قصيــــــدة البـــــــردة
للإمام البوصيري
الفصل الأول : في الغزل وشكوى الغرام
علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم
مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا
مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــــدمِ
أمن تذكــــــرجيــــــرانٍ بذى ســــــلمٍ
وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضمِ
أَمْ هبَّــــتالريـــــحُ مِنْ تلقاءِ كاظمــةٍ
وما لقلبك إن قلت استفق يهـــــــــمِ
فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمتـــــــــــــــا
ما بين منسجم منه ومضطــــــــرمِ
أيحسب الصب أن الحب منكتـــــــــــمٌ
ولا أرقت لذكر البانِ والعلــــــــــمِ
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـــــللٍ
به عليك عدول الدمع والســـــــــقمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شـــــــــــــهدت
مثل البهار على خديك والعنــــــــمِ
وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضــــــــنى
والحب يعترض اللذات بالألــــــــمِ
نعم سرى طيف من أهوى فأرقنـــــــي
مني إليك ولو أنصفت لم تلــــــــــمِ
يا لائمي في الهوى العذري معـــــذرة
عن الوشاة ولا دائي بمنحســـــــــمِ
عدتك حالي لا سري بمســــــــــــــتترٍ
إن المحب عن العذال في صــــــممِ
محضتني النصح لكن لست أســـــمعهُ
والشيب أبعد في نصح عن التهـــتـمِ
إنى اتهمت نصيح الشيب في عـــــذلي
الفصل الثاني : في التحذير من هوى النفس
علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم
مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا
من جهلها بنذير الشيب والهــــرمِ
فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظــــــــــــــت
ضيف ألم برأسي غير محتشــــــم
ولا أعدت من الفعل الجميل قــــــــــرى
كتمت سراً بدا لي منه بالكتــــــــمِ
لو كنت أعلم أني ما أوقــــــــــــــــــــره
كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجـــــــــُمِ
من لي برِّ جماحٍ من غوايتهـــــــــــــــا
إن الطعام يقوي شهوة النَّهـــــــــمِ
فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتهــــــــــا
حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطــــمِ
والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ علــــى
إن الهوى ما تولى يصم أو يصـــــمِ
فاصرف هواها وحاذر أن توليــــــــــه
وإن هي استحلت المرعى فلا تسمِ
وراعها وهي في الأعمالِ ســــــــائمةٌ
من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسمِ
كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلــــــــــــــــــةً
فرب مخمصةٍ شر من التخـــــــــــمِ
واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع
من المحارم والزم حمية النـــــــدمِ
واستفرغ الدمع من عين قد امتـــلأت
وإن هما محضاك النصح فاتَّهِـــــمِ
وخالف النفس والشيطان واعصهمــا
فأنت تعرف كيد الخصم والحكـــــمِ
ولا تطع منهما خصماً ولا حكمـــــــــاً
لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقــــــــــُمِ
أستغفر الله من قولٍ بلا عمـــــــــــــلٍ
وما اســـــتقمت فما قولى لك استقمِ
أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت بــــــــــه
ولم أصل سوى فرض ولم اصـــــمِ
ولا تزودت قبل الموت نافلــــــــــــــةً