النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عروس كانت هنا

  1. #1 عروس كانت هنا 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية الحمري محمد
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    76
    معدل تقييم المستوى
    17
    عروس كانت هنا
    على نفس الرصيف ,الذي لم يتغير سوى لون طلائه,إذ يبدو احمراره يانعا...قرب نفس العمود الذي تتراقص ألوانه ,وتحت نفس النخلة التي ازدادت ثباتا...الآن أقف
    *********************************************
    كان ذلك منذ ثلاثة عقود مضت وكان الليل قد أعلن ميلاده خلسة,عم ضباب كثيف,أناس في حركتهم أقرب إلى الأشباح,تلك التي أسندتها ظهري ,دمع سعفها قطرات بللت الرصيف...
    ميزتها بين الأشباح لسرعة خطوها فقط.معطف جلدي أحكمت إغلاقه وسروال قطني اظهر قوامها الرشيق وملامح تشع منها حيوية نادرة.
    " تأخرت" خرج صوتها دافئا وأليفا,وبسطت يدها الناعمة لتدفنها في كفي الباردة كالعادة ,أنعشني عطرها لما لامستني صفحة خدها...
    " لا, لا لم يبدأ العرض بعد."
    وامتصنا الضباب...
    صارت تحدثني عن مضايقات أخيها وأسئلة امها المتكررة عن دواعي الخروج كل يوم خميس في نفس الموعد...وعن محاولاتها إقناع والدتها بدورها كعضوة بالنادي السينمائي.
    توقفت الموسيقى العذبة التى كانت تنبعث من جنبات القاعة,كما توقف التقاطر البطيئ لوجوه اعتدنا حضورها وسلمنا الضباب للظلام...
    التصقت بي أكثر,مشت على أطراف أصابعها كي لا يغازل كعبها بلاط القاعة ,دنا منا ضوء خافت.
    " اتبعاني" همست بصوت المضيفات المتمرسات.
    قلت أحدث نفسي " لقد ألفت الظلام ! وإلا كيف استطاعت أن تميز بأننا اثنان؟
    كانت تنير طريقنا كي لا تباغتنا أدراج القاعة,توقفت ووجهت ضوء مصباحها الخافت نحو كرسيين فارغين.ساعدت رفيقتي التي أعياها المشي على أطراف أصابعها كي تجلس, تحسست قطعتين نقديتين ,دسستهما بخفة في كفها قلت "شكرا". بنفس الصوت الذي به كثير من الغنج ردت " العفو"
    و انطفأ المصباح...
    هناك على قدم الشاشة,التي توهجت صفحتها بضوء كاشف منبعث من الأسفل,ووسط دائرة ضوء وقف رجل نحيل يقدم فيلم الليلة بلغة سلسة لكن بنبرة حزينة,حزينة جدا.
    " الآلة الجهنمية كيف تحول معها إيقاع الحياة !؟ أي أفق ؟ما...."لم يطل الحديث " فرجة ممتعة".
    بدأ العرض ,عنت الرؤوس واقتربت مني أكثر...في الظلام تكبر الجرأة...
    وسط ضباب ازداد كثافة,كنا نحفظ دفء القاعة بالتحامنا سألت "هل تغير الآلة ما استقر في القلب؟" أدركت بحكم الذي بيننا ما جال في ذهنها وقلت " لن أنساك".
    ضغطت بكفها الناعمة على أطراف أصابعي و...غابت وسط الضباب...
    *********************************************
    على نفس الرصيف,أسندت ظهري إلى التي ازدادت شموخا وانطلق سعفها يشم الريح,وضعت ابني عن كتفي ومسحت حبات العرق التي نزت على جبيني.تذكرت تلك الموسيقى الهادئة ,وسط هذا الصخب ,والتي كأنها كانت تعزف لنا... صوت صاحبة الضوء الخافت الذي قادنا وسط الظلمة...الرجل النحيل الذي قدم فيلم " الزمن العصري ".
    التفت إليها,نفس القوام ,نفس الملامح وقد علاها احمرار جراء شمس حارة,التقت أعيننا والتفتنا حيث الجدار الزجاجي الشاهق ,تتكسر عليه أشعة منتصف النهار,وكالات أسفار...متاجر..وأدراج متحركة...
    سلمتني قنينة الماء وعلقت ساخرة " الزمن العصري..."
    دفنت يد صغيري في يمناي ورحت أحكي له عن عرس كان هنا...
    "كان يقام هنا كل خميس,عندما يعلن الليل ميلاده ,عرس...كنا نحضره أنا ورفيقتي ...أمك".
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: عروس كانت هنا 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,901
    مقالات المدونة
    40
    معدل تقييم المستوى
    18
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحمري محمد مشاهدة المشاركة
    عروس كانت هنا

    على نفس الرصيف ,الذي لم يتغير سوى لون طلائه,إذ يبدو احمراره يانعا...قرب نفس العمود الذي تتراقص ألوانه ,وتحت نفس النخلة التي ازدادت ثباتا...الآن أقف
    *********************************************
    كان ذلك منذ ثلاثة عقود مضت وكان الليل قد أعلن ميلاده خلسة,عم ضباب كثيف,أناس في حركتهم أقرب إلى الأشباح,تلك التي أسندتها ظهري ,دمع سعفها قطرات بللت الرصيف...
    ميزتها بين الأشباح لسرعة خطوها فقط.معطف جلدي أحكمت إغلاقه وسروال قطني اظهر قوامها الرشيق وملامح تشع منها حيوية نادرة.
    " تأخرت" خرج صوتها دافئا وأليفا,وبسطت يدها الناعمة لتدفنها في كفي الباردة كالعادة ,أنعشني عطرها لما لامستني صفحة خدها...
    " لا, لا لم يبدأ العرض بعد."
    وامتصنا الضباب...
    صارت تحدثني عن مضايقات أخيها وأسئلة امها المتكررة عن دواعي الخروج كل يوم خميس في نفس الموعد...وعن محاولاتها إقناع والدتها بدورها كعضوة بالنادي السينمائي.
    توقفت الموسيقى العذبة التى كانت تنبعث من جنبات القاعة,كما توقف التقاطر البطيئ لوجوه اعتدنا حضورها وسلمنا الضباب للظلام...
    التصقت بي أكثر,مشت على أطراف أصابعها كي لا يغازل كعبها بلاط القاعة ,دنا منا ضوء خافت.
    " اتبعاني" همست بصوت المضيفات المتمرسات.
    قلت أحدث نفسي " لقد ألفت الظلام ! وإلا كيف استطاعت أن تميز بأننا اثنان؟
    كانت تنير طريقنا كي لا تباغتنا أدراج القاعة,توقفت ووجهت ضوء مصباحها الخافت نحو كرسيين فارغين.ساعدت رفيقتي التي أعياها المشي على أطراف أصابعها كي تجلس, تحسست قطعتين نقديتين ,دسستهما بخفة في كفها قلت "شكرا". بنفس الصوت الذي به كثير من الغنج ردت " العفو"
    و انطفأ المصباح...
    هناك على قدم الشاشة,التي توهجت صفحتها بضوء كاشف منبعث من الأسفل,ووسط دائرة ضوء وقف رجل نحيل يقدم فيلم الليلة بلغة سلسة لكن بنبرة حزينة,حزينة جدا.
    " الآلة الجهنمية كيف تحول معها إيقاع الحياة !؟ أي أفق ؟ما...."لم يطل الحديث " فرجة ممتعة".
    بدأ العرض ,عنت الرؤوس واقتربت مني أكثر...في الظلام تكبر الجرأة...
    وسط ضباب ازداد كثافة,كنا نحفظ دفء القاعة بالتحامنا سألت "هل تغير الآلة ما استقر في القلب؟" أدركت بحكم الذي بيننا ما جال في ذهنها وقلت " لن أنساك".
    ضغطت بكفها الناعمة على أطراف أصابعي و...غابت وسط الضباب...
    *********************************************
    على نفس الرصيف,أسندت ظهري إلى التي ازدادت شموخا وانطلق سعفها يشم الريح,وضعت ابني عن كتفي ومسحت حبات العرق التي نزت على جبيني.تذكرت تلك الموسيقى الهادئة ,وسط هذا الصخب ,والتي كأنها كانت تعزف لنا... صوت صاحبة الضوء الخافت الذي قادنا وسط الظلمة...الرجل النحيل الذي قدم فيلم " الزمن العصري ".
    التفت إليها,نفس القوام ,نفس الملامح وقد علاها احمرار جراء شمس حارة,التقت أعيننا والتفتنا حيث الجدار الزجاجي الشاهق ,تتكسر عليه أشعة منتصف النهار,وكالات أسفار...متاجر..وأدراج متحركة...
    سلمتني قنينة الماء وعلقت ساخرة " الزمن العصري..."
    دفنت يد صغيري في يمناي ورحت أحكي له عن عرس كان هنا...
    "كان يقام هنا كل خميس,عندما يعلن الليل ميلاده ,عرس...كنا نحضره أنا ورفيقتي ...أمك".

    سلام الله عليك ، أستاذي الكريم محمد الحمري

    سيدي الكريم في كتاباتك جمالية خاصة ،

    مالذي يُغير ما إستقر في القلب؟
    يعتمد ذلك على طبيعة العامل المُغير و طبيعة الأمر المستقر في القلب
    و قد يحضر عامل الزمن ، وتيرة التغير ،سريعة أم بطيئة
    و قد لا يكون تغير بل مجرد تغطية

    جميل أن يكون الحاضر إمتداد للماضي ، يكرمنا من حين لآخر بلحظات عذبة تمثل مجددا أمامنا

    أهديك أخي الكريم هذه الكلمات كتكملة لتعقيبي المتواضع
    http://www.merbad.net/vb/showthread....5407#post45407

    خالص تقديرى و مودتي
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. سؤال في عروض الشعر
    بواسطة غير مسجل في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08/01/2010, 09:02 AM
  2. و كانت هنا ....
    بواسطة حمد عبود في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 10/10/2008, 10:10 AM
  3. مقامات ملحونة إلى عروس الروح ....
    بواسطة يوسف أبوسالم في المنتدى الشعر
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 26/05/2008, 11:05 AM
  4. عروس النيل - أبو شهاب
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى الشعر
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 24/03/2007, 06:33 PM
  5. عروس (قصة قصيرة جدا، لحسين علي محمد )
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25/10/2006, 11:55 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •