الرحلة في طلب العلم
أحمد تمام


... كانت الرحلة في طلب العلم من التقاليد عند علماء المسلمين؛ فبعد أن ينهل الطالب من علماء بلدته والبلدان المحيطة يبدأ في الاستعداد للرحلة إلى الحواضر الكبرى، وقد ألف الخطيب البغدادي رسالة في هذا الموضوع باسم "كتاب الرحلة في طلب الحديث"، أورد فيه الأحاديث والآثار التي جاءت في فضل الرحلة، وسجل رحلات الصحابة والتابعيين ومن جاء بعدهم، وبيَّن الغرض من الرحلة وهو تحصيل علو الإسناد، ولقاء الحفاظ والمذاكرة معهم.

كانت البصرة هي المدينة التي قصدها، وهو في العشرين من عمره في سنة (412 هـ= 1021م) والتقى بعلمائها الكبار وأخذ عنهم، ثم عاد إلى بغداد في السنة نفسها، وبدأ اسمه في الذيوع والانتشار، ثم عاود الرحلة بعد مضي ثلاث سنوات على رحلته الأولى، واتجه إلى نيسان بمشورة شيخه أبي بكر البرقاني سنة (415هـ=1024م)، وفي طريقه إليها مر بمدن كثيرة كانت من مراكز الثقافة وحواضر العلم، فنزل بها وأخذ عن شيوخها، حتى إذا استقر بنيسابور بدأ في الاتصال بعلمائها وشيوخها، فأخذ عن أبي حازم عمر بن أحمد العبدوي، وأبي سعيد بن محمد بن موسى بن الفضل بن ساذان، وأبي بكر أحمد بن الحسن الحرشي، وصاعد بن محمد الاستوائي وغيرهم، ثم عاد إلى بغداد.

ثم عاود الرحلة إلى أصبهان سنة (421 هـ=1030م)، واتصل بأبي نعيم الأصبهاني صاحب "حلية الأولياء"، فلازمه وروى عنه، كما روى عن عدد من العلماء والمحدثين، وأخذ عنهم رواياتهم، وكر راجعًا إلى بغداد، واستقر بها مدة طويلة...


http://www.islamonline.net
*****
(من قراءات السندباد)