فن القصة القصيرة جداً
رغم أني أبحث عن اسم أخر لهذا الفن
وهذا الفن يحمل سمة التكثيف الشديد , وقلما نجد من يتقنه وكثر هم من يستسهلونه
يحلو لي الكلام عن هذا الفن , فهو فن أصيل في تراثنا العربي , وقد ورد في القرآن الكريم والحديث الشريف والتراث العربي غني به
وسمي في التراث بالطرف والنادرة , وفي القرآن بقصة المثل أحياناً
-" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ 258" البقرة
لنتمثل فنية هذه القصة ولنرى براعة الفن القصصي في القرآن , و القفلة المدهشة والتكثيف الرائع والحدث الغريب والتباعد بين الشخصيات
والقصة القصيرة جداً بحاجة لعمل كبير , كما لا يظن البعض
للنظر مثلاً:
حارس بعينين
الكلب ينبح .. الحارس يلتفت هنا و هناك .. يبحث عن مكان الحادث .. و امرأة على الشرفة
تقص جوانب ( وردة ) بمقص .. الكلب ينبح في وجهها .. و الحارس يسألها :
ــ هل مر ( مجرم ) من هنا ..؟؟ ../
***
القصة تقول أن الجريمة هي في قص الوردة , وربما كانت الفتاة هي الوردة وهي الضحية والجاني في آن واحد , لكن الحارس لا يرى مثل هذه الجرائم
فكان عنوان القصة (
حارس بعينين
) ليؤكد على ذلك , إذن أضاف العنوان معنى مفقود في القصة أو لنقل كمل القصة
لكني أرى أنها بحاجة للتعديل , فلو وجد حرف لا مكان له فهو يسىء للقصةا المكثفة أكثر من القصة الطويلة
"الحارس يلتفت هنا و هناك .. يبحث"
هنا كمثال يلتفت هنا وهناك , لا أرى أن فعل يلتفت مناسب مع هنا وهناك
ربما كان فعل يبحث أقرب منه
كذلك تكرار كلمة الكلب ينبح
وأرى كذلك أنها تحتمل الإيحاء أكثر من ذلك خاصة وقد كشفت الجملة الأخيرة مراد القصة فكان فيها شيىء بسيط من المباشرة
لو انتهت هكذا ( الحارس يتأمل المرأة مستغرباً ثم يتابع البحث حواليه عن المجرم)
كذلك أرى أن كلمة شرطي أنسب من كلمة الحارس في القصة
لأن الشرطي هو من يبحث عن الجريمة لا الحارس
وتتجلى قصة المثل لدى حسين برطال
في قصة
في سنابل (مائة جلدة)
في قوس قزح
يتضمن التركيز والتكثيف وهي سمة في كل القصص
فهي تعكس فلسفة عميقة في كسر الشكل للوصول للمضمون
وليس كما يظن البعض أن أسطر القصة القصيرة جداً مغرية للاستسهال
فهي تفضح ضحالة الفكر فيما لو وجدت عبر هذه الأسطر
ملف ( وورد)
اللعب على معاني الكلمات الثانوية
أو لنقل لاستخدام كلمة تحمل أكثر من معنى لتفعيل مفارقة
وهي تحمل صيغة الطرفة
مطعم على(الأنتر- بَيْت)
كذلك طرفة ومفارقة
وهنا المفارقة ليست بالكلمة
بل بحدثين متقاربين
حقيبة سفر مننوع ( HP )
جدة الأفكار والقدرة على استخدام اللغة
واللعب على معانيها بغية تفعيل أفكار لم تكن
لتوجد إلا مع قاص لماح بأدوات متمكنة
حسين البرطال
قاص مميز
واستمتعت كثيراً بقصصه وبفنه الجميل
رغم أن المجموعات التالية كانت بفنية أقل من المجموعة الأولى , ولا تزال تدل على بحث القاص عن كلمات تعطي أكثر من معنى ليلعب عليها ويشكل مفارقة مثل هذه القصة
القوس ( الجريمة )
وضعت على وجهها "مسحوقا"..و لما نظرت في المرآة رأت "شعباً"
لكني أرى أن المفارقة ولو كانت جميلة لا تشكل قصة قصيرة جداً
لك تحياتي حسين برطال