مختارات من شعره
نونية إبن زيدون
أَضْحَى التَّنَائِـي
أضْحَى التَّنَائِـي بَدِيْـلاً مِـنْ تَدانِيْنـــــــــــا
وَنَابَ عَـنْ طِيْـبِ لُقْيَانَـا تَجَافِيْـــــــــــنَــــا
ألا وقد حــــــانَ صُبــــح البَيْـنِ صَبَّحنـا
حِيـنٌ فقـام بنـــــــا للحِيـــن ناعِيـنــــــــــا
مَـن مُبلـغ المُبْلِسينــــــــا بانتزاحِــــــهـم
حُزنــــــــاً مع الدهـر لا يَبلـى ويُبليـنـــــا
أن الزمان الـذي ما زال يضحكنـــــــــا
أنسًـــا بقربهـم قــــد عــــاد يُبكيـنـــــــــا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعــــــوا
بـأن نَغُـصَّ فقـــــال الدهــــر آميـنــــــــا
فانحـلَّ مـا كـان معقـودًا بأنفسنــــــــــا
وانبتَّ مـا كــــــان موصـولاً بأيدينـــــا
لـــم نعتقـد بعدكـم إلا الــــــوفـاءَ لكـــم
رأيًـــــا ولـم نتقـــلـد غـــيـرَه ديـنـــــــــا
ما حقنــــــا أن تُقـروا عيـنَ ذي حسـد
بنـا، ولا أن تسـروا كاشحًــــــا فيــنــا
كنا نرى اليـأس تُسلينــــــا عوارضُـــه
وقـد يئسنـا فمـا للــيـأس يُغريـــنـــــــا
بِنتـم وبنـا فمـا ابتلـت جوانحُنــــــــــــا
شوقًـا إليكـم ولا جـفـت مآقيـنــــــــــــا
نكـــــاد حيـن تُناجيـكـم ضمائـرُنــــــــا
يَقضي علينا الأسى لـولا تأسِّينــــــــــــا
حالـــت لفقـدكـم أيامـنـــــــــــــا فَـغَـدَتْ
سُود ًا وكانـت بكـم بيضًـا ليالينــــــــــا
إذ جانب العيـش طَلْـقٌ مـن تألُّفنـــــــــا
وموردُ اللهو صـافٍ مـن تصافينـــــــــا
وإذ هَصَرْنا غُصــون الوصـل دانيــــــة
قطوفُهـا فجنينـــــا منـه مـا شِيـنـــــــــــا
ليسقِ عهدكـــم عهـد الســـرور فمــــا
كنـتـم لأرواحـنـــــــا إلا رياحـيـنـــــــــا
لا تحسبـوا نَأْيكـم عـنـــا يُغيِّـرنـــــــــــا
أن طالمـا غيَّـر النــــــأي المحبيـنـــــــا
والله مــــا طلبـت أهـواؤنـــــــــــا بــدلاً
منكـم ولا انصرفـت عنكـم أمانينــــــــا
ياساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق بـــه
من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينـــا
واسـأل هنـاك هـل عنَّـي تذكرنــــــــــا
إلفًـــا تـذكـــــره أمـسـى يُعنِّيـنـــــــــــــا
ويـا نسيـمَ الصِّبـا بلــــغ تحيتـنــــــــــا
من لو على البعد حيًّـا كـان يُحيينـــــــا
فهل أرى الدهـر يَقصينـــــا مُساعَفـةً
منـه ولـم يكــــــن غِبًّـا تقاضيـنــــــــا
ربيـب مــــلـك كــأن الله أنـشــــــــــأه
مسكًا وقـدَّر إنشـاء الـورى طينـــــــا
أو صاغـه ورِقًــــــا محضًـا وتَوَّجـَـه
مِن ناصع التبـر إبداعًـا وتحسينــــــا
إذا تَـــأَوَّد آدتـــــــــه رفـاهـيَـــــــــــة
تُـومُ العُقُود وأَدْمَتـه البُـرى لِينــــــــــا
كانت له الشمسُ ظِئْـرًا فـي أَكِلَّتِـــــه
بـل مـا تَجَلَّـى لهــا إلا أحاييـنــــــــــا
كأنمـا أثبتـت فـي صحـن وجنتـــــــه
زُهْـرُ الكواكـب تعويـذًا وتزييـنــــــــا
ما ضَرَّ أن لم نكـن أكفـاءَه شرفًــــــا
وفـي المـودة كـافٍ مـن تَكَافيـــنـــــا
يا روضـةً طالمـا أجْنَـتْ لَوَاحِظَنـــــا
وردًا أجلاه الصبـا غَضًّـا ونَسْرينـــا
ويـا حـيــــــــاةً تَمَلَّيْـنـا بزهرتـهــــا
مُـنًـى ضُرُوبًــــــــا ولـذَّاتٍ أفانِيـنـــا
ويا نعيمًـا خَطَرْنـا مـن غَضَارتــــــه
في وَشْي نُعمى سَحَبْنـا ذَيْلَـه حِينـــا
لسنـا نُسَمِّيـك إجــلالاً وتَكْـرِمَــــــــة
وقد رك المعتلـى عـن ذاك يُغنينـــــا
إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ فـي صفـــةٍ
فحسبنا الوصـف إيضاحًـــا وتَبيينـــا
يـا جنـةَ الخلـد أُبدلنـا بسَلْسِلهـــــــــا
والكـوثر العـذب زَقُّومًـا وغِسلينـــــا
كأننـا لـم نَبِـت والوصـل ثالثـنـــــــــا
والسعد قد غَضَّ من أجفـان واشينــــا
سِرَّانِ فـي خاطـرِ الظَّلْمـاء يَكتُمُنـــــا
حتى يكـاد لسـان الصبـح يُفشينـــــــــا
لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْ
عنه النُّهَى وتَركْنـا الصبـر ناسِينـــــــا
إذا قرأنا الأسى يومَ النَّـوى سُــــــوَرًا
مكتوبـة وأخذنـا الصبـر تَلْقِيـنــــــــــا
أمَّـــــا هــــــــواكِ فلـم نعـدل بمنهـلـه
شِرْبًـا وإن كــــــان يروينـا فيُظمينـــا
لم نَجْفُ أفـق جمـال أنـت كوكبــــــه
ساليـن عنـه ولـم نهجـره قالينــــــــــا
ولا اختيـارًا تجنبنــــــــاه عـن كَـثَـبٍ
لكـن عدتنــــــــا علـى كـره عوادينـا
نأسـى عليـك إذا حُثَّـت مُشَعْشَعــــــةً
فيـنـا الشَّمُـول وغنَّانـا مُغَنِّيـنــــــــــا
لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبدى مـن شمائلنـــــا
سِيمَـا ارتيـاحٍ ولا الأوتـارُ تُلهينـــــــا
دُومِي على العهد ما دُمْنـــا مُحَافِظــةً
فالحُرّ ُ مَنْ دان إنصافًـا كمـا دِينَــــــــا
فما اسْتَعَضْنا خليـلاً مِنـك يَحْبسنــــــا
ولا استفدنـا حبيبًـا عنـك يُثْنيـنـــــــــا
ولو صَبَا نَحْوَنا مـن عُلْـــــوِ مَطْلَعِـــه
بدرُ الدُّجَى لم يكن حاشـاكِ يُصْبِينـــــا
أَوْلِي وفـاءً وإن لـم تَبْذُلِـي صِلَــــــــةً
فالطيـفُ يُقْنِعُنـا والذِّكْـرُ يَكْفِيـنــــــــــا
وفي الجوابِ متاعٌ لـو شفعـتِ بــــــه
بِيْضَ الأيادي التي ما زلْـتِ تُولِينـــــا
عليـكِ مِنـي سـلامُ اللهِ مـا بَقِيَـــــــــتْ
صَبَابـةٌ منـكِ نُخْفِيـهـا فَتُخفيـنــــــــــا