.
.
البحتري (821 م - 898 م): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي ، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي.
يقال لشعره سلاسل الذهب ، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم ، المتنبي وأبو تمام والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري : أي الثلاثة أشعر ؟ فقال : المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري .
ولد في منبج إلى الشمال الشرقي من حلب . ظهرت موهبته الشعرية منذ صغره . انتقل إلى حمص ليعرض شعره على أبي تمام، الذي وجهه وأرشده إلى ما يجب أن يتبعه في شعره . كان شاعراً في بلاط الخلفاء : المتوكلوالمنتصروالمستعينوالمعتز بن المتوكل ، كما كانت له صلات وثيقة مع وزراء في الدولة العباسية وغيرهم من الولاة والأمراء وقادة الجيوش . بقي على صلة وثيقة بمنبج وظل يزورها حتى وفاته . خلف ديواناً ضخماً ، أكثر ما فيه في المديح وأقله في الرثاء والهجاء. وله أيضاً قصائد في الفخر والعتاب والإعتذار والحكمة والوصف والغزل . كان مصوراً بارعاً ، ومن أشهر قصائده تلك التي يصف فيها الربيع :
.
1 أكـان الصبـا إلا خيـالا مسلمـا
أقام كرجع الطـرف ثـم تصرمـا
2 أرى قصر الأيام أحمد في الصبـا
وأطولهـا مـا كـان فيـه مذممـا
3 تلومت في غي التصابي فلـم أرد
بديـلا بـه لـو أن غيـا تلـومـا
4 ويوم تـلاق فـي فـراق شهدتـه
بعيـن إذا نهنهتهـا دمعـت دمـا
5 لحقنا الفريق المستقل ضحى وقـد
تيمم من قصد الحمـى مـا تيممـا
6 فقلت انعموا منـا صباحـا وإنمـا
أردت بما قلـت الغـزال المنعمـا
7 وما بات مطويـا علـى أريحيـة
بعقب النوى إلا امرؤا بات مغرمـا
8 غنيـت جنيبـا للغوانـي يقدننـي
إلى أن مضى شرخ الشباب وبعدما
9 وقدما عصيت العاذلات ولم أطـع
طوالع هذا الشيب إذ جئـن لومـا
10 أقول لثجاج الغمـام وقـد سـرى
بمحتفل الشؤبوب صـاب فعممـا
11 أقـل وأكثـر لسـت تبلـغ غايـة
تبين بهـا حتـى تضـارع هيثمـا
12 هو الموت ويل منه لا تلـق حـده
فموتك أن تلقاه في النقـع معلمـا
13 فتى لبست منـه الليالـي محاسنـا
أضاء لها الأفق الذي كان مظلمـا
14 معاني حروب قومت عـزم رأيـه
ولن يصدق الخطي حتـى يقومـا
15 غدا وغدت تدعو تـزار ويعـرب
له أن يعيش الدهر فيهـم ويسلمـا
16 تواضع مـن مجـد لهـم وتكـرم
وكـل عظيـم لا يحـب التعظمـا
17 لكـل قبيـل شعبـة مـن نوالـه
ويختصـه منهـم قبيـل إذا انتمـا
18 تقصاهم بالجـود حتـى لأقسمـوا
بـأن نـداه كـان والبحـر توأمـا
19 أبا القاسم استغـزرت در خلائـق
ملأن فجاج الأرض بؤسى وأنعمـا
20 إذا معشر جاروك في إثر سـؤدد
تأخر مـن مسعاتهـم مـا تقدمـا
21 سـلام وإن كـان السـلام تحيـة
فوجهك دون الرد يكفـي المسلمـا
22 ألست تـرى مـد الفـرات كأنـه
جبال شرورى جئن في البحر عوما
23 ولم يك مـن عاداتـه غيـر أنـه
رأى شيمـة مـن جـاره فتعلمـا
24 وما نور الروض الشآمي بل فتـى
تبسـم مـن شرقـيـة فتبسـمـا
25 أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكـا
من الحسن حتـى كـاد أن يتكلمـا
26 وقد نبه النوروز في غلس الدجـى
أوائـل ورد كـن بالأمـس نومـا
27 يفتقهـا بــرد الـنـدى فكـأنـه
يبث حديثـا كـان أمـس مكتمـا
28 ومـن شجـر رد الربيـع لباسـه
عليه كما نشـرت وشيـا منمنمـا
29 أحـل فأبـدى للعيـون بشـاشـة
وكان قذى للعين إذ كـان محرمـا
30 ورق نسيم الريـح حتـى حسبتـه
يجـيء بأنفـاس الاحبـة نعـمـا
31 فما يحبس الراح التي أنـت خلهـا
مـا يمنـع الأوتـار أن تترنـمـا
32 وما زلت شمسا للندامى إذا انتشوا
وراحوا بدورا يستحثـون أنجمـا
33 تكرمت من قبل الكـؤوس عليهـم
فما اسطعن أن يحدثن فيك تكرمـا