ـ 15 ـ

قال العجوز :
ـ لا تخرجى من بيتك هذه الأيام ..
ـ لماذا ؟
ـ المظاهرات ..
وهز إصبعه :
ـ لا تخرجى .. ولا تأتى إلى العيادة ..
حذرها من أوامر الضرب فى المليان . المليان هو أجساد المتظاهرين . طلقات الرصاص تندفع من كل مكان ، تتجه إلى غير مكان . حتى الفرار يبدو مستحيلاً . إن لم تخافى على نفسك ، فاشفقى على أبويك .
قالت فى لهجة مهونة :
ـ الأمر ليس بهذه الخطورة ..
ـ قد يتفجر الوضع بأشد مما نتصوره ..
وفاجأنى بالقول :
ـ اصحبها إلى محطة الترام ..
ملنا ناحية البحر ..
آثار تحطيم وتكسير متناثرة فى شارع إسماعيل صبرى . قهوة فاروق خالية من الرواد ، ومعظم الأبواب مغلقة ، والكراسى تكومت فوق الطاولات . سحب بيضاء ، صغيرة ، تتناثر فى السماء ، ومن وراء الكورنيش الحجرى تترامى أصوات التكسرات المستمرة لمد الموج على المصدات الأسمنتية .
قالت نورا :
ـ حتى أبى طلب أن أظل فى البيت ، ولا أذهب إلى الكلية .
ولوت شفتها السفلى :
ـ ولا حتى إلى مكتب أبى ..
استطردت لنظرتى المتسائلة :
ـ أتردد عليه ساعتين كل صباح لمساعدته فى إنجاز الأوراق المهمة .
قلت :
ـ ما شأن ذلك بما يحدث ؟
ـ امتدت المظاهرات إلى كل مكان ..
ـ أتصور أنه ليس ملحاً ذهابك إلى الكلية أو المكتب ..
ـ صحيح .. لكن أوامر المنع تثيرنى !

[align=center](يتبع)[/align]