تمتاز المكتبة بأنها بيئة تفاعلية يجد فيها الفرد مكاناً ملائماً للقراءة والبحث والكتابة والدراسة والاطلاع العام، وكذلك لإقامة محاضرات وندوات أو مؤتمرات وزيارات مدرسية وعقد اجتماعات أكاديمية.
قد يصعب تخيّل مكتبة تحوي هذه الخدمات لأنّ الصورة التقليدية للمكتبة في أذهان شريحة عريضة من الناس هو أنها مكان صامت فيه طاولات وكراسي وخزائن مكتبية كبيرة فيها كتب غير مرتبة لأن بعض العاملين في المكتبة يعانون في الغالب من ملل وكسل بسبب عدم تفهمهم قيمة عملهم ولا يجدون التشجيع المناسب على أداء مهامهم.

هذه الصورة التقليدية للمكتبة حدّت من الاستفادة الممكنة من المكتبات، فمثلا لاتتاح الفرصة للأطفال لزيارة المكتبات الرسمية ولايخصص لهم وقت أو يوم معين، ممّا حرمهم من التعرّض لثقافة الكتاب والإحساس ببيئة المكتبة، وهذا يجعلهم يتأخرون في فهم أهمية هذا الجزء من التعليم ودوره في بناء الشخصية والتأسيس للنضج الفكري.

ومن المتوقّع أن الجهات الأكاديمية مثل الجامعات هي الأقدر على تغيير نظرة الناس نحو المكتبة. وتعدّ جامعة الملك سعود مع قيادتها الحالية المتميزة من أبرز الجهات ذات الهمّة العالية والإرادة الأكيدة لفتح فروع لمكتبتها في أحياء مختلفة في مدينة الرياض تجعلها مفتوحة ليس فقط لمنسوبيها بل للجميع، ويمتد العمل فيها لساعات طويلة أو على مدار اليوم وذلك لفتح المجال أكبر للمنفعة ولتأكيد التواصل الإيجابي مع المجتمع.

إن وجود مكان مهيأ للدراسة والقراءة يجعل من المكتبة مكاناً جذاباً للباحثين والطلاب الذين ربما يرتاحون للعمل أثناء سكون الليل بدلا من صخب النهار وزحامه ومسؤلياته، لذلك من المفيد أن يجدوا مكاناً قريباً مهيئاً لذلك، وخاصة أن مدينة الرياض قد اتّسعت وكبرت وصارت أشبه بدولة يستغرق التنقل فيها من حي إلى آخر ساعات طويلة.

والجدير بالذكر أن جامعة الملك سعود قامت مشكورة بتوسعة سكن أعضاء هيئة التدريس بوضعه كذلك في أحياء مختلفة ليست بعيدة عن الحرم الجامعي ولم تقتصر على السكن القديم في الدرعية، ومن المناسب أن تسعى كذلك إلى إيجاد فروع صغيرة للمكتبة المركزية تحوي أهم المراجع وبعض الدوريات، والأهم توفير خدمة الإنترنت والكمبيوترات والأماكن المريحة. على أن تتاح الفرصة في تلك الفروع لطلب بعض الكتب والمصادر من المكتبة المركزية عن طريق البريد أو الإنترنت أو غيرها من الوسائل المتبعة في كثير من الجامعات الكبرى في العالم. فعلى سبيل المثال، تحوي جامعة إنديانا التي درست فيها الدكتوراه على تسعة فروع داخل المدينة واثنيعشر فرعاً في المدن والضواحي المجاورة، ولكل فرع مواعيد في الدوام. ويمكن الحصول على أي كتاب سواء أكان في المكتبة المركزية للجامعة أم في غيرها من مكتبات العالم عن طريق تعبئة طلب سريع عن طريق الفرع.

إن الجو المريح في المكتبات الجامعية العالمية هو الذي يغري على البقاء فيها طوال اليوم، فعوضاً عن الخدمات التعليمية، هناك مكان خاص للمقهى والمطعم، ومكان آخر لمتابعة القنوات التلفزيونية وآخر لمشاهدة أفلام الفيديو، وطابق كامل لقاعات المحاضرات، ومكان مهيأ للأطفال يكون مجهزاً في أيام ومواعيد محددة، وخدمات طباعية ومكتبية وبريدية ملحقة بالمكتبة.

والحقيقة أن جامعة الملك سعود قادرة على إيجاد تجربة فريدة في الوصول إلى الناس بالقرب من أماكنهم، وإضفاء جو من الحيوية والتميّز لمدينة الرياض، من خلال تهيئة أماكن ترفيه العقل التي تشجع على القراءة وتدعو إلى التآلف مع البحث والجو العلمي للتغلب على عناصر تشتيت الذهن التي تعصف بالمدن الكبرى كالزحام والصخب وهدر الوقت.
المصدر