النتائج 1 إلى 12 من 26

الموضوع: المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1 رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الرد العاشر :-

    . وفي معرض الرد على القول بعدم جواز الاستدلال على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بقوله تعالى " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " لأن كبار المفسرين لم يكن في تفسير واحد منهم أن المقصود بالرحمة في هذه الآية رسول الله ولأن الرحمة للناس لم تكن بولادة النبي وإنما كانت ببعثه وإرساله إليهم، وعلى هذا تدل النصوص من الكتاب والسنة نورد ما يلي:
    أولاً: في إحدى محاضراته ساق الأستاذ البشير المحمودى الخطيب والواعظ بمدينة مراكش مجموعة من الأدلة على جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ذكر منها : (ما استنبطه الألوسي من تفسير قول الله تعالى "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا" فالرسول  رحمة كما قال عز و جل "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" و كما جاء في الحديث: "إنما أنا رحمة مهداة " فوجب من هنا الاحتفال و الفرح بهذه الرحمة ) انتهى.


    ثانياً: إن القول بأن كبار المفسرين لم يكن في تفسير واحد منهم أن المقصود بالرحمة في هذه الآية رسول الله  ليس صحيحاً ففي كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام جلال الدين السيوطي ذكر عدة أقوال للصحابة والتابعين في تفسير فضل الله ورحمته وذكر منها ما يلي: (أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله " قل بفضل الله وبرحمته " قال: بكتاب الله وبالإسلام. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله " قل بفضل الله وبرحمته " قال: فضله الإسلام ورحمته القرآن.

    وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما " قل بفضل الله " القرآن " وبرحمته " حين جعلهم من أهل القرآن وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال: فضل الله العلم، ورحمته محمد ، قال الله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء الآية 107) … ومنها أيضاً … وأخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما " قل بفضل الله " قال: النبي ، " وبرحمته " قال: علي بن أبي طالب رضي الله عنه ) انتهى بتصرف.

    وقد ذكرنا استشهاد العلامة الألوسي عند تفسيره لهذه الآية في تفسيره روح المعاني على أن الرسول  رحمة بقوله  (إنما أنا رحمة مهداة) والحديث صححه السيوطي في الجامع الصغير.

    فالقول بأنه ليس في تفسير أكابر المفسرين أن المقصود بالرحمة في الآية الرسول  قول عار عن الصحة. كما أن من استدل بهذه الآية على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أخذ عموم ما في الآية من معنى ندب الفرح بكل ما هو من فضل الله ورحمته – مما هو خير من متاع الدنيا الزائل - وأي رحمة إلهية أعظم من النبي  كما يقول الشيخ هشام قباني كما أنه لا فرق بين ما ورد من أن المقصود من الفرح بالرحمة في الآية الفرح بالإسلام وبين ما ورد من أنها الفرح بالنبي  فالفرح بمولده  هو فرح بنعمة الإسلام وفرح بأن شرفنا الله تعالى فجعلنا من خير الأمم وجعلنا من أمة خير الأنام  فمولده  هو مولد لرسالة الإسلام ولذا قال العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه وأرضاه في معرض مدحه للنبي :
    وأنـت لمّا وُلدتَ أشرقت ال ****
    أر ضُ فـضاءت بنورِها الأفـقُ
    فـنحن في ذلك الضياء وفي ****
    النّورِ وسُـبْلِ الـرشادِ نَخْترِقُ
    ثالثاً: يعزز من جواز الاستدلال بهذه الآية على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف إظهاراً للسرور والفرح والابتهاج بمولده  وبكل ما هو مظهر من مظاهر فضل الله تعالى ورحمته الحديث المذكور في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي: (حَدّثَنَا الْحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ حدثنا عَلِيّ بنُ الْحُسَيْنِ بنِ وَاقِدٍ حَدّثنِي أَبي قال حدّثنِي عَبْدُ اللّهِ بن بُرَيْدَةَ قالَ: سَمِعْتُ بُرَيْدَةَ يَقُولُ: "خَرَجَ رسُولُ اللّهِ  في بَعْضِ مَغَازِيهِ فَلَمّا انْصَرَفَ جَاءَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي كُنْتُ نَذْرتُ إِنْ رَدّكَ اللّهُ صَالِحاً أنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْكَ بالدّفّ وَأَتغَنّى. فَقَالَ لها: رَسُولُ اللّهِ  إنْ كُنْتِ نَذَرْت فَاضْرِبي وإلاّ فَلاَ، فَجَعَلَتْ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمّ دَخَلَ عَلِيّ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمّ دَخَلَ عُثْمانُ وَهِي تَضْرِبُ ثُمّ دَخَلَ عُمَرُ فَأَلْقَتِ الدّفّ تَحْتَ اسْتِهَا ثُمّ قَعَدَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ : إنّ الشّيْطَانَ لَيَخَافُ مِنْكَ يَا عُمَرُ إِنّي كُنْتُ جَالِساً وَهِيَ تَضْرِبُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمّ دَخَلَ عَلِيّ وَهِيَ تَضْرِبُ ثُمّ دَخَلَ عُثْمَانُ وَهِيَ تَضْرِبُ فَلَمّا دَخَلْتَ أَنْتَ يَا عُمَرُ ألْقَتْ الدّفّ".

    قال أبو عيسى: هَذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ. وفي البابِ عَن عُمَرَ وسعد بن أبي وقاص وَعَائِشَةَ ) انتهى. والحديث رواه أحمد وفي نصب الراية للزيلعي عقب على الحديث بقوله: (كما رواه ابن أبي شيبة حدثنا زيد بن الحباب عن حسين بن واقد به، وزاد: فضربت، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عمر، وهي تضرب، فألقت الدف، وجلست عليه، فقال عليه السلام: إني لأحسب الشيطان يفرق منك يا عمر، قال: وهذا حديث صحيح، انتهى كلامه) انتهى.


    فهذه الجارية قد فرحت بعودته  سالماً من إحدى غزواته وعبرت عن فرحها على الصورة الواردة في الحديث ولم ينكر عليها رسول الله  بل أجاز لها ذلك. فكيف يعاب وينكر علينا إظهار الفرح بمولده  في ذكرى مولده الشريف وإن كان ذلك بضرب الدفوف كما فعلت الجارية بين يديه .


    وفي البداية والنهاية للإمام ابن كثير: (وقال البيهقي أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن مطر سمعت أبا خليفة يقول سمعت ابن عائشة يقول لما قدم رسول الله  المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن:
    طلع البدر علينا ***** من ثنيات الوداع
    وجب الشكر علينا **** ما دعا لله داع
    قال البيهقي وهذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة من مكة لا أنه لما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك والله اعلم ) انتهى. فها هم الصحابة قد فرحوا بمقدمه  عليهم فاستقبلوه بالفرح والسرور والإنشاد ولم ينكر عليهم رسول الله  ذلك. فكيف يعاب وينكر علينا إظهار الفرح بمولده  في ذكرى اليوم الذي شهد مقدمه  إلى الوجود بإلقاء المدائح والأشعار كما فعل صحابته ذلك عند مقدمه المدينة .


    وفي البداية والنهاية أيضاً في ذكر توبة كعب بن مالك بعد تخلفه عن غزوة تبوك: (فلما صليت الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع يقول بأعلى صوته يا كعب ابشر فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج وآذن رسول الله للناس بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يباشروننا وذهب قبل صاحبي مبشرون وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشراه والله ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى رسول الله  فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة يقولون ليهنك توبة الله عليك قال كعب حتى دخلت المسجد فإذا برسول الله  جالس حوله الناس فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها لطلحة قال كعب فلما سلمت على رسول الله  قال رسول الله  وهو يبرق وجهه من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك قال قلت أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله قال لا بل من عند الله وكان رسول الله  إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه فلما جلسنا بين يديه قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله قال رسول الله  أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك قلت فإني أمسك سهمي الذي بخيبر وقلت يا رسول الله إن الله إنما نجاني بالصدق وإن من توبتي ألا أتحدث إلا صدقا ما بقيت ) انتهى.


    فهذا الصحابي كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه وأرضاه قد فرح بتوبة الله تعالى عليه حتى كان من فرحه أن خلع ثوبه وكسا به من جاءه مبشراً وها هم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وكذلك النبي  يصافحون كعباً ويهنئونه على توبة الله تعالى عليه. فكيف يعاب وينكر علينا إظهار الفرح بمولده  في ذكرى مولده الشريف سواء كان ذلك بالصدقة كما فعل كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه وأرضاه أو بتبادل التهاني في هذا اليوم كما فعل النبي  والصحابة ذلك مع كعب بن مالك رضي الله تعالى عنهم أجمعين في يوم توبته.


    رابعاً: إن قول القائل الرحمة للناس لم تكن بولادة النبي وإنما كانت ببعثته وإرساله إليهم تؤكد من مشروعية الاحتفال بمولده  لأن الاحتفال بيوم مولده أو بيوم بعثته هما وجهان لعملة واحدة وفي هذا المعنى يقول الشيخ الدكتور محمد علوي المالكي: (أن تعظيمه  مشروع ، والفرح بيوم ميلاده الشريف بإظهار السرور وصنع الولائم والاجتماع للذكر وإكرام الفقراء من أظهر مظاهر التعظيم والابتهاج والفرح والشكر لله بما هدانا لدينه القويم وما منّ به علينا من بعثه عليه أفضل الصلاة والتسليم ) انتهى.


    ويتضح المعنى أكثر من كلام الأستاذ البشير المحمودي: (إن الاحتفال بذكرى مولد الرسول  ليس لذاته الجسمية وإنما هو لروحه الملكوتية العلوية فنحن لا نحب النبي  لذاته وإنما نحبه لربه. و قد بين  كيفية وأسباب حبنا لله وحبنا لرسوله  فعن ابن عباس قال: قال رسول الله : أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي. أخرجه الترمذي وحسنه والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب فنحن لا نحبه لأنه محمد بن عبد الله ولكننا نحبه لأنه رسول الله  ونحبه لأنه مبلغ عن الله تعالى، وأنه حبيب الله عز وجل، و نحبه لأن محبته طاعة لله سبحانه و تعالى.

    إن الاحتفال بمولد الرسول  هو احتفال و تذكر لنعم الله كما أمر الله أن نتذكرها و نشكرها. و لذا ينبغي أن يكون هذا الاحتفال مصحوبا بالدروس و العظات و المحاضرات و الندوات و العلم و الذكر و القرآن و البر و الإنفاق و الإحسان و التصافح و التسامح بين الإخوان ) انتهى.


    خامساً: يقول الشيخ الحبيب علي الجفري: ( إن قول سيدنا العباس رضي الله عنه:
    وأنت لمّا وُلدتَ أشرقت ا **** لأرضُ فضاءت بنورِها الأفقُ
    فنحن في ذلك الضياء وفي ***** النّورِ وسُبْلِ الرشادِ نَخْترِقُ
    يدل على أن اعتقاد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين بأن أنوار الهداية والرشاد بدأت بولادة الحبيب.

    وسيدنا العباس رضي الله تعالى عنه في البيت الأخير ذكر بأنهم (أي الصحابة رضي الله عنهم) في ذلك الضياء وكانت هذه القصيدة بعد غزوة تبوك في أواخر حياة المصطفى  وهذا اعتقاد من عاصر النبي  وعاشره وشرب من كؤوس قربه وليس كما يدّعي البعض هداهم الله بأن ذلك كان بالبعثة وليس بالولادة. وذكر أيضاً بأن سيدنا العباس رضي الله عنه وأرضاه بعد قول النبي  له ((قل لا يفضض الله فاك )) ما سقطت له سِنّة حتى توفي رضي الله تعالى عنه وأرضاه وعمره اثنان وثمانون عاماً ) انتهى.

    سادساً: يقول الإمام عز الدين ماضي أبو العزائم: ( قال سبحانه " قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين " فالمسيح عليه السلام اتخذ نزول المائدة السماوية والبركة الإلهية عيداً لأنه سبحانه أكرمه وأكرم تلاميذه بهذه المائدة فإذا كانت المائدة السماوية سبباً لاتخاذ يوم نزولها عيداً فلماذا لا يجوز أن نتخذ يوم البعثة النبوية أو المولد النبوي الذي هو يوم البركة ويوم نزول المائدة المعنوية عيداً؟! هل يستطيع أن يدعي أحد أن وجود رسول الله  وما جاء به من شريعة عظيمة خالدة أقل بركة من المائدة المادية التي نزلت على المسيح عليه السلام وتلاميذه؟! ) انتهى.


    _____________________
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الرد الحادي عشر :-

    . وفي معرض الرد على من قال أن الرسول  لم يصم يوم ولادته وهو اليوم الثاني عشر من ربيع الأول إن صح أنه يوم ولادته وإنما صام يوم الاثنين الذي يتكرر مجيئه في كل شهر نورد ما يلي:


    أولاً: قال الأستاذ البشير المحمودي: ( تحدث العلامة محمد بن عبد الله ابن الحاج الفاسى القيرواني التلمساني المالكي (ت 714 هـ) في كتابه المدخل عن تعظيم شهر ربيع الأول وحث على تكريمه و احترامه و الإكثار من فعل الخيرات، فيه لأنه وقع فيه مولد الرسول ، شكرا لله على أن أولانا هذه النعمة العظيمة، و ذكر إشارة الحديث النبوي إلى فضيلة يوم ولادته و شهرها بقوله  لمن سأله عن صوم يوم الاثنين فقال: "ذاك يوم ولدت فيه" ) انتهى.

    وكذلك يقول الإمام عز الدين ماضي أبوالعزائم والشيخ الدكتور محمد علوي المالكي: (أنه  كان يعظّم يوم مولده، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه، وتفضّله عليه بالوجود لهذا الوجود، إذ سعد به كل موجود، وكان يعبّر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في الحديث .. وهذا في معنى الاحتفال به إلا أن الصورة مختلفة ولكن المعنى موجود سواء كان ذلك بصيام أو إطعام أو اجتماع على ذكر أو صلاة على النبي  أو سماع شمائله الشريفة ) انتهى.


    ثانياً: لا فرق بين الاحتفال بيوم الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام على أنه يوم المولد النبوي الشريف وبين صيام يوم الاثنين من كل أسبوع لأنه يوم مولده  فالعبرة بأصل الاحتفاء بيوم مولده  كما يفهم من الحديث.

    ثالثاً: إذا كان الاعتراض على تخصيص يوم المولد النبوي الشريف بالصيام فلا مانع من ذلك شرعاً لأن صيام التطوع جائز في كل وقت عدا الأيام المنهي عنها وقد تم الكلام على ذلك عند الحديث على قضية التخصيص.

    رابعاً: إذا كان الاعتراض هو على عدم التأسي بالنبي  في كيفية احتفاله بيوم الاثنين يوم مولده وذلك بصيام الاثنين من كل أسبوع فنقول في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله  كان يقوم من الليل حتى تفطر قدماه؛ فقالت له عائشة رضي الله عنها: أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: (أفلا أكون عبدا شكورا). فقد كان شكره  لربه على ما أنعم عليه ليس كشكر أحدنا فقد كان يقوم من الليل كما في الحديث السابق حتى تفطر قدماه كيف وهو كما قال عن نفسه : ( أما والله إني لأتقاكم لله وأشدكم خشية له ) وكذلك كان في صيامه  ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله  يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله  استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان. وكذلك سائر عباداته  فلا تقاس عليها عبادة أحد من سائر المسلمين فقد أوتي من الجهد والطاقة ما يعينه على ذلك فهو سيد أولي العزم من الرسل والخلق أجمعين ويؤكد هذا المعنى ما ورد عن سيدنا أنس رضي الله تعالى عنه وأرضاه قال: قال رسولُ الله : "لا تُوَاصِلُوا، قالُوا فإِنّكَ تُوَاصِلُ يا رسولَ الله قال: إِنّي لَسْتُ كَأَحَدِكُمْ إِنّ رَبّي يُطْعِمُني ويَسْقِيني".
    فمن وسعه صيام الاثنين من كل أسبوع أو من كل شهر فبها ونعمة ومن لم يسعه إلا صيام يوم مولده الذي يصادف الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام فإن الله تعالى يقول " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها " والرسول الكريم  يقول: " اتقوا الله ما استطعتم " وما لا يدرك كله لا يترك كله بل من لم يستطع صيام ذلك اليوم كلية فلا إثم عليه لأن صيام التطوع نافلة وليس بفرض ولكن التطوع بالنوافل مما يحبه الله تعالى، ويقرب إلى رضوانه. وفي الحديث القدسي الذي رواه البخاري: ( ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ).
    خامساً: قال الشيخ سعيد حوى: ( من المعروف أن ابن الحاج في مدخله كان من أشد الناس حربا على البدع، ولقد اشتد رحمه الله بمناسبة الكلام عن المولد على ما أحدثوه فيه من أعمال لا تجوز شرعا من مثل استعمال لآلات الطرب، ثم قال: فآلة الطرب والسماع أي نسبة بينهما وبين تعظيم هذا الشهر الكريم الذي من الله تعالى علينا فيه بسيد الأولين والآخرين. فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير، شكرا للمولى سبحانه وتعالى على ما أولانا من هذه النعم العظيمة، وإن كان النبي  لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئا من العبادات، وما ذاك إلا لرحمته  بأمته ورفقه بهم، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترك العمل خشية أن يفرض على أمته رحمة منه بهم، كما وصفه المولى سبحانه وتعالى في كتابه حيث قال: (بالمؤمنين رؤوف رحيم) لكن أشار عليه الصلاة والسلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله عليه الصلاة والسلام للسائل الذي سأله عن صوم يوم الإثنين، فقال له عليه الصلاة والسلام: (ذلك يوم ولدت فيه) فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي ولد فيه. فينبغي أن نحترمه حق الاحترام، ونفضله بما فضل الله به الأشهر الفاضلة، وهذا منها لقوله عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" ولقوله عليه الصلاة والسلام: "آدم ومن دونه تحت لوائي". وفضيلة الأزمنة والأمكنة تكون بما خصها الله تعالى به من العبادات التي تفعل فيها لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تتشرف لذاتها، وإنما يحصل لها الشرف بما خصت به من المعاني. فانظر رحمنا الله وإياك إلى ما خص الله تعالى به هذا الشهر الشريف ويوم الإثنين، ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم، لأنه  ولد فيه، فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به وذلك بالاتباع له  في كونه عليه الصلاة والسلام كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات. ألا ترى إلى ما رواه البخاري ـ رحمه الله تعالى: "كان النبي  أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان" فنتمثل تعظيم الأوقات الفاضلة بما امتثله عليه الصلاة والسلام على قدر استطاعتنا ) انتهى.


    سادساً: وأما ما ذكره المنكرون حول ما يتعلق بالمولد النبوي الشريف من اختلاف الروايات حول تاريخ مولده  فصحيح أنه اختلف في تاريخ مولده كما ذكر المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: (قال ابن الجوزي في التلقيح: اتفقوا على أن رسول الله  ولد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول عام الفيل واختلفوا فيما مضى من ذلك لولادته على أربعة أقوال أحدها أنه ولد لليلتين خلتا منه، والثاني لثمان خلون منه، والثالث لعشر خلون منه، والرابع لإثنتي عشرة خلت منه) انتهى.

    إلا أنه في البداية والنهاية لابن كثير ذكر عدة أقوال في تاريخ مولده منها مايلي: ( وقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عثمان عن سعيد ابن مينا عن جابر وابن عباس قالا ولد رسول الله  عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الاول وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء وفيه هاجر وفيه مات فيه انقطاع وقد اختاره الحافظ عبد الغني بن سرور المقدسي في سيرته وهذا هو المشهور عند الجمهور والله أعلم ) انتهى.


    وفي السيرة النبوية لابن هشام: ( قال: حدثنا أبو محمد عبد الملك ابن هشام قال: حدثنا زياد بن عبد الله البكائي محمد بن إسحاق قال: ولد رسول الله  يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل ) انتهى.

    والإمام المناوي ذكر في فيض القدير شرح الجامع الصغير: ( الأصح أنه ولد بمكة بالشعب بعيد فجر الاثنين ثاني عشر ربيع الأول عام الفيل ولم يكن يوم جمعة ولا شهر حرام دفعاً لتوهم أنه شرف بذلك الزمن الفاضل فجعل في المفضول لتظهر به على رتبته على الفاضل ونظيره دفنه بالمدينة دون مكة إذ لو دفن بها لقصد تبعاً ) انتهى.


    ولو لم يصح ما ذهب إليه الجمهور من ترجيح كونه يوم الثاني عشر من ربيع الأول وهو ما عليه المسلمون منذ قرون إلى يومنا هذا فهذا لا يغير من الأمر شيء إذ ليست هناك عبادات مخصوصة بهذا اليوم بما يجب معه تحري تاريخ هذا اليوم بعينه بما يبطل معه الاحتفال في غيره إذ العبرة بأصل الاحتفال والسرور بذكرى يوم مولده  لا بموافقة ذات اليوم على الحقيقة كما هو الحال في تحري ليلة القدر. أرأيت لو أن زوجين قد اعتادا على أن يحتفلا بعيد زواجهما في كل عام ثم اتفق أن وافق في ذلك اليوم ما يشغلهم عن الاحتفال به فاتفقا على الاحتفال في يوم آخر أيغير هذا من قيمة الاحتفال بالذكرى وفرحتها وخصوصيتها في شيء؟!!.


    وإذا أخذنا بالقول بخصوصية هذه الليلة على التعيين وأن لها بركة مخصوصة وفضلاً وشرفاً بما شرفها الله تعالى بمولده  ( وقد ذهب الحافظ ابن حجر إلى ذلك استدلالاً من صوم عاشوراء شكراً لله على نصره لسيدنا موسى عليه وعلى رسولنا أفضل وأزكى وأتم التسليم وإغراقه فرعون فقال: ( وأي نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبي نبي الرحمة في ذلك اليوم وعلى هذا فينبغي أن يتحرى اليوم بعينه حتى يطابق قصة موسى في يوم عاشوراء ) انتهى.


    ) كان هذا أدعى لالتماس بركة هذا اليوم في كامل شهر الربيع - أخذاً بالأحوط في الخلاف الدائر في تاريخ مولده  إذ الخلاف محصور في هذا الشهر والقول بولادته  في غير هذا الشهر قول مطروح عند أهل التحقيق - لا إلى ترك الاحتفال بالكلية.
    ____________________________


    الرد الثاني عشر :-


    . في معرض الرد على ما قيل حول قصة عتق ثويبة نورد ما يلي:

    أولاً: قال الإمام ابن كثير في البداية والنهاية: ( وذكر السهيلي وغيره إن الرائي له هو أخوه العباس وكان ذلك بعد سنة من وفاة أبي لهب بعد وقعة بدر وفيه أن أبا لهب قال للعباس انه ليخفف علي في مثل يوم الاثنين قالوا لأنه لما بشرته ثويبة بميلاد ابن أخيه محمد بن عبدالله أعتقها من ساعته فجوزي بذلك لذلك) انتهى. ‏


    ثانياً: يقول الشيخ الدكتور محمد علوي المالكي: ( والحاصل أن هذه القصة مشهورة في كتب الأحاديث وفي كتب السير ونقلها حفاظ معتبرون معتمدون مثل الإمام عبد الرزاق الصنعاني والإمام البخاري والحافظ ابن حجر والحافظ ابن كثير والحافظ البيهقي وابن هشام والسهيلي والحافظ البغوي وابن الديبع الشيباني صاحب جامع الأصول والإمام الأشخر والعامري ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر الدين الدمشقي:
    إذا كان هذا كافـراً جاء ذمـه بتبّت يداه في الجحيم مخلّدا
    أتى أنه في يوم الاثنين دائـمـا ***** يُخفّف عنه للسرور بأحمدا
    فما الظن بالعبد الذي كان عمره ***** بأحمد مسرورا ومات موحّدا
    ويكفي في توثيقها كون البخاري نقلها في صحيحه المتفق على جلالته ومكانته وكل ما فيه من المسند صحيح بلا كلام حتى المعلقات والمرسلات فإنها لا تخرج عن دائرة المقبول ولا تصل إلى المردود وهذا يعرفه أهل العلم المشتغلون بالحديث والمصطلح والذين يعرفون معنى المعلق والمرسل ويعرفون حكمها إذا جاءت في الصحيح. ثم إن هذه المسألة من المناقب والفضائل والكرامات التي يذكرها العلماء في كتب الخصائص والسير ويتساهلون في نقلها ولا يشترطون فيها الصحيح بالمعنى المصطلح عليه.

    أما قول من قال: إن هذا الخبر يعارض قوله تعالى " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " فتحرير الكلام في هذا المقام هو أن الآية تدل على أن أعمال الكفار لا ينظر إليها وليس فيها أنهم سواء في العذاب وأنه لا يخفف عن بعضهم العذاب كما هو مقرر عند العلماء وكذلك الإجماع الذي حكاه عياض بقوله (انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب وإن كان بعضهم أشد عذاباً من بعض) فإنه في عموم الكفار وليس فيه أن الله تعالى لا يخفف العذاب عن بعضهم لأجل عمل عملوه ولهذا جعل الله تعالى جهنم دركات والمنافقون في الدرك الأسفل منها. ثم إن هذا الإجماع يرده النص الصحيح وذلك إنه ثبت في الصحيح أن رسول الله  سئل: هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويدافع عنك؟ فقال: وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح منها.


    فالتخفيف عن أبي لهب من هذا الباب أيضا لا منكر فيه والحديث يدل على أن الآية المذكورة فيمن لم يكن لهم عمل يوجب التخفيف وكذلك الإجماع. وأما قول من قال: إن هذا الخبر رؤيا منام لا يثبت بها حكم فإن هذا القائل هداه الله إلى الصواب لا يفرق بين الأحكام الشرعية وغيرها أما الأحكام الشرعية فإن الخلاف واقع بين الفقهاء: هل يجوز أخذ الأحكام وتصحيح الأخبار برؤيا رسول الله  في المنام أم لا؟ وأما غيرها فإن الاعتماد على الرؤيا في هذا الباب لا شيء فيه مطلقاً.

    وأما قول من قال إن الرائي والمخبر هو العباس في حال الكفر والكفار لا تسمع شهادتهم ولا تقبل أخبارهم فإن هذا قول مردود لا رائحة للعلم فيه وهو باطل ذلك لأنه لم يقل أحد أن الرؤيا من باب الشهادة مطلقاً وإنما هي بشارة لا غير فلا يشترط فيها دين ولا إيمان بل ذكر الله تعالى في القرآن معجزة يوسف عليه السلام عن رؤيا ملك مصر وهو وثني لا يعرف ديناً سماوياً مطلقاً ومع ذلك جعل الله تعالى رؤيته المنامية من دلائل نبوة يوسف عليه السلام وفضله وقرنها بقصته ولو كان ذلك لا يدل على شيء لما ذكرها الله تعالى لأنها رؤيا مشرك وثني لا فائدة فيها لا في التأييد ولا في الإنكار.

    والعجب كل العجب من قول القائل: إن العباس رضي الله تعالى عنه رأى ذلك في حال كفره والكفار لا تسمع شهادتهم ولا تقبل أخبارهم فإن هذا القول يدل على عدم المعرفة بعلم الحديث إذ المقرر في المصطلح أن الصحابي أو غيره إذا تحمل الحديث في حال كفره ثم روى ذلك بعد إسلامه أخذ ذلك عنه وعمل به ) انتهى بتصرف.


    ولا نضيف على هذا سوى الرد على من احتج بقوله تعالى " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " سببا في رفض قصة ثويبة فنقول إن الاحتجاج بالآية مردود لأنها تتحدث عن الحساب يوم القيامة وفي ذلك يذكر الإمام جلال الدين السيوطي في كتابه الدر المنثور في التفسير بالمأثور: ( وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال: هو الكافر يعطي كتابه يوم القيامة فينظر فيه فيرى فيه كل حسنة عملها في الدنيا، فترد عليه حسناته، وذلك قول الله تعالى: " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا " (سورة الفرقان الآية 23) فأبلس واسود وجهه، وأما المؤمن فإنه يعطى كتابه بيمنيه يوم القيامة فيرى فيها كل خطيئة عملها في دار الدنيا ثم يغفر له ذلك وذلك قول الله: " فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات " (سورة الفرقان الآية 70) فابيض وجهه واشتد سروره ) انتهى.

    أما قصة ثويبة فيفهم منها أنه يخفف عنه في القبر أي يخفف عنه من عذاب القبر وهو ما لا تتعلق به الآية ويؤيد هذا المعنى من جواز تخفيف عذاب القبر على الكافر ما ذكره السيوطي في تفسيره حيث قال: (وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: ينامون نومة قبل البعث، فيجدون لذلك راحة فيقولون " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ".

    وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه في الآية قال: كانوا يرون أن العذاب يخفف عنهم ما بين النفختين، فلما كانت النفخة الثانية، قالوا " يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ") انتهى .


    كما يفهم من القصة أن هذا التخفيف هو كرامة للمصطفى  وليس لفعل أبي لهب في حد ذاته، وعليه يمكن تفسير القصة بما لا يتعارض مع الآية على أن تخفيف الله تعالى للعذاب عن أبي لهب في كل يوم اثنين هو تفضل منه سبحانه وتعالى وكرامة منه لنبيه  وإلا فإن عمل أبي لهب في حد ذاته في ميزان عدل الله تعالى هباء منثور.

    وفي صحيح مسلم والبخاري وغيرهما عن النبي  (لن ينجي أحدا منكم عمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ ! قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه) فالذي خفف عن أبي لهب في قبره هو ليس عمله حتى يحتج بالآية بل رحمة الله تعالى وتفضله وكرامته لنبيه  وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله تعالى أعلم.
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الرد الثالث عشر :-


    . وفي معرض الرد على من قال أن أول من أحدث فعل ذلك - أي فعل المولد - صاحب إربل الملك المظفر نورد ما يلي:
    أولاً: يقول الإمام العلامة زين الدين المخدوم الفناني في كتابه البنيان المرصوص في شرح المولد المنقوص نقلاً لكلام الخطيب الشيخ عبد القادر محمد عبد القادر مسليار: ( وما كان المسلمون الأولون في القرون الثلاثة الأولى يفكرون في تعيين زمن خاص يذكرون فيه الناس بعظمة سيدنا محمد  لأنهم يحتفلون به في كل وقت وحين. فلما أضحت الحياة بعد ذلك لاهية والقلوب سقيمة احتاج الناس إلى الذكرى. من هنا استحسن العلماء هذا التقليد الجديد (لاحظ قوله التقليد ولم يقل العبادة) وهو الاحتفال بالمولد النبوي منذ القرن الرابع الهجري وأقره العلماء وصنفوا فيه الكتب ولله در من قال:
    واعلم بأن من أحب أحمدا ** لابد أن يهوى اسمه مرددا
    لذلك أهل العلم سنوا المولدا
    … وقال آخر في بعض رسائله عن الدكتور حسن إبراهيم حسن أنه روى عن الإمام الزاهد عبيد الله بن الحسين أبو الحسن الكرخي الذي انتهت إليه رياسة المذهب الحنفي أنه رحمه الله كان يولي يوم مولد الرسول  ما هو خليق به من تعظيم وتقديس وقد احتفل المسلمون منذ ذلك الحين بليلة مولد الرسول  انتهى ما ذكره الدكتور

    وهذا الحين الذي هو كبداية لاحتفال المسلمين بالمولد كان بعد ثلاثمائة وأربعين سنة من الهجرة وهو العام الذي توفي فيه هذا الإمام الحنفي اه.

    وفي الروضتين للإمام أبي شامة وكتاب البداية والنهاية للإمام ابن كثير رحمهما الله تعالى والعبارة للأول: وللعلامة العابد الزاهد عمر الملا الموصلي رحمه الله المتوفي سنة خمسمائة وسبعين هجرية دعوة يحتفل بها في أيام مولده  يحضر فيها صاحب الموصل والعلماء والفقهاء والأمراء ويحضر الشعراء وينشدون مدح رسول الله  في ذلك المحفل.

    طالع ذينك الكتابين قال الإمام أبو شامة رضي الله عنه في كتاب الباعث: تابع صاحب إربل الملك مظفر في احتفاله بمولده  هذا الإمام الزاهد الموصلي عمر الملا الخ. واحتفل بعدهما ملوك الإسلام احتفالاً عظيماً.

    وذكر العلامة الجليل في خلاصة الأثر عن ملوك حيدرا بالدكن أنهم يحتفلون بمولده  احتفالاً عظيماً اه. فالاحتفال بالمولد الشريف مما شاع وذاع في كل البلاد بلا نكير ) انتهى بتصرف.
    ثانياً: التسليم بأن أول من أحدث المولد هو صاحب أربل ليس فيه مأخذ على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف خاصة إذا علم من سيرة هذا الرجل الصلاح ففي نشرة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المشار إليها سابقاً ما نصه: (مهد المغرضون لنشر باطلهم ولو بالتدليس كعادتهم على عامة المسمين وقليلي الفهم منهم،حيث قالوا بالحرف الواحد: (( إن الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (11-172) قال إن الدولة الفاطمية العبيدية المنتسبة إلى عبيد الله بن ميمون القداح اليهودي والتي حكمت مصر من سنة (357-567هـ) أحدثوا احتفالات بأيام كثيرة، ومنها الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى.

    هذا ما نقلوه عن الحافظ ابن كثير. وحسب المرجع الذي أشاروا إليه نقول لكم: كذبتم والله!! فإننا وجدنا ما ادعيتموه على الحافظ وما نقلتموه عنه إنما هو عين الكذب والافتراء والتدليس والخيانة في النقول عن علماء الامة.

    وإن كنتم مصرين على ذلك فنقول لكم: أخرجوه لنا إن كنتم صادقين.وأين أنتم من ادعائكم بأنكم ستناقشون هذه القضية بعدل وإنصاف وتجرد عن كل هوى بل إنه عين التعصب المخزي والهوى الممقوت.

    فكيف نأمن بعد ذلك يا أخي المسلم. لمثل هؤلاء في نقولهم عن علماء الأمة.
    وإليك أخي المسلم الرأي الحقيقي للحافظ ابن كثير في عمل المولد ونشأته, والذي أخفاه من يدعي مناقشة الموضوع بعدل وإنصاف. قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية) 13-136 طبعة دار المعارف, ما نصه:
    ( الملك المظفر أبو سعيد كوكبري, أحد الأجواد و السادات الكبراء والملوك الأمجاد, له آثار حسنة ( أنظر إلى قوله آثار حسنة) وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا, وكان مع ذلك شهما شجاعا فاتكا عاقلا عالما عادلا, رحمه الله وأحسن مثواه) إلى أن قال: (( وكان يصرف في المولد ثلاثمائة ألف دينار )) أه.
    فانظر رحمك الله الى هذا المدح والثناء عليه من ابن كثير إذ أنه وصفه بأنه عالم، عادل، شهم, شجاع, إلى قوله: رحمه الله وأحسن مثواه، ولم يقل: زنديق، فاجر فاسق، مرتكب للفواحش والموبقات كما هي دعوى المعارض فيمن يقول بعمل المولد الشريف!! وأحيل القارئ إلى نفس المرجع فهناك كلام أعظم مما ذكرت في حق الإمام الجليل لم أنقله خوف الإطالة.

    وانظر الى قول الإمام الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (22-336) عند ترجمة الملك المظفر ما نصه: كان متواضعا، خيرا سنيا، يحب الفقهاء والمحدثين)) ) انتهى. وفي هذا أيضاً يورد الإمام عز الدين ماضي أبو العزائم ما نصه: (أول من أحدث عمل المولد صاحب أربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين على أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وكان له آثار حسنة وهو الذي عمر الجامع المظفري بسطح قايسون. قال ابن كثير في تاريخه: كان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً وكان شهماً شجاعاً بطلاً عاقلاً عالماً عادلاً.

    وقد صنف له الشيخ أبو الخطاب بن دحية مجلداً في المولد النبوي سماه (التنوير في مولد البشير النذير) فأجازه على ذلك بألف دينار وقد طالت مدته في الملك إلى أن مات وهو محاصر للإفرنج بمدينة عكا سنة ثلاثين وستمائة محمود السيرة والسريرة وقال سبط بن الجوزي في مرآة الزمان: كان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية فيخلع عليهم وكان يصرف على المولد في كل سنة ثلاثمائة ألف دينار وكان له دار ضيافة للوافدين من أي جهة على أي صفة فكان يصرف على هذه الدار في كل سنة مائة ألف دينار وكان يصرف على الحرمين والمياه بدرب الحجاز في كل سنة ثلاثين ألف دينار هذا كله سوى صدقات السر وحكت زوجته ربيعة خاتون بنت أيوب أخت الملك الناصر صلاح الدين أن قميصه من كرباس غليظ لا يساوي خمسة دراهم قالت: فعاتبته في ذلك فقال: ألبس ثوباً بخمسة وأتصدق بالباقي خير من أن ألبس ثوباً مثمناً وأدع الفقير والمسكين ) انتهى.


    ثالثاً: ذكر الشيخ هشام قباني في معرض حديثه عن تاريخ الاحتفال بالمولد ما نصه: ( مكة أم القرى زادها الله رفعة وشرفاً هي رائدة المدن الإسلامية في الاحتفال بالمولد وغيره وقد ذكر الأزرقي وهو من مؤرخي القرن الثالث الهجري في كتابه أخبار مكة (ص160 الجزء الثاني) أنه من بين الأماكن التي تستحب الصلاة فيها المنزل الذي ولد فيه النبي  وقال أيضاً بأن المنزل قد تم تحويله سابقاً إلى مسجد على يد أم الخليفتين موسى الهادي وهارون الرشيد.

    كما ذكر النقاش وهو من علماء القرآن (ص266-351) بأن موضع ولادة النبي  هو مكان يستجاب فيه الدعاء عند الظهر من كل يوم اثنين ذكره الفاسي في كتاب شفاء الغرام (ص199 الجزء الأول) وغيره ) انتهى.


    فتأمل ما ذكره الفاسي (وهو تقي الدين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن الفاسي الشريف الحسني الحافظ القاضي نزيل مكة المتوفى سنة اثنين وثلاثين وثمانمائة كما وردت ترجمته في الرسالة المستطرفة لمحمد بن جعفر الكتاني) وما ذكره الأزرقي في كتابه أخبار مكة ( وهو الإمام أبو الوليد محمد بن عبد الكريم الأزرقي المتوفى سنة ثلاث وعشرين ومائتين (أي من القرون الخيرية الأولى) كما وردت ترجمته في كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون وقيل أن اسمه هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق الغساني المكي كما في فيض القدير شرح الجامع الصغير للإمام المناوي. وقيل اسمه هو محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق الغساني الملكي كما ترجم له ابن النديم في كتابه الفهرست.


    وقد اختلف في تاريخ وفاته فقد كان الفاسي ( وهو يعتقد أنه كان على قيد الحياة حتى سنة 248 هـ كما في كتابه العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين. وقال خير الدين الزر?لي: إن وفاته كانت حوالي سنة 250 للهجرة، وتعرّض إلى اختلاف الأقوال فيه كما في كتابه الأعلام. ويقول محمد علي مهدوي عن كتابه أخبار مكة: (كان هذا الكتاب النفيس على الدوام موضع اهتمام العلماء والمحدّثين والمؤرّخين، فقد استفاد منه الكثيرُ من الباحثين واستندوا إليه في تنظيم بحوثهم. قرأه عبد الكريم بن محمّد السمعاني، وهو مؤرخ وكاتب سيرة واسع الاطلاع، على بعض المحدثين، وكان يقول عنه كما في كتابه الأنساب: محمّد بن عبد الله الأزرقي حفيد أحمد بن محمّد الأزرقي، صاحب كتاب «أخبار مكّة» كتبه بمنتهى الروعة والدقّة) انتهى بتصرف.

    ويقول الدكتور محمد بن صامل السلمي في منهج كتابة التاريخ الإسلامي: (وأقدم من ترجم للأزرقي هو ابن النديم وقد ذكر له ( كتاب مكة وأخبارها وجبالها وأوديتها) ووصفه بأنه كبير، ثم أبو سعيد السمعاني في كتاب الأنساب، الذي أثنى فيه على كتابه (أخبار مكة ) وقال: ( قد أحسن في تصنيف ذلك الكتاب غاية الإحسان) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .. ولم يعرف للأزرقي من المؤلفات سوى كتاب (أخبار مكة) وهو ثابت بالنسبة له ومعروف ومتداول بين العلماء، والنقل عنه في كتبهم مشهور مستفيض، وهو أول كتاب وصل إلينا عن تاريخ مكة وخططها) انتهى بتصرف.


    وفي مغني المحتاج للخطيب الشربيني: (ثم بعد الرمي ينصرفون فينزلون موضعا بمنى والأفضل منها منزل النبي  وما قاربه. قال الأزرقي ومنزله  بمنى عن يسار مصلى الإمام ) انتهى. فانظر استجباب الخطيب الشربيني الفقيه الشافعي النزول عند منزل النبي  بمنى.

    ولكن للأسف تم هدم المسجد الذي بني في موضع مولده  في القرون المتأخرة على يد من خالفوا سيرة ونهج السلف الصالح إذ يقول الأستاذ لؤي طلال يحيى عبده ما نصه: ( المولد النبوي الشريف....هو المكان الذي ولد فيه رسول الله  معروف معلوم في فم شعب علي وهو الشعب الذي كان يسكنه بنو هاشم وفيه حاصرتهم قريش عند بعثته .

    وبني فوق المكان مسجدا ثم هدم لكثرة تبرك الناس به ثم بنيت في المكان عمارة جعلت مقرا لمكتبة مكة بناها الشيخ عباس القطان سنة 1371هـ من ماله الخاص وهذه قصة بناء المكتبة في مكان ولادته : كان الشيخ عباس قطان يتمنى أن يقيم في هذا المكان مكتبة عامة، و اتفق مع أصهاره/ آل الكردي، أن يشتري منهم مكتبة المرحوم الشيخ/ ماجد الكردي، الشهيرة بالمكتبة/ الماجدية، و هي من أثمن المكتبات الخاصة، و ينقل محتوياتها إلى هذه الدار، صيانة للموضع الذي ولد فيه الرسول الكريم ، من أن يبقى معرضا للإهمال و تكريما له بإقامة عمل نافع للناس فيه.

    و كانت العقبات التي واجهها الشيخ/ عباس قطان، لتحقيق هذه الأمنية الكبيرة كثيرة، و لكنه استمر في محاولاته تلك دون كلل أو ملل، فاستطاع بعد سنوات طويلة من الصبر و تصيد الفرص المناسبة، أن يحظى بموافقة جلالة المغفور له الملك عبد العزيز، للسماح له بإقامة المبنى الذي يريد.

    و ما أن حصل الإذن من جلالته بإقامة المبنى حتى سارع باتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك عام 1370هـ، و كان يشرف على البناء بنفسه في كل يوم راغبا في سرعة إنجازه و تحقيق الأمينة التي كان ينشدها برؤية المكتبة العامة مشيدة في موضع مولد النبي .

    و في يوم من أيام شهر رجب 1370م، ذهب كعادته لرؤية العمارة مصطحبا بعض أصدقائه، و لكنه شعر بألم مفاجئ، و هو واقف في الموقع، فقد فاجأته نوبة قلبية حادة، فأمسك به بعض الحاضرون من أبنائه و أصدقائه، و استدعى له أحد الأطباء، ثم نقل إلى بيته، و في اليوم التالي فارق الحياة، فكانت هذه العمارة التي تمنى أن ينشئها هي الخاتمة السعيدة لحياته، و لقد قام أبناؤه من بعده بإكمال العمل الطيب الذي بدأه والدهم العظيم، كما نقلوا إليها المكتبة/ الماجدية، و سلمت إلى وزارة الحج و الأوقاف، و هي مفتوحة للجميع. نقلا عن كتاب/ أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر للهجرة، للأديب السعودي الكبير/ محمد علي مغربي، الطبعة الأولى 1401هـ – 1981م، من إصدارات إدارة النشر بشركة تهامة ، سلسلة الكتاب العربي السعودي ) انتهى. فتأمل الفرق بين ما ذكر من سبب هدم المسجد وما ذكرناه من قول الأزرقي والنقاش والشربيني!!.


    رابعاً: يقول الشيخ هشام قباني: ( إن أقدم المصادر التي ذكر فيها إقامة احتفال عام لذكرى المولد هو كتاب رحال لابن جبير (ولد عام 540 وتوفي عام 614 هـ) ويقول فيه (ص114،115): يفتح هذا المكان المبارك أي منزل النبي  ويدخله جميع الرجال للتبرك به في كل يوم اثنين من شهر ربيع الأول ففي هذا اليوم وذاك الشهر ولد النبي . وذكر أبو العباس العظافي وابنه أبو القاسم العظافي وهما من مؤرخي القرن السابع عشر في كتاب الدر المنظم والذي لم ير سبيله إلى النشر: كان الحجاج الأتقياء والمسافرون البارزون يشهدون أنه في يوم المولد في مكة لا يتم بيع ولا شراء كما تنعدم النشاطات ما خلا وفادة الناس إلى هذا الموضع الشريف.

    وفي هذا اليوم أيضاً تفتح الكعبة وتزار. ويروي ابن بطوطة المؤرخ الشهير من القرن الهجري الثامن في رحلته (الجزء الأول ص309-347): أنه بعد كل صلاة جمعة وفي يوم مولد النبي  يفتح باب الكعبة بواسطة كبير بني شيبة وهم حجاب الكعبة وأنه في يوم المولد يوزع القاضي الشافعي وهو قاضي مكة الأكبر نجم الدين محمد ابن الإمام محيي الدين الطبري (وهو خلاف الإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفي سنة 310 هـ صاحب التفسير المشهور) الطعام على الأشراف وسائر الناس في مكة.

    والوصف التالي يطابق رواية ثلاث شهود أعيان لمرجعيات من القرن العاشر الهجري وهم المؤرخ ابن زهيرة في كتابه الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها (ص326) والحافظ ابن حجر الهيثمي من كتاب لم ينشر له بعنوان كتاب المولد الشريف المعظم والمؤرخ النهروالي من كتابه الإعلام بأعلام بيت الله الحرام (ص205): في اليوم الثاني عشر لربيع الأول من كل عام وبعد صلاة المغرب يخرج قضاة المذاهب الأربعة في مكة مع أعداد غفيرة من الناس بما فيهم الفقهاء والفضلاء والشيوخ ومدرسي الزوايا وتلاميذهم وكذلك الرؤساء والمتعممين من المسجد ويقومون جميعاً بزيارة لموضع ولادة النبي  وهم يذكرون ويهللون أما البيوت التي تقع في طريقهم فتضاء جميعها بالمشاعل والشموع الكبيرة وتتواجد خارجها وحولها جموع غفيرة من الناس حيث يلبس الجميع ثياباً خاصة ويأخذون أولادهم معهم وعندما يصلون إلى موضع الولادة تلقى خطبة خاصة لذكرى مولد النبي  ثم يتم الدعاء للسلطان ولأمير مكة وللقاضي الشافعي ثم يصلي الجميع بخشوع ثم قبيل صلاة العشاء يعود الجميع إلى المسجد الكبير وهو يعج بالناس فيجلسون في صفوف متراصة عند أعتاب مقام إبراهيم وفي المسجد يبدأ الخطيب بالحمد والتهليل ثم الدعاء مرة أخرى للسلطان وللأمير وللقاضي الشافعي بعد ذلك يؤذن لصلاة العشاء ويتفرق الجمع بعد الصلاة. وجاء وصف مطابق لهذا في كتاب تاريخ الخميس للديار بكري المتوفي عام 960 هـ ) انتهى بتصرف.
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 رد : المولد النبوي في الإسلام .. بين البدعة و الإيمان 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الرد الرابع عشر :-


    . وفي معرض الرد على من أنكر ما في احتفالات المولد النبوي الشريف من رقص وطرب وذكر جماعي وإنشاد ومديح منكر نورد ما يلي:
    أولاً: يقول أبو محمد الويلتوري في كتابه إبتغاء الوصول لحب الله بمدح الرسول: ( اعلم أن قراءة مولده وإن كانت محدثة بعد القرون الثلاثة لكنها ثابتة بالكتاب والسنة وفيها فضائل لا تحصى فقد كانت العلماء العاملون المحبون لله ولرسوله يقرؤونه ويوصون به ولم ينكره إلا من حرم التوفيق فادعى أنها بدعة قبيحة وتعلق بقوله  (شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) ولم يدر أن قراءة المولد أمر ثابت بالكتاب والسنة.
    أما الكتاب فقد قال تعالى " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " (التوبة 128) وفي هذه الآية أمور منها مدح النبي  ومنها الأمر بمدحه وتوقيره لأن هذه الآية لأن هذه الآية أفادت أنه  رسول من الله وأنه من أنفسهم وأن عنتهم عزيز عليه وأنه حريص على هدايتهم وبالمؤمنين رؤوف رحيم وهذه الأمور كلها معلومة عند المخاطبين المصدقين له - وأما المكذبون به  فهم يكذبون بهذه الآية أيضاً فلا يظهر فائدتها فيهم - فتذكيرهم بذلك المعلوم أمر بتوقيره ومدحه فهذه الآية وإن كانت خبراً لفظاً لكنها إنشاء معنى كما أنّا إذا لم نوقر والداً أو إماماً رئيساً يقال لنا إنه أبوك الوالد لك المتبع المشفق عليك فإن معناه إنشاء طلب التوقير لا الإخبار بالحال فكذلك القصد بالآية طلب التوقير والتعظيم كما أشار إليه بعض العلماء الموفقين بإيرادهم لهذه الآية في أوائل مدائحهم وكما صرح به شيخ مشايخنا العلامة شمس العلماء محمد القطبي رحمه الله تعالى كما أخبرني من أثق به هذا.

    وقال تعالى " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (الأنبياء 107) وقال أيضاً " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " (آل عمران 164) فبين تعالى أن إرساله  رحمة للعالمين عامة وأن بعثه من المنة العظمى والنعمة الكبرى ولا خفاء في كون شكر النعمة مطلوباً وإنما الخلاف في كون طلبه بالشرع أو بالعقل فقلنا بالأول والمعتزلة بالثاني. وظاهر أن مِن أنواع الشكر الإخبار والتحديث بها قال تعالى " وأما بنعمة ربك فحدث " وفي تفسير ابن كثير قال رسول الله  ( مَنْ أَعْطَى عَطَاءَ فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ بِهِ، فَمَنْ أَثْنى بِهِ فَقَدْ شَكَرَهُ وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَه ) رواه أبو داود اه. وفي حاشية الكمالين على الجلالين للشيخ المحدث سلام الله الدهلوي أخرج البيهقي والطبراني مرفوعاً التحديث بنعمة الله شكر زاد البيهقي وتركه كفر وأخرج ابن جرير عن أبي بصرة الغفاري كان المسلمون يرون أن من شكر النعمة إظهارها والتحدث بها اه. فثبت أن محض ذكر ولادته  وبعثته من شكر النعمة فضلاً عن اشتماله على مدح النبي  وأيضاً قال تعالى " إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " (الأحزاب 56) وفي كتاب التفسير من صحيح البخاري قال أبو العالية صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة اه. ولا خفاء في كون المقصود بالذات من قراءة مولده  الثناء عليه ومدحه وقال ابن كثير تحت هذه الآية والمقصود من هذه الآية أن الله تعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة تصلي عليه ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعاً اه. فقوله ليجتمع الثناء عليه الخ صريح في أن الثناء عليه  ومدحه من المطلوب بهذه الآية فثبت بهذه الآيات مع تفسير الأئمة أن قراءة المولد المعبَّر به عن مدح النبي  والثناء عليه أمر مندوب إليه شرعاً.
    وأما السنة فقد قال  (اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم) رواه أبو داود والترمذي قال بعض شراح الحديث أفاد إضافة الموتى إلى ضمير المخاطبين أن هذا مخصوص بالمسلمين الصالحين اه. وإذا كان ذكر محاسن آحاد المسلمين مطلوباً فما ظنك بذكر محاسن الأنبياء سيما بمحاسنه  المعبَّر عنه بقراءة المولد وأيضاً أخرج الديلمي في مسند الفردوس عن معاذ رضي الله عنه قال ذِكر الأنبياء من العبادة وذكر الصالحين كفارة وذكر الموت صدقة وذكر الموت يقربكم من الجنة كما في الجامع الصغير وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف قال (أوفي بنذرك) رواه أبو داود وغيره وقال بعض شراح المشكاة أن ضرب الدف وإن لم يكن من القربات التي يجب على الناذر الوفاء بها لكنه أمرها بالوفاء نظراً لمقصدها الصحيح الذي هو إظهار الفرح والسرور بقدومه  من بعض غزواته التي كان فيها مساءة الكفار وإرغام المنافقين ولهذا استحب ضرب الدف في النكاح لما فيه من إظهار السرور اه. ) انتهى. ولا عبرة هنا باعتراض المعترض أنه لا خلاف على وجوب مدحه  والصلاة عليه لكن تخصيص ذلك بيوم المولد بدعة منكرة فقد سبق الحديث عن التخصيص وعن البدعة فلينظر في موضعه.
    ثانياً: يقول الشيخ سعيد حوى: ( وأن مما ألف في بعض الجهات أن يكون الاجتماع على محاضرة وشعر أو إنشاد في مسجد أو في بيت بمناسبة شهر المولد، فذلك مما لا أرى حرجا على شرط أن يكون المعنى الذي قال صحيحا. إن أصل الاجتماع على صفحة من السيرة أو على قصيدة في مدح رسول الله  جائز ونرجو أن يكون أهله مأجورين، فأن يخصص للسيرة شهر يتحدث عنها فيه بلغة الشعر والحب فلا حرج. ألا ترى لو أن مدرسة فيها طلاب خصصت لكل نوع من أنواع الثقافة شهرا بعينه فهل هي آثمة، ما نظن أن الأمر يخرج عن ذلك ) انتهى.
    ثالثاً: يقول الشيخ هشام قباني: ( وقال ابن القيم في كتاب مدارج السالكين أن النبي  أقر عائشة على غناء القينين يوم العيد وقال لأبي بكر دعهما فإن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا أهل الإسلام وبأنه  أذن بالغناء في العرس وسماه لهواً وقد سمع رسول الله  الحداء وأذن فيه وكان يسمع أنساً والصحابة وهم يرتجزون بين يديه في حفر الخندق:
    نحن الذين بايعوا محمداً … على الجهاد ما بقينا أبداً
    ودعا لحسان أن يؤيده الله بروح القدس ما دام ينافح عنه وكان يعجبه شعره وقال له اهجهم وروح القدس معك وأنشدته عائشة قول أبي بكر الهذلي:
    ومبرأ مـن كـل غبر حيضـة * وفسـاد مرضعـة وداء مغيـل
    وإذا نظرت إلى أسرة وجهه * برقت كبرق العارض المتهلل


    وقالت عائشة أنت أحق بهذا البيت يا رسول الله فوضع  ما كان بيده وقام إلي وقبل ما بين عيني وقال "جزاك الله خيرا يا عائشة ما سررت مني كسروري منك" رواه البيهقي في دلائل النبوة.

    وقد ذكر ابن القيم أيضاً قصيدة عبد الله بن رواحة المطولة في مدح النبي  عندما دخل مكة وبأنه دعا له كما أنه خلع بردته على كعب بن زهير بعد أن ألقى قصيدته الشهيرة في مدح النبي  وطلب النبي  من أسود بن سارح بأن يصنع قصائد يثني فيها على الله عز وجل كما أنه  طلب من أحدهم أن ينشد معلقة أمية بن أبي السلط …

    ويختتم ابن القيم بقوله (ص498): والاستماع إلى صوت حسن في احتفالات المولد النبوي أو أية مناسبة دينية أخرى في تاريخنا لهو مما يدخل الطمأنينة إلى القلوب ويعطي السامع نوراً من النبي  إلى قلبه ويسقيه مزيداً من العين المحمدية ) انتهى.


    وكذلك يقول سلطان العلماء الإمام العز بن عبد السلام في كتابه المسمى بحل الرموز تحقيق طه عبد الرؤوف سعد: ( وقد روى أبو طالب المكي في كتابه بإسناده أن رجلاً دخل على النبي  وعند قوم يقرءون القرآن وقوم ينشدون الشعر فقال يا رسول الله قرآن وشعر فقال من هذا مرة ومن هذا مرة. وقد روى القشيري في رسالته عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكحت ذات قرابتها من الأنصار فجاء النبي  فقال أهديتم الفتاة ؟ فقالت نعم قال فأرسلت من يغني ؟ قالت لا فقال عليه السلام إن الأنصار فيهم غزل ولو أرسلتم من يقول أتيناكم فحيانا وحياكم.

    وروى أيضاً بإسناده أن رجلاً أنشد بين يدي النبي  فقال:
    أقبلت فلاح لها ** عارضان كالسبج
    أدبرت فقلت لها ** والفؤاد في وهج
    هل علي ويحكما ** إن عشقت من حرج
    فقال رسول الله  لا حرج إن شاء الله تعالى.


    وأما الصوت الطيب بالشعر الموزون المفهوم فقد صحت الأخبار وتواترت الآثار بالأصوات الطيبة بين يدي رسول الله  وكان يضع لحسان منبراً بالمسجد يقوم عليه يفاخر عن رسول الله  يقول إن الله يؤيد حساناً بروح القدس ما نافح عن رسول الله .


    وقالت عائشة كان أصحاب رسول الله  يتناشدون الأشعار وهو يبتسم ولما أنشده النابغة شعره قال لا يفضض الله فاك وأنشد رسول الله  مائة قافية من قول أمية بن أبي الصلت يقول في كل ذلك هيه هيه ثم قال إنه كاد في شعره ليسلم.


    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي  كان يحدى له في السفر وأن أنجشة كان يحدو بالنساء والبراء ابن مالك يحدو بالرجال فقال عليه السلام يا أنجشة رويدك سوقاً بالقوارير ولا يجوز أن يكون الصوت الطيب بالشعر الموزون والمعنى المفهوم حراماً إذ الأصوات الطيبة غير منكرة ولا محدثة وقد ثبت ذلك بالنص والقياس.


    وأما الضرب بالدف والرقص فقد جاءت الرخص في إباحته للفرح والسرور في أيام الأعياد والعرس وقدوم الغائب والوليمة والعقيقة ( فقد رأى  وعائشة رضي الله عنها الحبشة وهم يفعلون ذلك ) وقد ثبت جواز ذلك بالنص فمن ذلك إنشادهم وضربهم بالدف عند قدوم النبي  وقولهم طلع البدر علينا ** من ثنيات الوداع ** وجب الشكر علينا ** ما دعى لله داع.


    فأباح لهم ذلك لإظهار السرور بقدومه عليه الصلاة والسلام. ومن ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى يدففان ويضربان والنبي  متغش بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف رسول الله  عن وجهه وقال دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد.


    وفي حديث آخر قالت عائشة رضي الله عنها دخل علي رسول الله  وعندي جاريتان يتغنيان بغناء بعاث ( يوم من أيام العرب الذي وقعت فيه إحدى المعارك ) فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر فانتهرني وقال مزمارة الشيطان عند رسول الله  فأقبل عليه وقال دعهما فلما غفل غمزتهما فخرجتا.

    وكان يوم عيد يلعب فيه السودان بالدرق والحراب فأما سألت ( السائلة هي عائشة رضي الله عنها ) وأما قال أتشتهين تنظرين فقلت نعم فأقامني وراءه وخدي على خده ويقول دونكم يا بني أرفدة (هم الأحباش) حتى إذا مللت قال حسبك قلت نعم قال فاذهبي.


    فهذه الأحاديث نص صريح في الصحيح على أن الغناء واللعب بالدرق ليس بحرام ويدل أيضاً على كثير من الرخص منها اللعب وإباحة ذلك في المسجد ووقوفه مع عائشة حتى ملت مع صغر سنها وإنكاره على ابي بكر ومنعه له من انتهار الجاريتين وكان يقرع سمع رسول الله  صوت الدف وصوت الجاريتين فلو كان بموضع يضرب فيه الأوتار لما جوز الجلوس فيه. وفيه دليل على أن صوت النساء أخف تحريماً من صوت الأوتار والمزامير.

    فأما صوت الشبابة فاستدل أهل التحريم بحديث نافع عن ابن عمر حين وضع أصبعه في أذنيه وقد سمع زمارة راع فعدل عن الطريق ولم يزل يقول يا نافع أتسمع حتى قال لا فأخرج أصبعيه من أذنيه وقال هكذا رأيت رسول الله  صنع.

    فهذا ليس فيه دلالة على التحريم بل فيه دليل قوي على إباحة الشبابة بدليل أنه لم يأمر نافعاً بسد أذنيه ولم ينكر على الراعي وكذلك فعله عليه السلام لا يدل على التحريم لأنه لم يأمر عبد الله بسد أذنيه ولم ينكر على الراعي في فعله وحاشا رسول الله  أن يمر بمنكر ولم ينكره أو بباطل ولم يبطله إذ لم يعرف الحلال والحرام إلا من جهته ولو كان حراماً لأخبر به أصحابه. وأما سده أذنيه عليه السلام فيحتمل معنيين: أحدهما أنه سالك أتم الأحوال وأفضلها ونحن نقول أن الأولى تركه في أكثر الأحوال بل أكثر مباحات الدنيا الأولى تركها. والثاني أنه عليه السلام قل ما يخلو قلبه من فكر أو ذكر وحال مع الله تعالى واشتغاله به فلعله كان في حالة تشغله زمارة الراعي عن هذه الحالة لتأثيرها في القلب كما أنه خلع ثوب أبي جهم بعد الفراغ من الصلاة لأنه كان عليه السلام شغله عن حالته ووقته فلا نقول أن ذلك يدل على تحريم أعلام الثوب بل انه ليستشعر انما شغلت قلبه فخلعه فكذلك سد أذنيه.


    وأما احتجاجهم بقول ابن مسعود رضي الله عنه الغناء ينبت في القلب النفاق كما ينبت الماء البقل ويقول الفضيل الغناء رقية الزنا وبقوله عليه السلام ما رفع أحد صوته بالغناء إلا بعث الله إليه شياطين على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك وقول عثمان منذ أسلمت ما تغنيت ولا تمنيت ولا لمست ذكري بيميني منذ بايعت رسول الله .


    وبقوله عليه السلام كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى وقول عائشة رضي الله عنها ان الله حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها وبقوله تعالى ( أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون ) الآية قال ابن عباس هو الغناء بلغة حمير.

    فيلزم من هذا إذا قلنا بتحريمه أن يحرم الضحك أيضاً وعدم البكاء قياساً ويحرم في حديث عثمان مس الذكر باليمين قياساً أيضاً ويلزم من هذه الأحاديث كلها إذا قلنا بإطلاق التحريم فيها أن يكون رسول الله  فعل حراماً أو أمر بحرام أو رضي حراماً ومن ظن ذلك بنبيه فقد كفر.


    وقد ثبتت النصوص بالغناء في بيته وضرب الدف في حضرته ورقص الحبوش في مسجده وإنشاد الشعر بالأصوات الطيبة بين يديه فلا يجوز أن نقول بتحريم الغناء واستماعه وإباحته على الإطلاق بل يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص وأرباب الرياء والإخلاص. فنقول أن السماع

    ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

    منها ما هو حرام محض وهو لأكثر الناس من الشباب ومن غلبت عليهم شهواتهم ولذاتهم وملكهم حب الدنيا وتكدرت بواطنهم وفسدت مقاصدهم فلا يحرك السماع منهم إلا ما هو الغالب عليهم وعلى قلوبهم من الصفات الذميمة سيما في زماننا هذا وتكدر أحوالنا وفساد أعمالنا.

    وقد روى الجنيد أنه ترك السماع في آخر أمره فقيل له كنت تسمع أفلا تسمع فقال مع من ؟ فقيل له تسمع أنت لنفسك فقال مِن مَن ؟ فالسماع لا يحسن إلا بأهله ومع أهله ومن أهله فإذا انعدم أهله واندرس محله فيجب على العارف تركه.

    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. بمناسبة المولد النبوي الشريف.
    بواسطة د.فادي محمد سعيد في المنتدى الشعر
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 10/03/2010, 06:07 PM
  2. الإشارات الإلـــــهــيــة ( في عيد المولد النبوي الشريف)
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 24/02/2010, 03:21 PM
  3. مسابقة عيد المولد النبوي
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى الواحة
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 14/01/2010, 05:41 PM
  4. الاحتفال بعيد المولد النبوي
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى إسلام
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 30/04/2008, 01:23 PM
  5. بمناسبة المولد النبوي الشريف
    بواسطة ماجدة2 في المنتدى الواحة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 19/03/2008, 10:55 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •