الأدب الإسلامي
مدخل إلى الأدب الإسلامي
كتاب الأمة
صدر كتاب مدخل إلى الأدب الإسلامي للدكتور نجيب الكيلاني ضمن سلسلة 'كتاب الأمة' الذي يصدر من دولة قطر في مائة وخمسين صفحة من القطع المتوسط عام 1415هـ .
لقد ذهب النقاد منذ زمن مبكر جدًا مذاهب شتى حول وظيفة الأدب، ومع أنهم اختلفوا فيما بينهم في النظر إلى الوظائف الأخرى للأدب فإنهم اتفقوا جميعًا على نقطة واحدة؛ هي أن الوظيفة الرئيسية للأدب هي إمتاع القراء وإسعادهم، أما عن مفهوم الأدب الإسلامي خاصة فيراد به كل ما صدر من قول فني عن أديب مسلم أو ينتمي إلى الإسلام أو تمثل الإسلام في مبادئه حين إنشائه، ما دام ملتقيًا في الجميع مع تصور الإسلام للكون والحياة والإنسان؛ فالصدق الفني لا الواقعي هو المحل في دراسة الآداب، ولا شك أن أصل الفطرة الإنسانية الصافية التي خلق الله الناس عليها يكمن في كل شاعر، وفي سيرة الشعراء ما يكشف عن استعدادهم في هذا الجانب، من ذلك معرفتنا بتطلع الشاعر الألماني 'جوته' في 'الديوان الشرقي' إلى مقولات كبار أدباء الفرس الإسلاميين.
وقد تناول العديد من الكُتب مفهوم الأدب الإسلامي وأثره وخصائصه، ومن هذه الكتب كتاب [مدخل إلى الأدب الإسلامي]، وهو كتاب قيِّم للكاتب الأديب الإسلامي الكبير نجيب الكيلاني، تناول فيه قضايا عديدة حول مفهوم الأدب الإسلامي والأخطار التي تتهدده وعلاقته بالمجتمع مؤثرًا ومتأثرًا.
قسم الكاتب كتابه إلى مقدمة يبين فيها خلود الحضارة الإسلامية لارتباطها بالقرآن الكريم، والأدب عنصر أساسي منها، ثم يعرض لأقسام عشرة جاءت عناوينها مرتبة على النحو التالي:
- مفهوم الأدب الإسلامي.
- الأدب الإسلامي يصطلح كل العصور.
- البطل في الأدب الإسلامي.
- أخطار تهدد الأدب الإسلامي.
- الأدب الإسلامي والالتزام.
- الأدب الإسلامي وعلم الجمال.
- الأدب الإسلامي والمجتمع.
- الإبداع والتربية.
- الأدب الإسلامي وعلم النفس.
- مصطلحات جديدة للأدب الإسلامي.وفي مقدمة الكتاب عرض الكاتب لكلمة الحضارة التي ترمز إلى تلك القوة الفاعلة في صنع التكامل البشري وتحقيق الرخاء والسعادة للبشرية.. ويرى أن الحضارة الإسلامية نموذجٌ فريدٌ طابعًا وتأثيرًا، فهي حضارة حفظ لها القرآن الكريم خلودها وخلود عنصر من أهم عناصرها وهو الأدب, فهو لسان من ألسنة الدعوة الإسلامية التي تحرص في أولوياتها على القدوة والنموذج المحتذى، وتهتم في مضمونها بالفعل دون إهدارٍ للقول أو الانتقاص من دوره في نشر دعوة الحق.
كما يرى المؤلف أن الأدب الإسلامي أدب مسئول، والمسئولية الإسلامية التزام نابع من قلب المؤمن، يقول المؤلف: 'وارتباط الأدب الإسلامي بالمسئولية النابعة من صميم الإسلام يقي أجيالنا من السقوط في براثن تيه الفلسفات التي تعدُّ بالمئات'، ويضيف: 'إن الفلسفة الوجودية- مثلاً- لم تعد فلسفة واحدة بل عشرات، وسلاح الأدب الإسلامي الكلمة الطيبة.. قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [إبراهيم: 24، 25].
ويذهب المؤلف إلى أن الأدب الإسلامي يحرص حرصًا شديدًا على المضمون الفكري النابع من قيم الإسلام، ويجعل من ذلك المضمون ومعه الشكل الفني نسيجًا واحدًا معبرًا أصدق تعبير ومبينًا أوضح ما يكون البيان.
كذلك يستوعب الأدب الإسلامي الحياة بكل ما فيها من أفراح وأتراح، من أفكار وألغاز.. ويتناول قضايا شتى من منظور إسلامي؛ حيث ينهض بعزائم المستضعفين، وينصف قضايا المظلومين، وهو يبشر بمعاني الخير والحب والحق والجمال.. وأخيرًا فإن الأدب الإسلامي أدب الضمير الحي؛ تحيا به الأمة فتحيي به موات القلوب.
وتحت عنوان 'مصطلح لكل العصور' يرى المؤلف أنه في فجر الدعوة الإسلامية أقام النبي- صلى الله عليه وسلم- للشعر منبرًا في المسجد حيث قال: 'إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا'، وقد استلهم شعراء الإسلام ألفاظ القرآن في أشعارهم بالإضافة إلى قيمه وأحكامه، وبين كيف أن الأدب الإسلامي باقٍ مستمد بقاءه من القرآن الكريم كلام الله الخالد.. ومن ثَمَّ فاللغة العربية هي اللغة الطبيعية والأساسية للأدب الإسلامي؛ ولكن هذا ليس معناه اقتصار الأدب الإسلامي عليها، وذلك لاختلاف لغات العالم الإسلامي، ولأن الأدب الإسلامي لا يرتبط بعصر دون سواه، وإنما هو أدب كل العصور.
أما عن الأدب الإسلامي والالتزام فيرى الكاتب أن الالتزام منهج وأسلوب عمل وفق تصور معين، وهناك ما يعرف بالالتزام الذاتي؛ وهو الوجه الآخر للصدق، وليس في هذا خلاف، إنما يدور الجدل حول الالتزام الخارجي؛ ففي كل مجتمع قيود النظم تم وضعها لتستقيم حياة الناس، ويشتد الالتزام كلما تصلبت مواقف السلطة ولجأت إلى العقوبات القاسية، وأحيانًا يتحول الأديب إلى لومه للسلطة، وعندئذ تتضاءل حرية الأديب.
ويتناول المؤلف مفهوم الالتزام في الإسلام وهو الطاعة، والطاعة قناعة إيمانية وسلوك وترجمة سلوكية لذلك الإيمان، ويؤكد أن الالتزام في فكر المؤمن وسلوكه ليس نقيضًا البتة للحرية التي تصب لصالح المجتمع، فالحرية في الإسلام تنطلق من الإيمان بالله، والالتزام في نطاق الحرية الإسلامية، لا يضع قيدًا على فكرٍ ناضج، ولا يبطل مفعول أي جهد علمي بنَّاء، ولا يصادر أو يرفض إبداعًا فنيًا راقيًا.
وينتهي الأديب الإسلامي نجيب الكيلاني إلى أن الأدب الإسلامي وسيلة عظيمة لحمل قيم إسلامية ونشر أريجها في نسمات المجتمع، والتبشير بها بين الناس في قصيدة جميلة تحمل أبياتها عطر النفحات التي تشد الألباب وتستحوذ القلوب وتحرك النفوس وتحيي موات القلوب، فتنبعث الروح والحياة في الأمة لتعيد للعالم استقراره وأمنه..