النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: هل صحيحٌ أنَّ الإيجازَ هو البلاغة؟

  1. #1 هل صحيحٌ أنَّ الإيجازَ هو البلاغة؟ 
    مشرف
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    2,180
    معدل تقييم المستوى
    20
    [align=center]هل صحيحٌ أنَّ الإيجازَ هو البلاغة؟
    الدكتور بكري شيخ أمين يرد على ذلك فيقول في مقدمة كتابه البلاغة العربية في ثوبها الجديد " علم المعاني "،
    في تعريف البلاغة فيقول :
    " البلاغة العربية تتمثلُ أولاً وأخيراً في النصوص المكتوبة أو الملفوظة وحدها. ونختلف رأيا ما رُوِيَ على لسان ابن المقفع حين سئل عن البلاغة فأجاب :
    ( البلاغة اسم يجري في وجوه كثيرة، منها ما يكون في السكون، ومنها ما يكون في الاستماع، ومنها ما يكون شعراً، ومنها ما يكون سجعاً ومنها ما يكون خُطًباً، وربما كانت رسائلَ، فعامَّةً ما يكونُ من هذه الأبواب، فالوحي فيها، والإشارة إلى المعنى أبلغ، والإيجاز هو البلاغة ).
    كذلك نختلف وما جاء به ابن المعتز من أن البلاغة ( البلاغة هي البلوغ إلى المعنى، ولما يَطُلْ سًفَرُ الكلام. ).
    ونخالفُ الخليلَ بنَ أحمدَ الفراهيدي الذي عرّف البلاغة بأنها ( ما قَرُب طرفاه، وبَعُد منتهاه. ).
    السكوت بلاغة، والاستماع بلاغة، والإيجاز بلاغة...
    إنا إذا ما أخذنا بهذه الأحكام جاز لنا أن نقول قياسا : المشي بلاغة، والأكل بلاغة، والشرب بلاغة، والضحك بلاغة، والصفير بلاغة، في بعض الحالات ...
    أبداً هذا ليس بصحيح، إنا نستطيع أن ندعو تلك التصرفات " تكيفا " مع الموقف
    أو " تلاؤما " مع الظرف، ونستطيع أن نطلق على أي اسم، أو صفة،
    ولكن لا يمكن أن نسميها " بلاغة " .
    والإيجاز كذلك .. إنه ما دام ينسرب في الكلام المحكّي أو المكتوب فقد يكون من البلاغة حيناً، ومن غير البلاغة حينا آخر .. وقد يكون الموجز مصيباً في موقف، وغيرَ مصيبٍ في موقفٍ آخرَ. ..
    انظر إلى قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام إذ سأله : "
    {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى. }
    طه( 17-18)
    أو ليس اللهُ – جلَّ جلالُه – هو الذي خلق موسى، وخلق عصاه، ويعرف السبب من أجله حمل موسى عصاه ؟ إذن فلماذا كان السؤال أولاً ؟ ولماذا كانت هذه الإجابة المسهبة المفصّلة ؟ ألم يكن أولى بالسائل ألاّ يسأل، وبالمجيب أن يختصر، ولا سيما أنه في حضرة ملك الملوك، ومن يعرف الظاهر والباطن، والسرَ وأخفى؟ ألم يكن بعيداً عن البلاغة – في رأي ابن المقفع، وابن المعتز، ومن عرّ ف البلاغة بالإيجاز ؟
    مخطئون هؤلاء القوم حين قَصَروا البلاغة على الإيجاز، دون قيد أو شرط، لأنهم نسوا أن الإيجاز عيب حين يكون الحبيبُ مع الحبيب، وحين تحلو النجوى، ويلّذ الحديث، وتطيب المناجاة . وهل كان موسى – عليه السلام – إلّا محبّاً أو حبيباً في آن واحد ؟ وهل أحبّ إليه من هذا الموقف الرائع يسأله حبيبه الذي فضله بالرسالة، واصطفاه واجتباه ؟ ويجيبه موسى يفصل له، ويشرح ... وموسى إن لم يسهب في مثل هذا الموقف، فأين يحسن الإسهاب، ويُستحب الشرح والتفصيل ؟
    عبثٌ إذن أن نقول : السكوت بلاغة، والاستماع بلاغة، والإيجاز بلاغة وأمثال هذه الأقوال، لأن للظروف أحكامها، وللمواقف متطلباتها .والبلاغة الحق، إضافة إلى كونها المكتوب أو المسموع، هي التي تقدر الظروف، والمواقف، وتعطي كل ذي حق حقه، سواء أكانت شعراً أم نثراً، مقالاً أم قصةً، مسرحيةً أم حكاية، مديحاً أم هجاءً، غَزَلاً أم استعطافاً ..."
    [/align]
    أمينة أحمد خشفة
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: هل صحيحٌ أنَّ الإيجازَ هو البلاغة؟ 
    مشرف
    تاريخ التسجيل
    May 2006
    المشاركات
    2,180
    معدل تقييم المستوى
    20
    ويتابع حديثه خلال المبحث الثامن لنفس الكتاب "البلاغة العربية في ثوبها الجديد علم المعاني "، وعنوان الفصل هو " الإيجاز والإطناب والمساواة "
    فيعودإلى المقدمة التي بدأ بها كتابه فيقول :
    ( وخرجنا بنتيجة أن البلاغة ليست في الإيجاز، ولا في الإطناب ...إنما البلاغة أن نخاطب الناس على قدر عقولهم ...تحدث العلماء بلغة العلم، والأدباء بلغة الأدب، والصغار بما يحبه الصغار، والنساء بما تفهمه النساء وتهفو إليه قلباً وعقلاً. ....)
    ونجد أنه يثبت لنا أن الذكاء والفطنة قادرة على أن تبلغ هذا العلم فيقول :
    ( البلاغة فن رفيع، وذوق مرهف، وكلمة مجنحة، وروح عذبة شفافة، وذكاء حاد عظيم .
    إني لأميل إلى تغليب أثر الذكاء على العوامل الأخرى، فالذكي وحده يبلغ ما لا يبلغه العالم والغنيّ والأديب وسواهم من العالمين )
    ويضرب لنا أمثلة في ذلك فيقول :
    ( يتكاثر الخصوم السياسيون على عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه - وشنوا عليه غارات كلامية . وغارات حربية، حتى وصلوا إلى الكوفة، وفعلوا بأهلها الأفاعيل ..والكوفة عاصمته، وأهل شيعته ...ونادى بالناس : حيّ على الجهاد في الصيف، فاعتذروا إليه بشدة الحر، فأمهلهم إلى الشتاء، وجاء الشتاء، فدعاهم إلى الجهاد، فتعللوا بالبرد، واقتحم عدوهم عليهم قلب بلدهم، فلم يتحرّك لهم ساكن، ولم تَثُرْ فيهم نخوة، ولا كرامة ......
    أفبعد هذا كله يحدّثهم عليّ - كرّم الله وجهه - حديث الوداد، أو يكلمهم بعبارات المحبة، أو يوجز لهم القول المؤنّب ....
    لقد وقف – رضي الله عنه – وألقى خطبة مسهبة، لا أعظم منها ولا أروع .. رماهم بشهب وصواعق، وتركهم سبّة الأجيال على مدار الزمان ....
    " يا أشباه الرجال ولا رجال، حُلُومُ الأطفال، وعقولُ ربّاتِ الحِجال ..لوَدِدْت أنّي لم أرَكم، ولم أعرفكم، معرفةٌ جرّتْ – والله – ندمًا، وأعقبت سدمًا ...قاتلكم الله ...يُغَارُ عليكم، ولا تُغيرون، ويٌعْصى الله وترضوْن ..."
    أفليس المقام الذكي موجبًا لهذا السباب، ولهذه اللعنات،
    ولهذه الكلمات النارية القاتلة ؟؟...
    ومن ثم نجد يعود بنا إلى الحديث النبويّ فيقول :
    ( في حديث نبوي شريف لخّص رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الدين الإسلامي بكلمة واحدة فقال : الدين المعاملة
    ولو حاولنا أن نفسر ما تعنيه هذه الكلمة لوجدناها تنطوي على جوهر الدين كله، عبادةً، وتعاملًا، وسلوكًا ..
    هذا الإيجاز جاء ليحفظه الإنسان على ظهر قلب، وليعرف دائمًا قيمة عمله ...أهو من الدين أم من غير الدين ...
    بهذه الكلمة استطاع الرسول العظيم أن يجمع المعنى الكبير تحت لوائها ...وهذا هو الإيجاز الرائع، والبلاغة الحقّ....
    ومن ثم يتابع ليبيّن لنا تقويم جديد للإيجاز والإطناب فيقول :
    ( يخيل إلينا أن الإيجاز والإطناب يصبّان في مجرى واحد، هو
    " المساواة ".
    والذي نعنيه بـ " المساواة " موافقة المعاني لمقدار الألفاظ، لا يزيد بعضها على بعض .
    فالرجل الذي وقف أمام ملك، أو عظيم، أو وزير، أو عالم، وعبّر عن حاجته بكلمات معدودة، هو في ظاهر الحال رجل موجز، كلامه القليل أدّى مراده، وفعل فعله في نفس سامعه الذكّي العظيم ... وكان ذلك هو المطلوب ...
    والسياسي الذي يقف أمام جماهير بلده، ويخطب فيها، مبيّنا لها السياسة التي ينهجها، والخطة التي يرسمها، والمستقبل الذي ينتظرها، والعقبات التي يواجهها، والأعداء التي يحاربها، والأصدقاء التي يسالمها ...يحتاج إلى كلام كثير، وشرح وتفصيل، وأدلّة وبراهين، لأن هذه الجماهير خليط من الناس، فيها المتعلّم، والجاهل، والمغفّل، وذو الفهم السقيم ....
    إذن الغاية التي سعى إليها الرجل أمام الملك، والسياسي أمام الجماهير :
    واحدة.ٌ .
    فالأولى رمى إلى قضاء حاجة، أو جرّ منفعة، ووصل إلى ما أراد بكلامه الموجز، والثاني رمى إلى كسب ودّ الجماهير، وطاعتها، أو سوقها إلى حرب أو سلام، ووصل إلى ما أراد بكلامه الطويل .
    أفلا نستطيع بعد هذا كله أن نقول :
    إن الإيجاز والإطناب يؤدّيان إلى غاية واحدة، ويصبّان في مجرى واحد، هو " المساواة ". )

    التعديل الأخير تم بواسطة بنت الشهباء ; 17/04/2008 الساعة 01:23 PM
    أمينة أحمد خشفة
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. أبتاهُ إنَّ فراقَكمْ أضناني
    بواسطة زاهية في المنتدى الشعر
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 27/08/2008, 01:23 AM
  2. باب البلاغة
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى لسان الضاد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08/01/2008, 11:02 PM
  3. خاطرة فكر : همُّ الشّـــعر
    بواسطة يوسف الباز بلغيث في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08/12/2007, 03:41 PM
  4. سؤال فى علم البلاغة
    بواسطة فاطمة الغانم في المنتدى لسان الضاد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01/12/2007, 06:55 PM
  5. أمِّ الرَّبابِ
    بواسطة شيندال في المنتدى الشعر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09/11/2007, 05:34 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •