حول «الشخصية المحمدية» المنسوب لمعروف الرصافي؟:
من يكون وراء هذا الكتاب المزور؟
بقلم: التهامي الهاني
يروج في بعض المكتبات التجارية، كتاب ضخم يتشكل من 770 صفحة من الحجم المتوسط، على الغلاف الخارجي كان عنوانه: «كتاب الشخصية المحمدية» وفي داخله أردف العنوان ما يلي «او حل اللغز المقدس»، ونسب للشاعر العراقي الشهير معروف الرصافي الذي عاش ما بين (1875م و1945م)
هذا الكتاب كما ورد في الاشارة المسجلة على الصفحة الرابعة، هو نسخة من الاصل، مع الوثائق الملحقة، محفوظة في احدى مكتبات جامعة «هارفارد» الامريكية التي تأسست سنة 1936 وهي لعمري من الجامعات الامريكية العريقة....
وتم طبع هذا الكتاب ونشره ب «دار منشورات الجمل» سنة 2002 بالمانيا..
وعلى الصفحة الخامسة ثم السادسة، قدمت دار النشر وصفا للمجلدات المصورة إثر ذلك كانت المحتويات وقائمتها طويلة، وتضمنت محاور تستفزك بسرعة لما فيها من عناوين مثل «هل محمد صادق فيما اخبر به وادعاه او «فكرة النبوة كيف حصلت لمحمد؟» وايضا «هل لمحمد كلام بعد النبوة؟» والعناوين التي تشي بخفايا صاحبها هي «اقتران الدعوة بالسيف» و»حروبه الدينية» و»العيون والجواسيس» و»جواسيسه السرية الخاصة» و»الجواسيس العلنية العامة» و»خزاعة كلها جواسيسه» و»العباس صاحب استخبارات محمد»
والذي تشمئز النفوس النبيلة بالاسلام منه، هو حديثه عن القرآن..مثل الادعاء بان القرآن هو من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ..
وسوف نرجع بالتفصيل للرد على ما ورد من ترهات في هذا الكتاب الذي يمكن ان نحوصل ما يستنتجه القارئ بعد الاطلاع عليه فيما يلي: الشك في كل محطات السيرة النبوية وفي صفات الرسول وانكار الدين الاسلامي وخلط سور القرآن ودمج المفردات القرآنية لتغيير الايات واخيرا نقول هو تخريب للسيرة النبوية وانكار للدين الاسلامي بالتشكيك في كل شيء.
والسؤال الذي يلقى بكل تلقائية، هو «هل أنّ هذا الكتاب (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغزة المقدس) هو من تأليف الشاعر العراقي : معروف الرصافي؟ واذا لم يكن هو المؤلف، من يقف وراء هذا التأليف؟
هل كان معروف الرصافي صاحب هذا الكتاب؟
بكل هدوء نتفحص هذا الكتاب ونبرز ما يساعدنا على كشف الحقيقة بكل موضوعية منتهجين في ذلك سبيل العقل واحكام الفكر حتى نقنع القارئ بما نعتبره حجة للمنطق، وقوة لطبيعة الاشياء والاحداث. لذلك نسجل الملاحظات التالية:
1 طيلة صفحات هذا الكتاب وعددها 770 صفحة، لا نعثر على عبارة (صلى الله عليه وسلم) حذو اسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهذا غريب على مؤلف يعتنق الديانة الاسلامية
2 لم تكن المراجع والمصادر مثبتة بالطرق المعهودة في كل بحث اكاديمي رصين بل نجد احيانا وفي كثير من المرات اشارات مبهمة تنم على أن الكاتب تعمدها لاخفاء ما يريد «تمريره» من أفكار غريبة واراء اغرب، مثل: «ذكر في بعض كتاب السيرة الخ»..
3 هذا الكتاب (كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس) تم تأليفه سنة 1933 في حين ان المراجع والمصادر المذكورة في آخر الكتاب نجد بعضها قد طبع بعد هذا التاريخ رغم ان الاعتماد عليها كان بعد الطبع وليس قبله... من ذلك:
كتاب المصاحف لابي حاتم السجستاني الذي صدر بمصر سنة 1936 وتحديدا بالمطبعة الرحمانية..
كتاب الكشاف عن حقائق التنزيل «ل جار الله الزمخشري مطبعة الحلبي بمصر سنة 1966.
ذكرنا هذا للتدليل على ان المؤلف ذكرها وكأنه اعتمد عليها اي هذه الكتب وهي مطبوعة ونظرا لكونها طبعت بعد تاريخ تأليف (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس) وهذا ما لا يستقيم..
كما ان القول بان كتاب «الكشاف عن حقائق التنزيل لمؤلفه جار الله الزمخشري وهو خطأ والصواب هو ان هذا الكتاب هو من تأليف ابي القاسم محمود بن عمر الزمخشري الذي عاش ما بين 1075م 1144م) والذي خلف عددا من الكتب مثل: «اساس البلاغة، والمفصل» والفاتق في غريب الحديث و»اطواق الذهب» و»نوابغ الكلم» بالاضافة طبعا لكتابه المشهور «الكشاف عن حقائق التنزيل»
وايضا نشير الى خطإ آخر وهو خاص بمرجع اعتمد عليه المؤلف كثيرا وهو (السيرة الحلبية) اي «انسان العيون في سيرة المأمون» لصاحبه (علي بن برهان الدين الحلبي)، والحقيقة هي: ان عنوان الكتاب هو «إنسان العيون في سيرة النبي المأمون» لمؤلفه نور الدين الحلبي فالخطأ واضح في عنوان الكتاب واسم المؤلف ايضا وهذا المؤلف له كتاب آخر بعنوان «زهر المزهر» الذي اختصر فيها (المزهر) للسيوطي.
كما ان مؤلف كتاب الشخصية المحمدية ذكر اسم السيوطي ب : عبد الرحمان السيوطي عوضا عن جلال الدين السيوطي وهو المشهور فالاخطاء كثيرة يطول حصرها.
4 معروف الرصافي، حسب هذا الكتاب، ألفه (أي الشخصية المحمدية) في «الفلوجة» بالعراق سنة 1933 وهنا نقطة إستفهام لو تصفحنا حياة الرصافي لوجدنا أنه من عشيرة «الجبارة» القاطنة في كركوك» ويقال انها علوية حسب ما ذكره احمد قبش في كتابه «تاريخ الشعر العربي الحديث» وولد الرصافي من اب كردي الاصل وأم بدوية عام 1875 وعاش في الرصافة في بغداد كان تعليمه متواضعا حيث انه دخل المدرسة الرشدية السكرية ولم يحرز على شهادتها.. تتلمذ على محمود شكري الالوسي طيلة سنوات، حيث تمكن من علوم العربية تم تعيينه مدرسا بالمدارس الابتدائية ثم بالمعاهد الثانوية رحل الى الاستانة، وفي سنة 1918 انتقل الى دمشق واثر ذلك عاد الى بغداد فتم تعيينه «نائبا لرئيس لجنة الترجمة والتعريب» واصدر صحيفة يومية بعنوان «الامل» سنة 1923 ولم تدم الجريدة سوى بعض الشهور وتقلب في الوظائف عين مفتشا في المعارف ثم مدرسا للعربية وادابها، ورئيسا للجنة الاصطلاحات العلمية وفي سنة 1928، استقال من الاعمال الحكومية ثم انتخب عضوا بمجلس النواب خمس مرات في مدة لا تتجاوز ثماني سنوات زار مصر سنة 1936 وانضم إلى ثورة رشيد عالي الكيلاني ونظم اناشيدها وفشلت الثورة فعاش منزويا، وهذا في اوائل الحرب العالمية الثانية وتوفي بالأعظمية في بغداد، ودفن في مقبرتها حذو قبر جميل صدقي الزهاوي سنة 1945.
سردت محطات حياة معروف الرصافي لنوضح للقارئ «تزوير الحقائق الموجودة» في كتاب (كتاب الشخصية المحمدية) فللرصافي اثناء سنة 1933 وما قبلها وما بعدها في مرحلة نشاط سياسي ومهني وثقافي لا يسمح له بالانزواء في مكان لا صلة له به اي الفلوجة ولماذا ذكرت الفلوجة دون غيرها من المدن العراقية، ألها صلة بواقع العراق اليوم؟ ثم اذا كان الامر فيه شك يجرنا ذلك الى الشك في تاريخ صدور الكتاب اي 2002، وحينها نميل الى الاعتقاد بان كتاب الشخصية المحمدية قد تم اصداره بعد الاحتلال الامريكي للعراق وجعل المكان والتاريخ للاستفزاز والتهكم...
اما مؤلفات الرصافي التي خلفها مطبوعة ومخطوطة هي حسب ورودها في كتاب «تاريخ الشعر العربي الحديث» وغيره من المراجع:
* ديوان الرصافي طبع عديد المرات وفي اكثر من بلد عربي اذ طبع الجزء الاول منه سنة 1910، ثم كاملا وهو الذي يوجد بين يدي، لكنه لا يحمل تاريخا، انما المقدمة الخاصة بالطبعة السادسة والتي حررها عبد الصاحب شكر البادراني مذيلة بهذا التاريخ 6 ديسمبر سنة 1957 ولا شك أنّه طبع بعدَ ذلك.
* دفع الهجنة في ارتضاخ اللكنة» وهي عبارة عن رسالة في الالفاظ العربية المستعملة في اللغة التركية وبالعكس... نشر في مجلة «لسان العرب» في الاستانة سنة 1331 ه
* «دفع المراق في لغة العامة من اهل العراق « نشر متسلسلا في مجلة لغة العرب
* رسائل التعليقات في نقد كتاب النثر الفني وكتاب التصوف الاسلامي وهما للدكتور زكي مبارك طبع للمرة الثانية في بيروت سنة 1957.
* نفح الطيب في الخطابة والخطيب «طبع سنة 1917
* «محاضرات في الادب العربي» أو «دروس في تاريخ اداب اللغة العربية» وهو جزءان القاهما في دار المعلمين ببغداد وطبع بها عام 1960.
* ديوان الاناشيد المدرسية لطلبة المدارس جمعها خليل طوطح مدير دار المعلمين بالقدس وطبعها هناك سنة 1920
* «تمائم التربية والتعليم» شعر لا نعلم عنه شيئا
* «على باب سجن ابي العلاء» طبع ونشر بعد وفاته
* «أراء ابي العلاء» مخطوط
* «الآلة والاداة» مخطوط
* «الادب الرفيع في ميزان الشعر» وقوانينه» طبع بغداد سن 1956.
* «مع الرصافي الثائر» طبع سنة 1962
* «مختارات من معروف الرصافي» جمعها الشاعر بنفسه وطبعت في بيروت سنة 1954.
* «المنهل الصافي من شعر الرصافي» وهو عبارة عن مختارات في المجالات الادبية والاخلاقية والاجتماعية والتاريخية التي جمعها الشاعر بنفسه، وطبعت ببغداد سنة 1964.
* «نظرة إجمالية في حياة المتنبي» حققه إبراهيم العلوي طبع ببغداد سنة 1959.
* «رواية الرؤيا» وهي ترجمة لرواية نامق كمال الشاعر التركي وطبعت ببغداد سنة 1909.
تلك هي مؤلفات الرصافي المطبوعة والمخطوطة والتي لا تتضمن هذا الكتاب (كتااب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس)،، اذا فالكتاب لم نعثر على إشارة اليه في اكثر من عشرة كتب لكن السؤال: لماذا تم اسناده لمعروف الرصافي دون غيره؟ لذلك نتفحص عقيدة الشاعر..
5 عقيدة الرصافي كان الرصافي مسلما سنيا وهو اشتراكي النزعة السياسية يفضل احكام العقل ويرفض العادات والتقاليد البالية وكان ثائرا على ما يراه في قومه من ظواهر تقديس القبور وزيارتها والتبرك بها وهو في شعره جريئا لانه شديد التعلق بالتقدم والنهوض بالمجتمع وحرية المرأة اذ يقول
يقولون في الاسلام ظلما بأنّه *** يصد ذويه عن طرق التقدم
فاذا كان ذا حقّا فكيف تقدمت *** اوائله في عهدها المتقدم
وان كان ذنب المسلم اليوم جهله *** فماذا على الاسلام من جهل سلم
لقد أيقظ الاسلام للمجد والعلى *** بصائر اقوام عن المجد نوم
واطلق اذهان الورى من قيودها *** فطارت بأفكار على المجد حوم
فهو يرى أنّ الاسلام لا يعوق التقدم بل يساعد عليه لان الاجداد تقدموا به في الماضي. فشعر الرصافي ناري، ثائر يرج كل سكون في المجتمع إذ يقول مستنهضا العرب بسخرية واضحة في قصيد بعنوان «الحرية في سياسة المستعمرين» يقول:
يا قوم لا تتكلوا *** ان الكلام محرم
ناموا ولا تستيقظوا *** ما فاز الا النوم
وتأخروا عن كل ما *** يقضي بان تتقدموا
ودعوا التفهم جانبا*** فالخير الا تفهموا
وتثبتوا في جهلكم *** فالشر ان تتعلموا.
إلى آخر القصيد..
المهم ان الرصافي شديد الحماس للثورة على كل شيء حتى انه قال رادا عن الذين اتهموه في دينه لثورته التي اشرنا اليها سابقا فهو يقول:
رماني القوم بالالحاد جهلا *** وقالوا عنده شك مريب
فمن ذا منكم قد شق قلبي *** وهل كشفت لكم في الغيوب
فعند الله لي معكم وقوف *** اذا بلغت حناجرها القلوب
يقيني شر قريتكم يقيني *** بان الله مطلع رقيب
وسبب الخدش في تدينه ما ورد مثلا في قصيد بعنوان «في حفلة الميلاد النبوي» والذي يبدؤه بمطلع
وضح الحق واستقام السبيل *** بعظيم هو النبي الرسول
قام يدعو الى الهدى بكتاب *** عربي قرآنه ترتيل
يتحدث في هذا القصيد عن (طموح الرسول وذكائه وحب الوصول الى المراتب العالية) رغم تمجيده للاسلام كثورة عربية وعالمية..
واذا ربطنا هذا النوع من الفلتات الشعرية مع كتاب (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس) عرفنا ما قام به الذين وقفوا وراء اصدار هذا الكتاب وما تضمنه من آراء تخرب الدين الاسلامي وتشك في كل شيء.
اذن من هو مؤلف هذا الكتاب (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس؟) المهم ان الرصافي كما بينا اعلاه لم يكن مؤلف هذا الكتاب ولكن لماذا تم اختيار الشاعر معروف الرصافي كمؤلف لهذا الكتاب (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس) وللاجابة عن ذلك نقول الاسباب كثيرة منها:
* ما عرف به الشاعر من مجون واستهتار ولهو يجسد تمهيدا لمثل ذلك الانفلات العقائدي
* شدة حماسه للثورة على واقع العرب والحث على طلب الحرية والعلم لنيل التقدم والازدهار وهذا ما يجعل الذين يقفون ورا'ء تأليف هذا الكتاب يعتقدون ان «ثورة الشاعر يمكن ان تفرز مثل تلك الكتابات».
* تحديد موقع التأليف وهو الفلوجة وهذه المدينة هي رمز الصمود والتحدي في سبيل استقلال العراق وحريته وهذه طعنة موجهة الى اهل السنة لان الشاعر سنيا ومكان التأليف هو الفلوجة وتخريب الدين من أهل السنة ومن هذه المدينة
* ما يلفت الانتباه هو ذاك «الايضاح عن النسخة الاصلية» وقد ورد في سطرين وهما :
«اطلعت على هذه النسخة من كتابي الشخصية المحمدية فرأيتها صحيحة كاملة خالية من الاغلاط في النسخ فلذا اجيز روايتها والنقل عنها كتبت هذا اعلاما بذلك وكان الامضاء في الاسفل باسم معروف الرصافي.
وهنا نسأل لماذا كتب هذا التوضيح وكيف اخذت هذه النسخة منه ومن هو الذي قدمها له ومتى كان ذلك؟ واذا كانت النسخة قدمت للرصافي حبا كما يظهر من خلال هذه الجمل لماذا يتم طبع هذا الكتاب سنة 2002 اي بعد وفاته؟ وعادة تنقل نسخ مخطوط ما لا تكون بمثل هذه الطريقة التي ترآى في تراتيبها وأحكامها، إذ كنت أعتقد أنني سأعثر على بعض الصور لصفحات كتبت بخط المؤلف...
وما أشير إليه في الصفحات الأولى من الكتاب «ان هذه النسخة الاصلية مع بعض الوثائق الملحقة بها، ولكن، أي هي تلك الوثائق؟
فالنسخة مزورة بلا شك، ونسبت الى الشاعر معروف الرصافي ظلما وتعسفا على شاعر تقدره الأمة التي طالما تغنى بأمجادها، وطالما نادى بتطويرها، وطالب بتقدمها
لكن هل كان مؤلفها يهوديا، وبالتحديد صهيونيا يرغب في تشويه سيرة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم..؟..
اذا تصفحنا الكتاب، وجدنا أن مؤلف (كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس) يعتبر ان الرسول صلى الله عليه وسلم «لم يكن عادلا؟؟؟! حسب زعمه، في التعامل مع مشركي قريش من ناحية ويهود المدينة من ناحية ثانية..
فهذا المؤلف يعتبر ان الرسول صلى الله عليه وسلم تعامل مع مشركي قريش بعطف ومع اليهود بقسوة، اذ جاء في الكتاب (ص: 32) « ولو ان محمدا استعمل عشر هذا العطف وهذه الرأفة (بأهله من قريش) قسوة، مع أن هؤلاء كقريش في عداوتهم له»
اما الحديث عن المسيحية، فهو الذي يبين لنا ان كان المؤلف يفضل اي الديانتين: اليهودية ام المسيحية فيقول المؤلف في (الحديث عن «الفرق بين قول اليهود وقول النصارى في صلب المسيح» ) (ص 689)» معلوم ان المعترفين بصلب المسيح هم فريقان، اليهود والنصارى، وبين الاعترافين بون بعيد وفرق عظيم، فأما إعتراف اليهود فهو من قبيل اعتراف القائل بجنايته، اذ كانوا هم الذين صلبوا، وان كان الذي صلبه غيرهم فهو من قبيل الاعتراف بصلب العدو للتشفي لانهم اعداؤه.. إلخ»..
وفي موضع آخر من الكتاب ورد ايضا (ص 689):
من تتمة قصة عيسى ما يعترف به اليهود والنصارى من صلبه وما يدعيه النصارى والمسلمون من رفعة الى السماء فالنصارى يقولون بالصلب والرفع معا، واليهود يقولون بالرفع دون الصلب، ولا ريب ان الصلب في حقيقته مصيبة فاجعة من المصائب التي أوجدتها الهمجية البشرية، فإيقاعه من قبل عتاة متمردين على شخصية مقدسة ممتازة بالنبوة للّه ينافى بحسب الظاهر قدسيتها ويحط من قدر منزلتها الرفيعة المقدسة.. إلخ» فمن خلال ما ذكرنا من استشهادات نسجل ما يلي:
تعاطف مع اليهود في تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم
ضد اليهود في مسألة صلب المسيح عليه السلام
المسلمون لا يقولون «ببنوة المسيح للّه» أي المسيح ابن اللّه.
الإستخفاف بالرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم وما ورد من أفكار تنكر الرسالة المحمدية حسب ما ورد في الكتاب سوف تتعرض له في موضع لاحق.
هذا كله يجعلنا نعتقد أن مؤلف الكتاب (كتاب الشخصية المحمدية او حل اللغز المقدس) هو مسيحي الديانة لإيمانه باللّه وتقديسه للمسيح عليه السلام وإنكار الإسلام والوقوف ضد اليهود في مقارنتها بالمسيحية..
ومما يؤكد يقينا هذا لإعتقاد التقاء أفكار مؤلف هذا الكتاب بما ورد في كتابي صدام الحضارات واعادة بناء النظام العالمي «لصاحبه صموئيل هنتنغتون و»نهاية التاريخ والانسان الاخير لمؤلفه فرانسيس فوكوياما»
بين كتاب (كتاب الشخصية المحمدية) ونظريات المسيحيين الجدد
قبل ان نقدم مقارنة بين ما ورد في الكتاب المنسوب زورا الى الشاعر معروف الرصافي (كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس) وما ورد في كتابات منظري «المسيحية الجديدة». وأطروحاتها حول «صدام الحضارات» و»نهاية التاريخ» وأساسا «إيديولوجيا الليبرالية الديمقراطية» ونحرص على تقديم بعض الملاحظات:
* أولا: اعتمد مؤلف «كتاب الشخصية المحمدية» على مرجع واحد، بل قل أنه تم الاستناد اليه بصفة تكاد تكون مطلقة وهو كتاب «إنسان العيون في سيرة النبي الأمين المأمون « المشهور بعنوان «السيرة الحلبية» لصاحبها علي ابراهيم بن احمد الحلبي المتوفي سنة 1624م / 1044 ه وهذا بدوره قد اعتمد على كتب مثل «سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد لمحمد بن يوسف الدمشقي الشامي المتوفي سنة 1533 م وكذلك كتاب «عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير» للإمام الحافظ فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد المعروف بابن سيد الناس المتوفى سنة 1333 م .
وللمزيد راجع كتاب أضواء على كتب السيرة النبوية «لصاحبه علي العريبي» .. وهذه الكتب حرصت على تقديس الرسول والسيرة الحلبية اختار صاحبها جمع الأحاديث والاخبار الضعيفة والروايات الأسطورية من أجل إضفاء القداسة على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلّم من أجل الحصول على الأجر والثواب دون مراعاة الموضوعية والحقيقة حتى بات من يقرؤها يستخف بها خصوصا إن كان من غير المسلمين.
وما يهم هو : أن ما نتج عن الخطأ هو الخطأ بالتأكيد.. كما أن التحليل والتأويل الذي أجهد المؤلف نفسه فيه، هو كاللاهث خلف السراب، ينال التعب دون نيل المنى .. كان الكتاب، الذي يتظاهر بغزارة في المعلومات التي استقاها من الاخبار الضعيفة والروايات التي لا يوثق بصحتها، يحوي الكثير من الأخطاء في النحو والصرف والتصريف (مثل وظائف الأسماء الخمسة، المضارع الجمع المسبوق بأداة جزم...الخ...)، وهذا لا يدخل في باب الأخطاء المطبعية التي نعلم متى تكون في النص وأين تكون في الكلمة...
ثانيا: أن مؤلف أو مؤلفي كتاب (كتاب الشخصية المحمدية) يتحدث عن «المسلمين مثل القول» كان المسلمون .. «أو للمسلمين ... فكأنه ليس منهم ...
ثالثا: السخرية من الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومن القرآن وجبريل عليه السلام ومن الصحابة ومن محطات في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)...
رابعا: هذا الكتاب يندرج ضمن الحملة التي يشنها الغرب ضد الاسلام والمسلمين ... وسوف نقدم لا حقا بعض هذه المحاولات التشويهية التي تنطلق من أكثر العواصم الغربية مثل باريس، روما ولندن وواشنطن وبون وغيرها من العواصم..
والآن نقدم للقارئ صلة هذا الكتاب المنسوب زورا للشاعر العراقي معروف الرصافي (كتاب الشخصية المحمدية) بما ورد في كتابات أمثال : «صموئيل هنتنغتون» و «فرانسيس فوكوياما» و «برنارد لويس» وغيرهم، وحتى نثبت أن هذا الكتاب هو محاولة، التي تحرص الدوائر الصهيونية والاستعمارية على نشرها للتشويه والإساءة للاسلام.
1 التشكيك في الرسالة المحمدية:
يقول «فرنسيس فوكوياما» في كتابه (نهاية التاريخ والانسان الاخير ص 71) ... أن الإسلام يشكل نظاما ايديولوجيا آخر متماسكا شأن الليبرالية والشيوعية، وله نظامه الأخلاقي الخاص وعقيدته الخاصة في العدالة السياسية والاجتماعية فدعوة الإسلام هي ذات طابع شمولي وهي تتوجه الى جميع الناس كبشر ليس فقط باعتبارهم أعضاء في مجموعة إثنية أو قومية خاصة... الخ»
فالاسلام، في رأي «فوكوياما» هو توجه حزبي لمجموعة بشرية ذات تنظيم جماهيري...
وورد في الكتاب المنسوب للرصافي، ما يلي (ص 20) إن الغاية التي يرمي اليها محمد من الدعوة الى الله أو من النبوة ليست بدينية محضة...»
ثم يواصل في موقع آخر : «إن الغاية ليست بدينية محضة، إنما الغاية التي يرمي إليها محمد هي إحداث نهضة عربية دينية اجتماعية سياسية ، تكون عربية المبتدأ، عالمية المنتهى، أي يقوم بها العرب في بدء الأمر ثم تعم وتشمل الناس جميعا في النهاية...»
فالشك في الديانة واضح، وتكرار عبارة «ليست بدينية محضة «دليل على القصد الذي يريد ابرازه مؤلف الكتاب .. وهذا الاستنتاج الذي أراد المؤلف أن يقنع به القارئ، خاطئ لأن من كان غرضه سياسيا ويريد تحقيق شيء من طموحه، عليه أن تظهر بوادر لتحقيق ذلك منذ سن الشباب، أي لا يمكن ان ينتظر الى سن الاربعين .. فالرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) لم يكن يهتم بأمر القيادة والزعامة طيلة عمره، بل أكثر من ذلك، كان منكفئا على نفسه، يحبّ العزلة والابتعاد على الناس، ولا أعتقد أن من كان هذا دأبه، يكون سياسيا يبحث عن الزعامة أو القيادة السياسية...
2 الدعوة الإسلامية، انتشرت بالسيف والحروب والعنف وفي هذا الصدد يقول «صموئيل هنتنغتون» في كتاب «صدام الحضارات» ص : 449 وما بعدها) الاسلام منذ البداية كان دين السيف، والاسلام انتشر بالسيف، ويثمن ويعظم القيم والفضائل العسكرية» وفي موقع آخر، يقول : «وهذا الأصل العنيف طبع في تأسيس الإسلام، محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نفسه يذكر ويشار له كمقابل صعب وقائد عسكري ماهر».
ومما ورد في الكتاب المنسوب للشاعر معروف الرصافي (كتاب الشخصية المحمدية) وتحت عنوان فرعي موسوم ب : «اقتران الدعوة بالسيف» (ص 284) : «... ولكنه لما هاجر الى المدينة، بعد بيعة العقبة الكبرى، قويت شوكته، واشتد جناحه بالانصار الذين بايعوه، والمهاجرين الذين تابعوه، وعندئذ قرن دعوته بالسيف ليقاتل خصوم دعوته بالسيف ليقاتل خصوم دعوته من الكافرين، إلا أن جريا على ديدنه في جميع أمور الدعوة، تدرج قرار القتال تدرجا منطبقا على مقدار ما عنده من قوة حربيةفحرص المؤلف على ربط الدعوة بالسيف والعنف واضح وهو ما ورد في كتاب «صدام الحضارات» ..
لهذا نقول ان كتاب «الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس» المنسوب زورا وبهتانا للشاعر معروف الرصافي هو تكرار ممجوج لما ورد على ألسنة المستشرقين وأعداء الاسلام أمثال «برنارد لويس» و «جون كلود بارو» الذي يقول «في 1990 بعد ان انهار العالم الشيوعي، بدأ أن الغرب الليبرالي بقي وحده سيد العالم في 1991 وآثار هذا الانهيار الكبير لم تنته بعد، وإذ بأصوات غربية ترتفع في جنوب وشرق البحر المتوسط مرددة : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، في الوقت الذي كان المفكرون يحتفلون بذبول الإيديولوجيات ونهاية التاريخ، هاهي ايديولوجية قوية وديانة وحشية تنبعث من عمق ثلاثة عشر قرنا، أية مفاجأة !... بالسفر في الدول الشيوعية، يعثر الأوروبي من جديد على الغرب، غرب فقير ومتخلف ولكنه الغرب على أية حال .. في الدول الإسلامية على العكس من ذلك المسافر الغربي يجد نفسه اليوم في كوكب آخر».
* الخاتمة
ما كان هذا المقال ردا على ما ورد في كتاب (كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس)، المنسوب زورا للشاعر معروف الرصافي، وسوف يكون الردّ بالتدقيق والتفصيل في موضوع آخر لكن الأهم أننا كشفنا زيف هذا التأليف، واختيار معروف الرصافي ومكان التأليف هو «الفلوجة» ما كان إلا «دسا» للسم في الدسم، وما كان أيضا إلا طفرة من الحقد الذي يكنه الغرب للاسلام والمسلمين .. فالكتاب تشويه للسيرة النبوية واعتداء على شخصية الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وسلم) ، واختيار «الفلوجة» هو تشويه لأرض الصمود والبطولات التي أظهرها أهل الفلوجة الأشاوس في مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق الشقيق.
الرصافي المفترى عليه ؟
زهير المعروف
جريدة التآخي - الإثنين 23 / 04 / 2007
جلب انتباه الادباء والمثقفين كتاب (الشخصية المحمدية) الذي ينسب الى شاعرنا العراقي المشهور معروف عبدالغني الرصافي المتوفى في بغداد عام 1945 ويتضمن الكتاب الطعن والتشكيك والاساءة الى رسول الرحمة والانسانية اشرف الورى المصطفى المختار سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذي بعثه الله رحمة للعالمين فانقذ العالم من عتمة الجهل والضلال الى نور الهداية والايمان ووصفه بقوله الحكيم (وانك لعلى خلق عظيم) في القرآن الكريم المنزه عن التحريف والتضليل لقوله تعالى (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)
فشاعرنا الرصافي الذي يعد احد اعمدة الفكر والقلم والشعر والادب له مكانه سامقة في هذا الميدان امتاز شعره بجزل العبارة وحسن الديباجة ووضوح النظم دون تكلف، هذا الشاعر المتجدد الذي انبرى عقودا طويلة يحارب الاستعمار والجهل والظلم والعبودية داعيا الى تحرير المرأة والزام تعليمها فنظم قصائد كثيرة في التاريخيات والفلسفة وحب الوطن ومختلف الفنون ومكارم الاخلاق لقوله (هي الاخلاق تنبت كالنبات اذا سقيت بماء المكرمات)
اما هذا الكتاب المنسوب اليه ففيه شك كبير لايعقله كل مثقف لبيب ان ينكب هذا الشاعر العراقي النبيل لتأليف مثل هذه التفاهات بعد ان قاسى وكابد الاضطهاد السياسي فتحمل النفي والحرمان والابتعاد عن الاوطان بسبب موقعه الادبي وشعره الجريء وقلمه الحر.
كما انه دافع عن الاسلام في قصيدته المشهورة (الاسلام) فقد انبرى الرصافي مدافعا عن دين الله الاسلام دفاع الدعاة الصادقين ورد اولئك الذين يزعمون ان هذا الدين حائل دون التقدم فيجلو لهم حضارة الاسلام الماضية يوم اشرق نوره فبدد ظلام الجهل والعبودية والرق والتخلف واوابد الجاهلية واطلق الاذهان من قيودها فشاع العدل والامن والسلام والحرية والتقدم في المجتمع الاسلامي ردحا من الزمن . بقوله :
لقد ايقظ الاسلام للمجد والعلى بصائر اقوام عن المجد نوم فاشرق نور العلم من حجراته على وجه عصر بالجهالة مظلم ودك حصون الجاهلية بالهدى وضوض اطناب الظلام المخيم
فاذا كان الرصافي مشككا بالاسلام والقرآن وخاتم الرسل والانبياء فلماذا يدافع عن هذا الدين انبل دفاع ويرد على اولئك الحاقدين على الاسلام بقصيدته العصماء (الاسلام)
لذلك بات لزاما على المسؤولين في وزارة الثقافة واتحاد الادباء ومن له باع في الشعر والادب ان يتحققوا ويتحروا عن مؤلف هذا الكتاب الدخيل على مكتباتنا الذي انتشر بين القراء ومن خلاله نبذ ثلة منهم الشاعر الرصافي استناداً على هذا الكتاب دون الرجوع الى ديوانه ليردوا الكتاب عن لسان باشعاره وقصائده التي دافع بها عن الاسلام كما ذكرناه آنفا .
لتبقى صفحة الرصافي ناصعة بيضاء لاتدسه مثل هذه الشوائب المراد تشويهه والتي تهدف الاساءة اليه . ويبقى الرصافي رمزا عراقيا شامخا ونجما متلألأ ساطعا في سماء الشعر والادب كما عرفه العراقيون.
لكي لا نكون ملكيين اكثر من الملك
الرصافي يعترف بأنه مؤلف (الشخصية المحمدية)
أحمد لفتة علي
جريدة التآخي - الإثنين 30 / 04 / 2007
في صفحة مفتوحة من جريدة (التآخي) الغراء وفي العدد (5011) ليوم الأثنين: 2007/4/23 مقال للاستاذ زهير المعروف بعنوان الرصافي المفترى عليه؟
وددت ان أزيل شكوكه وأفند الافتراء المزعوم بحق الشاعر الكبير معروف الرصافي واثبت بأن الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس هو كتاب من تأليف الشاعر الكبير ومن منشورات الجمل الطبعة الاولى ألمانيا عام 2002 ويقع الكتاب في 766 صفحة في القطع الكبير ومن المحال ان يقوم الدار بنشر مثل هذا المؤلف دون ان تتحقق من صحة الكاتب والكتاب المؤلف وهناك براهين كثيرة تثبت بالدليل القاطع بأن الشخصية المحمدية وبأقرار الشاعر معروف الرصافي هو من تأليفه حيث تشير الصفحة 13 من الكتاب إلى ايضاح عن النسخة الاصلية بالشكل الآتي: (إجازة الرصافي في النقل) اطلعت على هذه النسخة... من كتابي الشخصية المحمدية فرأيتها صحيحة كاملة خالية من الأغلاط في النسخ، فلذا اجيز... روايتها والنقل عنها... كتبت هذا اعلاماً بذلك معروف الرصافي وفي ظني ان الاستاذ زهير لم يقرأ ولم يتصفح (كتاب الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس) والذي يدعو فيه الى ان هذا الكتاب المنسوب اليه (يعني معروف الرصافي) ففيه شك كبير لا يعقله كل مثقف لبيب أن يكتب هذا الشاعر العراقي النبيل لتأليف مثل هذه التفاهات حسب قول الأستاذ زهير المعروف. وهنا أشير للأستاذ زهير وأحيله الى كتاب الشيخ جلال الحنفي (الرصافي في اوجه وحضيضه) الجزء الأول مطبعة (العاني - بغداد- 1962م في صفحة 264 حيث يذكر الرصافي في قصيدته (حقيقتي السلبية) او الذي ورد لذكر هذه القصيدة ايضا في كتاب الاستاذ مصطفى علي بعنوان (ديوان الرصافي (الجزء الاول شرح وتعليقات ص112-114 صادر عن مديرية الثقافة العامة بوزارة الأعلام مطبعة الحكومة - بغداد سنة 1972م حيث تكشف هذه القصيدة حقيقة الرصافي الذي فات الاستاذ زهير المعروف الاطلاع عليه وهو الباحث الحصيف وقد أثارت هذه القصيدة على معروف الرصافي ضجة الهيئات الدينية في العراق) في حينه حسب الأستاذ الشيخ جلال الحنفي وابيات القصيدة تقول:
أحب صراحتي قولاً وفعلا ** واكره ان اميل الى الرياء
فما خادعت من أحد بأمر ** ولا اضمرت حسواً في ارتغاء
ولست من الذين يرون خيراً * بأبقاء الحقيقة في الخفاء
ولا ممن يرى الأديان قامت * بوحي منزل للأنبياء
ولكن هن وضع وابتداع ** من العقلاء أرباب الدهاء
ويضيف الشيخ جلال الحنفي وحين ضج القوم على مثل هذه المقولة التي خرج بها على مفاهيم الأديان وتعاليمها، كان من بعض جوابه على ذلك في قصيدة له:
رماني القوم بالألحاد جهلاً ** وقالوا عنده شك مريب
فمن ذا منكم قد شق قلبي ** وهل كشفت لكم فيَّ الغيوب
فعند الله لي معكم وقوف ** إذا بلغت حناجرها القلوب
وهو ضرب ظاهر من المغالطة والتملص لا ينبغي لرجل مثل (الرصافي) أن ينهجه، فأن للرأي من القيمة والشأن ما يعدل سخط الساخطين فإذا تبين لذي رأي رأي يؤمن به ففيم يخشى اتهام الناس أياه بالكفر وغير الكفر.. وكيف لا يكون قول الشاعر ذلك حين ينفي (الوحي) ابطالاً لمبدأ الأديان وهدماً لكيانها الراسخ على اساس الوحي دون سواه، وكيف يبيح الشاعر لنفسه ان يقول في عقائد ما يشاء دون ان يكون لهم حق الاعتراض عليه. وللعقائد في كل نفس حرمها المحرم وقد قال في ذلك ابو العلاء المعري من قبل:
وإذا العقيدة في النفوس استفحلت ** فمن المحال بحجة ابطالها))
وفي مجلة الثقافة الجديدة في العددين 109- 110 تشرين أول سنة 1978 صدر العددان في مجلة واحدة) وفي ص125 -138 موضوع بعنوان الرصافي يتحدث عن نفسه.. نلفت نظر الأستاذ زهير المعروف اليه، وهذا الموضوع عبارة عن وثيقة قيمة يحتفظ به المجمع العلمي العراقي تتعلق بتأريخ حياة المرحوم معروف الرصافي وهذه الوثيقة كانت قد قدمت اليه من قبل الاستاذ كامل الجادرجي وكانت مجلة الثقافة الجديدة تأمل بأن يتفضل المجمع المشار اليه بنشرها لما فيها من فوائد جمة لمن يعنى بآثار كبار ادبائنا المعاصرين:
غير أن المجمع آثر تأجيل نشرها حتى تتم له دراسة حياة الفقيد دراسة شاملة)
وفي احدى أحاديث معروف الرصافي الى الأستاذ كامل الجادرجي وفيها يعترف الرصافي بكتابه لكتاب (الشخصية المحمدية) وهو حديث يوم 29 ايلول في عام 1944 وفي جانب من هذا الحديث يقول الرصافي؛ (بقيت مدة من الزمن محتاراً في امر معيشتي حيث ان راتبي كان لا يزيد على 12 ديناراً فقررت ان اهجر بغداد لسببين:- الاول: ان راتبي لا يكفيني في بغداد. والثاني:- أردت أن اشتغل أشتغالات فكرية بعيدا عن صخب العاصمة فقررت الذهاب إلى الفلوجة فذهبت الى هناك سنة 1933م او سنة 1932) وبقيت هناك اشتغل بكتابي (الشخصية المحمدية) حتى سنة 1941 ولما وقعت الحرب بين العراق والانكليز اضطررت على العودة الى بغداد.
سؤال من كامل الجادرجي الى شاعرنا معروف الرصافي
- هل أكملتم كتابكم المذكور؟
-لم اكمل هذا الكتاب لإن الكتاب كما تعلمون هو عبارة عن ملاحظات كنت أدونها كلما خطر لي خاطر حول هذا الموضوع. -هل في النية طبع كتابكم المذكور؟
-لو أتمكن اطبعه ولكن كما تعلمون أن الوضع لا يساعد على طبعه في العراق، حيث ان الناس لا يحتملون الآراء التي فيها.
ولو كانت الظروف تساعدني إذ كنت أذهب الى اوربا او الى تركيا فأطبعه هناك)
توضحت الامور يا أستاذ زهير فلا مجال للتأويل والتشكيك واعترف الرصافي جهاراً بأن كتاب (الشخصية المحمدية) هو من تأليف المرحوم معروف الرصافي.. كل ما في الامر انه يتطلب من الباحث اي باحث التروي والتمحيص التدقيق والدرس والمتابعة الجادة العلمية وليست المسائل موضوع التمني والرغبات الشخصية في المسائل والدراسات العلمية ومن هنا تجد ان الرصافي لم يفتر عليه ونردد مع الشاعر قوله:
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة * حفظت شيئا وغابت عنك اشياء
تلك بضاعتكم ردت اليكم
ردا على صاحب مقال (الرصافي يعترف بانه مؤلف الشخصية المحمدية)
زهير المعروف
جريدة التآخي - الخميس 10 /05 / 2007
تعقيباً على المقال المنشور للسيد احمد لفتة علي في صفحة (مفتوحة) بتاريخ 2007/4/30 وعنوانه (لكي لا نكون ملكيين اكثر من الملك.. الرصافي يعترف بانه مؤلف الشخصية المحمدية). اقول: اتضح لي جلياً بأن الكاتب لم يفهم مقالتي التي استنبطتها من ديوان الرصافي نفسه وبلسانه الفصيح وشعره المعجز البليغ في قصيدته (الاسلام) الذي دافع فيه عن الاسلام دفاعا مستميتا مبدداً اللبس والشكوك التي اتهم الخراصون بها الاسلام جهلا وبيت القصيد فيه:
لقد أيقظ الاسلام للمجد والعلا * بصائر اقوام عن المجد نوم
فهل يشك على قائل هذا البيت في عمق ايمانه واتهامه بالكفر والزندقة والالحاد كما جاء في كتاب (الشخصية المحمدية) والذي انتشر في المكتبات سريعا كسبا للمال فما هذا التدليس والتناقض الكبير بين فحوى هذا الكتاب وقصيدة الشاعر الرصافي الخالد ثم لماذا انتشر الكتاب في مثل هذه المرحلة الراهنة التي يمر بها العراق من غياب المعايير والرقابة على الكتب والمنشورات. بل اين كان هذا الكتاب مطمورا طيلة ما ينيف عن ستين عاما على وفاة شاعرنا الكبير الرصافي وسوف انشر مقتطفات من قصيدته (الاسلام) ليحكم عليه كل لبيب من اولي النهى واصحاب العقول النيرة ولم اعتمد في ردي على الكتاب كثرة التقولات لفلان او فلان بل استنتجتها من ديوان الشاعر نفسه والمنطق العقلي اما ما رد عليه الاخ احمد لفته علي معتمدا على التقولات ففيه ظن كثير وشكوك وتدليس وقد زج فيه الشيخ جلال الحنفي والمناضل كامل الجادرجي الذي كان يشجع الرصافي في نظم القصائد لثورة مايس التحررية عام 1941 كما ان الشيخ جلال الحنفي رحمه الله كان صديقي وكنت اجالسه كثيرا ولم اسمع منه ان يتهم الرصافي بالالحاد، علما بانني قبل ان اكتب مقالتي الكثير من الادباء والشعراء فلم اجد منهم من اقر بصحة هذا الكتاب. ثم كيف يتهمني بانني ادعي في العلم فلسفة وهو يطالع كل مقالاتي ولطالما حياني عبر الهاتف على مقالاتي الرصينة وقد لا يعلم بانني وريث علوم ابائي واجدادي الذين اغنوا المكتبات بتصانيفهم فمنهم العلامة الفهامة النحرير الشيخ غالب والعلاقة الفذا الشيح معروف المدرس السليماني والعلامة الشهير الشيخ حسين الهورماني وانا لعلى يقين بانه لا يعرف من هو معروف الرصافي ويجهل مآثره في تاريخ الشعر المعاصر لذلك اعرفه له بايجاز فالشاعر معروف عبد الغني الرصافي كوردي الاصل ينتسب الى قبيلة الجباري المشهورين في العلم والادب في كركوك وهو من نفس مدينة الاخ احمد لفته علي وقد تتلمذ على يد العلامة المشهور محمود شكري الالوسي وقرأ عليه فصولا في الفقه واللغة والمنطق ومنحه الاجازة العلمية ولقبه بالرصافي. وقد عين مدرسا في المدرسة الاعدادية ورحل الى الاستانة (اسطنبول) بعد اعلان الدستور العثماني واشتغل بالتعليم هناك وكتب الشعر في جرائدها شعراً اجتماعيا ووجدانيا وسياسيا ذا ايقاع تقدمي قياسا الى تقدميه ذلك الزمان. وانتخب ممثلا عن ولاية المنتفق نائبا في مجلس المبعوث العثماني وعاد الى بغداد مدرسا في مدارس الاوقاف العراقية ثم غادر الى الشام فالقدس وعين مدرسا في معاهدها فترة ثم عاد الى بغداد وبتوصية من الملك فيصل الاول عين مديرا في لجنة النشر والتأليف واستقال من منصبه لخلاف حصل بينه وبين ساطع الحصري. فاصدر جريدة (الامل) التي لم تدم طويلا ثم عين مفتشا في وزارة المعارف. وانتخب اكثر من مرة نائبا في المجلس النيابي وكان صوته فيه عاليا ومنددا بسياسة الاجانب في العراق وله دور فعال في ثورة مايس عام 1941 لنظمه البديع للاناشيد الوطنية والقصائد التحررية المناصرة للثورة وقادتها من الضباط الاحرار وبعد ان اخفقت الثورة ابتعد عن الجمهور وعاش وحيدا في بيته في الاعظمية منصرفا الى القراءة والتأليف والتأمل في كتابة مذكراته والتي لم تطبع وشن هجوما لاذعا على وثنية الماضي وحرض في قصائده وكتبه على ادانة الظلم وكان يمثل تيارا تقدميا في حركة الادب والشعر العراقي والعربي طبع ديوانه في بيروت سنة 1910 واعيدت طباعته عدة مرات وله مؤلفات في الادب منها الادب العربي عام 1921 والادب الرفيع في ميزان الشعر وقوافيه طبع بعد وفاته شغل الكثير من الباحثين في شعره فاصدر مصطفى علي وعبد الحميد الرشودي والشيخ جلال الحنفي وبدوي احمد كتبا في حياته الشعرية وضم الى موسوعات مشاهير اعلام العرب.
هذه نبذة مختصرة عن حياة شاعرنا الوطني معروف الرصافي الذي اخترق شعره الافاق بنظمه البديع وشعره الجميل والفاظة البليغة ولي العديد من المؤلفات والدواوين الشعرية لاساتذة اجلاء لم الحظ منهم من شك في وطنية وايمان هذا الشاعر ولو باشارة اما في يومنا هذا فيأتي الاخ احمد لفته علي الذي ليس له باع طويل في هذا الميدان الرحب والرحب المتلاطم والامواج وهو يجهل عن مآثر هذا الشاعر العملاق علما بانه كانت لي علاقة حميمة معه منذ ان عرفته موظفا في قسم الحسابات في كركوك واستغرب لتصرفه هذا وهو يعرف عمق تفكيري وغزاره ثقافتي كما انني استغربت من محرر الصفحة كيف هو الاخر يتهمني جهلا ويسمح بصدورهذا الرد العقيم. اعود الى مقالتي موضحا الاتي:
اولا اذا كان شاعرنا الرصافي ملحدا او مشككاً في الدين فلماذا يتم تخليده طيلة هذه العقود منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 وتعاقب الحكومات الملكية والجمهورية على السلطة علما بان اغلب الحكام كانوا يدعون انهم مناصرون للدين الاسلامي الحنيف وان قصائده تتصدر كتب اللغة والادب والنحو وعلى جميع مستويات المراحل الدراسية ليس فقط في العراق بل على مستوى البلاد العربية وان تمثاله مايزال في موقعه لحد الان بالرغم من سقوط مثيلاتها من النصب والتماثيل. الم يوجد شخص يدينه بقصيدة او مقالة او باشارة. في العراق او في الوطن العربي.
ثانيا: ليس كل متهم مدان فالسيد احمد لفته علي يورد عن لسان الشاعر قصيدته التي عنوانها (رماني القوم بالالحاد جهلا) وهنا يرد الناقد على نفسه من حيث لا يعلم يقول شاعرنا:
رماني القوم بالالحاد جهلا * وقالوا عنده شك مريب
فمن ذا منكم قد شق قلبي * وهل كشفت لكم ما في الغيوب
فعند الله لي معكم وقوف * اذا بلغت حناجرها القلوب
فيقول الاخ احمد لفته علي عن هذه الابيات هو التهرب والتملص من اقواله فيا نقاد الشعر والادب اهذا تملص وتهرب ام شجاعة لشاعرنا اذ يتهم الاخرين بالجهل والبلادة وعدم فهم مقاصده. فكم من شاعر خاطب الحكومات بلسان الحيوانات والالفاظ المبهمة فهل يرمى بالحمق والسذاجة كما ان كثيراً من الشعراء في تلك المرحلة من الانتداب البريطاني والاستعمار اتهموا بالزندقة والكفر والالحاد لتشويه سمعتهم والطعن في وطنيتهم ومنهم شاعرنا الرصافي وكذلك الزهاوي كيف لا يتهم الرصافي وقد كان لسانه سيفا قاطعا يخشاه الحكام او ليس هو القائل: انا
بالحكومة والسياسة اعرف * أألام في تفنيدها واعنف
علم ودستور ومجلس امة * كل عن المعنى الصحيح محرف
اسماء ليس لنا سوى الفاظها * اما معانيها فليست تعرف
ثالثا: ايعقل مثل هذا الشاعر الوطني ان يناقض نفسه بنفسه وهذا محال لان هذا الشاعر عانى النفي والتهجير من خلال شعره فلا يعقل ان ينطبق عليه قول الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك اذا ان فعلت عظيم
لذلك اكتب مقتطعات من شعره في قصيدته الاسلام ارجو التمعن فيه واستخلاص مضامينه.. والذي اثبت فيه شاعرنا انه احد خريجي مدرسة العلامة الشهير والداعي الاسلامي الكبير محمود شكري الالوسي الذي كان يومها يجيز فطاحل العلماء وقد اجاز الرصافي واورد هنا مقطعا من قصيدته (الاسلام) اذ يقول فيها:
يقولون في الاسلام ظلما بأنه * يصد ذويه عن طريق التقدم
فان كان ذا حقا فكيف تقدمت * اوائله في عهدها المتقدم؟
وان كان ذنب المسلم جهله * فماذا على الاسلام من جهل مسلم
هل العلم في الاسلام الا فريضة * وهل امة سادت بغير التعلم؟
لقد ايقظ الاسلام للمجد والعلى * بصائر اقوام عن المجد نوم
فاشرق نور العلم من حجراته * على وجه عصر بالجهالة مظلم
ودك حصون الجاهلية بالهدى * وقوض اطناب الضلال المخيم
وما ترك الاسلام للمرء ميزة * على مثله ممن لآدم ينتمي
ولا فخر للانسان الا بسعيه * ولا فضل الا بالتقى والتكرم
فهل مثل هذا الامر يا اولى النهى * يكون عثارا في طريق التقدم
وان لم يكن هذا الى المجد سلما * فاي ارتقاء بعد ام اي سلم؟
والقصيدة جميلة جدا من ثلاثين بيتا، كان الاجدر بالاخ احمد لفته علي ان ينتبه اليها مليا كونه يدافع عن الاسلام اكثر من الدعاة التقاه. وفي هذه كفاية لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد؟ فهل في شك في ايمان هذا الرجل؟ نصيحتي للاخ لفته ان يكثر من لقاءاته الصحفية بشكل مكثف وعليه ان لا يجهد نفسه بالتعرض الى الكتاب والصحفيين لانه ما يزال في بداية الطريق وهو شاق وصعب وليعلم ان لي باعا طويلاً في الصحافة لاكثر من عشر سنوات نشرت مقالاتي في الجرائد العراقية الرائدة باللغتين العربية والانكليزية وبعض المجلات المحلية وانني حاليا مدير تحرير مجلة الجنائن وقد نعتني بالجهل وقال: (قل للذي يدعي في العلم فلسفة حفظت شيئا وغابت عنك اشياء) وهذا تماما ينطبق على اديبنا الجديد القادم من كوكب اخر الذي لا يعرفه احد ولو كان كما يدعي لاكتفى بالمقالات العديدة التي نشرتها في هذه الجريدة عن حياة اعمدة العلم والادب والفلاسفة والمفكرين الذين اغنوا المكتبات الدولية والاقليمية في مختلف العلوم المعرفية فان كان متابعا جيدا للادب والعلم لحكم علي بالفطنة والادب الغزير
كما انني وجدت لديه تناقضا كبيرا ولا يمكنه نكرانه فعندما عقبت على قصيدة (يا براقا) للاستاذ الاديب والشاعر الدكتور بدرخان السندي التي القاها في الحفل التأبيبي لاستشهاد البطلة المناضلة ليلى قاسم مع كوكبة من مناضلي الكورد فكان اول من هاتفني متعجبا بتحليلي للقصيدة العصماء واطنب علي كثيرا من الاطراء والمدح بقوله لم ار او اسمع مثلك في تحليل الشعر بمثل هذا الاسلوب الجميل والعرض الجزيل فاذا به اليوم ينقلب مدحه ذما. فلله دره ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه فاجلها.
مشاركة إنترنتية بتاريخ 22 / 08 / 2008
ناصر التوحيد
تحوم الشكوك على الكتاب وحول مصداقية ما يحتوي لعدم وجود محقق للكتاب كما ان مصادر الكتاب تضيف عليه شكا اخر , فهي من وضع الناشر دار الجمل الذي طبعته عام 2002م !! وليس من وضع المؤلف !!
وهذا يشمل ايضا حواشي الكتاب فقد ذكر الناشر في صفحة المصادر تاريخ طبع احد المصادر وهو الكشاف للزمخشري عام 1966 والرصافي توفى عام 1945 كما ان عدد آخر من المصادر طبعت بعد وفاته فلا يعقل ان الرصافي اعتمد عليها , ويقول الرصافي (اذا كان عملي ناقصا فسببه قلة المصادر التي لدي فأنا الفت هذا الكتاب وليس لدي من امهات المصادر سوى اربعة وهي : السيرة النبوية للحلبي , وسيرة ابن هشام , والتفسير للزمخشري , ومعجم البلدان, وهذه الكتب الاربعة هي ايضا ليست ملكي وانما استعرتها من السيد مصطفى علي انظر كتاب د. يوسف عز الدين الرصافي يروي سيرة حياته ص 110 ) لذلك لا يصح كل ما لم يستشهد به من غير هذه المصادر التي ذكرها . علما ان المصادر المذكورة في نهاية الكتاب هي 30 مصدر .
وتاريخ تأليف الكتاب هو أحد الأخطاء التي ذكرها الناشر , فلا يعقل ان المؤلف الف هكذا كتاب بسنة واحدة كما ذكر ذلك الناشر في ص 4 ولا يمكن لاي دار نشر رصينة ان تكتب بدون تحقيق وتدقيق , فالرصافي قال في مقابلة في 29 ايلول 1944 ( قررت أن اهجر بغداد لسببين الاول ان راتبي لايكفيني في بغداد 12دينار والثاني اردت ان اشتغل اشتغالات فكرية بعيدة عن صخب العاصمة فقررت الذهاب الى الفلوجة , فذهبت الى هناك سنة 1933 أو سنة 1932 وبقيت اشتغل بكتابي الشخصية المحمدية حتى سنة 1941 ولما وقعت الحرب بين العراق وانكلترا اضطررت الى العودة الى بغداد وقال الرصافي لم نكمل هذا الكتاب , لان الكتاب هو عبارة عن ملاحظات كنت ادونها كلما خطر لي خاطر حول الموضوع. المصدر السابق ص 244 ) .
ان هذا يقودنا الى سؤال اخر عن النسخة الاصلية المكتوبة بخط الرصافي , فالناشر يوهمنا في الأيضاح المذكور في ص 13 هو أيضاح عن النسخة الأصلية , وهو فوق ذلك بدون تاريخ , وقد حذف منه جمل عديده بقصد سوف أوضحه , فالأجازة كتبت كما يلي :
أجازة الرصافي في النقل أطلعت على هذه النسخة ...... (النقاط ليست مني) من كتابي ( الشخصية المحمدية) فرأيتها صحيحة كاملة خالية من الأغلاط في النسخ , فلذا أجيز ........ روايتها والنقل عنها ...... , كتبت هذا أعلاما بذلك انتهى .
وهذه الأجازة لاتخص النسخة المكتوبة بخط الرصاقي المودعة عند المرحوم محمود السنوي , بل أنها كتبت أجازة لنسخة أستنسخها الأستاذ كامل الجادرجي في 15 آب 1944 , وذكر د. وليد محمود خالص نصها نقلا عن الاستاذ المدقق ميخائيل عواد وهي ( اطلعت على هذه النسخة التي استنسخها صديقي الفاضل كامل الخيام الجادرجي على النسخة التي كتبتها بيدي عن كتاب الشخصية المحمدية , فرأيتها صحيحة خالية من الأغلاط في النسخ , فلذا أجيز له روايتها , والنقل عنها والأعتماد على ماهو مكتوب فيها قبل طبع نسخة الكتاب الأصلية , ونشرها, وبما اني اثق بثقافة كامل الخيام , وبصدقه واخلآصه في مسائل العلم والأدب , كتبت هذا اعلاما بذلك ) .
والنص هذا مثبت في كتاب مخطوطات المجمع العلمي العراقي . ان عدم ذكر اسم الأستاذ المرحوم كامل الجادرجي معناه ان النسخة التي اعتمدت عليها دار النشر هي ايضا ليست نسخة الأستاذ الجادرجي !!! وان النسخة التي استنسخها المرحوم الجادرجي موجودة عند الأستاذ نصير الجادرجي ولم تعتمد عليها دار النشر
وهذا يقودنا الى توضيح آخر مع الأشارة الى نص الأستاذ قاسم علوان في نصوص عراقية العدد 25 وهو كالتالي :
1 ان النسخة الأصلية المكتوبة بخط الرصافي والمودعة عند المرحوم محمود السنوي هي لحد الآن مجهولة المصير .
2 كتب الأستاذ كامل الجادرجي نسخة بخطه في بداية عام 1944 , وطابقها محام معروف , وكنب الرصافي في صدرها الأجازة المذكورة آنفا , والنسخة هذه موجودة عند الأستاذ نصير الجادرجي .
3 توجد نسخة أخرى كتبها الأستاذ مصطفى علي بخطه , وهي غير معروفة المصير .
4 قام الأستاذ كامل الجادرجي بتصوير صورة فوتوغرافية للنسخة التي كتبها بيده , وأهدى النسخة المصورة للمجمع العلمي العراقي .
5 وهذا هو سر عد م نشر الأجازة كاملة .
ودار النشر مطالبة بتوضيح ذلك .
6 ذكر الناشر في صفحة 5 من الكتاب ( المجلدات المصورة ثمانية, وهي تحتوي على وثيقتين , وعلى بعض المستندات المتعلقة بها .) والوثيقتان هما الكتاب المتكون من 7 مجلدات, وصفحة واحدة : وصية الرصافي . وصفحة واحدة : تعريف بعنوان ( وصية المرحوم الرصافي ) . وصفحة ( فهرست كتاب الشخصية المحمدية ). وصفحة ( فهرست كتاب الشخصية المحمدية لمؤلفه معروف الرصافي) . والمجلد الثامن الفهرست بتنضيد موسع , وفي آخره صفحة غير مرقمة فيها خلاصة نصوص النظام الأجتماعي للدين اليهودي ..لم تطبع كل هذه المستندات ولا ندري لماذا ؟
تتلمذ الرصافي على العلامة محمود شكري الألوسي رحمه الله ، صاحب كتاب (بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب)، أكثر من اثنتي عشرة سنة، كان إذا رأى زميلاً له في المدرسة من غير جبّة خلع جبّته وأعطاه إياه، بل إنه كان يخلع حذاءه من رجله ويعطيها لمن يجده بحاجة إلى حذاء، مع أنه كان لا يملك غيره، وكان كثير المواظبة على الصلاة، ويمشي في طريقه مرتدياً الجبّة، والعمامة على رأسه، وعيناه في الأرض لشدّة ورعه، فلقّبه أستاذه الآلوسي بلقب (الرُّصافي)؛ نسبة إلى شيخ قديم معروف بالتقوى والصلاح في محلّة الرصافة ببغداد. وسافر الى استانبول وعُهد إليه تدريسُ الخطابة في مدرسة الواعظين التي أسستها وزارة الأوقاف، والف كتابه (نفحُ الطِّيب في الخطابة والخطيب) , وعاد الى بغداد، وعيّن مفتشاً للغة العربية بوزارة المعارف، وانتقل من هذا المنصب إلى دار المعلمين العالمية ليتولّى تدريس اللغة العربية وآدابها. وبعد أن أمضى في مهنة التدريس أربعة أعوام استقال، واكتفى بالمقعد النيابي الذي شغله خمس مرات متتالية خلال ثماني سنوات، وكان ذلك سنة (1933 م).
ومن شعر الرصافي :
هي الأخلاقُ تَنبتُ كالنباتِ * إذا سُقيتْ بماء المَكْرُماتِ
ولم أرَ للخلائق من محلٍّ * يُهذّبُها كحِضنِ الأمّهاتِ
فحِضنُ الأمّ مدرسةٌ تَسامتْ * بتربية البنينَ أو البناتِ
وأخلاقُ الوَليدِ تُقاسُ حُسناً * بأخلاق النساء الوالداتِ
لكن يقول عنه عبداللطيف شرارة في كتابه عنه ( الرصافي ، ص 38 ) ..وانتقل فجأة من وقور ملتزم إلى خليع يقتنص اللذائذ ويتهالك على اللهو .
ولكن ليس بعيدا ان يكون الكتاب من وضع قسيس متعصب وحاقد ومفتري فهناك كتب وضعها قسس متعصبون وحاقدون ومفترون بنفس المضمون ومنسوبة لاسماء مجهولة ...
وهناك العديد من الابحاث الاخرى - غير هذه التي نقلتها لبعضهم هنا - والتي تشكِّك بصحّة نسبة الكتاب الى الرصافي , وتقع مسؤولية الإنتحال او الزيادة او الانقاص وما شابه على عاتق دار النشر .
فهناك زيادات لفظية مدسوسة في الكتاب ككلمة التلفاز الذي لم يكن على ايام الكاتب ولفظ مهندس الكون الاعظم الماسونية وموضوع التعليقات الجانبية مثل الاستطراد ............. الخ مما ذكر بعضها اعلاه .
وذكر وصية الرصافي يستوجب الأقرار بأحقية من أوصى لهم الرصافي من حصة بيع الكتاب ,لان الوصية نصت على ذلك . ان نص الوصية مذكور في كتاب د. يوسف عز الدين عن الرصافي ص314 وهي ( كل ماعندي من الكتب المخطوطة التي كتبتها ان تباع لمن يرغب في شرائها على ان له حق الطبع والنشر, ولا يكون لي فيها سوى الاسم , ويدفع المال الحاصل من بيعها الى بنات عبد) .
فهل وصل اي واحد من الموصى لهم اي مبلغ من دار النشر
والغريب انه في الوقت الذي منعت فيه وزارة الثقافة المغربية عشرات دور النشر التي تهتم بالكتاب الإسلامي من المشاركة في معرض الكتاب الدولي في الدار البيضاء عام 2007 , واعترضت على مئات العناوين وصادرت حق مجموعة من المكتبات في عرض كتب التفسير وعلوم القرآن وكتب قصص الانبياء الخاصة بالأطفال وغيرها .. وإشراف الوزير بنفسه على تنظيم لقاءات توقيع كتب تروج لثقافة الشذوذ والإباحية.. باعت دار ''الجمل''، وهي الدار التي منحها الوزير امتيازات مجانية بحكم علاقة الصداقة التي تربط الشاعر الوزير بالشاعر العراقي خالد المعالي مدير هذه الدار، كتابا بعنوان ''الشخصية المحمدية '' ينال من القرآن ومن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بافتراءات يدعيها , وبيع في معرض يقول السيد الوزير بأنه لا مجال فيه لكتب الشعوذة الثقافية وبأن الكتاب الإسلامي حاضر ؛ فضمن أي نوع من هذين الصنفين ندرج كتاب'' الشخصية المحمدية ''وغيره من الكتب. علما أن مثل هذه الكتب منعت في معرض القاهرة ومعرض الجزائر ومعارض عربية أخرى. ولم يكتف بالتمكين للكتاب الذي يمسخ قيم المجتمع، بل مكن أيضا للفكر الواحد من خلال استضافة رموز العلمانية المتطرفة، وإقصاء الرأي الآخر من الذين تحتفي بهم كل معارض ومنتديات العالم .. ولكن يقصيها صاحب مبادرة الانفتاح.!!!