من شعر الكاتب الشاعر العملاق العقّاد ...
حظ الشعراء
عباس محمود العقاد
ملـوكٌ، فأمّـا حالُـهـم فعبـيـدُ وطيـرٌ، ولكـنَّ الجُـدودَ قُـعـودُ
أقاموا على متن السحابِ فأرضُهـم بعيـدٌ، وأقطـارُ السمـاءِ بعـيـد!
مجانينُ تاهوا في الخيـال فودَّعـوا رواحةَ هذا العيـشِ وهـو رغيـد
وما ساء حظُّ الحالميـن لَـوَ انّهـم تـدوم لهـم أحلامُـهـم وتـجـود
فـوا رحمتـا للظالميـن نفوسَهـم ومـا أنصفَتْهـم صحبـةٌ وجُـدود
ويذرون من مسّ العذابِ دموعَهـم فيُنظَـمُ منهـا جوهـرٌ وعـقـود
بني الأرض كم من شاعر في دياركم غبينٍ، وغبـنُ الشاعِريـنَ شديـد
بني الأرض أَوْلى بالحيـاة جميلـةً مُحِبٌّ عليهـا مـن حُـلاه نضـود
مُحـبٌ تُناجيـه بأسـرار قلبـهـا ومهما تردْ في العيش فهـو يُريـد
على أنّه قد يبلـغ السُّـؤلَ خاطـبٌ خليٌّ ويـزوي عـن هـواه عميـد
بني الأرضِ لا تنضوا له السيفَ إنّهُ يُـذاد عـن الدنيـا وليـس يـذود
أُريدَ به للنـاس خيـرٌ فلـم يـزلْبـه عَمَـهٌ عـن نفسـه وشُـرود
تجمَّعـتِ الأضـدادُ فيـه فحكـمـةٌ وحمـقٌ، وقلـبٌ ذائـب وجُـمـود
حُماداه(1) صبرٌ في الحيـاة وإنّمـاهي النـارُ تخبـو ساعـةً وتعـود
مُقيمٌ على عرش الطبيعـة حاضـرٌولكـنّـه بـيـن الأنــام فقـيـد
إذا جـال بالعينيـن فالكـونُ بيتُـه ُفـإنْ مـدّ بالكفّيـن فهـو طريـد
وأقصى منـاه فـي الحيـاة نهـارُهُوأدنى منـاه فـي الممـات خُلـود
يرى الغيبَ عن بعد ، فمقبلُ عهـدهِ قديـمٌ، وماضيـه القديـمُ جـديـد
إذا عاش في بأسائـه فهـو مَيّـتٌ وإنْ مات عاش الدهرَ وهو شهيـد
شقاوتُه في الشعـر وهـو هنـاؤهُوليـس لـه عـن حالتيـه مَحيـد
جنونٌ أحقُّ النـاسِ طُـرًّا بهجـرهِأُولو الفهمِ ، لو أنَّ الفُهـومَ تُفيـد