بسم الله الرحمن الرحيم
يطلُ علينا الشاعر الكبير حسن النيفي وكعادتهِ من خلال مرآة أخينا الشاعر الأديب مصطفى البطران ... وإذا ما أردت أن أصنّفَ قصيدة (سيد الألم الدفين) فهي عندي ليست غزلاً بل في خانة الشعر الوجداني الذي تميز النيفي به لوناً يطغى على شعره حيرتني في هذه القصيدة المُخاطبة ... فمن هي ياترى ... هل هي امرأة والشاعر يردد ...
أيقظتِ
فأزحتِ
وجرحتِ
ورشفتِ
أمطرتِ
فسمعتِ
ورمقتِ
المتتبع لشعر حسن النيفي على قلة ماينشره منه يجد أن صاحب هذه التجربة وهذه العقلية والفكر لايمكن أن يذهب الى تلك المتاهات عشقاً من أجل العشق فقط .... ولايمكن أن يخاطب امرأة منفردة بمعنى أنثى مجردة
وهو يقول ...
أومأتُ للقمـــــــر السني بنظرةٍ
وحضنتُ شلال الضياء مخاصرا
لطفاً أسيــــــدة َالفصول عرفتِني
أم خلتِني في الأفق طيفاً عابـرا؟
لذلك أجد ان الشاعر يعرّج على دنياه وواقعه من خلال الأنثى المخاطبة وهذه مغامرة في عملية البناء الفني والإبداعي لأنها تنطوي على مخاطر قد تواجه الشاعر في الخطاب غير المباشر وأحياناً نجد أن ضمير الشاعر هو من يتكلم بحيث لا يدرك أنه يخاطب دنياه من خلال الحبيبة ولا يتوغلُ في ألمهِ متغلغلاً بشعره وعادة ما ينتبه الشاعر الى مثل هذه الانزياحات بعد فوات الأوان وفي الثلث الأخير من النص فنراهم يعودون الى أصل الموضوع وهو الانثى ما يُفتت موضوع القصيدة وترك القارئ في جلبة البحث عن متن القصيدة وفحواها أو ما يعرف بثيمتها الابداعية ... لكن أكاديمياً دارساً وعقلانياً متبصراً مثل حسن النيفي يتمكن دائماً من ايجاد معالجات دائمة للنص وليس تخديرات موضعية بحيث يُبقي على وحدة الموضوع وإن اختلفت الدلالات بين المُخاطب وما يدور في خُلد الشاعر من أزمات قد تكون أكبر من قصة عشق ومن ضياع حبيبة .... والنيفي يقول في قصيدته
فانعم بذات الحب وازرعْ في دمي
حلماً يكــــحل إن أضــاء محاجرا
واحفــــرْ على قلبي قصيدتك التي
ضاقت بها دنيـــا القريض منابرا
فهو يواسي نفسهُ على لسان حبيبته مما ألم به من دنياه التي ضاقت بالقريض وضاق بها الشعر والشاعر والمنبر
هذه قراءة مبسطة لقصيدة كبيرة ممتعة ممتعة
وأسأل الله فيها عدم مجانبة الصواب
وأتمنى أن يتحفنا الشاعر بروائعه من حين لاخر وإن من خلال صديقنا الحبيب مصطفى البطران
فهو خيرُ رئةٍ يتنفس منها أهلُ الشعر والأدب
لكم مني خالص الامنيات
أحمد العسكري