يفعلون) عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أكثر قولهم يكذبون فيه، قال ابن كثير: وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنه هو الواقع في نفس الأمر، فإن الشعراء يتبجحون بأقوال وأفعال لم تصدر منهم ولا عنهم فيتكثرون بما ليس لهم
المصدر
نضيف
فالشعر له حكم مضمونه ، فما كان مضمونه حسناً فهو حسن ، وما كان مضمونه مذموماً فهو مذموم ، ولذلك ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الشعر بمنزلة الكلام فحسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام". كما في مسند أبي يعلى عن عائشة ، وأخرجه أيضاً البخاري في الأدب المفرد، والطبراني في الأوسط عن عبد الله بن عمرو . ويفهم هذا أيضاً من قول الله تعالى : ( والشعراء يتبعهم الغاوون ، ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون ، وأنهم يقولون مالا يفعلون ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا .. ). [الشعراء: 224-227].
وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون حسن الشعر وينشدونه عند النبي صلى الله عليه وسلم في قصص معروفة مشهورة.
وبناء على هذا ، فما كان من الشعر مشتملاً على توحيد الله تعالى والثناء عليه، أو مدح رسوله صلى الله عليه وسلم بما ليس فيه غلو ، أو ذكر سيرته، أو كان مشتملاً على مواعظ وحكم ومسائل علمية أو موضوعات أدبية في حدود الشرع ، أو نحو ذلك فهو حسن ويتفاضل في الحسن حسب التفاضل الحاصل بين المواضيع.
وما كان من الشعر مشتملاً على محرم مما يخل بالعقيدة، أو ينافي الأخلاق الحميدة أو الأدب الرفيع، أو فيه دعوة إلى الباطل والمنكر والفحشاء ، أو فيه هتك لأعراض المسلمين أو أذيتهم أو نحو ذلك ، فهو قبيح مذموم ، ويعظم الجُرم فيه حسب الموضوع المشتمل عليه .
والله أعلم .
المصدر