علامة استفهامي الأولى
ما الذي يعنيه فن القص والحكي بالنسبة إليك، ثم ما الذي يدل عليه حسب اعتقادك؟
أبو شامة المغربي
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بدءًا اسمحوا لي أخي أبو شامة المغربي أن أنتهز هذه الفرصة لأتقدم لك شخصياً، ولباقي الأعزاء، المشرفين على قلعة المربد، وكذا الأعضاء الذين يشنفون مسامعنا بصور سمعية، تسعى إلى تهذيب أذواقنا ودغدغة مشاعرنا وتنقية ما علق بلغتنا وأساليبنا من أدران، بتحية وسلام صادقين.
فن القصة، و دون الدخول في التعريف اللغوي، يمكن أن نقول: إنه ليس مفهوماً واحداً ومحدداً يلزم جميع الفاعلين في هذا الحقل؛ أي المشتغلين فيه، والمحاولات التعريفية، التي يحددها المنظرون لهذا الفن لا تسعى إطلاقاً إلى وضع ضوابط وقيود تفرض على المبدع وتحصره في إطار وخانة محددة، بل هو - حسب رأيي المتواضع - شكل تعبيري أدبي يتطلب الدقة والرؤية الثاقبة لظواهر وقضايا، ومحاولة التقاط اليومي والمعيش في شكله البسيط، ونقله إلى سماء الأدب.
سئل يوسف إدريس عن تعريف القصة القصيرة، فأشرع كفه وحك إبهامه بالوسطي، محدثا تلك "الطرقعة" الشهيرة، الدالة على المباغتة، والاكتناز، والسرعة، والتكثيف، والإيجاز...
بهذه الطريقة البسيطة والدالة في آن، عرف يوسف إدريس القصة القصيرة، وتعريفه هذا يختزل رؤى وتصورات مسهبة حاولت مقاربة، واستكناه، والتنظير لملامح وجماليات أكثر الفنون قدرة على "المراوغة" و"الخداع"...