جاسم الرصيف
ـــــــــــــــــــــــــــ
( هدية الله ) وأكاذيبه ال ( 935 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ

شاءت حكمة الله سبحانه تعالى ان تضع ماسحة عجيبة في ذاكرة كل ّ كذاب لتتحف البشرية بملح حكايات ، وعبرة في الأخلاق ، تتداولها الناس عن كذابين . ولأن الكذاب ينسى اكاذيبه بحكم هذه الارادة الربّانية ، فهو يختار لنفسه شهود زور يتعاقد معهم لترويج ما تنتجه خيالاته المريضة ، واحقاده الشخصية ، بصفة وزراء ومستشارين ، تشاء حكمة الخالق ان يكونوا مصابين مثل صاحبهم بداء الكذب ، فينسون عن غفلة اكاذيبهم واكاذيب من اشتراهم .

منظمتا ( المركز من اجل السلامة العامة ) و( والصندوق من اجل صحافة مستقلة ) ، وهما امريكيتيان ابا عن جد ، احصتا اكاذيب ( هدية الله ) للكذابين خلال السنوات التي اعقبت تفجيرات ( 11 سبتمبر 2001 ) وحتى شهر ( نيسان ابريل 2003 ) ، فوجدتا انها بلغت : ( 935 ) كذبة ( فقط ؟! ) . او مامعدله ، حسب احصائي الخاص ، ( 12 ) كذبة عابرة للقارات اسبوعيا شدّت انظار الحمقى والكذابين حول العالم وجعلتهم يتراجفون رعبا من .. صدام حسين واسلحة العراق !! .

وقد سمّت المنظمتان ابواقا لهذه الأكاذيب نزولا من عميدها الخاسر الى نائبه ( ديك تشيني ) ــ الذي اطلق النار على محاميه الخاص في رحلة صيد مشتبها بأنه بطّة !! ــ مرورا بحامل نسخة من سيف الامام علي رضوان الله عليه ( دونالد رامسفيلد ) ، تلقّاها هدية من كذاب مثله هو ( ابراهيم الجعفري ) ، فالمفوّهة السمراء ( كوندي ) ، اوّل وزيرة خارجية امريكية مخوّذة مدرعة في اسطبلات المراعي الخضراء ، و امثالها من ( بول وولفوفيتز ) الى ( آري فلاشر ) و( سكوت ماكميلان ) المتحدثين الرسميين باسم البيت الذي كان ( ابيض ) .

( 935 ) كذبة موثّقة من منظمتين امريكيتين لرئيس امريكي !! .

ولكن بزّت اكاذيب المتعاقدين مع الكذاب الأكبر اكاذيب نبيّهم ، فسمعنا من ( جلال الطالباني ) وصفا ، لمن وظّفة رئيسا ، دخل تأريخ المضحكات من ابوابه وكل شبابيكه قال فيه عن مجرم الحرب ( بوش ) : ( هدية الله لنا ) !! وسمعنا عبر قناة ( الجزيرة ) القطرية عربيا يقتبع العقال و( الغترة ) ولقب ( دكتور ) عامل في الصحافة يفقعنا بوصف عجيب غريب لنبي الأكاذيب قال فيه : ( انه المحرّر .. ابن المحرّر ) ، وكان هذا قد سمع في المعسكر الأمريكي التالي لبيته العامر صيحات سخرية واستنكار من( 15000 ) جندي امريكي القيت بوجه نبي ّ الكذابين عندما قال لهم : ( ستدخلون التأريخ ) !! .

صدام حسين والعراق صارا ، قبل الغزو الأمريكي ، ملفا يوميا لمعامل صنع الأكاذيب ، التي امتدت من اميركا الى بريطانيا وانحاء اوربا ، والى منابر العملاء المحليين في الشرق الأوسط ، الذي صاروا فجأة يبحثون عن ( ديمقراطية وحرّية وشرق اوسط جديد ) على النمط الذي اخترعه عميد الحروب الخاسرة ونبي الأكاذيب !! ورأينا وسمعنا إمّعات اميركا من ( العراقيين ) المتعددي الجنسيات ، ( جلال الطالباني وعبد العزيز الحكيم ) و( طارق الهاشمي ) و( مسعود البرزاني ) و( اياد علاّوي ) ، اوصافا في نمط الحكم الذي ( سيقيمونه ) دونها اوصاف ( جنة عدن ) !! .

ولكن ؟! .

من فضائل الكذابين ، الأمريكان بشكل خاص ، انهم وبعد ان تنتهي عقود عملهم ، يعترفون بأنهم كذبوا ، كما فعلت الكثير من الشخصيات ، ومنها ( كولن باول ) وزير الخارجية في اوائل اعوام الأكاذيب ، والذي اجّج في مجلس الأمن الدولي كل انواع الأكاذيب ضد صدام حسين والعراق ، ليمهد لغزو خلا من الشرعية الدولية والأخلاقية في آن ، ثم اضطر ( للإنقلاب 180 درجة ) ضد مغطس الأكاذيب الذي كان يعوم به راضيا بعرض عريه على رياح بشرية ساخطة لاذعة السياط من جراء مقتل مليون وتشريد خمسة ملايين عراقي خلال اقل من خمس سنوات من عمر ( جنة عدن الموعودة ) .

( باول ) ، وفي قاعة ( ملليت ) بجامعة ( ميامي ) الأمريكية ، قال قبل ايام قليلة تزامنت مع كشف الأكاذيب ال ( 935 ) ، انه ايّد الغزو بناء على ( المعلومات الاستخبارية التي توفرت آنذاك ) !! والتي اعتمدت اساسا لها معلومات ثبت انها ملفقة ضد العراق وصدام حسين ممن رافقوا الدبابات الأمريكية وهي تغزو العراق لالخليصه من ( دكتاتورية ) صارت افضل وبما لايقاس من حرّيتهم الزائفة ، وليس بحثا عن اسلحة تدمير شامل عراقية ، ولابحثا عن تنظيم القاعدة ، قدرما جاءت لنهب ثروات العراق بدلالة تاج ( أفسد حكومة ) في العالم ، ودلالة اعتراف الأمم المتحدة بأن لاوجود لهكذا اسلحة ، ولا وجود للإرهاب الدولي في العراق ، قبل ان تغزوه اميركا .

( باول ) قال : ( ارتكبنا أخطاء جدّية ) ، ولم يقل خطايا لأنه في طور نقاهة من مرض الكذب المعدي ، وقال ان اميركا ( لن تربح الحرب في العراق ) !! وإمّعات عميد الأكاذيب ( متعددة الجنسيات العراقية ) مازالت تراهن على ( المشمش ) في حانة المراعي الخضراء ، واطرفها اسلاميون ( شيعة وسنة ) اتخذوا من اكبر كذاب في مستهل العصر مرجعية اساسية لهم !! والمضحكة تفيد ان : كذابي اميركا لم يتركوا لكذابي العراق اية فضيلة في الاعتراف لشعبهم الذي ( انتخبهم !؟ ) كما يدعون : انهم أخطأوا ، وانهم خاسرين ، مثل نبيهم مسيلمة الثاني .

حسنا !! .

سنسمع المزيد ، وقبل نهاية هذا العام ، من الفضائح الأمريكية ــ العراقية على شكل ( وداعات ) ساخنة ساخرة من ( هدية الله للكذابين ، المحرّر .. ابن المحرّر ) مسيلمة الثاني !! . ولكن سؤالا لايخلو من خباثة يفرض نفسه في هذه الأيام ، وقبل ان ترحل ماكنة حرب الأكاذيب الأمريكية من العراق :
هل يتجرأ أحد من العرب الذي صفقوا لغزو العراق ، مخدوعا او خادعا ، ان يعترف بأنه أخطأ بحق عرب العراق ليربح فضيلة الاعتراف بالخطأ ؟! .

وهل يتجرأ احد من مجرمي الحرب الذين يديرون الحكومة العراقية الحالية على الاعتراف بأنه مغشوش في الأقل ولم يفهم اللعبة ؟! .

لا أظن !! .

وانا على يقين ان ظني ليس إثما على دلالة : نتائج الأكاذيب ال ( 935 ) التي دمرت العراق وحوّلته الى حاضنة مثالية لتدمير دول الجوار العربي ــ شاءت ام أبت !! ــ وبشكل خاص !! .

jarraseef@yahoo.com

http://www.akhbar-alkhaleej.com/Arti...220966&Sn=CASE