ابنة الشهباء تدعوكم لجلسة سمر مع الأدب الملتزم بعنوان : الحياة موقف
بعيد عن وجودي , قريب من النفس!!..
جزع من البوح , قادر على البدء!!..
منقطع عن الوضوح , متلمّح في الغموض !!..
منقوص في تمام الفهم , مكتمل من الفطرة!!..
ماضيه وجه صدق , ودقة لمحه مرآة فكر !!..
نضج حديثه ثمرة يانعة , ولغته شدو لحن عذب ,!!..
يأمل إلا أن يترك ما يخلد في صدره راسخا في معرض بيانه , ليكون مستقبله مدارا حول لذة المجهول وألم المعلوم!!..
ذو طلعة متقلبة هو, يرحل من جو إلى جو دون ضرورة ولاتكلف ...
ثم يعدو وينطلق بسرعة الشهب إلى اضطراب الواقع , ونقائض الزمن!!..
حائر هو!!..
حائر بما يجري داخله !!..
يود أن يستمسك بعروة عهده لأنه ميثاق قطعه على صفحة عمره , ورسمه على صفحات خطوط تجربته!!..
ترى ما هو هذا الميثاق الموثوق !!؟؟؟..
أن تتمسك بالمبادئ والقيم في داخلكَ , وتنقلها إلى محيط غيركَ !!؟؟؟..
أليس هذا هو من بنات الخيال والحلم في عالمنا أيها القلم العزيز!! ؟؟؟..
أسئلة كثيرة قد أطرحها عليكَ قلمي الصدوق....!!
أتتخلى عن صدق كلمتكَ !!؟؟؟..
أتتخلى عن حديث صفحة عمركَ !!؟؟؟..
أتدع فطرة إلهامك تجتث من داخلكَ !!؟؟..
أتهجر إبداع فنك لئلا تُلقي بأسرار أمركَ !!؟؟؟..
أتهدم بركان عطائك الذي تسوق منه الخير والحب لكل من حولكَ !!؟؟؟..
أم تظن يا صديقي أنك غير مصداق في قولكَ!! ؟؟؟..
إذا لست أنت سوى مخادع ومنافق لمشاعر وفاء صدقكَ !!؟؟؟..
اعذرني يا حبيبي!!...
لم أحاول في اتهامي لك إلاّ لتخرج إلى الدنيا , وتعود من جديد إلى الفنّ والإبداع لترسم بريشة فنّك الطبيعة صارخة حيّة من خلال لعاب مدادكَ!!..
أيّ كان نوعها يا صديقي !!..
المهم أن تلبسها حلّة القيم والمبادئ , لتزيد من جمال الصدق وحيوية الحياة وإشراقة الفضيلة!!..
أنت الآن البقية المتبقية لي من الأمل !!..
أرجوك أن لا تتركها تعدو وراء الرياح الصرصر!!..
تدري أنت ما فعلت بآمالها تلك الرياح!! ؟؟؟..
لقد حطمتها إلى أشلاء ظماء جعلت من الروح لا تعي أيان مرساها من مجراها , إلا عندما تبرق عليها لتنير شمعة الدرب الصعب!!..
عُد إليّ من جديد !!..
لا تتركني وحيدة دون مؤنس لوحشة كربتي , فأنت دفع قوي لإيمان القلب ويقين الفكر !!..
أنتَ البلسم الشافي لعزاء وحدتي , ونور دربي .. من خلالك أحاول أن أعلو إلى السمو الراقي لفكرة الإيمان , وإقرار الحكمة والتبصر !!..
أنت مؤنس فأفصح لي عن وحشتي !!؟؟؟..
هل لك ذلك يا عزيز الرأي والفكر !!؟؟؟..
قوة غامضة تدفعني لألمسكَ!!..
لا تخف من أناملي , لا تهابها ...!!
فلن تضغط عليكَ إلا بقدرة تحملكَ , ولن تجرأ أبدا على عصركَ!!..
لا تريدك أن تكون يابساً ولارطباً , بل معتدلاً في قوّتك وغير باع لعنفوان كبريائكَ , ليقع الفكر صادقا في إلهامه , ومتميّزا في أسلوبه!!..
وليكن يا عزيزي شعار صفحتكَ :
تاج المروءة هو التواضع !!..
هذا التميّز حينما يستقيم لك سيطبع بطابع النفس وحقيقة الصدق , وإدراك الكلمة في قول الحقّ !!..
فالحياة موقف يا صديقي الحبيب!!..
والعالم ليس هو إلاّ فكرة غامضة , ولتكن أنتَ أسلو به الواضح المتجه نحو الذات فورا دون أن تلجأ إلى المسالك الوعرة المتعرّجة فترمي بالكمّ على عواهنه!!..
أَفْصح عما يدور في خلدكَ !!..
لا تخف إلا من واحد أحد لا شريك له , ولا تضعف إلا لذكرك آيات الله الخالق ربكَ!!..
النفس دائما تواقة إلى جمال لفظكَ, والقلب ملهوف لأن تصبّ فيه ماء مدادكَ , كي تكسو جدب أرضه بالثمار اليانعة , وتنثر جمال كلماته من الأزاهير الفواحة العبقة !!..
لكم أنا مشتاقة لأن تترعرع هذه الثمار والأزاهير من بين سطوركَ , ومداد ماء يراعكَ !!..
الحياة تكبر والنفس تصمد أمام التحديات والظروف , والنفس الأبية لشيء عظيم, وطهر نقي لا يتجسد فيها إلا روح الملائكة !!..
لكن ما من أحد منّا إلا وقد يخلط معها الشوائب والمعتقدات الزائفة اللاإنسانية لتنقلب بين الحين والآخر إلى نفس شيطانية!!..
فتعالَ إليّ أيها القلم !!..
أرجوك بسرعة عد إليّ, فأنا بحاجة إلى تحديد هذا الجزء اليسير من بقية صدق الفكر , وصفاء القلب , ومولد الفطرة !!..
لا تخف ما دمت تعرف حق ذاتكَ!!..
لا تخف ولتنطلق من جديد عبر معاني قيمة ومبادئ إنسانية , فبرسمك لتلك الخطوط الصادقة العريضة تُخرج الذات من كبوتها عندما تقف أمام صفحتكَ , وهي تأمل في كل ما تخطه أن يدخل حيّز السلوك والعمل !!..
أنتَ تضعها في موقف يشبه موقف الطالب لمثله الأعلى , يستمع النصح من معلّمه ويرنو أن يصل إلى قيادة مركزهِ ...
قلمي العزيز :
إنك بمثابة المنبّه الإنساني لهفوات الذنب وخطايا الإثم , ولا أريد إلاّ أن يوفقني الله العزيز القدير أن أحسن استعمال عريض خطكَ , ورسم صدق كلمتكَ !!..
فخذ بناصيتي , ولا تتركني أبحث عمن يمسك بيدي غيركَ ..
خذني إلى دعوة الإيمان بالصدق والحق ولا تخف , فأنت نعم الصديق الودود الوفي لصديقة عمركَ !!..
أدعو الله أن لا أتلّهى بك يوما من الأ يام للبطالة والعبث , ليأتي الكلم دائما من عصارة الأدب وصدق الفكر !!..
والله ما لمستك يوماً إلاّ وفي الفكر هذا المعنى الواضح في الحق!!..
أتذكر يا صديقي أنني ملأت مدادكَ من دموع الألم !!؟؟؟..
أتذكر أنني أتيت إليكَ مرهقة الجسد والنفس !!؟؟؟..
أتذكر أنني التمست رحمة رب الخلق عندما عرفت معنى لذة وعذاب المؤمن !!؟؟..
أتذكر أنني في البدء كنت أطمح دائما أن أخط كلماتي عن جمال الروح وعذاب القلب , ومن ثم أعود وأنتهي للتضرع والتوسل!! ؟؟..
أتذكر كل هذا يا حبّي !!؟؟..
والله لم أنسى هذا مدى العمر , لأنه لازال يسري في عروق الدم , ولا يمكن أن يجفّ مدى العمر !!..
إحساس عميق بالحياة لا يمكن له أن يخلط ما بين الصدق والكذب , لأن من شرطه قوّة الطبع , ومن أسلوبه فاض حصف اللغة , ومن مكانته ينبوع متدفّق لمركز السمو والعلو في الصدر!!..
أبدا يا صديقي!!..
أبدا يا صديقي لايمكن أن يُنسى!!..
أصارحك بأنني لازلت أحتفظ بالعهد وأذكره مراراً , لكن العهد يا صديقي
لا يطلب مني أن أبعد عن الأحوال الدقيقة الطارئة في النفس !!..
تلك تعبر عن حقائق ثابتة لا يمكن أن تتزعزع من كيان العمر , وأعدك أن تعلو دائما فوق الرذيلة , وتبحث عن عبارة سمو الصدق والفضيلة , ليأتي الإلهام مُخلصاً في صفته , ودقّة أسلوبه !!..
الأدب الحق هو الفضيلة الحية القابعة في النفس , وما عليكَ إلاّ أن تساعدني لأنطلق إلى أي حادثة أو واقعة حتّى ولو دخلت بها في تجربة مع ذات الروح !!..
أظن هذا لن يضيركَ أبدا , لأنه لن يكون ملهاة لمضيعة الوقت , بل سيكون الهدف الأعلى الذي أطمح إليه منذ زمن !!..
سيأتي القول محسنا في ذوقه , واختيار لفظه , وبناء هيكله إذا ما أخذت بيد صاحبته !!..
فجأة إذ بالقلم أجده يقف شامخا كالأشم يعلو ويعلو , ومن ثم يخطو خطوات جريئة إلى الأمام ليقف أمام صاحبته , ويحدثها برقّة جريان الماء العذب ويقول :
ها أنا يا صديقتي!!..
هاأنا !!..
مدي يديكِ !!..
بين أناملكِ أنا فاصنعي ما يحلو لكِ !!..
لكن مرة أخرى أرجوكِ أن تحافظي على مبادئ إنسانيتك ومشاعر قلبكِ , أرجوكِ
يا عزيزتي !!..
لولا هذه المبادئ الإنسانية لما اقتربت منكِ قيد شعرة , وكان بيني وبينك بعد المشرقين !!..
فالأدب هو السمو لضمير حيّ ويقظ لكل ما يعترضه من عوائق ومزالق ..
وإذا ما بقيت هذه العقيدة ثابتة في إيمان قلبكِ , وروح يقينكِ ... فلن تسطري على صفحاتك سوى تاريخ قلب أبى أن يستسلم وصمد لما يعترك في جنبيه من آلام وشجون , ولن تبدله حوادث الزمن بل سيبقي على عهد الوفاء والصدق لأمّة الحق !!..
لن يقبل حينها أن يخنع لمعمان الأسى الداهم , والحزن الدفين , بل سيظل صابرا ,ومن صبره سيكشف عن الأفق الصاخب أردية القنوط , ولباس الذلّ والهوان واليأس!!..
لا تيأسي يا صديقتي !!..
لا تقنطي من رحمة أرحم الخلق !!..
رغم أنني أعرف أن ما تحمليه في ذات قلبك حزناً دفيناً , وألما عميقا !!..
ولا حيلة أمامي إلا أن أقف بجانبكِ بين الحين والآ خر لأ لمس جرح كلمتكِ , وأحاول أن أضمدها بهدف أن تستمري في انطلاقة حياتكِ نحو مسيرة الصدق في قول كلمة الحق !!..
بقلم : ابنة الشهباء