صفحة 1 من 6 1 2 3 4 5 6 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 12 من 63

الموضوع: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

  1. #1 مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    د. حلمي محمد القاعود
    ...................................

    ولد في قرية المجد ـ محافظة البحيرة في جمهورية مصر العربية عام 1946م.
    *حصل على شهادة الدكتوراه في البلاغة والنقد الأدبي والأدب المقارن من كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة عام 1985.‏
    *عضو هيئة التدريس في كلية الآداب بجامعة طنطا (قسم اللغة العربية).‏
    *عَمِلَ أستاذاً مشاركاً بكلية المعلمين بالرياض (1989 ـ 1990م).
    *حاز على جائزة المجمّع اللغوي بالقاهرة 1968 وجائزة المجلس الأعلى للثقافة 1974م.
    *عمل رئيساً لقسم اللغة العربية بكلية الآداب ـ جامعة طنطا (2000-2004م).
    *له العديد من المؤلفات المطبوعة في الإسلاميات والأدب والعلوم، منها:
    **في الإسلاميات:
    1-مسلمون لا نخجل.
    2-حراس العقيدة.
    3-الحرب الصليبية العاشرة.
    4-العودة إلى الينابيع.
    5-الصلح الأسود: رؤية إسلامية لمبادرة السادات والطريق إلى القدس.
    6-ثورة المساجد .. حجارة من سجيل.
    7-هتلر الشرق.
    8-جاهلية صدام وزلزال الخليج.
    9-أهل الفن وتجارة الغرائز.
    10-النظام العسكري في الجزائر.
    11-.. واسلمي يا مصر.
    12-حفنة سطور.
    13-التنوير: رؤية إسلامية.
    14-دفاعاً عن الإسلام والحرية
    في الإعلام:
    1-الصحافة المُهاجرة.
    في الأدب والنقد:
    1-الغروب المستحيل (سيرة الروائي محمد عبد الحليم عبد الله).
    2-رائحة الحبيب (مجموعة قصصية).
    3-الحب يأتي مُصادفة (رواية).
    4-مدرسة البيان في النثر الحديث.
    5-موسم البحث عن هوية (دراسات في القصة والرواية)
    6-محمد (ص) في الشعر العربي الحديث.
    7-القصائد الإسلامية الطوال في الشعر الحديث.
    8-الرواية التاريخية في أدبنا الحديث: دراسة تطبيقية.
    9-الحداثة تعود.
    10-الورد والهالوك: شعراء السبعينيات في مصر.
    11-لويس عوض: الأسطورة والحقيقة.
    12-الواقعية الإسلامية في روايات نجيب الكيلاني.
    13-الرواية الإسلامية المعاصرة: دراسة تطبيقية.
    14-حوار حول الرواية في مصر وسورية.
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    مدخل إلى البلاغة القرآنية

    المدخل إلى البلاغة القرآنية –
    تأليف الدكتور حلمي محمد القاعود
    الناشر : دار النشر الدولي بالرياض – 2007م
    عدد الصفحات :320 صفحة .
    يدور هذا الكتاب حول القرآن الكريم وبلاغته من خلال ستة فصول تسبقها مقدمة ( خطبة الكتاب ) يتحدث فيها المؤلف عن رحلته مع القرآن التي تجاوزت الستين عاما مذ نذرته أمه للقرآن حين ولد ، إن أبقاه الله حيا ؛ حيث عاش ضعيف البنية ، يعاني من متاعب صحية شتى ، وكان حلمه أن يتم آخر كلمة في هذا الكتاب ، وقد حقق الله له هذا الحلم ، وظهر الكتاب إلى الناس يحمل خبرة طويلة في قراءة القرآن الكريم عبر ستة فصول يتحدث أولها عن الجوانب التاريخية للقرآن الكريم من حيث أسباب النزول ، وعملية التدوين ، واللغة التي نزل بها الذكر الحكيم , وفي الباب الثاني يتناول الكتاب الجانب الأسلوبي من حيث اللفظ والآية والفاصلة والسورة ، ويطبق على ذلك في الفصل الثالث عارضا للقيم العامة من خلال الأسلوب القرآني ثم الصور البلاغية والمشاهد الحية .
    ويتوقف الكتاب عند الإعجاز القرآني في الفصل الرابع فيتحدث عن معجزة القرآن وآراء العلماء فيها قديما ، والرؤى المعاصرة التي تناولت الإعجاز القرآني علميا أو إعلاميا أو عدديا أو دعويا أو تربويا أوغير ذلك .
    في الفصل الخامس وقفة مطولة مع فضل القرآن الكريم على العرب واللغة العربية والعلوم التي صنعت حضارة العرب والمسلمين .الفصل الأخير يخصصه الكتاب للقصة القرآنية من حيث طبيعتها وصفاتها والبناء القصصي مع دراسة نماذج تطبيقية من القصص القرآني مثل قصة يوسف و قصة موسى عليهما السلام .
    في الخاتمة يؤكد المؤلف أن القرآن الكريم هو صمام الأمان لأمتنا المظلومة ، وهو الذي سيحررها بإذن الله تعالى ، حين تصغي إلى آياته وتحولها إلى سلوك عملي وتطبيقي بعد أن تدرسها وتفقهها فقها صحيحا ، وتعتمدها منهجا وطريقا إلى غد يقوم على الإخلاص والجهد والإتقان والمعرفة والتفوق في كل مجالات الدين والدنيا .
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    «واحد من سبعة»
    قصص للأطفال، الدكتور حلمي محمد القاعود
    .................................................. .................

    من يعرف الكاتب وكتاباته الجادة الصارمة ، لا يتصور أنه هو الذي يكتب للأطفال في هذا الكتاب الذي صدر بمناسبة موسم القراءة للجميع . ولكن من يعلم أن الكاتب بدأ حياته بكتابة القصة القصيرة والرواية قبل أن تشغله القضايا العامة فضلا عن الواجبات العلمية والنقدية لا يستغرب هذه المفاجأة اللطيفة .
    إن الكتاب يضم ست قصص من التاريخ الإسلامي يقدمها المؤلف للصبيان والبنات في إيجاز وبساطة ولغة مختارة بعناية ، بل إن الكبار أعجبوا بها لأنها تقدم لهم صفحات ناصعة من تاريخنا الإسلامي منذ صدر الدعوة الإسلامية حتى فتح القسطنطينية ( استانبول الآن )..
    تحكي القصة الأولي ما قام به الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري وقد بلغ الثمانين من عمره ؛ عندما أصر على المشاركة في أول جيش إسلامي توجه بقيادة يزيد بن معاوية لفتح القسطنطينية ، ولم يستجب لرجاء يزيد بالبقاء بل أصر على الخروج مع الجيش وأوصى أن يدفن على أسوارها إن لم تفتح .. وكان له ما أراد ! حتى جاء محمد الفاتح القائد العثماني بعد مئات السنين وفتح المدينة ، فأعاد دفنه في داخلها ، فقد عده الفاتح الحقيقي.
    القصة الثانية تحكى قصة عكرمة بن أبى جهل وإسلامه وجهاده من خلال قصة مؤثرة يظهر فيها إيثار الصحابة وتضحياتهم .
    القصة الثالثة تحكى قصة صحابي آخر هو زيد الخير كما سماه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن كان اسمه زيد الخيل .
    القصة الرابعة التي صارت عنوانا للمجموعة تحكي قصة بلال بن رباح وقصة تمسكه بالعقيدة وجهاده في سبيل الله حتى توفي عام 20 للهجرة.
    وتحكي القصة الخامسة قصة عمر بن الخطاب وعدله في الرعية ، حيث حقق الأمن والقوة للبلاد والعباد.
    القصة السادسة عن أم سلمة رضي الله عنها ، وقصة هجرتها من مكة إلى المدينة المنورة برفقة عثمان بن طلحة ، ليجتمع شمل عائلتها حيث استشهد أبوسلمة وكافأها الله بالزواج من النبي – صلى الله عليه وسلم – لتكون أما للمؤمنين جميعا .
    أعد رسوم الكتاب الفنان عصام طه، وهي رسوم جميلة ومعبرة ، وتعبر عن شموخ أبطال القصص التي وردت في الكتاب .
    الناشر: كتاب قطر الندى، العدد (164)، القاهرة.
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    معركة الحجاب والصراع الحضاري
    تأليف الدكتور حلمي محمد القاعود
    الناشر مركز الإعلام العربي بالقاهرة 2008م
    - يقع في 136 صفحة من القطع المتوسط.
    يقول الناشر عن هذا الكتاب إنه جهاد بالقلم انتصارا للحجاب في معركة الغرب ضده ، وكشف لأغوار هذه المعركة ودلالاتها وأهدافها . وتتبع تاريخي لجذور العداء الغربي للحجاب الذي بلغ ذروته في فرنسا – دولة الحرية والإخاء والمساواة – بقرار الحكومة الفرنسية منع الطالبات المحجبات من دخول مدارسهن ، لتقف العلمانية الغربية في مفترق طرق ، وتقدم بنفسها دليل إدانتها ، وعدم مصداقيتها .
    والكتاب تعرية للنخب المثقفة العربية المسلمة التي تضافرت مع الغرب في حربه ضد الحجاب ، ولم تتورع عن الافتراء على النصوص القرآنية الصريحة ، ولي عنقها لتقدم مبررات مغلوطة لموقفها العدائي من الحجاب .
    ثم إن الكتاب كشف لنوايا الغرب الحقيقية في موقفه من الحجاب الذي انتقلت إليه الحملة العدائية ضده من فرنسا إلى دول أخرى مثل ألمانيا ، وهولندة ، وبلجيكا ، متسترة تحت زعم " تحييد المؤسسات العامة وتجنيبها مخاطر الصراعات العقدية ، واحترام القواعد الأساسية للحياة المشتركة" – كما ورد في تصريحات الرئيس الفرنسي السابق " شيراك" أثناء أزمة الحجاب في فرنسا عام 2003م ، فالهدف الحقيقي غير المعلن هو تحييد الإسلام وإبعاده بمحوريه الديني والحضاري معا .
    الكتاب بعد ذلك محاولة لإنعاش الذاكرة التاريخية للنخب المثقفة التي تناصر الغرب في موقفه المتعسف من الحجاب لتربط بين هذا الموقف وغيره من المواقف على مدى حقب التاريخ ، ومراحل العلاقة بين الإسلام والغرب ، وتدرك أن معركة الحجاب حلقة في سلسلة متصلة .
    وإجمالا – يقول الناشر – نقدم هذا الكتاب توعية للقارئ العربي بهذه المعركة كإحدى آليات الصراع الحضاري بين الإسلام والغرب .
    إنه جهد تأصيلي قام به مشكورا الدكتور حلمي محمد القاعود في إطار دفاعه عن القيم الحضارية الإسلامية ، ووقوفه الصارم – بقلمه – في وجه محاولات الغرب لطمس وتشويه هذه القيم ، بل واستعداء بعض أهلها عليها .
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    إنسانية الأدب الإسلامي
    تأليف الدكتور حلمي محمد القاعود
    الناشر : بستان المعرفة ، كفر الدوار بحيرة ( مصر)، 2008م
    عدد الصفحات : 74 صفحة من القطع الكبير .
    هذا الكتاب لقطات حول طبيعة الأدب الإسلامي ومنهجه وأبعاده كتبها المؤلف على مراحل ، قبل أن يكتب مؤلفة الموسع ( الأدب الإسلامي : الفكرة والتطبيق – دار النشر الدولي بالرياض 1427هجرية = 2007ميلادية ) ، ورأى أن هذه اللقطات تكمل جوانب جديدة تضاف إلى الدراسة الموسعة .
    ويؤكد الكاتب على أن الأدب الإسلامي حركة تجديد للأدب العربي الحديث والمعاصر وآداب الشعوب الإسلامية الأخرى ، حيث يستعيد هذا الأدب للأمة هويتها الضائعة وخصائصها المطموسة بفعل تأثيرات صاخبة وعواصف عاتية ، هبت من هنا وهناك لتنال من تماسك المجتمع العربي والإسلامي وتستبدل قيما بأخرى .
    وتهدف هذه الرسالة القصيرة إلى تشجيع أدبائنا على مراجعة كثير من المواقف والتصورات التي تجعل من أدبنا عنصرا بناء لمستقبلنا ، وعامل استعادة لدورنا الحضاري الذي فقدناه بفعل أعاصير وانتكاسات وهزائم يعرفها جميع المثقفين في الأمة .
    كما يؤكد الكاتب على أن الأدب الإسلامي أدب نصوص قبل أن يكون أدب شخوص ، فالنص الأدبي النابع من تصور إسلامي أو رؤية إسلامية هو أدب إسلامي بامتياز مهما كانت شخصية قائله .
    وينفى الكتاب تهمة الطائفية التي يرمي بها البعض الأدب الإسلامي ، فالإسلام يسع الإنسانية كلها ، والعالم بأسره ، لأنه دين الرحمة والتعاطف والمودة والتعارف والتآلف والسلام الذي يرفرف على المجتمعات كلها ، في ظل الحرية والعدل والاحترام المتبادل .. وقد ظل هذا الأدب سائدا على مدي ثلاثة عشر قرنا حتى هبت العواصف والأعاصير ..ثم إن ربط الدين بالحياة في الإسلام قضية عقدية ، ومن ثم فهي أساسية حيث يفترض أن يكون سلوك المسلم ترجمة لعقيدته ، وإيمانه ، وإلا فإن إسلامه يكون مجرد إسلام لفظي لا قيمة له ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ، وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا ) الحجرات : 14
    الإسلام هو مظهر الإيمان ، وهو ترجمة لهذا الإيمان إذا تطابق السلوك مع الفكر ، والعمل مع القول ، والممارسة مع التصور ، بدون ذلك يدخل المسلم دائرة أخرى يسميها القرآن الكريم " النفاق " !
    لقد غير الإسلام تصور الجاهليين فكتبوا أدبا إسلاميا بلغتهم وأساليبهم وفنونهم الأدبية التي يعرفونها ، والتي عرفوها فيما بعد .
    يشيد الكتاب ببعض الوسائط التي أسهمت في التعريف بالأدب الإسلامي ، وناقشت قضاياه ، وأكدت على وجوده.
    رد مع اقتباس  
     

  6. #6 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    العصا الغليظة ( ثلاثية الاستبداد – القهر – التخلف ).
    تأليف الدكتور : حلمي محمد القاعود
    الناشر : دار المختار القاهرة - 2008م
    عدد الصفحات : 224 قطع متوسط
    يقول المؤلف:
    هذه الكلمات كانت صدى لأحداث جرت في الفترة القريبة الماضية ، وتمثل نتائج لواقع مؤسف تعيشه أمتنا عامة ، وشعبنا المصري خاصة ، منذ مطالع القرن العشرين ، ومازال مستمرا حتى اليوم ، ويزداد سوءا كلما مر بنا الوقت ، مما يعطي انطباعا بالتشاؤم والإحباط وفقدان الأمل في المستقبل !! ويمنح هذه الكلمات مشروعية القراءة والتأمل حتى تتغير الأحوال !
    شعوب العالم كلها حتى تلك التي لم يكن لها اسم على الخريطة الدولية ، عرفت كيف تتعايش وتتوافق وتؤسس لبناء حضاري في الصناعة والزراعة والتجارة والاقتصاد ، وقبل ذلك العلم والمعرفة وتجديد الدماء السياسية والفكرية والثقافية ، ولكننا نخطو إلى الأمام خطوة ، ونعود إلى الوراء خطوات .. وسبب ذلك واضح لا يخفى على أحد ، وهو " العصا الغليظة " التي تستخدمها السلطة ضد شعبها ، ترفعها مؤقتا في بعض الأحيان ، ولكنها تعود وتستخدمها بشراسة أشد ووحشية أكبر ، مما جعل "المصري " بلا قيمة ولا ثمن ، داخل وطنه وخارجه على السواء ، مهما علت مكانته وارتفع مكانه ...
    إن ثلاثية الاستبداد والقهر والتخلف تمسك بخناق الشعب ، والأمة ، مما أعطى لأعدائنا وخصومنا فرصة العمل " الآمن " ! داخل أوطاننا ، وصرنا "معرّة الأمم" ، لولا ومضات تبرق هنا وهناك تبشر بالأمل والعمل والمقاومة والتضحيات ، وهو ما يضع على عاتق شعوبنا مهمة صعبة وشاقة في مقاومة الاستبداد والقهر والتخلف جميعا ..
    لقد شهدنا على مدى عامي 2004، 2005م ، حراكا سياسيا ملحوظا ، ولكنه كان قاصرا على نخبة محدودة، دفعت ثمنا باهظا لمواقفها ، في ظل قسوة بوليسية مفرطة ، وتهالك إداري واضح ، وفساد غير محدود ، وكذب مفضوح تقوم به أبواق مأجورة من مثقفي السلطة وكتابها ، ومع توالي الكوارث والمصائب التي تصيب المصريين مثل غرق العبارات ، وتصادم القطارات ، والإصابة بأوبئة الطيور والحيوانات .... فإن الأمور في حاجة إلى استنهاض الهمم واستثارة العزائم لمعالجة أوضاعنا المتردية والانهيار الاجتماعي الاقتصادي الثقافي التعليمي التربوي .. والعلاج يبدأ بوصفة بسيطة جدا وسهلة للغاية أسمها : " الحرية " .. وبالحرية يمكن أن نبني وطنا حقيقيا ، وأمة واعدة ..
    رد مع اقتباس  
     

  7. #7 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    حصيرة الريف الواسعة : مواقف نقدية وقضايا ثقافية
    تأليف الدكتور : حلمي محمد القاعود
    الناشر : بستان المعرفة ، كفر الدوار ( بحيرة ) – 2007م
    عدد الصفحات : 188 صفحة .
    هذه فصول قصار كتبت في سنوات قريبة مضت ، تناولت بالنقد والتحليل نصوصا أدبية ونقدية ودرامية جديدة ، وفيها أيضا حديث عن بعض الأعلام المعاصرين في مناسبات مختلفة ، فضلا عن بعض القضايا التي تتصل اتصالا وثيقا بالحياة الأدبية والفكرية الراهنة مازال معظمها يراوح مكانه ويشكل حالة سلبية في الواقع الثقافي .
    وقد سميت هذه الفصول " حصيرة الريف الواسعة " انطلاقا من المقولة الشائعة في الريف " حصيرة الريف واسعة " ؛ فالقرية بالنسبة للمؤلف حيث يقيم ويعيش هي المبتدأ والخبر ، وكثير من مادة هذا الكتاب تنتسب إلى الريف وأهله ومشكلاته .. ، ثم إن تنوع مادة الكتاب وتشعبها تجعل القارئ يجد في حصيرة الريف ؛ مجالا ملائما للمشابهة في الرحابة والاتساع .
    معظم النصوص التي يعالجها الكتاب تنتسب إلى جيل الشباب أو أدباء النضج الذين أهملهم النقد ، ولم يلتفت إلى إنتاجهم أو كتاباتهم ، ويحسب لهذا الكتاب أنه قدمهم إلى الجمهور القارئ أملا أن يكون ذلك بداية لمتابعتهم وتحليل إبداعهم ونصوصهم .
    أما الأعلام الذين تناولهم الكتاب وهم من المعاصرين وبعضهم من الذين رحلوا دون أن تتوقف عندهم أجهزة الإعلام الأدبي كما ينبغي ، أو تشير إلى بعضهم مجرد إشارة اعتمادا على نظرة أحادية تسود الحقل الأدبي ، وتجعل صاحب المبادرة بالعلاقات العامة هو الأكثر حضورا وبروزا واهتماما ، علما أن هؤلاء الأعلام أصحاب إنتاج له قيمة لا تبلى ، وجهد لا ينكر ، مما يجعل الالتفات إليهم ضرورة سواء في الجامعات أو الدوريات المتخصصة .
    صفحات هذا الكتاب تدعو إلى تحرير الأدب والثقافة في بلادنا ومناقشة الوسائل الفعالة والأساليب الناجحة من أجل تحقيق هذا التحرير ، وهي دعوة تستحق من المخلصين من أدباء هذا البلد ومثقفيه – وليس كتاب السلطة – أن يدرسوا نواحي القصور في ثقافتنا حتى تكون الثقافة قاطرة للتحول والدخول إلى عالم أفضل وأكرم .
    رد مع اقتباس  
     

  8. #8 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    الشخصية الإسلامية في أدبنا الحديث

    بقلم: أ.د.حلمي محمد القاعود
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    تعرضت الشخصية الإسلامية في أدبنا الحديث إلى السخرية والزراية بطريقة غير مسبوقة في أدبنا العربي على امتداد تاريخه الطويل، وقد تفنن المعادون للتصور الإسلامي والموالون للتصورات المادية والاستعمارية في تصوير الشخصية الإسلامية تصويراً بشعاً وقبيحاً وفصامياً، يقوم على التناقض بين القول والفعل، والكلام والعمل، لدرجة أن المرء - من أي ملة كان - يعتقد من خلال هذا التصوير أن الشخصية الإسلامية لا تتفق وطبيعة الحياة، وأن الإسلام - وهذا هو الأهم - لا يصلح ليكون منهجاً وطريقة سلوك، فعلماء الدين ورموزه الذين تصوّرهم الأعمال الأدبية منافقون وكذابون وزناة ومرتشون ومصالحهم تسبق معتقداتهم! بل إن هذه الأعمال أسرفت في تصوير المسلم بصفة عامة، حين جعلته "يطبع" علاقاته مع الانحرافات السلوكية التي تتناقض مع العقيدة والشريعة، لدرجة أننا نرى البيت المسلم مثلاً، لا يخلو من "بار" لتقديم الخمور، أو قاعة للرقص الغربي أو الشرقي، أو أن هذا البيت لا يعرف أفراده الوضوء ولا يقيمون الصلاة، ولا تسمع منهم تحية الإسلام، ولا ذكر الله، ولا تعبيراً يدل على انتمائهم للعقيدة والشريعة.
    وإذا كان الشعر العربي الحديث، قد حفل بمضامين غير إسلامية تدعو إلى أيديولوجيات غربية وأفكار فلسفية بعيدة عن الإسلام، أو حاول أن يشوه بعض الرموز والقيم الإسلامية، فإن الفنون الأدبية الدرامية، وبخاصة المسرح والقصة والرواية، ويتصل بها المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية المأخوذة عنها، قد أحرزت تأثيرات أكثر خطورة في تشويه الإسلام بعامة، ورموزه وقيمه بصفة خاصة؛ وذلك لقدرتها على غزو الوجدان والمشاعر لدى المتلقين بطريقة سهلة وبسيطة وغير مباشرة، بحكم أن الإنسان بطبيعته يستلذ عملية القص والحكي، ويستريح إليها فيما يشبه الحذر اللذيذ؛ لأنه يتابع أحداثاً وشخوصاً وعلاقات تتسلسل أمامه، وهو مسترخ، فيتقبلها غالباً دون عناء أو تفكير أو إعمال عقل بطريقة يقظة.. ويمكن القول بأن الأعمال الدرامية، قد جعلت صورة المتدين مرفوضة لدى قطاعات كثيرة من الناس، وجعلته رمزاً للزيف والانتهازية والسلوك الرخيص.
    وفي السنوات الأخيرة، استطاعت بعض الحكومات المستبدة في العالم العربي (الإسلامي) أن تستغل الدراما مكتوبة ومصورة ومشخّصة، في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، من خلال استغلال بعض الحوادث والخلافات التي وقعت بين هذه الحكومات، وبعض الجماعات الإسلامية، فأشاعت الأعمال الدرامية التي أنتجتها حكومات الاستبداد أو ساعدت عليها أن ترسم صورة مقزّزة للإسلام ولكل من ينتمي إليه، بل إن هناك أعمالاً أغرقت في عدوانيتها وبجاحتها ضد الإسلام، فلجأت إلى التاريخ وزورته، وزيفت حياة بعض الشخصيات التاريخية وصورتها في حالة من الانحلال والمجون والزندقة، لتقول بعدئذ إن هذا هو الإسلام المطلوب، الذي يتوافق مع "الاستنارة" و"التقدم".
    خطأ كبير
    ومن المؤسف أن بعض المثاليين الذين يقاومون الفساد والانحراف والظلم، قد وقعوا في خطأ كبير، عندما انبهروا ببعض الأعمال الدرامية التي تصوّر علماء الدين في صورة فصامية متناقضة، وتحوُّل بعض الشخصيات من الاستقامة والطهارة إلى الانحراف والدعارة، وعدّوا ذلك فضحاً للفساد ومقاومة للظلم ونضالاً ضد الاستبداد والطغيان! والحق أن تعرية الفاسدين والظالمين والمستبدين والطغاة أمر محمود بل ومطلوب، بل وفرض على كل قادر ومستطيع، ولكن هل يأتي ذلك على حساب تشويه صورة الإسلام والمسلمين.. وإيهام الناس أن الإسلام منبع الظلم وأن علماءه والمنتمين إليه ليس فيهم رجل رشيد؟
    هناك شيء في الأعمال الأدبية والفنية يسمى بالمعادل، والمعادل يعني أن نضع النماذج الخيّرة في مواجهة النماذج الشريرة، قد يكون المعادل حدثاً أو فكرة أو شخصية أو غير ذلك، وهمة هذا المعادل نسف الفكرة التي يرفضها الكاتب أو الفنان وترسيخ الفكرة التي يدعو إليها وينشغل بها، فإذا خلت الأعمال الأدبية والفنية من المعادل، فمعنى هذا أن صاحب العمل يؤكد الفكرة المطروحة ويؤمن بها، وإلا ماذا يقصد الكاتب وهو يجعلنا نتعاطف مع عاهرة كانت من قبل امرأة شريفة ومستقيمة ومتدينة؟ لا ريب أنه أمر مقصود، وخصوصاً إذا كانت قيمة الشخصيات من عمل الكاتب معوجة ولا تعرف الطهارة فضلاً عن الله!
    دعك من حكاية الظاهر والباطن التي يسوّغ بها البعض قصور كاتب معين وعدم تقديمه للمعادل المسلم الصالح، فالعمل - حتى لو كان رمزياً- لا يستطيع أن يغفل هذا المعادل أو يتجاهله.
    ويصبح الأمر مثيراً للتساؤل والدهشة والغرابة، عندما تنظر حولك فلا تجد شخصية إسلامية سويّة، لا على مستوى الأفراد العاديّين، ولا على مستوى الصفوة التي يمثلها علماء الدين في تخصصاتهم المختلفة، تتضمنها رواية أو مسرحية أو عمل تلفزيوني أو فيلم سينمائي، إن الأعمال التي تضمنت شخصيات إسلامية قليلة بل نادرة، ولعل هذا كان من أسباب الدعوة إلى أدب إسلامي ينصف الإسلام من معظم الكتاب الذين أغرقوا في كراهية الدين الإسلامي، أو ابتعدوا عنه، أو فهموه فهماً قاصراً!
    واقع الحياة
    إن واقع الحياة يحفل بالشخصيات السوية والمنحرفة، والطيبة والشريرة، ومن غير الإنصاف، أن نزيّف الواقع، فلا نرى فيه إلا الشر والقبح والدمامة، وأن نصوّر الشخصيات الإسلامية تصويراً يتسم بالمغالاة والبعد عن الواقع، فلا نرى المسلم إلا صاحب وجهين ومنافقاً وانتهازياً وأفاقاً، وإذا كان بعض المعادين للإسلام يتسقون مع أنفسهم في هذا الاتجاه، فإن المسلمين الذين يسايرونهم يضعون أنفسهم في موقف الريبة والشك.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
    عن (موقع لها أون لاين ـ 15/4/2002م).
    رد مع اقتباس  
     

  9. #9 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    الناقد الدكتور حلمي القاعود: الواقع الثقافي غريب عن فطرة الأمة

    حاوره : أ. د. حسين علي محمد
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    "حلمي محمد القاعود" اسم يعرفه العاملون على الساحة الإسلامية، كما يعرفه خصوم الإسلام من المثقفين العرب أيضا، هو حاضر في أذهان الجميع بما يكتبه من آراء جريئة، وأفكار قوية، ومقالات حادة لاتعرف المراوغة أو المداورة.
    في المجال الأدبي، هو ناقد أصيل وكبير. منذ بداياته، وصفه الأديب الكبير" وديع فلسطين" في مجلة الثقافة التي كانت تصدر في السبعينيات من القرن الماضي بأنه أفضل النقاد الشبان، وفي عام 1968م فاز في مسابقة مجمع اللغة العربية، التي كان يتنافس عليها كبار الأدباء والكتاب. وكان عمره آنذاك لايزيد عن الثانية والعشرين، وفي عام 1974م فاز في مسابقة يوم الأرض الخاص بالشعب الفلسطيني ببحث عن شعراء المقاومة الفلسطينية، وهي المسابقة التي كان يقيمها المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية (المجلس الأعلى للثقافة الآن).
    ومع أنه يقف من هذه المؤسسة الثقافية موقفاً مخالفاً؛ فقد رأت أنه لا بد من تكريمه بوصفه أبرز أدباء محافظة البحيرة وذلك في مؤتمر أدباء مصر الذي انعقد بمدينة دمنهور عام 1998م، وأهدته درع التفوق.
    في حياته الجامعية، يمثل صورة للأستاذ الجامعي الجاد، الصارم من غير قسوة، الحازم في غير شدة، وخاصة في مجال الدراسات العليا، يأخذ طلابه بالعمل الدؤوب، والبحث المستمر، والاهتمام بالجزئيات مثل الاهتمام بالكليات، وهو كذلك أيضا في مناقشة رسائل الماجستير والدكتوراه، فتكون مناقشاته- كما شهد زملاؤه وطلابه-درساً تطبيقياً وعملياً، يعلم الطالب كيف يصل ببحثه إلى التفرد والإضافة.
    "القاعود" صدر له مؤخراً كتاب مهم يعد مرجعا في بابه، هو (الرواية التاريخية في أدبنا الحديث) عن "هيئة قصور الثقافة" في أكثر من ستمئة صفحة، وصدر عنه كتاب في سلسلة "أصوات معاصرة "بعنوان: "نحو أدب إسلامي: قراءة في رواية " البحث يأتي مصادفة" من تأليف "ثروت مكايد عبد الموجود"، كما صدر له كتاب ثالث بعنوان: "الإسلام في مواجهة الاستئصال".
    وكانت هذه الإصدارات، بعد فترة انقطعت فيها إصداراته الأدبية والفكرية، مدخلنا إلى لقائه وسؤاله عن أثر صدور هذه الكتب بالنسبة له فقال:
    الناشرون وسوق الكتاب
    - في الحقيقة، إنني- مع ظروفي الصحية المضطربة كما تعلم- لم أتوقف أبداً عن القراءة والكتابة، إلا لضرورة قاهرة، وطوال السنوات الست الماضية، صدرت لي بعض الكتب القليلة، منها كتاب "دفاعاً عن الإسلام والحرية" عن دار الاعتصام، وكتاب "حوار بين الرواية في مصر وسورية"، وقبلهما صدر كتاب" الرواية الإسلامية المعاصرة"، كما صدر كتاب" الأقصى في مواجهة أفيال أبرهة" عن الانتفاضة الثانية، ولدي بعض المخطوطات لكتب أخرى، ولكن تصفية دار النشر، التي كانت تنشر لي باستمرار، لأسباب مالية، فضلاً عن تراجع سوق الكتاب، وعزوف الناشرين عن الكتب الأدبية، أو الكتب التي لا تدر ربحاً كبيراً، أو الكتب التي لا تعبر عن وجهة نظرهم، جعلني أسترخي في البحث عن ناشر يعوض ناشري الأول، وكما تعلم فالمؤسسة الثقافية الرسمية لاتنشر لأمثالي؛ لأنها تريد كتابا بمواصفات خاصة، لا تتعلق بالكتابة أو الموضوع، وهي مواصفات لاتتحقق في شخصي.
    بالطبع نشر الكتب السابقة في أواخر العام الفائت أسعدني للغاية؛ لأن ما كتبته يصل إلى الناس وقد يؤثر في بعضهم، أو يثير لديه الرغبة في مناقشة قضايا أدبية أو ثقافية أو فكرية بصفة عامة، ولا أخفي أن الكتاب الذي ظهر عن روايتي "الحب يأتي مصادفة" أدهشني، فقد أعادني إلى ما يقرب من أربعين عاما، كنت أكتب القصة القصيرة والمسرحية والرواية بمفهوم إسلامي قبل أن تظهر الدعوة إلى الأدب الإسلامي من خلال رابطته العالمية.
    الأكثر إدهاشاً أن الكاتب ثروت مكايد الذي قرأ روايتي وكتب مؤلفه حولها، أعاد إلى نفسي الثقة في كتابة الراوية مرة أخرى، فقد قرأها بحب شديد، ووجه إليها بعض الانتقادات السلبية ولكنه أبرز جوهرها وإيجابياتها بطريقة رائعة، ومن المفارقات، أن اليساريين شنوا حملة ضارية على هذه الرواية إبان ظهورها في مجلتهم التي كانت تسمى "الطليعة"، لأن أحد شخوصها-أي الرواية- كان يسارياً فاشلاً ومتهافتاً.. ومع ذلك فقد أشادت صحف عديدة في مقدمتها "الأهرام" بالرواية، واحتفت بها حفاوة شديدة ولكن كتاب (ثروت) أذاقني طعم السعادة بطريقة أفضل.
    ومن خلال هذه الإجابة، وبمناسبة إشارة الدكتور "القاعود" إلى المؤسسة الثقافية، سألناه:
    الواقع الثقافي
    *ولكن، ما هو تقويمك للواقع الثقافي الآن، والواقع الأدبي بصفه خاصة؟
    - لعلي فيما سبق من كلامي أشرت إلى رأيي بصفة عامة في الواقع الثقافي والأدبي، إنه باختصار واقع فاسد؛ لأنه يحارب الثقافة الوطنية والقومية والإسلامية، ويدعو إلى الثقافة الاستعمارية وخاصة في جوانبها السلبية: تسليع المرأة، تفتيت الأسرة، رفض التشريع الإسلامي في الأحوال الشخصية، الدعوة إلى الإباحية، رفض وجود ثوابت في الإسلام، محاربة الحجاب، الدعوة إلى التبعية للغرب الرأسمالي، تصفية القضية الفلسطينية لحساب العدو النازي اليهودي، التقليل من قيمة القدس العتيقة، التشهير بالجهاد والحركات الإسلامية المقاومة في فلسطين، الدعوة إلى إخراج التصور الإسلامي عن مجال القضية الفلسطينية.. وهكذا..
    وفي المجال الأدبي، يتم الإلحاح على قضيتين أو مسألتين: الأولى الترويج للإباحية في الأعمال الإنسانية، والأخرى: التشجيع على الطعن في المقدسات الإسلامية بحجة كسر (التابوهات)، ونلاحظ أنهم لم يقتربوا من "تابو" السياسة أبداً؛ لأنهم يعرفون المصير الذي ينتظرهم! لذا لم نر أدباً تنشره المؤسسة الرسمية ذا قيمة في الأغلب الأعم.
    حتى مكتبة الأسرة فرغوها من مضمونها، ونشروا كتباً معظمها تافه أو محدود القيمة، لتحقيق أغراض شخصية، أما الكتب الجيدة والمهمة فقد كانت قليلة، ولجؤوا أحياناً إلى تشويه بعضها، بالحذف، كما جرى لكتاب "وحي القلم" لمصطفى صادق الرافعي.
    ولا تنس أنهم في مجال النقد الأدبي ألحوا على مذاهب الحداثة وما بعدها مثل البنيوية والتفكيكية والشكلانية والنسوية والنقد الثقافي، وهي بنت بيئتها التي لا تتلاءم مع أدبنا وظروفنا، وتغتال المعنى اغتيالاً تاماً في معظمها لحساب ثقافة وحشية مدمرة، ولعلك قرأت كتاب "الخروج من التيه- دراسة في سلطة النص" لعبد العزيز حمودة، الذي صدر قبل شهور في سلسلة "عالم المعرفة"، إنه يفضح هذه النظريات ويكشف تهافتها وتهافت من يروجون لها في واقعنا الثقافي، الذي صار فاسداً في مجمله، غريباً عن فطرة الشعب والأمة جميعاً.
    ما بعد الحداثة انتهى!
    *كنتم ممن هاجم "الحداثة" وأصدرتم كتيباً حولها، فما رأيكم الآن فيما صارت إليه الحداثة التي يتنافس حول ترويجها الآن بعض الكتاب والنقاد؟
    - لقد انتهت الحداثة منذ زمان يا دكتور، وانتهى ما بعد الحداثة، وها هي العولمة تدق الأبواب من جديد لتعيد سيرة الاستعمار الصليبي العسكري الذي توارى مع منتصف القرن الماضي، ففيم يتنافسون الآن؟ اسمع: هناك بعض الناس حتى الآن لا يعرفون معنى الحداثة، ويفهمونها على أنها تعني التجديد، والتجديد مطلوب في كل زمان ومكان، لأنه التطور الطبيعي للأشياء وفق سنن الله التي فطر الناس عليها، ولكن الحداثة التي يريدون استنباتها في بلادنا العربية المسلمة تعني الانقطاع، أي ترك الدين والتاريخ والعادات والتقاليد. الخ، وبناء عالم جديد يقوم على التجربة والواقع، وعلى الحداثي أن يخط طريقاً جديداً بعيداً عن الوحي والمواريث مهما كانت مقدسة! أي لا مكان للإله ولا للعقيدة الدينية، وقد نشأت نظريات ما بعد الحداثة لتجعل الفرد هو سيد نفسه في كل شيء وخاصة إذا كان أوربياً أو أمريكياً، وها هي أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م تؤكد على نظريات جديدة تنسف ما سبق، وتعلن جهاراً نهاراً أن العالم قرية واضحة، يجب أن يخضع كل من فيها لهيمنة القوة التي تملك المال والسلاح ووسائل الاتصال، كما يجب أن تفتح أبواب الدول والعواصم لمنتجات هذه القوة دون رسوم أو جمارك أو حوائل، وإلا فالعصا الغليظة كفيلة بتأديب من يقف في مواجهتها، والذرائع ملقاة في الطريق: أسلحة الدمار الشامل، الديمقراطية، حقوق الإنسان، الاقتصاد الحر، معاداة السامية، دعم الإرهاب.. والعراق وأفغانستان من أوضح الأمثلة والنماذج التي ترفع أمام كل من تسول له نفسه أن يتجاوز حدوده.
    الذين يتنافسون حول الحداثة الآن إما غير فاهمين لمعناها الحقيقي، أو بسطاء يتعاركون حول السراب! وقد انتهت الحداثة، وما بعد الحداثة، ودخلنا في عصر جديد! لن يبقى فيه إلا من يحافظون على هويتهم ويفتدونها بالدم والدموع والعمل والإيمان.
    (يتبع)
    رد مع اقتباس  
     

  10. #10 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    أزمة النقد حقيقية
    *سؤال آخر.. يرتبط بهذا الموضوع، وهو النقد السائد في الساحة الأدبية، هناك من يقول بأزمة خانقة في النقد تسيطر على الساحة بأسرها، فهل ترى حقاً أن هناك أزمة نقدية؟
    - إذا أدركنا الخلل الذي يحكم الحياة الأدبية بصفة عامة، استطعنا أن نقول إن هناك أزمة نقدية حقيقية، فالفساد الذي يخيم على الواقع الأدبي، من خلال المؤسسة الرسمية، حوّل الأدباء إلى جماعات وثلل متنافسة، ليس على الإبداع أو خدمة الثقافة، وإنما على المغانم والمكاسب التي يمكن جنيها من هذه الجهة أو تلك، ومن ثم فقد روجت كل "ثلة" لأعضائها، ووجدت النقاد الخاصين بها، وهم عادة نقاد يكتبون بلغة غير مفهومة، ولكنها دائما تكرس أعمال الشلة، وترفعها إلى أعلى عليين... من ليست له ثلة أو جماعة فلن يذكره أحد، فضلاً عن أن ينقده، وبعض الأدباء تحول إلى رجل علاقات عامة ليسوق أعماله أو كتاباته لدى الصحف وأجهزة الدعاية من تلفزة وإذاعة وندوات ومحاضرات وغيرها، ويستكتب النقادَ- خاصة في الصحافة- الذين يملكون مساحات أو نوافذ دائمة.. الأغلبية التي لا تملك القدرة على العلاقات العامة، ماتت كمداً وحسرة، خاصة إذا كانت ذات توجه إسلامي واضح.
    وقد رأيت ما جرى بالنسبة لجيلكم، فقد سيطر "الهالوك" على مرافق النشر والنقد والدعاية، ولكن النتيجة كما توقعت أنهم ذهبوا، ولم يبق من آثارهم شيء، وبقي "الورد" هو الأقدر على التعبير، والأقدر على الإنشاد، مع أنه كان ضعيف الصلة بالمؤسسة الرسمية والجماعة أو الجماعات المهيمنة عليها.
    الورد والهالوك
    *أعدتنا الى "الورد والهالوك" كتابك الذي أحدث ضجة كبيرة عند صدوره، وتناولت فيه فريقين من شعراء السبعينيات، أحدهما سميته فريق الأصالة، والآخر فريق الهالوك أو المتسلقين.. ترى ما هو تقويمك الآن لما وصلت إليه في هذا الكتاب؟ وهل يمكن أن تقدم كتاباً يثير قضية مماثلة؟
    - كتاب " الورد والهالوك" من الكتب التي كتبتها بدمي إن صح التعبير، فكل جملة، بل كل كلمة، بل كل حرف، كان وراءه فكري وأعصابي ودمي، وقد واجهت تياراً هادراً يملك كل شيء، الصحافة والإذاعة والتلفزة والمؤسسة الثقافية بكتبها ومجلاتها وصحفها، وندواتها ومحاضراتها وجوائزها، ونقادها ومؤتمراتها، وكان الترويج لأفراد هذا التيار لا يتم داخل الحدود وحسب، ولكنه كان يتجاوزها إلى أرجاء العالم العربي والصحف والمجلات ودور النشر في لندن وباريس وقبرص، وتاهت الحقائق، وضاع الفن، وسط الضجيج الصاخب الذي يروج لشعر يخلو من مقومات الشعر شكلاً وموضوعاً، بل تعدى إلى إهدار كل قيمة مضيئة فنياً وإنسانياً، في الوقت الذي تقوم فيه كوكبة من الشعراء على امتداد قرى مصر ومدنها الصغيرة بدور صامت في التعبير عن هموم الأمة من خلال فن جميل أصيل متجدد، دون أن يلتفت إليها أحد، أو يقدرها أحد.. وهنا كان دوري لأواجه التيار وأسبح ضده، وأنشر الحقيقة، وقلت رأيي واضحاً وصريحاً وجريئاً بفضل الله، وصح كل ما توقعته. واليوم لم يبق إلا شعراء الأصالة.. أما الهالوك فقد جف وأصبح هشيماً تذروه الرياح.
    تسألني: هل أستطيع أن أقدم اليوم كتاباً آخر مثل "الورد والهالوك"، أقول لك: بعون الله أستطيع، بل إني أقدم بالفعل، ولكن في مجال الرواية ذات المنظور الإسلامي، فأنا أكتب عن كتّابها المهمَّشين وأقدمهم إلى الناس ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ولعلك تذكر كتابي "الرواية الإسلامية المعاصرة" الذي قدمت فيه شباباً ممتازين يكتبون الرواية الإسلامية باقتدار، من المغرب وفلسطين وغيرهما، وهناك كتاب جديد، أسأل الله أن يظهر قريباً، قدمت فيه أصواتاً روائية إسلامية جديدة أيضاً. ثم إني أواجه "الرواية المضادة" التي تعادي التصور الإسلامي وتدعو إلى ثقافة بديلة عن الثقافة الإسلامية، ولعل ذلك يظهر مستقبلاً- إن شاء الله- في كتاب.
    إني أحاول دائماً أن أضع يدي على الحقيقة، ولا أعبأ بالضريبة التي أدفعها.. المهم أن يكون هناك رأي فني مخلص، ولتكن النتائج ما تكون.
    الأدب الإسلامي موجود.. ولكن!
    *لعل هذا يقودنا إلى سؤال عن الأدب الإسلامي، هل أنت راض عما يقدم من نماذج أدبية للأدباء الإسلاميين، وعن مستوى الأدب بصفة عامة؟
    - هذا السؤال جيد للغاية، فهناك من يشنع على الأدب الإسلامي، بل هناك من ينفي وجوده أصلاً، ولعل أكثر المقولات رواجاً في هذا السياق، أن الأدباء الإسلاميين لم يكتبوا أدباً، وإنما كتبوا كلاماً وعظيّاً يصلح للمنابر فقط! ولكن الحقيقة غير ذلك. الإسلامي شعراً ونثراً موجود، وله نماذجه الجيدة والجميلة، وهي تفوق من وجهة نظري كثيراً من النصوص التي يكتبها الآخرون، ولكن المشكلة أن هذه النماذج قليلة نسبياً في الشعر، وقليلة إلى حد الندرة في الفنون السردية، القصة القصيرة والرواية والمسرحية، مع أن هذه الفنون هي الأكثر رواجاً الآن، ويتقبلها الناس بصورة ملحوظة.
    قبل سنوات، كانت الفنون السردية الإسلامية شبه غائبة، ولكن مسابقات رابطة الأدب الإسلامية العالمية أحدثت تطوراً جيداً في هذا المجال، فقد أفصحت المسابقات عن كتابٍ مستواهم جيد في كتابة الرواية الإسلامية، وقصص الأطفال. ويبقى أن تعلن الرابطة عن مسابقات في المسرح الإسلامي، وتكرر مسابقاتها في مجالات الرواية وقصص الأطفال القصيرة؛ لأن المسابقات تكشف المواهب المخبوءة وتشجع المواهب الراسخة، وتساعد بصفة عامة على زيادة الإنتاج الأدبي، وخاصة في المجال السردي.
    الأمور تتطور بشكل عام، والأدباء الإسلاميون يجوّدون أدواتهم، ويسعون إلى الأفضل، وأتوقع في السنوات العشر القادمة- إن شاء الله- أن يكون لدينا وفرة في الإنتاج الأدبي الإسلامي شعراً ونثراً.
    حدث مهم
    *بالمناسبة، ما تقويمك لدور رابطة الأدب
    الإسلامي العالمية؟
    - الرابطة حدث مهم، جاء مع مطلع القرن الخامس الهجري ونهايات القرن الرابع عشر، ودورها مهم في تجديد الأدب العربي بصفة عامة فهي تعيد إلى طبيعته التي ظلّ عليها إلى مطلع العهد الاستعماري في القرن الثامن عشر الميلادي تغيرت طبيعة الأدب العربي القائمة على التصور الإسلامي، إلى احتضان تصورات غربية مادية بعيدة عن روح الإسلام ومقاصده. وإذا عرفنا أن المسلمين في عصرنا يعيشون الاضطهاد في أسوأ أنواعه على الصعيدين الخارجي والداخلي، فإن وجود مثل هذه الرابطة يعد مهماً، لأنها تمثل حائط صد يدافع بقدر طاقته عن هوية الأمة، ويسعى، ولو بخطوات محدودة، إلى نشر صور التسامح الإسلامي من خلال النماذج الأدبية الإسلامية.
    إن البعض يطلب من الرابطة ما يطلبه من مؤسسة حكومية ذات إمكانات كبيرة، وهذا أمر فوق الطاقة؛ لأنها تملك إمكانات محدودة للغاية، ومع ذلك تنشر مجلة فصلية، وتقيم الندوات والمؤتمرات في إطار قدراتها، وتستفيد من المقترحات والرؤى التي يطرحها المخلصون في الساحة الأدبية، والأيام كفيلة- إن شاء الله- بدفعها إلى الأمام خطوات أسرع وأفضل.
    دور الصحافة في الأدب
    *خطر لي أن أسألك عن دور الصحافة الإسلامية في العمل الإسلامي، والأدب الإسلامي، فقد كنت تشارك في تحرير "الاعتصام" و "الدعوة" و "النور" و"لواء الإسلام" وغيرها من الصحف التي أغلقت أو التي تصدر الآن؟
    - لاشك أن هذه المجلات، وخاصة "الاعتصام"، كانت تلعب دوراً مهماً في إيقاظ الوعي الإسلامي والدفاع عن الإسلام وقضايا الممسلمين في شتى أرجاء الأرض. كان موقف هذه المجلات بصفة عامة، ولما يزل، موقفاً دفاعياً بالدرجة الأولى، وإن كانت لاتهمل الموقف البنائي الذي يعرِّف بأصول الدين وقيمه وتشريعاته، وعندما وقعت مصر اتفاقية الصلح مع العدو النازي اليهودي عام 1979م، كان مطلب الغزاة وسادتهم الأمريكان، هو إغلاق هذه المجلات. وبالفعل أغلق كثير منها بالتتابع، وفقاً لقانون الصحافة الذي صدر عقب توقيع الاتفاقية، ولم يتمكن أي من هذه المجلات من معاودة الصدور بناء على القانون الجديد، المقصود به الصحافة الإسلامية تحديداً؛ لأنها تقود المقاومة الفكرية ضد الهيمنة الاستعمارية والغزو النازي اليهودي لفلسطين وما حولها.
    ومن المؤكد أن الصحافة الإسلامية تقوم بدور مهم للغاية في التعريف بموقف الإسلام من القضايا المطروحة، وتدافع عما يراد بالإسلام والمسلمين، وفقاً لإمكاناتها المادية والتحريرية.
    وبالنسبة لمجلة (الأدب الإسلامي)، فقد كانت تنشر بين حين وآخر، بعض القصائد أو القصص، وقد أسست في "لواء الإسلام" المحتجبة باب "أدبيات" للعناية بالأدب الإسلامي وقضاياه، وكان في أول الأمر صفحتين ثم امتد إلى أربع صفحات، وظل حتى احتجبت المجلة بفعل ظروف قاهرة، وهناك الآن في معظم المجلات الإسلامية التي تصدر في العالم العربي صفحات مخصصة للأدب الإسلامي، وإن كان المأمول أن تزداد هذه الصفحات عدداً، وترقى إعداداً، وتعظم مادة.
    الجامعات والمجتمع
    *لنتوقف عند الجامعة.. كيف تراها بصفتك أستاذاً جامعياً ورئيس قسم اللغة العربية سابقاً، وعازفاً عن أي منصب جامعي كما أعلم؟
    - الجامعة مثلها مثل المجتمع، أصابها ما أصابه من ضعف وخلخلة وأمراض، تراجعت التقاليد الجامعية، وصارت القوانين والقرارات تحاصرها وتحاصر هيئة التدريس بقصد إبعادها عن أداء دورها تجاه المجتمع والأمة، وأعداد الطلاب الكبيرة تفوق طاقتها وقدراتها. هناك أكثر من مليون طالب جامعي في المرحلة الجامعية، بعض الكليات لا تتسع لنصف عدد طلابها، بل لربع عددهم، وهيئة التدريس أقل من العدد المطلوب بكثير، وعضو هيئة التدريس اليوم- في الغالب- لا يملك مقومات التدريس وتقاليده وقيمه، وبسبب التدخل من خارج الجامعة، ازداد الصراع بين الأساتذة على المناصب الإدارية، وسقط البعض في فخ العمل لحسابات أخرى قبل العمل لحساب العلم، وأشياء أخرى كثيرة تثير الكثير من المواجع، قد أكتب عنها في يوم ما، وأمر الدراسات العليا سيئ وأكبر من أن نعالجه هنا، ولكن شيئاً واحداً يجب أن نذكره، وهو أن الجامعة صارت مطية لأصحاب الهوى الذين لهم أذرع غليظة وقبضات حديدية وقلوب حجرية!
    أخبار أدبية
    *اسمح لي أن أوجه آخر سؤال حول أخبارك الأدبية الجديدة؟
    - ياسيدي أنا لست رجلاً مهماً يُسأل عن أخباره، فأخباري التي يجب أن تسألني عنها تتعلق بالأمل في الله أن يرحم المسلمين من الهزائم والآلام المتلاحقة، وأن يوفقهم ولو إلى عمل واحد من أعمال الخير التي تهمهم جميعاً وتقرب فيما بينهم.
    أخباري - إن صح أن يكون لي أخبار- تتمثل في رغبتي أن أنشر بعض الكتب الخاصة بالثقافة الإسلامية، والنقد الأدبي في الرواية والشعر، ولدي مشروعات كثيرة، لا أدري هل سأكتبها أم لا؟ أسأل الله أن يعينني على تنفيذها، أو تنفيذ بعضها.
    رد مع اقتباس  
     

  11. #11 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    عصام الغزالي.. هارب من الأضواء!

    بقلم: أ. د. حلمي محمد القاعود
    ...................................

    هذا شاعر من طراز خاص، درس الهندسة، وتخرج في جامعة القاهرة، 1972م، ثم درس علوم الدين والشريعة الإسلامية، وتخرج في كلية أصول الدين بالرياض عام 1398هـ 1978م، فهو يمزج في ثقافته بين العلم والدين، وبين التجربة والوحي، ويملك بهذا أفقاً عريضاً ومتسعاً للرؤية والتصور، وإذا أضيف إلى ذلك حس فني مرهف وموهبة شعرية ساطعة، أدركنا لماذا هو شاعر من طراز خاص.
    وأحمد عصام الدين الغزالي خليل، أو عصام الغزالي، كما يعرف بين الأدباء والشعراء، من شعراء السبعينيات في مصر، وينتمي إلى الشعراء الذين سميتهم "بالورد" في مقابل من سميتهم "بالهالوك"، وكان بودي أن أخصص له فصلاً في كتابي "الورد والهالوك" ـ صدرت منه طبعتان: 1993م، 1994م ـ لولا ظروف حالت دون أن تكون دواوينه تحت يديَّ.
    وقد أنتج عصام الغزالي شعراً كثيراً ضمته خمس مجموعات طبعها جميعاً على نفقته الخاصة وهو من المميزات التي تجعله طرازاً خاصاً مع أن هناك من دور النشر فيما أعلم من يرحب بنشر إنتاجه، ولكنه آثر أن يوزع شعره من خلال دار الوفاء في المنصورة، وهي المدينة التي ولد فيها عام 1945م، ويعيش فيها حتى الآن.
    ومجموعاته الخمس هي "الإنسان والحرمان" 1970م، "لو نقرأ أحداق الناس" 1978م، "أهددكم بالسكوت" 1994م، "دمع في رمال" 1995 (إصدار ثان) ثم "هوى الخمسين" 1999م.
    وعصام الغزالي يأخذ موقفاً من الحركة الأدبية، أو تأخذ منه الحركة الأدبية موقفاً، فهو يعيش مثلي بعيداً عن أضواء القاهرة وصحافتها ونقادها، ويستشعر تبعاً لذلك أنه مظلوم، ومعه حق، مع أن كاتباً صحفياً كبيراً كتب عنه في عموده اليومي، ولكنه يحتاج مع ذلك إلى ناقد متخصص يغازل شعره أو يطارحه الدرس والنقد، ثم إن رؤيته الإسلامية التي تتضح في شعره تجعل الحركة الأدبية
    ومعظمها مشدود إلى تصورات مغايرة تتجاهله ولا تحتفي بموهبته، وفي داخل هذه الحركة من لا يلتفت إلى التصورات أو القيمة الفنية أساساً، بل يعتمد على ما يمكن تسميته بالعلاقات العامة وخاصة في مجال النشر والتعريف، وعصام الغزالي من النوع الذي ينفر من هذه العلاقات... فهو يعتز بذاته اعتزازاً كبيراً، يجعله يترفع عن استجداء الاهتمام بشعره وطلب التعريف به.. هذا وغيره من الأسباب جعل شعر عصام الغزالي بعيداً عن قطاعات عديدة من الجمهور، وإن كانت القطاعات التي قرأته وعرفته قد تمسكت به شاعراً مرموقاً له خصائصه الشعرية، وسماته الفنية.
    وبصفة عامة، فإن شعر عصام الغزالي يدور حول محاور عديدة، منها ما هو تقليدي مثل الغزل والرثاء والإخوانيات والتوبة والاستغاثة والهجاء والغربة، ومنها ما هو مستجد ومستحدث مثل المواجهات الثائرة الغاضبة الحالمة ضد عناصر القهر والاستبداد والطغيان ثم مطالبته بالعدالة الاجتماعية، ورفض العنصرية، ولا ريب أن الشاعر يعالج محاوره معالجات متفاوتة، منها ما هو أقرب إلى الرصد والتسجيل، ومنها ما يتجاوز ذلك إلى طرح الحلول والإجابات، ولكن الرؤية بشكل عام محكومة بالتصور الإسلامي، الذي يصل بالشاعر أحياناً إلى حد الزهادة في الحياة. ويصوغ الشاعر تصوره أحياناً في إطار يذكرنا بشعراء الزهد في العصر العباسي، خاصة شعر أبي العتاهية، في قصيدته "قالت لي الريح" يقول:
    لا شيء تحميه البيوت
    الكل: من يحيا يموت
    المد يتبعه انحسار والبريق له خفوت
    الحال ظل، يستحيل له دوام أو ثبوت
    في آخر اللحن المغرد سكتة.. قبر صموت
    الرزق في بحر تصارع فيه ملاح وحوت
    وكلاهما في البحر مبتلع وللأمواج قوت
    والرؤية الإسلامية في شعر عصام الغزالي تستوجب دائماً الاستعانة بالحق سبحانه وتعالى، والتوبة والرجوع إليه، وما أكثر القصائد التي يبتهل فيها الشاعر إلى البارئ سبحانه أن يعينه ويلطف به، وأن يحميه من الفتنة، وأن يساعده على العفة، وأن يتمم له ومن معه النور:
    غريبان طوبى لنا يا أبي
    وفي عالم الظفر والمخلب
    تعبنا وجئنا نريح الخطى
    ونستاف عطراً بأرض النبي
    فيا رب أتمم لنا نورنا
    بأيماننا ساطع الكوكب..
    وفي قصيدته "في نور التوبة" يقف أمام ملك الملوك، ويهرول ملبياً ويقول:
    ملك الملوك أتيته ومهرولاً لبيته
    من سار في طلب الهدى فالله هذا بيته
    ألقٌ توضأ بالجلال من المهابة سمته
    إنا يبشرنا كتابك، والكتاب تلوته
    ودنوت للحجر الذي لولاك ما قبلته
    وغمرت صدري من تدفق زمزم وعمرته
    فاقبله سعياً في سبيلك دون ذنبي سقته
    وانفحه نوراً ملء قبر موحد.. لك موته
    واجعله عوناً للضعيف على صراطك فوته
    ولا يعني ذلك أن الشاعر يعتزل الناس أو المجتمع، فزهده والتزامه باب الله، لا يمنعانه أن يغوص في أعماق الواقع غضباً وسخطاً وتمرداً وثورة، ولعل مجموعته "لو نقرأ أحداق الناس" تعطينا دليلاً على هذا الغوص، فقد كانت قصائد المجموعة قبل حرب رمضان 1393ه، تضج بالرفض للهزيمة العسكرية في جبهات القتال، والهزيمة الداخلية في الوطن، فضلاً عن هجاء المهزومين وتعرية سلبيتهم، وفضح تخاذلهم، ولنقرأ على سبيل المثال قصيدته: "برقية إلى ربان سفينة تغرق" التي كتبها ضمن منشورات اتحاد طلاب هندسة القاهرة عام 1972م يقول فيها:
    زميلك وسَّع شرخ القنوط
    و"مات" وعقّد كل الخيوط
    وخلَّى الحمولة وشك السقوط!
    إذا كان يمكن فتح الخطوط
    توجّه سريعاً لأدنى الشطوط
    تماسك.. تحرك قبيل الهبوط
    أخاف عليك من "الأخطبوط"
    وبالطبع، فإن الشاعر يعيش مثل جيله، غربة زمانية حادة، قسوتها تفوق قسوة الغربة المكانية، ويزيدها قسوة غربة الشعر أيضاً في "زمان غريب" فالشاعر يمزج بينه وبين الشعر حتى يصيرا كياناً واحداً:
    أنا الشعر، أرخوا عليَّ الستارا
    فإن الزمان الجميل استدارا
    غريب أنا، في زمان غريب
    كطفل رأى وجهه المستعارا
    فبيني وبين المرايا قناع
    وبيني وبين العيون الحيارى
    فهذا زمان "الجناة الضحايا"
    وهذا زمان "البغايا العذارى"!!
    ولعل في النماذج السابقة، ما يكفي لبيان رؤية الشاعر وتصوره للعالم والكون من حوله، حيث يقدم لنا الشاعر القابض على الجمر الذي يدفع ثمن قبضة حريقاً وألماً، ولكنه لا يتراجع، في الوقت الذي نجد فيه من ينكرون شيئاً اسمه الوطن أو القيم، تفتح لهم أبواب النشر والمؤتمرات الخارجية والداخلية، ويحظون أيضاً بالدعاية الإعلامية!.
    رد مع اقتباس  
     

  12. #12 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    نجيب الكيلاني أول روائي إسلامي

    بقلم: أ.د. حلمي محمد القاعود
    .........................................

    يُعدُّ نجيب الكيلاني (1931-1995م) الروائي الإسلامي الأوَّل في اللغة العربية، حيث قدَّم للمكتبة العربية عدداً كبيراً من الروايات والقصص القصيرة، وهي غالباً محمومة بالتصوُّر الإسلامي وصادرة عنه، ومن خلال هذا الإنتاج القصصي الغزير استطاع أن يقدِّم النموذج الإسلامي في الرواية والقصة.
    وقد مرّ إنتاجه الأدبي الروائي بمراحل ومستويات عدة، يمكن أن نضعها في أربعة إطارات:
    ويمثِّل الرّواية الرومانسية، ويضم العديد من رواياته، وقد عبّر من خلالها عن هموم النَّاس والعلل الاجتماعية المتفشية بينهم، مثل الفقر والجهل والأمراض المتوطنة والسلبية والتخلف، ومزج ذلك بالعواطف المشبوبة والخيالات الحالمة والآمال المجنِّحة، ويمكن أن نرى أمثلة على ذلك من رواياته: الطريق الطويل، الربيع العاصف، الذين يحترقون، في الظلام، عذراء القرية، حمامة سلام، طلائع الفجر، ابتسامة في قلب الشيطان، ليل العبيد، حكاية جاد الله..
    ويمثِّل الرواية التاريخية، التي تستلهم السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي بصفة عامة، وقد استدعى التاريخ واستلهمه ليقدِّم النماذج الإنسانية المشرفة من حضارتنا، ويرصد جهاد الآباء في شتى جوانب الحياة، دفاعاً عن الدّين وسعياً لتأسيس مجد غير مسبوق، وفي بعض الأحيان كان يستدعي التاريخ ليعالج من خلاله قضايا راهنة أصابت الأمَّة بالإحباط واليأس، ويوقظ به الأمل في نفوس الأجيال الجديدة عن طريق إحياء الهمَّة وبعث العزيمة والإصرار، وفي كل الأحوال فإنَّ استلهام التاريخ في الرّواية عند "نجيب الكيلاني"، كان إبرازاً لمعطيات الإسلام العظمية، وإمكاناته الهائلة في تحويل الإنسان المسلم إلى صانع حضارة وباني مجدٍ وجندي ظافر في معاركه ضد الشرّ والتوحُّش، ويمكن أن نجد عدداً كبيراً من رواياته التي عبَّرت عن ذلك، مثل: نور الله، قاتل حمزة، أرض الأنبياء، دم لفطير صهيون، مواكب الأحرار (أو نابليون في الأزهر)، اليوم الموعود، النداء الخالد، أرض الأشواق، رأس الشيطان، عمر يظهر في القدس.
    ويمثِّل الرواية التي يمكن أن نسميها بالرواية الاستشرافية التي عبَّر فيها عن هموم المسلمين خارج حدود العالم العربي (دول آسيا الوسطى التي كانت أو ما زالت تحت الستار الحديدي الشيوعي من الاتحاد السوفييتي والصين-إثيوبيا- إندونيسيا-نيجيريا)، واستطاع أن يكشف للعالم مأساة داميةً أصابت ملايين المسلمين المنسيين الذين لا يتحدَّث عنهم أحد إلاَّ نادراً، ولا يعرف عنهم المسلمون في العالم العربي إلاَّ القليل، وفي الوقت ذاته توقَّع انتصارهم وتحرّرهم، وهو ما حدث بالفعل في أكثر من مكان وبخاصة في الدول الإسلامية التي استقلَّت أو تحاول الاستقلال بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. وتعدّ رواياته: ليالي تركستان، الظل الأسود، عذراء جاكرتا، عمالقة الشمال، من أشهر رواياته في هذا الإطار.
    ويمثِّل الرواية عند نجيب الكيلاني في المرحلة الراهنة، وهي التي نُطلق عليها الواقعية الإسلامية، ويعبِّر فيها عن القضايا الاجتماعية التي تهمّ جموع المستضعفين في الوطن، ويبرز فيها ما يلقاه النَّاس من ظلمٍ وقهرٍ واضطهاد، ويتخذ من تفاصيل الحياة اليومية والاجتماعية عناصر أساسية يرتكز عليها في بناء هذه الروايات، وأيضاً فإنَّه يطرح عبر سطورها رؤية الجيل الجديد للأحداث، وموقفه من قضايا الحرية والعدل والأمن والرخاء والمستقبل، وتُعدُّ روايات الأربع أو رباعيته التي أنتجها على مدى عامين تقريباً، ونشرت على مدى شهورٍ متقاربة ـ وهي: اعترافات عبدالمتجلي، امرأة عبدالمتجلي، قضية أبو الفتوح الشرقاوي، ملكة العنب ـ من أفضل النماذج وأبرزها في الدلالة على هذا الإطار، وهي موضوع دراستنا.
    والواقعية الإسلامية تختلف بالضرورة عن الواقعية الأوروبية (الانتقادية والطبيعية)، والواقعية الاشتراكية (الماركسية)، وإن كانت هنالك أسس موضوعية وفنية قد تجمع بينها جميعاً..
    فالواقعية الأوروبية واقعية نقدية تعنى بوصف التجربة كما هي، حتى لو كانت تدعو إلى تشاؤم عميق لا أمل فيه، في حين تحتّم الواقعية الإسلامية أن يثبت الكاتب في تصويره للشرّ دواعي الأمل في التخلُّص منه فتحاً لمنافذ التفاؤل حتى في أحلك المواقف، ولو أدَّى إلى تحريف الموقف بعض الشيء.
    أمَّا الواقعية الإسلامية، فإنَّها ـ مع انتقادها للواقع ـ تنطلق في انتقادها من التصوُّر الإسلامي الذي يكون دائماً منصفاً، فلا يبالغ ولا يهوّل، أيضاً لا يتحامل بسبب المغايرة في الانتماء، ولا يحبِّذ الصراع بين الطبقات كما يبتغي الواقعيون الاشتراكيون، فضلاً عن أنَّ الأمل في الواقعية الإسلامية، هو أمل إيماني يقوم على أساس نُصرة الحقِّ في كل الأحوال، حياة وموتاً. إنَّها باختصار ترفض التشاؤم كما ترفض التفاؤل الذي يقوم على الخداع أو التزييف، ثم إنَّها تستقي مادتها من الحياة الاجتماعية، ومشكلات العصر على إطلاقها، وتختار شخوصها من عامة المجتمع وجميع طبقاته؛ لأنَّها تعتقد بأنَّ الخيرَ والشرَّ ليسا قاصرين على طبقة بعينها، ولكنَّهما موجودان في النفس البشرية، ايّاً كانت طبقتها أو انتماؤها الطبقي، وأنَّ الإنسان يمكن أن يكون خيِّراً أو شرّيراً ِوفقاً لاختياره، وعوامل أخرى مؤثِّرة في هذا الاختيار من قبيل التربية والتوجيه والقدوة والظروف المحيطة...إلخ، لذا؛ فإنَّ الطبقة ليست هي العنصر الحاسم في الصراع بين الخير والشرِّ، وإنَّما الإرادة الفردية ومكوناتها.. وهو ما يتسق مع التصوُّر الإسلامي:}فَألهمها فُجُورها وتقواها*قد أفلحَ مَنْ زَكَّاها*وقد خَاْبَ مَنْ دَسّاهَا{[سورة الشمس: 9،8].
    وإذا كانت الواقعية الانتقادية والواقعية الاشتراكية توجهان سهام نقدهما للطبقة الوسطى (البرجوازية) لأنَّها ظلمت الطبقة الدُّنيا، وأنزلت بها أسوأ أنواع القهر والغبن، عندما وصلت إلى السلطة، فإنَّ الواقعية الإسلامية، ومن خلال روايات نجيب الكيلاني، تنتقد الفئة الظالمة والأفراد الظالمين أيّاً كان انتماؤهم، إلى الطبقة العليا أو الطبقة الوسطى أو الطبقة الدُّنيا، على السواء، فهناك من يوجّه إليهم الانتقاد ممَّن يُعدّون في الطبقة العليا أو الطبقة الوسطى (الحكام-الضباط-رجال الأعمال)، وهناك من يوجِّه إليهم الانتقاد من الطبقة الدُّنيا (العمال، الفلاحين، صغار التجار)، وهكذا فالشرُّ موجود في كل الطبقات، والخير أيضاً.
    والواقعية الإسلامية من هذا المنطلق تمثل الصياغة الفكرية والتطبيقية لمفهوم الأدب الإسلامي، في صورته المقبولة والمؤثِّرة في مجال الرواية والقصة على وجه الخصوص، حيث تحقِّق الغاية الخلقية والفنية لعملية الإبداع الأدبي، وإذا كانت بعض التيارات الأدبية تعارض أن يكون للأدب غاية خلقية، فإنَّ الواقعية الإسلامية لا يمكنها أن تتخلّى عن هذه الغاية التي ألحّ عليها كثيرون في الماضي والحاضر. لقد أكدّ "أوسكار وايلد" على الرسالة الخلقية للفنِّ بالمعنى الواسع، وتعني هذه الرسالة لديه: مساعدتنا على فهم الحياة، وقد آمن بهذه الرسالة أفلاطون وأرسطو من قبل، ثم مونتاني وموليير من الفرنسيين، وبن جونسون ودكتور جونسون من الإنجليز.
    إنَّ التعبير عن هموم المظلومين والمقهورين والمستضعفين من عامة النَّاس يمثِّل لبّ الرسالة الخلقية للواقعية الإسلامية، وهو ما ألحَّ عليه كثيراً أدب نجيب الكيلاني بعامة، ورواياته بخاصة، فالطبقة الدُّنيا المظلومة المقهورة المستضعفة، حاضرة في رواياته حضوراً مستمراً دائماً، ونماذج المظلومين والمقهورين والمستضعفين تملأ صفحات كثيرة في أدبه، إلى جانب الاهتمام أيضاً بالنماذج العادلة والقوية والظافرة وفق المفهوم الإسلامي. وهذا الاهتمام بقضايا المجتمع من خلال هذه النماذج أو تلك يأتي استجابة لتوجيه إسلامي كي نهتم بأمور المسلمين اليومية والاجتماعية.
    ولعل اهتمام نجيب الكيلاني بحياة الفلاحين في القرية المصرية وما يجري لهم، وأيضاً تعبيره عن بسطاء المدينة وما يعانونه، يُمثِّل ملامح استجابته للتوجيه الإسلامي بالاهتمام بأمور المسلمين الذي يترجم عنه في واقعيته الإسلامية ذات الرسالة الخلقية، وإذا أضفنا إلى ذلك تصدِّيه بالانتقاد للفئة المتحكِّمة وفساد رجالها والمحيطين بها، وأيضاً انتقاده لانحراف الأفراد من العامة مع بيان سبب هذا الانحراف، فإن الصورة تكتمل في أذهاننا لأسلوب الأدب الإسلامي ومنهجه في معالجة هموم المجتمع وقضايا الأمَّة ومشكلاتها.
    ومن الجدير بالذكر أنَّ نجيب الكيلاني بذل جهداً تنظيريَّاً مهماً في هذا السياق، للتعريف بمفهوم الأدب الإسلامي وأبعاده، في عديد من الكتب والبحوث المنشورة، أهمها كتابان، أوَّلُهما "الإسلامية والمذاهب الأدبية"، وثانيهما "مدخل إلى الأدب الإسلامي"، وفيهما يوضِّح علاقة الأدب بالدين، ومفهوم الالتزام الإسلامي في الأدب، ويقارن بين المذاهب الأدبية السائدة، ويعرض لمناقشة بعض القضايا التي تتعلَّق بالأدب الإسلامي وتثير العديد من التساؤلات، سواءً من المؤيِّدين للأدب الإسلامي أو المعارضين، مع إشارة لبعض الأدباء الإسلاميين في العصر الحديث أمثال: أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، ومصطفى صادق الرافعي، وأحمد محرَّم، وتقديم نماذج معقولة للأدب الإسلامي. كما ركَّز على الدعوة إلى الاهتمام باللغة العربية الفصحى في الكتابة والتعبير بوصفها البيان الأدبي الأرقى للأسلوب.
    إنَّ كفاح نجيب الكيلاني لتقديم الرواية أو القصة الإسلامية، يمثِّل انعطافة كبيرة في مسيرة الأدب الإسلامي، ليس في مواجهة أعدائه فحسب، بل في مواجهة بعض ضيقي الأفق الذين يرون في الأدب عموماً ترفاً يجب أن يترفَّع عنه المسلمون، وما علموا أنَّ العلاقة بين الأدب والدين علاقة حميمة، أو كما صوَّرها (هنري برجسون) بأنَّها علاقة نسب، عندما قال: إنَّ الفنَّ ابن الدين. ونسوا أو تناسوا أنَّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم كان يستجيد الشعر ويستنشده، وكان يحثُّ حسّاناً على استخدام شعره في معركته ضد المشركين، وأنَّ عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه يُعدّ أوَّل ذواقةٍ للشعر وناقدٍ له من الخلفاء الراشدين.
    ومهما يكن من أمر، فإنَّ دخول نجيب الكيلاني إلى مجال الواقعية الإسلامية في الرواية، يعد نقلة أكثر تطوراً وعمقاً؛ لأنَّه يواجه المجتمع بمشكلاته المزمنة والمؤرِّقة مواجهة جادة ملتزمة، مع ما قد تجرُّه عليه هذه المواجهة من متاعب شخصية واجتماعية تعوّدها منذ مطلع شبابه.
    ثمة ملمحٌ أخيرٌ تختلف فيه الواقعية الإسلامية عن الواقعية الانتقادية والواقعية الاشتراكية، وهو الناحية الأسلوبية، فالواقعيون - بعامة- لا يحبون المبالغة في العناية بالأسلوب؛ لأنه وسيلة لا غاية، والأهمية كلها للمنطق، وللطريقة التي تسود بترتيب الأحداث والتعبير عنها.
    والواقعية الإسلامية ـ فيما أتصوَّرـ تحرص على الأسلوب وتعنى به؛ لأنَّه يمثل ـ بطريقة ما ـ عناية باللغة وارتقاء بها وسموّاً ببيانها، وهو ما يعني في حقيقة الأمر الحرص على قيمة جمالية كبرى من قيم البيان العربي، ولعلَّ التفوُّق الأسلوبي لدى بعض المشاهير، كان سبب شهرتهم في المجال الروائي، سواءً كانوا مخلصين للواقعية الانتقادية أو الواقعية الاشتراكية أو الرومانسية أو غيرها، بدءاً من مصطفى لطفي المنفلوطي حتى نجيب محفوظ، مروراً بآخرين من أمثال علي الجارم، محمد فريد أبو حديد، محمد سعيد العريان، محمد عبدالحليم عبدالله، عبدالحميد جودة السحَّار، فتحي غانم...
    وقد اهتم نجيب الكيلاني بأسلوبه الروائي، الذي تحدَّثنا عنه في موضع آخر، اهتماماً كبيراً، ولعلَّ ذلك يرجع إلى كونه شاعراً أيضاً، يملك القدرة على الأداء اللغوي الجيِّد، كما يملك معجماً غزيراً يتيح له فرصة للتعبير الدقيق والمتسامي عن مختلف المشاعر والأحاسيس، والصور والمشاهد.
    يبقى بعدئذ، أن نشير إلى أنَّ الواقعية الإسلامية عند نجيب الكيلاني، تظلُّ وفيّة للقضايا الإنسانية الكبرى التي تعني الإنسان المسلم في حاضره ومستقبله، وتترفع في الوقت ذاته عن القضايا المبتذلة والرخيصة التي تتسافل به أو تهبط به إلى درك الحيوانية حيث تبحث عن الإشباع الغريزي وحسب.
    ..........................................
    *عن موقع: لها أون لاين.
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مائة عام على مولد الناقد الكبير محمد مندور
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 01/01/2009, 06:20 AM
  2. قراءة الأديب أحمد مكاوي لسرداب التاجوري
    بواسطة مريم خليل الضاني في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17/12/2008, 10:44 PM
  3. من هو الأديب الحق؟ ومن هو الناقد الحق؟ ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 08/01/2008, 05:52 AM
  4. حلمي
    بواسطة هيا الشريف في المنتدى الشعر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 30/08/2007, 07:15 PM
  5. حوار مجلة «حياة» مع الأديب الدكتور حسين علي محمد
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 23/09/2006, 09:48 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •