أخوتي الأحبة في مربدنا الأغر
الفعل (بان) من الأفعال التي تظهر فيها جماليات اللغة العربية وسماتها العجيبة
فالأصل أن الفعل بان يعني (فارق) يقول رب العزة في سورة الكهف
على لسان الخضر يخاطب موسى عليهما السلام
ونقول بان الرجل: أي فارق أو هجر
ونقول: بانت المرأة أي طلقت
ومنه أتت كلمة: طلقة بائنة أي طلاق مفارقة لا رجعة بعده
أي فصل رأسه عن جسده وفرقهما عن بعضهما البعض
ومصدر الفعل (بان) هو ( البَيْن) بفتح الباء وتسكين الياء
ويقال غراب البين أي غراب الفراق
وكانت تسميه العرب الأبقع، أما الحاتم فهو طائر يحتم بالفراق
من جمال لغة العرب أن تأتي بعض المفردات بمعنيين متعاكسين
وتسمى هذه الكلمات بـ (الأضداد)
ومنها البين، فهو إن عنى المفارقة، فهو يعني الوصل أيضا
ومن ذلك قول قيس بن ذريح
يصاغ فعل الأمر من بان : أَبــِــن بفتح الهمزة وكسر الباء
أي افصله عنه لأجل التنفس
ولو قلت في الأمر من بان : "بـِــن" بكسر الباء جاز ذلك
ومنه قول الأعشى لامرأته
وبيني هنا بمعنى فارقي ، فتقول بيني للأنثى، وبن للذكر.
لا يجوز العطف على بين إلا بالواو
فتقول بيننا وبينكم ولا تقول بيننا أو بينكم
أما قولك: هذا شيء بين بين
فتبني كلا الكلمتين على الفتح اسما واحدا
أي أن هذا الشيء بين الجيد والرديء
بين تكون للمكان كقولك: وقفت بين شجرتين
أما اشتقاق الزمان منها يكون : بينا ، أو بينما بزيادة ما
وهما يدلان على المفاجأة
وغالبا ما تأتي "إذ" بعد بينا، وقد لا يلزم أن تأتي بعد بينما