- يا عزيزي ، لا يوجد أي تنظيم يتحرك من أجل أهداف نبيلة ..
- و كيف السبيل الى ركوب الموجة الجديدة ؟
- إبحث عن شعب في دولة ما ، لم تنشئ من أجله لجنة مساندة و هكذا ستحقق أرباح طائلة تفوق تلك التي تجنيها من عملك في بناء العمارات التي تنهار من حين لآخر على ساكنيها .
- و الكارثة التي أحدثتها العام الماضي بمنتوجاتك الغدائية الفاسدة ، هل نسيتها يا عبقري زمانه ؟
- مجرد إشاعات و أقوال جرائد ، و التحقيق لم يثبت شيئا .
خرج السيد منير من مكتب زميله في النضال ، أصبح مقتنعا أكثر بجدوى فكرته ، إنشاء جمعية من أجل إستعمالها كسلم للإنتقال الى الطبقة المخملية
لديه المال و المعارف و مستوى تعليمي مقبول يسمح له بالتفريق بين الذي و التي .
قضى صاحبنا أياما و هو يعد الوثائق الضرورية من أجل وضع الملف لدى الجهات المختصة ، و لم يفكر بتسمية الجمعية أو أهدافها تاركا الأمر الى آخر لحظة ، و في آخر جولاته توجه الى المحكمة .
- مرحبا هل من خدمة ؟
- جئت من أجل إستلام بطاقة السوابق القضائية ، لقد دفعت الوثائق اللازمة أمس .
- إنتظر هنا لحظات ، سوف أحضرها لك من المكتب المجاور .
جلس السيد منير في مكانه فخورا بهذا الموظف الرائع الذي تكفل بطلبه
رجل أعمال كبير في هذه المدينة الصغيرة ، يكون حتما محط إهتمام الجميع ...
أخذ يتأمل مرتادي المكان، هذه إمرأة تحمل في ملامحها قهر الأيام و ظلم الرجال، ربما هي ضحية رجل متعسف ، و هذا شيخ طاعن في السن ينتقل من موظف لآخر ، يبدو من خلاله حديثه معهم بأنه من عشاق
القضايا و المحاكم و يفضل دائما عدم صدور الأحكام القضائية النهائية
حتى يضمن مبرر بقاءه في الحياة .
مازال ينتظر إستلام بطاقة السوابق القضائية التي ستصدر بدون شك بيضاء
ناصعة ، تعكس مدى إحترامه للبلاد و العباد .
الوثيقة مطلوبة في ملف الإعتماد و لن يبق له سوى التفكير في أهداف الجمعية و تسميتها .
لقد إشتغل في كل الميادين و حقق نجاحات مالية كبيرة على كل الأصعدة
و لكنه كمناضل يتماشى مع مستجدات العولمة ، لن يجد صعوبة في إبراز قدارته النضالية التي لا يشك فيها أحد .
جمعية مساندة الشعب الفلسطيني موجودة منذ سنوات ، كل الشعوب العربية المقهورة تأسست من أجلها لجان مساندة ، الشعب العراقي تم التكفل بقضيته من طرف بعض المتسلقين ، و صاحبنا كمتسلق جديد لم يجد شعبا في هذا الكون بحاجة الى مساعدته .
دخل أعوان الشرطة يجرون شابا نحو قاعة المحكمة ، في ظل هذه الأزمة الإقتصادية الخانقة ، أضحى السطو على أملاك الآخرين هو السبيل الوحيد للعيش .
و فجأة سطعت في ذهنه فكرة رائعة ، نعم وجدها ، الشعب الصومالي بحاجة الى لجنة مساندة ، فالصومال دولة عربية و إن تجاهل الكثيرون ذالك لم يسبق له أن سمع خبر يتحدث عن لجنة مساندة الشعب الصومالي إنها جمعيته التي سوف ترى النور بعد أيام ، كيف غاب عن ذهنه هذا الشعب المسكين ؟
و فيما كان منشغل بمهامه المستقبلية و قف أمامه الموظف السابق عابسا
ينظر إليه بطريقة قاسية ، لا تدل على أنه يعرف السيد منير ، في حين وقف شرطيان متأهبان على جانبيه .
- لقد صدر في حقك حكم قضائي غيابي .
صعق منير في مكانه لهول المفاجأة ..
- لابد و أن هناك خطأ ما أو تشابه أسماء ..
- كل بياناتك عندنا لقد أصدرت شيك بدون رصيد أيها المقاول الهارب من العدالة ... هيا خذوه ..
بدت علامات الخوف و القلق على وجهه و نهض معهم و أدرك بأنه وقع في شر أعماله ، هل يخبرهم بأنه رئيس لجنة مساندة الشعب الصومالي التي لم تنشأ بعد ؟
ما إن ركب سيارة الشرطة حتى تمنى أن ينشأ المواطنون النزهاء في هذه
البلاد لجنة لمساندة قضيته ، لكنه سرعان ما أدرك بأنه لا يملك رصيد في قلوب الناس و لا رصيد في البنك .
__________________