الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: معجم مقاييس اللغة لأبن فارس كتاب رائع

  1. #1 معجم مقاييس اللغة لأبن فارس كتاب رائع 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    معجم مقاييسُ اللّغة لأبي الحسين أحمد بن فارِس بن زكَرِيّا
    ( -395)
    الجُزْءُ الثاني
    بتحقيق وضبط: عبد السَّلام محمد هَارُون
    كتاب الحاء:
    ـ (باب ما جاء من كلام العرب في المضاعف والمطابق أوّ‏
    ـ (باب الحاء والدال وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والذال وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والراء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والزاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والسين وما يثلهما)‏
    ـ (باب الحاء والشين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والصاد وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والضاد وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والطاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والظاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والفاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والقاف وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والكاف وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء واللام وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والميم وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والنون وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والواو وما معهما من الحروف في الثلاثي)‏
    ـ (باب الحاء والياء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والألف وما يثلثهما في الثلاثي)‏
    ـ (باب الحاء والباء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والتاء وما يثلثهما( ) )‏
    ـ (باب الحاء والثاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الحاء والجيم وما يثلثهما)‏
    ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف)‏
    كتاب الخاء:
    ـ (باب ما جاء من كلام العرب أوله خاء في المضاعف ‏
    ـ (باب الخاء والدال وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والذال وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والراء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والزاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والسين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والشين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والصاد وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والضاد وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والطاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والظاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والعين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والفاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء واللام وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والميم وما يثلثهما في الثلاثي)‏
    ـ (باب الخاء والنون وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والواو وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والياء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والباء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والتاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والثاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الخاء والجيم وما يثلثهما في الثلاثي)‏
    ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء)‏
    كتاب الدال:
    ـ (باب الدال وما بعدها في المضاعف والمطابق)‏
    ـ (باب الدال والراء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والسين وما يثلثهما في الثلاثي)‏
    ـ (باب الدال والعين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والغين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب* الدال والفاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والقاف وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والكاف وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال واللام وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والميم وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والنون وما يثلثهما في الثلاثي)‏
    ـ (باب الدال والهاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والواو وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والياء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والألف وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والباء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والثاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والجيم وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والحاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والخاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الدال والدال وما يثلثهما)‏
    ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال)‏
    كتاب الذّال:
    ـ (باب الذال وما معها في الثنائي والمطابق)‏
    ـ (باب الذال والراء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والعين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والقاف وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والكاف وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال واللام وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والميم وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والنون وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والهاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والواو وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والياء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والهمزة وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والحاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الذال والخاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ذال( ))‏
    كتاب الرّاء:
    ـ (باب الراء وما معها في الثنائي والمطابق)‏
    ـ (باب الراء والزاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والسين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والشين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والصاد وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والضاد وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والطاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والعين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والغين وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والفاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والقاف وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والكاف وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والميم وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والنون وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراءِ والهاءِ وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والواو وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والياء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والهمزة وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والباء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والتاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والثاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والجيم وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والحاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والخاء وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والدال وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء والذال وما يثلثهما)‏
    ـ (باب الراء وما بعدها مما هو أكثر من ثلاثة أحرف)
    مراجع التحقيق والضبط‏

    كتاب الحاء:
    ـ (باب ما جاء من كلام العرب في المضاعف والمطابق أوّلُه حاء، وتفريعِ مقاييسه)
    (حد) الحاء والدال أصلان: الأوّل المنع، والثاني طَرَف الشيء.
    فالحدّ: الحاجز بَيْنَ الشَّيئين([1]). وفلان محدودٌ، إذا كان ممنوعاً. و"إنّه لَمُحارَفٌ محدود"، كأنه قد مُنِع الرِّزْقَ. ويقال للبوَّاب حَدّاد، لمنْعِه النَّاسَ من الدخول. قال الأعشى:
    فَقُمنْا ولَمَّا يَصِحْ دِيكُنا *** إلى جَوْنَةٍ عند حَدّادِها([2]) وقال النابغة في الحدّ والمنْع:
    إلاّ سليمانَ إذْ قال المَلِيكُ له *** قُمْ في البرِيّة فاحدُدْها عن الفَنَد([3]) وقال آخر:
    يا رَبِّ مَن كَتَمني الصِّعَادا([4]) *** فهَبْ لَهُ حَليلةً مِغْدادا كانَ لها ما عَمِرَتْ حَدَّادَا أي يكون بَوّابَها لئلا تَهْرُب. وسمِّي الحديدُ حديداً لامتناعه وصلابته وشدّته. والاستحداد: استعمال الحديد. ويقال حَدَّت المرأة على بَعْلها وَأَحَدَّتْ، وذلك إذا منعَتْ نَفْسَها الزِّينةَ والخِضاب. والمحادَّة: المخالَفَة، فكأنّه الممانعةُ. ويجوز أن يكون من الأصل الآخَر.
    ويقال: مالي عن هذا الأمر حَدَدٌ ومُحْتَدٌّ، أي مَعْدَل وَمُمتَنَع. ويقال حَدَداً، بمعنى مَعَاذَ الله. وأصله من المَنْع. قال الكميت:
    حَدَداً أن يكون سَيْبُك فِينا *** زَرِماً أو يَجِيئَنا تَمْصِيرا([5]) وحَدُّ العاصي سُمِّي حَدَّاً لأنّه يمنعه عن المعاوَدَة. قال الدّريديّ: "يقال هذا أمر حَدَدٌ، أي منيع([6])".
    وأمّا الأصل الآخَر فقولهم: حدُّ السَّيف وهو حَرْفه، وحدُّ السِّكِّين. وحَدُّ الشَّراب: صلابته. قال الأعشى:
    * وكأْسٍ كعَيْنِ الديك باكَرْتُ حَدَّها([7]) *
    وحَدُّ الرَّجل: بأسُه. وهو تشبيه.
    ومن المحمول الحِدّةَ التي تعتري الإنسان من النَّزق. تقول: حَدَدت على الرّجل أَحِدُّ حِدَّةً.
    (حذ) الحاء والذال أصلٌ واحدٌ يدل على القَطْع والْخِفّة والسُّرعة، لا يشذُّ منه شيءٌ. فالحذُّ: القَطْعُ. والأَحَذُّ: المقطوع الذّنَب. ويقال للقطاةِ حَذّاءُ، لِقصَر ذَنَبها. قال:
    حَذّاءُ مدْبِرةً سَكَّاءُ مُقْبِلةً *** للماء في النَّحر منها نَوْطَةٌ عَجَبُ([8]) وأمْرٌ أحذّ: لا متعلّق فيه لأحَدٍ: قد فُرِع منه وأُحْكِم. قال:
    إذا ما قَطعْنا رَمْلَةً وعَدَابَها *** فإنَّ لنا أمْراً أحذَّ غمُوسا([9]) قال الخليل: الأحذّ: الذي لا يتعلَّق به الشيء. ويسمَّى القلبُ أحَذّ. قال: وقصيدة حَذَّاءُ: لا يَتعلَّقُ بها من العيب شيءٌ لجَوْدتها. والحَذّاء: اليَمين المنكَرَة يُقْتَطَعُ بها الحقُّ([10]).
    ومن هذا الباب في المُطابَق: قَرَبٌ حَذْحَاذٌ([11])، أي سريعٌ حثيث.
    وفي حديث عُتْبةَ بن غَزْوان([12]): "إنَّ الدُّنْيا قد آذنَتْ بصُرْمٍ ووَلَّت حَذَّاءَ، ولم تَبْق منها صُبابةٌ إلاّ كصُبابة الإناء".
    (حر) الحاء والراء في المضاعف له أصلان:
    فالأوّل ما خالف العُبودِيّة وبَرئ من العيب والنَّقص. يقال هو حُرٌّ بيِّنُ الْحَرُورِيّة والحُرّيّة. ويقال طِينٌ حُرٌّ: لا رمْل فيه. وباتَتْ فلانةُ بلَيْلَةِ حُرَّةٍ، إذا لم يصل إليها بَعْلُها في أوّلِ ليلَةٍ؛ فإنْ تمكَّن منها فقد باتَتْ بليلةِ شَيْبَاءَ. قال:
    شُمْسٌ موانعُ كُلِّ لَيلةِ حُرَّةٍ *** يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحش المِغْيارِ([13]) وحُرُّ الدّار: وَسَطها. وحُمِل على هذا شيءٌ كثيرٌ، فقيل لولد الحيّة حُرٌّ. قال:
    مُنطوٍ في جَوف ناموسِهِ *** كانطواء الحُرِّ بين السِّلامْ([14]) ويقال لذكَر القَمَاريّ ساقُ حُرٍّ. قال حُمَيد:
    وما هاج هذا الشَّوقَ إلاّ حمامةٌ *** دعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وترنُّما([15]) وامرأةٌ حُرّةُ الذِّفْرَى، أي حُرَّةُ مَجَالِ القرْط. قال:
    والقُرْطُ في حُرَّةِ الذّفْرَى* مُعَلّقُهُ *** تباعَدَ الحَبْل منه فهو مضطربُ([16]) وحُرُّ البَقْل: ما يُؤكلُ غيرَ مطبوخٍ. فأما قول طَرَفة:
    لا يكُنْ حُبُّكِ داءً داخِلاً *** ليس هذا مِنكِ ماويَّ بحُرّْ([17]) فهو من الباب، أي ليس هذا منك بحَسَن ولا جَميل. ويقال حَرَّ الرّجلُ يَحَرُّ، من الحُرِّيّة.
    والثاني: خلاف البَرْد، يقال هذا يومٌ ذو حَرٍّ، ويومٌ حارٌّ. والحَرُور: الريح الحارّة تكون بالنهار واللَّيل. ومنه الحِرَّة، وهو العطَش. ويقولون في مَثَلٍ: "حِرَّةٌ تَحْتَ قِرَّةٍ([18]).
    ومن هذا الباب: الحَرِير، وهو المحرور الذي تداخَلَهُ غيظٌ من أمرٍ نزل به. وامرأةٌ حريرة. قال:
    خرجْنَ حَريراتٍ وأبديْنَ مِجْلداً *** وجالَتْ عليهنَّ المكتَّبَةُ الصُّفْرُ([19]) يريد بالمكتّبة الصُّفْر القِداحَ.
    والحَرَّة: أرض ذات حجارةٍ سوداء([20]). وهو عندي من الباب لأنَّها كأنّها محترقة. قال الكسائيّ: نهشل بن حَرِّيٍّ([21])، بتشديد الراء، كأنّه منسوب إلى الحَرّ. قال الكسائي: حَرِرتَ يا يومُ([22]) تَحَرّ وَحَرَرْتَ تَحِرّ، إذا اشتدَّ حَرُّ النَّهار.
    (حز) الحاء والزّاء أصلٌ واحد، وهو الفَرْضُ في الشيءِ بحديدة أو غيرها، ثم يشتقُّ منه. تقول من ذلك: حزَزْت في الخشَبة حَزَّاً. وإذا أصاب مِرفَقُ البعير كِركِرتَه فأثَّر فيها، قيل به حازٌّ([23]). والحُزَّازُ: ما في النَّفس من غيظٍ؛ فإنّه يحزُّ القلبَ وغيرَه حزّا. قال الشمّاخ:
    فلما شَرَاها فاضَت العَينُ عَبْرَةً *** وفي الصدر حُزَّازٌ من اللّوْمِ حامِزُ([24]) والحَزَازَة من ذلك. وكلُّ شيءٍ حَكَّ في صدرك فقد حَزَّ. ومنه حديث عبد الله: "الإثْم حَزَّازُ القُلُوب([25])". [ و] من الباب الحَزيز، وهو مكانٌ غليظٌ مُنقاد، والجمع أحِزَّة. قال:
    * بأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ([26]) *
    ومنه الحَزاز، وهو هِبْرِيَةٌ في الرأس. ويقال جئت على حَزَّةٍ مُنكَرة، أي حالٍ وساعةٍ. وما أُراه([27]) يقال في حالٍ صالحة. قال:
    * وبأيِّ حَزِّ مُِلاَوَةٍ تَتَقَطَّعُ([28]) *
    (حس) الحاء والسين أصلان: فالأول غلبة الشيء بقتل أو غيره، والثاني حكايةُ صوتٍ عند توجُّعٍ وشبهه.
    فالأول الحَسُّ: القَتْل، قال الله تعالى: {إذْ تَحُسُّونَهُمْ بإذْنِه} [آل عمران 152]. ومن ذلك الحديث: "حُسُّوهم بالسيف حَسّاً". وفي الحديث في الجراد: "إذا حَسَّهُ البَرْدُ". والحَسِيس: القَتِيل([29]). قال الأفوه: * وقد تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسيسْ([30]) *
    ويقال إن البَرْدَ مَحسَّةٌ للنَّبَاتِ. ومن هذا حَسْحَسْت الشيء من اللحم، إذا جعلْتَه على الجَمْرة؛ وحَشْحشْت أيضاً. ويقول العرب: افعل ذلك قبل حُساس الأيسار، أي قبل أن يُحسحِسوا من جَزُورهم، أي يَجْعَلُوا اللحم على النار.
    ومن هذا الباب قولهم أحْسَسْتُ، أي عَلِمْتُ بالشيء. قال الله تعالى:{هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم 98]. وهذا محمولٌ على قولهم قتلتُ الشيءَ عِلْما. فقد عاد إلى الأصل الذي ذكرناه. ويقال للمَشَاعر الخَمْسِ الحواسُّ، وهي: اللَّمس، والذَّوق، والشمَّ، والسمع، والبصر.ومن هذا الباب قولهم: من أين حَسِسْتَ هذا الخبر، أي تخبّرتَه.
    ومن هذا الباب قولهم للذي يطرد الجوعَ بسخائه: حسحاس. قال:
    واذكرْ حسيناً في النَّفير وقبله *** حَسَنا وعُتبة ذا الندى الحَسْحَاسا والأصل الثاني: قولهم حَسّ([31])، وهي كلمةٌ تقال عند التوجُّع. ويقال حَسِسْت له فأنا أحَسُّ، إذا رقَقْت له، كأنَّ قلبَك ألِمَ شفقةً عليه. ومن [الباب] الحِسُّ، وهو وجعٌ يأخذ المرأة عند وِلادِها. ويقال انحسَّت أسنانه: انقلعَتْ. وقال:
    في مَعْدِنِ المُلْكِ القديم الكِرْسِ *** ليس بمَقْلُوعٍ ولا مُنْحَسِّ([32]) ومن هذا الباب وليس بعيداً منه الحُسَاس، وهو سوءُ الخُلُق. قال:
    رُبَّ شَرِيبٍ لك ذِي حُساسِ *** شِرابُه كالحَزِّ بالمَوَاسِي([33]) ويقال الحُساس الشُّؤم. فهذا يصلح أن يكون من هذا، ويصلح أن يكون من الأول لأنه يذهب بالْخيْر.
    (حش) الحاء والشين أصلٌ واحد، *وهو نباتٌ أو غيرُه يَجفُّ، ثم يستعارُ هذا في غيره والمعنى واحد. فالحشيش: النبات اليابس. والحِشاش والمَِحَشُّ: وعاؤه. قال.
    * بين حِشاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ([34]) *
    وحِشَاشا الإنسانِ وغيره: جَنْباه، عن أبي مالك، كأنَّهما شُبِّها بحِشَاشَيِ الحشيش. والحُشَّةُ: القُنَّةُ تُنْبِتُ ويَبْيَضُّ فوقَها الحشيش([35]). قال:
    * فالحُشَّة السَّوداء من ظهر العَلَم *
    والمُحَشُّ من الناس: الصغير، كأنه قد يَبِس فصغُر. قال:
    * قُبِّحْتَ مِن بَعْلٍ مُحَشٍّ مُودَنِ *
    ويقال استحشَّتِ الإبلُ: دَقَّت أوظِفَتُها من عِظَمِها أو شَحْمها. ويقولون: اسْتَحَشَّ ساعِدُها كَفَّها، وذلك إذا عَظُم الساعد فاستُصْغِرت الكفُّ. قال:
    إذا اصْمَأَلَّ أَخْدَعاه ابتَدَّا *** إذا هما مَالاَ استَحَشَّا الخَدَّا ويقال حشَشْتُ النار، إذا أثقَبتَها، وهو من الأصل الذي ذكرناه، كأنّك جعلت ثَقُوبَها كالحشِيش لها تأكلُه. قال:
    فما جبُنوا أنَّا نشُدُّ عليهمُ *** ولكنْ رأوْا ناراً تُحَشُّ وتُسْفَعُ([36]) وحَشَّ الرجل سهمَه، إذا أَلزَقَ به قُذَذَه من نواحيه.
    ومن الباب فرسٌ محشوش الظهر بجنْبَيه، إذا كان مُجْفَر الجنْبَين. قال:
    من الحارِكِ محشوشٍ *** بجَنْبٍ مُجْفَرٍ رَحْبِ([37]) وقول الهذليّ([38]):
    في المزنيّ الذي حَشَشْتُ لـه *** مالَ ضَريكٍ تِلادُهُ نَكِدُ([39]) فإنه يريد كثّرت به مالَ هذا الفقير. وذلك أنه أُسِرَ ففُدِي بماله.
    ويقال حَُشَّت اليد([40])، إذا يَبِست، كأنها شُبِّهت بالحشيش اليابس. وأحشّت الحامِلُ، إذا جاوَزَتْ وقت الوِلادِ ويَبِس الولدُ في بطنها.
    ومما شذ عن الباب الحُشَاشة: بقية النّفْس. قال:
    أبَى الله أن يُبقي لنفسي حُشاشةً *** فصبراً لما قد شاء اَلله لي صبرا([41]) (حص) الحاء والصاد في المضاعف أصول ثلاثة: أحدها النَّصيب، والآخر وضوحُ الشيء وتمكنُّه، والثالث ذهاب الشيء وقلّته.
    فالأول الحِصّة، وهي النَّصيب، يقال أحصَصْتُ الرّجلَ إذا أعطيتَه حِصَّته.
    والثاني قولهم حَصْحَصَ الشيءُ: وضَحَ. قال الله تعالى: {الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ} [يوسف 51].
    ومن هذه الحصحصةُ: تحريكُ الشيءِ حتى يستمكن ويستقرّ.
    والثالث الحَصُّ والحُصاص، وهو العَدْوُ. وانحَصَّ الشعْر عن الرأس: ذهَب. ورجلٌ أحَصُّ قليلُ الشعر. وحَصَّتِ البيْضةُ شعرَ رأسه. قال أبو قيس بن الأسلت:
    قد حَصّتِ البَيضَةُ رأسي فما *** أطعَمُ نوماً غيرَ تَهجاعِ([42]) والحصحصة: الذَّهاب في الأرض. ورجل أحَصُّ وامرأةٌ حَصّاءُ، أي مشْؤُومة. وهو من الباب، كأنَّ الخير قد ذهب عَنْها. ومن هذا الباب فلانٌ يَحُصّ، إذا كان لا يُجِير أحداً. قال:
    أَحُصُّ ولا أُجِيرُ ومَن أُجِرْهُ *** فليس كمن يُدَلَّى بالغُرُورِ([43]) والأَحَصَّانِ: العَبد والعَير؛ لأنهما يُماشِيان أثمانَها حتى يَهرَما فيُنْتَقصَ أثمانُها ويمُوتا.
    ويقال سَنَةٌ حَصّاءُ: جرداءُ لا خَير فيها.
    ومن الذي شذَّ عن الباب قولهم للوَرْس حُصّ. قال:
    مُشَعْشَعَةً كأنَّ الحُصَّ فيها *** إذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا([44]) (حض) الحاء والضاد أصلان: أحدهما البَعْث على الشيء، والثاني القَرارُ المسْتَفِلُ.
    فالأول حضَضْته على كذا، إذا حَضّضْتَه عليه وحَرّضْتَه. قال الخليل: الفرق بين الحضّ والحثّ أنّ الحثّ يكون في السير والسَّوْقِ وكلِّ شيءٍ، والحضّ لا يكون في سير ولا سَوْق. والثاني الحضيض، وهو قَرار الأرض. قال:
    * نزَلْتُ إليه قائماً بالحَضِيضِ([45]) *
    (حط) الحاء والطاء أصلٌ واحد، وهو إنزال الشيء من عُلوّ. يقال حطَطْت الشيءَ أحُطّه حَطّاً. وقوله تعالى: {حِطَّةٌ} [البقرة 58، الأعراف 161]، قالوا: تفسيرها اللهم حُطّ عنا أوزارَنا.
    ومن هذا الباب قولهم جاريةٌ مَحْطوطة المتْنين، كأنما حُطّ مَتْنَاهَا بالمِحَطِّ. قال:
    بيضاءُ مَحْطوطَةُ المتْنَين بَهْكَنَةٌ *** رَيَّا الرّوادفِ لم تُمْغِل بأولادِ([46]) ومن هذا الباب قولهم رجل حُطَائِطٌ، أي صغير قصير، كأنّه حُطَّ حَطَّا.
    ومن هذا الباب قولُهم للنّجيبة السريعة* حَطوطٌ؛ كأنها لا تزال تحطُّ رَحْلاً بأرض([47]). ومما شذّ عن هذا القياس الحَطَاط: بَثْرَةٌ تكون بالوجْه. قال الهذليّ([48]):
    ووجهٍ قد طرقْتُ أمَيْمَ صَافٍ *** أَسيلٍ غيرِ جَهْمٍ ذِي حَطاطِ ويروى:
    * كقَرنِ الشّمسِ ليس بذي حَطاطِ *
    (حظ) الحاء والظاء أصل واحد، وهو النَّصيب والْجَدّ. يقال فلان أحظُّ من فلانٍ، وهو محظُوظٌ. وجمع الحظِّ أحاظٍ على غير قياس. قال أبو زيد: رجلٌ حظيظ جديد، إذا كان ذا حظٍّ من الرزق. ويقال حَظِظْتُ في الأمر أَحَظُّ. قال: وجمع الحَظّ أحُظٌّ([49]).
    (حف) الحاء والفاء ثلاثة أصول: الأول ضربٌ من الصَّوت، والثاني أن يُطيفَ الشيءُ بالشيء، والثالث شِدَّةٌ في العيش.
    تفسير ذلك: الأول الحفيف* حفيفُ الشجرِ ونحوِه، وكذلك حفيفُ جَناح الطائر.
    والثاني: قولهم حفّ القوم بفلانٍ إذا أطافُوا به. قال الله تعالى:{وَتَرَى المَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ} [الزمر 75]. ومن ذلك حِفافا كلِّ شيءٍ: جانباه. قال طَرَفة:
    كَأَنّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكنَّفا *** حِفَافَيْهِ شُكّاً في العَسيبِ بِمسْرَدِ([50]) ومن هذا الباب: هو على حَفَفِ أمْرٍ أي ناحيةٍ منه، وكلُّ ناحيةِ شيءٍ فإنها تُطِيف به. ومن هذا الباب قولهم: "فلان يَحُفُّنا ويَرُفُّنا" كأنّه يشتمل علينا فيُعْطينا ويَمِيرُنا.
    والثالث: الحُفُوف والحَفَف، وهو شدّة العيش ويُبْسُه. قال أبو زيد: حَفَّتْ أرضُنا وقَفَّتْ، إذا يبسَ بَقْلُها. وهو كالشَّظَف. ويقال: هم في حَفَفٍ من العَيش، أي ضيق ومحْلٍ، ثم يُجْرَى هذا حتى يقال رأسُ فلانٍ محفوفٌ وحافٌّ، إذا بَعُد عهدُه بالدُّهن، ثم يقال حَفَّت المرأةُ وجْهها من الشّعر. واحتفَفْتُ النبتَ إذا جَزَزْتَه.
    (حق) الحاء والقاف أصلٌ واحد، وهو يدل على إحكام الشيء وصحّته. فالحقُّ نقيضُ الباطل، ثم يرجع كلُّ فرعٍ إليه بجَودة الاستخراج وحُسْن التّلفيق ويقال حَقَّ الشيءُ وجَبَ. قال الكسائيّ: يقول العرب: "إنك لتعرف الحَِقَّةَ عليك، وتُعْفي بما لدَيْكَ([51])". ويقولون: "لَمَّا عَرَف الحِقَّةَ منّي انْكَسَرَ".
    ويقال حاقَّ فلانٌ فلاناً، إذا ادّعى كلُّ واحدٍ منهما، فإذا غَلَبَه على الحقِّ قيل حَقَّه وأحَقَّه. واحتَقَّ الناس من الدَّيْنِ، إذا ادَّعى كلُّ واحدٍ الحقَّ.
    وفي حديث عليّ عليه السلام: "إذا بلغَ النِّساء نَصَّ الحقَاقِ فالعَصَبَةُ أوْلى".
    قال أبو عبيدٍ: يريدُ الإدراكَ وبُلوغَ العقل. والحِقاقُ أن تقول هذه أنا أحقُّ، ويقولَ أولئك نحنُ أحقّ. حاقَقْتُه حِقاقاً. ومن قال "نَصَّ الحقائق" أراد جمع الحقيقة.
    ويقال للرجُل إذا خاصَمَ في صغار الأشياء: "إنَّه لَنَزِقُ الحِقاق" ويقال طَعْنَةٌ مُحْتَقَّةٌ، إذا وصلَتْ إلى الجوف لشدَّتها، ويقال هي التي تُطعَن في حُقِّ الورِك. قال الهذلي([52]):
    وَهَلاً وقد شرع الأسِنّةَ نحوَها *** مِن بين مُحْتَقٍّ بها ومُشَرِّمِ وقال قومٌ: المحتقُّ الذي يُقتَل مكانَه. ويقال ثوبٌ مُحَقَّقٌ، إذا كان محكم النّسج([53]). قال:
    تَسَرْبَلْ جِلْدَ وَجهِ أبيك إنّا *** كفَيناك المحقَّقَة الرّقاقا([54]) والحِقَّةُ من أولاد الإبل: ما استحقَّ أن يُحمَل عليه، والجمع الحِقاق. قال الأعشى:
    وهمُ ما همُ إذا عزَّت الخَمْـ *** ـرُ وقامت زِقاقُهم والحِقاقُ([55]) يقول: يباع زقٌّ منها بحِقّ([56]). وفلان حامِي الحقيقة، إذا حَمَى ما يَحقُّ عليه أن يحمِيه؛ ويقال الحقيقة: الراية. قال الهذليّ([57]):
    حامِي الحقيقة نَسَّالُ الوَديقة مِعْـ *** ـتاقُ الوَسيقة لا نِكسٌ ولا وانِ([58]) والأحقّ من الخيل: الذي لا يعْرَق؛ وهو من الباب؛ لأن ذلك يكون لصلابته وقوّته وإحكامه. قال رجلٌ من الأنصار([59]):
    وأَقْدَرُ مُشرفُ الصَّهَواتِ ساطٍ *** كُمَيتٌ لا أحَقُّ ولا شَئيتُ([60]) ومصدره الحَقَق. وقال قوم: الأقدر أن يسبقَ موضعُ *رِجليه موقعَ يديه. والأحقّ: أنْ يطبِّق هذا ذاك. والشئِيت: أن يقصر موقع حافر رجلَيه عن موقع حافر يديه.
    والحاقَّة: القيامة؛ لأنها تحقّ بكل شيء. قال الله تعالى: {وَلكِنْ حَقَّتْ كلِمَةُ العَذَابِ عَلَى الكافِرِينَ} [الزمر 71]. والحَقْحَقَة أرفَعُ السَّير وأتْعَبُه للظَّهْر. وفي حديث مطرّف بن عبد الله لابنه([61]): "خَير الأمور أوساطُها، وشرُّ السَّير الحَقْحَقَة". والحُقُّ: مُلتقَى كلِّ عظمَين إلا الظهرَ؛ ولا يكون ذلك إلا صُلباً قوياً.
    ومن هذا الحُقّ من الخشب، كأنه ملتقى الشيء وطَبَقُه. وهي مؤنّثة، والجمع حُقق. وهو في شعر رؤبة:
    * تَقْطِيطَ الحُقَقْ([62]) *
    ويقال فلانٌ حقيقٌ بكذا ومحقوقٌ به([63]). وقال الأعشى:
    لَمَحْقوقةٌ أن تستجيبي لِصَوتِهِ *** وأنْ تعلمي أنّ المُعانَ مُوَفَّقُ قال بعضُ أهل العلم في قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام: {حَقِيقٌ عَلَيَّ} [الأعرا ف 105]. قال: واجِبٌ عليّ. ومن قرأها {حَقيقٌ عَلَى} فمعناها حريصٌ عَلَى([64]).
    قال الكسائي حُقّ لك أن تفعل هذا وحُقِقْتَ. وتقول: حَقَّاً لا أفعل ذلك، في اليمين. قال أبو عبيدة: ويُدخلون فيه اللام فيقولون: "[لَحَقُّ] لا أفعل ذاك([65])"، يرفعونه بغير تنوين. ويقال حَقَقْتُ الأمرَ وأحقَقْتُه، أي كنتُ على يقينٍ منه. قال الكسائيّ: حَقَقْتُ حَذَرَ الرجُل وأحقَقْتُه: [فعلتُ([66])] ما كان يحذر. ويقال أحَقَّت الناقة من الرّبيع، أي سَمِنَت.
    وقال رجلٌ لتميميٍّ: ما حِقَّةٌ حَقَّتْ عَلَى ثلاث حِقاقٍ؟ قال: هي بَكْرَةٌ معها بَكْرتان، في ربيع واحد، سمِنت قبل أن تسمنا ثم ضَبِعَتْ ولم تَضْبَعا([67])، ثم لَقِحت ولم تَلقَحا.
    قال أبو عمرو: استحقّ لَقَحُها([68])، إذا وجب. وأحقَّت: دخلَتْ في ثلاث سنين. وقد بلغت حِقَّتها، إذا صارت حِقَّة. قال الأعْشَى:
    بحِقّتها رُبِطَتْ في اللَّجِيـ *** ـنِ حتى السَّديسُ لها قد أَسَنّْ([69]) يقال أسَنَّ السِّنُّ نَبَتَ.
    (حك) الحاء والكاف أصلٌ واحد، وهو أن يلتقيَ شيئانِ يتمرّس كلُّ واحدٍ منهما بصاحبه. الحكُّ: حَكُّكَ شيئاً على شيء. يقال ما بقِيتْ في فيه حَاكَّة، أي سنّ. وأحكَّنِي رأسي فحكَكْته. ويقال حكَّ في صدري كذا: إذا لم ينشرح صدْرك له، كأنه شيء شكَّ صدرَك فتمرّس [به]. والحُكاكة: ما يسقط من الشيئين تحكُّهما. والحَكِيك: الحافر النَّحِيت([70]). ويقولون وهو أصل الباب: فلانٌ يتحكَّك بي، أي يتمرَّس.قال الفرّاء: إنه لحِكُّ شَرٍّ، وحِكُّ ضِغْنٍ([71]).
    (حل) الحاء واللام لـه فروع كثيرة ومسائلُ، وأصلها كلُّها عندي فَتْح الشيء، لا يشذُّ عنه شيء.
    يقال حلَلْتُ العُقدةَ أحُلُّها حَلاًّ. ويقول العرب: "يا عاقِدُ اذكُرْ حَلاًّ". والحلال: ضِدُّ الحرام، وهو من الأصل الذي ذكرناهُ، كأنه من حَلَلْتُ الشيء، إذا أبحْتَه وأوسعته لأمرٍ فيه([72]).
    وحَلَّ: نزل. وهو من هذا الباب لأن المسافر يشُدّ ويَعقِد، فإذا نزلَ حَلّ؛ يقال حَلَلْتُ بالقوم. وحليل المرأة: بعلها؛ وحليلة المرء: زوجُه. وسُمِّيا بذلك لأن كلّ واحدٍ منهما يَحُلُّ عند صاحبه.
    قال أبو عبيد: كل من نازَلَكَ وجاوَرَك فهو حَليل. قال:
    ولستُ بأطْلَسِ الثَّوبينِ يُصْبِي *** حليلتَه إذا هدأ النِّيامُ([73]) أراد جارتَه. ويقال سمِّيت الزوجةُ حليلةً لأن كلَّ واحدٍ منهما يحلُّ إزارَ الآخر. والحُلّة معروفة، وهي لا تكون إلا ثوبَين. وممكن أن يحمل على الباب فيقال لمَّا كانا اثنَينِ كانت فيهما فُرْجة.
    ومن الباب الإحليل، وهو مَخرج البَول، ومَخرج اللَّبن من الضَّرْع.
    ومن الباب تحلحل عن مكانه، إذا زال. قال:
    * ثَهْلانَُ ذو الهَضَبَاتِ لا يتلحلحَلُ([74]) *
    والحلاحِل: السيِّد، وهو من الباب ليس بمنْغَلق محرَّم كالبخيل المُحكم اليابس. والحِلَّة: الحيُّ النزول مِن العرب قال الأعشى:
    لقد كانَ في شيبانَ لو كنت عالما *** قِبابٌ وحَيٌّ حِلّةٌ وقبائلُ([75]) و*المَحَلَّة: المكانُ ينزِل به القومُ. وحيٌّ حِلاَلٌ نازلون. وحلَّ الدَّينُ وجب. والحِلُّ ما جاوزَ الحرم. ورجلٌ مُحِلٌّ من الإحلال، ومُحرِم من الإحرام. وحِلٌّ وحَلالٌ بمعنى؛ وكذلك في مقابلته حِرْم وحَرَام. وفي الحديث: "تزوَّج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ميمونةَ وهما حَلاَلانِ". ورجلٌ مُحِلٌّ لا عَهْدَ له، ومحْرِم ذُو عَهْد. قال:
    جَعَلْن القَنَان عن يمينٍ وحَزْنَه *** وكم بالقَنَانِ مِن مُحِلٍّ ومُحْرِم([76]) وقال قوم: مِنْ محلٍّ يرى دمي حلالاً، ومحرِمٍ يراه حَرَاما.
    والحُلاَّن: الجدي يُشقُّ له عن بطن أمّه. قال: يُهدِي إليه ذِراعَ الجَفْر تَكْرِمَةً *** إمّا ذبيحاً وإمّا كانَ حُلاَّنَا([77]) وهو من الباب. وحَلّلْتُ اليمينَ أحَلِّلُها تحليلا([78]). وفعلتُ هذا تَحِلَّةَ القسَم، أي لم أفعل إلا بقدْرِ ما حَلَّلْتُ به قَسَمي أنْ أفعله ولم أبالِغْ. ومنه: "لا يموتُ لمؤمنٍ ثلاثةُ أولادٍ فتمسَّه النّارُ إلا تَحِلّةَ القَسَم". يقول: بقدر ما يبَرُّ الله تعالى قسمَه فيه من قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلاَّ وَارِدُها[ [مريم 71]، أي لا يرِدُها إلا بقدر ما يحلِّلُ القَسَم([79])، ثم كثُر هذا في الكلام حتى قِيل لكلِّ شيء لم يبالَغْ فيه تحليلٌ؛ يقال ضربتُه تحليلاً، ووقعَتْ مَنَاسِمُ هذه الناقةِ تحليلاً، إذا لم تُبالغْ في الوقع بالأرض. وهو في قول كعب بن زهير:
    * وقْعُهنَّ الأرضَ تحليلُ([80]) *
    فأمّا قولُ امرئ القيس:
    كبِكْرِ المقاناةِ البَياضَ بصُفرَةٍ *** غذاها نميرُ الماءِ غيرَ مُحَلَّلِ ففيه قولان: أحدهما أن يكون أراد الشيء القليل، وهو نحوُ ما ذكرناه من التَّحِلَّة. والقول الآخر: أن يكون غير مَنزولٍ عليه فيَفْسُد ويُكدَّر.
    ويقال أحَلَّت الشاةُ، إذا نزل اللَّبن في ضَرْعِها من غير نَتاج. والحِلالُ: مَتاع الرَّحْل. قال الأعشى:
    وكأنَّها لم تَلْقَ ستّةَ أشهر *** ضُرَّاً إذا وضَعَتْ إليك حِلاَلَها([81]) كذا رواه القاسم بن مَعْن، ورواه غيره بالجيم.
    والحِلال: مركَبٌ من مراكب النساء. قال:
    * بَعِيرَ حِلالٍ غادَرَتْهُ مُجَعْفَلِ([82]) *
    ورأيت في بعض الكتب عن سِيبويه: هو حِِلَّةَ الغَوْر، أي قَصْدَه. وأنشد:
    سَرَى بعد ما غار النُّجومُ وبَعْدَما *** كأنّ الثرَيّا حِلَّةَ الغَور مُنْخُل([83]) أي قصْدَه.
    (حم) الحاء والميم فيه تفاوتٌ؛ لأنّه متشعب الأبواب جداً. فأحد أصوله اسوداد، والآخَر الحرارة، والثالث الدنوّ والحُضور، والرابع جنسٌ من الصوت، والخامس القَصْد.
    فأمّا السواد الفحُمَمُ الفحم. قال طرفة:
    أشَجَاكَ الرَّبْعُ أم قِدَمُهْ *** أمْ رمادٌ دارسٌ حُمَمُهْ([84]) ومنه اليَحْموم، وهو الدُّخان. والحِمْحِمُ: نبتٌ أسود، وكلُّ أسوَدَ حِمْحِم.
    ويقال حَمَّمْته إذا سَخَّمت وجهه بالسُّخام، وهو الفَحْم.
    ومن هذا الباب: حَمَّمَ الفرْخُ، إذا طلع رِيشُه. قال:
    * حَمَّم فَرخٌ كالشَّكير الجَعْدِ *
    وأمّا الحرارة فالحَميم الماء الحارّ. والاستحمام: الاغتسال به. ومنه الحَمّ، وهي الأَلية تُذاب، فالذي يبقى منها بعد الذَّوْب حَمٌّ، واحدته حَمَّةٌ. ومنه الحَميم، وهو العَرَق. قال أبو ذؤيب:
    فَأَبَى بدِرَّتِها إذا ما استُغْضِبَتْ *** إلاَّ الحميمَ فإِنّه يَتَبَضَّعُ([85]) ومنه الحُمَام، وهو حُمَّى الإبل. ويقال أحمَّت الأرض [إذا صارت([86])] ذات حُمَّى. وأنشد الخليل في الحَمِّ:
    ضُمَّا عليها جانِبَيْها ضَمَّا *** ضَمَّ عَجوزٍ في إناء حُمَّا وأمّا الدنُوّ والحضور فيقولون: أَحَمَّتِ الحاجةُ: حَضَرت، وأحَمَّ الأمرُ: دنا. وأنشد:
    حَيِّيا ذلك الغَزَال الأَجَمَّا *** إن يكنْ ذلك الفراقُ أَحَمَّا([87]) وأما الصوت فالحَمْحَمة حَمحمَةُ الفَرَس عند العَلْف.
    وأمّا القَصْد فقولهم حَمَمْتُ حَمَّهُ، أي قَصَدْت قَصْدَه. قال طرفة:
    جَعَلتْهُ حَمَّ كَلْكَلِها *** بالعَشِيِّ دِيمَةٌ تَثِمُهْ([88]) ومما شذَّ عن هذه الأبواب قولهم: طلَّق الرّجُل امرأتَه وحَمَّمَها، إذا متَّعها بثَوْبٍ أو نحوه. قال:
    أنتَ الذي وَهبتَ زيداً بعدما *** همَمْتُ بالعَجُوز* أنْ تُحَمَّما([89]) وأمّا قولهم احتَمَّ الرّجلُ، فالحاء مبدلةٌ من هاء، وإنّما هو من اهتَمَّ.
    (حن) الحاء والنون أصلٌ واحد، وهو الإشفاق والرّقّة. وقد يكون ذلك مع صوتٍ بتوجُّع. فحنين النّاقةِ: نِزاعُها إلى وطنها. وقال قوم: قد يكون ذلك من غير صوتٍ أيضاً. فأمَّا الصوت فكالحديث الذي جاء في حَنِين الجِذْع الذي كان يَستَنِد إليه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلَّمَ، لمَّا عُمِل لـه المِنبرُ فتَرَك الاستنادَ إليه. والحنان: الرحمة. قال الله تعالى: {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا} [مريم 13]. وتقول: حَنَانَك أي رحمَتَك. قال:
    مُجاوَِرَةً بَنِي شَمَجَى بنِ جَرْمٍ *** حَنَانَك رَبَّنَا يا ذَا الحَنانِ([90]) وحنانَيْكَ، أي حناناً بعْدَ حنان، ورحمةً بعدَ رحمة. قال طرفة:
    أبا مُنْذِرٍ أَفنَيْتَ فاستَبْقِ بعضنا *** حنانيكَ بعضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِن بعضِ([91]) والحَنَّةُ: امرأة الرجُل، واشتقاقها من الحَنين لأنّ كلاًّ منهما يَحِنُّ إلى صاحبه. والحَنُون: ريحٌ إذا هَبَّت كان لها كحنين الإبل. قال:
    * تُذَعْذِعُها مُذَعْذِعَةٌ حَنُونُ([92]) *
    وقَوْسٌ حَنَّانَةٌ، لأنّها تَحِنُّ عند الإنْباض. قال:
    وفي مَنْكِبي حَنّانَةٌ عُودُ نبْعةٍ *** تَخَيّرها لي سُوقَ مَكّةَ بائِعُ([93]) ومما شذّ عن الباب طريقٌ حَنَّانٌ، أي واضح.
    (حأ) الحاء والهمزة قبيلة. قال:
    * طلبتُ الثأْرَ في حَكَمٍ وحاء([94]) *
    (حب) الحاء والباء أصول ثلاثة، أحدها اللزوم والثَّبات، والآخر الحَبّة من الشيء ذي الحَبّ، والثالث وصف القِصَر.
    فالأوَّل الحَبّ([95])، معروفٌ من الحنطة والشعير. فأما الحِبُّ بالكسر فبُروز الرّياحين، الواحدُ حِبَّة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومٍ: " يخرُجون من النَّار فيَنبتُون كما تنبت الحِبَّةُ في حَميلِ السَّيل".
    قال بعض أهل العلم: كلُّ شيءٍ له حَبٌّ فاسم الحَبّ منه الحِبّة. فأمَّا الحِنطة والشعير فَحبٌّ لا غير.
    ومن هذا الباب حَبَّة القلب: سُوَيداؤه، ويقال ثمرته.
    ومنه الحَبَب وهو تَنَضُّد الأسنان. قال طرفة:
    وإذا تَضْحك تُبدِي حَبَباً *** كرُضَابِ المِسْكِ بالماء الخَصِرْ([96]) وأمّا اللزوم فالحُبّ والمَحبّة، اشتقاقه من أحَبَّه إذا لزمه. والمُحِبّ: البعير الذي يَحْسَِر فيلزمُ مكانَه. قال:
    جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بالسّبَبْ *** فهُنَّ بعدُ كلُّهُنَّ كالمُحِبّْ([97]) ويقال المحَبُّ بالفتح أيضاً. ويقال أحبَّ البَعير إذا قام([98]). قالوا: الإحباب في الإبل مثل الحِران في الدوابّ. قال:
    * ضَرْبَ بَعيرِ السَّوْء إذْ أَحَبّا([99]) *
    أي وقَف. وأنشد ثعلبٌ لأعرابيَّةٍ تقول لأبيها:
    يا أَبَتا وَيْهاً أَبَهْ ***
    حَسَّنْتَ إلاّ الرَّقَبَهْ([100]) فزيِّنَنْها يا أَبَهْ([101]) حَتَّى يجِيءَ الخَطَبَهْ بإبلٍ مُحَبْحَبَهْ([102]) معناه أنّها من سمنها تَقِف. وقد روي بالخاء "مُخَبخَبه"، وله معنى آخر، وقد ذكر في بابه. وأنشد أيضاً:
    مُحِبٌّ كإحباب السَّقيم وإنَّما *** به أسَفٌ أن لا يَرَى مَن يُساوِرُه([103]) وأَمّا نعت القِصَر فالحَبْحاب: الرجُل القصير. ومنه قول الهُذلي([104]):
    دَلَجِي إذا ما اللَّيلُ جَـ *** ـنَّ على المُقَرَّنَةِ [الحَباحبْ فالمقرّنة: الجبالُ([105])] يدنو بعضُها من بعضٍ، كأنّها قُرِنت. والحَباحِب: الصِّغار، وهو جمع حَبْحاب. وأظنُّ أنَّ حَبَاب الماءِ من هذا. ويجوز أن يكون من الباب الأوّل كأنّها حَبَّاتٌ. وقد قالوا: حَباب الماء: مُعْظَمه في قوله:
    يشقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بها *** كما قَسَم التُّربَ المفاَيِلُ باليَدِ([106]) والحُباحب: اسمُ رجلٍ، مشتقُّ من بعض ما تقدّم ذكره. ويقال إنّه كان لا يُنْتَفَع بناره، فنُسِبت إليه كلُّ نار لا يُنتَفع بها. قال النابغة:
    تَقُدُّ السَّلوقيَّ المضاعَفَ نَسجُه *** ويُوقِدْن بالصُّفّاحِ نَار الحُباحبِ([107]) ومما شذّ عن الباب الحُباب، وهو الحيَّة. قالوا: وإنما قيل الحُباب اسمُ شيطان لأن الحية شيطان. وأنشد:
    تُلاعبُ مَثْنَى حَضْرميٍّ* كأنّهُ *** تمعُّجُ شيطان بذي خِرْوَعٍ قَفْرِ([108]) (حت) الحاء والتاء أصلٌ واحد، وهو تساقُطُ الشيء، كالورق ونحوِه ويُحمل عليه ما يقارِبُه. فالحتُّ حتُّ الوَرَقِ من الغصن. وتحاتَّت الشجرة. ويقال حَتّهُ مائةَ سوْطٍ، أي عجَّلَها، كأن ذلك من حَتِّ الورق، وهو قريبٌ. ويقال فَرَسٌ حَتٌّ، أي ذَريعٌ يَحُتُّ العَدْوَ حَتّاً، والجمع أحْتَاتٌ. قال:
    على حتِّ البُرَايةِ زَمْخَرِيِّ الـ *** ـسَّواعِدِ ظَلَّ في شَرْيٍ طُِوالِ([109]) وحُتَاتُ: اسمُ رجلٍ من هذا.
    (حث) الحاء والثاء أصلان: أحدهما الحضُّ على الشيء، والآخر يَبيسٌ من يبيس الشيء.
    فالأوَّل قولهم: حَثَثْتُه على [الشيء] أَحُثّه. ومنه الحَثِيث؛ يقال ولَّى حَثِيثاً، أي مسرِعاً. قال سَلامة:
    ولَّى حثيثاً وهذا الشيبُ يطلُبه *** لو كان يدركه ركضُ اليعاقِيبِ([110]) ومنه الحَثْحثَة، وهو اضطرابُ البرق في السَّحاب.
    وأمّا الآخر فالحُثُّ وهو الحطام اليَبيس، ويقال الحُثّ الرّمل اليابس الخَشِن. قال:
    * حتى يُرى في يابِس الثّرْياء حُثّ ([111]) *
    (حج) الحاء والجيم أصولٌ أربعة. فالأول القصد، وكل قَصْدٍ حجٌّ. قال:
    وأشهَدَُ مِن عَوْفٍ حُلولا كثيرةً *** يَحُجُّون سِبّ الزِّبرِقانِ المزَعْفَرا([112]) ثم اختُصَّ بهذا الاسمِ القصدُ إلى البيت الحرام للنُّسُْك. والحَجِيج: الحاجّ. قال:
    ذكرتُكِ والحجيجُ لهم ضجيجٌ *** بمكّةَ والقلوبُ لها وجيب ويقال لهم الحُِجُّ أيضاً. قال:
    * حُِجٌّ بأسفَلِ ذي المجاز نزولُ([113]) *
    وفي أمثالهم: "لَجَّ فَحَجَّ". ومن أمثالهم: "الحاجَّ أسْمَعْتَ"، وذلك إذا أفشَى السرّ. أي إنَّك إذا أسْمَعْت الحُجّاج فقد أسمعتَ الخلق.
    ومن الباب المحَجَّة، وهي جَادَّة الطريق. قال:
    ألا بَلِّغا عَنِّي حُرَيثاً رِسالةً *** فإنك عن قَصد المَحَجَّة أنكَبُ وممكن أن يكون الحُجَّة مشتقّةً من هذا؛ لأنها تُقْصَد، أو بها يُقْصَد الحقُّ المطلوب. يقال حاججت فلاناً فحجَجْته أي غلبتُه بالحجّة، وذلك الظّفرُ يكون عند الخصومة، والجمع حُجَج. والمصدر الحِجَاج.
    ومن الباب حَجَجْت الشَّجَّة، وذلك إذا سَبَرْتَها بالمِيل، لأنك قصدت معرفةَ قَدْرِها. قال:
    * يَحُجُّ مأمُومَةً في قعرها لَجَفٌ([114]) *
    ويقال بل هو أن يصبّ على دَم الشَّجَّة السَّمن، فيظهرَ فيُؤخَذَ بقُطْنةٍ. قال أبو ذؤيب:
    وصُبَّ عليها المِسْكُ حتى كأنَّها *** أسِيٌّ على أمِّ الدِّماغ حَجيجُ([115]) والأصل الآخر: الحِجَّة وهي السّنَة. وقد يمكن أن يُجمع هذا إلى الأصل الأوّل؛ لأن الحجّ في السنة لا يكون إلا مرَّةً واحدة، فكأنَّ العام سُمِّي بما فيه من الحَجّ حِجّة. قال:
    يَرُضْن صِعابَ الدُّرِّ في كل حِجَّةٍ *** ولو لم تكن أعناقُهن عَواطلا([116]) قال قوم: أراد السّنَة؛ وقال قوم: الحِجَّة ها هنا: شَحْمة الأذن. ويقال بل الحِجَّة الخَرزَة أو اللؤلؤة تعلَّق في الأذن. وفي القولين نظرٌ.
    والأصل الثالث: الحِجَاجُ، وهو العظْم المستدير حَولَ العَين. يقال للعظيمِ الحِجَاجِ أحَجُّ، جمع الحِجَاج أحِجَّة.
    وزعم أبو عمرو أنّه يقال للمكان المتكاهف([117]) ومن الصَّخرة حجاج.
    والأصل الرابع: الحَجْحَجة النُّكوص. يقال: حَمَلوا علينا ثمَّ حَجْحَجُوا. والمُحَجْحِج: العاجز. قال:
    * ضَرْباً طَِلَخْفاً ليس بالمحَجْحِج([118]) *
    ويقال أنا لا أُحَجْحِجُ في كذا، أي لا أشكّ. يقولون: لا تذهَبنَّ بك حَجْحجةٌ ولا لَجْلجة. ورَجُلٌ حَجْحجٌ([119]): فَسْلٌ.
    ــــــــــــــــــــ
    ([1]) في الأصل: "من الشيئين".
    ([2]) ديوان الأعشى 51 واللسان (حدد، جون). والجونة، بالفتح: الخابية المطلية بالقار.
    ([3]) ديوان النابعة 21 واللسان (حدد). والرواية المشهورة كما فيهما: "إذ قال الإله له".
    ([4]) البيت وتاليه في اللسان (غدد) برواية: "من يكتمني". والصعاد، هنا: جمع صعدة وهي من النساء المستقيمة القامة، كأنها صعدة قناة.
    ([5]) السيب: العطاء. وفي الأصل: "سيبك"، صوابه في المجمل واللسان. والزرم، بتقديم الزاي: القليل. وفي الأصل: "رزما" وفي المجمل واللسان: "وتحا أو مجبنا ممصورا". والتمصير: تقليل العطاء.
    ([6]) في الجمهرة (1: 58): "أي ممتنع"، وفي اللسان بدون نسبة إلى ابن دريد: "وهذا أمر حدد أي منيع حرام لا يحل ارتكابه".
    ([7]) عجزه كما في الديوان 137 واللسان (حدد): * بفتيان صدق والنواقيس تضرب *
    ([8]) نسب البيت في اللسان (حذذ، نوط) إلى النابغة. وأنشده في (سكك) بدون نسبة. ونسب في الأغاني
    (8: 142) مع أربعة أبيات إلى العباس بن يزيد بن الأسود. قال: "هكذا ذكر ابن الكلبى، وغيره يرويها لبعض بني مرة". والنوطة، بالفتح: الحوصلة.
    ([9]) البيت ليزيد بن الخذاق الشّنّيّ العبدي، من قصيدة في المفضليات (2: 79). والعداب: الحبل من الرمل. والغموس: الغامض.
    ([10]) شاهده ما أنشده في اللسان (حذذ):
    تزيدها حذاء يعلم أنه *** هو الكاذب الآتي الأمور البجاريا ([11]) يقال حذحاذٌ وحذاحذ، كعلابط. والقرب، بالتحريك: سير الليل لورد الغد.
    ([12]) زاد في اللسان: "أنه خطب الناس فقال في خطبته".
    ([13]) البيت للنابغة في ديوانه 36 واللسان والجمهرة (حرر).
    ([14]) البيت للطرماح في ديوانه 109 واللسان والمجمل (حرر). وهو في صفة صائد.
    ([15]) البيت في اللسان (5: 256). وأنشده في (5: 257) وذكر أن صواب الرواية: "في حمام ترنما". وبهذه الرواية الأخيرة ورد في المجمل.
    ([16]) البيت لذي الرمة في ديوانه 569 واللسان (حبل). و"معلقه" وردت في الأصل واللسان والديوان "معلقة" تحريف، إذ "القرط" مذكر. ومعلقه، أي موضع تعليقه. وفي الديوان واللسان: "تباعد الحبل منها". وفي شرح الديوان: "أي تباعد حبل العنق من القرط لأنها طويلة العنق". فالمعنى على رواية الديوان واللسان: تباعد حبلها؛ كما تقول قرت العين مني، أي عيني.
    ([17]) ديوان طرفة 63 واللسان (حرر).
    ([18]) هو دعاء، أي رماه الله بالعطش والبرد، أو بالعطش في يوم بارد.
    ([19]) البيت للفرزدق في ديوانه 217 واللسان (حرر). وقد سبق في مادة (جلد). وأنشده في اللسان (قرم) بدون نسبة وبرواية: "المقرمة الصفر".
    ([20]) كذا جاء وصف الحجارة بسوداء. وانظر تحقيقي لهذه المسألة في مجلة الثقافة 2151 ومجلة المقتطف عدد نوفمبر سنة 1944. وفي المجمل واللسان: "سود".
    ([21]) نهشل بن حَرِّيّ: شاعر مخضرم، أدرك معاوية، وكان مع علي في حروبه. الإصابة 8878 والخزانة (1: 151).
    ([22]) في الأصل: "يا قوم" صوابه في المجمل واللسان. وضبط الفعل في القاموس: كمللت وفررت ومررت.
    ([23]) الكركرة: صدر كل ذي خف. وقد ضبطت العبارة في اللسان خطأ، وهي في القاموس على الصواب. وقد أضاف كل منهما كلمة "طرف" إلى "كركرته".
    ([24]) ديوان الشماخ 49 واللسان (حزز، حمز). ورواية الديوان: "من الوجد"، واللسان: "من الهم".
    ([25]) ويروى أيضاً: "حواز القلوب" أي يحوزها ويتملكها ويغلب عليها.
    ([26]) للبيد في معلقته. والبيت بتمامه:
    بأحزة الثلبوت يربأُ فوقها *** قفر المراقب خوفها آرامها ([27]) في الأصل: "أرى".
    ([28]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 5 والمفضليات (2 : 323) واللسان (حزز، رزن) وصدره: * حتى إذا جزرت مياه رزونه *
    ([29]) في الأصل والمجمل: "القتل"، صوابه في اللسان.
    ([30]) صدره كما في ديوان الأفوه 4 واللسان (حسس): * نفسي لهم عند انكسار القنا *
    ([31]) يقال بفتح الحاء، وكسر السين المشددة مع التنوين وعدمه، ويقال حسا، بفتح الحاء مع النصب. وكذلك حس، بكسر الحاء وكسر السين المشددة المنونة.
    ([32]) للعجاج في اللسان (حسس، كرس) وليس في ديوانه. والكرس، بالكسر: الأصل. ويروى: "الكريم الكرس".
    ([33]) الرجز في اللسان (حسس)، ونوادر أبي زيد 175. والمواسي: جمع موسى الحلاق.
    ([34]) الرجز في اللسان (حشش، جرر). وانظر أيضاً (جرر، مرر) وقد سبق إنشاده في (جر).
    ([35]) في القاموس "والحشة بالضم: القبة العظيمة". قال الزبيدي: "هكذا في سائر النسخ القبة بالموحدة. والصواب القنة بالنون، كما ضبطه الصاغاني عن ابن عباد".
    ([36]) البيت لأوس بن حجر في ديوانه 11 واللسان (حسس).
    ([37]) لأبي دواد الإيادي، كما في اللسان (حشش). ورواه أبو عبيدة في كتاب الخيل 86 لعقبة بن سابق.
    ([38]) هو صخر الغي، وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 55 وشرح السكري للهذليين 13. والبيت في اللسان (حشش).
    ([39]) الذي حششت، ساقطتان من الأصل، وإثباتهما من اللسان وديوان الهذليين.
    ([40]) يقال: حشت وأحشت، بالبناء للفاعل والمفعول في كل منهما.
    ([41]) كذا ورد هذا العجز ويصح بقطع همزة لفظ الجلالة "الله".
    ([42]) قصيدة أبي قيس الأقيس في المفضليات (2: 83-86). والبيت في اللسان (حصص) برواية: "فما أذوق نوماً".
    ([43]) البيت لأبي جندب الهذلي، كما في اللسان (دلا). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 87 ومخطوطة الشنقيطي 119.
    ([44]) لعمرو بن كلثوم في معلقته المشهورة.
    ([45]) لامرئ القيس في ديوانه 110. وصدره: * فلما أجن الشمس عني غيارها *
    ([46]) البيت للقطامي في ديوانه 7 واللسان (حطط، مغل).
    ([47]) شاهده قول النابغة في اللسان (حطط):
    فما وخدت بمثلك ذات غرب *** حطوط في الزمام ولا لجون ([48]) هو المتنخل الهذلي، وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 48 والقسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين. ورواية البيت في اللسان (حطط): ووجه قد جلوت أميم صاف *** كقرن الشمس ليس بذي حطاط ([49]) هذا في جمع القلة، ويقال في الكثرة حظوظ وحظاظ كرجال.
    ([50]) البيت من معلقته المشهورة. والمضرحي: النسر.
    ([51]) في اللسان: "المعفي الذي يصحبك ولا يتعرض لمعروفك". وأنشد:
    فإنك لا تبلو امرأ دون صحبة *** وحتى تعيشا معفيين وتجهدا ([52]) هو أبو كبير الهذلي كما في اللسان (حقق)، وقصيدة البيت في نسخة الشنقيطي 76 الوهل: الفزع. وفي اللسان: "هلا وقد" تحريف. وقبل البيت:
    فاهتجن من فزع وطار جحاشها *** من بين قارمها وما لم يقرم ([53]) وقيل: ثوب محقق: عليه وشي كصورة الحقق.
    ([54]) كلمة "جلد" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان.
    ([55]) البيت في ديوان الأعشى 143.
    ([56]) في الأصل: "يقال يباع زق منها حق".
    ([57]) هو أبو المثلم الهذلي. وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 94 والسكري 34.
    ([58]) السكري: "معتاق الوسيقة، وهي الطريدة، إذا طرد طريدة أنجاها من أن تدرك".
    والبيت ملفق من بيتين. وفي ديوان الهذليين:
    آبى الهضيمة ناب بالعظيمة متـ *** ـلاف الكريمة لا سقط ولا وان حامي الحقيقة نال الوديقة معـ *** ـتاق الوسيقة جلد غير ثنيان ([59]) البيت يروى أيضاً لعدي بن خرشة الخطمي كما في اللسان (حقق، شأت).
    ([60]) سيأتي في (شأت). وهذه رواية أبي عبيد. ورواية الجمهرة (1: 63):
    بأجرد من عتاق الخيل ********* *** جواد لا أحق ولا شئيت ([61]) في الأصل: "لأبيه" تحريف. وفي اللسان: "وتعبد عبد الله بن مطرف بن الشخير فلم يقتصد، فقال له أبوه: يا عبد الله، العلم أفضل من العمل، والحسنة بين السيئتين" الخ. ومطرف بن الشخير، هو مطرف بن عبد الله بن الشخير من كبار التابعين، توفي سنة 95. انظر تهذيب التهذيب، وصفة الصفوة.
    ([62]) قطعة من بيت له. وهو بتمامه كما في الديوان واللسان:
    * سوى مساحيهن تقطيط الحقق *
    أي إن الحجارة سوت حوافر الحمر من تقطيط الحقق وتسويتها.
    ([63]) قبله كما في ديوان الأعشى 149:
    وإن امرأ أسرى إليك ودونه *** فياف تنوفات وبيداء خيفق ([64]) هذه قراءة الجمهور. وأما القراءة الأولى (عليّ) بتشديد الياء، فهي قراءة الحسن ونافع، وانظر إتحاف فضلاء البشر 227.
    ([65]) التكملة من الصحاح واللسان. وفي اللسان: "قال الجوهري: وقولهم لحق لا آتيك، هو يمين للعرب يرفعونها بغير تنوين إذا جاءت بعد اللام. وإذا أزالوا عنها اللام قالوا: حقاً لا آتيك. قال ابن بري: يريد لحق الله فنـزله منزلة لعمر الله. ولقد أوجب رفعه لدخول اللام كما وجب في قولك لعمر الله، إذا كان باللام".
    ([66]) التكملة من المجمل واللسان (حقق 333).
    ([67]) ضبعت الناقة ضبعاً، من باب فرح: اشتهت الفحل. وفي الأصل: "صنعت ولم تصنعا"، صوابه في اللسان (حقق 341) حيث ساق الخبر في تفصيل.
    ([68]) اللقح بالفتح والتحريك: اللقاح. ويقال أيضاً استحقت الناقة اللقاح.
    ([69]) رواية الديوان 16 واللسان (حقق): "حبست في اللجين".
    ([70]) أي المنحوت. وفي الأصل: "النجيب"، صوابه من المجمل واللسان.
    ([71]) لم يذكر في اللسان: وفي القاموس: "وحك شر وحكاكه، بكسرهما: يحاكه كثيرا".
    ([72]) في الأصل: "الأمر فيه".
    ([73]) البيت في المجمل واللسان (طلس، حلل). وأطلس الثوبين كناية عن أنه مرمي بالقبيح.
    ([74]) عجز بيت للفرزدق في ديوانه 717 واللسان (حلل). وصدره:
    * فارفع بكفك إن أردت بناءنا *
    وفي الديوان: "ثهلان ذا الهضبات" وقال ابن بري: "هذه من الرواية الصحيحة". وأقول: الرفع على الاستئناف صحيح أيضاً، جعله مثلا.
    ([75]) البيت في اللسان (حلل)، وقصيدته في الديوان 128.
    ([76]) البيت لزهير في معلقته. وفي الأصل: "ومن بالقنا في محل"، تحريف.
    ([77]) البيت لابن أحمر، كما في اللسان (حلن) والحيوان (5: 499 / 6: 142). وفاعل "يهدي" في بيت بعده، وهو:
    عيط عطابيل لئن الرى وابتذلت *** معاطفا سابريات وكتانا ([78]) في الأصل: "أحلها حلا"، والسياق يقتضي المشدد.
    ([79]) في الأصل "يحل القسم"، والسياق يأباه.
    ([80]) البيت بتمامه:
    تخدى على يسرات وهي لاحقة *** بأربع مسهن الأرض تحليل ([81]) الديوان ص24 برواية: "جلالها". وأنشده في اللسان (حلل).
    ([82]) لطفيل بن عوف الغنوي. وصدره كما في ديوانه 38 واللسان (حلل، جعفل) وأمالي القالي (1: 104): والمخصص (7: 147): * وراكضة ما تستجن بجنة *
    ([83]) النص والشاهد في كتاب سيبويه (1: 201- 202). وفي الأصل: "حلة القوم" صوابه من المجمل وسيبويه. وفي سيبويه: "بعد ما غار الثريا". قال الشنتمري: "شبه الثريا في اجتماعها واستدارة نجومها بالمنخل".
    ([84]) ديوان طرفة 16 واللسان (حمم).
    ([85]) ديوان أبي ذؤيب 17 والمفضليات (2: 228) والمجمل واللسان (حمم). وفي الأصل: "استقضيت" صوابه من المجمل والديوان والمفضليات. وفي اللسان وإحدى روايتي الديوان: "إذا ما استكرهت".
    ([86]) التكملة من المجمل واللسان.
    ([87]) الأجم: الذي لا قرن له. وفي الأصل واللسان: "الأحما"، صوابه في المجمل.
    ([88]) في الديوان 16: "لربيع ديمة"، وفي اللسان: "من ربيع".
    ([89]) البيتان في اللسان (حمم، وثم).
    ([90]) البيت ملفق من بيتين في ديوان امرئ القيس 169- 170 وهما:
    مجاورة بني شمجى بن جرم *** هوانا ما أتيح من الهوان ويمنحها بنو شمجى بن جرم *** معيزهم حنانك ذا الحنان وهذا البيت الأخير بهذه الرواية في اللسان (حنن 286).
    ([91]) ديوان طرفة 48 والمجمل واللسان (حنن). وأبو منذر كنية عمرو بن هند.
    ([92]) سيعيده في (زع). وهو عجز بيت للنابغة لم يرو في ديوانه. وصدره كما في اللسان (حنن، ذعع). * غشيت لها منازل مقفرات *
    ([93]) كلمة "لي" ليست في الأصل؛ وإثباتها من اللسان، وقال: "أي في سوق مكة".
    ([94]) كذا ورد ضبطه في اللسان (20: 334) على أنه عجز بيت. ولم أجد تتمته. وفي الجمهرة (1: 172): "وبنو حاء ممدود بطن من العرب، وهم بنو حاء بن جشم بن معد، وهم حلفاء لبني الحكم بن سعد العشيرة".
    ([95]) قد جرى في الكلام على أن يجعل هذا أول أبواب معاني المادة، مع أنه ذكره هنا ثانيها.
    ([96]) ديوان طرفة 65 والمجمل واللسان (حبب). ورضاب المسك: قطعه.
    ([97]) البيتان في اللسان (حبب) وأمالي القالي (2: 19).
    ([98]) قام، بدون همزة كما في الأصل والمجمل. ومعناه وقف كما سيأتي.
    ([99]) لأبي محمد الفقعسي، كما في اللسان (حبب). وانظر الجمهرة (1: 25) والأصمعيات 7.
    ([100]) هذا البيت والثلاثة بعده في اللسان (جبب). كأنها تستوهب أباها ما تزين به عنقها.
    ([101]) في اللسان: "فحسننها".
    ([102]) هذا البيت والبيت الذي قبله رويا أيضاً في اللسان (خبب) برواية: "مخبخبة"، وهي العظيمة الأجواف، أو هي مقلوبة من "المبخبخة" التي يقال لها بخ بخ، إعجاباً بها. وروى في اللسان (جبب): "مجبجبة" أي ضخمة الجنوب.
    ([103]) البيت في أمالي ثعلب 369 برواية: "ما يساوره". وهو لأبي الفضل الكناني كما في الأصمعيات 76 طبع دار المعارف. برواية: "من يثاور".
    ([104]) هو الأعلم الهذلي. وقصيدة البيت في شرح السكري 55 ومخطوطة الشنقيطي 59. والبيت في المجمل واللسان (حبحب).
    ([105]) هذه التكملة التي تبدأ من نهاية البيت السابق، من المجمل.
    ([106]) البيت من معلقة طرفة بن العبد.
    ([107]) ديوان النابغة 7 واللسان (حبحب).
    ([108]) نسبه في الحيوان (4: 133) إلى طرفة، وليس في ديوانه. وانظر الحيوان (1: 153/ 6: 192) والمخصص (8: 109) واللسان (3: 153/ 17: 105). والرواية في المراجع: "تعمج" بتقديم العين، وهما بمعنى.
    ([109]) البيت للأعلم الهذلي، وقد سبق الكلام عليه في مادة (برو/ي 1: 233).
    ([110]) في الأصل: "وهذا الشيء"، صوابه في ديوان سلامة بن جندل 7 والمفضليات (1: 117).
    ([111]) الثرياء: الثرى. والبيت في اللسان (حثث).
    ([112]) البيت للمخبل السعدي، كما في اللسان (حجج، سبب) ويرى ابن بري أن صواب إنشاده: "وأشهد" بالنصب، لأن قبله:
    ألم تعلمي يا أم عمرة أنني *** تخاطأني ربب الزمان لأكبرا ([113]) لجرير في ديوانه 476 واللسان (حجج). وصدره:
    * وكأن عافية النسور عليهم *
    وحج بضم الحاء، مثل بازل وبزل. وحج، بكسرها: اسم جمع للحاج.
    ([114]) لعذار بن درة الطائي، كما في اللسان (حجج، لجف، غرد). وعجزه:
    * فاست الطبيب قذاها كالمغاريد *
    ([115]) ديوان أبي ذؤيب 58 واللسان (حجج، أسا)، وفي الأصل: "عليه المسك حتى كأنه" وإنما البيت في صفة امرأة.
    ([116]) البيت للبيد في ديوانه 22 طبع 1881 واللسان (حجج). وفي اللسان: "يرضن صعاب الدر، أي يثقبنه". في الأصل: "يرضعن" تحريف، صوابه من المراجع ومن (عطل).
    ([117]) كذا. وفي اللسان والقاموس: تكهف صار فيه كهوف.
    ([118]) أنشده في اللسان (حجحج). وطلحفا، يقال بالحاء، بفتح الطاء واللام، وبكسر الطاء وفتح اللام. وفي الأصل: طلفخا"، تحريف.
    ([119]) في الأصل: "حجج"، صوابه من القاموس.
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الحاء والدال وما يثلثهما)
    (حدر) الحاء والدال والراء أصلان: الهبوط، والامتلاء.
    فالأوّل حَدَرْتُ الشّيءَ إذا أَنزَلْتَه([1]). والحُدُور فعل الحادر. والحَدُور، بفتح الحاء: [المكان([2])] تَنْحَدِر منه.
    والأصل الثاني قولُهم للشَّيء الممتلئ حادر. يقال عَينٌ حَدْرَة بَدْرَة: ممتلِئة. وقد مضى شاهدُه([3]). وناقةٌ حادرةُ العينين، إذا امتلأتَا. وسُمِّيت حَدْراء لذلك. ويقال الحيدرة الأسد* ويمكن أن يكون اشتقاقُه من هذا. ومنه حَدَر جلْدُه تورّم يحدُر حُدورا([4]). وأحدرتُه، إذ ضربتَه حتَّى تؤثر فيه. والحَدْرة، بسكون الدال: قُرْحةٌ تخرج بباطن جَفْن العين. ويقال [حَيٌّ([5])] ذو حُدورة، أي ذُو اجتماعٍ وكَثْرة. قال:
    وإنِّي لَمِنْ قومٍ تصيدُ رِماحُهمْ *** غَداةَ الصَّباحِ ذَا الحُدُورة والحَرْدِ([6]) والحُدْرَة: الصِّرمة([7])؛ سُمِّيت بذلك لتجمُّعها.
    ومما شذَّ عن الباب الحادُور: القُرْط. ويُنشد:
    * بائِنةُ المَنْكِبِ مِنْ حادُورِها([8]) *
    (حدس) الحاء والدال والسين أصلٌ واحدٌ يُشْبه الرّمْي والسُّرعة وما أشبه ذلك. فالحَدْس الظنّ. وقياسُهُ من الباب، لأنّا([9]) نقول: رَجَم بالظّنّ، كأنّه رَمَى به. والحَدْس: سُرعة السَّير. قال:
    * كأنّها مِنْ بَعْدِ سَيرٍ حَدْسِ([10]) *
    ويقال حَدَس به الأرضَ حَدْساً، إذا صَرَعَهُ. قال:
    ...............ترى به *** من القوم مَحدُوساً وآخَرَ حادساً([11]) ومنه أيضاً حَدَسْتُ في لَبَّةِ البعير، إذا وجَأْتَ في لَبَّتِه. وحدَسْتُ الشَّيءَ برِجْلي: وطئتُه. وحَدَسْت النّاقَة، إذا أنَخْتَها. وحَدَسْتُ بسهمي: رمَيت.
    (حدق) الحاء والدال والقاف أصلٌ واحدٌ، [وهو الشيء] يحيط بشيء. يقال حَدَقَ القومُ بالرّجُل وأحدقوا به. قال:
    المطعِمون بَنُو حَربٍ وقَدْ حَدَقَتْ *** بي المنيّةُ واستبطأتُ أنصارِي([12]) وحَدَقَة العين مِن هذا، وهي السَّواد، لأنها تحيط بالصَّبِيّ([13])؛ والجمع حِداق. قال:
    فالعين بَعْدَهمُ كأنّ حِداقَها *** سُمِلَتْ بشَوْكٍ فَهْيَ عَورٌ تَدْمَعُ([14]) والتّحديق: شِدّة النّظر. والحديقة: الأرضُ ذاتُ الشجَر. والحِنْدِيقة: الحَدَقَة([15]).
    (حدل) الحاء والدال واللام أصلٌ واحد، وهو المَيَل. يقال رجلٌ أحدَلُ، إذا كان في شِقِّه مَيَل، وهو الحَدَل. قال أبو عمرو: الأحدَل: الذي في مَنكِبَيه ورقَبَته انكبابٌ على صدره. ويقال قَوْسٌ مُحْدَلة وحَدْلاء، وذلك إذا تطامنَتْ سِيَتُها. والحَدْل: ضِدُّ العَدْل. قال أبو زيد: حَدَلَ عن الأمر يحدِل حَدْلاً. وإنه لَحدْلٌ غير عَدْل. ومما شذَّ عن الباب وما أدري أصحيحٌ هو أم لا، قولهم: الحَوْدل الذَّكر من القِرَدة([16]).
    (حدم) الحاء والدال والميم أصلٌ واحد، هو اشتداد الحرّ. يقال احتدم النهار: اشتدّ حره. واحتدم الحرّ. واحْتَدَمَتِ النار. وللنار حَدَمةٌ، وهو شدّتها، ويقال صوت التهابِها. قال الخليل: أحْدَمَتِ الشمسُ [الشيءَ([17])] فاحتدم، واحتَدَم صدْرُه غيظاً. فأمّا احتِدام الدّم فقال قوم: اشتدت حُمْرَتُه حتى يسودَّ؛ والصحيح أن يشتدّ حرُّه([18]). قال الفرّاء: قِدْرٌ حُدَمَةٌ، إذا كانت سريعةَ الغَلْي؛ وهي ضدّ الصَّلُود.
    (حدا) الحاء والدال والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو السَّوق. يقال حَدَا بإبله: زجَر بها وغَنَّى لها. ويقال للحمار إذا قَدَم أُتُنَه هو يَحْدُوها. قال:
    * حادِي ثلاثٍ من الحُقبِ السّماحيج([19]) *
    ويقال للسهم إذا مرَّ حَداه رِيشُه، وهَدَاه نَصْلُه. ويقال حَدَوْتُه على كذا، أي سُقْتُه وبعثتُه عليه. ويقال للشَّمال حَدْواء، لأنها تحدُو السحابَ، أي تسُوقُه.
    قال العجاج:
    * حَدْواء جاءَتْ مِنْ أعالي الطّورِ([20]) *
    وقولهم: [فلان([21])] يتحدَّى فلانا، إذا كانَ يُبارِيه ويُنازِعُه الغَلَبة. وهو من هذا الأصل؛ لأنه إذا فعل ذلك فكأنه يحدوه على الأمر. يقال أنا حُدَيَّاكَ لهذا الأمر، أي ابرُزْ لي فيه. قال عمرو بن كلثوم:
    * حُدَيَّا النَّاسِ كلِّهمُ جميعاً([22]) *
    (حدأ) الحاء والدال والهمزة أصلٌ واحد: طائرٌ أو مشبَّه به. فالحِدَأَة الطائر المعروف، والجمع الحِدَأ. قال:
    * كما تَدَانَى الحِدَأ الأُوِيُّ([23]) *
    ومما يشبَّه به وغُيِّرتْ بعضُ حركاته الحَدَأَةُ، شِبهُ فأسٍ تُنقر به الحجارة. قال:
    * كالحَدَأ الوَقيعِ([24]) *
    ومما شذَّ عن الباب حَدِِئ* بالمكان: لَزِق.
    (حدب) الحاء والدال والباء أصلٌ واحد، وهو ارتفاع الشيء. فالحَدَب ما ارتفع من الأرض. قال الله تعالى: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء 96]. والحَدَب في الظَّهر؛ يقال حَدِب واحدَوْدَب. وناقة حَدْباء، إذا بدت حراقفُها؛ وكذلك الحِدْبار([25]). يقال هُنّ حُدْبٌ حَدَابيرُ. فأمّا قولهم حَدِبَ عليه إذا عطَف وأشفق، فهو من هذا، لأنّه كأنّه جَنَأَ عليه من الإشفاق، وذلك شبيهٌ بالحَدَب.
    (حدث) الحاء والدال والثاء أصلٌ واحد، وهو كونُ الشيء لم يكُنْ. يقال حدثَ أمرٌ بَعْد أن لم يكُن. والرجُل الحَدَثُ: الطريُّ السّن. والحديثُ مِنْ هذا؛ لأنّه كلامٌ يحْدُثُ منه الشيءُ بعدَ الشيء. ورجلٌ حدثٌ([26]): حَسَن الحديث. ورجل حِدْثُ نساءٍ، إذا كانَ يتحدَّث إليهنّ. ويقال هذه حِدِّيثى حَسَنَة، كخِطِّيبَى، يراد به الحديثُ.
    (حدج) الحاء والدال والجيم أصلٌ واحد يقرُب من حَدَق بالشيء إذا أحاط به. فالتَّحديج في النظر مثل التَّحديق. ومن الباب الحِدْج: مركبٌ من مَراكب النِّساء. يقال حَدَجْتُ البعيرَ، إذا شددْتَ عليه الحِدج. قال الأعشى:
    ألا قُلْ لَميْثاءَ ما بالُهَا *** أبِالليل تُحْدَجُ أجْمالُها([27]) ومن الباب الحَدَجُ، وهو الحنظل إذا اشتدَّ وصَلُب، وإنما قُلنا ذلك لأنّه مستدير.
    ـــــــــــــــــــ
    ([1]) في الأصل: "حدرت بالشيء إذا نزلته"، صوابه من المجمل.
    ([2]) هذه التكملة من المجمل واللسان.
    ([3]) مضى في الجزء الأول (مادة بدر).
    ([4]) ويقال أيضاً حدر يحدر حدراً، من باب ضرب.
    ([5]) التكملة من المجمل واللسان.
    ([6]) في الأصل والمجمل: "ذو الحدورة" تحريف. والحرد: الغضب. وفي الأصل: "الحدر" صوابه في المجمل.
    ([7]) في اللسان: "والحدرة من الإبل، بالضم: نحو الصرمة".
    ([8]) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (حدر).
    ([9]) في الأصل: "أنا".
    ([10]) الرجز في المجمل واللسان (حدس).
    ([11]) جزء بيت لمعد يكرب كما في اللسان (حدس). وقد استشهد بهذا الجزء في المجمل. وأنشده ياقوت في (الحبيا) بدون نسبة محرفاً. وهو بتمامه:
    بمعترك شط الحبيا ترى به *** من القوم محدوساً وآخر حادسا ومعد يكرب هذا هو غلفاء بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي. انظر الأغاني (11: 60، 62).
    ([12]) للأخطل في ديوانه 119 واللسان (حدق) برواية "المنعمون" فيهما.
    ([13]) في اللسان "الصبي: ناظر العين. وعزاه كراع إلى العامة".
    ([14]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 3 واللسان (حدق).
    ([15]) في الجمهرة (2: 123): "الحندوقة والحنديقة: الحدقة. ولا أدري ما صحته".
    ([16]) في الأصل: "القردان"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.
    ([17]) التكملة من المجمل.
    ([18]) اقتصر في المجمل على القول الأول.
    ([19]) لذى الرمة في ديوانه 73 والمجمل واللسان (حدا). وصدره:
    * كأنه حين يرمي خلفهن به *
    ([20]) ديوان العجاج والمجمل واللسان (حدا).
    ([21]) التكملة من المجمل.
    ([22]) من معلقته. وعجزه: * مقارعة بنيهم عن بنينا *
    ([23]) للعجاج في ديوانه 67 والمجمل واللسان (حدأ).
    ([24]) جزء من بيت للشماخ في ديوانه 56 واللسان (حدأ). وهو بتمامه:
    يبادرن العضاه بمقنعات *** نواجذهن كالحدأ الوقيع ([25]) في الأصل: "الحدباء"، صوابه من المجمل وسياق القول.
    ([26]) يقال حدث، كفرح وندس، وحدث بالكسر.
    ([27]) ديوان الأعشى 116 والمجمل واللسان (حدج).

    ـ (باب الحاء والذال وما يثلثهما)
    (حذر) الحاء والذال والراء أصلٌ واحد، وهو من التحرُّز والتيقُّظ. يقال حَذِر يَحْذَر حَذَراً. ورَجُلٌ حَذِرٌ وحَذُورٌ وحِذْرِيانٌ: متيقِّظٌ متحرّز.‏
    وحَذَارِ، بمعنى احذَرْ. قال:‏
    * حَذَارِ من أرْماحِنا حَذَارِ(1) *‏
    وقرئت: {وَإنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ(2)} [الشعراء 56]، قالوا: متأهِّبون. و(حَذِرُونَ): خائفون. والمحْذُورة: الفزَع. فأمّا الحِذْرِيَةُ فالمكانُ الغليظ: ويمكن أنْ يكون سُمّي بذلك لأنه يُحذَر المشْيُ عليه(3).‏
    (حذق) الحاء والذال والقاف أصلٌ واحد، وهو القَطْع. يقال حَذَقَ السكِّين الشيءَ، إذا قطَعه. [قال]:‏
    * فذلك سِكِّينٌ على الحَلْقِ حاذِق(4) *‏
    ومن هذا القياس الرّجُل الحاذِق في صناعته، وهو الماهر، وذلك أنّه يَحْذِق الأمرَ يَقْطَعُه لا يدع فيه مُتَعلَّقا. ومنه حِذْق القرآن. ومن قياسِه الحُذَاقيُّ، وهو الفَصيحُ اللِّسان؛ وذلك أنّه يَفْصِل الأمورَ يَقطعها. ولذلك يسمَّى اللِّسان مِفْصَلاً. والباب كلُّه واحد.‏
    ومن الباب حَذَقَ فاهُ الخلُّ إذا حَمَزَه، وذلك كالتَّقطيع يقَعُ فيه.‏
    ــــــــــــــــ
    (1) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (حذر). وأنشده ثعلب في أماليه 651.‏
    (2) هذه قراءة ابن ذكوان، وهشام من طريق الداجواني، وعاصم، وحمزة، والكسائي وخلف. ووافقهم الأعمش. والباقون بحذف الألف. ومما يجدر ذكره أن كتابتهما في رسم المصحف (حذرون) بطرح الألف. انظر إتحاف فضلاء البشر 332.‏
    (3) في الأصل: "بالمشي عليه".‏
    (4) لأبي ذؤيب في ديوانه 151 واللسان (حذق). وصدره:‏
    * يرى ناصحاً فيما بدا فإذا خلا *‏

    ـ (باب الحاء والراء وما يثلثهما)
    (حرز) الحاء والراء والزاء أصلٌ واحد، وهو من الحِفْظ والتَّحفظ يقال حَرَزْتُه([1]) واحترزَ هو، أي تحفَّظَ. وناسٌ يذهبون إلى أنّ هذه الزّاءَ مبدلةٌ مِن سين، وأنَّ الأصل الحَرْس وهو وجهٌ. وفي الكتاب الذي للخليل أنّ الحَرَزَ جَوْز محكوكٌ يُلعَب به، والجمع أحْراز. قلنا: وهذا شيءٌ لا يعرَّج عليه ولا مَعْنَى له.
    (حرس) الحاء والراء والسين أصلان: أحدهما الحِفْظ والآخر زمانٌ.
    فالأوّل حَرَسَه يَحْرُسُه حَرْساً. والحَرَس: الحُرَّاس. وأمَّا حُرِيسَة الجَبَل، التي جاءت في الحديث، فيقال هي الشاة يُدركها اللَّيل قَبْلَ أُوِيِّها إلى مأواها، فكأنها حُرِسَتْ هناك. وقال أبو عبيدة في حريسة الجبل: يجعلها بعضهم السَّرِقَة نفسَها؛ يقال حَرَس يَحْرِسُ حَرْساً، إذا سَرَق. وهذا إنْ صحَّ فهو قريبٌ من الباب؛ لأنَّ السارق يرقُب الشيء كأنّه يحرُسه حتَّى يتمكَّن منه. والأوّلُ أصحّ. وذلك قول أهل اللغة إنّ الحريسَةَ هي المحروسة. فيقول: "[ليس] فيما يحرس بالجبل قَطْع" لأنّه ليس بموضع* حِرْز.
    (حرش) الحاء والراء والشين أصلٌ واحدٌ يرجع إليه فروعُ الباب. وهو الأثَر والتحزيز. فالحَرْش الأَثَر ومنه سمِّي الرجل حراشاً([2]). ولذلك يسمُّون الدِّينارَ أحْرَش لأنّ فيه خشونة. ويسمُّون الضبَّ أحْرَشَ؛ لأنَّ في جلده خشونةً وتحزيزاً.
    ومن هذا الباب حَرَشْتُ [الضبّ([3])]، وذلك أنْ تمسح جُحْرَهُ وتحرّكَ يدَكَ حتَّى يَظن أنّها حيّة فيُخْرِج ذَنبَه فتأخذَه. وذلك المَسْح له أثَرٌ. فهو من القياس الذي ذكرناه. والحَرِيش: نوعٌ من الحيات أرقَطُ. وربَّما قالوا حيّة حَرْشاء، كما يقولون رَقْطاء قال:
    بِحَرْشاءَ مِطْحَانٍ كأنّ فحيحَها *** إذا فَزِعَتْ ماءٌ هُرِيقَ على جمْرِ([4]) والحَرْشاء: حَبَّة تنبُت شبيهةٌ بالخَرْدَلِ. قال أبو النجم:
    * وانْحَتَّ مِن حَرشاءِ فَلْجٍ خَرْدَلهْ([5]) *
    فأمّا قولُهم حَرَّشْت بينَهم، إذا أغرَيْتَ وألقيتَ العداوة، فهو من الباب؛ لأن ذلك كتحزيزٍ يقع في الصُّدور والقلوب.
    ومن ذلك تسميتهم النُّقْبة، وهي أوَّل الجَرَب يَبْدُو، حَرْشاء. يقال نُقْبةٌ حَرْشاء، وهي الباِثرَة([6]) التي لم تُطْلَ. وأنشد:
    وحَتَّى كأنِّي يتقي بي مُعَبَّدٌ *** به نُقْبة حَرْشاءُ لم تَلْقَ طاليا([7]) فأمّا قوله:
    * كما تطايَرَ مَنْدُوفُ الحراشِين([8]) *
    فيقال إنّه شيءٌ في القطن لا تدَيِّثُهُ المطارق([9])، ولا يكون ذلك إلاّ لخشونةٍ فيه.
    (حرص) الحاء والراء والصاد أصلان: أحدهما الشّقّ، والآخر الجَشَع.
    فالأول الحَرْصُ الشَّقُّ؛ يقال حَرَص القَصَّار الثوبَ إذا شقَّه. والحارِصَة من الشِّجاج: التي تشقُّ الجلد. ومنه الحرِيصة والحارِصَةُ، وهي السحابة التي تَقْشِر وجْهَ الأرض مِن شِدّة وَقْع مطرِها. قال:
    * انهلالُ حريصَةٍ([10]) *
    وأمّا الجَشَع والإفراط في الرَّغْبة فيقال حَرَصَ إذا جَشَع يَحْرُِص حِرْصا، فهو حريصٌ. قال الله تعالى: {إنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} [النحل 37]. ويقال حُرِصَ المَرْعَى([11])، إذا لم يُتْرك منه شيء؛ وذلك من الباب، كأنّه قُشِر عن وجْه الأرض.
    (حرض) الحاء والراء والضاد أصلان: أحدهما نبت، والآخَر دليلُ الذَّهاب والتّلَف والهلاك والضَّعف وشِبهِ ذلك.
    أمَّا الأوّل فالحُرْض الأُشنان، ومُعالِجُه الحَرّاض. والإحْرِيض: العُصْفُر. قال:
    * مُلْتَهِبٌ كلَهَبِ الإحْرِيضِ([12]) *
    والأصل الثاني: الحَرَض، وهو المُشرِف على الهلاك. قال الله تعالى: {حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً} [يوسف 85]. ويقال حَرَّضْتُ فلاناً على كذا. زعم ناسٌ أنّ هذا من الباب. قال أبو إسحاق البصريُّ([13]) الزَّجّاج: وذلك أنّه إذا خالف فقَدْ أفْسَد. وقوله تعالى: {حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ} [الأنفال 65]، لأنهم إذا خالَفُوه فقد أُهلِكوا. وسائر الباب مقاربٌ هذا؛ لأنَّهم يقولون هو حُرْضَة، وهو الذي يُنَاوَلُ قِدَاحَ الميسر ليضرب بها.
    ويقال إنّه لا يأكل اللحمَ أبداً بثَمن، إنّما يأكل ما يُعْطَى، فيُسمَّى حُرْضَةً، لأنه لا خَيرَ عنده.
    ومن الباب قولُهم للذي لا يُقاتِل ولا غَنَاء عِنْدَه ولا سِلاح معَه حَرَض. قال الطرِمّاح:
    * حُمَاةً للعُزَّلِ الأحراضِ([14]) *
    ويقال حَرَض الشّيءُ وأحرضَهُ غيره، إذا فَسَد وأفسَدهُ غيرُه. وأحْرَضَ الرّجُل، إذا وُلِد له [ولَدُ] سَوء. وربما قالوا حَرَضَ الحالبان النّاقَة، إذا احتلبا لبنَها كلَّه.
    (حرف) الحاء الراء والفاء ثلاثة أصول: حدُّ الشيء، والعُدول، وتقدير الشَّيء.
    فأمّا الحدّ فحرْفُ كلِّ شيء حدُّه، كالسيف وغيره. ومنه الحَرْف، وهو الوجْه. تقول: هو مِن أمرِه على حَرْفٍ واحد، أي طريقة واحدة. قال الله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهََ عَلَى حَرْفٍ} [الحج 11]. أي على وجه واحد. وذلك أنّ العبد يجبُ عليه طاعةُ ربِّه تعالى عند السرّاء والضرّاء، فإذا أطاعَه عند السّرّاء وعَصاه عند الضرّاء فقد عَبَدَه على حرفٍ. ألا تراه قال تعالى: {فَإِنْ أصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج 11]. ويقال للناقةِ حَرْفٌ. قال قوم: هي الضامر، شبِّهت بحرف السَّيف. وقال آخرون: بل هي الضَّخْمة، شبِّهت بحرف الجبل، وهو جانبُه. قال أوس:
    حَرْفٌ أخُوها أبوها مِن مُهَجَّنَةٍ *** وعَمُّها خالُها قوداءُ مِئشيرُ([15]) وقال كعب بن زهير:
    حرفٌ أخوها أبوها مِن مهجَّنةٍ *** وعَمُّها خالُها جرداءُ شِمْلِيلُ([16]) والأصل الثاني: الانحراف عن الشَّيء. يقال انحرَفَ عنه يَنحرِف انحرافاً. وحرّفتُه أنا عنه، أي عدَلتُ به عنه. ولذلك يقال مُحَارَفٌ، وذلك إذا حُورِف كَسْبُه فمِيلَ به عنه، وذلك كتحريف الكلام، وهو عَدْلُه عن جِهته. قال الله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِه([17])} [النساء 46، المائدة 13].
    والأصل الثالث: المِحراف، حديدة يقدَّر بها الجِراحات عند العِلاج. قال:
    إذا الطَّبيب بمِحْرافَيْهِ عالَجَها *** زادَتْ على النَّقْرِ أو تحرِيكِها ضَجَما([18]) وزعم ناسٌ أنّ المُحارَفَ من هذا، كأنّه قُدِّر عليه رزقُه كما تقدَّر الجِراحةُ بالمحْراف.
    ومن هذا الباب فلان يَحْرُف لِعياله، أي يكسِب. وأجْوَدُ مِن هذا أن يقال فيه إنّ الفاءَ مبدلةٌ من ثاء. وهو من حَرَثِ أي كَسَبَ وجَمَعَ. وربما قالوا أحْرَفَ فلانٌ إحرافاً، إذا نَما مالُه وَصَلُح. وفلان حَرِيفُ فلانٍ أي مُعامِلُه. وكل ذلك من حَرَفَ واحترف أي كسَب. والأصلُ ما ذكرناه.
    (حرق) الحاء والراء والقاف أصلان: أحدهما حكُّ الشَّيء بالشيء مع حرارة والتهاب، وإليه يرجع فروعٌ كثيرة. والآخَر شيءٌ من البَدَن.
    فالأول قولهم حَرَقْتُ الشيءَ إذا بردْتَ وحككْتَ بعضَهُ ببعض. والعرب تقول: "هو يَحْرُقُ عليك الأُرَّم غَيظاً"، وذلك إذا حكَّ أسنانَه بعضَها ببعض. والأُرَّم هي الأسنان. قال:
    نُبِّئْتُ أحْماءَ سُليمَى إنَّما *** باتُوا غِضاباً يَحْرُقُون الأرَّمَا([19]) وقرأ ناسٌ: {لَنَحْرُقَنَّهُ ثمَّ لِنَنْسِفَنَّه([20])} [طه 97]، قالوا: معناه لنبرُدنَّه بالمبارد. والحَرَق: النَّار. والحَرَقُ في الثَّوب([21]). والحَرُوقاء هذا الذي يقال لـه الحُرَّاق. وكلُّ ذلك قياسُه واحد.
    ومن الباب قولهم للذي ينقطع شَعَْره وينسل حَرِقٌ. قال:
    * حَرِقَ المَفَارِق كالبُراءِ الأعْفَرِ([22]) *
    والحُرْقَانُ: المَذَح في الفخِذين، وهو من احتكاك إحداهما بالأخرى. ويقال فَرَسٌ حُرَاقٌ([23]) إذا كان يتحرَّق في عَدْوِه. وسَحابٌ حَرِقٌ، إذا كان شديدَ البَرْق. وأحْرَقَني النّاسُ بلَوْمهم: آذَوْني. ويقال إنّ المُحارقَةَ جِنسٌ من المباضعة. وماء حُرَاقٌ: مِلحٌ شديد المُلوحة.
    وأمّا الأصل الآخر فالحارقة، وهي العَصب الذي يكون في الورِك. يقال رجلٌ محروقٌ، إذا انقطعت حارِقَتُه. قال:
    * يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمحروقِ([24]) *
    (حرك) الحاء والراء والكاف أًصلٌ واحد، فالحركة ضدُّ السكون. ومن الباب الحارِكانِ، وهما ملتقى الكتِفَين، لأنَّهما لا يزالان يتحرَّكان. وكذلك الحراكيك، وهي الحراقِفُ، واحدتها حَرْكَكَة.
    (حرم) الحاء والراء والميم أصلٌ واحد، وهو المنْع والتشديد. فالحرام: ضِدُّ الحلال. قال الله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيةٍ أَهْلَكنْاَهَا} [الأنبياء 95]. وقرئت: {وحِرْمٌ([25])}. وسَوْطٌ مُحرَّم، إذا لم يُلَيَّن بعدُ. قال الأعشى:
    * تُحاذِر كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّمَا([26]) *
    والقطيع: السوط، والمحرَّم الذي لم يمرَّن ولم يليَّنْ بعدُ. والحريم: حريم البئرِ، وهو ما حَولَها، يحرَّم على غير صاحبها أن يحفِر فيه. والحَرَمَانِ: مكة والمدينة، سمِّيا بذلك لحرمتهما، وأنّه حُرِّم أن يُحدَث فيهما أو يُؤْوَى مُحْدِثٌ. وأحْرَم الرّجُل بالحجّ، لأنه يحرُم عليه ما كان حلالاً له من الصَّيد والنساءِ وغير ذلك. وأحرم الرّجُل: دخل في الشهر الحرام. قال:
    قَتَلُوا ابنَ عفّانَ الخليفةَ مُحْرِماً *** فمضى ولم أَرَ مثلَه مقتولا([27]) ويقال المُحْرِم الذي* له ذِمَّة. ويقال أحْرَمْتُ الرّجُلَ قَمرْتُه، كأنَّك حرمْتَه ما طمِعَ فيه منك. وكذلك حَرِم هو يَحْرَم حَرَماً، إذا لم يَقْمُر. والقياس واحدٌ، كأنه مُنِع ما طَمِع فيه. وحَرَمْتُ الرّجلَ العطية حِرماناً، وأحرمْتُه، وهي لغة رديّة. قال:
    ونُبِّئْتُها أحْرَمْت قَومَها *** لتَنْكِحَ في مَعْشرٍ آخَرِينا([28]) ومَحارِم اللَّيل: مخاوفه التي يحرُم على الجبان أن يسلُكَها. وأنشد ثعلب:
    واللهِ لَلنَّومُ وبِيضٌ دُمَّجُ *** أَهْوَنُ مِن لَيْلِ قِلاصٍ تَمْعَجُ مَحَارِمُ اللَّيلِ لَهُنّ بَهْرَجُ([29]) *** حِين يَنام الوَرَعُ المزَلَّجُ([30]) ويقال من الإحرام بالحجِّ قوم حُرُمٌ وحَرَامٌ، ورجلٌ حَرَامٌ. ورجُلٌ حِرْمِيٌّ منسوب إلى الحَرَم. قال النابغة:
    لِصَوْتِ حِرْمِيَّةٍ قالت وقد رحلوا *** هل في مُخِفِّيكُم من يَبتغي أَدَما([31]) والحَرِيم: الذي حُرِّم مَسُّهُ فلا يُدْنَى منه. وكانت العرب إذا حجُّوا ألقَوا ما عليهم من ثيابهم فلم يلبَسوها في الحرَم، ويسمَّى الثوبُ إذا حرّم لُبسه الحَريم. قال:
    كَفى حَزَناً مَرِّي عليه كأنّهُ *** لَقىً بين أيدي الطائِفِين حريمُ([32]) ويقال بين القوم حُرْمةٌ ومَحْرَُمة، وذلك مشتقٌّ من أنه حرامٌ إضاعتُه وترْكُ حِفظِه. ويقال إنّ الحَرِيمةَ اسمُ ما فات من كل همٍّ مطموعٍ فيه.
    ومما شذَّ الحيْرَمَة: البقرة.
    (حرن) الحاء والراء والنون أصلٌ واحد، وهو لزوم الشي للشيء لا يكادُ يفارقه. فالحِرَان في الدّابة معروف، يقال حَرَنَ وحَرُن. والمَحَارن من النَّحْل: اللواتي يلصَقْن بالشَُّهد فلا يبرحْن أو يُنْزَعْنَ. قال:
    * صَوْتُ المحابِضِ يَنْزِعْن المَحَارِينا([33]) *
    وكذلك قول الشماخ:
    فما أرْوَى ولو كَرُمَتْ علينا *** بأدْنَى مِنْ موقَّفَةٍ حَرُونِ([34]) هي التي لا تبرح أعلَى الجبل. ويقال حَرَنَ في البيع فلا يزيد ولا ينقُص.
    (حرو/ي) الحاء والراء وما بعدها معتل. أصول ثلاثة: فالأوّل جنس من الحرارة، والثاني القرب والقصد، والثالث الرُّجوع.
    فالأوّل الحَرْوُ. من قولك وجَدْتُ في فمي حَرْوَة وحَرَاوةً، وهي حرارةٌ مِن شيءٍ يُؤْكل كالخردَل ونحوِه. ومن هذا القياس حَرَاةُ النار، وهو التهابها. ومنه الحَرَة الصَّوت والجَلَبةُ.
    وأمّا القُرب والقَصْد فقولهم أنت حَرىً أنْ تفعل كذا. ولا يثنَّى على هذا اللفظ ولا يُجمَع. فإذا قلت حَرِيٌّ قلت حرِيّان وحريُّون وأحرياء للجماعة([35]). وتقول هذا الأمر مَحْراةٌ لكذا. ومنه قولهم: هو يتحرَّى الأمر، أي يقصِدُه.
    ويقال إنَّ الحَرا مقصور: موضع البَيْض، وهو الأفحوص. ومنه تحرَّى بالمكان: تلبَّثَ. ومنه قولهم نزلتُ بِحَرَاهُ وَبِعَراه، أي بعَقْوتَه.
    والثالث: قولهم حَرَى الشّيءُ يَحرِي حَرْياً، إذا رجع ونَقَص. وأحراه الزمانُ. ويقال للأفعى التي كَبِرت ونقص جسمُها حاريَةٌ. وفي الدعاء عليه يقولون: "رماهُ الله بأفعَى حاريةٍ"، لأنها تنقُص من مرور الزمان عليها وتَحْرِي، فذلك أخبثُ. وفي الحديث: "لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل جسمُ أبي بكر يَحْرِي حتى لَحق به".
    (حرب) الحاء والراء والباء أصولٌ ثلاثة: أحدها السّلْب، والآخر دويْبَّة، والثالث بعضُ المجالس.
    فالأوَّل: الحَرْب، واشتقاقها من الحَرَب وهو السَّلْب. يقال حَرَبْتُه مالَه، وقد حُرِب مالَه، أي سُلِبَه، حَرَباً. والحريب: المحروب. ورجل مِحْرَابٌ: شجاعٌ قَؤُومٌ بأمر الحرب مباشرٌ لها. وحَريبة الرَّجُل: مالُه الذي يعيش به، فإذا سُلِبَه لم يَقُمْ بعده. ويقال أسَدٌ حَرِبٌ، أي من شدّة غضبِه كأنّه حُرِب شيئاً أي سُلِبه. وكذلك الرجل الحَرِب.
    وأما الدويْبَّة [فـ] الحِرباء. يقال أرض مُحَرْبئة، إذا كثُر حِرباؤها. وبها شبِّه الحِرْباء، وهي مسامير الدُّروع. وكذلك حَرَابيّ المَتن، وهي لَحَماتُهُ.
    والثالث: *المحراب، وهو صدر المجلس، والجمع محاريب. ويقولون: المحراب الغرفةُ في قوله تعالى: {فَخَرَجَ علَى قَوْمِهِ مِنَ المِحْراب} [مريم 11]. وقال:
    رَبَّةُ مِحرابٍ إذا جئتُها *** لم ألقَها أوْ أَرتَقِي سُلَّمَا([36]) ومما شذَّ عن هذه الأصول الحُرْبة. ذكر ابنُ دريد أنها الغِرارَة السَّوداء. وأنشد:
    وصَاحبٍ صاحبتُ غيرِ أَبْعَدا *** تراهُ بين الحُرْبَتَينِ مَسْنَدَا([37]) (حرت) الحاء والراء والتاء أصلٌ واحد، وهو الدَّلْك، يقال حَرَته حَرْتاً، إذا دلكه دَلْكاً شديداً.
    (حرث) الحاء والراء والثاء أصلانِ متفاوتان: أحدهما الجمع والكَسْب، والآخر أنْ يُهْزَل الشيء.
    فالأوّل الحَرْث، وهو الكَسْب والجمع، وبه سمِّي الرجل حارثاً. وفي الحديث: "احْرُثْ لدُنْياكَ كأنَّك تعيش أبداً، واعمَلْ لآخرتِك كأنك تموت غداً".
    ومن هذا الباب حرث الزَّرع. والمرأة حرث الزَّوج؛ فهذا تشبيه، وذلك أنه مُزدَرَع ولده. قال الله تعالى: {نساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة 223]. والأحرِثة: مَجارِي الأوتار في الأفواق([38])؛ لأنّها تجمعها.
    وأمّا الأصل الآخر فيقال حَرَثَ ناقتَه: هَزَلها؛ أحرثها أيضاً. ومن ذلك قول الأنصار لمّا قال لهم معاوية: ما فعلَتْ نواضحُكم؟ قالوا: أحْرثْنَاها يَوْمَ بَدْرٍ.
    (حرج) الحاء والراء والجيم أصلٌ واحد، وهو معظم الباب وإليه مرجع فروعه، وذلك تجمُّع الشيء وضِيقُه. فمنه الحَرَج جمع حَرَجة، وهي مجتمع شجرٍ. ويقال في الجمع حَرَجات. قال:
    أَيا حَرَجاتِ الحيِّ حِينَ تحمَّلوا *** بذي سَلَمٍ لا جادكُنَّ ربيعُ([39]) ويقال حِراجٌ أيضاً. قال:
    * عايَنَ حيَّاً كالحراج نَعَمُهْ([40]) *
    ومن ذلك الحرَجَ الإثم، والحَرَج الضِّيق. قال الله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} [الأنعام 125]. ويقال حَرِجَتِ العينُ تَحرَج، أي تحارُ. وتقول: حَرِجَ عَلَيَّ ظُلمك، أي حرُم. ويقال أحْرَجَها بتطليقةٍ، أي حرّمَها. ويقولون: أكسَعَها بالمُحْرِجات، يريدون بثلاث تطليقات. والحَرَج: السَّرير الذي تُحمَل عليه الموتى. والمِحَفَّةُ حَرَجٌ. قال:
    فإمّا تَرَيْنِي في رِحالةِ جابرٍ *** على حَرَجٍ كالقَرّ تَخْفِق أكفاني([41]) وناقة حَرَجٌ وحُرْجُوجٌ: ضامرة، وذلك تداخُلُ عظامِها ولحمِها. ومنه الحَرِجُ الرّجل الذي لا يكاد يبرحُ القتال.
    ومما شذّ عن هذا الباب قولهم إنّ الْحِرْجَ الوَدَعة، والجمع أحراج. ويقال هو نَصيب الكلْب من لحم الصَّيْد. قال جحدر:
    وتقدُّمي للَّيْثِ أرْسُفُ مُوثَقاً *** حتى أُكابِرَه على الأحْراجِ([42]) ويقال الحِرْج الحِبالُ تُنْصَب. قال:
    * كأنّها حرج حابلِ([43]) *
    (حرد) الحاء والراء والدال أصولٌ ثلاثة: القصد، والغضَب، والتنحِّي.
    فالأوَّل: القصد. يقال حَرَدَ حَرْدَهُ، أي قصد قصده، قال الله تعالى:
    {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم 25]. [و] قال:
    أقبل سَيْلٌ جاءَ مِنْ عِنْدِ اللهْ *** يَحْرُدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلّهْ([44]) ومن هذا الباب الحُرُود: مبَاعر الإبل، واحدها حِرْد.
    والثاني: الغضب؛ يقال حَرِدَ الرّجل غَضِبَ حَرْداً، بسكون الراء([45]). قال الطرمّاح:
    * وابن سَلْمى على حَرْدِ([46]) *
    ويقال أسَدٌ حارد. قال:
    لعَلكِ يوما أن تَرَيْنِي كأنّما *** بَنِيَّ حوالَيَّ الليُوثُ الحوارِدُ([47]) والثالث: التنحِّي والعُدول. يقال نَزلَ فلانٌ حريداً، أي منتحِّياً. وكوكب حَريد. قال جرير:
    نَبْنِي على سَنَنِ العَدُوِّ بُيُوتَنَا *** لا نستجير ولا نحلُّ حَرِيدا([48]) قال أبو زيد: الحريد ها هنا: المتحوِّل عن قومه. وقد حَرَدَ حُرُوداً. يقول إنَّا لا نَنْزِل في غير قومنا من ضعف وذِلّة؛ لقوّتنا وكثْرتنا. والمحرَّد من كل شيء: المعوَّج. وحارَدَتِ الناقة، إذ قلَّ لبنُها، وذلك أنّها عَدَلَتْ عمَّا كانت عليه من الدّرّ. وكذلك حارَدَت السنة إذا قَلّ مطرها. وحَبْلٌ مُحَرَّدٌ، إذا ضُفر فصارت لـه حِرفةٌ لاعوِجاجه.
    (حرذ) الحاء والراء والذال ليس أصلاً، وليست فيه عربيةٌ صحيحة. وقد قالوا إنّ الحِرذَون دويْبَّة.
    ـــــــــــــــــ
    ([1]) في القاموس: "وحرزه حفظه، أو هو إبدال والأصل حرسه".
    ([2]) في أسمائهم حراش، ككتاب، وحراش، كشداد.
    ([3]) التكملة في المجمل.
    ([4]) البيت في المجمل واللسان (حرش، طحن). والمطحان: المترحية المستديرة.
    ([5]) اللسان (حرش) والحيوان (4: 11) والجمهرة (2: 133).
    ([6]) في الأصل: "الناشرة"، صوابه في المجمل واللسان.
    ([7]) في الأصل: "حتى كأني شقي"، صوابه من المجمل واللسان.
    ([8]) أنشده في المجمل (حرش)، وذكر أن مفرده "حرشون". لكن ابن منظور أنشده في (حرشن).
    ([9]) ديثت المطارق الشيء: لينته. وفي الأصل: "لا تدشه المطارف". وفي المجمل: "لا يدبثه المطارق"، صوابهما ما أثبت من اللسان (ديث).
    ([10]) جزء من بيت للحادرة الذبياني في ديوانه 3 نسخة الشنقيطي، والمفضليات (1: 24)، واللسان (حرص). وهو بتمامه:
    ظلم البطاح لـه انهلال حريصة *** فصفا النطاف لـه بعيد المقلع ([11]) في الأصل: "المعنى"، صوابه من المجمل.
    ([12]) البيت من أبيات أربعة في نوادر أبي زيد 222 واللسان (حرض).
    ([13]) هو أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج، تلميذ المبرد، المتوفى سنة 311.
    ([14]) جزء من بيت له في ديوانه 86 واللسان (حرض). وهو بتمامه:
    من يرم جمعهم يجدهم مراجيـ *** ـح حماة للعزل الأحراض ([15]) سبق إنشاد البيت والكلام عليه في مادة (أشر).
    ([16]) سبق الكلام على هذا البيت في حواشي مادة (أشر)
    ([17]) من الآية 46 في النساء، والآية 13 في المائدة. وفي الآية 41 من المائدة: (يحرفون الكلم من بعد مواضعه).
    ([18]) للقطامي في ديوانه 71 واللسان (حرف، ضجم). ويروى: "على النفر" بالفاء، وهو الورم أو خروج الدم. وفي الديوان: "حاولها" بدل: "عالجها".
    ([19]) الرجز في اللسان (حرق، أرم). وفي (أرم) توجيه كسر همزة "إنما" وفتحها.
    ([20]) هذه قراءة أبي جعفر من رواية ابن وردان، ووافقه الأعمش. وقرئ: (لنحرقنه) من الإحراق، وهي قراءة أبي جعفر من رواية ابن جماز، ووافقه الحسن. وباقي القراء: (لنحرقنه) من التحريق. انظر إتحاف فضلاء البشر 307.
    ([21]) في اللسان: "والحرق: أن يصيب الثوب احتراق من النار… ابن الأعرابي: الحرق: النقب في الثوب من دق القصار". وفي المجمل: "والحرق في الثوب من الدق".
    ([22]) لأبي كبير الهذلي، كما سبق في حواشي (برو/ي 234) من الجزء الأول، وصدره:
    * ذهبت بشاشته فأصبح واضحا *
    ([23]) يقال: حراق، كزعاق، وحراق، كرمان.
    ([24]) لأبي محمد الحذلمي، كما في اللسان (فتق، صفق). وأنشده أيضاً في اللسان (حرق) بدون نسبة. وانظر أمالي ثعلب 232.
    ([25]) هي قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر وطلحة والأعمش وأبي عمرو. وانظر سائر القراءات في تفسير أبي حيان (6: 338).
    ([26]) في (قطع): "تراقب كفي". وصدره كما في ديوان الأعشى 201 واللسان (حرم):
    * ترى عينها صغواء في جنب مؤقها *
    ([27]) للراعي كما في خزانة الأدب (1: 503) واللسان (حرم) وجمهرة أشعار العرب 176. وهذا الإنشاد يوافق ما في المجمل. ورواية سائر المصادر: "ودعا فلم أر مثله".
    ([28]) البيت من أبيات لشقيق بن السليك، أو ابن أخي زر بن حبيش، في اللسان (حرم).
    ([29]) الأبيات في المجمل، والأول والثاني منهما في اللسان (دمج)، والأخيران فيه (حرم، زلج). البهرج: المباح. والورع بالفتح: الجبان. والمزلج: الدون الذي ليس بتام الحزم.
    ([30]) يروى أيضاً "مخارم الليل" أي أوائله. وهي رواية اللسان (خرم).
    ([31]) ديوان النابغة 67 والمجمل واللسان (حرم). المخف: الخفيف المتاع. والأدم: الجلد.
    ([32]) المجمل واللسان (حرم). وفي الأخير: "كرى عليه" وانظر السيرة 129.
    ([33]) لابن مقبل في اللسان (حبض، حرن). وصدره: * كأن أصواتها من حيث تسمعها *
    ([34]) ديوان الشماخ 91 واللسان (وقف، حرن).
    ([35]) وكذلك إذا قلت حر، كشج؛ ثنيته أو جمعته.
    ([36]) لوضاح اليمن في اللسان (حرب) والأغاني (6: 43) والجمهرة (1: 219).
    ([37]) البيتان في اللسان (حرب).
    ([38]) الأفواق: جمع فوق، بالضم؛ وهو من السهم موضع الوتر. وفي الأصل: "الأفراق" تحريف.
    ([39]) البيت للمجنون كما في الحيوان (5: 173) والأغاني (1: 17).
    ([40]) للحجاج في ديوانه 64 واللسان (حرج).
    ([41]) لامرئ القيس في ديوانه 126 واللسان (حرج، قرر)، وسيعيده في (قر).
    ([42]) البيت في اللسان (حرج).
    ([43]) جزء من بيت في اللسان (حرج) وهو بتمامه:
    وشر الندامى من تبيت ثيابه *** مجففة كأنها حرج حابل وفي الأصل: "كأنها حرج نابل وحابل"، صوابه في المجمل واللسان.
    ([44]) الشطران في اللسان (حرد). ونسبهما التبريزي في التهذيب لحسان.
    ([45]) وبتحريكها أيضاً، والتسكين أكثر.
    ([46]) في المجمل: * وابن أبي سلمى على حرد *
    ولم أعثر على هذا الشعر في ديوان الطرماح.
    ([47]) للفرزدق في ديوانه 172 والحيوان (3: 97) وعيون الأخبار (4: 122) ومعاهد التنصيص (1: 102).
    ([48]) ديوان جرير 173 واللسان (حرد).
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الحاء والزاء وما يثلثهما)
    (حزق) الحاء والزاء والقاف أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. ومن ذلك [الحِزقُ]: الجماعات. قال عنترة:
    * حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لأعجمَ طِمْطِمِ([1]) *
    والحَزيقة من النَّخل: الجماعة. ومن ذلك الحُزُقَّة: الرجُل القصير، وسمِّي بذلك لتجمُّع خَلْقه. والحَزْق: شدُّ القوس بالوَتَر. والرجل المتحزِّق: المتشدِّد على [ما] في يديه بُخْلا. ويقولون: الحازق الذي ضاق عليه خُفُّهُ. والقياس في الباب كله واحد.
    (حزك) الحاء والزاء والكاف كلمةٌ واحدة أُراها من باب الإبدال وأنها ليست أصلاً. وهو الاحتزاك، وذلك الاحتزام بالثَّوب. فإمّا أن يكون الكاف بدلَ ميم، وإما أن يكون الزاء بدلاً من باء وأنه الاحتباك. وقد ذكر الاحتباك في بابه.
    (حزل) الحاء والزاء واللام أصلٌ واحد، وهو ارتفاع الشيء. يقال احْزَأَلَّ، إذا ارتفع. واحزألَّتِ الإبلُ على متن الأرض في السَّير: ارتفعت. واحزألَّ الجبلُ: ارتفع في السَّراب.
    (حزم) الحاء والزاء والميم أصلٌ واحد، وهو شدُّ الشيءِ وجمعُه، قياسٌ مطرد. فالحزم: جَودة الرأي، وكذلك الحَزَامة، وذلك اجتماعُه وألاّ يكون مضطرِباً منتشِراً والحزام للسَّرج من هذا. والمتحزِّم: المُتلبّب. والحُزْمَة من الحطب وغيره معروفة([2]). والحَيزُوم والحَزِيم: الصّدر؛ لأنّه مجتَمَع عِظامه ومَشَدُّها.
    يقول العرب: شددتُ لهذا الأمر([3]) حَزِيمي. قال أبو خِراش يصفُ عُقابا:
    رَأت قَنَصاً على فَوْتٍ فَضَمّت *** إلى حيزومها ريشاً رطيبا([4]) أي كاد الصَّيد يفوتها. والرطيب: الناعم. أي كسرت جناحَها حين رأت الصيد لتنقضَّ. وأمّا قول القائل:
    * أعددْتُ حَُزْمَةَ وهي مُقْرَبَةٌ([5]) *
    فهي فرسٌ، واسمُها مشتقٌ مما ذكرناه. والحَزَم كالغَصَص في الصّدر، يقال حَزِمَ يَحْزَم حَزَماً؛ ولا يكون ذلك إلا من تجمُّع شيء هناك. فأمّا الحَزْمُ من الأرض فقد يكون من هذا، ويكون من أن يقلب النون ميما والأصل حَزْن، وإنما قلبوها ميما لأنّ الحَزْم، فيما يقولون، أرفع من الحزن.
    (حزن) الحاء والزاء والنون أصلٌ واحد، وهو خشونة الشيء وشِدّةٌ فيه. فمن ذلكَ الحَزْن، وهو ما غلُظ من الأرض. والحُزْن معروف، يقال حَزَنَنِي الشيءُ يحزُنُني؛ وقد قالوا أحزَنني. وحُزَانتك: أهلُك ومن تتحزَّن له.
    (حزو/ي) الحاء والزاء والحرف المعتل أصلٌ قليل الكَلِم، وهو الارتفاع. يقال حَزَا السّرابُ الشيءَ يحزُوهُ، إذا رفعَه. ومنه حَزَوْتُ الشيءَ وحَزَيته إذا خَرَصْته([6]). وهو من الباب؛ لأنّك تفعل ذلك ثم ترفعُه ليُعلم كم هو.
    وقد جعلوا في هذا من المهموز كلمةً فقالوا: حَزَأْتُ الإبلَ أحزَؤُها حَزءاً، إذا جمعتَها وسُقْتها؛ وذلك أيضاً رفْعٌ في السَّير. فأمّا الحَزاء فَنبْتٌ.
    (حزب) الحاء والزاء والباء أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. فمن ذلك الحِزب الجماعة من النّاس. قال الله تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم 32]. والطائفة من كلِّ شيءٍ حِزْبٌ. يقال قرأَ حِزْبَهُ من القرآن. والحِزْباء: الأرض الغليظة([7]). والحَزَابِيَةُ: الحِمار المجموع الخَلْق.
    ومن هذا الباب الحيزبُون: العجوز، وزادوا فيه الياء والواو والنون، كما يفعلونه في مثل هذا، ليكون أبلغ في الوصف الذي يريدونه.
    (حزر) الحاء والزاء والراء أصلان: أحدهما اشتداد الشيء، والثاني جنسٌ من إعْمال الرّأْي.
    فالأصل الأول: الحَزَاوِرُ، وهي الرّوابي، واحدتها حَزْوَرَة. ومنه الغلام الحَزْوَر([8]) وذلك إذا اشتدّ وقوِي، والجمع حزاورة. ومن* ذلك حَزَرَ اللَّبنُ والنّبيذُ، إذا اشتدّت حُموضته. وهو حازر. قال:
    * بَعْدَ الذي عَدَا القُروصَ فَحَزَرْ([9]) *
    وأما الثالث فقولهم: حزَرتُ الشيء، إذا خرصْتَه، وأنا حازر. ويجوز أن يحمل على هذا قولُهم لخيار المال حَزَرَات. وفي الحديث: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بَعَثَ مُصدِّقاً فقال: لا تأخُذْ مِن حَزَرات أموال الناس شيئاً. خُذِ الشّارِفَ والبَكْرَ وذا العيب". فالحَزرات: الخيار، كأنّ المصدِّق يَحزُِرُ فيُعمِل رأيَه فيأخذُ الخِيار([10]).
    ـــــــــــــــ
    ([1]) صدره كما في المعلقات: * تأوي له قلص النعام كما أوت *
    ([2]) في الأصل: "معرفة".
    ([3]) في الأصل: "هذا الأمر"، صوابه في المجمل.
    ([4]) البيت من قصيدة لـه في ديوان الهذليين نسخة الشنقيطي 70 والقسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين 57.
    ([5]) صدر بيت لحنظلة بن فاتك الأسدي، في اللسان (حزم). وعجزه:
    * تقفي بقوت عيالنا وتصان *
    وحزمة، بضم الحاء كما في الأصل والقاموس والمخصص (6: 198)، وضبطت في اللسان ونسب الخيل لابن الكلبي بفتحها.
    ([6]) الخرص: تقدير الشيء بالظن. وفي الأصل: "حرضته"، تحريف.
    ([7]) يقال حزباء في الجمع، والمفردة حزباءة.
    ([8]) يقال في وصف الغلام حزور كجعفر، وحزور كعملس.
    ([9]) أنشده أيضاً في المجمل. والقروص، مصدر لم يرد في المعاجم المتداولة.
    ([10]) في اللسان وجه آخر للاشتقاق، قال: "سميت حزرة لأن صاحبها لم يزل يحزرها في نفسه كلما رآها".

    ـ (باب الحاء والسين وما يثلهما)
    (حسف) الحاء والسين والفاء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يتقشَّر عن شيء ويسقط. فمن ذلك الحُسَافة، وهو ما سَقَط من التمر والثَّمَر. ويقال انحسف الشّيءُ، إذا تفتَّت في يدك. وأمَا الحَسيفَة، وهي العداوة، فجائزٌ أن يكون من هذا الباب. والذي عندي أنها من باب الإبدال، وأنّ الأصل الحسيكة؛ فأُبدلت الكاف فاءً. وقد ذكرت الحسيكة وقياسُها بعد هذا الباب. ويقال الحَسَفُ الشَّوك، وهو من الباب.
    (حسك) الحاء والسين والكاف من خشونة الشيء، لا يخرج مسائله عنه. فمن ذلك الحَسَكُ، وهو حَسَك السَّعدانِ([1])، وسمِّي بذلك لخشونته وما عليه مِن شَوك. ومن ذلك الحَسِيكة، وهي العداوة وما يُضَمّ في القلب من خشونة. ومن ذلك الحِسْكِك([2]). وهو القُنفُذ. والقياس في جميعه واحد.
    (حسل) الحاء والسين واللام أصلٌ واحد قليلُ الكلِم، وهو ولد الضبّ، يقال له الحِسْلُ والجمع حُسُول. ويقولون في المثل: "لا آتِيك [سِنَّ الحِسْل"، أي لا آتيك([3])] أبداً. وذلك أنّ الضب لا يسقط له سِنٌّ. ويكنى الضّبُّ أبا الحِسل. والحسِيل: ولد البقر، لا واحِدَ له من لفظه. قال:
    * وهنّ كأذنابِ الحَسِيلِ صوادرٌ([4]) *
    (حسم) الحاء والسين والميم أصلٌ واحد، وهو قَطْع الشّيء عن آخره. فالحَسْم: القطع. وسُمِّي السيفُ حُساماً. ويقال حسامُه حَدّهُ، أيُّ ذلك كان فهو من القَطْع. فأما قوله تعالى: {وَثَمَانِيَةَ أيَّامٍ حُسُوماً} [الحاقة 7]، فيقال هي المتتابعة. ويقال الحسوم الشّؤم. ويقال سمِّيت حُسوماً لأنها حسمت الخيرَ عن أهلها. وهذا القول أقْيَس لما ذكرناه. ويقال للصبيّ السيِّئ الغذاء([5]) محسومٌ، كأنه قُطِع نماؤُه لَمَّا حُسِم غذاؤه. والحَسْم: أن تقطَعَ عِرقاً وتكويه بالنار كي لا تسيل دمُه. ولذلك يقال: احْسِم عنك هذا الأمر، أي اقطعه واكفِهِ نفسَك.
    (حسن) الحاء والسين والنون أصلٌ واحد. فالحُسن ضِدُّ القبح. يقال رجلٌ حسن وامرَأة حسناءُ وحُسّانَةٌ. قال:
    دارَ الفَتاةِ التي كُنّا نقولُ لها *** يا ظبيةً عُطُلاً حُسّانَة الجِيدِ([6]) وليس في الباب إلاّ هذا. ويقولون: الحسَن: جَبَل، وحَبْلٌ من حبال الرمل. قال:
    لأمِّ الأرضِ وَيْلٌ ما أجَنَّتْ *** غداةَ أضَرَّ بالحَسَنِ السبيلُ([7]) والمحاسنُ من الإنسان وغيره: ضدُّ المساوي. والحسن من الذراع: النصف الذي يلي الكوع، وأحسَِبه سمّي بذلك مقابلةً بالنِّصف الآخر؛ لأنّهم يسمُّون النصف الذي يلي المِرفَق القبيح، وهو الذي يقال له كَِسْرُ قبيحٍ. قال:
    لو كنتَ عيْراً كنتَ عَيْرَ مذَلَّةٍ *** ولو كنت كِسْراً كنت كَِسْرَ قبيحِ([8]) (حسو/ي) الحاء والسين والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ، ثم يشتقّ منه. وهو حَسْو الشيء المائع، كالماء واللبن وغيرهما؛ يقال منه حَسَوْت اللّبن وغيره حَسْواً. ويقال في المثل:
    * لمثل ذا كنتُ أحَسِّيك الحُسى *
    *والأصل الفارسُ يغذو فرسَه بالألبان يحسّيها إيّاه، ثمّ يحتاج إليه في طلبٍ أو هرب، فيقول: لهذا كنتُ أفعلُ بك ما أفعل. ثم يقال ذلك لكلِّ من رُشِّح لأمر. والعرب تقول في أمثالها: "هو يُسِرُّ حَسْواً في ارتغاء"، أي إنّه يُوهِم أنّه يتناول رغوةَ اللبن، وإنّما الذي يريده شُربُ اللّبنِ نَفْسِه. يضرب ذلك لمن يَمكُر، يُظهِر أمراً وهو يريد غيره. ويقولون: "نَومٌ كحَسْو الطائر" أي قليل. ويقولون: شَرِبْتُ حَسْوَاً وحَساءً. وكان يقال لابن جُدْعانَ حاسي الذَّهَب، لأنّه كان لـه إناءٌ من ذهب يحسُو منه. والحِسْيُ: مكانٌ إذا نُحِّيَ عنه رملُه نَبَع ماؤُه. قال:
    تَجُمُّ جُمومَ الحِسْي جاشت غُرُوبُه *** وبَرَّدَهُ من تحتُ غِيلٌ وأبْطَحُ([9]) فهذا أيضاً من الأول كأنَّ ماءَه يُحسَى.
    ومما هو محمولٌ عليه احتسيت الخَبَر وتحسَّيت مثل تحسَّسْت، وحَسِيت بالشيء مثل حَسِسْتُ. وقال:
    سوى أنّ العِتاقَ من المطايا *** حَسِينَ به فهنَّ إليه شُوسُ([10]) وهذا ممكنٌ أن يكون أيضاً من الباب الذي يقلبونه عند التضعيف ياء، مثل قصَّيْتُ أظفاري، وتقضَّى البازي، وهو قريبٌ من الأمرين وحِسْيُ الغَميِم: مكانٌ.
    (حسب) الحاء والسين والباء أصول أربعة:
    فالأول: العدّ. تقول: حَسَبْتُ الشيءَ أحْسُبُه حَسْباً وحُسْباناً. قال الله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} [الرحمن 5]. ومن قياس الباب الحِسْبانُ الظنّ، وذلك أنَّه فرق بينه وبين العدّ بتغيير الحركة والتّصريف، والمعنى واحد، لأنّه إذا قال حسِبته كذا فكأنّه قال: هو في الذي أعُدُّه من الأمور الكائنة.
    ومن الباب الحَسَبُ الذي يُعَدُّ من الإنسان. قال أهل اللغة: معناه أن يعد آباءً أشرافاً.
    ومن هذا الباب قولهم: احتسب فلانٌ ابنَه، إذا مات كبيراً([11]). وذلك أنْ يَعُدّه في الأشياء المذخورة لـه عند الله تعالى. والحِسْبة: احتسابك الأجرَ. وفلان حَسَنُ الحِسْبة بالأمر، إذا كان حَسَن التدبير؛ وليس من احتساب الأجر. وهذا أيضاً من الباب؛ لأنه إذا كان حسنَ التدبير للأمر كان عالماً بِعِدَادِ كل شيءٍ وموضِعِه من الرأْي والصّواب. والقياسُ كله واحد([12]).
    والأصل الثاني: الكِفاية. تقول شيء حِسَابٌ، أي كافٍ([13]). ويقال: أحسَبْتُ فلاناً، إذا أعطيتَه ما يرضيه؛ وكذلك حَسَّبْته. قالت امرأة([14]):
    ونُقْفِي ولِيدَ الحيِّ إن كان جائعاً *** ونُحْسِبه إن كان ليسَ بجائِع والأصل الثالث: الحُسْبَانُ، وهي جمع حُسبانَةٍ، وهي الوِسادة الصغيرة. وقد حسَّبت الرّجلَ أُحَسِّبه، إذا أجلسته عليها ووسَّدْتَه إياها. ومنه قول القائل:
    * غداة ثَوَى في الرّمْلِ غيرَ مُحَسَّبِ([15]) *
    وقال آخر([16]):
    يا عامِ لو قدَرَتْ عليكَ رِماحُنا *** والرّاقصاتِ إلى مِنَىً فالغَبْغَبِ لَلَمسْتَ بالوكْعاء طعنةَ ثائرٍٍ *** حَرّانَ أو لثوَيْتَ غيرَ مُحسَّبِِ([17]) ومن هذا الأصل الحُسبْان: سهامٌ صغار يُرْمى بها عن القسيِّ الفارسية، الواحدة حُسبانة. وإنما فرق بينهما لصِغَر هذه و[كبر] تلك.
    ومنه قولهم أصاب الأرض حُسبان، أي جراد. وفُسِّرَ قوله تعالى: {وَ يُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاء} [الكهف 40]، بالبَرَد.
    والأصل الرابع: الأحسب الذي ابيضَّت جِلدتُه من داءٍ ففسدت شَعرته، كأنَّه أبرص. قال:
    يا هِنْدُ لا تَنْكحي بُوهَةً *** عليه عقيقتُه أحْسَبا([18]) وقد يتّفق في أصول الأبواب هذا التفاوتُ الذي تراه في هذه الأصول الأربعة.
    (حسد) الحاء والسين والدال أصلٌ واحد، وهو الحَسَد.
    (حسر) الحاء والسين والراء أصلٌ واحد، وهو من كَشْف الشيء. [يقال حَسَرت عن الذراع([19])]، أي كشفته. والحاسر: الذي لا دِرْع عليه ولا *مِغْفَر. ويقال حَسَرْتُ البيتَ: كنستُه. ويقال: إن المِحْسَرَة المِكْنَسَة. وفلان كريم المَحْسَر، أي كريم المخبر، أي إذا كشفْتَ عن أخلاقه وجدتَ ثَمَّ كريماً. قال:
    أرِقَتْ فما أدرِي أَسُقْمٌ طِبُّهَا *** أم من فراق أخٍ كريم المَحْسَر([20]) ومن الباب الحسرةُ: التلهُّف على الشيء الفائت. ويقال حَسِرْتُ عليه حَسَراً وحَسْرَةً، وذلك انكشافُ أمرِه في جزعه وقلَّة صبره. ومنه ناقةٌ حَسْرَى إذا ظلَعَتْ. وحَسَر البصر إذا كَلَّ، وهو حسير، وذلك انكشافُ حاله في قلّة بَصَره وضَعْفه. والمُحَسَّرُ، المُحَقَّر، كأنّه حُسر، أي جُعِل ذا حَسْرَة. وقد فسّرناها.
    ـــــــــــــــــــ
    ([1]) حسك السعدان، ثمره، وهو خشن يعلق بأصواف الغنم.
    ([2]) في الأصل: "الحيسك"، تحريف. ويقال للقنفذ حسكك كزبرج، وحسيكة كسفينة.
    ([3]) التكملة من المجمل. ونحوها في اللسان.
    ([4]) للشنفرى في المفضليات (1: 109) واللسان (حسل). وعجزه:
    * وقد نهلت من الدماء وعلت *.
    ([5]) في الأصل: "الانداء"، صوابه من المجمل واللسان.
    ([6]) للشماخ في ديوانه 21 واللسان (حسن).
    ([7]) لعبد الله بن عنمة الضبي في اللسان (حسن) ومعجم البلدان (الحسنان) والحماسة.
    ([8]) قال ابن بري: "البيت من الطويل، ودخله الخرم في أوله. و منهم من يرويه: أو كنت كسراً، والبيت على هذا من الكامل". انظر اللسان (قبح) والمقاييس (قبح).
    ([9]) للمرقش الأصغر، من قصيدة في المفضليات (2: 41). وكذا جاءت الرواية في المجمل. وفي المفضليات: "وجرده من تحت"، أي كشفه وعراه من الشجر.
    ([10]) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (حسا، حسس)، وأمالي القالي (1: 176).
    ([11]) وإذا فقده صغيراً لم يبلغ الحلم قيل: افترطه افتراطا.
    ([12]) في الأصل: "كلمة واحدة".
    ([13]) وبه فسر قوله تعالى: (عطاء حسابا).
    ([14]) من بني قشير، كما في اللسان (حسب). وأنشده أيضاً في (قفا).
    ([15]) أنشد هذا العجز في المجمل واللسان (حسب).
    ([16]) هو نهيك الفزاري، يخاطب عامر بن الطفيل، كما في اللسان (حسب). وفي معجم البلدان (رسم الغبغب) أنه "نهيكة الفزاري".
    ([17]) الوكعاء: الوجعاء، وهي الدبر. وفي اللسان "بالوجعاء" وفي المعجم "بالرصعاء".
    ([18]) لامرئ القيس في ديوانه 154 واللسان (بوه، عقق، حسب). وقد سبق في (بوه).
    ([19]) التكملة من المجمل.
    ([20]) في الأصل: "الكريم"، صوابه في المجمل، حيث أنشد العجز. والطب، بالكسر الشأن والعادة.
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الحاء والشين وما يثلثهما)
    (حشف) الحاء والشين والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رَخَاوة وضعف وخلوقة.
    فأوّل ذلك الحَشَف، وهو أردأ التَّمر. ويقولون في أمثالهم: "أَحَشَفاً وسُوءَ كِيلَة"، للرَّجُل يجمع أمرين ردِيَّين. قال امرؤ القيس:
    كأنَّ قلوبَ الطيرِ رَطباً ويابساً *** لدى وَكرها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي([1]) وإنما ذكر قلوبَها لأنها أطيبُ ما في الطير، وهي تأتي فراخها بها. ويقال حَشِفَ([2]) خِلْفُ الناقة، إذا ارتفع منه الّلبن. والحشيف: الثَّوب الخَلَق. وقد تَحَشَّف الرَّجلُ: لَبِسَ الحشيف. قال:
    يُدنـي الحَشيفَ عليها كي يواريَها *** ونَفْسَها وهو للأطمار لَبَّاس([3]) والحَشَفة: العجوز الكبيرة، والخميرة اليابسة([4])، والصخرة الرِّخْوَة حَوْلها السهلُ من الأرض.
    (حشك) الحاء والشين والكاف أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. يقال حَشَكْت النَّاقةَ، إذا تركتَها لا تحلبُها فتجمَّع لبنُها، وهي محشوكة. قال:
    * غَدَت وهي مَحْشوكَةٌ حافلٌ([5]) *
    وَحَشَكَ القوم، إذا حَشَدُوا. وحَشَكَت([6]) السّحابة: كثُر ماؤُها. ومنه قولهم للنّخلة الكثيرة الحَمْل حاشك. وحَشَكت السّماء: أتَتْ بمطرها. وربَّما حملوا عليه فقالوا: قوسٌ حاشكة، وهي الطَّرُوحُ البعيدةُ المَرمى. وحَشّاك: نَهْر.
    (حشم) الحاء والشين والميم أصلٌ مشترك، وهو الغَضَب أو قريبٌ منه.
    قال أهل اللغة. الحِشْمَة: الانقباضُ والاستحياء. وقال قومٌ: هو الغضب. قال ابن قُتيبة: رُوِي عن بعض فصحاء العرب: إن ذلك مما يُحْشِمُ بني فلانٍ، أي يغضبهم. وذكر آخر أن العرب لا تعرِفُ الحشمةَ إلاَّ الغضب، وأنَّ قولهم لحشَمِ الرجل خدمه، إنما معناه أنّهم الذين يَغْضب لهم ويغْضَبون له.
    قال أبو عبيدٍ: قال أبو زيد: حَشَمْتُ الرجل أحْشِمه وأحْشَمْتُه، وهو أن يجلس إليك فتُؤذيَهُ وتُسمعه ما يكره. وابن الأعرابي يقول: حَشَمْتُه فَحَشم، أي أخجلته. وأحشمته: أغضبته. وأنشد:
    لَعَمْرُكَ إنْ قُرْصَ أبي خُبَيبٍ *** بطيءُ النُّضْجِ مَحشومُ الأكيل([7]) (حشن) الحاء والشين والنون أصلٌ واحد، وهو تغيُّر الشيء بما يتعلّق به من درن. ثمّ يشتق منه:
    فأمّا الأول فقولهم فيما رواه الخليل: حَشنَ السِّقاء، إذا حُقِنَ لبناً ولم يُتَعهَّدْ بغسلٍ فتغيَّرَ ظاهرُه وأنتَنَ. وأمَّا القياس فقال أبو عبيد: الحِشْنة، بتقديم الحاء على الشين: الحقد. وأنشد:
    ألاَ لا أرَى ذا حِشْنَةٍ في فؤاده *** يُجَمجِمُها إلاّ سَيَبْدُو دفينُها([8]) قال غيره: ومن ذلك قولهم: قال([9]) فلانٌ لفلان حتَّى حشَّن صدرَه.
    (حشو/ي) الحاء والشين وما بعدها معتلٌ أصلٌ واحد، وربما هُمِزَ فيكون المعنيان متقاربين أيضاً. وهو أن يُودَع الشيءُ وعاءً باستقصاء. يقال حشوتُه أحشوه حَشْوا. وَحِشْوَة الإنسان والدابة: أمعاؤه. ويقال [فلانٌ] من حِشْوة بني فلانٍ، أي من رُذَالهم. وإنما قيل ذلك لأن الذي تحشى به الأشياءُ لا يكون من أفخر المَتاع بل أدْونِه.
    والمِحْشى: ما تحتشي([10]) به المرأة، تعظِّم* به عَجِيزتها، والجمع المحاشِي. قال:
    * جُمَّاً غَنيّاتٍ عن المَحاشِي([11]) *
    والحشا: حشا الإنسان، والجمع أحشاء. والحشا: الناحية، وهو من قياس الباب، لأنّ لكلّ ناحيةٍ أهلاً فكأنّهم حشَوها. يقال: ما أدري بأيّ حشاً هو. قال:
    * بأيِّ الحَشَا أمسى الخليطُ المبايِنُ([12]) *
    ومن المهموز وهو من قياسِ الباب غيرُ بعيدٍ منه، قولهم: حشأتُه بالسَّهم أحشَؤُه، إذا أصبتَ به جَنْبَه. قال:
    فَلأَحْشأَنّكَ مِشْقَصاً *** أوْساً أُوَيْسُ من الهَبَالهْ([13]) ومنه حَشَأْتُ المرأةَ، كناية عن الجِماع.
    والحَشَا، غير مهموز: الرَّبْو، يقال حَشِي يَحْشَى حشاً، فهو حَشٍ كما ترى. فأمّا قول النابغة:
    جَمِّعْ مِحاشَكَ يا يزيدُ فإِنَّنِي *** أعددتُ يربوعاً لكم وتميما([14]) فله وجهان: أحدهما أن يكون ميمُه أصليَّة، وقد ذكر في بابه. والوجه الآخر أن يكون الميم زائدةً ويكون مِفْعَلاً من الحَشو، كأنه أراد اللفيف والأُشابة، وكان ينبغي أن يكون مِحْشَىً، فَقَلب.
    (حشب) الحاء والشين والباء قريبُ المعنى مما قبله. فيقال الحَوْشَب العظيم البطن. قال:
    وتجرُّ مُجْرِيَةٌ لها *** لحمي إلى أجْرٍ حواشِبْ([15]) والحوشب: حَشْو الحافر، ويقال بل هو عظمٌ في باطن الحافر بين العصَب والوظيف. قال رؤبة:
    * في رُسُغٍ لا يَتَشكَّى الحوشَبا([16]) *
    (حشد) الحاء والشين والدال قريب المعنى من الذي قبلَه. يقال حَشَد القوم إذا اجتمعوا وخفُّوا في التعاوُن. وناقة حشُودٌ: يسرعُ اجتماعُ اللبَن في ضرعها. والحَشْدَ: المحتشدون. وهذا وإن كان في معنى ما قبلَه ففيه معنىً آخر، وهو التّعاوُن. ويقال عِذقٌ حاشِدٌ وحاشك: مجتمِعُ الحَمْل كثيرُهُ.
    (حشر) الحاء والشين والراء قريبُ المعنى من الذي قبلِه، وفيه زيادةُ معنىً، وهو السّوق والبعثُ والانبعاث.
    وأهل اللغة يقولون: الحشر الجمع مع سَوْقٍ، وكلُّ جمعٍ حَشْر. والعرب تقول: حَشرَتْ مالَ بني فلانٍ السنةُ كأنّها جمعته، ذهبت به وأتَتْ عليه. قال رؤبة:
    وما نجا من حَشْرِها المحشوشِ *** وحْشٌ ولا طمشٌ من الطُّموشِ([17]) ويقال أُذُنٌ حَشْرَةٌ، إذا كانت مجتمِعة الخَلْق. قال:
    لها أذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ *** كإعْلِيط مَرْخٍ إذا ما صَفِرْ([18]) ومن أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "الحاشر"، معناه أنّه يحشر النّاس على قدمَيه، كأنّه يقدُمُهم يوم القِيامة وهم خلْفه. ومحتملٌ أن يكون لَمَّا كان آخِرَ الأنبياء حُشِر النّاس في زمانه.
    وحشرات الأرض: دوابُّها الصغار، كاليرابيع والضِّباب وما أشبهها، فسمِّيت بذلك لكثرتها وانسياقها وانبعاثها. والحَشْوَرُ من الرّجال: العظيم الخَلْق أو البطنِ.
    وممّا شذّ عن الأصل قولهم للرجل الخفيف حَشْرٌ. والحَشْر من القُذَذ: ما لَطُف. وسِنانٌ حَشْرٌ، أي دقيق؛ وقد حَشَرْته.
    ـــــــــــــــــــ
    ([1]) ديوان امرئ القيس 70.
    ([2]) وكذا ضبط بكسر الشين في المجمل، وفي اللسان بالفتح.
    ([3]) في المجمل: "ونفسه".
    ([4]) ذكر هذين المعنيين في المجمل، وذكرا في القاموس، وفاتا صاحب اللسان.
    ([5]) عجزه كما في اللسان (حشك): * فراح الذئار عليها صحيحا *
    ([6]) في الأصل: "حشدت"، تحريف.
    ([7]) البيت في المجمل واللسان (حشم).
    ([8]) البيت في المجمل واللسان (حشن).
    ([9]) كذا وردت هذه الكلمة.
    ([10]) في الأصل: " ما تحشى"، صوابه ما أثبت.
    ([11]) الجم: جمع جماء، وهي الكثيرة اللحم. وفي الأصل: "جمعا"، صوابه من المجمل.
    ([12]) للمعطل الهذلي من قصيدة في مخطوطة الشنقيطي من الهذليين 108. وأشده في اللسان: (حشا) وصدره: * يقول الذي أمسى إلى الحرز أهله *
    ([13]) البيت لأسماء بن خارجة كما في اللسان (حشا، أوس، هبل).
    ([14]) ديوان النابغة 70 واللسان (حشا).
    ([15]) لحبيب بن عبد الله، المعروف بالأعلم الهذلي. انظر ما سبق في حواشي (1: 447).
    ([16]) ديوان العجاج 74 واللسان والمجمل (حشب).
    ([17]) ديوان رؤبة 78 واللسان (حشر، طمش) والمقاييس (طمش).
    ([18]) للنمر بن تولب كما في اللسان (حشر)، ونبه على صحة هذه النسبة في (علط) بعد أن ذكر نسبته إلى امرئ القيس، وسيعيده في المقاييس (علط).

    ـ (باب الحاء والصاد وما يثلثهما)
    (حصف) الحاء والصاد والفاء أصلٌ واحد، وهو تشدُّدٌ يكون في الشيءِ وصلابةٌ وقوَّة. فيقال لرَكانة العقْل حصافة، وللعَدْوِ الشديد إحصاف. يقال فرسٌ مِحْصَفٌ وناقة مِحْصافٌ. ويقال كتيبة محصوفةٌ، إذا تَجمَّع أصحابُها وقلّ الخَلَل فيهم. قال الأعشى:
    تأوِي طوائِفُها إلى مَحْصُوفة *** مكروهةٍ يخشى الكماةُ نِزالَها([1]) ويقال "مخصوفة"، وهذا له قياسٌ آخر وقد ذكر في بابه. ويقال استحصَفَ على بني فلانٍ الزّمانُ، إذا اشتدّ. وفرْجٌ مستحصِفٌ. وقال:
    وإذا طعنتَ طعنتَ في مستَحْصِفٍ *** رابي المَجَسَّةِ بالعبير مُقَرْمَدِ([2]) والحَصَف: بَثْر صِغارٌ يَستحصِف لها الجِلْد.
    (حصل) الحاء والصاد واللام أصلٌ واحد منقاس، وهو جمع الشيء، ولذلك سمِّيت حَوصلةُ *الطائر؛ لأنّه يجمع فيها. ويقال حصَّلت الشيءَ تحصيلا. وزعم ناسٌ من أهل اللغة أنّ أصل التحصيل استخراجُ الذهب أو الفضّة من الحجر أو من تراب المَعدِن؛ ويقال لفاعله المحصِّل. قال:
    ألا رجلٌ جزاهُ الله خيراً *** يدلُّ على محصِّلة تُبِيتُ([3]) فإن كان كذا فهو القياسُ، والباب كلُّه محمول عليه.
    والحَصَل: البلح قبل أن يشتدّ ويظهر ثَفارِيقُه، الواحدةُ حَصَلة. قال:
    * ينحَتُّ منهُنّ السَّدَى والحَصْلُ([4]) *
    السّدَى: البَلَح الذاوي، الواحدة سَداة. وهذا أيضاً من الباب، أعني الحصَل، لأنه حُصِّل من النخلة.
    ومما شذّ عن الباب وما أدري ممّ اشتقاقه، قولهم: حَصِلَ الفرسُ، إذا اشتكى بَطْنَهُ عن أكل التُّراب.([5])
    (حصم) الحاء والصاد والميم أصلٌ قليل الكَلِم، إلاّ أنه تكسُّر في الشيء، يقال: انحصم العود، إذا انكسر. قال ابن مُقْبل:
    وبيَاضاً أحدثَتْه لِمَّتِي *** مثلَ عيدانِ الحَصاد المنحَصِمْ([6]) ومما اشتقّ منه حُصام([7]) الدّابة، وهو رُدَامه. والقياس قريب.
    (حصن) الحاء والصاد والنون أصلٌ واحد منقاس، وهو الحفظ والحِياطة والحِرز. فالحِصن معروف، والجمع حصون. والحاصِن والحَصَان: المرأة المتعفِّفة الحاصنةُ فرْجَها. قال:
    فَمَا ولَدتْنِي حاصِنٌ رَبَعِيّةٌ *** لئن أنا مالأْتُ الهوى لاتِّباعِها([8]) وقال حسّان في الحَصان:
    حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ برِيبَةٍ *** وتُصبح غَرْثَى من لحوم الغَوافِل([9]) والفعل من هذا حَصُن. قال أحمد بن يحيى ثعلب: كلّ امرأةٍ عفيفة فهي مُحْصَنة ومُحْصِنة، وكل امرأة متزوِّجةٍ فهي محصَنة لا غير. قال: ويقال لكلِّ ممنوعٍ مُحْصَن، وذكر ناسٌ أنّ القُفْل يسمَّى مُحْصَناً. ويقال أحْصَنَ الرّجُل فهو مُحْصَنٌ. وهذا أحدُ ما جاء على أفعل فهو مُفْعَل.
    (حصو/ي) الحاء والصاد والحرف المعتل ثلاثة أصول: الأول المنع، والثاني العَدُّ والإطاقة، والثالث شيءٌ من أجزاء الأرض.
    فالأوَّل الحصو. قال الشيبانيّ: هو المنع؛ يقال حصوته أي منعته. قال:
    ألا تخافُ الله إذْ حَصَوْتني *** حقِّي بلا ذنبٍ وإذْ عَنَّنْتَني([10]) والأصل الثاني: أحصيت الشيءَ، إذا عَدَدْته وأطْقته. قال الله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} [المزمل 20]. وقال تعالى: {أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة 6].
    والأصل الثالث: الحصى، وهو معروف. يقال أرضٌ مَحْصاةٌ، إذا كانت ذاتَ حصَى. وقد قيل حَصِيتْ تَحْصَى.
    ومما اشتقّ منه الحصاة؛ يقال ما له حصاةٌ، أي ما له عقل. وهو من هذا؛ لأن في الحصى قوةً وشدّة. والحصاة: العقل، لأنّ به تماسُكَ الرّجل وقوّة نفسه. قال:
    وإنّ لسانَ المرءِ مالم تكن له *** حَصاةٌ على عَوْراته لدَلِيلُ([11]) ويقال لكلِّ قطعةٍ من المسك حَصَاة؛ فهذا تشبيهٌ لا قياس.
    وإذا هُمِز فأصْله تجمُّع الشيء؛ يقال أحصأتُ الرّجلَ، إذا أروَيته من الماء، وحَصِئَ هو. ويقال حَصأ الصبيُّ من اللبن، إذا ارتضَعَ حتى تمتلئَ مَعِدته، وكذلك الجَدْي.
    (حصب) الحاء والصاد والباء أصلٌ واحد، وهو جنسٌ من أجزاء الأرض، ثم يشتقّ منه، وهو الحصباء، وذلك جنسٌ من الحَصَى. ويقال حَصَبْتُ الرّجلَ بالحَصبَاء. وريحٌ حاصب، إذا أتَتْ بالغُبار. فأمّا الحَصْبَةُ فَبثْرةٌ تخرج بالجَسدِ، وهو مشبَّه بالحَصْباء. فأمَّا المُحَصَّب بمِنىً فهو موضع الجِمار. قال ذو الرمة:
    أرى ناقتي عند المحصَّب شاقَها *** رَواحُ اليَمانِي والهديلُ المُرجَّعُ([12]) يريد نفر اليمانينَ حين ينْصرفون. والهديل هاهنا: أصوات الحمام. أراد أنّها ذَكَرت الطير في أهلها فحنّت إليها.
    ومن الباب الإحصاب: أن يُثِير الإنسانُ الحصَى في عَدْوِه. ويقال أرض مَحْصَبَةٌ، ذاتُ حَصْباء. فأمّا قولُهم حَصَّب القوم عن صاحبهم *يُحَصِّبون، فذلك تَوَلِّيهِمْ عنه مسرِعين كالحاصب، وهي الريح الشديدة. فهذا محمولٌ على الباب.
    ويقال إنّ الحصِبَ من الألبان الذي لا يُخرِج زُبدَه، فذلك من الباب أيضاً؛ لأنه كأنه من بَرْده يشتدّ حتى يصير كالحصباء فلا يُخرج زُبْداً([13]).
    (حصد) الحاء والصاد والدال أصلان: [أحدهما] قطْع الشيء، والآخر إحكامه. وهما متفاوتان.
    فالأول حصدتُ الزّرعَ وغيرَه حَصْدا. وهذا زمَنُ الحَصاد والحِصاد. وفي الحديث: "وهَلْ يكُبُّ الناسَ على مَناخِرِهم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم". فإن الحصائد جمع حَصِيدة، وهو كلُّ شيءٍ قيل في الناس باللِّسان وقُطِع به عليهم. ويقال حَصَدْتُ واحتصَدْت، والرجل محتصِد. قال:
    إنما نحنُ مِثلُ خامةِ زَرْعٍ *** فمتى يَأْنِ يَأْتِ محتصِدُهْ([14]) والأصل الآخر قولهم حَبْلٌ مُحْصَدٌ، أي مُمَرٌّ مفتول.
    ومن الباب شجرةٌ حَصْداء، أي كثيرة الورق؛ ودِرْع حصداء: مُحْكَمة؛ واستحصدَ القومُ، إذا اجتَمَعوا.
    (حصر) الحاء والصاد والراء أصلٌ واحد، وهو الجمع والحَبْس والمنع. قال أبو عمرو: الحَصِير الجَنْبُ. قال الأصمعيّ: الحصير ما بين العِرْق الذي يظهر في جنب البعير والفَرَس معترضاً، فما فوقه إلى منقطع الجنب فهو الحصير. وأيَّ ذلك [كان] فهو من الذي ذكرناه من الجَمْع، لأنّه مجمع الأضلاع.
    والحَِصر: العَيُّ، كأنَّ الكلام حُبِس عنه ومُنِع منه. والحَصَر: ضِيقُ الصَّدْر. ومن الباب([15]) الحُصْر، وهو اعتقال البَطْن؛ يقال منه حُصِر وأُحْصِر. والناقة الحَصُور، وهي الضيِّقة الإحليل؛ والقياس واحد. فأمَّا الإحصار فأن يُحْصَرَ الحاجُّ عن البيت بمرضٍ([16]) أو نحوه. وناسٌ يقولون: حَصَره المرض وأحصره العدُوّ.
    وروى أبو عبيدٍ عن أبي عمرو: حَصَرَني الشيء وأحصرني، إذا حبَسني، وذكر قول ابنِ ميّادة:
    وما هَجْرُ ليلَى أن تكون تباعدَتْ *** عَليكَ ولا أَنْ أَحْصَرتْكَ شُغُولُ([17]) والكلام في حَصَره وأحصره، مشتبهٌ عندي غايةَ الاشتباه؛ لأنّ ناساً يجمعون بينهما وآخرون يَفْرِقون، وليس فَرْقُ مَنْ فَرَقَ بينَ ذلك ولا جَمْعُ مَن جمعَ ناقضاً القياسَ الذي ذكرناه، بل الأمرُ كلُّه دالٌّ على الحبْس.
    ومن الباب الحَصُور الذي لا يأتي النِّساء؛ فقال قوم: هو فَعول بمعنى مفعول، كأنّه حَصِر أي حُبِس. وقال آخرون: هو الذي يأبَى النساء([18]) كأنّه أحجَمَ هو عنهنَّ، كما يقال رجل حَصُورٌ، إذا حَبَس رِفدَه ولم يُخْرِجْ ما يخرجه النّدامَى. قال الأخطل:
    وشاربٍ مُرْبِحٍ بالكأسِ نادَمَني *** لا بالحَصُور ولا فيها بِسَوَّارِ([19]) ومن الباب الحَصِر بالسِّرّ، وهو الكتوم له. قال جرير:
    ولقد تَسقَّطَنِي الوُشاةُ فصادَفُوا *** حَصِراً بِسرِّكِ يا أمَيْمَ ضَنِينا([20]) والحصير في قولـه عز وجل: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ للكافِرِينَ حَصِيراً} [الإسراء 8]، وهو المحْبِس. والحصير في قول لبيد:
    * لَدَى بابِ الحَصيرِ قيامُ([21]) *
    هو الملك. والحصَار: وِسادةٌ تحشَى وتجعل لقادمة الرَّحْل؛ يقال احتَصَرْت البعير احتصارا([22]).

    ــــــــــــــــــــ
    ([1]) ديوان الأعشى 27 واللسان (حصف). وفي الديوان: "إلى مخضرة".
    ([2]) للنابغة الذبياني في ديوانه 32، والبيت ملفق من بيتين وهما:
    وإذا طعنت في مستهدف *** رابى المجسة بالعبير مقرمد وإذا نزعت نزعت من مستحصف *** نزع الحزور بالرشاء المحصد ([3]) البيت لعمرو بن قعاس المرادي، كما في الخزانة (1: 459) وكتاب سيبويه (1: 359). وأنشده في اللسان (حصل) بدون نسبة. وفي "رجل" أوجه الإعراب الثلاثة.
    ([4]) الثفاريق: جمع ثفروق، بضم الثاء المثلثة، وهو قمع البسرة والتمرة. وفي الأصل واللسان: "تغاريقه"، تحريف. وفي المخصص (11: 121): "إذا استبان البسر ونبت أقماعه وتدحرج قيل حصل النخل، وهو الحصل".
    ([5]) استشهد به في اللسان والمخصص على تسكين الصاد للضرورة، وأنشده كذلك في اللسان (سدا).
    ([6]) البيت في اللسان (حصم).
    ([7]) هذا اللفظ مما لم يرد في المعاجم المتداولة. والدابة، يذكر ويؤنث.
    ([8]) نسب في الحماسة بشرح المرزوقي 208 إلى إياس بن قبيصة الطائي.
    ([9]) ديوان حسان 324 واللسان (حصن، رزن). يقوله في شأن أم المؤمنين عائشة.
    ([10]) لبشير الفريري، كما في اللسان (حصى).
    ([11]) لكعب بن سعد الغنوي، كما في اللسان (حصى). ونبه الأزهري إلى طرفة، وهو في ديوانه ص52.
    ([12]) ديوان ذي الرمة 345 واللسان (هدل).
    ([13]) لم يذكر "الحصب" في اللسان. وفي القاموس: "وككتف: اللبن لا يخرج زبده من برده".
    ([14]) للطرماح في ديوانه 113 واللسان (خوم). وكلمة "مثل" ساقطة من الأصل. وإثباتها مما سيأتي في
    (خام 237) واللسان. وفي الديوان:
    إنما الناس مثل نابتة الزر *** ع متى يأن يأت محتصده ([15]) في الأصل: "وهو من الباب".
    ([16]) في الأصل: "عرض"، صوابه من المجمل.
    ([17]) البيت في المجمل واللسان (شغل).
    ([18]) في الأصل: "يأتي النساء".
    ([19]) ديوان الأخطل 116 واللسان (6: 2، 51).
    ([20]) ديوان جرير 578 واللسان (حصر)، وورد محرفا في اللسان.
    ([21]) البيت بتمامه كما في ديوان لبيد 29:
    ومقامة غلب الرقاب كأنهم *** جن لدى طرف الحصير قيام ([22]) وكذلك يقال حصره وأحصره.

    رد مع اقتباس  
     

  5. #5  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الحاء والضاد وما يثلثهما)
    (حضل) الحاء والضاد واللام كلمةٌ واحدة ليست أصلاً ولا يقاس عليها؛ يقال حَضِلَت النخلةُ، إذا فسد أصولُ سَعَفِها.
    (حضن) الحاء والضاد والنون أصلٌ واحد يقاس، وهو حِفْظ الشيء وصِيانته. فالحِضْن ما دون الإبط إلى الكَشْحِ؛ يقال احتضَنْت الشيءَ جعلتُه في حِضْني. فأمَّا قول الكميت:
    ودَوِّيَّةٍ أنفذْتُ حِضْنَيْ ظَلاَمِها *** هُدُوَّاً إذا ما طائر الليل أبصرا فإنَّه يريد قَطْعَهُ إيَّاها. وطائر [الليل]: الخفّاش. ونَواحي كلِّ شيء أحضانُه.
    ومن الباب *حَضَنَتِ المرأة ولدَها، وكذلك حضنَت الحمامةُ بيضَها. والمُحْتَضَن: [الحِضْن([1])]. قال:
    عَريضةِ بَُوْصٍ إذا أدبَرَتْ *** هَضيمِ الحشا عَبْلَةِ المحتضَنْ([2]) فأمَّا حَضَنٌ فجبلٌ بنجْد، وهو أوّل نجد. والعرب تقول: "أنْجَدَ مَنْ رأى حَضَناً". ويقال امرأةٌ حَضُون بيِّنة الحِضان([3]). فأما قولهم حضَنْت الرَّجُلَ عن الرّجل، إذا نحَّيته عنه، فكلمةٌ مشكوك فيها، ووجدتُ كثيراً من أهل العلم يُنْكرونها. فإنْ كانت صحيحةً فالقياس فيها مطَّرد، كأنَّ الشيء حُضِن عنه وحُفِظَ ولم يمكَّن منه. ومصدره الحَضْنُ والحَضانة. ويقال الحَضَن العاجُ في قول القائل:
    تبَسَّمتْ عن وَميضِ البرق كاشرةً *** وأبرزَتْ عن هجان اللَّونِ كالحَضَنِ([4]) ويقال إنّ الحَضَن أصلُ الجبل. فإن كان ما ذكرناه من العاج صحيحاً فهو شاذٌ عن الأصل.
    (حضي) الحاء والضاد والحرف المعتل أصل واحد، وهو هَيْج الشيء، ويكون في النار خاصّة. يقال حَضَوْت النارَ، إذا أوقدتَها. والعود الذي تُحرّك به النار مِحضاءٌ ممدود. ويقال حضأتها أيضاً بالهمز، والعود مِحْضَأ على مِفْعَل، وربما مدُّوه؛ والأول أجود.
    (حضب) الحاء والضاد والباء أصلان: الأول ما تُسْعَرُ به النار، والثاني جنسٌ من الصَّوْت.
    فالأوَّل قولـه جلَّ ثناؤُه: {حَضَْبُ جَهنَّمَ([5])} [الأنبياء 98]، قالوا: هو الوَقُود بفتح الواو. ويقال لما تُسعر النار به مِحْضَب. وينشد بيت الأعشى:
    فلا تَكُ في حَرْبِنا مِحْضباً *** لتجعَلَ قومَكَ شَتَّى شُعُوبا([6]) والصوت كقولهم لصوت القَوسِ حُضْبٌ، والجمع أحضاب. فأما قولهم إنَّ الحِضْب الحيّة ففيه كلامٌ، وإن صحّ فإنّه شاذٌّ عن الأصل.
    (حضج) الحاء والضاد والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على دناءة الشيء وسُقوطه وذَهابه عن طريقة الاختيار. يقول العرب: انحضج الرّجُل وغيره إذا وقع بجَنْبه، وحضَجْت أنا به الأرضَ. ويقال: هذه إحدى حضَجَاتِ فلانٍ، أي إحدى سَقَطاتِه. وذلك في القول والفِعل([7]). والحِضْج: ما يَبقى في حياض الإبل من الماء، والجمع أحضاج. ويقال للدَّنِيِّ من الرجال حِضْج. وحَضَجْتُ الثَّوْبَ، إذا ضربته بالمِحْضاج عند غَسلك إيَّاه، وهي تلك الخشبة.
    وأمّا قولهم للزِّقِّ الضخم حِضاج فهو قريبٌ من الباب؛ لأنه يتساقط. فأمّا قولهم حضَجْت النّار أوقدتُها، فيجوز أن يكون من الباب، ويمكن أن يكون من باب الإبدال.
    (حضر) الحاء والضاد والراء إيراد الشيء، ووروده ومشاهدته. وقد يجيء ما يبعد عن هذا وإن كان الأصل واحداً.
    فالحَضَرُ خلاف البَدْو. وسكون الحَضَر الحِضارة([8]). قال:
    فمن تكن الحَِضارةُ أعجبَتْهُ *** فأيَّ رجالِ باديةٍ ترانَا([9]) قالها أبو زيدٍ بالكسر، وقال الأصمعي هي الحَضارة بالفتح. فأمّا الحُضْر الذي هو العَدْوُ فمن الباب أيضاً، لأن الفرسَ وغيرَه يُحْضِرَان ما عندهما من ذلك، يقال أَحْضَرَ الفرس، وهو فرس مِحْضِيرٌ سريع الحُضْرِ، ومِحْضار. ويقال حاضَرْتُ الرّجلَ، إذا عدوتَ معه. وقول العرب: "اللبنُ مَحضُور" فمعناه كثير الآفة، ويقولون إنَّ الجانَّ تحضُره. ويقولون: "الكُنُف محضورة". وتأوَّلَ ناسٌ قولـه تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون 97- 98]، أي أن يُصيبوني بسُوء. والبابُ كله واحد، وذلك أنّهم يَحْضُرُونه بسوء. ويقال للحاضر وهي([10]) الحيّ العظيم. قال حسان:
    لنا حاضِرٌ فَعْم وبادٍ كأنَّه *** قطينُ الإلهِ عزّةً وتكرُّما([11]) ويروي ناسٌ:
    .................... كأنَّه *** شماريخ رَضوى عِزَّةً وتكرُّما وأنكرت قريشٌ ذلك وقالوا: *أيُّ عزَّةٍ وتكرمٍ لشماريخ رَضْوَى. والحضيرة: الجماعة ليست بالكثيرة. قال:
    يَرِدُ المياهَ حَضيرةً ونفيضةً *** وِرْدَ القطاةِ إذا اسمأَلّ التّبَُّعُ([12]) ويقال المحاضَرة المغالبة، وحاضرتُ الرجل: جاثيتُه عند سلطان أو حاكم. ويقال ألقت الشاةُ حضِيرتَها، وهي ما تُلْقِيه بَعد الولَد من المَشيمة وغيرها. وهذا قياسٌ صحيح، وذلك أنّ تلك الأشياء تُسَمَّى الشُّهُود، وقد ذكرت في بابها.
    وحَضْرَةُ الرّجُل: فِناؤه. والحَضيرة: ما اجتمع من المِدّة في الجُرح. ويقال: حَضَرت الصلاة، ولغة أهل المدينة حَضِرت. وكلهم يقول تحضُر. وهذا من نادر ما يجيء من الكلام على فَعِل يفعُل. وقد جاءت فيه من الصحيح غير المعتل كلمةٌ واحدة وقد ذكرت في بابها([13]). ويقال رجل حَضِرٌ إذا كان لا يصلُح للسّفَر. وهذا كقولهم رجلٌ نَهِرٌ، إذا كان يصلحُ لأعمال النّهار دونَ الليل. قال:
    * لست بليليًّ ولكني نَهِرْ([14]) *
    ويقولون: إنّ الحَضْرَ شحمةٌ في المَأْنة([15]) وفوقَها. وممّا شذّ عن الباب الحَضْر، وهو حصنٌ، في قول عديّ:
    وأخُو الحَضْر إذ بَنَاهُ وإذ دِجْـ *** ـلةُ تُجبَى إليه والخابورُ([16]) ومن الشاذّ، ويجوز أن يحمل على ما قبلَه حَضَارِ([17])، وهو كوكب. والعرب تقول: "حَضَارِ والوزنُ مُحْلِفان"؛ وذلك أنَّ الناس يحلفون عليهما أنهما سُهَيْل([18]) لأنهما يشبهانه. والمُحْلِف: الشيء الذي يُحْوِج إلى الحَلْفِ. قال:
    كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ ولكن *** كلون الوَرْسِ عُلّ به الأديم([19]) وحِضارُ الإبل: بِيضُها. قال الهذليّ:
    * شُومُها وحِضارُها([20]) *
    ـــــــــــــــ
    ([1]) هذه التكملة من المجمل واللسان.
    ([2]) للأعشى في ديوانه 15 واللسان (بوص، حضن). وقد سبق في (بوص).
    ([3]) الحضون من الإبل والغنم والنساء: ما كان أحد خلفيه أو ثدييه أكبر من الآخر.
    ([4]) البيت في اللسان (حضن)، وعجزه في المجمل.
    ([5]) قرأ الجمهور بالصاد المهملة، محركة وساكنة. وقرأ ابن عباس بالضاد المعجمة المفتوحة. وروي عنه إسكانها. انظر تفسير أبي حيان (6: 340).
    ([6]) ملحقات ديوان الأعشى 236 واللسان (حضب). وفي تفسير أبي حيان: "فتجعل".
    ([7]) في الأصل: "والفضل".
    ([8]) يقال سكن بالمكان يسكن سكنى وسكونا: أقام.
    ([9]) هو القطامي، كما سبق في حواشي (بدو).
    ([10]) كذا ورد في الأصل ولعله "ويقال الحاضر هو" .
    ([11]) ديوان حسان 370 واللسان (حضر).
    ([12]) للحادرة الذبياني من قصيدة في ديوانه والمفضليات (1: 41) ونسب في اللسان (حضر، نفض،سمأل، تبع) إلى سلمى الجهنية.
    ([13]) كذا. ولم يعين موضع ذكرها. وقد ذكر ابن خالويه خمسة أحرف جاءت على فعل يفعل وهي: دمت أدوم، ومت أموت، وفضل يفضل، ونعم ينعم، وقنط يقنط انظر (ليس في كلام العرب) ص 13.
    ([14]) أنشده في اللسان (نهر) وكتاب سيبويه (2: 91) والمخصص (9: 51).
    ([15]) المأنة: الطفطفة، وهي الخاصرة. وقيل المأنة السرة وما حولها، وقيل لحمة تحت السرة إلى العانة. وجاء في اللسان: "والحضر شحمة في العانة وفوقها".
    ([16]) معجم البلدان في رسم (الحضر).
    ([17]) في الأصل: "الحضار"؛ تحريف، صوابه في اللسان والمجمل.
    ([18]) في الأصل: "بهما سهيل"، صوابه في المجمل.
    ([19]) البيت للكلحبة العرني من قصيدة في المفضليات (1: 31) ولسلمة بن الخرشب فيها أيضاً (1: 38). وأنشده في اللسان (2: 386/ 4: 280/ 10: 401/ 11: 94).
    ([20]) قطعة من بيت لأبي ذؤيب، وهو بتمامه كما في الديوان 25 واللسان (حضر):
    فلا تشتري إلا بربح، سباؤها *** بنات المخاض شومها وحضارها
    ـ (باب الحاء والطاء وما يثلثهما)
    (حطم) الحاء والطاء والميم أصلٌ واحد، وهو كَسْر الشيء. يقال حطمت الشيءَ حَطْماً كسرتُه. ويقال للمتكسَّر في نفسه حَطِم. ويقال للفرس إذا تهدَّم لطول عمره حَطِمٌ. ويقال بل الحَطَمُ داءٌ يصيب الدابّة في قوائمها أو ضَعْفٌ. وهو فرسٌ حَطِم. والحُطْمة: السنة الشديدة؛ لأنها تَحْطِم كلّ شيء. والحُطَم: السوَّاق يَعنف، يحطِم بعضَ الإبل ببعض. قال الراجز:
    * قد لفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ *
    وسمِّيت النارُ الحُطَمةَ لِحَطْمِها ما تَلْقَى. ويقال للعَكَرة من الإبل حُطَمَة لأنها تحطِم كلَّ شيءٍ تلقاه. وحُطْمة السَّيل: دُفَّاعُ مُعظَمِهِ. وهذا ليس أصلاً؛ لأنه مقلوب من الطُّحْمة. فأما الحطيم فممكنٌ أن يكون من هذا، وهو الحِجْر، لكثرة من ينْتابُه، كأنه يُحْطَم.
    (حطأ) الحاء والطاء والهمزة أصلٌ منقاس، وهو تطامُن الشَّيءِ وسقوطُه. يقال حَطَأْتُ الرجل بالأرض: ضربته. والحُطيئة: الرجل القصير. قال ثعلب: سمِّي الحُطيئة لدَمامَته.
    قال أبو زيد: الحطِيء من الرّجال مثال فَعيل: الرُّذَال. قال ابن عباس: "أَخَذَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقَفائي فحطأني حَطْأةً وقال: اذهبْ فادعُ لي فلاناً". يقول: دَفَعني دَفْعة. ويقال حَطَأَتِ القِدْرُ بزَبَدِها: رمَت. ويقال حطأ الرجُل المرأةَ: جامَعَها.
    (حطب) الحاء والطاء والباء أصلٌ واحد، وهو الوَقود، ثمّ يحمل عليه ما يشبَّه به. فالحطب معروف. يقال حطبت أحْطِب حَطْبا. قال امرؤ القيس:
    إذا ما ركبنا قال وِلْدانُ أهلنا *** تعالَوا إلى أن يأتي الصيدُ نَحْطِبِ ويقال للمخلِّط في كلامِهِ "حاطب لَيْل". ويقال حَطَبَنِي عَبْدي، إذا أتاك بالحَطَب. قال:
    خَبٌّ جَرُوزٌ وإذا جاعَ بَكَى *** لا حَطَبَ القَوْمَ ولا القَوْمَ سَقَى([1]) ويقال مكان حَطِيبٌ: كثير الحَطَب. ويقال ناقة مُحَاطِبَةٌ، تأكل الشَّوكَ اليابسَ. وقالوا في قوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ} [المسد 4]، هي كنايةٌ عن النميمة. يقال حَطَبَ فلانٌ بفلانٍ: سَعَى به. ويقال إنَّ الأحطبَ الشديدُ الهُزال وكذلك* الحَطِب، كأنَّه شُبِّه بالحطب اليابس. وقوله في النميمة يشهد لـه قولُ القائل:
    من البِيض لم تُصْطَد على حَبْلِِ لأمة *** ولم تَمْشِِ بين النَّاسِ بالحطب الرطْبِِ([2]) ــــــــــــــــــــــ
    ([1]) للجليح الراجز، انظر ديوان الشماخ 107. وقد نسب في اللسان (حطب) إلى الشماخ.
    ([2]) في اللسان "على ظهر لأمة". وأنشد عجزه في (حظر) برواية: "بالحظر الرطب".

    ـ (باب الحاء والظاء وما يثلثهما)
    (حظو/ي) الحاء والظاء وما بعده [من] حرف معتلّ أصلان: أحدهما القرب من الشيء والمنزلة، والثاني جنس من السلاح.
    فالأوَّل قولهم رَجُلٌ حَظِيٌّ إذا كان له منزلةٌ وحُظوةٌ. وامرأةٌ حَظِيَّةٌ. والعرب تقول: "إلا حَظِيَّةً فلا أَلِيّةً". يقول: إن لم يكنْ لكِ حُظْوَةٌ فلا تُقَصِّرِي أن تتقرَّبي. يقال ما ألوت، أي ما قصَّرْت.
    وأما الأصل الآخر فالحِظاء: جمع حَِظْوةٍ، وهو سهمٌ صغير لا نَصْلَ له يُرمَى به. قال بعضُ أهلِ اللغة: يقال لكلِّ قضيبٍ نابتٍ في أصلِ شجرةٍ([1]) حَظْوَة، والجمع حَظَوات. قال أوس:
    تَعَلَّمَهَا في غِيلِها وهي حَظْوَةٌ *** بوادٍ به نَبْعٌ طُِوَالٌ وحِثْيَلُ([2]) وإذا عُيِّر الرّجلُ بالضّعف قيل له: "إنما نَبْلُك حِظاءٌ". ويقال لِسهام الصّبيان حِظاءٌ. ومنه المثل: "إحدى حُظَيَّاتِ لُقْمان"، قال أبو عبيد: الحُظَيّات المرامي، وهي السّهام التي لا نِصال لها.
    (حظر) الحاء والظاء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على المنْع. يقال حظرت الشيء أحْظُرُه حَظْراً، فأنا حاظِرٌ والشيء محظور. قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} [الإسراء 20]. والحِظَارُ: ما حُظِر على غنمٍ أو غيرها بأغصانٍ أو شيءٍ من رَطْبٍ شجر أو يابس، ولا يكاد يفعل ذلك إلاّ بالرَّطْب منه ثم يَيْبس. وفاعل ذلك المحتَظِرُ. قال الله تعالى: {فَكَانُوا كَهَشِيمِ المُحْتَظِر} [القمر 31]، أي الذي يعمل الحظيرةَ للغنم ثم ييبَس ذلك فيتهشَّم. ويقال جاء فلان بالحَظِر الرَّطْب، إذا جاء بالكَذِبِ المستشنَع. ويقال هو يوقد في الحَظر، إذا كان يَنُِمّ وقد مضى شاهده([3]).
    (حظل) الحاء والظاء واللام أصلٌ واحد، وهو قريب من الذي قبله. فالحَظْل: الغَيْرة ومَنْع المرأة من التصرّف والحركة. [قال([4])]:
    * فيحظُِل أو يَغارُ([5]) *
    قال أبو عبيد: حظلت عليه مثل حَظَرْتُ. ويقال في قوله "فيحظُِل أو يَغَار" إنه التّقتير. وأحْرِ أن يكون هذا أصحّ، لأنّه قال "أو يغار". والتقتير يرجع إلى الذي ذكرناه من المنْع. والدّليل على ذلك قولهم حَظَلان وحظْلان. قال:
    تُعَيِّرُني الحِظْلانَ أمُّ مُغلِّسٍ *** فقلت لها لم تَقذفيني بِدائيا([6]) ـــــــــــــــــ
    ([1]) في الأصل: "في أصل أو شجرة"، صوابه في المجمل واللسان.
    ([2]) ديوان أوس بن حجر 19 واللسان (حثل).
    ([3]) يشير إلى الشاهد الذي ورد في نهاية مادة (حطب).
    ([4]) هذه التكملة من المجمل.
    ([5]) من بيت للبختري الجعدي يصف رجلا غيوراً. وهو بتمامه في اللسان (حظل):
    فما يخطئك لا يخطئك منه *** طبانية فيحظل أو يغار ([6]) لمنظور الدبيري، كما في اللسان (حظل) من أبيات رواها القالي أيضاً في الأمالي (2: 212). وفي الأمالي: "أم محلم".
    ـ (باب الحاء والفاء وما يثلثهما)
    (حفل) الحاء والفاء واللام أًصلٌ واحد، وهو الجمع. يقال حَفَل النّاسُ واحتفَلوا، إذا اجتمعوا في مجلسهم. والمجلِس مَحْفِل. والمحفَّلة: الشاة قد حُفِّلت؛ أي جُمع اللّبنُ في ضَرعها. ونُهِي عن التَّصريةِ والتَّحفيل. ويقال لا تَحْفِل به، أي لا تُبالِهِ؛ وهو من الأصل، أي لا تتجمَّع. وذلك أنّ من عَراه أمرٌ تجمَّع له.
    فأمَّا قولهم لحُطام التِّبن حُفالة فليس من الباب، إنّما هو من باب الإبدال؛ لأنّ الأصلَ حُثالة، فأبدلت الثاء فاءً.
    ومن الباب رجلٌ ذو حَفْلَةٍ، إذا كان مبالِغاً فيما أخذ فيه، وذلك أنّه يتجمّع له رأياً وفِعلاً. وقد احتَفَل لهم، إذا أحسن القيام بأمرهم. ويقال احتَفَل الوادِي بالسّيل. فأمّا قولهم تحفّل، إذا تزيّنَ، فهو من ذلك أيضاً لأنه يجمعُ لنفسه المحاسِن.
    فأمّا قولهم حَفَلْتُ الشيءَ، إذا جلوتَه، فمن الباب، والقياسُ صحيح؛ وذلك أنّه يجمع ضَوءَه ونُورَه بما يَنفيه من صَدئه. قال بشر:
    رَأَى دُرَّةً بيضاء يَحْفِل لَوْنَها *** سُخامٌ كغِربان البريرِ مُقَصَّبُ([1]) والمُقَصَّب* المجعَّد. وأراد بالدّرّة امرأةً. يحفل لونَها [سخام([2])]، يعني الشعر يزيدها بسوادِه بياضاً، وهذا كأنّه جلاها، وهو من الكلام الحسن جدّاً.
    (حفن) الحاء والفاء والنون كلمةٌ واحدة، منقاسٌ، وهو جمعُ الشيء في كفٍّ أو غير ذلك. فالحَفْنَة: مِلءُ كفَّيك من الطَّعام. يقال حَفَنْتُ الشيءَ حَفْنَاً بيديَّ. ومنه حديث أبي بكر: "إنّما نحن حَفْنَةٌ من حَفنات الله تعالى"، معناه أنَّ الله تعالى إذا شاء أدخل خلْقه الجنّةَ، وأنَّ ذلك يسيرٌ عنده كالحَفْنَةِ. ويقال احتَفنْتُ الشيءَ لنفسي، إذا أخذتَه. ويقال الحُفْنة إنّها الحُفْرة؛ فإن صحَّ فمحتملٌ الوجهين: أحدهما أن يكون من باب الإبدال، فتجعل النون بدلَ الراء. ويجوز أن يكون من الباب الذي ذكرناه، لأنّها تَجمَع الشيءَ([3]) من ماءٍ أو غيرِه. والحَفّانُ ليس من هذا الباب، وقد مضى ذِكره([4]) لأنَّ النون فيه زائدة.
    (حفي) الحاء والفاء وما بعدهما معتلٌّ ثلاثةُ أصول: المنع، واستقصاء السُّؤال، والحَفَاء خِلافُ الانتِعال.
    فالأوّل: قولُهم حفَوت الرّجُلَ من كل شيءٍ، إذا منعتَه.
    وأمّا الأصل الثاني: فقولهم حَفِيتُ إليه في الوصيّة بالغْت. وتحفّيت به: بالغت في إكرامه، وأحفَيْت. والحفيّ: المستقصِي في السّؤال. قال الأعشى:
    فإنْ تسألي عنِّي فيا رُبَّ سائلٍ *** حَفِي عن الأعشى به حيث أصْعَدا([5]) وقال قوم، وهو من الباب حَفِيتُ بفلان وتحفَّيت، إذا عُنِيتَ به. والحَفيّ: العالم بالشيء.
    والأصل الثالث: الحفا مقصور، مصدر الحافي. ويقال حَفِي الفرسُ: انسحجَ حافرُه. وأحْفَى الرَّجُل: حفِيَتْ دابّتُه. قال الكسائيّ: حَافٍ بيِّن الحِفْية والحِفَاية. وقد حَفِي يحفَى، وهو الذي لا خُفّ في رجليه ولا نَعل.
    فأَمّا الذي حَفِيَ مِن كثرة المشي فإنّه حَفٍ بيِّن الحَفاء، مقصور.
    فأمّا المهموز فالحفأ مقصور، وهو أصل البَرديّ الأبيض الرّطب؛ وهو يؤكل. وفُسِّر على ذلك قوُله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما لم تحتفِئُوا بها فشأنكم بها([6])". ويقال احتفأته، إذا اقتلعتَه.
    (حفت) الحاء والفاء والتاء ليس أصلاً، والكلام فيه يقِلُّ. فالحَفَيْتَأ: الرجل القصير.
    (حفث) الحاء والفاء والثاء شيءٌ يدلُّ على رخاوةٍ ولين. يقال حَفِثُ الكرِشِ لِفَحِثِها([7]). والحُفَّاث: حية لا تضرّ ولا تُخَاف. قال:
    أيُفايِشُونَ وقد رأوا حُفّاثَهم *** قد عَضَّهُ فَقَضى عليه الأشجعُ([8]) ويقال للرجُل إذا غضب: "قد احرنْفَش حُفَّاثُه".
    (حفد) الحاء والفاء والدال أصلٌ يدلُّ على الخِفَّة في العمل، والتجمُّع. فالحفَدة: الأعوان؛ لأنّه يجتمع فيهم التجمّع والتخفُّف، واحدُهم حافد. والسُّرْعة إلى الطاعة حَفْدٌ، ولذلك يقال في دعاء القنوت: "إليك نسعى ونَحْفِدُ". قال:
    * يا ابنَ التي على قَعُودٍ حَفَّادْ([9]) *
    ويقال في قولـه تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل 72]، إنّهم الأعوان-وهو الصحيح- ويقال الأَختَانُ، ويقال الحَفدةُ ولدُ الوَلدَ. والمِحْفَد: مكيالٌ يكال به. ويقال في باب السرعة والخفّة سيفٌ محتفِد، أي سريع القطع. والحفَدانُ: تدارُك السَّير.
    (حفر) الحاء والفاء والراء أصلان: أحدهُما حَفْر الشّيء، وهو قلعه سُفْلا؛ والآخَر أوَّل الأمر.
    فالأوَّل حفَرتُ الأرض حَفْرا. وحافِر الفَرسِ من ذلك، كأنّه يحفر به الأرض. ومن الباب الحَفْرَ في الفَم، وهو تآكل الأسنان. يقال حفَر فُوه يَحْفر حَفْراً([10]). والحَفَر: التُراب المستخرَج من الحُفْرَة، كالهَدَم؛ ويقال هو اسمُ المكان الذي حُفِر. قال:
    * قالوا انتَهْينا وهذا الخندَقُ الحَفَرُ([11]) *
    ويقال أحفَرَ المُهْرُ للإثْناء والإرباع، إذا سقَطَ بعضُ أسنانه لنَباتِ ما بَعدَه. ويقال: ما مِن حاملٍ إلاّ والحمل يَحْفِرها، إلاّ *الناقة فإنَّها تسمَن عليه. فمعنى يحفِرها يُهْزِلها.
    والأصل الثاني الحافرة، في قوله تعالى: {أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ في الحَافِرَةِ} [النازعات 10]، يقال: إنه الأمر الأوَّل، أي أنحْيا بعدما نموت. ويقال الحافرةُ من قولهم: رجع فلانٌ على حافرته، إذا رجع على الطريق الذي أخَذَ فيه، ورجع الشَّيْخُ([12]) على حافرته إذا هَرِم وخَرِف. وقولهم: "النَّقْد عند الحافِرِ" أي لا يزُول حافرُ الفرس حتَّى تَنْقُدني ثمنَه. وكانت لكرامتها عندَهم لا تُباع نَسَاءً. ثم كثُر ذلك حتَّى قيل في غير الخيل أيضاً.
    (حفز) الحاء والفاء والزاء كلمةٌ واحدةٌ تدلّ على الحثّ وما قرب منه. فالحفْزُ: حثُّك الشيء مِن خلفه. [والرّجُلُ([13])] يحتفز في جلوسه إذا أراد القيام، كأنَّ حاثّاً حَثّهُ ودافعاً دفعهُ. يقال: الليل يسوقُ النهارَ ويحفِزه. ويقال حَفَزْت الرجُلَ بالرُّمح. وسُمِّي الحَوفزانُ من ذلك بقلة([14]). قال:
    ونحنُ حَفَزْنا الحوفزانَ بطعنةٍ *** سقتْه نَجيعاً من دمِ الجوف أَشْكلا([15]) (حفس) الحاء والفاء والسين ليس أصلاً. يقال للرجل القصير حيفس([16]).
    (حفش) الحاء والفاء والشين أصلٌ واحد يدلُّ على الجمع. يقال هم يَحْفِشون عليك، أي يُجْلِبون. وحَفَشَ السَّيلُ الماء من كلِّ جانب إلى مستنقع واحد. قال:
    عشِيَّةَ رُحْنا وراحُوا لَنَا *** كما مَلأَ الحافشاتُ المَسِيلا([17]) ويقال جاء الفرس يَحفِشُ، أي يأتي بجريٍ بعد جري. والحفش([18]): بيت صغير: وسمِّي بذلك لاجتماعِ جوانبه؛ ويقال لأنه يُجمع فيه الشيء. وتحفّشت المرأةُ للرَّجُل، إذا أظهرت له وُدَّاً؛ وذلك أنها تتحفَّل له، أي تتجمَّع.
    (حفص) الحاء والفاء والصاد ليس أصلاً، ولا فيه لغة تنقاس. يقال للزَّبِيل من جُلودٍ حَفْص. ويقال للدَّجاجة أمَّ حَفْصة. ويقال إنَّ ولدَ الأسد حَفْصٌ. وفي كلِّ ذلك نظرٌ.
    (حفض) الحاء والفاء والضاد أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على سقوط الشيء وخُفُوفِه([19]). فالحَفَض مَتاع البيت؛ ولذلك سمِّي البعير الذي يحمله حَفَضاً. والقياسُ ما ذكرناه؛ لأنّ الأحفاض تسمَّى الأسقاط. ويقال حفَضْت العُود، إذا حنيتَه. قال الراجز:
    * إمَّا تَرَىَ دَهْراً حَنانِي حَفْضا([20]) *
    قال الأصمعيُّ: حفضتُ [الشيء([21])] وحَفَّضْتُه، بالتخفيف والتشديد، إذا ألقيتَه. وأنشد:
    * إمَّا تَرَىْ دَهْراً حناني حَفْضا *
    فمعناه ألْقاني. والأحفاض في قول عمرو بن كلثوم:
    ونحن إذا عِمَادُ الحيِّ خَرَّت *** على الأحفاضِ تمنَعُ مَنْ يَلِينا([22]) هي الإبل أوَّلَ ما تُركَب. ويقال بل الأحفاض عُمُد الأخبية.
    (حفظ) الحاء والفاء والظاء أصلٌ واحد يدلُّ على مراعاةِ الشيء. يقال حَفِظْتُ الشيءَ حِفْظاً. والغَضَبُ: الحفيظة؛ وذلك أنّ تلك الحالَ تدعو إلى مراعاة الشيء. يقال للغَضَب الإحفاظ؛ يقال أحفَظَنِي أي أغضَبَني. والتحفظ: قلّة الغَفلة. والحِفاظ: المحافَظة على الأمور.
    ــــــــــــــــــــ
    ([1]) سبق البيت والكلام عليه في (مادة بر).
    ([2]) التكملة في المجمل.
    ([3]) في الأصل: "تجمع بالشيء".
    ([4]) سهو منه أو سقط من النسخة، فإنه لم يذكر "الحفان" في مادة (حف).
    ([5]) ديوان الأعشى 102 واللسان (حفا).
    ([6]) الذي في المجمل: "ما لم تحتفئوا بها بقلا".
    ([7]) الفحث: القبة ذات الأطباق من الكرش.
    ([8]) البيت لجرير في ديوانه 244 واللسان (حفث، فيش). وسيعيده (فيش).
    ([9]) البيت في المجمل (حفد).
    ([10]) حفر، من باب ضرب، ويقال أيضاً من باب تعب، وهو أردأ اللغتين.
    ([11]) أنشد هذا العجز في المجمل (حفر).
    ([12]) في الأصل: "الشي"، صوابه في المجمل.
    ([13]) التكملة من المجمل.
    ([14]) كذا. ولعل في الكلام نقصاً. وفي المجمل. "لأن بساط بن قيس حفزه بالرمح".
    ([15]) البيت لسوار بن حبان المنقري، كما في اللسان. ويخطئ من ينسبه لجرير.
    ([16]) يقال بوزن صيقل وهزبر.
    ([17]) البيت في المجمل واللسان برواية: "فراحوا إلينا".
    ([18]) يقال بالكسر والفتح والتحريك، وجمعه أحفاش وحفاش.
    ([19]) في الأصل: "وخفوضه". والحفوف: القلة. وفي اللسان: "وإنه لحفض علم" أي قليله رثه، شبه علمه في قلته بالحفض".
    ([20]) لرؤبة في ديوانه 80 واللسان (حفض). وسيأتي في (عرش).
    ([21]) التكملة من المجمل.
    ([22]) البيت من معلقته المشهورة.


    ـ (باب الحاء والقاف وما يثلثهما)
    (حقل) الحاء والقاف واللام أصلٌ واحد، وهو الأرض وما قاربه. فالحَقْل: القَرَاح الطيِّب. ويقال: "لا يُنبت البَقْلةَ إلا الحَقْلة". وحَقِيلٌ: موضع. قال:
    * مِن ذِي الأبارق إذْ رعَيْنَ حَقِيلا([1]) *
    والمُحاقلة التي نُهِي عنها([2]): بيعُ الزّرعِ في سنبُله بحنطةٍ أو شعير.
    ومن الباب قولهم: حَقِل الفرسُ، في قول بعضهم، إذا أصابَه وجَعٌ في بطْنه من أكل التراب. والأصل الأرض.
    ويقال حَوْقَل الشَّيْخ، إذا اعتمد بيديه على خَصره إذا مشى؛ وهي الحوقلة. وكأنَّ ذلك مأخوذٌ من قُربِهِ من الأرض. وأمّا قولهم للقارورة حَوقَلَة، فالأصل الحَوْجَلَة. ولعل الجيم أبدِلت قافا.
    (حقم) الحاء والقاف والميم لا أصلٌ ولا فرع. يقولون: الحَقْم طائر([3]).
    (حقن) الحاء والقاف *والنون أصلٌ واحد، وهو جَمْع الشيء. يقال لكلّ شيءٍ [جُمِعَ([4])] وشُدَّ حقين. ولذلك سُمِّي حابسُ اللبن حاقنا. ويقال اللبن الحَقِين الذي صُبَّ حليبُه على رائِبه. والحواقن: ما سفَل عن البطن. وقال قوم: الحاقنتان ما تحت الترقوَتَين.
    (حقو) الحاء والقاف والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو بعضُ أعضاء البدن. فالحَِقْو الخَصْر ومَشَدّ الإزار. ولذلك سمِّي ما استدقّ من السهم مما يلي الرّيشَ حَقواً. فأمّا الحديث "أن رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطى النساء اللواتي غَسَّلْنَ ابنَتَه حَقْوَةً" فجاء في التفسير أنّه الإزار، وجمعه حِقِيّ، فهذا إنما سمِّي حِقواً لأنه يشدّ به الحَِقْو. وأما الحَقْوة فوجعٌ يصيب الإنسانَ في بطنه؛ يقال منه حُقِيَ الرّجلُ فهو مَحْقوٌّ.
    (حقب) الحاء والقاف والباء أصلٌ واحد، وهو يدلّ على الحبْس. يقال حَقِب العام، إذا احتبس مطرُه. وحَقِب البعيرُ، إذا احتبسَ بولُه.
    ومن الباب الحَقَبُ: حبلٌ يُشَدّ به الرحْلُ إلى بطْن البعير، كي لا يجتذبه التَّصدير. فأمّا الأحقبُ، وهو حِمار الوحش، فاختُلِف في معناه، فقال قوم: سمِّي بذلك لبياض حَِقْويه. وقال آخرون: لدقّة حِقوَيه. والأنثى حَقْباء. فإنْ كان هذا من الباب فلأنه مكانٌ يشد بحِقاب، وهو حبلٌ. ويقال للأنثى حَقباء. قال:
    * كأنّها حَقْباء بلقاءُ الزّلَقْ([5]) *
    ومن الباب الحقيبة، وهي معروفة. ومنه احتقب فلانٌ الإثم، كأنه جمعَه في حقيبةٍ. واحتقَبَه من خَلفه: ارتدفَه. والمُحْقَِب: المُرْدَفِ. فأمّا الزمان فهو حِقْبة والجمع حِقَب. والحُقْبُ ثمانون عاماً، والجمع أحقاب، وذلك لما يجتمع فيه من السّنين والشّهورِ. ويقال إنَّ الحِقابَ جبلٌ. ويقال للقارَةِ الطويلة في السماء حقباء. قال:
    * قد ضَمَّها والبَدَن الحِقابُ([6]) *
    (حقد) الحاء والقاف والدال أصلان: أحدهما الضِّغن، والآخر ألاَّ يُوجد ما يطلب.
    فالأوّل الحِقْد، ويجمع على الأحقاد. والآخَر قولُهم أحقَدَ القومُ، إذ طلبوا الذَّهَبةَ في المعدِن فلم يجدُوها.
    (حقر) الحاء والقاف والراء أصلٌ واحد، استصغارُ الشيء. يقال شيءٌ حقير، أي صغير. وأنا أحتقرهُ: أي أستصغره. فأمّا قولهم لاسم السماء "حاقورة([7])" فما أراه صحيحاً. وإن كان فلعلّه اسم مأخوذٌ كذا من غير اشتقاق.
    (حقط) الحاء والقاف والطاء ليس أصلاً، ولا أحسب الحَيْقُطانَ، وهو ذكر الدُّرَّاج، صحيحاً.
    (حقف) الحاء والقاف والفاء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على مَيَل الشيء وعِوَجه: يقال احقوقَف الشيءُ، إذا مال، فهو مُحْقَوْقِفٌ وحَاقِفٌ. ومن ذلك الحديث: "أنه مرَّ بظبيٍ حاقِفٍ في ظلِّ شجرة" فهو الذي قد انحنى وتثنَّى في نَوْمِه. ولهذا قيل للرَّمل المنحني حِقْف، والجمع أحقاف. قال:
    فلما أجزْنَا ساحةَ الحيِّ وانتحى *** بنا بَطْنُ خبتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ([8]) ويروى: "ذي قِفاف". وقال آخر:
    * سَمَاوةَ الهِلالِ حَتى احقوقَفا([9]) *
    ــــــــــــــــــــ
    ([1]) سبق الكلام على البيت في (برق). وصدره: * وأفضن بعد كظومهن بحرة *
    ([2]) في الأصل: "عن".
    ([3]) في اللسان: "ضرب من الطير يشبه الحمام. وقيل هو الحمام. يمانية".
    ([4]) التكملة من المجمل.
    ([5]) البيت لرؤبة في ديوانه 104 واللسان (حقب، زلق).
    ([6]) من رجز في اللسان (حقب)، وصواب روايته: "وضمها"؛ لأن قبله:
    * قد قلت لما جدت العقاب *
    وجاء إنشاده على الصواب في المجمل.
    ([7]) لم تذكر في اللسان. وفي القاموس أنها السماء الرابعة.
    ([8]) لامرئ القيس، في معلقته.
    ([9]) للعجاج ديوانه 84 والمجمل واللسان (حقف).
    ـ (باب الحاء والكاف وما يثلثهما)
    (حكل) الحاء والكاف واللام أصلٌ صحيح منقاس، وهو الشيءُ لا يُبينُ. يقال إنّ الحُكْل الشيءُ الذي لا نُطْقَ لـه من الحيوان، كالنمل وغيره. قال:
    لو كنتُ قد أوتِيتُ عِلْمَ الحُكْل *** علمَ سليمانٍ كلامَ النّملِ([1]) ويقال في لسانه حُكْلَةٌ، أي عُجمة. ويقال أحْكَلَ عليَّ الأمرُ، إذا امتنَعَ وأشْكَل.
    وممّا شذّ عن الباب قولهم للرجل القصير حَنْكَل([2]).
    (حكم) الحاء والكاف والميم أصلٌ واحد، وهو المنْع. وأوّل ذلك الحُكْم، وهو المَنْع من الظُّلْم. وسمِّيَتْ حَكَمة الدابّة لأنها تمنعُها يقال حَكَمْت الدابةَ وأحْكَمتها. ويقال: حكَمت السَّفيهَ وأحكمتُه، إذا أخذتَ على يديه. قال جرير:
    *أبَنِي حَنيفة أحْكِمُوا سُفهاءَكم *** إنّي أخاف عليكم أن أغْضَبَا([3]) والحِكمة هذا قياسُها، لأنها تمنع من الجهل. وتقول: حكَّمت فلاناً تحكيماً منعتُه عمّا يريد. وحُكِّم فلانٌ في كذا، إذا جُعل أمرُه إليه. والمحكَّم: المجرِّب المنسوب إلى الحكمة. قال طرفة:
    ليت المحكَّمَ والموعوظَ صَوْتَكُما *** تحتَ التُّرَاب إذا ما الباطلُ انكشَفَا([4]) أراد بالمحكَّم الشيخَ المنسوبَ إلى الحكمة. وفي الحديث: "إنّ الجنة للمحكَّمين"([5]) وهم قومٌ حُكِّمُوا مخيَّرين بين القَتل والثّبات على الإسلام وبين الكفر، فاختارُوا الثّباتَ على الإسلام مع القتل، فسُمُّوا المحكمين.
    (حكي) الحاء والكاف وما بعدها معتلٌّ أصلٌ واحد، وفيه جنس من المهموز يقاربُ معنى المعتلّ والمهموز منه، هو إحكام الشيء بعَقْدٍ أو تقرير.
    يقال حَكَيْتُ الشيءَ أحْكيه، وذلك أن تفعلَ مثلَ فعل الأوّل. يقال في المهموز: أحْكَأْت العُقدة، إذا أحكمتَها. ويقال: أحكأتُ ظَهْرِي بإزاري، إذا شددتَه. قال عديّ:
    أجْلَ أنّ الله قد فضّلكم *** فوق مَن أحكأ صُلْباً بإزارِ([6]) وقال آخر:
    وأحْكَأَ في كَفَّيَّ حَبْلي بِحبْلِهِ *** وأَحْكَأَ في نعلي لرجلٍ قِبَالَها([7]) (حكر) الحاء والكاف والراء أصلٌ واحد، وهو الحَبْس. والحُكْرة: حَبْسُ الطعام مَنتظراً لغَلائه، وهو الحُكْر، وأصله في كلام العرب الحَكَر، وهو الماء المجتمع، كأنّه احْتُكِر لقلَّته.
    (حكد) الحاء والكاف والدال حرفٌ من باب الإبدال. يقال للمَحْتِد المَحْكِد. وقد فسِّر في بابه.
    ــــــــــــــــ
    ([1]) لرؤبة في ديوانه 128. ونسب في اللسان (حكل) للعجاج. وانظر الحيوان (4: 8).
    ([2]) في اللسان والمجمل:" الحوكل"، وهما صحيحان.
    ([3]) لجرير في ديوانه 50 واللسان (حكم).
    ([4]) ليس البيت في ديوان طرفة، وهو في المجمل واللسان (حكم). وذكروا أن المحكم؛ بكسر الكاف الذي حكم الحوادث وجربها، وبفتحها الذي حكمته وجربته: والمعنى واحد. وصوتكما، نصب لأنه أراد عاذلي كفا صوتكما.
    ([5]) ويروى أيضاً بكسر الكاف، أي الذين أنصفوا من أنفسهم.
    ([6]) يصف جارية، كما في اللسان (1: 51/2: 18/5: 74-75/ 13: 12/ 18: 208). وانظر أمالي ثعلب 240.
    ([7]) عجزه في المجمل.
    رد مع اقتباس  
     

  6. #6  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الحاء واللام وما يثلثهما)
    (حلم) الحاء واللام والميم، أصولٌ ثلاثة: الأول ترك العَجَلة، والثاني تثقُّب الشيء، والثالث رُؤية الشيء في المنام. وهي متباينةٌ جدَّاً، تدلُّ على أنَّ بعضَ اللغةِ ليس قياساً، وإن كان أكثرُه منقاساً.
    فالأوّل: الحِلْم خلافُ الطَّيش. يقال حَلُمْتُ عنه أحلُم، فأنا حليمٌ.
    والأصل الثاني: قولهم حَلِمَ الأَديمُ إذا تثَقَّبَ وفسَدَ؛ وذلك أنْ يقع فيه دوابُّ تفسدُه. قال:
    فإنَّكَ والكتابَ إلى عَلِيّ *** كدابِغَةٍ وقد حَلِمَ الأديمُ([1]) والثالث قد حَلَمَ في نومه حُلْماً وحُلُماً. والحَلَم: صغار القِرْدَان. والحَلَمَةُ: دويْبَّة.
    والمحمول على هذا حَلَمَتا الثَّدْي. فأما قولهم تحلم إذا سَمِن، فإنّما هو امتلأ، كأنَّه قرادٌ ممتلئ. قال:
    * إلى سَنَةٍ قِرْدَانُها لم تَحَلَّمِ([2]) *
    ويقال بعيرٌ حليم، أي سمين. قال:
    * من النَّيِّ في أصلابِ كلِّ حليمِ([3]) *
    والحالُوم: شيء شبيه بالأَقِط. وما أُراه عربياً صحيحاً.
    (حلن) الحاء واللام والنون إن جعلتَ النُّون زائدة فقد ذكرناه فيما مضى، وإن جعلت النونَ أصلية فهو فُعَّال، وهو الْجَدْي([4])، وليست الكلمة أصلاً يُقاس. وقد مضى في بابه.
    (حلو) الحاء واللام وما بعدها معتلٌّ، ثلاثة أصول: فالأوّل طِيب الشيء في مَيْل من النّفس إليه، والثاني تحسين الشيء، والثالث-وهو مهموز- تَنْحِيَة الشيء.
    فالأوّل الحُلْو، وهو خلاف المرّ. يقال استحليت الشيءَ، وقد حلا في فمي يحلو، والحَلْوَاء الذي يؤكل يمدّ ويقصر. ويقال حَلِيَ بعيني يَحْلَى. وتحالت المرأة إذا أظهرت حلاوةً، كما يقال تباكى وتعالى، وهو إبداؤه للشَّيء لا يخفَى مثلُه. قال أبو ذؤيب:
    فشأنَكَها إنِّي أمينٌ وإنَّني *** إذا ما تَحَالَى مِثْلُها لا أَطُورُها([5]) ومن الباب حَلَوْتُ الرجلَ حُلْوَاناً، إذا أعطيتَه ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حُلوان الكاهن، وما يُجعل له على كِهانته. قال أوس:
    كَأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ يومَ مدحتُه *** صَفَا صخْرةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلالُها([6]) والحُلوان أيضاً *أن يأخذ الرجلُ من مَهر ابنتِه لنفْسه. وذلك عارٌ عند العرب. قالت امرأةٌ تمدح زوجها:
    * لا يأخذُ الحُلوانَ من بناتِيا([7]) *
    والأصل الثاني: الحُلِيّ حُلِيُّ المرأة، وهو جمع حَلْيٍ، كما يقال ثَدْيٌ وَثُدِيٌّ، وظَبْيٌ وظُبِيٌّ. وحلَّيت المرأة. وهذه حِلية الشيءِ أي صفتُه. ويقال حِلْية السيف، ولا يقال حُلِيّ السيف.
    والأصل الثالث: وهو تنحية الشيء، يقال حَلأّتُ الإبل عن الماء؛ إذا طردتَها عنه. قال:
    * مُحَلأٍ عَنْ سَبيل الماءِ مَطرودِ([8]) *
    ويقال لما قُشِر عن الجلد الحُلاءة مثل فُعالة؛ يقال منه حَلأتُ الأديم قشرتُه. والحَلُوء على فَعول: أن تَحُكّ حجراً [على حجرٍ([9])] يَكتحِل بحُكاكتهما الأرْمد([10]). ويقال منه أحلأْت الرّجُل. ويقال حلأت الأرض، إذا ضربتَها.
    ومما شذ عن الباب حَلأَه مائةَ دِرهم، إذ نَقَده إيّاها؛ وحلأَه مائةَ سَوط.
    (حلب) الحاء واللام والباء أصلٌ واحد، وهو استمداد الشيء.
    يقال الحلَب حَلَب الشَّاءِ وهو اسمٌ ومصدر، والمِحْلب: الإناء يُحْلَب فيه. والإحلابة: أن تحلُب لأهلك وأنت في المرعى، تبعثُ به إليهم. تقول أَحلبهُم إحْلاباً. وناقة حَلوبٌ: ذات لبن؛ فإذا جعلتَ ذلك اسماً قلت هذه الحلوبةُ لفلان. وناقةٌ حَلْبَانة مثل الحَلوب. ويقال أحلبْتُك: أعنتك على حَلب الناقة. وأحلب الرجلُ، إذا نُتِجَت إبلُه إناثاً، وأَجْلَبَ إذا نُتجت ذُكوراً؛ لأنها تُجْلَب أولادُها فتباع.
    ومن الباب وهو محمولٌ عليه المُحْلِب، وهو الناصر. قال:
    أشارَ بِهمْ لمعَ الأصمِّ فأقبلوا *** عرانين لا يأتيه للنصر مُحْلِبُ([11]) وذلك أنْ يجيئَك ناصراً من غير قومك؛ وهو من الباب لأنِّي قد ذكرت أنه من الإمداد والاستمداد.
    والحَلْبة: خيلٌ تجمع للسِّباق من كل أوب، كما يقال للقوم إذا جاؤوا من كل أوب للنُّصرة: قد أَحْلَبُوا.
    (حلت) الحاء واللام والتاء ليس عندي بأصلٍ صحيح. وقد جاءت فيه كليمات؛ فالحلتيت صمغ. يقال حَلَتَ دَيْنَه: قضاه؛ وحَلتَ فلاناً، إذا أعطاه، وحَلَتَ الصوفَ: مَرَقَهُ.
    (حلج) الحاء واللام والجيم ليس عندي أصلاً. يقال حَلَجَ القطنَ. وحَلَجَ الخبزةَ: دَوَّرَها. وحَلَجَ القوم يَحْلجون ليلتهم، إذا سارُوها. وكلُّ هذا مما يُنظر فيه.
    (حلز) الحاء واللام والزاء أصلٌ صحيح. يقال للرَّجُل القصير حِلِّزٌ، ويقال هو السيئ الخُلُق. ويقال الحَلْز؛ القَشْر؛ حلزت الأديمَ قشرتهُ. قال ابن الأعرابيّ: ومنه الحارث بن حِلِّزة.
    (حلس) الحاء واللام والسين أصلٌ واحد، وهو الشيء يلزمُ الشيءَ. فالحِلْس حِلْس البعير، وهو ما يكون تحت البِرْذَعة. أحْلَسْتُ فلاناً يَميناً، وذلك إذا أمررتَها عليه؛ ويقال بل ألزمتُه إيّاها. واستَحْلَسَ النَّبت إذا غَطَّى الأرض، وذلك أن يكون لها كالحِلْس. وقد فسّرناه. وبنُو فلانٍ أحلاسُ الخيل، وهم الذين يَقْتنونها ويلزَمون ظهورَها. ولذلك يقول الناس: لَسْتَ مِنْ أحلاسها. قال عبد الله بن مسلم([12]): أصله من الحِلس. قال: والحلْس أيضاً: بساطٌ يبسط في البيت. ويقولون: كن حِلْسَ بيتك، أي الزمْه لُزوم البساط. والحَلس: الرجل الشجاع [والحريص([13])]، وذلك أنّه من رغابته يلزم ما يؤكل.
    (حلط) الحاء واللام والطاء أصلٌ واحد: وهو الاجتهاد في الشيء بحلفٍ أو ضجَر([14]). ويقال أحلط، إذا اجتَهد وحَلَف. قال ابنُ أحمر:
    فكُنَّا وهم كابنَيْ سُباتٍ تفرَّقا *** سِوىً ثم كانا مُنْجِداً وتَهامِيَا فألقى التِّهامِي منهما بلَطَاتِهِ *** وأحلَطَ هذا لا أَريمُ مَكانيا و"لا أعود ورائيا([15])".
    ومن الباب قولهم: "أوّل العِيّ الاختلاط، وأسوأ القول الإفراط([16])". فالاختلاط: *الغضَب.

    (حلف) الحاء واللام والفاء أصلٌ واحد، وهو الملازمة. يقال حالف فلانٌ فلانا، إذا لازَمَه. ومن الباب الحَلِفُ؛ يقال حَلَف يحلِفُ حَلِفاً؛ وذلك أنّ الإنسان يلزمه الثّبات عليها. ومصدره الحَلِف والمحلُوف أيضاً. ويقال هذا شيء مُحْلِفٌ إذا كان يُشَكُّ فيه فيُتَحالف عليه. قال:
    كميتٌ غير مُحْلِفةٍ ولكن *** كلون الصِّرف عُلَّ به الأديمُ([17]) ومما شذّ عن الباب قولهم: هو حليف اللِّسان، إذا كانَ حَديدَهُ. ومن الشاذّ الحلفاء، نبت، الواحدة حَلفْاءَة.
    (حلق) الحاء واللام والقاف أصول ثلاثة: فالأوّل تنحية الشعَْر عن الرأس، ثم يحمل عليه غيره. والثاني يدلُّ على شيءٍ من الآلات مستديرة. والثالث يدلُّ على العلوّ.
    فالأوّل حَلقْتُ رأسِي أحلِقُه حَلْقا. ويقال للأكسية الخَشِنَة التي تحلِق الشّعر من خُشونتها مَحَالق. قال:
    * نَفْصَكَ بالمَحَاشِئِِ المَحَالِقِ([18]) *
    ويقولون: احتلقَت السنةُ المال، إذا ذهبَتْ به.
    ومن المحمول عليه حَلِق قضيبُ الحمار، إذا احمرّ وتقشّر. و[قيل] إنما قيل حَلِق لتقشُّره لا لاحمراره.
    والأصل الثاني الحَلْقة حلْقة الحديد. فأمّا السِّلاحُ كلُّه فإنّما يسمى الحَلَقة([19]).
    والحِلْق([20]): خاتَم المُلْك، وهو لأنّه مستدير. وإبلٌ مُحَلَّقَة: وسْمُها([21]) الحَلَقُ. قال:
    * وذو حَلَقٍ تَقْضِي العواذيرُ بينَهُ([22]) *
    العواذير: السِّمات.
    والأصل الثالث حالِقٌ: مكانٌ مُشْرِف. يقال حَلَّق، إذا صار في حالق. قال الهذلي:
    فلو أنّ أمِّي لم تلدْني لحلّقتْ *** بِيَ المُغْرِبُ العنقاءُ عند أخِي كلْبِ كانت أمّه كلبيّة، وأسَرَه رجلٌ من كلب وأراد قتلَه، فلما انتسب له حيّ سبيلَه. يقول: لولا أنّ أمي كانت كلبيةً لهلكْتُ. يقال حلّقَت به المُغْرب([23])، كما يقال شالَت نعامتُه. وقال النابغة:
    إذا ما غزَا بالجَيْش حَلّق فوقَه *** عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ([24]) وذلك أنّ النُّسور والعِقبانَ والرّخَم تتْبع العساكر تنتظر القتلى لتقع عليهم. ثم قال:
    جوانحُ قد أيقنَّ أنّ قبيلَه *** إذا ما التقى الجمعانِ أوّلُ غالِبِ (حلك) الحاء واللام والكاف حرفٌ يدلّ على السّواد. يقال "هو أشدُّ سواداً من حَلَك الغراب" يقال: هو سواده ويقال هو أسودُ حُلْكُوك.
    ـــــــــــــــــــ
    ([1]) للوليد بن عقبة، يحض معاوية على قتال علي. اللسان (حلم).
    ([2]) صدره كما في ديوان أوس بن حجر 28 واللسان (حلم):
    * لحينهم لحيَ العصا فطردنهم *
    ([3]) النَّي، بالفتح: الشحم، أراد به شحم العظام ونقيها. وكذا ورد في المجمل. وفي اللسان:
    فإن قضاء المحل أهون ضيعة *** من المخ في أنقاء كل حليم ([4]) في الأصل: "الجري"، تحريف.
    ([5]) البيت من قصيدة في ديوان أبي ذؤيب 154. وأنشده في اللسان (حلا) بلفظ "فشأنكما" تحريف، صوابه هنا وفي الديوان. وفي الأصل: "إني لعين"، صوابه من اللسان والديوان. وقبل البيت: خَليلي الذي دلى لغيّ خليلتي *** فكلا أراه قد أصاب عرورها ([6]) في الأصل: "يبسا بلالها"، صوابه من ديوان أوس 24 واللسان.
    ([7]) في اللسان: "من بناتنا".
    ([8]) لإسحاق بن إبراهيم الموصلي. وصدره كما في اللسان (حلأ):
    * لحائم حام حتى لا حوام به *
    ([9]) التكملة من المجمل.
    ([10]) في الأصل: "يتحكك بحكاكتها الأرمد"، تحريف.
    ([11]) لبشر بن أبي خازم في اللسان (حلب).
    ([12]) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة. وكثيراً ما يذكره باسم "القتبي".
    ([13]) التكملة من القاموس، وهو ما يقتضيه التعليل التالي.
    ([14]) في الأصل: "بعلق أو صخر".
    ([15]) وبهذه الرواية ورد في المجمل واللسان (حلط).
    ([16]) هذا من كلام علقمة بن علاثة، كما في اللسان.
    ([17]) للكحلبة اليربوعي، من أبيات في المفضليات (1: 31).
    ([18]) لعمارة بن طارق يصف إبلاً، كما في اللسان. وقبله: * ينفضن بالمشافر الهدالق *
    ([19]) في المجمل: "والسلاح كله يسمى الحلقة بفتح اللام".
    ([20]) هذا بكسر الحاء. وأنشد في المجمل واللسان:
    وأعطى منا الحلق أبيض ماجد *** رديف ملوك ما تغب نوافله ([21]) في الأصل: "واسمها"، تحريف.
    ([22]) صدر بيت لأبي وجزة السعدي في اللسان (عذر، حلق). وهذه الرواية تطابق رواية اللسان (عذر). وفي المجمل واللسان (حلق): "تقضي العواذير بينها". فالتذكير على ظاهر اللفظ. والتأنيث على تأويل ذي الحلق بالإبل. وعجز البيت: * يلوح بأخطار عظام اللقائح *
    ([23]) في الأصل: "بي المغرب".
    ([24]) في ديوان النابغة 4: * إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم *
    ـ (باب الحاء والميم وما يثلثهما)
    (حمد) الحاء والميم والدال كلمةٌ واحدة وأصلٌ واحد يدلّ على خلاف الذمّ. يقال حَمِدْتُ فلاناً أحْمَدُه. ورجل محمود ومحمّد، إذا كثُرت خصاله المحمودة غيرُ المذمومة. قال الأعشى يمدح النعمان بن المنذر، ويقال إنه فضّله بكلمته هذه على سائر مَن مدحه يومئذ:
    إليك أبيتَ اللّعنَ كانَ كَلاَلُها *** إلى الماجد الفَرْعِ الجَوادِ المُحَمَّدِ([1]) ولهذا [الذي] ذكرناه سمِّي نبينا مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم. ويقول العرب: حُمَاداك أن تفعلَ كذا، أي غايتُك وفعلُك المحمودُ منك غيرُ المذموم. ويقال أحمَدْتُ فلاناً، إذا وجدتَه محموداً، كما يقال أبخلْتُه إذا وجدتَه بخيلا، وأعجزته [إذا وجدتَه] عاجزاً. وهذا قياسٌ مطّردٌ في سائر الصفات. وأهْيَجْت المكانَ، إذا وجدتَه هائجاً قد يبِس نباتُه. قال:
    * وأهْيَج الخَلْصاءَ من ذات البُرَقْ([2]) *
    فإنْ سأل سائلٌ عن قولهم في صوت التهاب النار الحَمدَة؛ قيل له: هذا ليس من الباب؛ لأنه من المقلوب وأصله حَدَمة. وقد ذكرت في موضعها.
    (حمر) الحاء والميم والراء أصلٌ واحدٌ عندي، وهو من الذي يعرف بالحُمْرة. وقد يجوز أن يُجعَل أصلين: أحدهما هذا، والآخر جنسٌ من الدوابّ.
    فالأوّل الحُمْرة في الألوان، وهي معروفة. والعرب *تقول: "الحسن أحمر" يقال ذلك لأنّ النفوسَ كلَّها لا تكاد تكره الحمرة. وتقول رجل أحمر، وأحامر([3]) فإن أردت اللونَ قلت حُمر. وحجّة الأحامرة قول الأعشى:
    إنّ الأحامرةَ الثلاثة أهلكَتْ *** مالي وكنت بهنّ قِدْما مُولَعا([4]) ذهب بالأحامرة مذهب الأسماء، ولم يَذهب بها مذهبَ الصفات. ولو ذهب بها مذهب الصفات لقال حُمْرٌ. والحمراء: العَجَم، سُمُّوا بذلك لأنّ الشّقْرة أغلبُ الألوان عليهم. ومن ذلك قولهم لعليّ رضي الله عنه: "غلبَتْنا عليك هذه الحمراء". ويقال موتٌ أحمرُ، وذلك إذا وُصِف بالشدّة. وقال عليّ: "كُنّا إذا احمرّ البأسُ اتقّينا بِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن أَحَدٌ منا أقربَ إلى العَدُوّ منه".
    ومن الباب قولهم: وَطْأةٌ حمراء؛ وذلك إذا كانتْ جديدة؛ ووَطْأة دهماء، إذا كانت قديمةً دارسة. ويقال سنةٌ حمراء شديدة، ولذلك يقال لشدة القيْظ حَمَارَّة. وإنَّما قيل هذا لأنّ أعجبَ الألوان إليهم الحمرة. إذا كان كذا وبالغُوا([5]) في وصفِ شيءٍ ذكروه بالحُمْرة، أو بلفظةٍ تشبه الحمرة.
    فأمّا قولُهم للذي لا سلاحَ معه أحمر، فممكن [أن يكون] ذلك تشبيهاً لـه بالعجم، وليست فيهم شجاعة مذكورة كشجاعة العرب. وقال:
    * وتَشْقَى الرّماحُ بالضَّياطرةِ الحُمْرِ([6]) *
    الضياطرة: جمع ضَيْطار، وهو الجبان العظيم الخَلْق الذي لا يُحسن حملَ السِّلاح. قال:
    تعرَّضَ ضَيطارُو فُعالةَ دونَنا *** وما خَيْرُ ضَيطارٍ يقلِّب مِسطَحا([7]) وقولهم غيث حِمِرٌّ، إذا كان شديداً يقشِر الأرض. وهو من هذا الذي ذكرناه من باب المبالغة.
    وأمّا الأصل الثاني فالحِمار معروف، يقال حمار وحَمير وحُمُر وحُمُرات، كما يقال صعيد وصُعُد وصُعُدات. قال:
    إذا غَرّد المُكَّاء في غير روضةٍ *** فويلٌ لأهل الشَّاء والحُمُراتِ([8]) يقول: إذا أجدبَ الزّمانُ ولم تكن روضة فغرَّد([9]) في غير روضةٍ، فويلٌ لأهل الشاء والحمرات.
    وممّا يحمل على هذا الباب قولُهم لدويْبّة: حِمارُ قَبَّانٍَ. قال:
    يا عجبَا لقد رأيتُ عجَبَا *** حمارَ قَبَّانٍَ يسوقُ أرنبا([10]) ومنه الحِمار، وهو شيءٌ يُجعَل حول الحوض لئلا يسيل ماؤُه، والجمع حمائر. قال الشاعر:
    ومُبْلِد بين مَوْمَاةٍ بمَهْلُِكَةٍ *** جاوزتُه بِعَلاةِ الخَلْق عِلْيَانِ([11]) كأنَّما الشَّحْطُ في أعلى حمائرِه *** سَبائبُ الرَّيْط مِن قزٍّ وكَتَّانِ([12]) وأما قولهم للفرَس الهجينِ مِحْمَرٌ فهو من الباب. [ومن الباب] الحِماران، وهما حجَران يجفَّف عليهما الأقِط، يسمَّيان مع الذي فوقهما العلاة([13]). قال:
    لا تنفع الشاوِيّ فيهما شاتُه *** ولا حِمارَاه ولا عَلاَتُه([14]) والحمارة: حجارة تنصب حولَ البيت، والجمع حمائِر. قال:
    * بَيْتَ حُتوفٍ أُرْدِحَتْ حمائرُه([15]) *
    وأما قولهم: "أخلَى من حوفِ حمارٍ" فقد ذُكر حديثه في كتاب حرف العين.
    (حمز) الحاء والميم والزاء أصلٌ واحد، وهو حدَّة في الشيء كالحَرافة وما أشبهها. فالحَمْزَة حَرافَة في الشيء. يقال شرابٌ يحمِزُ اللسانَ. ومنه الحَمْزة، وهي بقلةٌ تَحْمِز اللسان، وقال أنس بن مالك: "كنّاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببقلةٍ كنت اجتنيتُها"؛ وكان يكنّى با حمزة. وقال الشماخ يصف رجلاً باع [قوساً] وأسِفَ عليها:
    فلما شَرَاها فاضَتِ العَين عَبْرَةً *** وفي القلب حَُزَّازٌ من اللّوم حامِزُ([16]) فأما قولهم للذكّي القلبِ اللوذعيِّ حَمِيز، وهو حَميز الفؤاد، فهو من الباب؛ لأن ذلك من الذكاء والحدّة، والقياس فيه واحد.
    (حمس) الحاء والميم والسين أصلٌ واحد يدلُّ على الشدَّة. فالأحمس: الشّجاع. والحَمَس والحماسة: الشجاعة والشِّدَّة. ورجلٌ حَمِسٌ. قال:
    * ومِثْلي لُزَّ بالحَمِسِ الرَّئيسِ([17]) *
    ويقال: "بالحَمِس البئيس". ويقال تحمَّس الرجُل: تعاصَى. والحُمْس قريش؛ لأنهم كانوا يتحمَّسون في دينهم، أي يتشدَّدون. وقال بعضهم: الحُمْسة الحُرْمة، وإنما سُموا حُمْساً لنزولهم بالحرَم. ويقال عام أحْمَسُ، إذا كان شديداً. وأَرَضُونَ أحامسُ: شديدةٌ. وزعم ناسٌ أنّ الحَميس التَّنُّور. وقال آخرون: هو بالشين معجمة. وأيَّ ذلك كانَ فهو صحيحٌ؛ لأنه إن كان من السين فهو من الذي ذكرناه ويكون من شدة التهاب نارِه؛ وإن كان بالشين فهو من أحمشتُ النارَ والحربَ.
    (حمش) الحاء والميم والشين أصلان: أحدهما التهاب الشيء وهَيْجه، والثاني الدِّقّة.
    فالأول قولهم: أحمشتُ الرَّجُل: أغضبتُه. واستحمش الرجلُ، إذا اتّقَدَ غضباً([18]). قال:
    * إني إذا حَمَّشَني تحميشي([19]) *
    ومن الباب حَمَشْت الشيء: جمعتُه.
    والأصل الثاني قولهم للدقيق القوائم حَمْش، وقد حَمَُشَتْ قوائمُه. ومن الباب قولهم: لِثَةٌ حَمْشةٌ: قليلة اللّحم.
    (حمص) الحاء والميم والصاد ليس أصلاً يقاس عليه، وما فيه قياسٌ ويجوز أن يكون مِن جفافٍ في الشيء. ويقولون: انْحَمَصَ الوَرَم، إذا سَكَنَ. هذا أصحَّ ما فيه. والحَمَصِيصُ: بقلةٌ.
    (حمض) الحاء والميم والضاد أصل واحدٌ صحيح، وهو شيءٌ من الطعوم. يقال شيءٌ حامض وفيه حُموضة. والحَمْض من النَّبْت ما كانت فيه ملوحة. والْخُلّة ما سوى ذلك. والعرب تقول: الْخُلّة خبز الإبل والحَمْض فاكهتُها. وإنما تَحَوَّلُ إلى الحَمْض إذا مَلّت الخُلّة. وكلُّ هذا من النّبت. وليس شيءٌ من الشجر العظام بحَمْضٍ ولا خُلّة.
    (حمط) الحاء والميم والطاء ليس أصلاً ولا فرعاً، ولا فيه لغةً صحيحة، إلا شيءٌ من النبت أو الشجر. يقال لجنسٍ من الحيَّات شيطان الحَمَاطِ. من المحمول عليه قولُهم: أصبْتُ حَماطةَ قلبِه، أي سواد قلبه، كما يقولون حبَّة قلبه، والحماطة، فيما يقال: وجَعٌ في الحلْق. وليس بذلك الصحيح. فإنْ صحَّ فهو محمولٌ على نبتٍ لعلَّ له طعماً حامزاً.
    فأما قولهم الحَمَطيط والحِمْطاط، فالأوَّل نبت، والثاني دودٌ يكون في العُشب منقوشٌ بألوان، فمما لا معنى لذكرِه.
    (حمق) الحاء والميم والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على كَساد الشيء. والضّعفِ والنُّقصان. فالحُمْق: نقصان العقل. والعرب تقول: انحمق الثوبُ. إذا بَلِي. وانحمقت السُّوق: كسدت.
    (حمل) الحاء والميم واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إقلال الشيء. يقال حَملْتُ الشيء أحمِلُه حَمْلاً. والحَمْل: ما كان في بطنٍ أو على رأس شجرٍ. يقال امرأةٌ حامل وحاملة. فمن قال حامل قال هذا نعت لا يكون إلا للإناث. ومن قال حاملة بناه على حَمَلَتْ فهي حاملة. قال:
    تَمَخَّضَتِ المَنونُ لـه بيومٍ *** أنَى ولكلِّ حامِلةٍ تِمامُ([20]) والحِمْل: ما كان على ظهرٍ أو رأسٍ. والحَمَالة: أن يحمل الرجلُ ديةً ثم يسعى عليها، والضَّمانُ حَمَالة، والمعنى واحد، وهو قياسُ الباب.
    ومما هو مضافٌ إلى هذا المعنى المرأة المُحْمِل، وهي التي تنزِل لبنَها من غير حَبَل. يقال أحْمَلَت تُحْمِل إحْمالا. ويقال ذلك للناقة أيضاً. والحُمُول: الهوادج، كان فيها نساءٌ أو لم يكن. وتحامَلْتُ، إذا تكلَّفْتَ الشيءَ على مشقّةٍ. وقال ابن السكيت في قول الأعشى:
    لا أعرفنّك إنْ جدَّت عداوتُنا *** والتُمِس النصرُ منكم عِوض تُحتَمَلُ([21]) إنَّ الاحتمال الغضب. قال: ويقال احْتُمِل، إذا غَضِب. وهذا قياسٌ صحيح، لأنهم يقولون: احتملَه الغضب، وأقلّه الغضب، وذلك* إذا أزعجه. والحِمالة والمِحْمل عِلاقة السَّيف. ومنه قول امرئ القيس:
    * حتى بلّ دمعِيَ مِحْملي([22]) *
    والحَمُولة: الإبل تُحمَل عليها الأثقال، كان عليها ثِقْل أو لم يكن. والحَمولة: الإبل بأثقالها، والأثقالُ أنفُسها حَمُولة. ويقال أحمَلْتُ فلاناً، إذا أعنْتَه على الحمل. وحَمِيل السَّيل: ما يَحمله من غُثائه. وفي الحديث: "يخرج من النار قومٌ فيَنْبتون كما تنبت الحِبَّة في حميل السّيل([23])". فالحَميل: ما حمله السّيلُ من غُثاء. ولذلك يقال للدّعِيّ حَميل. قال الكميت يعاتب قُضاعة في تحوُّلهم إلى اليمين:
    عَلامَ نَزلتمُ من غير فَقرٍ *** ولا ضَرَّاءَ منزلة الحَميلِ([24]) فأمّا قولهم الأحمال- وهم من بني يَربوع، وهم ثعلبة وعمرو والحارث أبو سَلِيط وصُبَيْر- فيقال إنّ أمَّهم حملتهم على ظهرٍ في بعض أيّام الفَزَع، فسُمُّوا الأحمال. وإيّاهم أرادَ جريرٌ بقوله:
    أبَنِي قُفَيرةَ مَن يُوَرِّع وِرْدَنا *** أم مَن يقومُ لِشدّةِ الأحمالِ([25]) ويقال أدَلّ عليَّ فحمَلتُ إدلاله واحتَملتُ إدلالَه، بمعنىً. وقال:
    أدلّتْ فلم أحمِلْ وقالت فلم أُجِبْ *** لعَمْرُ أبيها إنّني لظَلُومُ([26]) والقياس مطّردٌ في جميع ما ذكرناه. فأمّا البَرَقُ فيقال له حَمَلٌ، وهو مشتقٌّ من الحَمْل، كأنّه يقال حَمَلَتِ الشاةُ حَمْلاً، والمحمول حَمْل وحَمَلٌ كما يقال نفَضتُ الشيء نَفْضاً والمنفوض نَفَض، وحسَبت الشيء حَسْباً. والمحسُوبُ حَسَبٌ، وهو باب مستقيم. ثم يشبه بهذا فيقال لبُرج من بروج السماء حَمَل. قال الهذليّ([27]):
    كالسُّحُل البِيض جلا لونَها *** سَحُّ نِجاءِ الحَمَلَ الأَسْوَل ــــــــــــــــــ
    ([1]) ديوان الأعشى 132 واللسان (حمد).
    ([2]) البيت لرؤبة في ديوانه 105.
    ([3]) أي في جمع أحمر بهذا المعنى.
    ([4]) ملحقات ديوان الأعشى 247، واللسان (حمر).
    ([5]) كذا. ولعل وجه الكلام: "وكان العرب إذا بالغوا". وفي اللسان: "والعرب إذا ذكرت شيئاً بالمشقة والشدة. وصفته بالحمرة".
    ([6]) لخداش بن زهير، كما في اللسان (ضطر). وصدره: * وتركب خيلاً لا هوادة بينها *
    ([7]) البيت لمالك بن عوف النصري، كما في اللسان (ضطر). وفعالة: كناية عن خزاعة.
    ([8]) البيت في اللسان (مكا) وأمالي القالي (2: 32)، وسيعيده في (مكو).
    ([9]) في الأصل: "يغرد فعرد".
    ([10]) الرجز في اللسان (حمر، قبب، قبن).
    ([11]) سبق إنشاد البيت والكلام عليه في (بلد).
    ([12]) في اللسان (حمر): * سبائب القز من ريط وكتان *
    ([13]) في المجمل: "والعلاة فوقهما"، وفي اللسان: "حجران ينصبان يطرح عليهما حجر رقيق يسمى العلاوة".
    ([14]) الرجز لمبشر بن هذيل بن فزارة الشمخي، كما في اللسان.
    ([15]) من رجز لحميد الأرقط، كما في اللسان (حمر). وأنشد هذا البيت أيضاً في اللسان (ردح).وقبله: * أعد للبيت الذي يسامره *
    ([16]) سبق البيت والكلام عليه في (حزز).
    ([17]) في اللسان (ربس، وقي): "الربيس" بالياء. صدره: * ولا أتقي الغيور إذا رآني *
    ([18]) في الأصل: "إذا اتقدوا واتقد".
    ([19]) لرؤبة في ديوانه 77. وأنشده في اللسان (حمش) بدون نسبة.
    ([20]) البيت لعمرو بن حسان، كما في اللسان (منن، حمل).
    ([21]) ديوان الأعشى 46 ومعلقات التبريزي 285.
    ([22]) جزء من بيت لامرئ القيس في معلقته. وهو بتمامه:
    ففاضت دموع العين مني صبابة *** على النحر حتى بل دمعي محملي ([23]) سبق الحديث والكلام عليه في (حب).
    ([24]) البيت في اللسان (حمل).
    ([25]) ديوان جرير 468 واللسان والمجمل (حمل).
    ([26]) كلمة "إنني" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان.
    ([27]) هو المتنخل الهذلي، كما في ديوان الهذليين ص45 من مخطوطة الشنقيطي واللسان (حمل).

    ـ (باب الحاء والنون وما يثلثهما)
    (حنو) الحاء والنون والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلّ على تعطّف وتعوُّج. يقال حنَوْتُ الشيءَ حَنْواً وحَنَيْتُه، إذا عطفتَه حَنْياً. وحِنْوُ السرج سمِّي بذلك أيضاً، وجمعه أحناء. ومنه حنَتِ المرأة على ولدها تحنُو، وذلك إذا لم تتزوَّجْ مِن بعد أبيهم، وهو من تعطُّفها عليهم. وناقةٌ حنْواء: في ظهرها احديدابٌ. وانحنَى الشيءُ ينحني انحناءً. والمَحْنِية: منعرَج الوادي. وأمّا الْحَنوَة والحِنّاء(1) فَنْبتَان معروفان، ويجوز أن يكون ذلك شاذّاً عن الأصل.‏
    (حنب) الحاء والنون والباء أصلٌ واحدٌ يدلّ على الذي دلّ عليه ما قبله، وهو الاعوجاج في الشيء. فالمُحَنَّبُ: الفرسُ البعيدُ ما بين الرّجلين من غير فَحَجٍ؛ وذلك مدحٌ. ويقال إنّ الحنَب اعوجاجٌ في السّاقين. قال الخليل في تحنيب الخيل إنه إنما يوصف بالشدّة، وليس في ذلك اعوجاجٌ. وهذا خلافُ ما قاله أهلُ اللغة.‏
    (حنث) الحاءُ والنون والثاء أصلٌ واحد، وهو الإثْم والحَرَج. يقال حَنِثَ فلانٌ في كذا، أي أثِمَ. ومن ذلك قولهم: بلغ الغلام الحِنْثَ، أي بلغ مبلغاً جَرى عليه القلمُ بالطّاعة والمعصية، وأُثبتت عليه ذنوبُه. ومن ذلك الحِنْث في اليمين، وهو الخُلْف فيه. فهذا وجه الإثم. وأمّا قولهم فلان يتحنّث من كذا، فمعناه يتأثّم. والفرق بين أَثِمَ وتَأَثّم، أن التأثُّم التنحِّي عن الإثم، كما يقال حَرج وتحرّج؛ فحَرِجَ وقع في الحَرَج، وتَحَرَّج تنحّى عن الحَرج. وهذا في كلماتٍ معلومةٍ قياسُها واحد.‏
    ومن ذلك التحنّث وهو التعبُّد. ومنه الحديث: "أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتِي غار حراء فيتحنَّث فيه الليالي ذوَاتِ العدد".‏
    (حنج) الحاء والنون والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على الميل والاعوجاج. يقال حنَجْت الحبلَ، إذا فتلْتَه؛ وهو محنوجٌ. وحنَجت الرجلَ عن الشيء: أملتُه عنه. وأَحْنَجَ فلانٌ عن الشيء: عدَل. *فأمّا قولهم للأصل حِنْجٌ فلعلّه من باب الإبدال. وإن كان صحيحاً فقياسُه قياسٌ واحد؛ لأن كلَّ فرعٍ يميل إلى أصله ويرجع إليه.‏
    (حنذ) الحاء والنون والذال أصلٌ واحد، وهو إنضاج الشيء. يقال شِواءٌ حَنِيذٌ، أي مُنْضَج، وذلك أن تحمى الحجارة وتُوضَعَ عليه حتى ينضَج. ويقال حنَذت الفرسَ، إذا استحضرتَه شَوطاً أو شوطين(2)، ثم ظاهَرْتَ عليه الْجِلالَ حتى يعرَق. وهذا فرسٌ محنوذٌ وحنيذ. وأما قولهم حَنَذٌ، فهو بلد. قال:‏
    تأبَّرِي يا خَيْرَةَ النخيل *** تأبَّري من حَنَذٍ فَشُولي(3)‏
    ويقولون: "إذا سقيتَ فاحْنِذْ(4)" أي أقِلَّ الماءَ وأكثِرِ النبيذَ. وهو من الباب أيضاً؛ لأنَّها تبقى بحرارتها إذا لم تُكْسَر بالماء.‏
    (حنر) الحاء والنون والراء كلمةٌ واحدة، لولا أنها جاءت في الحديث لما كان لِذِكرها وجه. وذلك أنَّ النون في كلام العرب لا تكاد تجيء بعدها راء. والذي جاء في الحديث: "لَوْ صلَّيتُم حتى تَصيروا كالحنائر(5)" فيقال إنَّها القسي، الواحدة حَنِيرة. وممكن أن يكون الراء كالملصقة بالكلمة، ويرجع إلى ما ذكرناه من حنيت الشيءَ وحنوْته.‏
    (حنش) الحاء والنون والشين أصلٌ واحد صحيحٌ وهو من باب الصَّيد إذا صدتَه. وقال أبو عمرو: الحَنَش كلُّ شيءٍ يُصاد من الطير والهوام وقال آخرون: الحنَش الحيّة وهو ذلك القياس. فأمّا قولهم حَنَشْت الشيء، إذا عطفْتَه، فإن كان صحيحاً فهو من باب الإبدال. ولعله من عَنشْت أو عنَجْت.‏
    (حنط) الحاء والنون والطاء ليس بذلك الأصل الذي يقاس منه أو عليه، وفيه أنَّه حَبٌّ أو شبيهٌ به. فالحنطة معروفة. ويقال للرَّمْث إذا ابيضَّ وأدرَكَ قد حَنِط. وذكر بعضُهم أنه يقال أحمر حانط، كما يقال أسود حالكٌ. وهذا محمولٌ على أن الحنطة يقال [لها] الحمراء. وقد ذُكِر.‏
    (حنف) الحاء والنون والفاء أصلٌ مستقيم، وهو المَيَل. يقال للذي يمشي على ظُهور قدمَيه أحْنَفُ. وقال قومٌ- وأراه الأصحَّ- إنّ الحَنَفَ اعوجاجٌ في الرجل إلى داخل. ورجل أحنف، أي مائل الرِّجْلين، وذلك يكون بأن تتدانى صدورُ قدمَيه ويتباعد عقِباه. والحنيف: المائل إلى الدين المستقيم. قال الله تعالى:‏
    {وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً} [آل عمران 67]، والأصل هذا، تم يُتَّسع في تفسيره فيقال الحنيف النّاسك، ويقال هو المختون، ويقال هو المستقيم الطريقة. ويقال هو يتحنَّف، أي يتحرَّى أقومَ الطرِيق(6).‏
    (حنق) الحاء والنون والقاف أصلٌ واحد، وهو تضايُق الشيء. يقال الضُّمَّر مَحانيق. وإلى هذا يرجع الحَنَق في الغيظ، لأنه تضايقٌ في الخُلُق من غير نَُدحة ولا انبساط. قال الشاعر في قولهم مُحْنَق:‏
    ما كان ضَرَّك لو مَننْتَ وربما *** مَنَّ الفتى وهو المغيظ المُحْنَق(7)‏
    (حنك) الحاء والنون والكاف أصل واحد، وهو عضوٌ من الأعضاء ثم يحمل عليه ما يقاربُه من طريقة الاشتقاق. فأصل الحَنَك حَنَكُ الإنسان، أقصى فمه. يقال حَنَّكْت الصّبيّ، إذا مضَغت التمر ثم دلكتَه بحنكه، فهو مُحَنّك؛ وحَنَكْته فهو محنوك. ويقال: "هو أشدُّ سواداً من حَنَك الغراب" وهو منقاره، وأمّا حَلَكه فهو سواده. ويقال احتنك الجرادُ الأرضَ، إذا أتى على نبْتها؛ وذلك قياس صحيح، لأنه يأكل فيبلغ حنكَه.‏
    ومن المحمول عليه استئصال الشيء، وهو احتناكه، ومنه في كتاب الله تعالى: {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلاَّ قَلِيلاً(8)} [الإسراء 62]. أي أُغوِيهم كلَّهم، كما يُستأْصَل الشيءُ، إلا قليلا.‏
    فإن قال قائل: فنحن نقول: حنّكته التّجارُب، واحتَنَكتْه السِّنُّ *احتناكاً، ورجلٌ محتَنَك، فمن أي قياسٍ هو؟ قيل لـه: هو من الباب؛ لأنّه التناهِي في الأمر والبلوغُ إلى غايته، كما قلنا: احتنَكَ الجرادُ النّبت، إذا استأصله، وذلك بلوغُ نهايته. فأما القِدُّ الذي يجمعُ عَرَاصِيف الرّمْل؛ فهو حُنْكة. وهذا على التشبه بالحنك، لأنه منضمٌّ متجمع. ويقال حَنَكْتُ الشيءَ إذا فهمتَه. وهو من الباب، لأنك إذا فهِمتَه فقد بلغتَ أقصاه. والله أعلم.‏
    ـــــــــــــــ
    (1) حق الحناء أن تكون في مادة (حنن). ويقال فيها "حنان" أيضاً.‏
    (2) استحضر الفرس: أعداه. واحتضر الفرس، إذا عدا.‏
    (3) الرجز في المجمل واللسان (حنذ). وهو لأحيحة بن الجلاح، كما في معجم البلدان.‏
    (4) يقال بوصل الألف وقطعها.‏
    (5) تمامه في اللسان: "ما نفعكم ذلك حتى تحبوا آل رسول الله". وهو من حديث أبي ذر.‏ (6) في المجمل: "أقوم الطرق".‏
    (7) البيت من مرثية لقتيلة بنت الحارث بن كلدة، ترثي بها أخاها النضر بن الحارث. انظر حماسة أبي تمام‏ (1: 400) والسيرة 539 جوتنجن. قال السهيلي في الروض الأُنُف (2: 119): "والصحيح أنها بنت النضر لا أخته". وبهذه النسبة وردت في حماسة البحتري 443 واللسان (حنق) والإصابة 884 من قسم النساء. وجعل الجاحظ في البيان (3: 236) هذا الشعر لليلى بنت النضر بن الحارث.‏
    (8) من الآية 62 في سورة الإسراء. وفي الأصل: "إلا قليلاً منهم"، تحريف.‏
    ـ (باب الحاء والواو وما معهما من الحروف في الثلاثي)
    (حوي) الحاء والواو وما بعده معتلٌّ أصل واحد، وهو الجمع يقال حوَيْتُ الشيءَ أحويه حَيَّاً([1])، إذا جمعتَه. والحَوِيَّة: الواحدةُ من الحوايا، وهي الأمعاء، وهي من الجمع. ويقولون للواحدة حاوياء. قال:
    كأنّ نقيضَ الحَبِّ في حاويائِه *** فحيحُ الأفاعي أو نقيضُ العقارِبِ([2]) والحَوِيَّةُ: كساءٌ يحوَّى حولَ سَنام البعير ثم يُركَب. والحيُّ من أحياء العرب. والحِواء: البيت الواحد، وكلُّه من قياس الباب.
    (حوب) الحاء والواو والباء أصلٌ واحد يتشعّب إلى إثم، أو حاجة أو مَسكَنة، وكلها متقاربة. فالحُوبُ والحَوْب: الإثم. قال الله تعالى: {إنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً} [النساء 2]، و{حَوْباً كَبيراً([3])}. والحَوْبة: ما يَأثم الإنسانُ في عقوقه، كالأمِّ ونحوها. وفلان يتحوّب من كذا، أي يتأثم. وفي الحديث: "ربِّ تقبّلْ توبَتي، واغفِرْ حَوبتي". ويقال التحوُّب التَّوجُّع. قال طُفيل:
    فذُوقُوا كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ *** من الغيظ في أكبادنا والتحوُّبِ([4]) ويقال: أَلْحَقَ [الله([5])] به الحَوْبة، وهي الحاجةُ والمَسْكنة.
    فإنْ قيل: فما قياس الحَوْباء، وهي النَّفس؟ قيل لـه: هي الأصلُ بعينه؛ لأنّ إشْفَاق([6]) الإنسان على نفسه أغلبُ وأكثر.
    فأما قولهم في زجر الإبل. حُوْبُِ، فقد قُلْنا إنّ هذه الأصوات والحكاياتِ ليست مأخوذةً من أصلٍ. وكلُّ ذي لسانٍ عربيٍّ فقد يمكنه اختراعُ مثل ذلك، ثم يكثُرُ على ألسنة الناس.
    فأمّا الحَوأب فهو مذكور في بابه([7]).
    (حوت) الحاء والواو والتاء أصلٌ صحيح منقاس، وهو من الاضطراب والرَّوَغان، فالحُوت العظيم من السّمَك، وهو مضطربٌ أبداً غير مستقرّ. والعرب تقول: حاوَتَنِي فلانٌ، إذا راوغَني. ويُنشَد هذا البيت:
    ظَلّت تُحاوِتُني رَمْدَاءُ داهِيَةٌ *** يوم الثويَّةِ عن أهلي وعن مالي([8]) (حوث) الحاء والواو والثاء قِيلٌ غيرُ مطَّردٍ ولا متفرّع. يقولون: إنّ الحَوْثَاءَ الكبدُ وما يليها. وينشدون:
    * الكِرْشَ والحَوْثاء والمَرِيّا([9]) *
    وجاريةٌ حَوْثاء: سمينة. قال:
    * وهْيَ بِكْرٌ غريرةٌ حَوْثاءُ *
    وتركهم حَوْثاً بَوْثاً. إذا فرَّقَهم. وكل هذا متقاربٌ في الضّعف والقِلّة، ويقولون اسْتَبَثْتُ الشيءَ واستَحثْتُه، إذا ضاع في ترابٍ فطلبتَه.
    (حوج) الحاء والواو والجيم أصلٌ واحد، وهو الاضطرار إلى الشيء، فالحاجة واحدة الحاجات. والحَوْجاء: الحاجة. ويقال أحْوَجَ الرّجُلُ: احتاجَ. ويقال أيضاً: حاجَ يَحُوج([10])، بمعنى احتاجَ. قال:
    غَنِيتُ فلَم أرْدُدْكمُ عند بُِغْيَةٍ *** وحُجْتُ فلم أكدُدْكمُ بالأصابعِ([11]) فأمَا الحاجُ فضربٌ من الشَّوك، وهو شاذٌّ عن الأصل.
    (حوذ) الحاء والواو والذال أصلٌ واحد، وهو من الخفّة والسُّرعة وانكماشٍ([12]) في الأمر. فالإحْواذ السَّير السريع. ويقال حاذَ الحمارُ أُتُنَه يحُوذها، إذا ساقَها بعُنْف. قال العجاج:
    * يحُوذُهُنَّ وله حُوذِيُّ([13]) *
    والأحوذيُّ: الخفيف في الأمور، الذي حَذِقَ الأشياءَ وأتْقَنَها. وقالت عائشة في عمر: "كان واللهِ أحوَذِيَّاً نسيجَ وَحْدِه". والأحوذِيّان: جناحا القطاة. قال:
    * على أحوذِيَّينِ استقلّت([14]) *
    ومن الباب استحوَذَ عليه الشيطان، وذلك إذا غَلَبَه وساقَه إلى ما يريد من غَيِّه.
    ومن الشاذّ عن الباب أيضاً أنهم يقولون: هو خفيفُ الحاذِ. ويُنشِدون:
    خفيف الحاذِ نَسّال القيافي *** وعَبْدٌ للصَّحَابة غيرَ عَبْدِ([15]) ومن الشاذّ عن الباب: الحاذُ، وهو شجرٌ.
    (حور) الحاء والواو والراء ثلاثة أصول: أحدها لون، والآخَر الرُّجوع، والثالث أن يدور الشيء دَوْراً.
    فأما الأول فالحَوَر: شدّةُ بياض العينِ في شدّةِ سوادِها. قال أبو عمرو: الحَوَر أن تسودَّ العين كُلُّها مثلََُ الظباء والبقر. وليس في بني آدمَ حَوَرٌ. قال وإنما قيل للنساء حُورُ العُيون، لأنهن شُبِّهن بالظِّباء والبقر قال الأصمعيّ: ما أدري ما الحَوَر في العين. ويقال حوّرت الثيابَ، أي بيّضْتُها، ويقال لأصحاب عيسى عليه السلامُ الحواريُّون؛ لأنهم كانوا يحوِّرون الثِّياب، أي يبيّضونها. هذا هو الأصل، ثم قيل لكلِّ ناصر حَوَاريٌّ. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "الزُّبير ابنُ عمَّتي وحَوارِيَّ من أمّتي". والحَوَاريّات: النِّساء البيض. قال:
    فقُلْ للحَوَاريّاتِ يبكين غيرَنا *** ولا يَبْكِنا إلا الكلابُ النوابحُ([16]) والحُوَّارَى من الطَّعام: ما حُوِّر، أي بُيِّض. واحورَّ الشيءُ: ابيضّ، احوراراً. قال:
    يا وَرْدَُ إني سأموتُ مَرَّهْ *** فمَنْ حَليفُ الْجَفْنَةِ المُحوَرَّهْ([17]) أي المبيَّضَة بالسَّنَام. وبعضُ العرب يسمِّي النَّجم الذي يقال لـه المشترِي "الأحورَ".
    ويمكن أن يحمل على هذا الأصل الحَوَرُ، وهو ما دُبِغ من الجلود بغير القَرَظ ويكون ليِّنا، ولعل ثَمَّ أيضاً لوناً. قال العجّاج:
    بِحجِنَاتٍ يتثقَّبْنَ البُهَرْ *** كأنما يَمْزِقْنَ باللحم الحَوَرْ([18]) يقول: هذا البازي يمزّق أوساطَ الطير، كأنه يَمْزِق بها حَوَراً، أي يُسرع في تمزيقها.
    وأمّا الرجوع، فيقال حارَ، إذا رجَع. قال الله تعالى: {إنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ. بَلَى} [الانشقاق 14- 15]. والعرب تقول: "الباطلُ في حُورٍ" أيْ رَجْعٍ ونَقْصٍ، وكلُّ نقص ورجوع حُورٌ. قال:
    * والذّمُّ يبقَى وزادُ القَومِ في حُورِ([19]) *
    والحَوْر: مصدر حار حَوْراً رَجَع. ويقال: " [نعوذ بالله([20])] من الحَوْر بعد الكَوْر". وهو النُّقصان بعد الزيادة.
    ويقال: "حارَ بعد ما كارَ([21])". وتقول: كلَّمتُه فما رجَعَ إليّ حَوَاراً وحِوَاراً ومَحُورَةً وحَوِيراً.
    والأصل الثالث المِحْور: الخشبةُ التي تدور فيها المَحَالة. ويقال حَوّرْتُ الخُبْزَةَ تحويراً، إذا هيّأتها وأدَرْتَها لتضعَها في المَلَّة.
    ومما شذَّ عن الباب حُِوار الناقة، وهو ولدُها.
    (حوز) الحاء والواو والزاء أصلٌ واحد، وهو الجمع والتجمّع، يقال لكلِّ مَجْمَعٍ وناحيةٍ حَوْزٌ وحَوْزَة. وحَمَى فلانٌ الحَوْزَة، أي المَجْمع والناحية. وجعلته للمرأةُ مثلاً لما ينبغي أن تحمِيَه وتمنعَه، فقالت:
    فَظَلْتُ أَحْثي التُّرْبَ في وجهه *** عنِّي وأحمِي حَوْزةَ الغائِبِ([22]) ويقال تَحوّزَت الحيةُ، إذا تلوّتْ. قال القُطامي:
    تَحَيَّزُ مِنِّي خشيةً أن أَضِيفَها *** كما انحازت الأفعى مخافةَ ضاربِ([23]) وكلُّ مَن ضمَّ شيئاً إلى نفسه فقد حازَهُ حَوْزاً. ويقال لطبيعة الرجُل حَوْزٌ. والحُوزِيُّ من الناس: الذي يَنْحازُ عنهم ويعتزلهم. ويروى بيت العجّاج:
    * يحوزُهنّ ولَهُ حُوزيّ([24]) *
    وهو الحِمار يجمع أتُنَهُ ويسوقُها. والأحْوَزِيُّ من الرجال مثل الأحوذيّ والقياس واحد.
    (حوس) الحاء والواو والسين أصلٌ واحد: مخالطة الشيء ووطؤُه. يقال حُسْتُ الشيءَ حَوْساً. والتحوُّس، كالتردّد في الشيء، وهو أنْ يُقِيم مع إرادة السفَر، وذلك إذا عارضَه ما يشغلُه. قال:
    * سِرْ قَدْ أَنَى لك أيُّها المُتحوِّسُ([25]) *
    ويقال الأحْوسُ الدائم الركْض([26])، والجريءُ الذي* لا يهوله شيء. قال:
    * أحْوَسُ في الظلماء بالرُّمْحِ الخَطِلْ([27]) *
    وهو حوّاس بالليل.
    (حوش) الحاء والواو والشين كلمة واحدةٌ. الحُوش الوَحْش. يقال للوحشيِّ حُوشِيٌّ. وقال عمرُ في زهيرٍ: "كان لا يعاظِل بين القوافي، ولا يتبع حُوشِيَّ الكلام، ولا يمدَحُ الرّجلَ إلا بما فيه". قال القتبيّ: الإبل الحُوشيّة منسوبةٌ إلى الحُوش، وإنها فُحولُ نَعَم الجِنِّ، ضَرَبتْ في بعض الإبل فنُسِبتْ إليها. قال رؤبة:
    *جَرَّت رحانا مِن بلاد الحُوشِ([28]) *
    وأظنُّ أنَّ هذا من المقلوب، مثل جَذَبَ وجَبَذَ. وأصل الكلمة إن صَحّت فمن التجمُّع والجَمْع، يقال حُشْتُ الصّيدَ وأَحَشْتُه، إذا أخذْتَه من حَوَالِه([29]) وجمعتَه لتَصْرفه إلى الحِبالة. واحتَوَشَ القومُ فلاناً: جعَلُوه وَسْطهم. ويقال تَحَوَّشَ عنِّي القوم: تنحَّوا. وما ينحاش فلانٌ مِن شيءٍ، إذا لم يتجمَّعْ له؛ لقلّة اكتراثِه به. قال:
    وبَيْضاءَ لا تَنحاشُ مِنّا وأمُّها *** إذا ما رأتْنَا زِيل مِنّا زَوِيلُها([30]) ويقال إنّ الحُوَاشَةَ الأمْرُ يكون فيه الإثمُ؛ وهو من الباب، لأن الإنسان يتجمَّع منه ويَنْحاش. وأنشد:
    أردْتَ حُواشةً وجهِلْتَ حَقّاً *** وآثَرْتَ الدُّعابَةَ غير راضِ([31]) ويقال الحُواشَة الاستحياء؛ وهو من الأصل، لأن المستحيي يتجمَّع من الشيء. والحَوْشُ: أن يأكل الإنسانُ من جوانب الطعام حتى يَنْهَكه([32]). والحائِش: جماعة النَّخْل، ولا واحدَ له.
    (حوص) الحاء والواو والصاد كلمة واحدةٌ تدلُّ على ضِيق الشيء. فالحَوْص الخِياطة؛ حُصْت الثّوبَ حَوْصاً، وذَلك أن يُجمَع بين طرَفَيْ ما يُخاط. والحَوَصُ: ضِيقُ مُؤْخِر العينين في غَوْرها. ورجلٌ أحوص. ويقال بل الأحوص الضيِّق إحدى العَينَيْن.
    (حوض) الحاء والواو والضاد كلمةٌ واحدةٌ، وهو الهَزْم في الأرض. فالحَوْض حَوْض الماء. واستَحْوَضَ الماءَ: اتَّخَذ لنفسه حَوْضاً. والمُحَوَّض، كالحوض يُجعل للنخلة تشربُ منه. ويقال فلانٌ يُحوِّض حَوَاليْ فُلانة، إذا كان يهواها. ويقال للرّجل المهزوم الصَّدْرِ: حوض الحِمار؛ وهو سَبٌّ.
    (حوط) الحاء والواو والطاء كلمةٌ واحدة، وهو الشيء يُطِيفُ بالشيء. فالحَوْط مِن حاطَه حَوْطاً. والحِمار يَحُوط عانَتَه: يجمعُها. وحَوَّطت حائطاً. ويقال إنَّ الحُوَاطَةَ([33]) حَظِيرةٌ تتَّخذ للطعام. والحَوْطُ: شيءٌ مستدير تعلقهُ([34]) المرأةُ على جَبِينها، مِن فِضَّة.
    (حوق) الحاء والواو والقاف أصلٌ واحد يقْرُب من الذي قبلَه. فالحََُوق: ما استدارَ بالكَمَرة. والحَوْق: كَنْس البَيت. والمِحْوَقة: المِكْنَسة. والحُواقَة: الكُنَاسَة.
    (حوك) الحاء والواو والكاف، ضمُّ الشيء إلى الشيء. ومن ذلك حَوْك الثَّوْبِ والشّعر.
    (حول) الحاء والواو واللام أصلٌ واحد، وهو تحرُّكٌ في دَوْرٍ. فالحَوْل العام، وذلك أنه يَحُول، أي يدور. ويقال حالتِ الدّارُ وأحالَتْ وأحْوَلتْ: أتى عليها الحول. وأحْوَلْتُ أنا بالمكان وأحَلْتُ، أي أقمتُ به حَوْلاً. يقال حال الرجل في متنِ فرسه يَحُول حَوْلاً وحُؤُولاً، إذا وثَبَ عليه، وأحال أيضاً. وحال الشخصُ يَحُول، إذا تحرَّك، وكذلك كلُّ متحوِّلٍ عن حالة. ومنه قولهم استَحَلْتُ الشخصَ، أي نظرتُ هَلْ يتحرَّك. والحِيلَة والحَويلُ والمُحاوَلَة مِنْ طَريقٍ واحد، وهو القياسُ الذي ذكرناه؛ لأنه يدور حوالَيِ الشيء ليُدْرِكَه. قال الكميت:
    وذاتِ اسْمَين والألوانُ شَتَّى *** تُحَمَّق وهي بَيِّنَةُ الحَوِيلِ([35]) ذات اسمَين: رَخمة؛ لأنها رخَمَةٌ وأَنُوق. تحمَّق وهي ذاتُ حِيلةٍ؛ لأنها تكون بأعالي الجبال، وتَقْطَع في أول القواطِع وترجعُ في أوَّلِ الرَّواجع وتحبُّ ولدها وتَحضُن بيضَها، ولا تمكِّن إلا زوجَها([36]). والحُوَلاء: ما يخرج من الولد؛ وهو مُطيفٌ.
    (حوم) الحاء والواو والميم* كلمةٌ واحدة تقرُب من الذي قبلها، وهو الدَّوْر بالشيء يقال حام الطائرُ حَوْلَ الشيءِ يحوم. والحَوْمَةُ: مُعظَم القتال، وذلك أنهم يُطِيف بَعضُهم بِبَعض. والحَوْم: القطيع الضَّخم من الإبل. والحَوْمانة: الأرض المستديرة، ويقال يُطيفُ بها رمل.
    ـــــــــــــــ
    ([1]) يقال حواه حيا، وحواية كسحابة.
    ([2]) لجرير في ديوانه 83 واللسان (حوى). وانظر ما سيأتي في (فح).
    ([3]) قرأ الجمهور بضم الحاء، والحسن بفتحها.
    ([4]) ديوان طفيل 14 والمجمل واللسان (حوب).
    ([5]) التكملة من المجمل واللسان.
    ([6]) في الأصل: "اشتقاق" تحريف.
    ([7]) سيذكره في باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف.
    ([8]) أنشده في المجمل واللسان (حوت). والثوية، بفتح فكسر، ويقال أيضاً بالتصغير: موضع قريب من الكوفة.
    ([9]) قبله كما في اللسان (حوث): * إنا وجدنا لحمها طريا *
    ([10]) يقال حاج يحوج ويحيج.
    ([11]) للكميت بن معروف الأسدي، كما في اللسان. ويروى: "وحجت" بالكسر.
    ([12]) في الأصل: "والكماش".
    ([13]) ديوان العجاج 71. وأنشده في اللسان (حوذ) بدون نسبة.
    ([14]) البيت بتمامه كما في اللسان:
    على أحوذيين استقلت عليهما *** فما هي إلا لمحة فتغيب ([15]) هو كما قيل: "سيد القوم خادمهم". والبيت في اللسان (حوذ).
    ([16]) لأبي جلدة اليشكري، كما في اللسان والمؤتلف والمختلف للآمدي 79. وهو في الأخير برواية: "فقل لنساء المصر".
    ([17]) الرجز لأبي مهوش الأسدي، كما في اللسان. وترجمة أبي المهوش في الخزانة (3: 86). وورد: ترخيم وردة، وهي امرأته.
    ([18]) ديوان العجاج 17 واللسان (مزق، حور).
    ([19]) لسبيع بن الخطيم. وصدره كما في اللسان:
    * واستعجلوا عن خفيف المضغ فازدردوا *
    ([20]) التكملة من المجمل واللسان.
    ([21]) في الأصل: "كان" تحريف، وإنما هي كار، بمعنى زاد.
    ([22]) البيت في اللسان (حوز، أيا).
    ([23]) يصف عجوزاً استضافها فجعلت تروغ عنه. ضفت الرجل: نزلت به ضيفا. والبيت في الديوان 52 واللسان (حوز، ضيف). ورواية الديوان:
    فردت سلاماً كارها ثم أعرضت *** كما انحاشت الأفعى مخافة ضارب ([24]) ديوان العجاج 71 واللسان (حوز). وقد سبق في مادة (حوذ).
    ([25]) صدر بيت للمتلمس (حوس). وعجزه: * فالدار قد كادت لعهدك تدرس *
    ([26]) في الأصل: "الدائم الركض والجري الركض". والكلمتان الأخيرتان مقحمتان.
    ([27]) البيت في المجمل واللسان (حوس).
    ([28]) ديوان رؤبة 78 والحيوان (1: 155/ 6: 218) واللسان (حوش).
    ([29]) يقال من حواله وحواليه، وحوله وحوليه.
    ([30]) لذي الرمة في ديوانه 454 واللسان (8: 180/ 13: 337/ 20: 165) والحيوان (5: 574).
    ([31]) روايته في اللسان (حوش):
    غشيت حواشة وجهلت حقاً *** وآثرت الغواية غير راض ([32]) في الأصل: "حتى ينكهه"، صوابه من المجمل.
    ([33]) في الأصل: "الحوصة"، صوابه من المجمل واللسان.
    ([34]) في الأصل: "تعلقها".
    ([35]) في الحيوان (7: 18) واللسان (حول): "كيسة الحويل".
    ([36]) انظر الحيوان (7: 19).
    رد مع اقتباس  
     

  7. #7  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الحاء والياء وما يثلثهما)
    (حي) الحاء والياء والحرف المعتل أصلان: أحدهما خِلاف المَوْت، والآخر الاستحياء الذي [هو] ضِدُّ الوقاحة.
    فأمّا الأوّل فالحياة والحَيَوان، وهو ضِدُّ الموت والمَوَتَان. ويسمَّى المطرُ حياً لأن به حياةَ الأرض. ويقال ناقةٌ مُحْي ومُحْيِيَةٌ: لا يكادُ يموت لها ولد. وتقول: أتيتُ الأرضَ فأحييْتُها، إذا وجَدْتَها حَيَّةَ النّباتِ غَضَّة.
    والأصل الآخَر: قولهم استحييت منه استِحياءً. وقال أبو زيد: حَيِيتُ مِنه أَحيا، إذا استحيَيْتَ. فأمَّا حَياء النّاقة، وهو فَرْجُها، فيمكن أن يكون من هذا، كأنَّه محمولٌ على أنَّه لو كان ممن يستحيي([1]) لكان يستحيي من ظهوره وتكشُّفه.
    (حيث) الحاء والياء والثاء ليست أصلاً؛ لأنَّها كلمةٌ موضوعة لكلِّ مكانٍ، وهي مبهمة، تقول اقعد حيثُ شئت، وتكون مضمومة. وحكى الكسائي فيها الفتحَ أيضاً.
    (حيد) الحاء والياء والدال أصلٌ واحد، وهو المَيْل والعُدول عن طريق الاستواء. يقال حادَ عن الشيء يَحِيدُ حَيْدَةً وحُيوداً. والحَيُودُ: الذي يَحِيد كثيراً، ومثله الحَيَدى على فَعَلى. قال الهذلي([2]):
    أو أصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَهُ *** حَزَابِيةٍ حَيَدَى بالدِّحالِ الحَيْد: النادر من الجَبَل، والجمع حُيُودٌ وأحياد. والحُيُود: حيود قَرْن الظَّبي، وهي العُقَد فيه، وكلُّ ذلك راجعٌ إلى أصل واحد.
    (حير) الحاء والياء والراء أصلٌ واحد، وهو التردُّد في الشيء. من ذلك الحَيْرة، وقد حار في الأمر يَحِير، وتحيَّر يتحير. والحَيْرُ والحائِر: الموضع يتحيّر فيه الماء. قال قيس([3]):
    تَخْطُو على بَرْدِيّتين غذاهُما *** غَدِق بساحَةِ حَائر يَعْبوبِ ويقال لكلِّ ممتلئٍ مستَحِيرٌ، وهو قياسٌ صحيح، لأنه إذا امتلأ تردّد بعضُه على بعض، كالحائر الذي يتردّد فيه [الماء] إذا امتلأ. قال أبو ذؤيب:
    * واستحارَ شَبابُها([4]) *
    (حيز) الحاء والياء والزاء ليس أصلا؛ لأن ياءه في الحقيقة واوٌ. من ذلك الحيِّز الناحية. وانحاز القوم، وقد ذكر في بابه.
    (حيس) الحاء والياء والسين أصلٌ واحد، وهو الخليط. قال أبو بكر: حِسْتُ الحبْلَ إذا فتَلْتَه، أحِيسُه حَيْسا. وهذا أصلٌ لما ذكرناه، لأنه إذا فتلَه تداخلَت قواه وتخالَطت. والحَيْس معروفٌ، وهو من الباب، لأنه أشياء تُخْلَط. قال أبو عُبيدٍ فيما رواه، للذي أحدَقَتْ به الإماء من كل وجهٍ، محيوس. قال: شُبِّه بالحَيْس.
    (حيص) الحاء والياء والصاد أصلٌ واحد، وهو المَيْل في جَوْرٍ وتلدُّد. يقال حَاصَ عن الحقِّ يَحِيص حَيْصاً، إذا جارَ. قال:
    * وإنْ حاصَتْ عن المَوْتِ عامرُ([5]) *
    ويَرْوُون:
    * بميزانِ صِدْقٍ ما يَحِيص شعيرةً([6]) *
    ومن الباب قولهم: وقَعُوا في حَيْص بَيْص، أي شدّة. قال الهُذلي:
    قد كُنْتُ خَرّاجاً ولوجاً صَيْرفاً *** لم تَلْتَحِصْنِي حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ([7]) (حيض) الحاء والياء والضاد كلمة واحدة. يقال حاضَتْ السَّمُرَةُ إذا خرج منها ماءٌ أحمر. ولذلك سمِّيت النُّفَساء حائضاً، تشبيهاً لدمها بذلك الماء.
    (حيط) الحاء والياء والطاء ليس أصلاً، وذلك أن أصله في الحِياطة والحِيطة والحائطِ كلَّه الواوُ. وقد ذُكر في بابه.
    (حيف) الحاء والياء والفاء أصلٌ *واحد، وهو المَيْل. يقال [حاف] عليه يَحِيفُ، إذا مالَ. ومنه تحيفْتُ الشيءَ، إذا أَخذْتَه من جوانبه، وهو قياسُ الباب لأنه مال عَنْ عُرْضِه إلى جوانبه.
    (حيق) الحاء والياء والقاف كلمةٌ واحدة، وهو نُزولُ الشيء بالشيء، يقال حاق به السُّوءُ يَحِيق. قال الله تعالى: {وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّـيِّئُ إلاَّ بِأَهْلِهِ} [فاطر 43].
    (حيك) الحاء والياء والكاف أصلٌ واحد، وهو جِنسٌ من المَشْي، يقال حاك هو يَحِيك في مَشْيه حَيَكاناً، إذا حرّك مَنْكِبَيه وجسدَه. ومنه الحَيْك،
    وهو أخذُ القول في القَلْب. يقال ما يَحِيك كلامُك في فلانٍ. وإنما قلت إنه منه، لأنَّ المشْيَ أخْذٌ في الطريق الذي يُمشَى فيه.
    ومن هذا الباب: ضرَبَه فما أحاك فيه السَّيف، إذا لم يأخُذْ فيه.
    (حين) الحاء والياء والنون أصلٌ واحد، ثم يحمل عليه، والأصل الزمان. فالحِينُ الزَّمان قليلُه وكثيرُه. ويقال عامَلْتُ فلاناً [مُحَايَنَةً([8])]، من الحِين. وأحيَنْتُ بالمكان([9]): أقمتُ به حيناً. وحاز حِينُ كذا، أي قرُب. قال:
    وإنَّ سُلُوِّي عن جميلٍ لَساعةٌ *** من الدّهر ما حانت ولا حان حِينُها([10]) ويقال حَيَّنْتُ الشاة، إذا حَلَبْتَها مرة بعد مرة. ويقال حَيَّنْتُها جعلت لها حيناً. والتأفين: أن لا تجعل لها وقتاً تحلبُها فيه. قال المُخَبّل:
    إذا أُفِنَتْ أرْوَى عِيالَكَ أَفْنُها *** وإن حُيِّنَت أربَى على الوَطْبِ حِينُها([11]) وقال الفراء: الحِين حِينانِ، حينٌ لا يُوقَف على حَدِّه، وهو الأكثر، وحينٌ ذكره الله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم 25]. وهذا محدودٌ لأنه ستّة أشهر.
    وأما المحمول على هذا فقولهم للهلاك حَيْنٍ، وهو من القياس، لأنه إذا أَتَى. فلا بد له من حين، فكأنه مسمَّى باسم المصدر.
    ـــــــــــــــــ
    ([1]) في الأصل: "يستحق".
    ([2]) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي، كما في اللسان ( صحم، جرمز، حزب، حيد). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ومخطوطة الشنقيطي 79.
    ([3]) يعني قيس بن الخطيم. والبيت في ديوانه 6. وعجزه في اللسان والتاج (عبب).
    ([4]) قطعة من بيت له في ديوانه 71 واللسان (حير). وتمامه:
    ثلاثة أعوام فلما تجرمت *** تقضى شبابي واستحار شبابها ([5]) الشطر في المجمل (حيص).
    ([6]) صدر بيت لأبي طالب بن عبد المطلب. وقد أنشد هذا الصدر في اللسان (حصص): "ما يحص شعيرة". وفي السيرة 175: "لا يخيس". وفي الروض الأنف (1: 177): "لا يخس". وتمامه في الأخيرين: * له شاهد من نفسه غير عائل *
    ([7]) سبق إنشاد عجزه في (بيص). والبيت لأمية بن أبي عائد الهذلي. انظر ما مضى في حواشي (بيص). وسيأتي في (لحص).
    ([8]) التكملة من المجمل.
    ([9]) في الأصل: "وأحنت المكان"، صوابه من المجمل واللسان.
    ([10]) البيت لبثينة صاحبة جميل. اللسان (حين). قال ابن بري: "لم يحفظ لبثينة غير هذا البيت".
    ([11]) البيت في اللسان (16: 158، 292)، وقد سبق بدون نسبة في (أفن).
    ـ (باب الحاء والألف وما يثلثهما في الثلاثي)
    اعلم أنّ الألِف في هذا الباب لا يخلو أن يكون من واوٍ أو ياء. والكلمات التي تتفرع في هذا الباب فهي مكتوبةٌ في أبوابها، وأكثرها في الواو، فلذلك تركنا ذِكرَها في هذا الموضع. والله تعالى أعلم.‏
    ـ (باب الحاء والباء وما يثلثهما)
    (حبج) الحاء والباء والجيم ليس عندي أصلاً يعوّل عليه ولا يُفَرّع منه، وما أدري ما صحّة قولهم: حَبَجَ العَلَمُ بَدَا، وحَبَجَت النارُ: بدَتْ بَغْتَةً. وحَبِجَت الإبل، إذا أكلت العَرفَج فاشتكت بطونَها، كلُّ ذلك قريبٌ في الضَّعف بعضُه مِن بعض. وأما حَبَجَ بها، فالجيم مبدلةٌ من قاف.
    (حبر) الحاء والباء والراء أصلٌ واحد منقاسٌ مطّرد، وهو الأَثرُ في حُسْنٍ وبَهاء. فالحَبَار: الأثَر. قال الشاعر([1]) يصف فرساً:
    ولم يقلِّبْ أرضَها البَيْطارُ *** ولا لِحَبْليه بها حَبَارُ ثم يتشعَّب هذا فيُقال للذي يُكتَب به حِبرٌ، وللذي يَكتُب بالحبر حِبرٌ وحَبرٌ، وهو العالِم، وجمعه أحبار. والحَِبْر: الجمال والبهاء. ويقال ذو حَِبْرٍ وسَِبْرٍ. وفي الحديث: "يخرج من النار رجلٌ قد ذَهب حَِبْرُه وسَِبْرُه". وقال ابن أحمر:
    لبِسْنا حِبْرَهْ حتى اقتُضِينا *** لأعمالٍ وآجالٍ قُضِينا([2]) والمُحَبَّر: الشيء المزَيَّن. وكان يقال لطُفيلٍ الغنويِّ محبِّر؛ لأنه كان يحبّر الشعر ويزيِّنه.
    وقد يجيء في غير الحُسْنِ أيضاً قياساً. فيقولون حَبِر الرجلُ، إذا كان بجلده قروحٌ فبرِئتْ وبقيت لها آثار. والحَِبْر([3]): صُفرة تعلُو الأسنان. وثوبٌ حَبِيرٌ من الباب الأول: جديدٌ حَسَن. والحَبْرَةُ: الفرح. قال الله تعالى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم 15]، ويقال قِدْحٌ مُحبَّر، أجيد بَرْيُه. وأرضٌ مِحبارٌ: سريعة النبات. والحَبِير من السحاب: الكثير الماء.
    ومما شذَّ عن الباب قولهم: ما فيه حَبَرْبَرٌ، أي شيءٌ. والحُبَارَى: طائر ويقولون: "مات فلانٌ كَمَدَ الحُبَارَى" وذلك أنها تُلقِي ريشَها مع إلقاء سائر* الطيرِ ريشَه، ويُبطئ نباتُ ريشها. فإذا طار الطير ولم تَقْدِر هي على الطَّيران ماتت كَمَداً. قال:
    وزَيدٌ ميِّتٌ كَمَد الحُبارَى *** إذا ظعنت هُنَيْدةُ أو مُلِمُّ([4]) أي مقاربٌ. وقال الراعي في الحُبارى:
    حلفتُ لهم لا يحسبون شَتِيمَتِي *** بعَيْنَيْ حُبارَى في حِبالةِ مُعْزِبِ([5]) رأتْ رجلاً يسعى إليها فحملقَتْ *** إليه بمَأْقي عينها المتقلِّبِ تنوشُ برجليها وقد بَلّ ريشَها *** رَشاشٌ كغِسْلِ الوفرة([6])… المُعْزِب([7]): الصائد؛ لأنه لا يأوي إلى أهله. وحَمْلقَتْ: قَلَبت حملاقَ عينِها. والمعنى أن شتمكم إيّاي لا يذهب باطلاً، فأكون بمنزلةِ الحبارى التي لا حيلة عندها إذا وقعت في الحِبالة إلا تقليبُ عينها. وهي من أذَلّ الطير. وتنوشُ برجليها: تضربُ بهما. والغِِسْل: الخِطمى. يريد سلحَتْ على ريشها. ومثلُه قول الكُميت:
    وَعِيدَ الحُبارَى من بعيدٍ تنفَّشت *** لأزرقَ مَعْلولِ الأظافير بالخَضْبِ([8]) (حبس) الحاء والباء والسين. يقال حَبَسْتُه حَبْساً. والحَبْس: ما وُقِف. يقال أَحْبَسْتُ فرساً في سبيل الله ([9]). والحِبْسُ: مَصنعةٌ للماء، والجمع أحباس.
    (حبش) الحاء والباء والشين كلمةٌ واحدة تدلُّ على التجمُّع. فالأحابيشُ: جماعات يتجمَّعون من قبائلَ شتَّى. قال ابن رَوَاحةَ:
    وجئنا إلى موجٍ من البحر زاخرٍ *** أحابِيشَ منهم حاسرٌ ومُقَنَّعُ([10]) (حبص) الحاء والباء والصاد ليس أصلاً. ويزعمون أنّ فيه كلمةً واحدة.
    ذكر ابن دريد([11]): حَبَصَ الفَرَسُ، إذا عدا عدْواً شديداً.
    (حبض) الحاء والباء والضاد أصلان: أحدهما التحرّك، والآخَرَ النقص.
    فالحَبَضُ: التحرُّك، ومنه الحابض، وهو السَّهم الذي يقع بين يدي رامِيهِ، وذلك نقصانه على الغرض([12]). ويقال حَبَضَ ماءُ الرّكِيَّة: نَقَص.
    ويقال من الثاني: أحْبَض فلانٌ بِحقِّي إحباضاً، أي أبطله. وأمَّا المحابض، وهي المَشاوِر: عيدانٌ تُشْتار بها العَسَل([13])، فممكن أن يكون من الأول. قال ابن مُقبِل:
    كأنَّ أصواتَها من حيثُ تسمعُها *** صَوْتُ المحابض ينْزعِن المَحارينا([14]) (حبط) الحاء والباء والطاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بطلانٍ أو ألَمٍ. يقال: أحبط اللهُ عملَ الكافر، أي أبطله.
    وأمّا الألَم فالحَبَط: أن تأكل الدَّابةُ حَتَّى تُنْفَخ لذلك بطنُها. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ مما يُنبِت الرَّبيعُ ما يقتُل حَبَطاً أو يُلِمّ".
    وسُمِّي الحارثُ الحَبَِطَ([15]) لأنّه كان في سفرٍ؛ فأصابه مثلُ هذا. وهم هؤلاء الذين يُسَمَّوْن الحَبِطَاتِ من تميم.
    ومما يقرب من هذا الباب حَبِطَ الجِلدُ، إذا كانت به جراحٌ فَبَرَأت وبقيتْ بها آثارٌ.
    (حبق) الحاء والباء والقاف ليس عندي بأصلٍ يُؤخَذُ به ولا معنى له. لكنهم يقولون حبَّق متاعَه، إذا جمعه. ولا أدري كيف صحَّتُه.
    (حبك) الحاء والباء والكاف أصل منقاسٌ مطّرِد؛ وهو إحكام الشَّيء في امتدادٍ واطِّراد. يقال بعيرٌ مَحْبُوكُ القَرَى، أي قويُّه. ومن الاحتباك الاحتباء، وهو شد الإزار؛ وهو قياس الباب.
    وحُبُك السماء في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات 7]، فقال قومٌ: ذاتِ الخَلْق الحَسن المُحْكَم. وقال آخرون: الحُبُك الطرائق، الواحدة حَبِيكة. ويراد بالطّرائِق طرائِق النُّجوم.
    ويقال كساءٌ مُحَبَّكٌ، أي مخطَّط.
    (حبل) الحاء والباء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتداد الشيء. ثمّ يحمل عليه، ومَرْجِع الفروع مرجعٌ واحد. فالحبل الرَّسَن، معروف، والجمع حِبال. والحبل: حبل العاتق. والحَبل: القطعة من الرّمل يستطيل.
    والمحمول عليه الحَبْل، وهو العهد. قال الأعشى:
    وإذا تُجَوِّزها حبالُ قبيلةٍ *** *أخذت من الأخرى إليك حبالَها([16]) ويريد الأمانَ وعُهودَ الخََُِفارة. يريد أنّه يُخفَر من قبيلةٍ حتّى يصل إلى قبيلةٍ أخرى، فتخفر هذه حتّى تبلغ. والحِبالة: حِبالة الصائد. ويقال احتَبَلَ الصّيدَ، إذا صادَهُ بالحبالة. قال الكميت:
    ولا تجعلوني في رجائِيَ وُدَّكُمْ *** كَراجٍ على بيض الأنوق احتبالَها([17]) لا تجعلوني كَمنْ رجا مَن لا يكون؛ لأنّ الرخَمَة لا يُوصَل إليها، فمَنْ رجا أن يَصِيدَها على بيضها فقد رجا ما لا يكون.
    وأمّا قول لبيد:
    ولقد أغْدُو وما يُعْدِمُني *** صاحبٌ غَيْرُ طويلِ المحْتَبَلْ([18]) فإنّه يريد بمحتَبَلِهِ أرساغَه، لأنّ الحبلَ يكون فيها إذا شُكِلَ.
    ويقال للواقف مكانَه لا يفرّ. "حَبِيلُ بَرَاحٍ"، كأنّه محبولٌ، أي قد شُدّ بالحِبال. وزعم ناسٌ أنّ الأسدَ يقال له حَبِيلُ بَرَاحٍ.
    ومن المشتق من هذا الأصلِ الحِبْل، بكسر الحاء، وهي الداهية. قال:
    فلا تَعْجَلِي يا عَزَّ أنْ تتفهَّمِي *** بنُصْحٍ أتَى الواشونَ أم بِحُبولِ([19]) ووجْهُهُ عندي أنّ الإنسان إذا دُهِي فكأنّه قد حُبِل، أي وقع في الحِبالة، كالصَّيد الذي يُحبَل. وليس هذا ببعيدٍ.
    ومن الباب الحَبَل، وهو الحَمْل، وذلك أن الأيّام تَمْتَدُّ به. وأمّا الكَرْم فيقال له حَبْلة وحَبَلَة، وهو من الباب، لأنه في نباتِهِ كالأرشية. وأما الحُبْلَة فثمر العِضاه. وقال سعد بن أبي وقّاص: "كنا نَغزُو مع النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وما لنا طعامٌ إلاّ الحُبْلَة وورق السَّمُر". وفيما أحسب أنّ الحُبْلَة، وهي حَلْي يُجعَل في القلائد، من هذا، ولعلَّه مشبَّه بثمرِهِ. قال:
    ويَزِينها في النَّحر حَلْيٌ واضِحٌ *** وقلائدٌ من حُبْلَةٍ وسُلوسِ([20]) (حبن) الحاء والباء والنون أصلٌ واحدٌ، فيه كلمتان محمولةٌ إحداهما على الأخرى. فالحِبْن كالدُّمَّل في الجَسد، ويقال بل الرّجُل الأحْبَن الذي به السِّقْي([21]). والكلمة الأُخْرى أمُّ حُبَيْن، وهي دابّة قدرُ كفِّ الإنسان.
    (حبو) الحاء والباء والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو القُرْب والدنُوّ؛ وكل دانٍ حابٍ. وبه سُمِّي حَبِيُّ السَّحاب، لدنُوِّه من الأفق. ومن الباب حبَوْتُ الرّجلَ، إذا أعطيتَه حُبْوة وحِبْوة، والاسم الحِباء. وهذا لا يكون إلا للتألُّف والتقريب. ومنه احتَبَى الرّجُل، إذا جَمَع ظَهْرَه وساقَيه بثوبٍ، وهي الحِبوة والحُبْوة أيضاً، لغتانِ. والحابي: السهم الذي يزحَفُ إلى الهَدَف. والعرب تقول: حبَوْت للخَمْسِينَ، إذا دنوتَ لها. وذكر الأصمعيُّ كلمةً لعلها تبعُد في الظاهر من هذا الأصل قليلاً، وليست في التحقيق بعيدة قال: فلان يَحْبُو ما حَوْلَه، أي يحميه ويَمنعُه. قال ابنُ أحمر:
    وراحَتِ الشَّوْلُ ولم يَحْبُها *** فَحْلٌ ولم يَعْتَسَّ فيها مُدِرّْ([22]) ويقال، وهو القياس المطَّرِد، إنّ الحِبَى مقصور مكسور الحاء: خاصّةُ المَلِك، وجمعه أحْبَاء. وقال بعضهم: بل الواحد حَبَأٌ مهموز مقصور. وسمي بذلك لقُربه ودُنُوِّه. فلم يُخْلِفْ من الباب شيءٌ. والله أعلم.
    ـــــــــــــــــــ
    ([1]) الأولى أن يقول "الراجز"، وهو حميد الأرقط، كما في اللسان (حبر). وانظر ما سيأتي في "قلب".
    ([2]) البيت في المجمل واللسان (حبر).
    ([3]) يقال بالفتح والكسر وبكسرتين.
    ([4]) لأبي الأسود الديلي كما في الحيوان (5: 445). وانظر الأغاني (11: 117) واللسان
    (5: 232).
    ([5]) في الأصل: "المغرب"، والسباق يقتضي ما أثبت.
    ([6]) كذا ورد البيت منقوصاً.
    ([7]) في الأصل: "المغرب"، تحريف.
    ([8]) البيت في الحيوان (5: 452).
    ([9]) يقال حبسه وأحبسه وحبسه بالتشديد، اللسان والقاموس.
    ([10]) البيت في المجمل (حبش).
    ([11]) الجمهرة (1: 223).
    ([12]) كذا. ولها وجه.
    ([13]) في اللسان: "والعرب تذكر العسل وتؤنثه. وتذكيره لغة معروفة والتأنيث أكثر".
    ([14]) البيت في اللسان (حبض، حرن)، وسبق عجزه في (حرن).
    ([15]) هو الحارث بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم. انظر اللسان (9: 141) حيث تجد مع هذا قولاً آخر في الحبطات.
    ([16]) ديوان الأعشى 24 والمجمل واللسان (جعل).
    ([17]) في الأصل: "ولا تحبكوني"، صوابه في الحيوان (7: 20) ونهاية الأرب (10: 208).
    ([18]) ديوان لبيد 14 طبع 1881 واللسان (حبل). وأعدمني الشيء: لم أجده.
    ([19]) البيت لكثير، كما في المجمل واللسان (حبل).
    ([20]) البيت لعبد الله بن سليم الغامدي، كما في اللسان (سلس، حبل)، وانظر المفضليات (1: 114). وفي الأصل: "ويزينه"، صوابه من المجمل واللسان. وعجزه في (سلس).
    ([21]) السقي، بالفتح والكسر: ماء أصفر يقع في البطن.
    ([22]) لم يعتس فيها مدر: أي لم يطف فيها حالب يحلبها. وفي الأصل: "ولم يغلس"، صوابه في المجمل واللسان (حبا).
    ـ (باب الحاء والتاء وما يثلثهما([1]))
    (حتر) الحاء والتاء والراء أصلانِ: أحدهما إطافةُ الشيء بالشيء واستدارةٌ مِنه حَوْلَه، والثاني تقليلُ شيءٍ وتزهيدُه.
    فالأوّل الحَتَارُ: ما استدار بالعَين من باطن الجَفْن، وجمعه حُتُرٌ. وحَتَار الظُّفْر: ما أحاط به. ومن الباب الحَتَار، وهو هُدْب الشِّقّة وكِفَّتها، والجمع حُتُر. قال أبو زيدٍ الكلابيُّ: الحُتُر ما يُوصَل بأسفل الخِباء إذا ارتفع عن الأرض وقَلَصَ ليكونَ سِتْرا. ويقال حَتَرْتُ البيتَ. وقال بعض أهل اللغة: الحتر تحديق العين عند النظر إلى الشَّيء([2]). وقال حَتِرَ يحتِرِ حَتْراً؛ وهو قياس الباب. ومن الباب أحْتَرْتُ العُقْدةَ، إذا أحكمتَ عقْدَها *وهو من الأوّل؛ لأنّ العَقْد لا يكون إلاّ وقد دار شيءٌ على شيء.
    والأصل الثاني: أحترتُ القَومَ ولِلقومِ، إذا فَوَّتَّ عليهم طعامَهم. قال الشنفرى:
    وأُمَُِّ عِيالٍ قد شهدْتُ تقُوتُهم *** إذا أطعَمَتْهم أحْتَرَتْ وأقلّتِ([3]) ويقال الحُتْرَة الوَكِيرة([4]). يقال حَتِّرْ لنا. وليس ببعيد؛ لأنَّ الوَكيرة أقلُّ الولائم والدّعوات. ويقولون: إنّ الحَتْرَة رضْعَة([5]). ويقولون: ما حَتَرْتُ اليومَ شيئاً أي ما ذُقْت. قال الشاعر:
    أنتمُ السّادة الغُيوث إذا البا *** زِلُ لم يُمْسِ سَقْبُها محتُورا([6]) يقول: لم يكن لها لبنٌ كثير، ولا لها لبنٌ قليل ترضعُه سَقْبَها.
    (حتأ) الحاء والتاء والهمزة كلمةٌ واحدة ليست أصلاً، وأظنُّها من باب الإبدال وأنها مبدلة من كافٍ. يقولون أَحْتَأْتُ الثَّوبَ إحتاءً، إذا فَتَلْتَه([7]). ظناً أنه من الإبدال([8]) فمن أحكَأْت العُقدة. وقد مضى تفسير ذلك. ويقول…
    (حتم) الحاء والتاء والميم، ليس عندي أصلاً، وأكثر ظنِّي أنه أيضاً من باب إبدال التاء من الكاف، إلاّ أنّ الذي فيه من إحكام الشيء. يقال: حتم عليه، وأصله على ما ذكرناه حَكَم، وقد مضى تفسيره.
    والحاتم: الذي يقضي الشَّيء. فأمّا تسميتُهم الغُرَابَ حاتِماً فمن هذا، لأنهم يزعمون أنه يَحتِم بالفراق. وهو كالحُكْم منه. قال:
    ولقد غَدَوْتُ وكنتُ لا *** أغْدُو على وَاقٍ وحاتِمْ([9]) وفي الباب كلمةٌ أخرى ويقرب أيضاً من باب الإبدال. ويقولون الحُتَامة: ما بقي من الطَّعام على المائدة - وهذا عندي من باب الطاء لأنّه شيءٌ لا يتحَتَّم([10]) أي يتفتَّت ويتكسَّر. وقد مرَّ تفسيرُه.
    (حتد) الحاء والتاء والدال أصلٌ واحد، وهو استِقرار الشَّيءِ وثباتُهُ. فالحَتْد: المُقَام بالمَكَان. حَتَد يَحْتِد. ومنه المَحْتِدُ، وهو الأصل؛ يقال: هو في مَحتِدِ صِدق. والحُتُد: العين لا ينقطع ماؤُها، وهو قياس الباب.
    (حتن) الحاء والتاء والنون أصل واحد يدلُّ على تساوي الأشياء. فالحَتِن: القِرْن؛ يقال هما حَِتْنان أي سِيَّان. وتَحَاتَنُوا، إذا تساوَوْا. ويقال وقعت النَّبْلُ في الهدَف حَتَْنَى. على فَعَْلََى، إذا تقاربَتْ مواقِعُها. وكل شيء لا يخالف بعضُه بعضاً فهو محتَتِنٌ.
    (حتف) الحاء والتاء والفاء كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها؛ وذلك أنّه إلا يُبنى منها فِعل، وهو الحَتْف، وجمعه حُتوف، وهو الهلاك.
    (حتل) الحاء والتاء واللام ليس هو عندي أصلاً، وما أحُقُّ أيضاً ما حكَوْه فيه، وهو يدلُّ على القِلَّة والصِّغر. يقولون: الحَوْتَل الغلام حين يُرَاهِق([11]). ويقولون: لِفراخ القطا حَوْتَل. وهذا عندي تصحيفٌ، إنما هو حَوْتك بالكاف، وقد ذُكِر. ويقال حَتَلَ له: أعطاه. وليس بشيء.
    (حتك) الحاء والتاء والكاف يدلُّ على مقاربةٍ وصِغَر. فالحَتْك: أن يقارب الخَطْو ويُسرِع رَفْع الرِّجل ووضْعَها. وهو صحيح من الكلام معروفٌ. ويُبْنَى منه الحَتَكان، وهو غير الحَيَكان. والحواتِك: صغار النَّعام. والحوتك: القصير.
    (حتو) الحاء والتاء والحرف المعتل بعده أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على شدَّةٍ. فالحَتْو: العَدْوُ الشديد، يقال حتا يحتو حَتْواً. والحَتْو: كفُّكَ هُدْبَ الكِساء، تقول حَتَوْتُه. فأمّا الحَتِيُّ فيقال: إنّه سَويق المُقْلِ، وهو شاذ. وقد يجوز أن يُقْتَاسَ([12]) لـه بابٌ فيه بعض الخُشونة. قال الهذلي([13]):
    لا دَرَّ درِّيَ إنْ أطعمْتُ نازلَكُم *** قِرْفَ الحَتِيِّ وعندي البرُّ مكنُوزُ ـــــــــــــــــــ
    ([1]) وردت مواد هذا الباب غير منسوقة على النسق الذي جرى عليه.
    ([2]) لم يرد هذا المعنى في المعاجم المتداولة، إلا في الجمهرة (2: 3). وذكر في فعله يحتِر ويحتُر بكسر التاء وضمها.
    ([3]) البيت في اللسان (حتر)، وذكره بدون نسبة في المجمل. وقصيدة الشنفرى في المفضليات
    (1: 106-110).
    ([4]) هي طعام يصنع عند بناء البيت.
    ([5]) في اللسان: "الرضعة الواحدة". وفي المجمل: "ويقال إن الحترة رضعة كافية".
    ([6]) البيت في المجمل (حتر).
    ([7]) في المجمل: "إذا فتلته فتل الأكسية".
    ([8]) كذا وردت هذه العبارة.
    ([9]) البيت للمرقش. وانظر تحقيق نسبته في حواشي الحيوان (3: 436) واللسان (حتم).
    ([10]) في الأصل: "عظيم"، والوجه ما أثبت. انظر اللسان (حتم 4).
    ([11]) لم يذكر في اللسان. وذكر في القاموس.
    ([12]) في الأصل: "يقتلس".
    ([13]) البيت للمتنخل الهذلي، كما في القسم الثاني من أشعار الهذليين 87 ونسخة الشنقيطي من الهذليين 46. وانظر باقي الكلام على نسبته في حواشي الحيوان (5: 285).
    ـ (باب الحاء والثاء وما يثلثهما)
    (حثر) الحاء والثاء والراء أصلٌ واحد، يدلُّ على تَحَبُّبٍ في الشيءِ وغِلَظ. ويقال حَثِرَتْ عَيْنُ الرجل حَثَراً، إذا غَلُظَتْ أجفانُها مِن بكاءٍ([1]) أو رَمد. وحَثِرَ العَسَل، إذا تحبَّبَ. والحَوْثَرَة: بعضُ أعضاءِ *الرَّجُل([2]). وليس من قياس الباب. والحواثر: قومٌ من عبد القيس. وحُثارة التّبْنِ: حُطامه.
    ([حثو/ي]) الحاء والثاء والحرف المعتل يدل على ذَرْو الشَّيءِ الخَفيف السبيح([3]). من ذلك الحَثَا، وهو دُقاق التِّبْن. قال:
    وأغبَرَ مَسْحولِ التُّرَابِ تَرَى له *** حَثاً طردَتْه الرِّيح من كل مَطْرَد وقال الراجز:
    * كأنّه غِرارَةٌ مَلأَى حَثَا([4]) *
    ويقال حَثَا التُّرابَ يَحْثُوه. قال:
    الحُصْنُ أدْنَى لو تريدِينَه *** من حَثْوِكِ التُّربَ على الراكبِ([5]) ويقال حَثَى يَحْثِي حَثْياً. وهو أفصح. قال:
    * أَحْثِي على دَيْسَمَ مِن جَعْدِ الثَّرى([6]) *
    ويقال أرضٌ حَثْواء: حثيرة التّراب.
    (حثل) الحاء والثاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على سُوء وحَقَارة. فحُثالة البُرِّ: ردِيُّه. وحُثالة الدُّهن وما أشبهه: ثُفْلُهُ. والمُحْثَل: السيِّئ الغِذاء. قال متمم:
    وأرْمَلَةٍ تمشِي بأشْعَثَ مُحْثَلٍ *** كفَرخ الحُبارَى رأسُه قد تَصَوَّعا([7]) شبَّهه بفرخ الحُبارَى لأنه قبيحُ المنظر منَتَّفُ الرِّيش.
    (حثم) الحاء والثاء والميم يدلُّ على شدّةٍ. فالحَثْمَة: الأكَمَة، وبها سمِّيت حجر
    المرأة "حَثْمة". وقال بعضُ أهل اللُّغة: حثَمتُ الشَّيءَ حثْماً: دلكتُه([8]).
    ـــــــــــــــ
    ([1]) في الأصل: "من كل بكاء".
    ([2]) هي الحشفة، رأس الذكر.
    ([3]) كذا ورد في الأصل.
    ([4]) البيت من أبيات أربعة في اللسان (حثا) بدون نسبة. ونسب في ديوان الشماخ 107 إلى الجليج ابن شميذ.
    ([5]) المعروف في روايته، كما في المجمل واللسان (حثا، حصن): "لو تآييته". تآييته: قصدته.
    ([6]) أنشده في المجمل. وكذا أنشده ابن دريد في الجمهرة (2: 265)، ونقله عنها في اللسان محرفاً. وديسم: اسم من الأسماء، ترك صرفه للشعر.
    ([7]) البيت في اللسان (حثل) والمفضليات (2: 66).
    ([8]) قاله ابن دريد في الجمهرة (2: 35)، وقال: "وليس بثبت".
    ـ (باب الحاء والجيم وما يثلثهما)
    (حجر) الحاء والجيم والراء أصل واحد مطَّرد، وهو المنْع والإحاطة على الشيء. فالحَجْر حَجْر الإنسان، وقد تكسر حاؤه. ويقال حَجَر الحاكمُ على السَّفيه حَجْراً؛ وذلك منْعُه إيَّاه من التصرُّف في ماله. والعَقْل يسمَّى حِجْراً لأنّه يمنع من إتيانِ ما لا ينبغي، كما سُمِّي عَقْلاً تشبيهاً بالعِقال. قال الله تعالى: {هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر 5]. وحَجْرٌ: قصبَة اليمامة.
    والحَجَر معروف، وأحسَِب أنَّ البابَ كلَّه محمولٌ عليه ومأخوذ منه، لشدَّته وصلابته. وقياسُ الجمْع في أدنى العدد أحجار، والحجارة أيضاً له قياس، كما يقال: جمل وجِمالة، وهو قليل. والحِجْر: الفرس الأنثى؛ وهي تصانُ ويُضَنُّ بها. والحاجرُ: ما يُمْسك الماءَ من مكانٍ منْهَبِط، وجمعه حُجْرانٌ([1]). وحَجْرة القوم: ناحية دارهم وهي حِماهُم. والحُجْرة من الأبنية معروفة. وحجَّر القَمَرُ، إذا صارت حولَه دارةٌ.
    ومما يشتقُّ من هذا قولهم: حَجَّرْتُ عينَ البعير، إذا وسمْتَ حولَها بميسمٍ مستدير. ومَحْجِر العَين: ما يدور بها، وهو الذي يظهر من النِّقاب. والحِجْر: حطِيم مَكَّة، هو المُدَار بالبيت. والحِجْر: القرابة. والقياس فيها قياس الباب؛ لأنها ذِمامٌ وذِمارٌ يُحمَى ويُحفَظ. قال:
    يُرِيدُونَ أن يُقْصُوهُ عَنِّي وإنّه *** لَذُو حَسَبٍ دانٍ إليّ وذو حِجْرِ([2]) والحِجْر: الحرام. وكان الرجل يَلقَى الرجلَ يخافُه في الأشهُر الحُرُم، فيقول: حِجْراً؛ أي حراما؛ ومعناه حرامٌ عليك أن تنالَني بمكروه، فإذا كان يومُ القيامة رأى المشركون ملائكة العذاب فيقولون: {حِجْراً مَحْجُوراً} [الفرقان 22]، فظنُّوا أنّ ذلك ينفعهم في الآخرة كما كان ينفعهُم في الدُّنيا. ومن ذلك قول القائل:
    حَتى دَعَوْنا بأَرحامٍ لهم سَلَفَتْ *** وقال قائلُهم إنِّي بحاجُورِ([3]) والمحاجر: الحدائق: واحدها مَحْجِر. قال لبيد:
    * تُرْوِي المَحَاجِرَ بازلٌ عُلْكومُ([4]) *
    (حجز) الحاء والجيم والزاء أصلٌ واحدٌ مطَّرد القياس، وهو الحَوْلُ بين الشيئين. وذلك قولهم: حَجَزْتُ بين الرجلين وذلك أن يُمنَع كلُّ واحدٍ منهما مِن صاحبه. والعرب تقول "حَجَازَيْك" على وزن حَنانَيْك، أي احْجُِزْ بينَ القوم وإنما سمِّيت الحجازُ حجازاً لأنها حَجَزَت بين نجدٍ والسَّراة. وحُجْزَة الإزار: مَعْقِده. وحُجْزة السراويل: موضع التِّكَّة. وهذا على التَّشبيه والتمثيل، كأنه حجز بين الأعلى والأسفل. ويقال: "كانت بينَ القوم رِمِّيَّا* ثم صارت إلى حِجِّيزَى"، أي ترامَوْا ثم تحاجَزُوا. فأما قول القائل:
    رِقاقُ النِّعال طيِّبٌ حُجُزَاتُهُمْ *** يُحَيَّوْنَ بالرِّيحانِ يومَ السباسبِ([5]) وهي جمع حُجْزة، كنايةٌ عن الفُروج، أي إنهم أَعِفّاء.
    (حجف) الحاء والجيم والفاء كلمةٌ واحدة لا قياس، وهي الحَجَفَة، وهي الترس الصَّغير يُطارَق بين جِلْدين وتُجعَل منهما حَجَفة. والجَمْع حَجَفٌ. قال:
    أيمنَعُنا القومُ ماءَ الفرات *** وفينا السُّيوفُ وفينا الحَجَفْ([6]) (حجل) الحاء والجيم واللام ليس يتقارَبُ الكلامُ فيه إلا من جهةٍ واحدة فيها ضعف، يقال على طريقة الاحتمال والإمكان إنه شيءٌ يطيف بشيء. فالحِجْل الخَلْخال، وهو مُطِيفٌ بالسَّاق. والحَجَلة: حَجَلة العَرُوس. ومرّ فلانٌ يَحْجُِلُ في مِشْيته، أي يَتبختر. وهو قياسُ ما ذكرناه، كأنه يُدور على نفْسه. وتحجيل الفَرَس: بياضٌ يُطيف بأرساغه. والحَوْجلَة: القارورة. قال الراجِز([7]):
    كأنَّ عينَيْهِ من الغُؤُورِ *** قَلْتَانِ في صَفْحِ صَفاً منْقُورِ أذاكَ أم حَوْجَلَتَا قَارُورِ وقال علقمة:
    * كأَنَّ أعيُنَها فيها الحواجيلُ([8]) *
    ومما شذّ عن الباب الحَجَلُ، هذا الطائر. ومن الباب قول الأصمعيّ: حجَّلت العينُ: غارت.
    (حجم) الحاء والجيم والميم أصلٌ واحد، وهو ضربٌ من المنْع والصَّدْف([9]). يقال أحجَمْتُ عن الشيء، إذا نكَصْتَ عنه. وحُجِمَ البعيرُ، إذا شُدَّ فمُه بأدَمٍ ولِيف.
    ومما شذَّ عن الباب الحَوْجَمَة: الوردة الحمراء، والجمع حَوْجَم. والحَجْم: فِعل الحاجم.
    (حجن) الحاء والجيم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَيَل. فالحَجَن اعوجاجُ الخشبة وغيرها. والمِحْجَن: خشبةٌ أو عصا معَقّفة الرأس. واحتجَنْتُ بها الشيءَ: أخَذْتُه. ويقال للمخاليب المعقّفة حَجِنات. قال العجّاج:
    * بحَجِناتٍ يتثَقَّبْن البُهَرْ([10]) *
    وهي الأوساط. وأَحْجَنَ الثُّمام: خرجت خُوصَتُه؛ ولعلَّها تكونُ حَجْناء. واحتجَنْتُ الشيءَ لنفسي، وذلك إمالتُك إيّاه إلى نَفْسك. ويقولون: احتجن عليه حَجْنة، كما يقال حَجَرَ عليه.
    ومن الباب قولهم غَزْوةٌ حَجُونٌ، وذلك إذا أظهرْتَ غَيْرَها ثم مِلْتَ إليها([11]). ويقال غزاهم غَزْواً حَجُوناً.
    (حجا) الحاء والجيم والحرف المعتل أصلان متقاربان، أحدهما إطافةُ الشيءِ بالشيء وملازمتُه، والآخر القصد والتعمُّد.
    فأما الأول فالحَجْوَةُ وهي الحَدَقة، لأنها مِن أَحْدَقَ بالشيء. ويقال لنواحي البلاد وأطرافِها المحيطةِ بها أَحْجاءٌ قال ابنُ مُقْبِل:
    لا يحْرِز المرءَ أَحْجاءُ البلادِ ولا *** يُبنَى له في السَّمواتِ السّلاليمُ([12]) ومحتملٌ أن يكون من هذا الباب الحَجَاة، وهي النُّفَّاخة تكون على الماء من قَطْر المطر، لأنها مستديرة.
    والأصل الثاني قولهم: تحجَّيت الشيءَ، إذا تحرَّيْتَه وتعمّدتَه. قال ذو الرمة:
    * فجاءَتْ بأغْباشٍ تَحَجَّى شَرِيعةً([13]) *
    ويقولون حَجِيتُ بالمكان وتحجَّيت به. قال:
    * حيث تَحَجّى مُطرِقٌ بالفالِقِ([14]) *
    والحَجْوُ بالشيء: الضَّنُّ به؛ يقال حَجِئتُ به أي ضَنِنْت. وبه سمِّي الرجل حَجْوة. وحَجَأت به: فرحت. وقد قلنا إنّ البابين متقاربان، والقياس فيهما لمن نَظَرَ قياسٌ واحد.
    فأمّا الأُحجِيَّة والحُجَيَّا، وهي الأُغلُوطة يتعاطاها الناس بينهم، يقول أحدهم: أُحاجيك ما كذا؛ فقد يجوز أن يكون شاذّاً عن هذين الأصلين، ويمكن أن يُحمَل عليهما، فيقال أحاجيك، أي اقصُدْ وانظُرْ وتعمَّد لِعِلم ما أسألك عنه.ومنه أنتَ حَجٍ أن تفعل كذا، كما تقول حرِيٌّ.
    (حجب) الحاء والجيم والباء أصل واحد، وهو المنع. يقال حجبته عن كذا، أي منَعتُه. وحِجابُ الجَوْف: ما يَحْجُبُ بين الفُؤاد وسائر الجَوْف. والحاجبان العظمان فوق العينين بالشّعَْر واللّحم. *وهذا على التشبيه، كأنهما تحجبان شيئاً يصل إلى العينين. وكذلك حاجبُ الشّمس، إنما هو مشبَّهٌ بحاجب الإنسان. وكذلك الحَجَبة: رأس الوَرِك، تشبيهٌ أيضاً لإشرافِهِ.
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) في الأصل: "حجرات".
    ([2]) البيت لذي الرمة في ديوانه 260 واللسان والمجمل (حجر). لكن رواية الديوان: "فأخفيت شوقي من رفيقي". وفي الديوان واللسان: "لذو نسب".
    ([3]).البيت في المجمل واللسان (حجر).
    ([4]) سيعيده في ص362. وصدره كما في ديوانه 94 واللسان (حجر).
    * بكرت به جرشية مقطورة *
    وفي الأصل: "بلوى المحاجر"، صوابه في المجمل واللسان والديوان.
    ([5]) للنابغة في ديوانه 9 واللسان (حجز، سبسب). والسباسب: يوم عيد عند النصارى. وفي الأصل: "السبائب"، تحريف.
    ([6]) البيت من أبيات رواها نصر بن مزاحم في وقعة صفين 184.
    ([7]) هو العجاج. ديوانه 27 واللسان (حجل).
    ([8]) لم يرد في ديوان علقمة. وأنشده في اللسان (حجل) بدون نسبة.
    ([9]) يقال صدف عن الشيء يصدف صدفاً وصدوفاً.
    ([10]) ديوان العجاج 17.
    ([11]) في اللسان: "الغزوة الحجون: التي تظهر غيرها ثم تخالف إلى غير ذلك الموضع وتقصد إليها".
    ([12]) البيت في المجمل واللسان (حجا).
    ([13]) في الديوان: 536: "تحرى شريعة". وعجزه كما في الديوان واللسان (حجا):
    * تلادا عليها رميها واحتبالها *
    ([14]) الفالق: اسم موضع. والبيت لعمارة بن أيمن الربائي، كما في اللسان (حجا 181). وقد أنشده في نهاية مادة (فلق) بدون نسبة.
    ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف)
    وقد مضى فيما تقدم من هذا الكتاب أنّ الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، [و] موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت.
    فمن المنحوت من هذا الباب (الحُرْقُوف): الدابة المهزول، فهذا من حرف وحقف. أمّا الحَرْف فالضَّامر مِن كلِّ شيء، وقد مرَّ تفسيره. وأما حقف فمنه المُحْقَوْقِف، وهو المنحنِي، وذلك أنَّه إذا هُزِلَ احدَوْدَب، كما يقال في الناقة إذا كانت تلك حالها حَدْباءُ حِدْبار.
    ومنه (الحُلْقُوم) وليس ذلك منحوتاً ولكنّه مما زيدت فيه الميم، والأصْل الحلْق، وقد مرَّ. والحَلْقَمة: قطع الحُلْقُوم.
    ومنه (المُحَلْقِنُ) من البُسْر، وذلك أنْ يبلُغ الإرطاب ثلُثَيْه. وهذا ممّا زِيدت فيه النون، وإنما هو من الحَلْق، كأنّ الإرْطاب إذا بلغ ذلك الموضعَ منه فقد بَلَغَ إلى حَلْقِه. ويقال له الحُلْقَان، الواحدة حُلْقَانة.
    ومنه (حَرْزَقْتُ)([1]) الرّجلَ: حبستُه، وهذا منحوتٌ من حَزَقَ وحَرَزَ، من قولهم أحرزت الشيء فهو حريز. والحَزْقُ فيه ضربٌ من التشديد، كما يقال حَزَقْتُ الوَتَرَ وغيرَه. قال الأعشى:
    * بِسَاباطَ حتَّى ماتَ وهو مُحَرْزَقُ([2]) *
    ومنه (الحبجر([3]))، وهو الوتر الغليظ، ويقال في غير الوتر أيضاً، والحاء فيه زائدة، وإنما الأصل الباء والجيم والراء. وكلُّ شديد عظيمٍ بَجْرٌ وبُجْر. وقد مَرَّ.
    ومنه (الحِسْكل): الصِّغار مِن كلِّ شيء. وهذا ممّا زِيدت فيه الكاف، وإنما الأصل الحِسْل. يقال لولد الضبِّ حسْل.
    ومنه (الحَقَلَّد([4]))، وهو البخيل الشديد، واللام فيه زائدة. وهو من أحقد القومُ، إذا لم يصِيبوا من المَعْدِن شيئاً. ويقال الحَقَلّدُ الآثِم([5]). فإن كان كذا فاللام أيضاً زائدة، وفيه قياسٌ من الحِقْد، والله أعلم.
    ومنه (الحَذْلَقة)، وأظنُّها ليست عربيةً أصلية، وإنما هي مولَّدة واللام فيها زائدة. وإنما أصله الحِذْق. والحَذْلقة: ادّعاء الإنسان أكثَرَ مما عنده، يريد إظهار حِذْق بالشيء.
    ومن ذلك (احرَنْجَمَت) الإبل، إذا ارتدَّ بعضُها على بعض. واحرنجم القومُ، إذا اجتمعوا. وهذه فيها نون وميم، وإنما الأصل الحَرَجُ، وهو الشجر المجتمع الملتف، وقد مرّ اشتقاقُهُ وقياسُه.
    ومن ذلك رجل (مُحَصْرَمٌ): قليلُ الخَيْر. والأصل أنّ الميم زائدة، وإنما هو من الحَصُور والحَصِر.
    ومن هذا الباب (الحِصْرِم). ومنه (الحِثْرِمَة) وهي الدائرة التي تحت الأنف وَسَطَ الشفةِ العُلْيا. وهذه منحوتةٌ من حَثَم وثرم. فحثم من الجمع؛ وثَرَم من أن ينثرم الشيء.
    ومن ذلك (الحِنْزَقْرَة)، وهو القَصير. وهذا من الحزق والحَقْر، مع زيادة النون. فالحَقْر من الحَقارة والصِّغر، والحزق كأن خَلْقَه حُزِق بعضُه إلى بعض.
    ومن ذلك (الحَلْبَس)، وهو الشُّجاع. وهذا منحوتٌ من حَلَسَ وحَبَسَ. فالحِلْس: اللازم للشيء لا يفارقه، والحَبْس معروف، فكأنه حَبَس نَفْسه على قِرْنه وحَلِسَ به لا يفارقُه. ومثله: (الحُلابِس). قال الكميت:
    فلما دنَتْ للكاذَتَيْنِ وأحْرَجَت *** به حَلْبَساً عند اللِّقاء حُلابِسا([6]) ومن ذلك (تَحَتْرَشَ) القومُ: حَشَدُوا، والتاء فيه زائدة، وإنما الأصل الحرش والتحريش، وقد مرَّ. وفيه أيضاً أن يكون من حَتَر، وأصله حَتَار الخَيمة وما أطاف بها من أذيالها، فكذلك *هؤلاء تجمَّعُوا وأطافَ بعضُهم ببعض، فقد صارت الكلمة إذاً من باب النحت.
    ومن ذلك (الحَوْأَبُ): الوادي الواسع العَُرض، والحاء فيه زائدة، وإنّما
    الأصل الوأْب، والوأْبُ الواسع المقعَّر من كلِّ شيء.
    ومن ذلك (الحُمَارِس)، وهو الرّجُل الشّديد. وهذه منحوتةٌ من كلمتين، من حَمَس ومَرَس. فالمَرِسُ المتمرِّس بالشيء، والحمَِسُ الشديد. وقد مضى شرْحُه.
    ومن ذلك (المُحدْرَج)، وهو المفتول حتَّى يتداخَلَ بعضُه في بعض فَيَمْلاَسَّ وهي منحوتةٌ من كلمتين، من حدر ودرج. فحدر فَتَل، ودَرَج من أدرجت.
    ومن ذلك (حَضْرَمَ) في كلامه حَضْرَمَةً، فقد قيل كذا بالضّاد. فإنْ كانت صحيحةً فالميم زائدة، كأنه تَشَبَّهَ بالحاضرة الذين لا يُقيمونَ إعرابَ الكلام. والحَضْرَمة: مخالفة الإعراب واللَّحنُ.
    ومن ذلك (المُحَمْلَج)، وهو الحَبْلُ الشَّديد الفَتْل. وهذا عندِي من حمج، فاللام زائدة. فحمج جنسٌ من التّشديد، نحو حَمّج الرّجلُ عينَيه إذا حَدَّق وأحَدَّ([7]) النّظَر. وقد مضى ذكره. وعلى هذا يحمل (الحِمْلاج)، وهو مِنْفاخُ الصَّائغ. والحملاج: قَرْنُ الثَّور. قال رؤبة في المحَمْلَج:
    * مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إدراجَ الطَّلَقْ([8]) *
    وهذا ما أمكَنَ استخراجُ قياسِه من هذا الباب. أمّا الذي هو عندنا موضوعٌ وضعاً فقد يجوز أن يكون لـه قياسٌ خَفِيَ علينا موضعُه. والله أعلم بذلك.
    فمن ذلك (الحَِنْدِيرَة، والحُنْدُورة): الحَدَقة، والحَِنْدِيرة أجود؛ كذا قال أبو عبيد.
    والحَرْقَفَةُ: عَظْم الْحَجَبَة، وهو رأس الورِك.
    ومنه (الحِمْلاق) وهو ما غطّتْه الجفونُ من بياض المُقْلة. ويقال حَمْلَق، إذَا فَتَح عينَه ونَظَر نَظَراً شديداً.
    و(الحُرْقُوص) دويْبَّة. و(الحَبَلَّقُ): جماعة الغنَم. و(الحَبَرْكَى): الطويل الظَّهر القصير الرِّجْلين. و(الحُرْجُل): الطويل. و(الحَرْجَفُ): الرِّيح الباردة. و(الحَشْرَجَة): تردُّد صوت النَّفَس. و(الحَشْرَجَة): حُفَيْرة تُحفَر كالحِسْيِ. و(الحَشْرَجُ): كوزٌ صغير. و(حَرْشَفُ) السِّلاحِ: ما زُيِّن به.
    و ( الحَفَلَّج): الرَّجُل الأفْحَج. و(الحيفس([9])): القصير. وكذلك (الحَفَيْسَأ).
    و(الحَزَوَّر): الغلام اليافع. و(الحَزْوَرَةُ): تلٌّ صغير.
    (والحَنَاتِم): سحائب سُودٌ. وكلُّ أسودَ حَنْتمٌ. وكذلك الخُضْرُ عِند العرب سُودٌ، ومنها سمّيت الجِرَار حَناتِمَ، وكانت الجِرارُ في الجاهليَّة خُضْراً، فسمَّتْها العربُ حَنَاتم.
    (وحَبَوْكَر([10])): الدَّاهية.
    ويقال (احْبَنْطَى)، إذا انتفَخَ كالمُتَغضِّب. وهذه الكلمة قد مرَّ قياسُها في الحَبَط.
    ويقال مالِي من هذا الأمر (حُنْتَالٌ([11]))، أي بُدٌّ.
    و(الحُنْظَب): الذَّكر من الجَرَاد. و(الحُرْبُث([12])): نبتٌ. و(حَضاجِرُ): الضَّبع. (والْحَزَنْبَلُ) و(الحَبْرَكَل): القصير.
    والأصل في هذه الأبواب أنَّ كلَّ ما لم يصحَّ وجهُه من الاشتقاق الذي نذكره فمنظورٌ فيه، إلاّ [ما] رواه الأكابر الثقات. والله أعلم.
    (تم كتاب الحاء)
    ـــــــــــــ
    ([1]) يقال حرزق، بتقديم الراء، وحزرق بتقديم الزاي، وهما بمعنى.
    ([2]) ديوان الأعشى 147 واللسان (حزرق)، وقد نص فيه على رواية "محرزق". وصدره:
    * فذاك وما أنجى من الموت ربه *
    ([3]) يقال على وزان قمطر ودرهم.
    ([4]) الحقلد، كعملس. وفي الأصل: "الحلقد" وليس مراداً، إذ الحلقد كزبرج: السيئ الخلق الثقيل الروح، ومثله الحقلد بوزن زبرج.
    ([5]) في الأصل: "الحلقد"، وانظر التنبيه السابق. وفي قول زهير:
    تقيّ نقيّ لم يكثر غنيمة *** بنكهة ذي قربى ولا بحقلد ([6]) البيت في اللسان (كوز، حلبس). والكاذتان: ما نتأ من اللحم أعالي الفخذ. وأحرجت بالحاء المهملة، وفي الأصل: "أخرجت"، تحريف.
    ([7]) في الأصل: "وأشد".
    ([8]) ديوان رؤبة 104 واللسان (حملج).
    ([9]) في الأصل: "الحفيس". وصوابه الحيفس، بفتح الحاء والفاء، وكهزبر.
    ([10]) يقال للداهية حبوكر، وأم حبوكر، وحبوكرى، وأم حبوكرى، وأم حبوكران، والحبوكرى.
    ([11]) يقال حنتأل وحنتال، بالهمز وبدونه.
    ([12]) في الأصل: "الحرتب"، وفي المجمل: "الحربت"، والوجه ما أثبت.

    كتاب الخاء:
    ـ (باب ما جاء من كلام العرب أوله خاء في المضاعف والمطابق والأصم([1]))
    (خد) الخاء والدال أصلٌ واحدٌ، وهو تأسُّلُ الشَّيءِ وامتدادُه إلى السُّفل. فمن ذلك الْخَدّ خدّ الإنسان، وبه سُمِّيت المِخَدّة. والخَدُّ: الشَّقّ. والأخاديد: الشُّقوق في الأرض. والتخدُّد: تخدُّد اللَّحم من الهُزال. وامرأة متخدِّدة: مهزولة. والخِدَادُ: مِيسمٌ من المياسِم، ولعلَّه يكون في الخدّ؛ يقال منه بعيرٌ مخدود.
    (خر) الخاء والراء أصلٌ واحدٌ، وهو اضطرابٌ وسُقوطٌ مع صوتٍ. فالخَريرُ: صوتُ الماء. وعينٌ خَرّارة. وقد خَرَّتْ تخُِرّ. ويقال للرّجُل إذا اضطرَبَ بطنُه قد تخَرْخَر. وخَرَّ، إذا سقَطَ. قال أبو خراش، يصفُ سيفا:
    بِهِ أدَعُ الكَمِيَّ على يدَيْهِ *** يخُِرُّ تخالُه نَسْراً قَشِيبا([2]) قشيبٌ: قد خلِطَ له السّمُّ بِطُعْم؛ يقال قَشَب له، إذا خَلَطَ له السّمّ. وإنَّما يُفْعَل ذلك ليُصادَ به، ومثله لطفيل:
    كساهَا رَطيبَ الرِّيشِ مِن كلِّ ناهضٍ *** إلى وَكْرِه وكلِّ جَوْنٍ مُقَشَّبِ([3]) المقَشَّب: نَسْرٌ قد جُعِل له القَِشْبُ في الجِيَف ليُصادَ. ناهِضٌ: حديثُ السّنّ. والنَّسر إذا كَبِرَ اسوَدّ. وتقول: خرّ الماءُ الأرضَ: شَقّها. والأخِرَّةُ، واحدها، خَرير، وهي أماكنُ مطمئنَّةٌ بين الرَّبْوَين تنقاد. وقال الأحمر:
    سمِعت [بعض] العرب ينشد بيتَ لبيدٍ:
    * بأخِرَّة الثَّلَبُوتِ([4]) *
    والخُرُّ من الرَّحى: الموضع الذي تُلقَى فيه الحنطة. وهو قياس الباب؛ لأنَّ الحبَّ يَخُِرّ فيه. وخُرُّ الأذُن: ثَقْبُها: مشبَّهٌ بذلك.
    (خز) الخاء والزاء أصلان: أحدهما أنْ يُرَزَّ شيءٌ في آخر، والآخر جنسٌ من الحيوان.
    فالأوّل الخزُّ خَزُّ الحائط، وهو أن يشوَّك. ويقال خَزَّهُ بسهمٍ، إذا رماه به وأثبَتَه فيه. وطعَنَهُ بالرُّمح فاختَزَّهُ([5]). قال ابن أحمر:
    * حتَّى اختْزَزْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ([6]) *
    فأمّا قولُهم بعيرٌ خُزَخِزٌ، أي شديد، فهو من الباب؛ لأنَّ أعضاءهَ كأنّها خُزَّت خَزَّاً، أي أُثبِتَتْ إثباتاً.
    والأصل الثاني: الخُزَز: الذّكَر من الأرانب، والجمع خِزّانٌ. قال:
    وبنو نُويجِيَةَ اللَّذُونَ كأنهم *** مُعْطٌ مُخَدَّمَةٌ من الخِزَّانِ([7]) (خس) الخاء والسين أصلان: أحدهما حقارة الشيء، والآخر تداوُلُ الشيء.
    فالأوّل: الخسيس: الحقير؛ يقال خَسَّ الرجُل نفسُه وأخَسَّ، إذا أتَى بفعلٍ خسيس. ومن هذا الباب جاوَزَتِ النّاقةُ خَسِيسَتَها، إذا جاوَزَتْ سِنّ الحِقّة والجَذَعةِ والثَّنِيَّةِ ولحِقَت بالبُزُول. وهو القياس؛ لأنّ كلَّ هذه الأسنانِ دونَ البُزُول.
    والأصل الثاني قول العرب: تَخَاسَّ القَوْمُ الأمرَ، إذا تداوَلُوه وتسابَقُوه، أيُّهم يأخذُه([8]). ويقال: هذه الأمورُ خِساس بينهم، أي دُوَل. قال ابن الزّبعرى:
    والعطيّات خِساسٌ بينهم *** وبناتُ الدّهرِ يلعَبْنَ بكُلّ([9]) (خش) الخاء والشين أصلٌ واحد، وهو الوُلوج والدُّخول. يقال: خَشَّ الرّجُلُ في الشّرّ: دخل. ورجل [مِخَشٌّ: ماضٍ([10])] جَريءٌ على اللَّيل. والخَشَّاء: موضِعُ الدَّبْرِ؛ لأنّه ينخشُّ فيه. قال ذو الإصبع:
    إمَّا تَرَى نَبْلَهُ فخَشْرَمُ خَشَّـ *** ـاءَ إذا مُسّ دَبْرُه لَكعَا([11]) ومن الباب الخَشْخاش: الجماعة؛ لأنَّهم قومٌ يجتمعون ويتداخَلون. قال الكميت:
    * وهَيْضَلُها الخشخاشُ إذْ نزلوا([12]) *
    والخشُّ: أن تجعل الخِشاش في أنْف البعير. يقال خَشَشْتُه فهو مخشوشٌ، ويكون مِن خَشَب. وخَشاش الأرض([13]): دوابُّها. فأمّا الرجُل الخَِشاشُ الصغيرُ الرأسِ فيقال بالفتح والكسر. وهو القياس، لأنّه ينْخَشُّ في الأمر بحقه. قال طرفة:
    أنا الرَّجُلُ الضّربُ الذي تعرفونني *** خَِشاش كرأسِ الحَيّة المُتَوَقّدِ([14]) ومن الباب، وهو في الظاهر يبعُد من القياس، الخُشَشَاوانِ: عظمان ناتيان خلْفَ الأذُنين. ويقال للواحد خُشَّاء([15]) أيضاً. ولم يجيء في كلام العرب فُعْلاء مضمومة الفاء ساكنة العين إلاّ هذه وقُوباء، والأصل فيها التحريك.
    (خص) الخاء والصاد أصلٌ مطّرد منقاس، وهو يدلُّ على الفُرْجة والثُّلمة. فالخَصَاص الفُرَج بين الأثافيّ. ويقال للقمر: بدا من خَصَاصة السّحاب. قال ذو الرُّمّة:
    أصَابَ خَصَاصَهُ فبَدَا كليلاً *** كَلاَ وانغلَّ سائِرُه انغِلالا([16]) والخَصَاصة: الإملاق. والثُّلْمة في الحال.
    ومن الباب خَصَصْت فلاناً بشيءٍ خَصُوصِيَّةً، بفتح الخاء([17])، وهو القياس لأنّه *إذا أُفرِد واحدٌ فقد أوقَع فُرْجَةً بينه وبين غيره، والعموم بخلاف ذلك. والخِصِّيصى: الخَصوصية.
    (خض) الخاء والضاد أصلان: أحدهما قِلَّة الشيء وسَخافته، والآخر الاضطراب في الشَّيءِ مع رطوبةٍ.
    فالأول الخَضَض: [الخرز([18])] الأبيض يَلْبَسُه الإماء. والرّجُل الأحمق خَضَاض. ويقال للسَّقَط من الكلام خَضَضٌ. ويقال: ما على الجارية خَضَاضٌ، أي ليس عليها شيءٌ من حَلْيٍ. والمعنى أنّه ليس عليها شيءٌ حَتَّى الخَضَض الذي بدأْنا بذكره. قال الشاعر:
    ولو بَرَزَتْ من كُفَّةِ السّتْرِ عاطلاً *** لُقلتَ غَزَالٌ ما عليه خَضَاضُ([19]) وأمّا الأصل الآخَر فتَخَضْخض الماء. والخَضْخاض: ضربٌ من القَطِران. ويقال نبت خُضَخِضٌ، أي كثير الماء. تقول: كأنّه يتخضخضُ من رِيِّه.
    وقد شّذ عن الباب حرفٌ واحدٌ إن كان صحيحاً، قالوا: خاضَضْتُ فلاناً إذا بايعتَه مُعارَضة([20]). وهو بعيدٌ من القياس الذي ذكرناه.
    (خط) الخاء والطاء أصلٌ واحد؛ وهو أثَرٌ يمتدُّ امتداداً. فمن ذلك الخطُّ الذي يخطُّه الكاتب. ومنه الخطّ الذي يخطُّه الزَّاجر. قال الله تعالى: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف 4]، قالوا: هو الخَطُّ. ويُروَى: "إنّ نبيّاً من الأنبياء كان يَخُطّ فمن خَطَّ مِثلَ خَطِّه عَلِمَ مثلَ عِلْمه". ومن الباب الخِطَّة الأرض يختطُّها المرءُ لنفسه؛ لأنّه يكون هناك أثرٌ ممدود. ومنه خَطُّ اليمامة، وإليه تُنسَب الرِّماحُ الخَطِّيّة. ومن الباب الخُطَّة، وهي الحال؛ ويقال هو بخُطَّةٍ سَوْء، وذلك أنه أمرٌ قد خُطَّ له وعليه. فأمّا الأرضُ الخطيطة، وهي التي لم تُمْطَر بينَ أرضينِ ممطورَتَين، فليس من الباب، والطاء الثانية زائدة، لأنَّها من أخطأ، كأنَّ المطر أخْطَأَها. والدليل على ذلك قولُ ابن عبّاس: "خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها"، أي إذا مُطِر غيرُها أخْطَأَ هذه المطرُ فلا يُصيبُها.
    وأمّا قولهم: "في رأس فلانٍ خُطْيةٌ([21])" فقال قوم: إنَّما هو خُطَّة. فإن كان كذا فكأنّه أمرٌ يُخَطّ ويؤَثَّر، على ما ذكرناه.
    (خف) الخاء والفاء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يخالف الثِّقَل والرَّزانة. يقال خَفَّ الشّيءُ يَخِفُّ خِفَّةً، وهو خفيف وخُفَافٌ. ويقال أَخَفَّ الرّجُل، إذا خَفّت حالُه. وأخَفَّ، إذا كانت دابّتُه خفيفةً. وخَفَّ القومُ: ارتحلوا. فأمّا الخُفُّ فمن الباب لأنّ الماشيَ يَخِفُّ وهو لابِسُه. وخُفُّ البَعير منه أيضاً. وأمّا الخُفُّ في الأرض وهو أطول من النَّعل([22]) فإنّه تشبيهٌ. [وَ] الخِفُّ: الخَفِيف. قال:
    يزِلُّ الغُلامُ الخِفُّ عَنْ صَهَواتِهِ *** ويُلْوِي بأثواب العَنيفِ المُثقَّلِ([23]) فأمّا أصوات الكلاب([24]) فيقال لها الخَفْخفة، فهو قريبٌ من الباب.
    (خق) الخاء والقاف أصلٌ واحد، وهو الهَزْم في الشَّيء والخَرْق. فمن ذلك الأُخْقُوق، ويقال الإخْقِيق، وهو هَزْم في الأرض، والجمع الأخاقيق. وجاء في الحديث: "في أخاقِيقِ جُِرْذانٍ". والإخْقاق: اتَّساع خَرْق البَكَرة. ومن هذا قولُهم: أتانٌ خَقُوقٌ، إذا صوَّت حياؤُها. ويقال للغَديرِ إذا نَضَبَ وجَفَّ ماؤُه وتَقَلفَعَ([25]): خَُقٌّ([26]). قال:
    * كأَنَّما يَمْشِين في خَُقّ يَبَسْ([27]) *
    (خل) الخاء واللام أصلٌ واحد يتقارب فروعُه، ومرجعُ ذلك إمَّا إلى دِقَّةٍ أو فُرْجة. والبابُ في جميعِها متقاربٌ. فالخِلال واحد الأخِلَّة. ويقال فلانٌ يأكل خِلَلَه وخُلالته، أي ما يُخْرِجُه الخِلالُ من أسنانه. والخَلُّ خَلُّكَ الكِساءَ على نفسك بالخِلال. فأمّا الخليلُ الذي يُخَالُّك، فمِن هذا أيضاً، كأنَّكما قد تخالَلتُما، كالكِساء الذي يُخَلُّ.
    ومن الباب الرجل الخَلُّ، وهو النَّحيف* الجِسم. قال:
    * إمّا تَرَيْ جِسْمِيَ خَلاًّ قد رَهَنْ([28]) *
    وقال الآخر:
    فاسقِنيها يا سوادَ بن عمروٍ *** إنَّ جِسمي بَعْدَ خالي لَخَلُّ([29]) ويقال لابن المَخَاض خَلٌّ، لأنه دقيق الجسم. والخَلُّ: الطَّريق في الرَّمل لأنّه يكون مُستَدِقّاً. ومنه الخَلاَل، وهو البَلَح.
    فأمَّا الفُرجة فالخَلَل بينَ الشَّيئين. ويقال خَلَّل الشيءَ، إذا لم يَعُمّ. ومنه الخَلَّة الفَقْر؛ لأنه فُرْجة في حالِه. والخليل: الفقير، في قوله:
    وإنْ أتاهُ خليلٌ يومَ مَسْغَبَةٍ *** يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرَِمُ([30]) والخِلَّة: جَفْن السَّيف، والجمعُ خِلَلٌ. فأما الخِلَل وهي السُّيور التي تُلْبَسُ ظُهورَ السِّيَتَيْنِ([31]) فذلك لدِقَّتها، كأنَّ كلّ واحدةٍ منها خِلّة([32]). والخَلّ: عِرْقٌ في العُنُق مُتَّصلٌ بالرأس. والخَلْخَال من الباب أيضاً، لدقّتِه.
    (خم) الخاء والميم أصلان: أحدهما تغيُّر رائحةٍ، والآخر تنقية شيء. فالأول: قولُهم خَمَّ اللّحمُ، إذا تغيَّرَتْ رائحتُه. والثاني: قولُهم خُمّ البيتُ إذا كُنِسَ. وخُمَامة البئرِ: ما يُخَمُّ من تُرابها إذا نُقِّيت. وبيتٌ مخمومٌ: مكنوس. ويقال هو مخموم القلبِ، إذا كان نقيَّ القَلْب من كل غِشٍّ ودَخَْل.
    (خن) الخاء والنون أصلٌ واحد، وهو حكايةُ شيءٍ من الأصوات بضعف. وأصله خَنَّ، إذا بكى، خنيناً. والخَنْخَنَةُ: أن لا يُبِين الكلامَ. ويقال الخُنان في الإبل كالزُّكام في الناس. والْخُنّة كالغُنّة. ويقال الخنين: الضَّحِك الخفيّ. ويقولون إنّ المَخَنّة الأنف. فإنْ كان كذا فلأنه موضع الخُنّة، وهي الغُنّة. ويقال وطئ مَِخَنَّتَه، أي أذلَّه([33])، كأنه وضع رجلَيه على أنفه.
    (خأ) الخاء والهمزة الممدودة ليست أصلاً ينقاس، بل ذُكِر فيه حرفٌ واحد لا يُعرَف صحته. قالوا: خاءِبك علينا، أي اعجَل. وأنشدُوا للكميت:
    * بِخاءِبك الحَقْ يَهْتِفُون وحَيَّ هَلْ([34]) *
    (خب) الخاء والباء أصلان: الأول [أن] يمتدّ [الشيء] طولاً، والثاني جنسٌ من الخِداع.
    فالأول الخَبيبة والْخُبَّةُ: الطريقة تمتدُّ في الرَّمل. ثم يشبّه بها الخِرْقَة التي تُخْرَقُ طُولاً. ويُحمَل على ذلك الخَبِيبة من اللَّحم، وهي الشَّرِيحة منه.
    وأما الآخَر فالخِبُّ الخِداع، والخَِبُّ الخَدَّاع. وهذا مشتقٌّ من خَبَّ البَحْرُ اضطَرَبَ. وقد أصابهم الخِبُّ.
    ومن هذا الخَبَبُ: ضربٌ من العَدْو. ويقال جاء مُخِبَّاً. ومنه خَبَّ النّبتُ، إذا يَبِس وتقلَّع([35])، كأنه يَخُبّ، توهَّم أنه يمشي. قال رؤبة:
    * وخَبَّ أطرافُ السَّفَا على القِيَقْ([36]) *
    والخَبخَبة: رخاوةُ الشيءِ واضطرابُه. وكل ذلك راجعٌ إلى ما ذكرناه؛ لأنَّ الخَدَّاع مضطربٌ غيرُ ثابت العَقْدِ على شيء صحيح. فأما ما حكاه الفرّاء: [لي([37])] من فلانٍ خَوَابُّ، وهي القَرابات، واحدها خابٌّ، فهو عندي من الباب الأول؛ لأنّه سَبَبٌ يمتدُّ ويتّصل. فأما قولهم "خبْخِبوا عنكم من الظهيرة"، أي أَبرِدُوا فليس من هذا، وهو من المقلوب، وقد مرَّ.
    (خت) الخاء والتاء ليس أصلاً؛ لأنّ تاءه مبدلةٌ من سين. يقال خَتِيتٌ: أي خسيس. وأَخَتَّ الله حَظَّه، أي أخَسَّه. وهذا في لغة مَنْ يقول:
    مررت بالنَّات، يريد بالناس. وذكروا أنَّهم يقولون: أخَتَّ فلانٌ: استَحْيا. فإن كان صحيحاً فمعناه أنه أتَى بشيء ختيتٍ يَستحيي منه. وأنشدوا:
    فمَنْ يكُ مِنْ أوائِلِه مُخِتّاً *** فإنَّكَ يا وليدُ بهم فخورُ([38]) أي لا تأتي أنت من أوائلِك بخَتيت.
    (خث) الخاء والثاء ليس أصلاً ولا فرعاً صحيحاً يُعَرَّج عليه، ولكنّا نذكُر ما يذكرونه. يقولون: الخُثّ ما أُوخِفَ من أخْثاء البقر وطلِي به شيء، وليس هذا بشيء، ويقال الخُثُّ: غُثَاء السَّيل إذا تركَه السيلُ فيبِس واسوَدَّ.
    (خج) الخاء والجيم أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وخفّةٍ في غير استواء. فيقال ريحٌ *خَجُوجٌ، وهي التي تلتَوِي في هُبوبها. وكان الأصمعيُّ يقول: الخَجُوج الشديدة المَرِّ. ويقال إنّ الخجخجة الانقِباض والاستحياء. وقالوا: خَجْخَجَ الرّجُل، إذا لم يُبدِ ما في نفسه. ويقال اختَجَّ الجملُ في سَيره، إذا لم يستقِمْ. ورجل خَجَّاجَة ([39]): أحمق. والبابُ كلُّه واحد.
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) في الأصل: "والمطابق أولاً". وانظر ما سبق في كتاب الثاء.
    ([2]) من قصيدة في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 57، ونسخة الشنقيطي 70. والبيت في اللسان (قشب). ويروى: "به ندع".
    ([3]) ديوان طفيل 13 برواية: "كُسِيْنَ ظهار الريش".
    ([4]) من بيت في معلقة لبيد ويروى: "بأحزة". والبيت بتمامه:
    بأخرة الثلبوت يربأ فوقها *** قفر المراقب خوفها آرامها ([5]) في الأصل: "فاختز"، تحريف، صوابه في المجمل واللسان.
    ([6]) في المجمل واللسان: "لما اختززت". وصدره في الاشتقاق 318:
    * نبذ الجوار وضل هدية روقه *
    ([7]) المخدمة: التي في ساقها عند موضع الرسغ بياض. والبيت في المجمل.
    ([8]) في الأصل: "إياهم يأخذوه". والكلمة ذكرت في القاموس ولم ترد في اللسان.
    ([9]) الحق أن البيت ملفق من بيتين، وهما كما في السيرة 616 جوتنجن:
    والعطيات خساس بينهم *** وسواء قبر مثر ومقل كل عيش ونعيم زائل *** وبنات الدهر يلعبن بكل ([10]) التكملة من اللسان.
    ([11]) البيت في المجمل واللسان (خشش، لكع)، وسيعيده في (لكع).
    ([12]) قطعة من بيت في اللسان (خشش، فلق). وهو بتمامه:
    في حومة الفيلق الجأواء إذ ركبت *** قيس وهيضلها الخشخاش إذ نزلوا وقد استشهد بهذه القطعة بدون نسبة في اللسان (هضل).
    ([13]) ظاهر قوله أنه يعني ضبط الخشاش، بالفتح. وفي المجمل: "وخشاش الأرض بالفتح: دوابها".
    ([14]) البيت في معلقة طرفة.
    ([15]) يقال خشاء. وخششاء.
    ([16]) ديوان ذي الرمة 434. كلا، أي كسرعة قولك: "لا".
    ([17]) ويقال بضمها أيضاً، كما في اللسان والقاموس.
    ([18]) التكملة من المجمل واللسان.
    ([19]) أنشده أيضاً في المجمل. وجاء في اللسان برواية: "ولو أشرفت".
    ([20]) وكذا في تصحيحات القاموس. وفي بعض نسخه: "معاوضة". واللفظ وتفسيره لم يرد في اللسان.
    ([21]) روي في اللسان (خطط): "خطية" بالياء، ثم قال: "والعامة تقول: في رأسه خطية. وكلام العرب هو الأول".
    ([22]) في اللسان: "والخف في الأرض أغلظ من النعل".
    ([23]) لامرئ القيس في معلقته المشهورة.
    ([24]) في المجمل: "وخفخفة الكلاب أصواتها عند الأكل".
    ([25]) ذكروا أن "القلفع"، كزبرج ودرهم: ما يتفلق من الطين ويتشقق. ولم يذكر هذا الفعل في اللسان والقاموس في مادة (قلفع) وذكر في اللسان في مادة (خقق) عند تفسيره "الخق".
    ([26]) ضبط في اللسان والقاموس بالفتح. وضبط في الأصل والمجمل بالضم. وزاد في المجمل: "ويقال خق أيضاً"، يعني بفتح الخاء.
    ([27]) البيت في المجمل واللسان (خقق).
    ([28]) البيت في اللسان (رهن). والراهن، بالراء: المهزول.
    ([29]) البيت ينسب إلى تأبط شراً، أو ابن أخته الشنفرى، أو خلف الأحمر. انظر حماسة أبي تمام (1: 342) واللسان (خلل).
    ([30]) البيت لزهير في ديوانه (153) واللسان (خلل، حرم).
    ([31]) السيتان: مثنى سية، وهي ما عطف من طرف القوس. وفي الأصل: "الستين".
    ([32]) في الأصل: "خلالة".
    ([33]) في اللسان: "ووطئ مِخَنتهم ومَخَنتهم، أي حريمهم".
    ([34]) صدره كما في اللسان (20: 334): * إذا ما شحطن الحاديين سمعتهم *
    وانظر أمالي ثعلب 554.
    ([35]) في المجمل واللسان والقاموس: خب النبت، ، إذا طال وارتفع.
    ([36]) ديوان رؤبة 105 والمجمل. وفي الديوان: "واستن أعراف السفا".
    ([37]) التكملة من المجمل واللسان.
    ([38]) البيت للأخطل في ديوانه 206 واللسان (ختت).
    ([39]) يقال للأحمق خجاجة وخجخاجة أيضاً.
    رد مع اقتباس  
     

  8. #8  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الخاء والدال وما يثلثهما)
    (خدر) الخاء والدال والراء أصلان: الظُّلْمة والسَّتر، والبطء والإقامة.
    فالأولُ الخُدَارِيّ الليلُ المُظلِم. والخُدَاريَّة: العُقابُ، لِلونها. قال:
    خُدَارِيَّةٍ فَتْخاءَ ألْثَقَ ريشَها *** سَحابةُ يومٍ ذي أهاضيبَ مَاطِرِ([1]) ويقال اليومُ خَدِرٌ. والليلة الخَدِرة: المظلِمة الماطرة وقد أَخْدَرْنا، إذا أظَلَّنا المطر. قال:
    فيهِنَّ بَهْكَنَةٌ كأنّ جَبِينَها *** شَمْسُ النَّهار ألاحَها الإخْدارُ([2]) وقال:
    * ويَسْتُرُونَ النَّار من غير خَدَرْ([3]) *
    ومثله أو قريبٌ منه قول طرفة:
    * كالمَخَاض الجُرْبِ في اليَومِ الخَدِرْ([4]) *
    ومن الباب الخِدْرُ خِدر المرأة. وأسَدٌ خادر، لأنَّ الأجمةَ له خِدْرٌ.
    والأصل الثاني: أخْدَرَ فلانٌ في أهلِه: أقام فيهم. قال:
    كأنَّ تحتِي بازِياً رَكَّاضا *** أَخْدَرَ خَمْساً لم يَذُقْ عَضَاضا([5]) ومن الباب خَدَرَ الظَّبْيُ: تخلَّف عن السِّرب([6]). ويقال الخادر المتحيِّر.
    ومن الباب خَدِرت رِجْلُه. وخَدِر الرّجُل، وذلك مِن امْذِلالٍ يعتريه([7]).
    قال طرفة:
    جازَتِ اللَّيلَ إلى أرحُلِنا *** آخِرَ اللَّيل بيَعْفُورٍ خَدِرْ([8]) يقول: كأنَّه ناعِسٌ. ويقال للحُمُر بَنَاتُ أخدَرَ، وهي منسوبةٌ إليه، ولهذا تسمَّى الأخدريَّة.
    (خدش) الخاء والدال والشين أصلٌ واحد، وهو خَدْشُ الشيءِ للشيء. يقال خَدَشْتُ الشيءَ خدشاً؛ وجمع الخَدْش خُدُوش. ويقال لأطراف السَّفَا الخادشَة؛ لأنّها تَخْدِش. ويقال لكاهل البعير [مِخْدَش([9])]؛ لقلّة لحمِه، وتخديشِه فَمَ مُتَعرِّقِه.
    (خدع) الخاء والدال والعين أصلٌ واحد، ذكر الخليلُ قياسَه. قال الخليل. الإخداع إخفاءُ الشَّيء. قال: وبذلك سُمِّيت الخِزانة المُِخْدع. وعلى هذا الذي ذكر الخليلُ يجري البابُ. فمنه خَدَعْتُ الرَّجُلَ خَتَلْتُه. ومنه: "الحرب خُدَعَةٌ" و"خُدْعَةٌ"([10]). ويقال خَدَع الرِّيقُ في الفم، وذلك أنَّه يَخْفَى في الحَلْق وَيغِيب. قال:
    * طيِّبَ الرِّيق إذا الرِّيقُ خَدَعْ([11]) *
    ويقال: "ما خَدَعَتْ بِعَيْنَيْ نَعْسَةٌ"، أي لم يدخل المنامُ في عيني. قال:
    أرِقْتُ فلم تَخْدَع بعينَيَّ نعْسةٌ *** ومن يَلْق ما لاقيتُ لابدَّ يأرَقِ([12]) والأخدع: عِرْقٌ في سالفة العُنُق. وهو خفيّ. ورجل مخدوعٌ: قُطع أخدَعُه. ولفلان خُلُقٌ خادِعٌ، إذا تخلَّق بغير خُلُقه. وهو من الباب؛ لأنه يُخفِي خلاف ما يُظهره. ويقال: إنَّ الخُدَعَة الدّهرُ، في قوله:
    * يا قوم مَنْ عاذِرِي مِن الخُدعَهْ([13]) *
    وهذا على معنى التَّمثيل، كأنّه يغَرّ ويَخدَع. ويقال: غُولٌ خَيْدَعٌ، كأنها تَغتال وتَخدع. وزعم ناسٌ أنّهم يقولون: دينارٌ خادع، أي ناقص الوزْن. فإنه كان كذا فكأنَّه أرَى التَّمامَ وأخفى النُّقصانَ حتَّى أظهره الوزنُ. ومن الباب الخَيْدَعُ، وهو السَّراب([14])، والقياس واحد.
    (خدف) الخاء والدال والفاء أصلٌ واحد. قال ابن دريد([15]): "الخَدْف السُّرْعة في المشْي، ومنه اشتقاق خِنْدِفَ".
    (خدل) الخاء والدال واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الدِّقَّة واللِّين. يقال امرأة خَدْلَةٌ، أي دقيقةُ العِظام وفي لحمها امتلاء، وهي بَيِّنَة الخَدَل والْخَدَالة. وذُكر عن السِّجستاني عِنَبَة خَدْلةٌ، أي ضَئِيلة([16]).
    (خدم) الخاء والدال والميم أصلٌ واحدٌ منقاس، وهو إطافة الشَّيء بالشيء. فالخَدَم *الخلاخيل، الواحد خَدَمة. قال:
    * يَبْحَثْنَ بَحْثَاً كمُضِلاَّتِ الخَدَمْ([17]) *
    والخَدْماء: الشَّاةُ تبيضُّ أوظِفَتُها. والمُخَدَّم: موضع الْخِدام من السَّاق. وفرسٌ مخدَّم، إذا كان تحجيلُه مستديراً فوق أَشاعِرِهِ. قال الخليل: الخَدَمةُ سيْرٌ محْكَم مثل الحَلقْة، تُشَدُّ في رُسْغ البعير ثم تشدُّ إليه سَرِيحة النّعْل. قال: وسمِّي الخلخال خَدَمَةً بذلك. والوَعِل الأرَحُّ المُخَدَّم: الواسع الأظلاف الذي أحاط البياضُ بأوظِفته. قال:
    * تُعيي الأرَحَّ المخدَّما([18]) *
    ومن هذا الباب الخِدْمة. ومنه اشتقاق [الخادم]؛ لأنَّ الخادمَ يُطيف بمخدومه.
    (خدن) الخاء والدال والنون أصلٌ واحد، وهو المصاحَبَة. فالخِدْن: الصّاحب. يقال: خادنْتُ الرّجُلَ مخادنَةً. وخِدْنُ الجارية محدِّثُها.
    قال أبو زيد: خادنت الرّجلَ صادقته. ورجل خُدَنةٌ: كثير الأخْدان.
    (خدب) الخاء والدال والباء أصلان: أحدهما اضطرابٌ في الشيء ولِينٌ، والآخَر شقٌّ في الشيء.
    فالأوّل الخَدَب وهو الهَوَج، وفي أخبار العرب: "كان بنَعامَةَ خَدَب([19])" أي هَوَج؛ ولعلَّ ذلك في حروبه، ويدلُّ على ما ذكرناه. ومنه بَعِيرٌ خِدَبٌّ، يكون ذلك في كثرةِ لَحمٍ وإذا كثُر اللَّحْمُ لان واضطرَبَ.
    ويقال من الأوّل رجلٌ أخْدَبُ وامرأةٌ خَدْباء. وقال الأصمعيّ: دِرْعٌ خَدْباء: ليِّنة. قال:
    * خَدْباءُ يحْفِزُها نِجَادُ مُهنَّدٍ([20]) *
    ويقال خَدَبَ، إذا كَذَب؛ وذلك أنَّ في الكذِبِ اضطراباً، إذْ كان غيرَ مستقيم. وشيخ خِدَبٌّ، وُصِفَ بما وُصِفَ به البعير. قال بعضُهم: إنَّ في لسانه خَدَباً، أي طولا.
    وأمّا الأصل الآخر فالخَدْبُ بالنّاب: شقُّ الجِلْد مع اللحم. ويقال ضربة خَدْباء، إذا هَجَمَت على الجوف. والخَدْب: الحَلْب الشَّديد، كأنَّه يريد شقَّ الضَّرع بشدّة حَلْبه.
    ومما شذّ عن هذا الباب قولهم: "أَقْبِلْ على خَيْدَبتِك" أي طريقك الأوّل. قال الشيبانيّ: الخَيدب الطَّريق الواضح. وإن صحّ هذا فقد عاد إلى القياس؛ لأنّ الطريق يشق الأرض.
    (خدج) الخاء والدال والجيم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على النقصان. يقال خَدَجَت الناقة، إذا ألقَتْ ولدَها قبل النِّتاج. فإنْ ألقَتْه ناقصَ الخَلْق ولِتمام الحَمْل فقد أخْدَجَت. قال ابنُ الأعرابيّ: أخْدَجَت الصَّيْفَةُ: قَلَّ مطرُها. وفي الحديث: "كلُّ صلاة لم يُقْرَأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خِدَاجٌ".
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) البيت لسلمة بن الخرشب الأنماري، من قصيدة في المفضليات (1: 34-36).
    ([2]) البيت لعمارة، كما في اللسان (خدر 314). وفيه "أكلها الإخدار"، أي أبرزها. وقد روي عجزه في اللسان (خدر 313) برواية "ألاحها الإخدار" كما هنا.
    ([3]) في الأصل: "ويشترون"، صوابه في المجمل واللسان (خدر).
    ([4]) البيت في ديوانه 66 واللسان (خدر، عضض).
    ([5]) الرجز في المجمل واللسان (خدر).
    ([6]) في الأصل: "الترب".
    ([7]) الامذلال: الفترة والخدر.
    ([8]) ديوان طرفة 63 واللسان (خدر). وسيعيده في ص 372.
    ([9]) التكملة من اللسان.
    ([10]) ويقال أيضاً "خدعة" بالفتح.
    ([11]) لسويد بن أبي كاهل في المفضليات (1: 189) واللسان (خدع). وصدره:
    * أبيض اللون لذيذاً طعمه *
    ([12]) هو أول قصيدة للممزق العبدي في الأصمعيات 47، وهو في اللسان (خدع).
    ([13]) صدر بيت للأضبط بن قريع، في المعمرين 8. وعجزه فيه:
    * والمسى والصبح لا فلاح معه *
    وجعله في الخزانة ( 4: 579) نقلاً عن أمالي القالي ( 1: 108)، وكذا أمالي ثعلب 480 واللسان (خدع)، عجزاً لبيت للأضبط . وصدره في هذه المصادر:
    * أذود عن حوضه ويدفعني *
    ([14]) في الأصل: "التراب" تحريف.
    ([15]) في الجمهرة (2: 201).
    ([16]) ذكر في القاموس ولم يرد في اللسان.
    ([17]) أضللن الخدم أي فقدنها. وقد سبق إنشاد البيت في ( بحث).
    ([18]) قطعة من بيت للأعشى في ديوانه 203 واللسان (خدم). وهو بتمامه:
    ولو أن عز الناس في رأس صخرة *** ململمة تعيي الأرح المخدما ([19]) نعامة: لقب بيهس الفزاري، أحد محمقي الحرب. انظر الحيوان (4: 413) والأغاني (21: 122) والخزانة (3: 272) والميداني في: "ثكل أرأمها ولدا".
    ([20]) لكعب بن مالك الأنصاري. وعجزه كما في اللسان (خدب):
    * صافي الحديدة صارم ذي رونق *
    ـ (باب الخاء والذال وما يثلثهما)
    (خذع) الخاء والذال والعين يدلُّ على قَطْع الشيء؛ يقال خَذَّعَهُ بالسَّيف، إذا ضربَه. ورُوِي بيتُ أبي ذؤيب:
    * وكِلاهُما بَطَلُ الِّلقاءِ مُخَذَّعُ([1]) *
    أي كأنه قد ضُرِب بالسَّيف مِراراً. ويقال نباتٌ مخذَّعٌ، إذا أُكِل أعلاه. وصَحَّفهُ ناس فقالوا مُجدَّع. وليس بشيءٍ.
    (خذف) الخاء والذال والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الرمْي. يقال خَذَفْت بالحصاة، إذا رميتَها من بين سَبَّابَتَيْك. قال:
    كأنَّ الحَصَى مِن خَلْفِها وأَمامِها *** إذا نجَلَتْهُ رجلُها خَذْفُ أَعْسَرَا([2]) والمِخْذَفة، هي التي يُقال لها المِقْلاع. ويقال أتانٌ خَذُوفٌ، أي سمينة. قال أبو حاتم: قال الأصمعيّ: يُراد بذلك أنّها لو خُذِفَتْ بحَصاة لدخَلَتْ في بطنها من كثرة الشَّحم. وهذا الذي يحكيه عن هؤلاء الأئمّة وإن قلّ فهو يدلُّ على صحّة ما نَذهب إليه من هذه المقايَسات، كالذي ذكرناه آنفاً عن الخليل في باب الإخدَاع، وكما قاله الأصمعيُّ في الأتانِ الخَذوف.
    والخَذَفَانُ: ضربٌ من [سير] الإبل([3]) وهو بِتَرَامٍ قليل.
    (خذق) الخاء والذال والقاف ليس أصلاً، وإنّما فيه كلمةٌ من باب الإبدال. يقال خَذَق الطّائر، إذا ذَرَقَ. وأراه *خَزَق، فأُبدِلت الزاءُ ذالاً.
    (خذل) الخاء والذال واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تَرْك الشَّيء والقُعود عنه. فالخِذْلان: تَرك المَعُونة. ويقال خَذَلَتِ الوحْشيَّةُ: أقامَتْ على وَلَدِها؛ وهي خَذُول. قال:
    خَذُولٌ تُراعِي رَبْرَباً بخَميلةٍ *** تَنَاوَلُ أَطرافَ البَريرِ وترتَدِي([4]) ومن الباب تخاذَلَتْ رِجلاه: ضَعُفَتَا. من قوله:
    * وخَذُولِ الرِّجْل من غير كَسَحْ([5]) *
    وقال آخر([6]):
    * صَرْعى نوؤُها متخاذِلُ *
    ورجلٌ خُذَلة، للَّذي لا يزال يَخْذُلُ.
    (خذم) الخاء والذال والميم يدلُّ على القَطْع. يقال خَذَمْتُ الشَّيء: قطعتُه. [و] سيفٌ مِخْذَمٌ. والخَذْماء: العنْز تنشقُّ أذُنُها عَرْضاً من غير بيْنُونة. والخَذَم: السُّرْعة في السَّير؛ وهو من الباب.
    (خذا) الخاء والذال والحرف المعتل والمهموز يدلُّ على الضَّعف واللِّين. يقال خَذَا الشيءُ يَخْذُو خذْواً: استرخى. وخذِي يخْذَى. وينَمَةٌ خَذْواءُ: ليِّنة، وهي بَقْلة. وأُذُنٌ خَذْواءُ: مسترخيَة. ويُكْرَهُ من الفَرَس الخَذَا في الأذُن.
    ومن الباب خَذِئْت وخَذَأْت أخْذَأ، إذا خضَعْت له خُذُوءاً وخَذْأً. ويقال استخذَيْت واستخذَأْت، لغتان، وهم إلى ترك الهمز فيها أمْيَل. وقد قال كثيّر:
    فما زِلْتُمُ بالناس حتَّى كأنَّهم *** مِنْ الخَوف طَيْرٌ أخْذَأَتْها الأجادلُ فهمز. يقال أخذَيْتُ فلاناً، أي أذلَلتْهُ.
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) ديوان أبي ذؤيب 18 والمفضليات (2: 228). وصدره فيهما وفي اللسان:
    * فتناديا وتوافقت خيلاهما * وقد سبق إنشاد هذا العجز في (1: 330).
    ([2]) لامرئ القيس في ديوانه 98 واللسان (خذف، نجل).
    ([3]) في المجمل: "والخذفان: ضرب من السير".
    ([4]) لطرفة في معلقته.
    ([5]) للأعشى في ديوانه 163 واللسان (خذل). وصدره: * كل وضاح كريم جده *
    ([6]) هو جعفر بن علبة. انظر الحماسية رقم 4 وما سيأتي في (نوي).
    ـ (باب الخاء والراء وما يثلثهما)
    (خرز) الخاء والراء والزاء يدلُّ على جَمْع الشَّيء إلى الشيء وضَمِّه إليه. فمنه خَرْزُ الجِلْدِ. ومنه الخَرَزُ، وهو معروف، لأنه يُنْظم ويُنْضَدُ بعضُه إلى بعض.
    وفَقَار الظَّهر خَرَزٌ لانتظامه، وخَرَزاتُ الملك، كان الملك منهم كلمَّا مَلَكَ عاماً زِيدت في تاجه خَرَزة؛ ليُعلَم بذلك عددُ سِنِي مُلْكِه. قال:
    رَعَى خَرَزاتِ المُلْكِ عِشرين حِجَّة *** وعشرين حَتى فادَ والشيب شاملُ([1]) (خرس) الخاء والراء والسين أصولٌ ثلاثة: الأول جِنْسٌ من الآنية، والثاني عدم النُّطق، والثالث نوعٌ من الطعام.
    فالأوّل: الخَِرْسُ بسكون الراء، وهو الدَّنُّ، ويقال لصانِعِه الخَرّاس.
    والثاني: الخَرَسُ في اللِّسَان، وهو ذَهاب النُّطق. ويُحمَل على ذلك فيقال كتيبة خَرْساء، إذا صَمَتَتْ من كثرة الدُّروع، فليس لها قعْقعةُ سِلاح. ويقال لبنٌ أخْرَسٌ: خاثِرٌ لا صوتَ له في الإناء عند الحَلْب. وسحابةٌ خَرْساءُ: ليس فيها رعد.
    والثالث: الخُرْس والخُرْسة، وهو طعامٌ يتَّخَذ للوالِدِ من النِّساء([2])، وتلكَ خُرسَتُها. قال:
    إذا النُّفَساءُ لم تُخَرَّسْ بِبِكْرِها *** طَعاماً ولم يُسْكَتْ بِحِتْرٍ فَطِيمُها([3]) وزعم ناسٌ أنَّ البِكْرَ تُدْعى في أوَّل حَمْلها خَرُوساً. وأنشدوا:
    شرُّكمْ حَاضرٌ ودَرُّكُمُ دَ *** رُّ خَرُوسٍ من الأرانب بِكْرِ([4]) ويقال الخَروس القليلةُ الدَّرِّ.
    (خرش) الخاء والراء والشين أصلٌ واحدٌ، يدل على انتفاخٍ في الشيء وخُرُوق.
    الأصلُ الخِرشاءُ، وهو سَلْخُ الحيّة، ثم يشبَّه به كلُّ شيءٍ يكون فيه تلك الصِّفة، فيقال للرُِّغوة: الخِرشاء. قال مزرِّد:
    إذا مَسَّ خِرشَاءَ الثُّمَالةِ أنفُه *** ثَنَى مِشْفَريه للصَّريح فأقْنَعَا([5]) ويقال طلعت الشَّمسُ في خِرْشَاءَ، أي في غَبَرَة. وألَقى الرّجُل خَراشِيَّ صدرِه، أي بُصاقاً خاثراً. فهذا هو الأَصل.
    فأمّا قولهم كلبُ خِرَاشٍ، فهو عندنا من باب الإبدال، قال الراجز:
    كأنّ طُبْيَيْهَا إذا ما دَرَّا ***
    كَلْبَا خِرَاشٍ خُورِشا فَهَرَّا ويجوز أن يكون من خَرَشْتُ الشيءَ، إذا خدشْتَه؛ وهو من الأوّل كأنّه إذا خُرِش نَفَر ورَبَا وتخرّق*. فأمّا قولهم اخترشت الشيءَ، إذا كسَبْته، فهو عندنا أيضاً من باب الإبدال، إنّما هو اقترش. وقد ذُكِر في بابه. وكان ابنُ الأعرابيّ يقول: اختَرَش كَسَبَ. وكان يروي كلاماً تلك([6]): "رُبَّ ثَدْيٍ افترش، ونهب اخْتَرَش، وضبٍّ احتَرَش". وغيره يَروِي: "ونهبٍ اقترش". والخِراش: سِمَةٌ خفيفة. والخَرَشة: ضربٌ من الذُّباب، ولعلّه مِن بعض ما مضى ذكرُه.
    (خرص) الخاء والراء والصاد أصولٌ متباينة جدَّاً.
    فالأوّل الخَرْص، وهو حَزْرُ الشَّيء، يقال خَرَصْتُ النَّخْلَ، إذا حَزَرْتَ ثمرَه. والخرَّاصُ: الكذاب، وهو من هذا، لأنّه يقول ما لا يعلم ولا يَحُقُّ.
    وأصلٌ آخر، يقال للحَلْقة من الذَّهب خُرْصٌ.
    وأصلٌ آخر، وهو كل ذي شُعْبَةٍ من الشَّيء ذي الشُّعَب. فالخَريص من البحر: الخليجُ منه. والخُِرْص: كل قضيبٍ من شجرة، وجمعُه خِرصان. قال:
    ترَى قِصَد المُرَّانِ تُلْقَى كأنّه *** تذرُّعُ خِرصانٍ بأيدي الشَّواطِبِ([7]) ومن هذا الأصل تسميتُهم الرُّمحَ الخُِرْص. قال:
    *عَضَّ الثِّقافِ الخُرُصَ الخطيَّا([8]) *
    ومنه الأخراصُ، وهي عيدانٌ تكون مع مُشْتار العَسَل.
    وأصلٌ آخر، وهو الخَرَصُ، وهو صفة الجائع المقرور، يقال خَرِصَ خَرصاً.
    (خرض) الخاء والراء والضاد. زعم ناسٌ أنّ الخريضَ الجاريةُ الحديثة السنِّ الحسنة. وهذا ممّا لا يعوَّل على مثله، ولا قياسَ له.
    (خرط) الخاء والراء والطاء أصلٌ واحدٌ منقاسٌ مطَّرد، وهو مُضيُّ الشَّيء، وانسلاله. وإليه يرجعُ فروع الباب، فيقال اخترطْتُ السيفَ مِن غِمْده، وخَرَطت عن الشَّجرةِ ورقَها، وذلك أنّك إذا فعلْتَ ذلك فكأنَّ الشجرةَ قد انسلَّت منه. وقال قومٌ: الخَرْط قشْر العُود؛ وهو من ذلك. والخَرُوط من الدوابّ: الذي يَجْتَذِبُ رَسَنَه من يد مُمْسِكه ويمضي. ويقال اخروَّط بهم السَّير، إذا امتدَّ. والمخروط: الرجل الطَّويل الوجْه([9]). واستخْرَط الرجل [في([10])] البكاء، وذلك إذا ألحَّ ولجَّ فيه مستمرَّا. والخَرَط: داءٌ يصيب ضَرْع الشاة فيخرُج لبنُها متعقِّداً كأنه قِطَع الأوتار. وهي شاةٌ مُخْرِطٌ([11])، فإنْ كان ذلك عادتَها فهي مِخْراط. ويقال المخَاريط الحيّاتُ إذا انسلخَتْ جلودُها. قال:
    إنّي كسانِي أبو قابُوسَ مُرْفَلَةً *** كأنّها سَلْخُ أبْكارِ المخاريطِ([12]) [و] رجلٌ خَرُوطٌ: مُتَهَوِّرٌ يركبُ رأسَه، وهو القياس. ويقال انخرَط علينا، إذا انْدرَأ بالقول السَّيِّئ، وانخرَط جسمُ فلانٍ، إذا دَقَّ، وذلك كأنّه انسلَّ من لحمه انسلالاً. ويقال خرَطْتُ الفحل في الشَّول، إذا أرسلتَه فيها.
    (خرع) الخاء والراء والعين أصلٌ واحدٌ، وهو يدل على الرَّخاوة، ثم يُحْمل عليه. فالْخِرْوَع نباتٌ ليِّنٌ؛ ومنه اشتقاق المرأة الخَرِيع، وهي الليِّنة. وكان الأصمعي يُنكِر أن يكون الخَريعُ الفاجرةَ، وكان يقول: هي التي تَثَنَّى من اللِّين. ويقال لمِشْفَر البعير إذا تدلَّى خَريع. قال:
    خَريعَ النَّعو مضطربَ النَّواحِي *** كأخلاق الغَرِيفة ذا غُضُونِ([13]) وأخذه من عتيبة بن مرداس في قوله:
    تكفُّ شَبَا الأنْيابِ عنها بمشفرٍ *** خَريعٍ كسِبْت الأحوَرِيِّ المُخَصَّرِ([14]) والخَرَع: لينٌ في المفاصل. ويقال الخُرَاع جُنون النّاقة؛ وهو من الباب. وممَّا حمل على الخَرْع الشَّقُّ، تقول خَرعته فانخَرَع. واختَرَع الرجُل كَذِباً، أي اشتقّه. وانخرَعَتْ أعضاءُ البعير، إذا زَالتْ مِن مواضعها. ويقال المُخَرَّع المختلف الأخلاق. وفيه نظرٌ، فإنْ صحَّ فهو من خُرَاعِ النُّوق([15]). ويقال خَرِعَتِ النّخلةُ، إذا ذَهَبَ كَرَبُها، تَخْرَعُ.
    (خرف) الخاء والراء والفاء أصلان: أحدهما أن يُجْتَنَى الشيءُ، والآخَرُ الطَّريق.
    فالأوّل قولهم اخترفْتُ الثَّمرة، إذا اجتَنَيْتَها. والخريف: الزَّمان الذي يُخْتَرَف* فيه الثِّمار. وأرضٌ مخروفة: أصابها مطرُ الخَريف. والمِخْرَف: الذي يُجْتَنَى فيه. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "عائِد المريض على مَخارف الجنّة حتى يرجع([16])". والعرب تقول: اخْرُفْ لنا، أي اجْنِ. والمَخْرَف بفتح الميم: الجماعة من النَّخْل. وقال بعضُ أهلِ اللغة: إن الخَروفَ يسمَّى خَروفاً لأنّه يَخْرُف مِن هاهنا وهاهنا.
    والأصل الآخر: المَخْرَفَة: الطريق. وفي الحديث: "تُرِكتُم على مثل مَخْرَفَةِ النَّعَمِ"، أي على الطَّريق الواضح المستقيم. وقال:
    فضربْتَهُ بأفَلَّ تحسَِبُ إثْرَهُ *** نَهْجاً إبان بِذي فَرِيغٍ مَخْرَفِ([17]) ومن هذا الباب الإخْرَافُ، وهو أنْ تُنْتَج الناقةُ في مثل الوقت الذي حَمَلتْ فيه. وهو القياس: لأنّها كأنّها لزمت ذلك القَصْدَ فلم تعوّج عنه.
    وبقيت في الباب كلمةٌ هي عندنا شاذّة من الأصل، وهو الْخَرَف، والخَرَف: فسادُ العَقْل من الكبر.
    (خرق) الخاء والراء والقاف أصلٌ واحد، وهو مَزق الشَّيء وجَوْبُه، إلى ذلك يرجع فروعه. فيقال: خَرَقْتُ الأرضَ، أي جُبْتُها. واخترَقَتِ الرِّيح الأرضَ، إذا جابَتْها. والمخْتَرَق: الموضع الذي يَخترقه الرِّياح. قال رؤبة:
    * وقاتِمِ الأعماق خاوِي المخْتَرَقْ([18]) *
    والخَرْق: المَفَازة، لأنّ الرّياح تخترقُها. والخِرْق: الرجُل السخِيّ، كأنَّه يتخرَّق بالمعروف. والخرْق: نقيض الرِّفق، كأنَّ الذي يفعلُه مُتَخًَرِّق. والتَّخَرُّق: خَلْقُ الكذب. وريحٌ خرقاءُ: لا تدوم في الهبوب على جهةٍ. والخَرْقاء: المرأة لا تُحسِن عملاً. قال:
    خَرْقاءُ بالخَير لا تَهْدِي لِوجْهَتِهِ *** وهْي صَناعُ الأذى في الأهل والجارِ والخَرقاء من الشَّاءِ وغيرها: المثقوبة الأذُن. وبعيرٌ أخرق: يقع مَنْسِمُه بالأرض قبلَ خُفِّه. والخِرْقة معروفةٌ، والجمع خِرَق. وذو الخِرَقِ الطُّهويُّ سمِّي بذلك لقوله:
    * عليها الرِّيش والخِرَقُ([19]) *
    والخِرْقة من الجراد: القطعة. قال:
    قد نَزَلَتْ بساحةِ ابنِ واصلِ *** خِرْقةُ رِجْلٍ من جرادٍ نازلِ([20]) قال الفرَّاء: يقال: "مررتُ بِخَرِيقٍ من الأرض بين مَسْحَاوين"، وهي التي اتَّسعت واتَّسع نباتها. والجمع خُرُق. قال:
    * في خُرقٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرَامِها([21]) *
    ومن الباب الخَرَق، وهو التحيُّر والدَّهَش. ويقال خَرِق الغزالُ، إذا طافَ به الصَّائد فدَهِش ولَصِق بالأرض. ويقال مثل ذلك تشبيهاً: خَرِق الرَّجُل في بيته؛ إذا لم يَبرَح. والخُرَّقُ: طائرٌ يلصَق بالأرض. ثم يُتَّسعُ في ذلك فيقال الخَرَقُ الحَياء. وحُكِي عن بعض العرب: "ليس بها طُولٌ يَذِيمُها، ولا قِصرٌ يُخرقُها"، أي لا تستحْيِي منه فتَخْرَق. والمخاريق: [ما تلعب به الصِّبيان من الخِرق المفتولة([22])]. قال:
    * مخاريقٌ بأيدِي لاعبينا([23]) *
    (خرم) الخاء والراء والميم أصلٌ واحد، وهو ضرب من الاقتطاع. يقال خَرَمْتُ الشَّيءَ. واختَرمَهُم الدَّهر. وخُرِم الرجُل، إذا قُطِعَتْ وتَرَةُ أنفِه، لا يبلُغ الجدْعَ. والنَّعت أخرمُ. وكلُّ مُنْقَطَعِ طَرَفِ شيءٍ مَخْرِم. يقال لمنقطَعِ أنف الجبل مَخْرِم.
    والخوْرَمة: أرنبة الإنسان؛ لأنَّها منقطَع الأنف وآخره. وأَخْرَمُ الكتف: طرف عَيْرِه([24]). ويمينٌ ذاتُ مخارِمَ، أي ذاتُ مخارج، واحدها مَخْرِم؛ وذلك أنّ اليمين التي لا يمكن تأوُّلها بوجهٍ ولا كفّارةٍ فلا مخرج لعينها، ولا انقطاع لحكمها، فإذا كانت بخلاف ذلك فقط صارت لها مخارِم، أي مخارجُ ومنافذ، فصارت كالشَّيء فيه خروق. قال:
    لا خير في مالٍ عليه ألِيَّةٌ *** ولا في يمينٍ غيرِ ذاتِ مَخارِمِ يريد التي لا كَفَّارة لها، فهي محْرجة مضيّقة. والخَوْرم: صخرةٌ فيها خُروق. ومما يجري كالمثل والتشبيه، قولهم: "تَخرَّم زَنْد فلان"، إذا سكنَ غضبُه.
    (خرب) الخاء والراء والباء أصلٌ يدل على التثلُّم والتثقُّب. فالخُرْبةُ: الثُّقْبة. والعبد الأخرَب: المثقوب الأذن*. والخُرْبُ: ثَقْب الورِك. والخُرْبة: عُروة المزادة.
    ومن الباب، وهو الأصل، الخَراب: ضدّ العمارة. والخُرْب: منقَطَع الجُمْهور من الرَّمل. فأمَّا الخارب فسارقُ الإبل خاصَّةً؛ وهو القياس، لأن السَّرِق. إيقاع ثُلْمةٍ في المال.
    ومما شذَّ عن الباب الخَرَب، وهو ذكر الحُبارى، والجمع خِرْبان. وأَخْرُب: موضعٌ. [قال]:
    خَرجنا نُغالي الوحش بينَ ثُعَالةٍ *** وبين رُحَيَّاتٍ إلى فَجِّ أَخْرُبِ([25]) (خرت) الخاء والراء والتاء أصلٌ يدلُّ على تثقُّبٍ وشِبْهه. فالخُرْت: ثَقْب الإبرة والأخرات: الحَلَقَ في رؤوس النُّسُوع. والخِرِّيتُ: الرجلُ الدّليلُ الماهر بالدَّلالة. وسُمِّي بذلك لشقِّه المَفازةَ، كأنّه يدخُل في أخْرَاتِها([26]). ويقال خَرَتْنا الأرض، إذا عَرَفْناها فلم تَخْفَ علينا طرقُها.
    (خرث) الخاء والراء والثاء كلمةٌ واحدة، وهو أَسقاط الشَّيء. يقال لأسقاط أثاث البيت خُرْثِيٌّ. قال:
    * وعَادَ كلُّ أثاثِ البيت خُرْثِيّا *
    (خرج) الخاء والراء والجيم أصلان، وقد يمكن الجمعُ بينهما، إلاّ أنّا سلكْنا الطّريقَ الواضح. فالأول: النّفاذُ عن الشَّيء. والثاني: اختلافُ لونَين.
    فأمّا الأول فقولنا خَرَج يخرُج خُروجاً. والخُرَاج بالجسد. والخَراج والخَرْج: الإتاوة؛ لأنّه مالٌ يخرجه المعطِي. والخَارجيُّ: الرَّجل المسوَّد بنفْسه، من غير أن يكون له قديم، كأنّه خَرَجَ بنفسه، وهو كالذي يقال:
    * نفْسُ عصامٍ سوّدَتْ عِصاما([27]) *
    والخُروج: خُروج السحابة؛ يقال ما أحسن خُروجَها. وفلان خِرِّيجُ فلانٍ، إذا كان يتعلَّم منه، كأنّه هو الذي أخرجَه من حدِّ الجهل. ويقال ناقة مُخْتَرِجَةٌ، إذا خرجت على خِلْقة الجَمل. والخَرُوج: الناقةُ تخرُج من الإبل، تبرُك ناحية؛ وهو من الخُروج. والخَرِيج فيما يقال: لُعبةٌ لِفتيان العرب، يقال فيها: خَرَاجِ خَرَاجِ. قال الهذلي([28]):
    أرِقْتُ لـه ذاتَ العِشاءِ كأنّه *** مخاريقُ يُدعَى بينهن خَرِيجُ وبنو الخارجِيَّة: قبيلة، والنِّسبة إليه خارجيٌّ.
    وأمّا الأصل الآخر: فالخَرَجُ لونانِ بين سوادٍ وبياض؛ يقال نعامةٌ خَرْجاءُ وظليمٌ أخرج. ويقال إِنّ الخَرْجاء الشّاة تبيضّ رِجْلاها إلى خاصرتها.
    ومن الباب أرض مخَرَّجَة، إذا كان نَبْتُها في مكانٍ دونَ مكان.
    وخَرّجت الراعيةُ المَرْتَعَ، إذا أكلَتْ بعضاً وتركَتْ بعضاً. وذلك ما ذكرناه من اختلاف اللّونين.
    (خرد) الخاء والراء والدال أصلٌ واحدٌ، وهو صَوْن الشَّيْء عن المَسِيس. فالجارية الخَريدة هي التي لم تُمَسَّ قطُّ. وحكى ابنُ الأعرابيّ: لؤلؤةٌ خريدة: لم تُثْقَب. قال وكلُّ عذْراءَ فهي خريدة. وجاريةٌ خَرُودٌ: خَفِرَةٌ؛ وهي من الباب. قال ابن الأعرابيِّ: أخردَ الرّجُلُ: إذَا أقلَّ كلامَه. يقال: مالك مُخْرِداً. وهو قياسُ ما ذكرناه؛ لأنّ في ذلك صَوْنَ الكلام واللسان.
    ـــــــــــــــــــــ
    ([1]) للبيد يذكر الحارث بن أبي شمر الغساني. انظر ديوانه 32 طبع 1881 واللسان (خرز). والكلمتان الأوليان من عجز البيت ساقطتان من الأصل.
    ([2]) يقال للمرأة والدة على الفعل، ووالد على النسب، كما يقال لابن وتامر. وفي الأصل: "للولد من النساء".
    ([3]) البيت للأعلم الهذلي كما في اللسان (خرس، حتر). والرواية فيه: "غلاماً" بدل "طعاماً".
    ([4]) البيت لعمرو بن قمينة، كما في الحيوان (5: 73). وأنشده في اللسان (خرس) بدون نسبة.
    ([5]) البيت في المجمل واللسان (خرش).
    ([6]) كذا وردت هذه الكلمة. وفي المجمل: "وفي كلام بعضهم: رب ثدي افترشته، ونهب اخترشته، وضب احترشته".
    ([7]) البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه 12 والمجمل واللسان (خرص).
    ([8]) لحميد بن ثور. وقبله كما في اللسان (خرص). * يعض منها الظلف الدئيا *
    ([9]) في الأصل: "الواحد"، صوابه من المجمل واللسان.
    ([10]) التكملة من اللسان والقاموس، وهي ساقطة من الأصل والمجمل أيضاً.
    ([11]) في الأصل: "مخرطة"، صوابه من المجمل واللسان.
    ([12]) البيت في اللسان (رفل)، وعجزه في المجمل.
    ([13]) البيت للطرماح في ديوانه 179 واللسان (خرع، غرف، نعا). وقبله:
    تمر على الوراك إذا المطايا *** تقايست النجاد من الوجين ([14]) أنشده في اللسان (خرع، حور).
    ([15]) في الأصل: "وهو من الذي من خراع النوق".
    ([16]) ليس شاهداً للمخرف الذي يجتنى فيه، بل هو شاهد لما سيأتي أن المخرف جماعة النخل.
    ([17]) لأبي كبير الهذلي من قصيدة في نسخة الشنقيطي من الهذليين 61. وأنشده في اللسان (خرف، فرغ). وسيعيده في (فرغ) برواية: "فأجزته".
    ([18]) ديوان رؤبة 104.
    ([19]) البيت بتمامه كما في اللسان:
    لما رأت إبلي هزلى حمولتها *** جاءت عجافا عليها الريش والخرق ([20]) الرجز في اللسان (خرق) والمخصص (8: 174) والجمهرة (2: 213). وكلمة "خرقة" ساقطة من الأصل.
    ([21]) من رجز لأبي محمد الفقعسي. اللسان (خرق 364).
    ([22]) هذه التكملة من اللسان.
    ([23]) عجز بيت لعمرو بن كلثوم في معلقته. وصدره: * كأن سيوفنا منا ومنهم *
    ([24]) العير بالفتح: العظم الناتئ. وفي الأصل: "غيره"، تحريف.
    ([25]) البيت لامرئ القيس، كما في معجم البلدان (أخرب).
    ([26]) الأخرات: جمع خرت، بضم الخاء وفتحها، وفي الأصل: "أخرتها"، تحريف.
    ([27]) عصام هذا، هو عصام بن شهر الجرمي، حاجب النعمان بن المنذر. انظر اللسان (عصم) والاشتقاق 317. وبعده في اللسان:
    وعلمته الكرَّ والإقداما *** وصيرته ملكا هماما ([28]) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه 53.
    ـ (باب الخاء والزاء وما يثلثهما)
    (خزع) الخاء والزاء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على القَطْع والانقِطاع. يقال تَخَزَّعَ فلانٌ عن أصحابه، إذا تخلّف عنهم في السَّير؛ ولذلك سمِّيت خُزاعةُ؛ لأنهم تخزَّعوا عن أصحابهم وأقاموا بمكَّة([1]). وهو قول القائل:
    فلما هبَطْنا بطْنَ مَرٍّ تخزّعت *** خُزاعَةُ عَنَّا بالحلول الكَراكِر([2]) ويقال تخزّعْنا الشَيءَ بيننا، أي اقتسمناه قِطَعا. والخَوْزعة: رَمْلة تنقطع من مُعْظم الرِّمال.
    (خزف) الخاء والزاء والفاء ليس بشيءٍ. فالخَزَفُ هذا المعروفُ، ولسنا ندري أعربيٌّ هو أمْ لا. قال ابنُ دريد([3]): الخَزْف الخَطْر باليَد عند المشْي. وهذا من أعاجيب أبي بَكر.
    (خزق) الخاء والزاء والقاف أصلٌ، وهو يدلُّ على نَفاذِ الشَّيء المرمِيّ به أو ارتزازِه. فالخازِق من السِّهام المُقَرْطِس، وهو الذي يرتَزّ في قِرطاسه. وخَزَق الطّائر: ذَرَق. والخَزْق: الطَّعْن. والقياس واحد.
    (خزل) الخاء والزاء واللام* أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الانقطاع والضَّعف. يقال خَزَلْتُ الشيءَ: قطعتُه. وانخَزَل فُلانٌ: ضعُف.
    (خزم) الخاء والزاء والميم أصلٌ يدلُّ على انثقاب الشَّيء. فكلُّ مثقوبٍ مخزومٌ. والطَّير كلُّها مخزُومة؛ لأنَّ وَتَرَاتِ أنفها مخزُومة. ولذلك يقال نَعام مُخَزَّمٌ. قال:
    * وأرفَعُ صوتي للنَّعام المُخَزّمِ([4]) *
    وخَزَمْت الجَرادَ في العُود: نَظَمْته. وخَزمْتُ البعيرَ، إذا جعلْتَ في وَتَرَةِ أنْفه خِزَامةً من شَعْر. وعلى هذا القياسِ يسمَّى شجرةٌ من الشَّجر خَزَمة؛ وذلك أنّ لها لِحاءً يُفتَل منه الحِبال، والحبال خِزامات.
    وقد شذَّ عن الباب الخَزُومة: البقرة([5]). وَكلمةٌ أخرى، يقال خازَمْتُ الرّجُلَ الطّريقَ، وهو أن يأخُذَ في طريقٍ ويأخُذَ([6]) هو في غيرِه حتَّى يلتقِيا في مكانٍ واحد. وأخْزَمُ: رجلٌ. فأمَّا قولهم إنّ الأخْزَم الحيَّة الذكرُ، فكلامٌ فيه نظَر.
    (خزن) الخاء والزاء والنون أصلٌ يدلُّ على صيانة الشَّيءِ. يقال خزَنْتُ الدِّرهَم وغيرَه خَزْناً؛ وخزَنتُ السِّرَّ. قال:
    إذا المرءُ لم يخْزُنْ عليه لِسَانََُهُ *** فليس على شَيءٍ سِواهُ بخَزَّانِ([7]) فأمّا خَزِنَ اللّحمُ: تغيَّرَتْ رائحتُه، فليس من هذا، إنما هذا من المقلوب والأصل خنِزَ. وقد ذُكِر في موضعه. قال طرَفة في خزِن:
    ثم لا يَخْزَنُ فينا لحمُها *** إنَّما يَخْزَنُ لحمُ المُدَّخِرْ([8]) (خزو) الخاء والزاء والحرف المعتل أصلان: أحدهما السياسة، والآخر الإبعاد.
    فأمَّا الأول فقولهم خَزَوتُهُ، إذا سُسْتَه. قال لبيد:
    * واخْزُهَا بالبِرِّ لله الأجَلّ([9]) *
    وقال ذو الأصبع:
    لاهِِ ابنُ عَمِّكَ لا أفْضَلْتَ في حسبٍ *** عَنِّي ولا أنتَ دَيّانِي فتخزونِي([10]) وأمَّا الآخَر فقولُهم: أخزَاهُ الله، أي أبعَدَه ومَقَتَه. والاسم الخِزْي. ومن هذا الباب قولهم خَزِي الرّجل: استحيا مِن قُبْحِ فعله خَزَايةً، فهو خَزيان؛ وذلك أنّه إذا فعل ذلك واستحيا تباعَدَ ونأى. قال جرير:
    وإنّ حِمىً لم يَحْمِهِ غيرُ فُرْتَنَى *** وغيرُ ابنِ ذِي الكِيرَيْنِ خَزْيانُ ضائعُ([11]) (خزب) الخاء والزاء والباء يدلُّ على وَرَم ونتُوّ في اللّحم. يقال خَزِبَت الناقةُ خَزَباً، وذلك إذا وَرِم ضَرْعُها. والأصل قولهم لحمٌ خزِبٌ: رَخْصٌ. وكلُّ لحمةٍ رَخْصَةٍ خَزِبَة.
    (خزر) الخاء والزاء والراء أصلان. أحدهما جِنْسٌ [من] الطَّبيخ([12])، والآخر ضِيقٌ في الشَّيء.
    فالأوّل الخَزِيرُ، وهو دقيقٌ يُلْبَكُ بشَحْم. وكانت العربُ تعَيِّر آكِلَه([13]).
    والثاني الخَزَر، وهو ضيق العَيْنِ وصِغَرُها. يقال رجلٌ أخْزَرُ وامرأةٌ خَزْراءُ. وتخازَرَ الرّجُل، إذا قبَض جفنَيه ليحدِّد النّظَر. قال:
    * إذا تخازَرْتُ وما بي مِن خَزَرْ([14]) *
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) في السيرة 59 جوتنجن ومعجم البلدان (مر) أنهم أقاموا بمر الظهران. وهو موضع على مرحلة من مكة.
    ([2]) البيت لعوف بن أيوب الأنصاري، كما في السيرة ومعجم البلدان (مر). وقد نسب في اللسان (خزع) إلى حسان بن ثابت. وانظر ديوان حسان 208.
    ([3]) الجمهرة (2: 216).
    ([4]) البيت لأوس بن حجر، كما في الحيوان (4: 395) وليس في ديوانه. وصدره:
    * وينهى ذوي الأحلام عن حلومهم *
    ([5]) هي بلغة هذيل. ومنه قول أبي ذرة الهذلي:
    إن ينتسب ينسب إلى عرق ورب *** أهل خزومات وشحاج صخب ([6]) في الأصل: "واحد".
    ([7]) البيت لامرئ القيس في ديوانه 125. وفي اللسان بدون نسبة: "فليس على شيء سواه بخازن".
    ([8]) ديوان طرفة 69 واللسان (خزن).
    ([9]) ديوان لبيد 12 طبع 1881 والمجمل واللسان (خزا). وصدره:
    * غير أن لا تكذبنها في التقى *
    ([10]) المفضليات (1: 158، 160) والمجمل واللسان (خزا). وسيأتي في (لاه).
    ([11]) ديوان جرير 370 والمجمل واللسان (خزا).
    ([12]) في الأصل: "البطيخ"، تحريف.
    ([13]) منه قول جرير:
    وضع الخزير فقيل أين مجاشع *** فشحا جحافله جراف هبلع ([14]) الرجز لعمرو بن العاص، في وقعة صفين 421 وكذا في اللسان (مرر) قال: "وهو المشهور. ويقال إنه لأرطاة بن سهية تمثل به عمرو". وانظر اللسان (خزر) والمخصص (14: 180) وأمالي القالي (1: 96).
    ـ (باب الخاء والسين وما يثلثهما)
    (خسف) الخاء والسين والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على غموض وغُؤور، وإليه يرجعُ فُروع الباب. فالخَسْف والخَسَف([1]). غموضُ ظاهرِ الأرض. قال الله تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} [القصص 81].
    ومن الباب خُسوفُ القَمَر. وكان بعضُ أهل اللُّغة يقول: الخُسوف للقمر، والكُسوف للشمس. ويقال بئرٌ خَسِيفٌ([2])، إذا كُسِرَ جِيلُها([3]) فانهارَ ولم يُنتَزَحْ ماؤُها. قال:
    * قَليذَمٌ من العَياليم الخُسُفْ([4]) *
    وانخسفَت العينُ: عمِيَتْ. والمهزول يسمَّى خاسفاً؛ كأنّ لحمَه غارَ ودخَل. ومنه: بات على الخَسْفِ، إذا باتَ جائعاً، كأنّه غاب عنه ما أرادَه مِن طعام. وَرضِيَ بالخَسْفِ، أي الدنِيّة. ويقال: وقَع النّاسُ في أخاسِيفَ من الأرض، وهي اللّينة تكاد تَغْمُِضُ لِلينها.
    وممّا حُمِل على الباب قولُهم للسحاب الذي [يأتي([5])] بالماء الكثير خَسِيفٌ، كأنَّه شُبِّه بالبئر التي ذكرناها. وكذلك قولهم ناقة خَسِيفة([6])، أي غزيرة. فأمّا قولهم إنّ الخَسْفَ الجَوزُ المأكول* فما أدري ما هُو.
    (خسق) الخاء والسين والقاف ليس أصلاً؛ لأنَّ السِّين فيه مُبدلةٌ من الزاء، وإنّما يُغَيَّر اللّفظُ ليغيَّر بعضُ المعنى. فالخازق من السِّهام: الذي يرتزُّ إذا أصابَ الهدف. والخاسق: الذي يتعلَّق ولا يرتَزُّ. ويقولون-والله أعلم بصحته- إنّ الناقة الخَسُوقَ السيِّئةُ الخُلُق.
    (خسل) الخاء والسين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ضَعْفٍ وقِلَّةِ خَطَر. فالمَخْسُول: المرذول. ورجالٌ خُسَّلٌ مثل سُخَّل، وهم الضُّعَفاء. والكواكب المخسولة: المجهولة التي لا أسماء لها. قال:
    ونحنُ الثُّرَيّا وجوزاؤُها *** ونحنُ السّماكانِ والمِرْزَمُ وأنتُم كواكبُ مَخْسُولةٌ *** تُرَى في السّماء ولا تُعْلَمُ([7]) (خسأ) الخاء والسين والهمزة يدلُّ على الإبعاد. يقال خَسَأْتُ الكلبَ. وفي القرآن: {قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون 108]، كما يقال ابعُدوا.
    (خسر) الخاء والسين والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على النَّقْص. فمن ذلك الخُسْر والخُسْران، كالكُفْر والكُفْران، والفُرْق والفُرْقان. ويقال خَسَرْتُ المِيزانَ وأخْسَرْتُه، إذا نقَصْتَه. والله أعلم.
    ـــــــــــــــ
    ([1]) كذا في الأصل مع الضبط. والذي في المعاجم المتداولة: الخسف والخسوف.
    ([2]) في الأصل: "هو خسيف"، صوابه من المجمل واللسان.
    ([3]) جيل البئر، بالكسر، وكذا جالها وجولها: جدارها وجانبها. وفي الأصل والمجمل والجمهرة واللسان: "جبلها" تحريف، صوابه ما أثبت.
    ([4]) لأبي نواس في مرثية خلف الأحمر. انظر ديوانه 132 والحيوان (3: 493) ومحاضرات الراغب (1: 49/ 2: 236).
    ([5]) التكملة من المجمل.
    ([6]) وكذا في المجمل. لكن في اللسان والقاموس "خسيف" بطرح الهاء.
    ([7]) البيتان في المجمل واللسان (خسل، سخل)، إذ يروى فيه "مسخولة". وأنشد البيت الثاني في الأزمنة والأمكنة (2: 373).
    رد مع اقتباس  
     

  9. #9  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الخاء والشين وما يثلثهما)
    (خشع) الخاء والشين والعين أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على التَّطامُن. يقال خَشَع، إذا تطامَنَ وطأْطأَ رأسَه، يخشَع خُشوعاً. وهو قريبُ المعنى من الخضوع، إلاّ أنّ الخُضوع في البدَن والإقرارُ بالاستخذاء، والخشوعَ في الصَّوتِ والبصر. قال الله تعالى: {خَاشِعَةً أبْصَارُهُمْ} [القلم 43، المعارج 44]. قال ابنُ دريد: الخاشِع المستكينُ والرَّاكع. يقال اختشعَ فلانٌ، ولا يقال اختَشَع بَصرُه. ويقال: خَشَع خَراشِيَّ صدْرِه، إذا ألْقى بُزاقاً لزِجاً. والخُشْعَة: قِطعةٌ من الأرض قُفٌّ قد غلبَتْ عليه السُّهولة. يقال قُفٌّ خاشع: لاطِئٌ بالأرض. قال ابنُ الأعرابيّ: بلدةٌ خاشعة: مُغْبَرَّة. قال جريرٌ:
    لَمّا أتى خبرُ الزُّبَيْرِ تواضعت *** سُورُ المدينةِ والجبالُ الخُشَّعُ([1]) قال الخليل. خَشَعَ سَنامُ البَعير، إذا ذهَبَ إلاّ أقله.
    (خشف) الخاء والشين والفاء يدلُّ على الغُموض والسَّتْر وما قارب ذلك. فالخُشَّاف: طائرُ الليل، معروف([2]). والمِخْشَف: الرّجل الجَريء على الليّل. ويقال خَشَفَ يَخْشِفُ خُشُوفاً، إذا ذهَبَ في الأرض وهو قياس الباب. والأخْشَف: البعير الذي غطَّى جلدَه الجربُ؛ لأنّه إذا غطَّاه فقد سَتَره. وسيف خَشِيفٌ: ماضٍ، في ضريبَتِه غُموضٌ([3]). والخشْفَة: الصَّوت ليس بالشديد.
    ومما شذَّ عن الأصل الخَُِشْف: وهُوَ الغَزَال. وهو صحيح. ويقولون-والله أعلم- إنَّ الخشيف الثَّلج ويبيس الزَّعفَران([4]). وخشَفْت رأسَه بالحجر، إذا فضخْته. فإنْ كان هؤلاء الكلماتُ الثّلاثُ صحيحةً فقياسُها قياسٌ آخر، وهو من الهشْمِ والكَسْر.
    (خشل) الخاء والشين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حَقارة وصِغَر. قالوا: الخَشْل الرديُّ مِن كلِّ شيء. قالوا: وأصلُه الصِّغار من المُقْل، وهو الخَشْل. الواحدة [خَشلْة]. قال الشَمّاخ يصف عُقَاباً ووكْرَه:
    تَرَى قِطَعاً من الأحناش فيه *** جماجِمُهنَّ كالخَشَلِ النَّزِيعِ([5]) يقول: إنّ في وكره رؤوسَ الحيّات. ويقال لِرُؤوس الحَلي، من الخلاخيل والأسورة خَشْل. وهذا على معنى التشبيه، أو لأنَّ ذلك أصغرُ ما في الحَلْي. وكان الأصمعيُّ يفسِّر بيت الشماخ على هذا.
    قال: وشبّه رؤوس [الأحناش] بذلك، وهو أشْبَه. ويقال إنّ الخَشْل البَيْض إذا أخرج ما في جَوْفه. فإن كان هذا صحيحاً فلا شيءَ أحقَرُ من ذلك. وهو قياس الباب.
    (خشم) الخاء والشين والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ارتفاعٍ. فالخَيْشوم: الأنف. والخَشَم: داءٌ يعتَرِيه. والرجل الغليظُ الأنْفِ خُشَام. والمُخَشَّم: الذي ثار([6]) الشَّرابُ في خَيشومه فسَكِر. وخياشيم الجِبال: أنوفُها.
    وشذَّت عن الباب كلمةٌ إن كانت صحيحة. قالوا: خَشِم اللّحمُ تغيّر.
    (خشن) الخاء والشين و*النون أصلٌ واحد، وهو خلافُ اللِّين. يقال شيءٌ خَشِنٌ. ولا يكادُون يقولون في الحجَر إلاَّ الأخْشَن. قال:
    * [و] الحجرُ الأخْشَنُ والثِّنَايَهْ([7]) *
    واخشَوْشَنَ الرَّجُل، إذا تماتَنَ وترك التُّرْفَةَ. وكتيبة خشناءُ، أي كثيرة السِّلاح.
    (خشي) الخاء والشين والحرف المعتل يدلُّ على خَوف وذُعْر، ثمّ يحمل عليه المجاز. فالخَشيَة الخَوْف. ورجلٌ خَشْيَانُ. وخاشانِي فلانٌ فخشَيْتُه، أي كنتُ أشّد خَشْيةً منه.
    والمجاز قولهم خَشِيت بمعنى عَلِمت. قال:
    ولقد خَشِيت بأنَّ مَن تَبِعَ الهُدى *** سكَنَ الجِنَانَ مع النبيِّ محمدِ([8]) أي علِمتُ. ويقال هذا المكانُ أخْشَى من ذلك، أي أشدُّ خوفاً.
    ومما شذَّ عن الباب، وقد يمكن الجمعُ بينهما على بُعدٍ، الخَشْوُ: التمر الحَشَف. وقد خَشَتِ النَّخلةُ تَخْشُو خَشْواً. والخَشِيُّ من اللّحم([9]): اليابسُ.
    (خشب) الخاء والشين والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خشونةٍ وغِلَظ. فالأخْشَب: الجبَلُ الغليظ. ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم، في مكّة: "لا تَزُول حَتَّى يَزُولَ أخْشَبَاها". يريد جبلَيْها. وقول القائل يصف بعيراً:
    * تَحْسَب فَوقَ الشَّوْلِ مِنْه أخْشَبَا([10]) *
    فإنّه شبَّهَ ارتفاعَه فوق النُّوق بالجبَل. والخَشِيب السيف الذي بُدِئَ طَبعُه؛ ولا يكون في هذه الحال إلاّ خَشِناً. وسهمٌ مخْشوبٌ وخشيبٌ، وهو حين يُنْحَتُ. وجَمَلٌ خشيب: غليظ. وكلُّ هذا عندي مشتقٌّ من الخشَب. وتخشَّبت الإبل، إذا أكَلَتِ اليبيسَ من المرعَى. ويقال جَبْهةٌ خَشْبَاءُ: كريهة يابسة ليست بمستوية. وظَليمٌ خشيبٌ: غليظ. قال أبو عُبيد: الخشيبُ السَّيفُ الذي بُدِئَ طبعُه؛ ثمّ كثُر حتَّى صار عندهم الخشيبُ الصقيلَ.
    (خشر) الخاء والشين والراء يدلُّ على رداءةٍ ودُونٍ. فالخُشَارة: ما بقي [على] المائدةِ، ممّا لا خيرَ فيه. يقال خَشَرْتُ أَخْشِر خَشْراً، إذا بَقّيت الرَّدِيّ([11]). ويقال الخُشَارة من الشَّعير: ما لا لُبَّ لـه، فهو كالنُّخَالة. وإنّ فُلاناً لَمِنْ خُشارة النّاس، أي رُذَالِهم.
    ـــــــــــــــــ
    ([1]) انظر خزانة الأدب (2: 166).
    ([2]) وهو الذي يقال له الخفاش.
    ([3]) في الأصل: "في ضريبته غموض فيها".
    ([4]) ذكر في القاموس ولم يذكر في اللسان.
    ([5]) ديوان الشماخ 61 واللسان (خشل).
    ([6]) في الأصل والمجمل: "سار"، صوابه في اللسان.
    ([7]) انظر ما سبق في مادة ثني (1: 391)، وكذا اللسان (خشن).
    ([8]) البيت في المجمل واللسان (خشى).
    ([9]) في اللسان والمجمل: "من الشجر".
    ([10]) وكذا في اللسان والمخصص (10: 77)، فالضمير في "منه" للبعير، لكن في المجمل "منها"، وضمير هذه للنوق.
    ([11]) في المجمل: "خشرت ذاك إذا أبقيته"، والمعنيان مذكوران في اللسان.
    ـ (باب الخاء والصاد وما يثلثهما)
    (خصف) الخاء والصاد والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اجتماعِ شيءٍ إلى شيء. وهو مطّرِدٌ مستقيم. فالخَصْف خَصْفُ النَّعْل، وهو أن يُطَبَّق عليها مثلُها. والمِخْصَف: الإشْفَى والمِخْرزُ. قال الهذلي([1]):
    حَتَّى انتهَيْتُ إلى فِراشِ عَزِيزةٍ *** سَوداءَ رَوْثَةُ أَنفِها كالمِخْصَفِ([2]) يعني بِفراشِ العَزيزة عُشَّ العُقَاب.
    ومن الباب الاختصاف، وهو أن يأخذ العُرْيانُ على عَوْرته ورقاً عريضاً أو شيئاً نحْوَ ذلك يَسْتَتِرُ به. والخَصِيفة: اللَّبنُ الرائبُ يُصَبُّ عليه الحليب.
    ومن الباب، وإن كانا يخْتلفانِ في أنّ الأوّل جَمْعُ شيءٍ إلى شيء مطابقةً، والثاني جَمْعه إليه من غير مطابقة، قولُهم حَبْلٌ خَصِيفٌ: فيه سوادٌ وبياض. قال بعضُ أهلِ اللُّغة: كل ذي لونينِ مجتمعين فهو خَصِيفٌ. قال: وأكثر ذلك السَّوادُ والبياضُ . وفرس أَخْصَفُ، إذا ارتفَعَ البلَق من بطنه إلى جنْبَيه.
    ومن الباب الخَصَفةُ، وهي الجُلَّةُ من التَّمْرِ؛ وتكون مخصوفةً. قال:
    * تَبِيعُ بَنِيهَا بالخِصافِ وبالتَّمْرِ([3]) *
    ومن الذي شذَّ عن هذه الجملة قولُهم للنّاقة إذا وضعت حَمْلَها بعد تسعة أشهر: خَصَفَتْ تخْصِف خِصافاً؛ وهي خَصُوفٌ.
    (خصل) الخاء والصاد واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على القَطْعِ والقِطعةِ من الشَّيء، ثم يُحمَل عليها تشبيهاً ومجازاً. فالخَصْل القَطْع. وسيف مِخْصَل: قطَّاع([4]). والخُصْلة من الشَّعَْر معروفة. والخَصِيلة: كلُّ لحمةٍ فيها عَصَبٌ. هذا هو الأصل.
    وممّا حُمِل عليه الخُصَل* أطراف الشّجرِ المتدلّيةُ. ومن هذا الباب الخَصْل في الرِّهان، وذلك أن تُحْرِزَه. والذي يحرزُه طائفةٌ من الشيء. ثمَّ قيل: في فلانٍ خَصْلةٌ حَسَنةٌ وسيِّئة. والأصل ما ذكرناه.
    (خصم) الخاء والصاد والميم أصلان: أحدهما المنازعة، والثاني جانبُ وِعاءٍ.
    فالأوّل الخَصْمُ الذي يُخاصِم. والذّكرُ والأنثى فيه سواءٌ. والخِصام: مصدرُ خاصمتُه مُخاصَمةً وخِصاماً. وقد يجمع الجمعُ على خُصومٍ. قال:
    * وقد جَنَفَتْ عَلَيَّ خُصُومِي([5]) *
    والأصل الثاني: الخُصْم جانب العِدْل الذي فيه العُرْوة. ويقال إنّ جانب كلِّ شيءٍ خُصْمٌ. وأخْصامُ العين: ما ضُمَّتْ عليه الأشفار. ويمكن أنْ يُجمَع بين الأصلين فيردَّ إلى معنىً واحد. وذلك أنّ جانِبَ العِدل مائلٌ إلى أحد الشقيْنِ، والخَصْم المنازِعُ في جانبٍ؛ فالأصل واحدٌ.
    (خصن) الخاء والصاد والنون ليس أصلاً. وفيه كلمةٌ واحدة إن صَحَّت. قالوا: الخَصِين: الفأس الصَّغيرة.
    (خصي) الخاء والصاد والحرف المعتل كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاسُ عليها إلاّ مجازاً، وهي قولُهم خَصَيتُ الفَحْل خَصْياً. و"برِئْتُ إليك من الخِصاء". ومعنى خَصَيْت فعلٌ مشتقٌّ من الخُصْي؛ وهو إيقاعٌ به، كما يقال ظَهَرْتُه وبطنته، إذا ضربتَ ظهْرَه وبطنَه. فكذلك خَصَيْته: نزعت خُصْيَيْه.
    (خصب) الخاء والصاد والباء أصلٌ واحد، وهو ضدُّ الجَدْب. مكانٌ مُخْصِبٌ: خَصِيبٌ. ومن الباب الخِصَاب: نَخْل الدَّقَل([6]).
    (خصر) الخاء والصاد والراء أصلان: أحدهما البَرْد، والآخر وسَط الشَّيء.
    فالأوّل قولُهم خَصِر الإنسانُ يَخْصَر خَصَراً، إذا آلَمهُ البَرد في أطرافه. وخَصِر يومنا خَصراً، أي اشتدَّ برْدُه. ويومٌ خَصِرٌ. قال حسان:
    رُبَّ خالٍ لِيَ لو أبْصَرْتِهِ *** سَبِطِ المِشيْةِ في اليومِ الخَصِرْ([7]) وأمَّا الآخَر فالخَصْر خَصْرِ الإنسانِ وغيره، وهو وَسَطُه المستدِقُّ فوق الورِكين. والمُخَصَّر: الدقيق الخَصْر. ومنه النَّعلُ المُخَصَّرَة. وأما المِخْصَرَةُ فقضيبٌ أو عصا يكون مع الخاطب إذا تكلَّم؛ والجمعُ مَخاصر. قال:
    * إذا وصَلُوا أيمانَهُمْ بالمخاصرِ([8]) *
    وإنّما سُمِّيت بذلك لأنّها تُوازِي خَصْر الإنسان. والمخَاصَرة: أن يأخذ الرجل [بيَدِ آخرَ([9])] ويتماشَيانِ ويَدُ كلِّ واحدٍ منهما عندَ خَصْرِ صاحبِه. قال:
    ثُمَّ خاصَرْتُها إلى القبَّة الخَضْـ *** ـرَاءِ تمشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ([10]) وخَصْر الرّمْل: وسَطَه. قال:
    أَخَذْنَ خُصُورَ الرّمْلِ ثمَّ جَزَعْنَه *** على كُلِّ قَيْنِيٍّ قَشيبٍ وَمُفْأَمِ([11]) والاختصار في الكلام: تَرْكُ فُضولِه واستيجاز معانيه. وكان بعضُ أهل اللغة يقول الاختصار أخْذُ أوساط الكلامِ وتَرْكُ شُعَبِه. ويقال إنّ المخاصرةَ في الطَّريق كالمخَازَمَة([12]). وقد ذُكِر. والله أعلم.
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) هو أبو كبير الهذلي، من قصيدة لـه في ديوان الهذليين 64 نسخة الشنقيطي. والبيت منسوب إليه في اللسان (روث، عزز، خصف).
    ([2]) الروثة: المنقار. وفي الأصل: "لوثة"، صوابه من المصادر المتقدمة.
    ([3]) عجز بيت للأخطل في ديوانه 131 واللسان (خصف). وصدره:
    * فطاروا شقاف الأنثيين فعامر *
    ([4]) في اللسان أنه لغة في "المقصل". فهو من باب الإبدال.
    ([5]) قطعة من بيت للبيد في اللسان (جنف). وهو بتمامه:
    إني امرؤ منعت أرومة عامر *** ضيمي وقد جنفت عليّ خصومي ([6]) الخصاب: جمع خصبة، بالفتح. والدقل؛ بالتحريك: ضرب من التمر رديء.
    ([7]) ديوان حسان 205 واللسان (خصر). وقبله:
    سألت حسان من أخواله *** إنما يسأل بالشيء الغمر قلت أخوالي بنو كعب إذا *** أسلم الأبطال عورات الدبر ([8]) صدره كما في اللسان (حصر):
    * يكاد يزيل الأرض وقع خطابهم *
    وجاء في شعر صفوان الأنصاري في البيان والتبيين (1: 38):
    ولا الناطق النخار والشيخ دغفل *** إذا وصلوا أيمانهم بالمخاصر ([9]) التكملة من المجمل واللسان.
    ([10]) لأبي دهبل الجمحى، كما في اللسان (خصر) والأغاني (6: 157). ويروى لعبد الرحمن بن حسان.
    ([11]) أنشد صدره في المجمل واللسان. ولعله رواية في بيت معلقة زهير:
    ظهرن من السوبان ثم جزعنه *** على كل قيني قشيب ومفأم ([12]) المخازمة، بالخاء المعجمة والزاي. وفي الأصل: "كالمخارمة"، وفي المجمل: " كالمخادمة"، صوابهما في اللسان (خزم).
    ـ (باب الخاء والضاد وما يثلثهما)
    (خضع) الخاء والضاد والعين أصلان: أحدُهما تطامُنٌ في الشَّيء، والآخرُ جنسٌ من الصَّوت.
    فالأوّل الخُضُوع. قال الخَليل. خضع خُضوعاً، وهو الذلُّ والاستخذاء. واختَضَع فلانٌ، أي تذلَّل وتقاصر. ورجلٌ أخْضَعُ وامرأةٌ خَضْعاءُ، وهما الرّاضِيانِ بالذُّلِّ. قال العجاج:
    وصرتُ عبداً للبَعوضِ أخْضَعَا *** يَمَصُّنِي مَصَّ الصَّبِيِّ المُرْضِعا([1]) وقال غيره: خَضَعَ الرّجلُ، وأخْضَعَهُ الفقرُ. ورجلٌ خُضَعةٌ: يَخْضَعُ لكلِّ أحَد. قال الشَّيبانيّ: الخَضَع انكبابٌ في العُنُق إلى الصَّدْر؛ يقال رجُلٌ أخْضَع وعُنُقٌ خَضْعاء. قال زهير:
    وَرْكاءُ مُدْبِرةً كَبْدَاءُ مُقْبِلَةً *** قوْداءُ فيها إذا استعرضْتَها خَضَعُ([2]) قال بعض الأعراب: الخَضَعُ في الظِّلمانِ: انثناءٌ في أعناقها. قال أبو عمرو: *المُختضِع من اللواحم المتطامِنُ رأسُه إلى أسفلِ خُرطومِه. قال النابغة([3]):
    أهْوَى لها أمْغَرُ السَّاقين مختضِعٌ *** خُرطومُه من دِماء الصَّيدِ مختضبُ قال ابنُ الأعرابيّ: الأخضع المتطامِن. ومنه حديث الزبير: "أَنّه كان أخْضَعَ أشعَر". قال أبو حاتم: الخُِضْعانُ([4]) أنْ تخضَع الإبلُ بأعناقِها في السَّير، وهو أشدُّ الوَضْع. قال: ويقال أَخْضَعَه الشَّيبُ وخَضَعَه. قال: ويقال اختضَع الفحلُ النّاقةَ، وهو أنْ يُسَانَّها([5]) ثم يَخْتَضِعها إلى الأرض بكلكَلِه. ويقال خضَع النَّجمُ، إذا مالَ للمغيب. قال امرؤ القيس:
    بَعَثْتُ إليها والنجومُ خواضعٌ *** بِلَيْلٍ حِذاراً أنْ تَهُبَّ وتُسْمَعَا قال ابن دريد: خَضَع الرّجلُ وأخْضَع، إذا لانَ كلامُه. وفي الحديث: "نهى أنْ يُخضِع الرّجلُ لغير امرأته" أي يليِّن كلامه.
    وأمّا الآخر فقال الخليل: الخَيْضعَةُ: التفافُ الصَّوت في الحربِ وغيرِها. ويقال هو غُبَار المعركة.
    وهذا الذي قِيل في الغُبار فليس بشيء؛ لأنه لا قِياسَ له، إلا أن يكون على سبيلِ مجاوَرَةٍ. قال لبيدٌ في الخَيْضعة:
    * الضاربُونَ الهامَ تحتَ الخَيْضَعَهْ([6]) *
    قال قومٌ: الخْيضعة مَعركةُ القِتال؛ لأنّ الأقران يَخضعُ فيها بعضٌ لبعضٍ. وقد عادت الكلمةُ على هذا القول إلى الباب الأول.
    قال ابنُ الأعرابيّ: وقع القومُ في خَيْضَعةٍ، أي صَخَب واختلاطٍ. قال ابنُ الأعرابيّ: والخَضِيعة الصَّوتُ الذي يُسمَع مِن بطن الدابّة إذا عدَتْ، ولا يُدرَى ما هُوَ، ولا فِعْلَ من الخضيعة. قال الخليل الخَضِيعة ارتفاعُ الصَّوت في الحرب وغيرِها، ثمَّ قِيل لما يُسمَع من بطن الفرس خَضِيعة. وأنشد:
    كأنّ خَضِيعةَ بطنِ الجوَا *** دِوعْوَعةُ الذِّئبِ في فَدْفَدِ([7]) قال أبو عمرو: ويقال خَضَع بطنُه خَضِيعةً، أيْ صوّتَ.
    قال بعضهم: الخَضُوع من النساء: التي تَسمَع لخواصرهَا صلصلةً كصوتِ خَضِيعة الفرَس. قال جندل([8]):
    ليست بسَوداءَ خَضُوعِ الأعْفاجْ *** سِرْداحةٍ ذاتِ إهابٍ مَوَّاجْ قال أبو عبيدة: الخَضِيعتانِ لحمتانِ مجوَّفتان في خاصِرَتي الفرس، يدخلُ فيهما الرّيح فيسمعُ لهما صوتٌ إذا تَزَيَّد في مَشْيِه. قال الأصمعيّ: يقال: "للسِّياط خَضْعَةٌ، وللسُّيوف بَضْعة". فالخَضْعة: صوتُ وقْعِها، والبَضْعَةُ: قَطْعُها اللَّحم.
    (خضف) الخاء والضاد والفاء ليس أصلاً ولا شغل به([9]). ويقولون خَضِف إذا خَضَم([10]). والخَضَفُ: البِطِّيخ، فيما يقولون.
    (خضل) الخاء والضاد واللام أصلٌ واحد يدلُّ على نَعْمةٍ ونَدى. يقال أخْضَلَ المطرُ [الأرضَ] فهو مُخْضِلٌ، والأرض مُخْضَلَةٌ. واخضلَّ الشَّيءُ: ابتلّ. والخَضِلُ: النَّبات الناعم. ويقال إنّ الخضيلةَ الرَّوضة. ويقال لامرأة الرّجُل خُضُلَّتُه([11])، وهو من هذا وذلك، كما سُمِّيَت طَلَّةً، لأنّها كالطّلِّ في عَينِه. وكل نِعمة خُضُلّة. قال:
    إذا قلتُ إنّ اليومَ يومُ خَضُلّةٍ *** ولا شرْزَ لاقيتُ الأمورَ البَجَارِيا([12]) (خضم) الخاء والضاد والميم أصلان: جنسٌ من الأكل، والآخَر يدلُّ على كثرةٍ وامتلاء.
    فالأوّل الخَضْم، وهو المضغ بأقصى الأضراس. وفي الحديث: "تَخْضِمون ونَقْضَمُ، والموعد الله".
    والأصل الآخَر: الخِضَمُّ: الرجُل الكثير العطيَّة. والخِضَمُّ: الجَمْع الكثير. قال:
    * فاجتَمَع الخِضَمُّ والخِضَمُّ([13]) *
    وأما المِسَنّ([14]) فيقال له الخِضَمُّ تشبيهاً، وإنّما ذاك من قياس الباب؛ لأنّه يُسقى ماءً كثيراً. وحُجَّتُه قول أبي وجْزة:
    * على خِضَمٍّ يُسَقَّى الماءَ عَجّاجِ([15]) *
    ومن الباب الخُضُمَّة، وهي عَظْمة الذّراع، وهو مُسْتَغْلَظُها. ويقال إنّ *مُعظم كلِّ شيء خُضُمَّةٌ.
    (خضن) الخاء والضاد والنون أصلٌ واحد صحيح. فالمُخَاضَنة: المُغازلة. قال الطرمّاح:
    وألقتْ إليَّ القولَ منهنَّ زَوْلةٌ *** تُخَاضِنُ أوْ ترنُو لِقولِ المُخَاضِنِ([16]) (خضب) الخاء والضاد والباء أصلٌ واحدٌ، وهو خَضْبُ الشَّيء. يقال خضبت اليدَ وغيرَها أخْضِبُ. ويقال للظليم خاضِبٌ، وذلك إذا أكَلَ الرَّبيعَ فاحمرَّ ظُنْبوباه أو اصفَرَّا. قال أبو دُوَاد:
    له ساقا ظليم خا *** ضبٍ فُوجِئَ بالرُّعْبِ([17]) ولا يقال إلاّ للظَّليم، دُونَ النعامة. يقال: امرأةٌ خُضَبَةٌ: كثيرة الاختضاب. ويقال [خَضَبَ] النّخلُ، إذا اخضرَّ طَلْعُه. وقال بعضهم: خضب الشجر يَخْضب([18]) إذا اخْضَرَّ؛ واخضَوْضَب. والكَفُّ الخَضيبُ: نجم؛ وهذا على التَّشبيه. وأَمّا الإجَّانة وتسميتُهم إيّاها المِخْضَب فهو في هذا؛ لأنّ الذي يُخْضَب به يكون فيها([19]).
    (خضد) الخاء والضاد والدال أصلٌ واحدٌ مطّرِدٌ، وهو يدلُّ على تَثَّنٍّ في شيءٍ ليِّن. يقال انخضد العُود انخِضاداً، إذا تَثَنَّى من غير كَسْر. وخَضَدتُه: ثَنَيْتُه. وربَّما زادُوا في المعنى فقالوا: خَضَدْتُ الشجرةَ، إذا كَسَرت شوكتَها. ونباتٌ خَضيدٌ. والأصلُ هو الأوَّل؛ لأنّ الخضيد هو الرّيَّان الناعم الذي يتثنَّى لِلِينه. فأما قولُ النَّابغة:
    يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لجِبٍ *** فيه رُكامٌ من اليَنْبُوتِ والخَضَدِ([20]) فإنّه يقال: الخَضَد ما قُطِع من كلِّ عُودٍ رَطْب. ويقال خَضَدَ البعيرُ عُنقَ البعير، إذا تقاتَلا فَثَنى أحدُهما عُنُقَ الآخَر.
    (خضر) الخاء والضاد والراء أصلٌ واحد مستقيم، ومحمولٌ عليه. فالخُضرة من الألوان معروفة. والخَضْراء: السَّماء، لِلَونها، كما سُمِّيت الأرضُ الغَبراء. وكتيبةٌ خضراءُ، إذا كانت عِلْيَتُها([21]) سواد الحديد، وذلك أنّ كلَّ ما خالَفَ البياضَ فهو في حَيِّز السَّواد؛ فلذلك تداخلت هذه الصفاتُ، فيسمى الأسودُ أخضَر. قال الله تعالى في صفة الجنَّتين: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن 64] أي سَوداوان. وهذا من الخضرة؛ وذلك أن النّبات الناعم الريَّانَ يُرَى لشدّة خُضرته من بُعدٍ أسود. ولذلك سُمِّي سَوادُ العِراق لكثرة شجرِه. والخُضْر: قومٌ سُمُّوا بذلك لسواد ألوانهم. والخُضرة في شِيات الخَيل: الغُبرة تخالطها دُهْمة. فأَمّا قوله:
    وأنا الأخضرُ مَن يعرفني *** أخْضَرُ الجلدة في بيتِ العربْ([22]) فإنه يقول: أنا خالصٌ؛ لأنّ ألوان العرب سُمْرَةٌ([23]). فأمّا الحديثُ: "إيّاكم وخَضْرَاءَ الدِّمَن" فإنّ تلك المرأة الحسناء في منبِت سَوْءٍ، كأنّها شجرةٌ ناضرة في دِمْنة بَعر. والمخاضَرة: بيع الثِّمار قبل بدُوِّ صلاحِها؛ وهو منهيٌّ عنه. وأمّا قولهم: "خُضْر المَزَاد" فيقال إنّها التي بقيت فيها بقايا ماءٍ فاخضرّت من القِدم، ويقال بل خُضْرُ المزاد الكُروش.
    ويقال إن الخَضَارَ البقلُ الأوّل.
    فأما قوله: "ذهب دمُه خِضْراً"، إذا طُلّ. فأَحسَِبه من الباب. يقول: ذهب دمُه طرِيَّاً كالنَّبات الأخضر، الذي إذا قُطِع لم يُنتفَع به بعدَ ذلك وبَطَل وذَبُل.
    فأمّا قولهم إنَّ الخَضار اللَّبنُ الذي أُكثِر ماؤُه، فصحيحٌ، وهو من الباب؛ لأنّه إذا كان كذا غَلَبَ الماءُ، والماء يسمَّى الأسمر. وقد قلنا إنّهم يسمُّون الأسْوَدَ أخضرَ، ولذلك يسمَّى البحرُ خُضارة.
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) ديوان العجاج 82 واللسان (خضع).
    ([2]) قبله في ديوان زهير 237:
    لقد لحقت بأولى القوم تحملني *** لما تذاءب للمشبوبة الفزع ([3]) ليس في ديوانه.
    ([4]) بالضم، كالغفران والكفران، وبالكسر، كالوجدان.
    ([5]) يقال سان البعير الناقة يسانها مسانة وسنانا: عرضها للتنوخ ليسفدها.
    ([6]) البيت من أرجوزة للبيد في ديوانه 7-8 وأمالي ثعلب 449 والخزانة (4: 117).
    وانظرها مع قصتها في الخزانة وأمالي المرتضى (1: 134- 147) والحيوان (5: 173) والأغاني (14: 91-92) والعمدة (1: 27).
    ([7]) نسب في اللسان (خضع) لامرئ القيس.
    ([8]) هو جندل بن المثنى الطهوي، أحد رجازهم.
    ([9]) كذا في الأصل.
    ([10]) خضم، بالخاء والضاد المعجمتين، أي ضرط. ومثله "حصم" بالمهملتين. وفي الأصل: "خصم"، تحريف. وفي المجمل "حبق".
    ([11]) قال بعض سجعة فتيان العرب: "تمنيت خضلة، ونعلين وحلة".
    ([12]) لمرداس الدبيري، كما في اللسان (خضل، شرز). وفي الأصل: "ولا شر"، صوابه في المجمل واللسان. والشرر: الشديدة من شدائد الدهر.
    ([13]) للعجاج في ديوانه 63 واللسان (خضم). وبعده: * فخطموا أمرهم وزموا *
    ([14]) المسن: الذي يسن عليه الحديد ونحوه. وأخطأ بعض اللغويين فجعله المسن من الإبل.
    ([15]) صدره كما في اللسان (خضم): * حرى موقعة ماج البنان بها *
    ([16]) ديوان الطرماح 164 واللسان (خضن). وفي صلب الديوان:
    وألقت إليّ القول عنهن زولة *** تلاحن أو ترنو لقول الملاحن وهذه الرواية أيضاً في اللسان (لحن).
    ([17]) البيت يروى من قصيدة لعقبة بن سابق في كتاب الخيل لأبي عبيدة 157-160 ونسب إلى أبي دؤاد في اللسان (خضب) وكلمة "خاضب" ساقطة من الأصل.
    ([18]) يقال، من بابي ضرب وتعب، وكذا خضب، بالبناء للمفعول.
    ([19]) في الأصل: "فيكون فيها".
    ([20]) ديوان النابغة 26 واللسان (خضد، نبت).
    ([21]) في المجمل: "إذا غلب عليها لبس الحديد".
    ([22]) البيت للمفضل بن العباس اللهبي كما في رسائل الجاحظ 71 والكامل 143 ليبسك ومعجم المرزباني 309 وكنايات الجرجاني 51 والأضداد 335. ونسب في اللسان (خضر) إلى عتبة بن أبي لهب، وفي رسائل الجاحظ أيضاً إلى عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.
    ([23]) في المجمل: "السمرة".
    ـ (باب الخاء والطاء وما يثلثهما)
    (خطف) الخاء والطاء والفاء أصلٌ واحدٌ مطّرِد منقاس، وهو استلابٌ في خفّة. فالخَطْف الاستلاب. تقول. خَطِفْتُه أخْطَفُه، وخَطَفْتُه أخطِفُه. وبَرْقٌ خاطفٌ لنور الأبْصار. قال الله تعالى: {يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَِفُ أَبْصَارَهُم([1])} [البقرة 20]، والشيطان يخطَِف السَّمع، إذا استرق. قال الله تعالى: {إلاَّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَة} [الصافات 10]. ويقال للشيطان: "الخَطّاف"، وقد* جاء هذا الاسم في الحديث:([2]). وجمل خَيْطَفٌ: سريع المَرّ. وتلك السُّرعة الخَيْطَفى. قال:
    * وعَنَقاً باقِي الرَّسيم خَيْطفا([3]) *
    وبه سُمِّي الخَطَفى، والأصل فيه واحد؛ لأنّ المسرعَ يقلُّ لُبْث قوائمه على الأرض، فكأنّه قد خَطَِف الشَّيء. ويقال هو مُخْطَفُ الحَشَا، إذا كان منطوِيَ الحشا. وذلك صحيحٌ؛ لأنّه كأنّ لحمَه خُطِف منه فرقَّ ودَقَّ. فأما قولهم: رمَى الرمِيَّة فأَخطَفَها؛ إذا أخطأها، فمْمكنٌ أن يكون من الباب، [وممكنٌ أن يكون] الفاءُ بدلاً من الهمزة. قال:
    * إذا أصابَ صَيْدَهُ أو أخْطَفَا([4]) *
    والخُطّاف: طائر، والقياس صحيح، لأنّه يخطَف الشيءَ بمِخلبه. يقال لمخاليب السِّباع خطاطيفها. قال:
    إذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطيفُ كَفِّهِ *** رأى الموتَ بالعينَين أسودَ أحْمَرا([5]) والخطّاف: حديدةٌ حَجْناء؛ لأنه يُخْتَطف بها الشيء، والجمع خطاطيف. قال النابغة:
    خطاطيفُ حُجْنٌ في حبالٍ مَتينةٍ *** تُمَدُّ بها أيدٍ إليكَ نوازعُ([6]) (خطل) الخاء والطاء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على استرخاءٍ واضطراب، قياسٌ مطرد. فالخَطَل: استرخاءُ الأذُن. يقال أذُنٌ خَطْلاء، وثَلَّةٌ خُطْلٌ، وهي الغنم المسترخِيةُ الآذان. قال:
    إذا الهَدَفُ المِعْزالُ صوَّب رأسَه *** وأعجبَهُ ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ([7]) ورُمْحٌ خَطِلٌ: مضطرِب. ويقال للأحمق خَطِلٌ. والخَطَل: المنطقُ الفاسد.
    وزعم ناسٌ أنّ الجوادَ يسمَّى خَطِلاً، وذلك لسُرعته إلى العطاء. ويقال امرأةٌ خَطَّالةٌ: ذاتُ رِيبة، وذلك لخَطَلها. والأصل واحدٌ.
    (خطم) الخاء والطاء والميم يدلُّ على تقدُّمِ شيءٍ في نُتُوٍّ يكون فيه. فالمَخَاطم الأنوف، واحدها مَخْطِم. ورجلٌ أخطمُ: طويلُ الأنف. والخِطَام للبعير سُمِّي بذلك لأنّه يقع على خَطْمه. ويقال إنّ الخُطْمة([8]) رَعْنُ الجَبَل. فهذا هو الباب.
    وقد شذت كلمةٌ واحدة، قالوا: بُسْرٌ مُخَطَّمٌ، إذا صارت فيه خُطوط.
    (خطو/أ) الخاء والطاء والحرف المعتلّ والمهموز، يدلُّ على تعدّي الشيء، والذَّهاب عنه. يقال خَطوتُ أخطو خَُطوة. والخُطْوة: ما بين الرِّجْلين. والخَطْوة: المرَّة الواحدة.
    والخَطَاءُ من هذا؛ لأنّه مجاوزة حدِّ الصواب. يقال أخطأ إذا تعدّى الصَّواب. وخَطِئ يخطأُ، إذا أذْنب، وهو قياسُ الباب؛ لأنه يترك الوجه الخَيْرَ.
    (خطب) الخاء والطاء والباء أصلان: أحدهما الكلامُ بين اثنين، يقال خاطبهُ يُخاطِبه خِطاباً، والخُطْبة من ذلك. وفي النِّكاح الطّلَب أن يزوّج، قال الله تعالى:{لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساء} [البقرة 235]. والخُطْبة: الكلام المخطوب به. ويقال اختطب القومُ فلاناً، إذا دعَوْه إلى تزوج صاحبتهم. والخطب: الأمرُ يقع؛ وإنما سُمِّي بذلك لِمَا يقع فيه من التَّخاطب والمراجعة.
    وأمّا الأصل الآخرَ فاختلافُ لونَين. قال الفرَّاء: الخَطْبَاء: الأتان التي لها خَطٌّ أسودُ على مَتْنِها. والحمار الذكر أخْطَبُ. والأخطَب: طائر؛ ولعله يختلِف عليه لونان. قال:
    * إذا الأخْطَبُ الدَّاعِي على الدَّوْح صَرْصَرا([9]) *
    والخُطْبان: الحنْظَلُ إذا اختلف ألوانُه. والأخطَبُ: الحمار تعُلوه خُضْرة. وكلُّ لونٍ يشبه ذلك فهو أخْطَبُ.
    (خطر) الخاء والطاء والراء أصلان: أحدهما القَدْر والمكانة، والثاني اضطرابٌ وحركة.
    فالأوّل قولهم لنظير الشيء خَطِيرُهُ([10]). ولِفلانٍ خَطَرٌ، أي منزلةٌ ومكانة تناظرُه وتصلُح لمِثْله.
    والأصل الآخر قولهم: خَطر البعير بذنبه خَطَراناً. وخَطَرَ ببالي كذا خَطْراً، وذلك أن يمرَّ بقلبه بسرعةٍ لا لُبْثَ فيها ولا بُطْء. ويقال خَطَر في مِشْيَته. ورجلٌ خَطَّارٌ بالرُّمح، أي مَشَّاءٌ بِهِ([11]) طعّان. قال:
    * مَصاليتُ خَطّارون بالرُّمح في الوغَى([12]) *
    ورمح خَطّارٌ: ذُو اهتِزازٍ. *وخَطَر الدّهر خَطرَانَهُ، كما يقال ضَرَب ضَرَبانَه. والخَطْرة: الذِّكرة. قال:
    بينما نحنُ بالبَلاكِثِ فالقا *** عِ سِراعاً والعِيسُ تهوِي هُوِيَّا([13]) خَطَرَتْ خَطْرَةٌ على القلب مِن ذِكـ *** ـراكِ وَهْناً فما استطعتُ مُضِيّا ــــــــــــــــــ
    ([1]) قراءة فتح الطاء أعلى، ونسب في اللسان قراءة الكسر إلى يونس. وانظر تفسير أبي حيان (1: 89-90).
    ([2]) هو حديث علي: "نفقتك رياء وسمعة للخطاف".
    ([3]) البيت لعوف، جد جرير بن عطية بن عوف، وبهذا لقب "الخطفى".
    ([4]) للعماني الراجز، كما في اللسان (خطف) وقبله: * فانقض قد فات العيون الطرفا *
    ([5]) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (خطف).
    ([6]) ديوان النابغة 55 واللسان (خطف).
    ([7]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 43 واللسان (هدف، عزل، صفا). وسيعيده في (ضفو) ويروى: "المعزاب" بالباء بدل اللام، وهما بمعنى.
    ([8]) لم ترد هذه الكلمة في اللسان والقاموس. ووردت في الأصل والمجمل بهذا الضبط.
    ([9]) صدره كما اللسان (خطب، مرر): * ولا أنثني من طيرة عن مريرة *
    ([10]) يقال هو خطير له وخطر أيضاً.
    ([11]) كتب في الأصل"مشابه".
    ([12]) ورد هذا الصدر في المجمل واللسان.
    ([13]) نسب في الحماسة (2: 73) واللسان (بلكث) إلى بعض القرشيين. وفي حواشي اللسان: هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة. ونسبه ياقوت في معجم البلدان إلى كثير.
    ـ (باب الخاء والظاء وما يثلثهما)
    (خظي) الخاء والظاء والياء ليس في الباب غيره، وهو يدلُّ على اكتنازِ الشَّيء. ولا يكادُ يقال هذا إلاّ في اللَّحم؛ يقال خَظِي لحمُه، إذا اكتَنَز(1). ولحمه خَظَا بَظَا. ورجلٌ خَظَوَانٌ: ركِب لحمُه بعضُه بعضاً.‏
    ــــــــــــــــ
    (1) في اللسان: "قال ابن فارس: خظي وخظى بالفتح أكثر".‏
    ـ (باب الخاء والعين وما يثلثهما)
    اعلم أنّ الخاء لا يكاد يأتلف مع العين إلاّ بدخيل، وليس ذلك في شيءٍ أصلاً. فالخَيْعَل: قميصٌ لا كُمَّىْ له(1). قال:‏
    * عَجوزٌ عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ(2) *‏
    والخَيْعل: الذِّئب، والغُول. ويقال الخَيْعامَة نَعْتُ سَوْءٍ للرَّجُل. ولا مُعوَّل على شيءٍ من هذا الجِنْسِ، لا ينقاس.‏
    ـــــــــــــــــــ
    (1) في الأصل: "لا كم له"، والوجه ما أثبت من اللسان. وفي المجمل: "لا كمين له". والمألوف في عبارة اللغويين التعبير الذي تحذف فيه النون، ينظر فيه إلى أن اللام كالمقحمة، لا يعتد بها في هذا الموضع. وانظر ما سيأتي في ص253 س8.‏
    (2) لتأبط، كما في اللسان (هدمل). وصدره:‏ * نهضت إليها من جثوم كأنها *‏
    ـ (باب الخاء والفاء وما يثلثهما)
    (خفق) الخاء والفاء والقاف أصلٌ واحد يرجع إليه فروعُه، وهو الاضطراب في الشَّيء. يقال خفَق العلم يَخْفُِق. وخفق النّجم، وخفق القلبُ يخفُِق خفقاناً. قال:
    كأنّ قطاةً عُلِّقت بجنَاحِها *** على كبِدي مِن شِدّةِ الخفقانِ([1]) ويقال أخْفَقَ الرّجلُ بثوبه، إذا لَمَعَ به. ومن هذا الباب الخَفْق، وهو كلُّ ضربٍ بشيءٍ عريض. يقال خَفَقَ الأرضَ بنَعله. ورجل خَفّاق القَدَمِ، إذا كان صدرُ قدمِه عريضاً. والمِخْفَقُ: السَّيف العريض. ويقال إنّ الخَفْقَة المفازةُ([2])، وسمِّيت بذلك لأنّ الرياح تختفِق فيها.
    ومن الباب ناقة خفيقٌ: سريعة([3]). وخَفَقَ السّرابُ؛ اضطربَ. وخفَق الرّجُل خَفْقةً، إذا نَعَس. والخافقانِ: جانِبا الجَوِّ. وامرأةٌ خَفّاقة الحشا، أي خمِيصة البَطْن، كأنَّ ذلك يضطرب. وأمّا قولهم أَخفق الرجل، إذا غَزَا ولم يُصِب شيئاً، فيمكن أن يكون شاذّاً عن الباب، ويمكن أن يقال: إذا لم يُصِبْ فهو مضطربُ الحال؛ وهو بعيد. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أيُّما سَرِيَّةٍ غَزَتْ فأخفقَتْ كان لها أجرُها مَرَّتَين". وقال عنترة:
    فيُخفِق مَرَّةً ويُفِيد أُخْرى *** ويَفجَع ذا الضغائن بالأرِيبِ([4]) (خفي) الخاء والفاء والياء أصلان متباينان متضادّان. فالأوّل السَّتْر، والثاني الإظهار.
    فالأوّل خَفِيَ الشَّيءُ يخفَى؛ وأخفيته، وهو في خِفْيَة وخَفاءٍ، إذا ستَرْتَه، ويقولون: بَرِحَ الخَفَاء، أي وَضَحَ السِّرُّ وبدا ويقال لما دُونَ رِيشات الطائر العشر، اللواتي في مقدم جناحه: الخوافي. والخوافي: سَعَفاتٌ يَلِين قَلْب النَّخلة والخافي: الجنّ. ويقال للرّجُل المستترِ مستخْفٍ.
    والأصل الآخر خفا البرقُ خَفْواً، إذا لمع، ويكون ذلك في أدنى ضعف. ويقال خَفَيْتُ [الشَّيءَ] بغَيْر ألِفٍ، إذا أظهرتَه. وخَفَا المطَرُ الفَأر من جِحَرَتهنّ: أخْرجَهن. قال امرؤ القيس:
    خَفاهُنّ من أَنْفَاقِهنّ كأنَّما *** خَفاهُنَّ وَدْقٌ من سَحابٍ مُركبِ([5]) ويقرأ على هذا التأويل: {إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أَخْفِيها([6])} [طه 15] أي أُظهِرُها.
    (خفت) الخاء والفاء والتاء أصلٌ واحدٌ، وهو إسرارٌ وكتمان. فالخَفْتُ: إسرار النُّطْق. وتخافَتَ الرّجُلانِ. قال الله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ} [طه 103]. ثم قال الشاعر:
    أُخاطِبُ جَهْراً إذْ لهنّ تَخافُتٌ *** وشَتَّانَ بينَ الجَهْرِ وَالمَنْطِق الخَفْتِ([7]) (خفج) الخاء والفاء والجيم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الاستقامة. فالأخفج: الأعوج الرِّجْل؛ والمصدر الخَفَج، ويقال إنَّ الخَفَج* الرِّعدة. وهو ذاك القياس.
    (خفد) الخاء والفاء والدال أصلٌ واحد، وهو من الإسراع. يقال خَفَدَ الظليم: أسرع في مَرِّه. ولذلك سُمِّي خَفيْدَداً.
    (خفر) الخاء والفاءُ والراءُ أصلان: أحدهما الحياء، والآخَر المحافظة أو ضِدُّها.
    فالأوّل الخَفَرُ. يقال خَفِرَت المرأةُ: استحيت، تَخفَر خَفراً، وهي خَفِرَةٌ. قال:
    * زَانَهنّ الدَّلُّ والخَفَرُ *
    وأمّا الأصل الآخر فيقال خفَرْتُ الرّجُل خُفْرةً، إذا أَجَرْتَه وكنتَ له خَفيراً. وتَخَفَّرْتُ بفلانٍ، إذا استَجَرْتَ به. ويقال أخفَرْتُه، إذا بَعَثْتَ معه خفيراً.
    وأمّا خِلافُ ذلك فأخفَرتُ الرّجُلَ، وذلك إذا نقضْتَ عَهده. وهذا كالباب الذي ذكرناه في خفَيت وأخفيت.
    (خفع) الخاء والفاء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على التزاق شيءٍ بشيء لِضُرٍّ يكون. يقال انخَفَعَ الرَّجل على فراشه، إذا لَزِق به مِن مرض. ويقال خَفعَ الرَّجُل، إذا التزق بطنُه بظهْره. ومنه قول جرير:
    * رَغداً وضَيْفُ بني عِقالٍ يُخْفَعُ([8]) *
    وذكر ناسٌ: انخفَعت كَبِدُه من الجوع، إذا انقطعت. وأنشدوا هذا البيتَ؛ وهو قريبٌ من الأوّل. وقال بعضهم: الأخفع الرجل الذي كأنَّ به ظَلْعاً إذا مشَى. ويقال: الخَوْفَع الواجم المكتئِب. ويقال خفَعتُه بالسَّيف، إذا ضربتَه به. والقياس واحد.
    ـــــــــــــــــ
    ([1]) البيت لعروة بن حزام من قصيدة في ديوانه نسخة الشنقيطي بدار الكتب المصرية، ورواها القالي في النوادر 158-162. وعدتها تسعة أبيات ومائة.
    ([2]) شاهده قول العجاج: * وخفقة ليس بها طوئي *
    ([3]) في الأصل: "ناقة خفيق سريع"، محرف.
    ([4]) البيت في اللسان (خفق) برواية: "ويصيد أخرى".
    ([5]) ديوان امرئ القيس 86 واللسان (خفى) ونوادر أبي زيد 9 والقالي (1: 211) والمخصص (10: 46).
    ([6]) هذه قراءة أبي الدرداء وابن جبير والحسن ومجاهد وحميد، ورويت عن ابن كثير وعاصم وسائر القراء بضم الهمزة. تفسير أبي حيان (6: 232).
    ([7]) البيت في اللسان (خفت)، وقد سبق في (جهر 1: 487). وفي الأصل: "اخافت" تحريف.
    ([8]) ديوان جرير 449 واللسان (خفع). وصدره: * يمشون قد نفخ الخزير بطونهم *
    ـ (باب الخاء واللام وما يثلثهما)
    (خلم) الخاء واللام والميم أصلٌ واحد يدل على الإلْفِ والمُلازَمة. فالخِلْم: كِناس الظّبى، ثمَّ اشتقَّ منه الخِلْم، وهو الخِدْن. والأصل واحد.
    (خلو) الخاء واللام والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على تعرِّي الشَّيء من الشيء. يقال هو خِلْوٌ من كذا، إذا كان عِرْواً منه. وخَلَتِ الدار وغيرُها تخلُو. والخَلِيّ: الخالي من الغَمّ. وامرأةٌ خَلِيَّة: كنايةٌ عن الطَّلاق، لأنّها إذا طُلّقت فقد خَلَتْ عن بعلها. ويقال خلا لِيَ الشّيءُ وأخلى. قال:
    أعاذلَََُ هل يأتِي القَبَائلَ حظُّها *** مِن الموتِ أم أخْلَى لنا الموتُ وَحْدَنا([1]) والخَلِيّة: الناقة تُعطَف على غير ولدِها، لأنّها كأنّها خَلَتْ من ولدها الأول. والقرون الخالية: الموَاضِي. والمكان الخَلاء: الذي لا شيءَ به. ويقال ما في الدار أحدٌ خلا زَيْدٍ وزيداً، أي دَع ذِكرَ زيدٍ، اخْلُ من ذكر زيد. ويقال: افعَلْ ذاكَ وخَلاَك ذَمٌّ، أي عَدَاك وخلَوْت منه وخلا منك.
    ومما شذَّ عن الباب الخَلِيَّة: السفينة، وبيت النَّحل. والخَلا: الحشيش. وربَّما عبَّرُوا عن الشيء الذي يخلُو من حافِظِه بالخَلاة، فيقولون: هو خَلاَةٌ لكذا([2])، أي هو مِمَّن يُطْمَع فيه ولا حافِظَ له. وهو من الباب الأوّل.
    وقال قوم: الخَلْيُ القَطْع، والسيف يَخْتَلِي، أي يقتَطع. فكأنَّ الخلا سُمِّي بذلك لأنّه يُخْتَلى، أي يُقْطَع.
    ومن الشاذّ عن الباب: خلا به، إذا سَخِر به.
    (خلب) الخاء واللام والباء أصولٌ ثلاثة: أحدها إمالة الشيء إلى نفسك، والآخر شيءٌ يشمل شيئاً، والثالث فسادٌ في الشيء.
    فالأوّل: مِخْلب الطائر؛ لأنه يَخْتلِب به الشيءَ إلى نَفْسه. والمِخْلب: المِنْجل لا أسنانَ لـه. ومن الباب الخِلاَبَة: الخِداع، يقال خَلَبَه بمنطقِه. ثمَّ يحمل على هذا ويُشتقُّ منه البَرْق الخُلَّب: الذي لا ماءَ معه، وكأنّه يَخْدَع، كما يقال للسَّراب خادعٌ.
    وأما الثاني: فالخُلْبُ اللِّيف، لأنه يشمل الشّجرة. والخِلْب، بكسر الخاءِ: حِجاب القَلْب، ومنه قيل للرجل: "هو خِلْبُ نِساءٍ"، أي يحبُّه النساء.
    والثالث: الخُلْب، وهو الطِّين والحمْأَة، وذلك ترابٌ يفسده. ثم يشتقّ منه امرأةٌ خَلْبَنٌ، وهي *الحَمْقَاء. وليست من الخِلابة. ويقال للمهزولة خَلْبَنٌ أيضاً.
    فأمَّا الثوب المخلَّب فيقولون: إنّه الكثيرُ الألوان، وليس كذلك، إنَّما المُخَلَّبُ الذي نُقِش نقوشاً على صورِ مَخَالِيبَ، كما يقال مُرَجَّلٌ للذي عليه صُوَرُ الرِّجال([3]).
    (خلج) الخاء واللام والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على لَيٍّ وفَتْلٍ وقِلّةِ استقامة. فمن ذلك الخليجُ، وهو ماء يَمِيل مَيْلَةً عن مُعْظَم الماءِ فيستقرُّ. وخليجا النَّهر أو البحر: جناحاه([4]). وفلان يتخلَّج في مِشيته، إذا كان يتمايَلُ. ومن ذلك قولهم: خَلَجنِي عن الأمر، أي شَغَلني، لأنَّه إذا شغله عنه فقد مال به عنه. والمخلوجة: الطَّعنة التي ليست بمستوِية، في قول امرئ القيس:
    نَطْعُنُهُم سُلْكَى ومخلوجةً *** كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِل([5]) فالسُّلْكَى: المستوية. والمخلوجة: المنحرفة المائلة.
    ومنه قولهم: خَلَجْتُ الشّيءَ من يده، أي نزعتُه. وخالَجْت فُلاناً: نازعتُه. وفي الحديثِ في قراءة القرآن: "لَعَلَّ بَعضَكُم خالجنِيها([6])". والخليج: الرَّسَن، سُمِّي بذلك لأنّه يُلوَى لَيّاً ويُفْتَل فَتْلاً. قال:
    وباتَ يُغَنِّي في الخليجِ كأنَّه *** كُمَيْتٌ مُدَمَّىً ناصعُ اللَّونِ أَقْرَحُ([7]) ويقال خلجَتْه الخوالجُ، كما يقال عَدَتْه العَوادِي. وأما قولُ الحطيئة:
    * بمخلُوجةٍ فيها عن العَجْزِ مَصْرَِفُ([8]) *
    فإنّه يصِفُ الرَّأي، وشبَّهَه بالحبل المحكَم المفتول. فهذا إذاً تشبيهٌ. ويجوز أن يكون لمَّا قيل: فيها عن العَجز مصرفٌ، جعلَها مخلوجة، لأنّه قد عُدِل بها عن العَجز.
    فأمّا قولهم: خُلِجَتِ النَّاقةُ، وذلك إذا فطَمتْ ولدها فقَلَّ لبنُها، فهو من الباب، لأنّه عُدِلَ بها عن ولدها وعدَل ولَدُها عنها. ويقال سحابٌ مخلوجٌ: متفرِّق. فإن كان صحيحاً فهو من الباب، لأنّ قِطعةً منه تميل عن الأُخرى. والخَلَجُ: فسادٌ وداءٌ([9]). وهو من الباب.
    (خلد) الخاء واللام والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الثبات والملازمَة، فيقال: خَلَدَ: أقام، وأخلَدَ أيضاً. ومنه جَنَّةُ الخُلْدِ. قال ابن أحمر:
    خَلَدَ الحبيبُ وبادَ حاضِرُهُ *** إلاَّ مَنازِلَ كلُّها قَفْرُ ويقولون رجلٌ مُخْلَدٌ ومُخْلِد([10])، إذا أبطأ عنه المشِيب. وهو من الباب، لأنَّ الشَّباب قد لازمَه ولازَمَ هو الشباب. ويقال أخْلَدَ إلى الأرض إذا لَصِق بها. قال الله تعالى: {وَلَكِنَّهُ أخْلَدَ إلَى الأَرْضِ} [الأعراف 176]. فأما قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلّدُونَ} [الإنسان 19]، [فهو] من الخُلْد، وهو البقاء، أي لا يموتون. وقال آخرون: من الخِلَد، والخِلَدُ: جمع خِلَدة وهي القُرْط. فقوله: {مُخَلّدُونَ} أي مقرَّطون مشنَّفون. قال:
    ومخَلّدَاتٌٍ باللُّجَينِ كأنَّما *** أعجازُهُنَّ أَقاوِزُ الكُثْبَان([11]) وهذا قياسٌ صحيح، لأنّ الخِلَدةَ ملازمةٌ للأُذُن.
    والخَلَد: البال، وسمِّي بذلك لأنّه مستقرٌّ [في] القلب ثابتٌ.
    (خلس) الخاء واللام والسين أصلٌ واحد، وهو الاختطاف والالتماع. يقال اختلَسْتُ الشَّيءَ. وفي الحديث: "لا قَطْعَ في الخُلْسَة". وقولهم: أَخْلَسَ رأسُه، إذا خالَطَ سوادَه البياضُ، كأنَّ السوادَ اخْتُلِس منه فصارَ لُمَعاً. وكذلك أخْلَسَ النّبتُ، إذا اختلط يابسُه برطْبِه.
    (خلص) الخاء واللام والصاد أصل واحد مطَّرِد، وهو تنقيةُ الشَّيء وتهذيبُه. يقولون: خلَّصتُه من كذا وخَلَصَ هو. وخُلاصة السَّمْنِ: ما أُلقِيَ فيه من تَمْرٍ أو سَويق ليخلُصَ به.
    (خلط) الخاء واللام والطاء أصلٌ واحد مخالفٌ للباب الذي قَبلَه، بل هو مُضَادٌّ لـه. تقول: خلَطْت الشَّيءَ بغيره فاختلط. ورجل مِخْلَطٌ، أي حَسَن المداخَلة للأمورِ. وخِلافُه المِزْيل. قال أوس:
    وإن قالَ لي ماذا تَرَى يستشيرُني *** يَجدُني ابنُ عَمِّي مِخْلَطَ الأمر مِزْيَلاَ([12]) والخليط: المجاوِر. ويقال: الخِلْط السّهمُ ينبُتُ عودُه على عِوَجٍ، فلا يزالُ يتعوّجُ وإن قُوِّم. وهذا من الباب؛ لأنّه ليس يُخَالَط في الاستقامة. ويقال استَخْلَط *البعيرُ، وذلك أن يَعْيا بالقَعْو على النّاقة([13]) ولا يَهتدِي لذلك، فيُخْلَطَ له ويُلْطَف له.
    (خلع) الخاء واللام والعين أصلٌ واحد مطرّد، وهو مُزايَلة الشَّيء الذي كان يُشتَمَل به أو عليه. تقول: خلعتُ الثّوبَ أخْلَعُهُ خَلْعاً، وخُلِع الوالي يُخْلَعُ خَلْعاً. وهذا لا يكادُ يقال إلاّ في الدُّون يُنْزِل مَن هو أعلى منه، وإلاّ فليس يُقال خَلَع الأميرُ واليَه على بلدِ كذا. ألاَ ترى أنّه إنما يقال عزَله. ويقال طلَّقَ الرَّجُل امرأته. فإن كان ذلك من قبَل المرأة يقال خالعَتْه وقد اختَلَعَتْ([14])؛ لأنّها تَفتدِي نفسَها منه بشيءٍ تبذلُه لـه. وفي الحديث: "المختلِعات هنَّ المنافقات" يعني([15]) اللواتي يخالِعْن أزواجهنَّ من غير أنْ يضارَّهُنّ الأزواج. والخالِع: البُسر النَّضِيج([16])، لأنَّه يَخْلَع قِشرَهُ من رُطوبته. كما يقال فَسَقَتِ الرُّطَبَة، إذا خرجَتْ مِن قشرها.
    ومن الباب خَلَعَ السُّنْبُلُ، إذا صار له سَفاً، كأنَّه خلعَه فأخرجَه. والخليع: الذي خَلَعه أهلُه، فإِن جَنَى لم يُطْلَبُوا بجِنايته، وإنْ جُنِيَ عليه لم يَطْلُبوا به. وهو قوله:
    ووادٍ كجوف العَيْرِ قفرٍ قطعتُه *** به الذّئبُ يعوِي كالخليع المُعيَّلِ([17]) والخليع: الذِّئبُ، وقد خُلِع أيّ خَلْعٍ! ويقال الخليع الصائد. ويقال: فلانٌ يتخلَّعُ في مِشيتِه، أي يهتزُّ، كأنَّ أعضاءَه تريد أن تتخلَّع([18]). والخالع: داءٌ يُصِيب البعير. يقال به خالعٌ، وهو الذي إذا بَرَك لم يقدِرْ على أن يثُور. وذلك أنَّه كأنَّه تخلَّعت أعضاؤُه حتَّى سقطت بالأرض. والخَوْلَع. فَزَعٌ يعترِي الفُؤادَ كالمسِّ؛ وهو قياسُ الباب، كأنَّ الفؤادَ قد خُلِع. ويقال قد تخالَعَ القومُ، إذا نَقَضُوا ما كان بَينهم من حِلْف.
    (خلف) الخاء واللام والفاء أصولٌ ثلاثة: أحدُها أن يجيءَ شيءٌ بعدَ شيءٍ يقومُ مقامَه، والثاني خِلاف قُدَّام، والثالث التغيُّر.
    فالأوّل الخَلَف. والخَلَف: ما جاء بعدُ. ويقولون: هو خَلَفُ صِدْقٍ من أبيه. وخَلَف سَوْءٍ من أبيه. فإذا لم يذكُروا صِدقاً ولا سَوْءاً قالوا للجيِّد خَلَف وللرديِّ خَلْف. قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ} [الأعراف 169، مريم 59]. والخِلِّيفَى: الخِلافة، وإنَّما سُميِّت خلافةً لأنَّ الثَّاني يَجيءُ بَعد الأوّلِ قائماً مقامَه. وتقول: قعدتُ خِلافَ فُلانٍ، أي بَعْده. والخوالفُ في قوله تعالى: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ} [التوبة 87، 93] هنَّ النِّساء، لأنَّ الرِّجال يغِيبُون في حُروبهم ومغاوراتِهِمْ وتجاراتِهم وهنّ يخلُفْنهم في البيوت والمنازل. ولذلك يقال: الحيُّ خُلُوفٌ، إذا كان الرِّجال غُيَّباً والنِّساء مُقيماتٍ. ويقولون في الدعاء: "خَلَف اللهُ عليك" أي كانَ الله تعالى الخليفة عليك لمن فَقَدْتَ مِن أبٍ أو حميم. و"أَخْلَف الله لك" أي عوَّضك من الشيء الذاهب ما يكُونُ يقومُ بَعده ويخلُفه. والخِلْفة: نبتٌ ينبت بعد الهشيم. وخِلْفَةُ الشجرِ: ثمرٌ يخرُج بَعد الثَّمر. قال:
    ولها بِالماطِرُونَ إذا *** أكَلَ النّملُ الذي جَمَعَا([19]) خِلْفَةٌ حتَّى إذا ارتَبَعَتْ *** سَكَنَتْ من جِلَّق بِيَعَا([20]) وقال زهيرٌ فيما يصحّح([21]) جميعَ ما ذكرناه:
    بها العِينُ والآرامُ يَمشِينَ خِلْفَةً *** وأطلاؤُها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَم([22]) يقول: إذا مرَّتْ هذه خَلفَتْها هذه.
    ومن الباب الخَلْف([23])، وهو الاستِقاء، لأنَّ المستقِيَينِ يتخالفانِ، هذا بَعْدَ ذا، وذاك بعد([24]) هذا. قال في الخَلْف:
    لِزُغْبٍ كأولاد القَطا راثَ خَلْفُها *** على عاجِزَاتِ النَّهضِ حُمْرٍ حواصلُه([25]) يقال: أخْلَفَ، إذا استَقَى.
    والأصل الآخر خَلْفٌ([26])، وهو غير قَدّام. يقال: هذا خلفي، وهذا قدّامي. وهذا مشهورٌ. وقال لبيد:
    فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَينِ تَحْسَِبُ أنّه *** مَولَى المخافةِ خَلْفُها وأَمامُها ومن الباب الخِلْف، الواحد من أخلاف الضَّرع. وسمِّي بذلك لأنّه يكون خَلْفَ ما بعده.
    وأمّا الثالث *فقولهم خَلَف فُوه، إذا تغيَّرَ، وأخْلَفَ. وهو قولُه صلى الله عليه وآله وسلم: "لَخُلُوفُ فم الصائم أطيَبُ عند الله من ريح المِسْك". ومنه قول ابن أحمر:
    بانَ الشَّبابُ وأخْلفَ العُمْرُ *** وتنكَّرَ الإخوانُ والدَّهرُ ومنه الخِلاف في الوَعْد. وخَلَفَ الرَّجُلُ عن خُلق أبيه: تغيَّر. ويقال الخليف: الثَّوب يَبلَى وسطُه فيُخرَج البالي منه ثم يُلْفَق، فيقال خَلَفْتُ الثَّوبَ أخْلُفُه. وهذا قياسٌ في هذا وفي البابِ الأوّل.
    ويقال وعَدَني فأخلفْتُه، أي وجدته قد أخلفَني. قال الأعشى:
    أَثْوَى وقَصَّرَ لَيْلَهُ ليُزَوّدا *** فَمَضَى وأخلَفَ من قُتَيْلَةَ موعِدا([27]) فأمّا قولُه:
    * دَلْوايَ خِلْفانِ وساقياهما([28]) *
    فمن أنَّ هذِي تخلُف هَذِي. وأمّا قولهم: اختلفَ النَّاسُ في كذا، والناس خلْفَةٌ أي مختلِفون، فمن الباب الأوّل؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يُنَحِّي قولَ صاحبه، ويُقيم نفسَه مُقام الذي نَحّاه. وأمّا قولهم للناقة الحامل خَلِفَةٌ فيجوز أن يكون شاذّاً عن الأصل، ويجوز أن يُلْطَف له فيقالَ إنّها تأتي بولدٍ، والولدُ خَلَفٌ. وهو بعيد. وجمع الخَلِفة المخَاض، وهُنَّ الحوامل.
    ومن الشاذِّ عن الأصول الثلاثة: الخَلِيفُ، وهو الطّريقُ بين الجبلَين. فأمّا الخالفة من عَُمَُد البيت، فلعلَّه أن يكون في مؤخّر البيت، فهو من باب الخَلْف والقُدّام. ولذلك يقولون: فلانٌ خالِفَةُ أهلِ بيته، إذا كان غير مقدَّمٍ فيهم.
    ومن باب التغيُّر والفسادِ البَعيرُ الأخلَفُ، وهو الذي يمشِي في شِقٍّ، من داءٍ يعتريه.
    (خلق) الخاء واللام والقاف أصلان: أحدهما تقدير الشيء، والآخر مَلاسَة الشيء.
    فأمّا الأوّل فقولهم: خَلَقْت الأديم للسِّقاء، إذا قَدَّرْتَه. قال:
    لم يَحْشِمِ الخالقاتِ فَرْيَتُها *** ولم يَغِضْ من نِطافِها السَّرَبُ([29]) وقال زهير:
    ولأَنْت تَفْرِي ما خلَقْت وبَعـ *** ـضُ القَوم يخلُق ثمَّ لا يَفْرِي ومن ذلك الخُلُق، وهي السجيَّة، لأنّ صاحبَه قد قُدِّر عليه. وفلانٌ خَليق بكذا، وأَخْلِقْ به، أي ما أخْلَقَهُ، أي هو ممَّن يقدَّر فيه ذلك. والخَلاقُ: النَّصيب؛ لأنّه قد قُدِّرَ لكلِّ أحدٍ نصيبُه.
    ومن الباب رجلٌ مُخْتَلَقٌ: تامُّ الخَلْق. والخَلْق: خَلْق الكذِب، وهو اختلاقُه واختراعُه وتقديرُه في النَّفس. قال الله تعالى: {وتَخْلُقُونَ إفْكاً} [العنكبوت 17].
    وأمّا الأصل الثاني فصخرة خَلْقَاء، أي مَلْساء. وقال:
    قد يَتْرُكُ الدَّهرُ في خَلْقَاءَ راسِيَةٍ *** وَهْياً ويُنزِل منها الأعْصَمَ الصَّدعا([30]) ويقال اخلَوْلَقَ السَّحابُ: استَوَى. ورسمٌ مخْلَولِقٌ، إذا استوى بالأرض. والمُخلَّق: السّهم المُصْلَح.
    ومن هذا الباب أخْلَقَ الشَّيءُ وخَلُِق، إذا بَلِيَ. وأخلقْتُهُ أنا: أبليتُه. وذلك أنَّه إذا أخْلَقَ امْلاسَّ وذهب زِئْبِرُه. ويقال المُخْتَلَق من كلِّ شيء: ما اعتدَلَ. قال رُؤبة:
    * في غِيل قَصْبَاءَ وخِيسٍ مُخْتَلَقْ([31]) *
    والخَلُوق معروفٌ، وهو الخِلاَق أيضاً. وذلك أنّ الشيء إذا خُلِّق مَلُسَ. ويقال ثوبٌ خَلَقٌ ومِلحَفَةٌ خَلَق، يستوي فيه المذكَّر والمؤنث. وإنما قيل للسَّهم المُصلَح مُخَلَّقٌ لأنّه يصير أملس. وأمّا الخُلَيْقاءُ في الفَرَس كالعِرنين من الإنسان.
    ـــــــــــــــ
    ([1]) لمعن بن أوس المزني، كما في اللسان (خلا).
    ([2]) لم يرد هذا التعبير في المعاجم المتداولة صريحاً. وأصل الخلاة الطائفة من الخلا. وفي اللسان: "وقول الأعشى:
    وحولي بكر وأشياعها *** ولست خلاة لمن أوعدن أي لست بمنزلة الخلاة يأخذها الآخذ كيف يشاء، بل أنا في عز ومنعة".
    ([3]) ويقال أيضاً "ممرجل" للذي عليه صور المراجل. و"مرحل" بالحاء المهملة، للذي عليه صور الرحال.
    ([4]) في المجمل: "وجناحا النهر: خليجاه".
    ([5]) من قصيدة في ديوانه 148-150.
    ([6]) في الحديث "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة جهر فيها بالقراءة، وقرأ قارئ خلفه فجهر، فلما سلم قال: لقد ظننت أن بعضكم خالجنيها"، أي نازعني القراءة. اللسان.
    ([7]) لتميم بن مقبل كما في اللسان (خلج). وأنشده في المجمل.
    ([8]) صدره كما في الديوان 110 واللسان (خلج): * وكنت إذا دارت رحى الأمر رعته *
    ([9]) الخلج: فساد في ناحية البيت. والخلج أيضاً أن يشتكي الرجل لحمه وعظامه من عمل يعمله أو طول مشي وتعب. اللسان.
    ([10]) لم تذكر المعاجم الضبط الأول. وتعليله فيما بعد دليل على صحتها عنده.
    ([11]) البيت في اللسان (خلد، قوز). وقد ضبط "مخلدات" في الأصل بكسرتين وضمتين.
    ([12]) في ديوان أوس 20: "يجدني ابن عم"، والرواية هنا مستقيمة. وقبله:
    ألا أعتب ابن العم إن كان ظالما *** وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا ([13]) في الأصل: "بالقفو على الناقة" صوابه بالعين، وهو أن يرسل نفسه عليها.
    ([14]) في الأصل: "اختلعها". والذي في المعاجم المتداولة "خلعها" و"اختلعت هي".
    ([15]) في الأصل: "فمن"، وأثبت ما في اللسان.
    ([16]) في الأصل: "النصح".
    ([17]) لامرئ القيس في معلقته.
    ([18]) في الأصل: "كأنه أعضاءه يريد أن يتخلع".
    ([19]) البيت لأبي دهبل الجمحي، كما في الحيوان (4: 10) والخزانة (3: 279). وبعضهم ينسبه إلى الأحوص، كما في الكامل 218. وفي حواشيه "أبو الحسن: الصحيح أنه ليزيد يصف جارية". وهذه النسبة الأخيرة هي التي ذكرها ياقوت في رسم "الماطرون".
    ([20]) في جميع المصادر المتقدمة: "خرفة" بالراء، وهو اسم لكل ما يجتنى. ولم يرد البيت في اللسان (خلف، خرف، ربع، جلق). ورواية "خلفة" وردت في المخصص (11: 9).
    ([21]) في الأصل: "يصح".
    ([22]) البيت من معلقته المشهورة.
    ([23]) الخلف، بالفتح، ومثله "الخلفة" بالكسر.
    ([24]) في الأصل :" بعدها"
    ([25]) للحطيئة في ديوانه 39 واللسان (خلف 435). راث: أبطأ. وفي الأصل: "القطارات" تحريف. وفي الديوان: "راث خلقها" بالقاف، وفسره السكري بقوله: "أي أبطأ شبابها" ثم نبه على رواية الفاء، ونسبها إلى أبي عمرو.
    ([26]) في اللسان: "وهي تكون اسماً وظرفاً. فإذا كانت اسماً جرت بوجوه الإعراب، وإذا كانت ظرفاً لم تزل نصباً على حالها".
    ([27]) ديوان الأعشى 150 واللسان (ثوى، خلف)، وقد سبق في ثوي (1: 393).
    ([28]) البيت في نوادر أبي زيد 95.
    ([29]) البيت للكميت كما في المجمل، وليس في قصيدته التي على هذا الوزن من الهاشميات.
    ([30]) للأعشى في ديوانه 73 واللسان (خلق).
    ([31]) ديوان رؤبة 106. وأنشده في المخصص (11: 56).
    رد مع اقتباس  
     

  10. #10  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الخاء والميم وما يثلثهما في الثلاثي)
    (خمج) الخاء والميم والجيم يدلُّ على فتورٍ وتغيُّر. فالخَمَج في الإنسان: الفتور. يقال أصبَحَ فلانٌ خَمِجاً، أي فاتِراً. وهو في شعر الهُذَليّ([1]):
    * أخْشَى دُونَه الخَمَجَا([2]) *
    ويقولون خَمِجَ اللّحمُ، إذا تغيَّر وأرْوَحَ.
    (خمد) الخاء والميم والدال أصلٌ واحد، يدلُّ على سكونِ الحركة والسُّقوط. خَمَدَتِ النارُ خُموداً، إذا سكَنَ لَهبُها. وخَمَدَت الحُمَّى إذا سكَنَ وهَجُها. ويقال للمُغْمَى عليه: خَمَدَ([3]).
    (خمر) الخاء والميم والراء أصلٌ واحد يدلُّ على التغطية، والمخالطةِ في سَتْر. فالخَمْرُ: الشَّراب المعروف. قال *الخليل: الخمر معروفةٌ؛ واختمارُها: إدراكُها وغَليانُها. ومخمِّرها: متَّخِذها. وخُمْرتها: ما غَشِيَ المخمورَ من الخُمار والسُّكْر في قَلْبه. قال:
    لَذٌّ أصابَتْ حُمَيَّاها مَقَاتِلَهُ *** فلم تكَدْ تَنْجَلِي عن قَلْبِه الخُمَرُ([4]) ويقال به خُمارٌ شَديد. ويقولون: دَخَلَ في خَُمار الناسِ وخَمَرِهم، أي زحْمتهم. و"فلانٌ يَدِبُّ لفُلانٍ الخَمَر"، وذلك كناية عن الاغتيال. وأصلُه ما وارَى الإنسان من شجرٍ. قال أبو ذؤيب:
    فليتَهُمُ حَذِرُوا جَيشَهُم *** عَشِيَّةَ همْ مثلُ طَيْرِ الخَمَرْ([5]) أَي يُختلون ويُستَتَر لهم. والخِمار: خِمار المرأة. وامرأةٌ حسنَة الخِمْرَة، أي لُبْس الخِمار. وفي المثل: "العَوَانُ لا تُعَلَّم الخِمْرة". والتخمير: التغطية. ويقال في القوم إذا توارَوْا في خَمَرِ الشَّجر: قد أخْمَرُوا. فأمّا قولهم: "ما عِندَ فُلانٍ خَلٌّ ولا خَمْرٌ" فهو يجري مَجرى المثل، كأنّهم أرادوا: ليس عِنده خيرٌ ولا شَرّ. قال أبو زيد: خامَرَ الرّجُل المكانَ، إذا لزِمه فلم يَبْرح. فأمَّا المخمّرة من الشاءِ فهي التي يبيضُّ رأسها مِن بين جسدِها. وهو قياسُ الباب؛ لأنَّ ذلك البياضَ الذي برأسها مشبّهٌ بخِمار المرأة. ويقال خمَّرتُ العجينَ، وهو أنْ تتركَه فلا تستعملَه حتَّى يَجُود. ويقال خَامَرَهُ الدّاء، إذا خالط جوفَه. وقال كثيِّرٌ:
    هَنيئاً مَريئاً غَيْرَ داءٍ مُخَامِرٍ *** لِعَزَّةَ من أعراضِنا ما اسْتَحَلَّتِ([6]) قال الخليل: والمستَخْمَر([7]) بلغة حِمْيَر: الشَّرِيك. ويقال دخَلَ في الخَمَر، وهي وَهْدَةٌ يختفي فيها الذِّئبُ ونحوهُ. قال:
    ألا يا زَيدُ والضَّحاكَُ سَيْراً *** فقد جاوزْتُما خَمَرَ الطَريقِ([8]) ويقال اختَمَرَ الطِّيبُ، واخْتَمَرَ العَجين([9]). ووجدت منه خُمْرَةً طيِّبة وخَمَرَةً، وهو الرّائحة. والمخامَرة: المقارَبة([10]). وفي المثل: "خامِرِي أُمَّ عامِرِ"، وهي الضَّبع. وقال الشَّنْفَرى:
    فلا تدفِنُوني إنَّ دفْنِي مُحَرَّمٌ *** عليكُمْ ولكن خَامِرِي أمَّ عامرِ([11]) أي اترُكُوني لِلَّتِي([12]) يقال لها: "خامِرِي أُمَّ عامر". والخُمْرة: شيءٌ من الطِّيب تَطَّلِي به([13]) المرأةُ على وجهها ليحسُن به لونُها. والخُمْرة: السّجَّادة الصَّغيرة. وفي الحديث: "أنه كان يسجدُ على الخُمْرة".
    ومما شذَّ عن هذا الأصل الاستخمار، وهو الاستعباد؛ يقال استخمرت فلاناً، إذا استعبدتَه. وهو في حديث مُعاذ: "من استَخْمَر قوماً"، أي استعبَدَهم.
    (خمس) الخاء والميم والسين أصلٌ واحد، وهو في العدد. فالخمسة معروفة. والخمس([14]): واحدٌ من خَمْسَةٍ. يقال خَمَسْتُ القومَ: أخذْتُ خمس أموالِهم، أخْمُسُهم. وخَمَسْتُهم: كنتُ لهم خامساً، أخْمِسُهُم. والخِمْس: ظِمْءٌ من أظماء الإبل. قال الخليل: هو شُرْب الإِبلِ اليومَ الرابعَ من يَومَ صَدَرَتْ؛ لأنهم يَحسُبون يومَ الصَّدَر. والخميس: اليوم الخامسُ من الأسبوع، وجمعُه أَخمِساءُ وأخمِسَةٌ، كقولك نصيبٌ وأنصِباءُ [وأنصِبة([15])]. والخُماسِيُّ والخُماسيّة: الوَصيف والوصيفةُ طولُه خمسةُ أشبار. ولا يقال سُدَاسِيٌّ ولا سُباعيٌّ إذا بلغ ستّةَ أشبارٍ أو سبعةً. وفي غير ذلك الخُماسيُّ ما بلغ خَمسةً، وكذلك السداسيُّ والعُشاريّ. والخَميس والمخمُوس من الثِّياب: الذي طولُه خَمسُ أذرُع. وقال عَبِيد:
    هاتيك تحمِلُني وأبْيضَ صارماً *** ومُذَرَّباً في مارِنٍ مَخْموسِ([16]) يريد رُمْحاً طولُه خمسُ أذرع.
    وقال مُعاذٌ لأهل اليمن: "ايتوني بخَميسٍ أو لَبِيسٍ آخُذُه منكم في الصَّدَقة([17])". وقد قيل إنّ الثوبَ الخميسَ سمِّي بذلك لأنّ أوّلَ من عمِله مَلِكٌ باليمن كان يقال له الخِمْس. قال الأعشى:
    يَوْماً تَراها كمثل أردية الـ *** ـخِمْسِ ويَوْماً أديمَها نَغِلا([18]) ومما شذَّ عن الباب الخَمِيس، وهو الجَيْش الكثير. ومن ذلك الحديثُ: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لما أشْرَفَ على خَيْبر قالوا: محمدٌ والخَمِيس"، يريدون الْجَيْش.
    (خمش) الخاء والميم والشين أصلٌ *واحد، وهو الخَدْشُ وما قارَبَه.
    يقال خَمَشْتُ خَمْشاً. والخُمُوش: جمع خَمْشٍ. قال:
    هاشمٌ جَدُّنا فإِن كُنْتِ غَضْبى *** فامْلَئِي وجهَكِ الجميلَ خُمُوشا([19]) وَالخموش: البعوض. قال:
    كأنَّ وَغَى الخَمُوش بجانبيهِ *** وَغَى رَكْبٍ أُمَيْمَُ ذَوِي زِياطِ([20]) والخُمَاشَة من الجِراحة والجمع خُماشاتٌ: ما كان منها ليس له أرْشٌ معلوم. وهو قياس الباب، كأنَّ ذلك يكونُ كالخَدْشِ.
    (خمص) الخاء والميم والصاد أصلٌ واحد يدلُّ على الضُّمْر والتّطامُن. فالخميص: الضّامر البَطْن؛ والمصدر الخَمَْص. وامرأةٌ خُمْصانةٌ: دقيقة الخَصْرِ. ويقال لباطن القَدَم الأخْمَص. وهو قياسُ الباب، لأنّه قد تداخَل. ومن الباب المَخْمَصة، وهي المجاعة؛ لأنَّ الجائِع ضامرُ البطْن. ويقال للجائع الخميص، وامرأةٌ خميصة قال الأعشى:
    تَبِيتون في المَشْتَى مِلاءً بطونُكُمْ *** وجاراتُكم غَرْثى يَبِتْن خمائصا([21]) فأمّا الخَمِيصة فالكِساء الأسودُ. وبها شَبَّه الأعشى شَعْرَ المرأة:
    إذا جُرِّدَتْ يوماً حَسِبْتَ خَميصةً *** عليها وجرْيالَ النَّضيرِ الدُّلامِصا([22]) فإنْ قيل: فأينَ قِياسُ هذا من الباب؟ فالجواب أنّا نقول على حَدِّ الإمكان والاحتمال: إنّه يجوز أن يسمَّى خميصةً لأنّ الإنسانَ يشتمِل بها فيكون عند أخْمَصِهِ، يريد به وسطَه. فإن كان ذلك صحيحاً وإلاَّ عُدَّ فيما شذَّ عن الأصل.
    (خمط) الخاء والميم والطاء أصلان: أحدهما الانجراد والمَلاسَة، والآخَر التسلُّط والصِّيَال.
    فأمّا الأوّل فقولهم: خَمَطْتُ الشّاةَ، وذلك [إذا] نزعْتَ جلدَها وشويتَها. فإن نُزِع الشّعر فذلك السَّمْط. وأصل ذلك من الخَمْط، وهو كلُّ شيءٍ لا شَوكَ له.
    والأصل الثاني: قولُهم تخمَّطَ الفَحلُ، إذا هاج وهَدَرَ. وأصلُه مِن تخمّط البحرُ، وذلك خِبُّه والتطامُ أمواجِه.
    (خمع) الخاء والميم والعين أصلٌ واحد يدلُّ على قلّة الاستقامة، [و] على الاعوجاج. فمن ذلك خَمَعَ الأعرجُ. ويقال للضِّباع الخوامع؛ لأنّهنّ عُرْجٌ. والخِمعْ: اللِّص. والخِمع: الذِّئب. والقياسُ واحدٌ.
    (خمل) الخاء والميم واللام أصلٌ واحد يدل على انخفاضٍ واسترسالٍ وسُقوطٍ. يقال خَمَلَ ذكرُه يخمُل خُمولا. والخامل: الخفيّ؛ يُقال: هو خامِل الذِّكر؛ والأمرُ الذي لا يعرَف ولا يُذكَر. والقول الخامل: الخَفِيض. وفي حديثٍ: "اذكُروا الله ذِكراً خاملا". والخَميلة: مَفْرَجٌ من الرَّمْل في هَبْطةٍ، مَكْرَمَةٌ للنَّبات. قال زُهير:
    * شَقائِقَ رمْلٍ بينهنَّ خَمائلُ([23]) *
    وقال لبيد:
    باتَتْ وأسْبَلَ واكِفٌ من دِيمَةٍ *** يُروي الخَمائِلَ دائماً تَسجامُها([24]) والخَمْل، مجزوم: خَمْل القطيفة والطِّنْفِسة. ويقال لريش النَّعام خَمْل. وذلك قياسُ الباب؛ لأنّه يكون مسترسِلا ساقطاً في لينٍ.
    فأمّا الخُمال فقال قوم: هو ظَلْعٌ يكون في قوائم البعير. فإن كان كذا فقياسُه قياسُ الباب؛ لأنّه لعَلَّه عن استرخاء. وقال الأعشى في الخُمال:
    لم تُعَطَّفْ على حُِوارٍ ولم يَقْـ *** ـطَعْ عُبيدٌ عروقَها مِن خُمالِ([25]) ـــــــــــــــــــ
    ([1]) هو ساعدة بن جؤية الهذلي. انظر نسخة الشنقيطي من الهذليين 87 والجزء الثاني من مجموع أشعار الهذليين 37 ليبسك، واللسان (خمج).
    ([2]) البيت بتمامه: ولا أقيم بدار الهون إن ولا *** آتي إلى الخدرِ أخشى دونه الخمجا ([3]) في المجمل: "وخمد الرجل: مات أو أغمي عليه".
    ([4]) البيت في اللسان (خمر 340).
    ([5]) ديوان أبي ذؤيب 150.
    ([6]) قصيدة البيت في أمالي القالي (2: 107-110)، والأغاني (8: 37-38)، وتزيين الأسواق 41، 42.
    ([7]) الذي في اللسان والقاموس أن المستخمر: المستعبد. وذكر في اللسان أنها لغة أهل اليمن. وانظر آخر هذه المادة.
    ([8]) كذا ضبطت "سيرا" في الأصل. ويصح أن يقرأ "سيرا" بأمر الاثنين.
    ([9]) في الأصل: "والخمير العجين"، محرف. وفي اللسان: "قد اختمر الطيب والعجين".
    ([10]) في الأصل: "المقابرة"، صوابه من المجمل واللسان.
    ([11]) للشعر قصة في الأغاني (21: 89) ومقدمة الشعر والشعراء لابن قتيبة. وانظر حماسة أبي تمام (1: 188) والحيوان (6: 450) والمخصص (13: 258) والأزمنة والأمكنة (1: 293).
    ([12]) في الأصل: "للمتى"، تحريف.
    ([13]) في الأصل: "تطليه".
    ([14]) الخمس، بالضم، وبضمتين، وبالكسر أيضاً.
    ([15]) التكملة من المجمل.
    ([16]) ديوان عبيد بن الأبرص 43 واللسان (خمس 371). وفي الديوان: "ومحربا في مارن".
    ([17]) في اللسان: "الخميس الثوب الذي طوله خمس أذرع، كأنه يعني الصغير من الثياب".
    ([18]) ديوان الأعشى 155 واللسان (خمس، نغل). ويروى: "كأردية العصب".
    ([19]) للفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب، يخاطب امرأته. واللسان (خدش) والعمدة (1: 111).
    ([20]) البيت للمتنخل الهذلي، كما في القسم الثاني من أشعار الهذليين 93 واللسان (8: 188/ 20: 277). وانظر شرح الحيوان (5: 403).
    ([21]) في ديوان الأعشى 109: "وجاراتكم جوعى".
    ([22]) ديوان الأعشى 108 واللسان (خمص). وفي الديوان: "وجريالاً يضيء دلامصا".
    ([23]) صدره كما في ديوانه 295: * نشزن من الدهناء يقطعن وسطها *
    ([24]) البيت من معلقة لبيد.
    ([25]) ديوان الأعشى 9 واللسان (حمل).
    ـ (باب الخاء والنون وما يثلثهما)
    (خنب) الخاء والنون والباء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على لِينٍ ورَخاوةٍ. ويقال جاريةٌ خَنِبةٌ: رخِيمَةٌ غَنِجة. ورجل خِنّاب، أي ضَخْمٌ في عَبَالَةٍ. وحكى بعضُهم عن الخليل أنّه قال: هو خِنَّأْبٌ مكسور الخاء شديدةُ النّون مهموزة. وهذا إنْ صح عن الخليل فالخليلُ ثقةٌ، وإلا فهو على ما ذكرناه من غير همز. ويقال الخِنَّاب من الرجال: الأحمق المتصرِّف، يختلج هكذا مرَّةً وهكذا مَرَّةً. وقال الخليل: الخنَّاب الضَّخم المَنْخَر. والخِنَّابَة: الأرنبةُ الضخمة. وقال:
    أَكوِي ذَوِي* الأضغانِ كَيّاً مُنْضِجا *** منهمْ وذَا الخِنَّابةِ العَفَنْجَجَا([1]) ومما لم يذكره الخليلُ، وهو قياسٌ صحيح، قولهم خَنَبَتْ رِجْلُه، أي وَهَنَتْ، وأَخْنَبْتُها أنا أوهنْتُها. قال:
    أبِي الذي أخْنَبَ رِجْلَ ابن الصَّعِقْ *** إذْ صارت الخيلُ كعِلْبَاءِ العُنُقْ([2]) (خنا) الخاء والنون وما بعدها معتلٌّ، يدلُّ على فَسادٍ وهَلاك. يقال لآفات الدهر خَنىً. قال لبيد:
    * وقَدَرْنا إنْ خَنَى الدَّهْرِ غَفَلْ([3]) *
    وأخنَى عليه الدّهر: أهلكَه. قال:
    * أخنَى عليها الذي أخْنَى على لُبَدِ([4]) *
    والخَنَا من الكلام: أفحشُه. يقال خنا يخنو خَناً، مقصور. ويقال أخْنَى فلانٌ في كلامِه.
    (خنث) الخاء والنون والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على تكسُّرٍ وتثَنٍّ. فالخَنِث: المسترخِي المتكسِّر. ويقال خَنَثْتُ السِّقاءَ، إذا كسَرْتَ فمه إلى خارج فشرِبْتَ منه. فإن كسَرْتها إلى داخل فقد قَبَعْتَه. وامرأةٌ خُنُثٌ: مُتَثَنِّيةٌ.
    (خنز) الخاء والنون والزاء كلمةٌ واحدةٌ من باب المقلوب، ليست أصلاً. يقال خَنِزَ اللحم خَنَزاً، إذا تغيَّرَتْ رائحتُه وخَزِن. وقد مَضَى.
    (خنس) الخاء والنون والسين أصلٌ واحد يدلُّ على استخفاءٍ وتستُّر. قالوا: الخَنْس الذهاب في خِفْية. يقال خَنسْتُ عنه. وأخْنَسْتُ عنه حقَّه. والخُنَّس: النُّجوم تَخْنِس في المَغيب. وقال قوم: سُمِّيت بذلك لأنّها تَخفَى نهاراً وتطلُع ليلاً. والخنّاس في صِفة الشَّيطان؛ لأنّه يَخْنِسُ إذا ذُكر الله تعالى. ومن هذا الباب الخَنَسُ في الأنف. انحِطاط القصَبة. والبقرُ كلُّها خُنْسٌ.
    (خنط) الخاء والنون والطاء كلمةٌ ليست أصلاً، وهي من باب الإبدال. يقال خَنَطَهُ: إذا كَرَبَه، مثلُ غَنَطه، وليس بشيء.
    (خنع) الخاء والنون والعين أصلٌ واحد يدلُّ على ذُلٍّ وخضوع وضَعَةٍ، فيقال: خضع لـه وخَنَع. وفي الحديث: "إنّ أخْنَعَ الأسماء([5])" أي أذَلَّها. ويقال أخنَعْتني إليه الحاجة، إذا ألجأتْه إليه وأذلّتْه لـه. ومن الباب الخانع: الفاجر. يقال: اطَّلَعْتُ منه على خَنْعَةٍ، أي فَجْرة. وهو قوله:
    * ولا يُرَوْنَ إلى جاراتِهمْ خُنُعا([6]) *
    ومنه قول الآخر:
    لَعَلَّكَ يوماً أن تُلاقَى بِخَنْعةٍ *** فَتَنْعَبَ مِن وادٍ عليك أشائمُه([7]) وخُنَاعة: قبيلة.
    (خنف) الخاء والنون والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على مَيَلٍ ولِين. فالخَنُوفُ: النّاقةُ الليِّنة اليدينِ في السَّير. والمصدر الخِناف. قال الأعشى:
    وأذْرَتْ برِجْلَيْها النَّفِيَّ وراجَعَتْ *** يداها خِنافاً ليِّناً غيرَ أجرَدَا([8]) قالوا: والخِناف أيضاً في العُنق: أن تُمِيلَه إذا مُدّ بزِمامها. والخَنيف: جنسٌ من الكَتّان أردأ ما يكونُ منه. وفي الحديث: "تَخَرَّقَتْ عَنَّا الخُنُف، وأحرَقَ بطونَنا التَّمر". وقال:
    عَلى كالخَنِيفِ السَّحْقِ يَدعُو به الصَّدَى *** له قُلُبٌ عُفَّى الحِياضِ أُجُونُ([9]) (خنق) الخاء والنون والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على ضيقٍ. فالخانق: الشِّعْب الضَّيِّق. وقال بعضُ أهل العلم: إنَّ أهل اليَمن يسمُّون الزُّقاق خانقاً. والخَنِق مصدر خَنَقَه يخنِقُه خَنِقاً([10]). قال بعض أهل العلم: لا يقال خَنْقاً. والمِخْنَقَةُ: القِلادة.
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) البيتان في اللسان (خنب، عفج).
    ([2]) الرجز لتميم بن العمود بن عامر بن عبد شمس، وكان العمود طعن يزيد بن الصعق فأعرجه. قال ابن بري: وقد وجدته أيضاً في شعر ابن أحمر الباهلي. اللسان (خنب).
    ([3]) صدره كما في ديوانه 13 طبع 1881 واللسان (خنا):
    * قال هجدنا فقال طال السرى *
    ([4]) البيت للنابغة في ديوانه 17 واللسان (خنا). وصدره:
    * أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا *
    ([5]) في اللسان "إن أخنع الأسماء إلى الله تبارك وتعالى من تسمى باسم ملك الأملاك".
    ([6]) صدره كما في ديوان الأعشى 85 واللسان (خنع):
    * هم الخضارم إن غابوا وإن شهدوا *
    ([7]) أنشده في المجمل.
    ([8]) ديوان الأعشى 102 واللسان (خنف) برواية "أجدت برجليها نجاء" في الديوان، و"النجاء" في اللسان.
    ([9]) عفى: جمع عاف، كغاز وغزى. والأجون، بالضم: جمع أجين. وفي اللسان (خنف): "له قلب عادية وصحون".
    ([10]) كذا ضبط في الأصل بكسر النون من "الخنق" و"خنقا" على اللغة الصحيحة، وهي التي ذكرها صاحب القاموس، قال "خنقه خنقاً ككتف". وأما صاحب اللسان فذكر اللغتين، قال: "الخنق، بكسر النون مصدر قولك: خنقه يخنقه خَنْقاً وخَنِقاً".
    ـ (باب الخاء والواو وما يثلثهما)
    (خوي) الخاء والواو والياء أصلٌ واحد يدلُّ على الخُلوِّ والسُّقوط. يقال خَوَتِ الدّارُ تخوي. وخَوَى النّجم، إذا سقَط ولم يكنْ عند سقوطه مَطر؛ وأخْوَى أيضاً. قال:
    وأَخْوَتْ نَجُومُ الأخْذِ إلاّ أنِضَّةً *** أنِضَّةَ محْلٍ ليس قاطِرُها يُثْرِي([1]) وخَوَّتِ النّجومُ تخوِيةً، إذا مالت للمَغِيب. وخَوَّتِ الإبلُ تخويةً، إذا خُمِصَتْ بُطونُها. وخَويت المرأةُ خَوَىً، إذا لم *تأكلْ عند الولادة. ويقال خَوَّى الرّجلُ، إذا تجافى في سجوده، وكذا البعيرُ إذا تجافى في بُروكه. وهو قياس الباب؛ لأنّه إذا خوَّى في سجودِه فقد أخلَى ما بين عضُده وجَنْبِه. وخَوَّتِ المرأةُ عند جلوسها على المِجْمر. وخوَّى الطائر، إذا أرسل جناحَيه. فأمَّا الخَوَاةُ فالصَّوت. وقد قلنا إنّ أكثر ذلك لا ينقاس، وليس بأصلٍ.
    (خوب) الخاء والواو والباء أُصَيْلٌ يدلُّ على خُلوٍّ وشِبهه. يُقال أصابتهم خَوْبةٌ، إذا ذهب ما عندهم ولم يبق شيءٌ. والخَوْبَةُ: الأرض لا تُمطَرُ بين أرضَينِ قد مُطرَتَا؛ وهي كالخَطِيطة.
    (خوت) الخاء والواو والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على نفاذٍ ومرور بإِقدامٍ. يقال رجُلٌ خَوّاتٌ، إذا كان لا يبالِي ما رَكِبَ من الأمور. قال:
    لا يَهْتَدِي فيه إلا كلُّ منصلِتٍ *** من الرِّجال زَمِيعِ الرَّأْي خَوّاتِ([2]) هذا هو الأصل. ثمّ يقال خاتَت العُقَاب، إذا انقضَّت؛ وهي خائتة. قال أبو ذؤيب:
    فألقَى غِمْدَهُ وهَوَى إليهم *** كما تَنْقَضُّ خائتةٌ طَلُوبُ([3]) ويقال: مازالَ الذِّئبُ يَخْتاتُ الشّاةَ بعد الشّاة، أي يَخْتِلُها ويَعُدو عليها. فأمَّا ما حكاه ابن الأعرابيّ من قولهم خاتَ يَخُوتُ إذا نَقَض عهدَه، فيجوز أن يكون من الباب، كأنّه نَقَض ومرَّ في نَهْجِ غَدْرِه. ويجوز أن يكون التّاء مبدلةً من سين، كأنَّه خاس، فلما قُلبت السين تاءً غُيِّر البناء([4]) من يَخِيس إلى يَخُوت.
    ومن ذلك خاتَ الرّجلُ وأنْفَضَ، إذا ذَهَبَتْ مِيرتُه. وهو من السين. وكذلك خات الرّجُل إذا أسنَّ. فأمّا قولهم إنّ التَّخوُّتَ التنقُّص فهو عندنا، من باب الإبدال، إمَّا أن يكون من التخوُّن أو التخوّف([5])، وقد ذُكِرا في بابهما. ويقال فلانٌ يتخوَّتُ حديثَ القومِ ويختاتُ، إذا أَخَذَ منه وتَحَفَّظَ.
    ومن الباب الأول هم يَخْتَاتونَ اللَّيل، أي يسِيرون ويَقطَعون.
    (خوث) الخاء والواو والثاء أُصَيلٌ ليس بمطّرد ولا يقاسُ عليه. يقولون خَوِثتِ المرأةُ، إذا عظُم بَطْنُها. ويقال بل الخَوْثاء النَّاعمة. قال:
    عَلِقَ القَلْبَ حبُّها وهَواها *** وهي بِكْرٌ غَرِيرةٌ خَوْثاءُ([6]) (خوخ) الخاء والواو والخاء ليس بشيء. وفيه الخَوْخُ، وما أُراه عربيّاً.
    (خود) الخاء والواو والدال أُصَيلٌ فيه كلمةٌ واحدة. يقال خَوَّدُوا في السَّير. وأصله قولهم خَوَّدْتُ الفحلَ تخويداً، إذا أرسلتَه في الإناث. وأنشد:
    وخُوِّدَ فَحْلُها من غَيرِ شَلٍّ *** بِدارِ الرِّيف تخويدَ الظَّليمِ([7]) كذا أنشده الخليل. ورواه غيرُه: "وخَوَّد فَحْلُها".
    (خوذ) الخاء والواو والذال ليس أصلاً يطّرد، ولا يُقاس عليه، وإنّما فيه كلمة واحدة مُختلَفٌ في تأويلها. قالوا: خاوَذْتُه، إذا خالفْتَه. وقال بعضهم: خاوذتُه وافَقْتُه. ويقولون: إنّ خِواذَ الحُمَّى أن تأتِيَ في وقتٍ غير معلوم.
    (خور) الخاء والواو والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على صوت، والآخَر على ضَعْف.
    فالأوّل قولُهم خار الثَّور يخور، وذلك صوتُه. قال الله تعالى:{فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ} [طه 88].
    وأمّا الآخر فالخَوَّار: الضعيفُ مِن كلِّ شيء. يقال رُمْحٌ خوّارٌ، وأرضٌ خَوّارةٌ، وجمعه خُورٌ. قال الطِّرِمّاح:
    أنا ابنُ حماةِ المَجْد من آلِ مالك *** إذا جعلَتْ خُور الرِّجال تَهِيعُ([8]) وأما قولهم للناقة العزِيزة خَوّارةٌ والجمع خُورٌ، فهو من الباب؛ لأنّها إذا لم تكن عَزُوزاً- والعَزُوز: الضيِّقة الإحليل، مشتقّة من الأرض العَزَاز- فهي حينئذ خَوّارةٌ، إذْ كانت الشّدَّة قد زايلَتْها.
    (خوس) الخاء والواو والسين أصلٌ واحد يدلُّ على فسادٍ. يقال خاسَت الجِيفَةُ في أوّلِ ما تُرْوِحُ؛ فكأنَّ ذلك كَسَدَ حتَّى فَسَد. ثمّ حُمِل على هذا فقيل: خاسَ بعَهْده، إذا أخْلَف وخان. قالوا: و*الخَوْسُ الخِيانة. وكلُّ ذلك قريبٌ بعضُه من بعض. وهذه كلمةٌ يشترك فيها الواو والياء، وهما متقاربان، وحَظّ الياء فيها أكثر، وقد ذكرت في الياء أيضاً.
    (خوش) الخاء والواو والشين أصلٌ يدلُّ على ضمْر وشِبهه. فالمتخوِّش: الضامر، ولذلك تسمَّى الخاصِرتان الخَوْشَينِ.
    (خوص) الخاء والواو والصاد أصلٌ واحد يدلُّ على قِلّةٍ ودِقّة وضِيق. من ذلك الخَوَصُ في العين، وهو ضِيقُها وغُؤورها. والخُوص: خُوص النَّخلةِ دقيقٌ ضامر. ومن المشتقّ من ذلك التخوُّص، وهو أخْذُ ما أعطيتَه الإنْسانَ وإن قَلّ. يقال: تخوَّصْ منه ما أعطاك وإنْ قَلَّ. قال:
    يا صَاحِبَيَّ خَوِّصَا بسَلِّ *** مِنْ كُلِّ ذاتِ لَبَنٍ رِفَلِّ([9]) يقول: قرِّبا إبلَكُما شيئاً بَعد شَيء، ولا تَدَعَاهَا تَدَاكُّ على الحَوْض([10]). قال:
    يا ذائِدَيْها خَوِّصا بإرسالْ *** ولا تَذُوداها ذِيادَ الضُّلاَّلْ([11]) وقال آخَر([12]):
    أقُول للذَّائِدِ خوِّصْ برَسَلْ *** إنِّي أخاف النائِباتِ بالأُوَلْ وأمّا قولُهم: أخْوَصَ العَرْفَج، فهو مشتق مِن أخْوَصَ النَّخْل، لأنّ العَرْفَج إذا تَفَطَّرَ صار له خُوصٌ.
    (خوض) الخاء والواو والضاد أصلٌ واحد يدلُّ على توسُّطِ شيء ودُخولٍ. يقال خُضْتُ الماءَ وغيرَه. وتخاوَضوا في الحديثِ والأمرِ، أي تفاوَضُوا وتداخَل كلامُهم.
    (خوط) الخاء والواو والطاء أُصَيلٌ يدلُّ على تَشعُّبِ أغصان. فالخُوط الغُصْن، وجمعه خِيطان. قال:
    * على قِلاصٍ مِثْلِ خِيطانِ السَّلَمْ([13]) *
    (خوع) الخاء والواو والعين أصلٌ يدلُّ على نَقْص ومَيَل. يقال خوَّع الشَّيءَ، إذا نَقَصَه. قال طرَفة:
    وجاملٍ خَوَّعَ من نِيبِه *** زَجْرُ المعلَّى أُصُلاً والسَّفِيحْ([14]) خَوَّع: نَقَص. يعني بذلك ما يُنْحَر منها في المَيْسِر.
    والخَوْع: مُنْعَرج الوادِي. والخُوَاع: النَّخِير. وهذا أقْيَس من قولهم إنّ الخَوْع: جبلٌ أبْيَض.
    (خوف) الخاء والواو والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على الذُّعْرِ والفزَع. يقال خِفْتُ الشّيءَ خوفاً وخِيفةً. والياء مبدَلةٌ من واو لمكان الكسرة. ويقال خاوَفَني فلانٌ فخُفْتُه، أي كنتُ أشدَّ خوفاً منه. فأمّا قولهم تخوَّفْتُ الشَّيءَ، أي تنقّصتُه، فهو الصحيح الفصيح، إلا أنّه من الإبدال، والأصلُ النّون من التنقُّص، وقد ذُكِر في موضعه.
    (خوق) الخاء والواو والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على خُلوِّ الشّيء. يقال مفازةٌ خَوْقاء، إذا كانت خاليةً لا ماءَ بها ولا شيء. والخَوْق: الحَلْقة من الذَّهب، وهو القياسُ؛ لأنَّ وسَطه خالٍ.
    (خول) الخاء والواو واللام أصلٌ واحد يدلُّ على تعهُّد الشَّيء. مِن ذلك: "إنَّه كان يتخوَّلُهم بالموعظة([15])"، أي كان يتعَّدُهم بها. وفلان خَوْلِيُّ مالٍ، إذا كان يُصلِحه. ومنه: خَوَّلك اللهُ مالاً، أي أعطاكَه؛ لأنّ المال يُتَخوَّل، أي يُتَعَهَّد. ومنه خَوَلُ الرّجُل، وهم حَشَمُه. أصله أنَّ الواحدَ خائل، وهو الرَّاعي. يقال فُلانٌ يَخُول على أهله، أي يَرعَى عليهم. ومن فصيح كلامهم: تخوَّلت الرِّيح الأرضَ، إذا تصرَّفَتْ فيها مرّةً بعد مرّة.
    (خون) الخاء والواو والنون أصلٌ واحد، وهو التنقص. يقال خانَه يخُونه خَوْناً. وذلك نُقصانُ الوَفاء. ويقال تخوَّنَني فلانٌ حَقِّي، أي تنقَّصَني. قال ذو الرُّمَّة:
    لا بَلْ هُو الشَّوقُ من دارٍ تَخَوَّنَها *** مَرَّاً سحابٌ ومَرَّاً بارِحٌ تَرِبُ([16]) ويقال الخَوَّانُ: الأسَد. والقياسُ واحد. فأمّا الذي يقال إنهم كانوا يسمُّون في العربيّة الأولى الرّبيع الأوَّل [خَوَّاناً([17])]، فلا معنى له ولا وجهَ للشُّغْل به. وأما قول ذي الرُّمَّة:
    لا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إلاَّ ما تَخَوَّنَهُ *** داعٍ يُنادِيهِ باسمِ الماءِ مَبْغومُ([18]) فإنْ كان أراد بالتخوُّن التعهُّدَ كما قاله بعضُ *أهل العلم، فهو من باب الإبدال، والأصل اللام: تخوَّلَه، وقد مضى ذِكرُه. ومِنْ أهل العلم من يقول: يريد إلاّ ما تَنَقَّصَ نومَه دُعاءُ أمِّه له.
    وأمَّا الذي يؤكل عليه، فقال قومٌ: هو أعجميٌّ. وسمعت عليَّ بنَ إبراهيمَ القَطَّان يقول: سُئِل ثعلبٌ وأنا أسمَعُ، فقِيل يجُوز أنْ يُقال إن الخُِوان يسمَّى خُِوانا لأنّه يُتخوَّن ما عليه، أي يُنْتَقَص. فقال: ما يَبْعُد ذلك. والله تعالى أعلم.
    ـــــــــــــــــــ
    ([1]) البيت في اللسان (خوى، أخذ، نضض) والأزمنة والأمكنة (1: 185). وقد سبق إنشاده في (أخذ 1: 70).
    ([2]) البيت في المجمل واللسان (خوت).
    ([3]) ديوان أبي ذؤيب 95.
    ([4]) في الأصل: "النساء".
    ([5]) في الأصل: "والتخوف".
    ([6]) لأمية بن حرثان بن الأسكر، كما في اللسان (خوث). وأنشده في المجمل.
    ([7]) البيت للبيد في ديوانه 8 طبع 1880 واللسان (خور). وفي الديوان واللسان: "بدار الريح"، أي مبادرة ومسابقة للريح الباردة.
    ([8]) ديوان الطرماح 154 واللسان (خور، هيع). وفي الأصل: "من آل هاشم" تحريف، صوابه من المراجع وما سيأتي في (هيع). والطرماح طائي، ومالك من أجداده، وهو مالك بن أبان ابن عمرو بن ربيعة ابن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ.
    ([9]) الرجز في اللسان (خوص) برواية: "من كل ذات ذنب".
    ([10]) تداك على الحوض: تزدحم عليه.
    ([11]) الرجز لأبي النجم، كما في اللسان (خوص).
    ([12]) هو زياد العنبري، كما في اللسان (خوص).
    ([13]) من رجز لجرير في ديوانه 52. وفي الأصل: "على قلائص"، والمجمل: "على فلان" تحريف.
    ([14]) في الأصل: "وحامل خوع من بنته"، صوابه في اللسان (خوع). ورواية الديوان: "من نبته" أي نسله. وقد أشار إلى هذه في اللسان.
    ([15]) في اللسان: "وفي الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة. أي يتعهدنا بها مخافة السأم علينا".
    ([16]) ديوان ذي الرمة 2 واللسان (خون).
    ([17]) هذه التكملة من المجمل. وفي الجمهرة (4: 489): "وشهر ربيع الأول وهو خوان، وقالوا خوان"، الأخير بوزن رمان. وفي الجمهرة (3: 244): "وخوان: اسم من أسماء الأيام في الجاهلية". وانظر الأزمنة والأمكنة (1: 280).
    ([18]) ديوان ذي الرمة واللسان (نعش، خون، بغم).
    ـ (باب الخاء والياء وما يثلثهما)
    (خيب) الخاء والياء والباء أصلٌ واحد يدلُّ على عدم فائدةٍ وحِرمانٍ. والأصل قولهم للقِدْحِ الذي لا يُورِي: هو خَيّاب. ثمّ قالوا: سَعَى في أمرٍ فخابَ، وذلك إذا حُرِم([1]) فلم يُفِدْ خيْراً.
    (خير) الخاء والياء والراء أصله العَطْف والميْل، ثمَّ يحمل عليه. فالخَير: خِلافُ الشّرّ؛ لأنَّ كلَّ أحدٍ يَمِيلُ إِليه ويَعطِف على صاحبه. والخِيرَةُ: الخِيار. والخِيرُ: الكَرمُ. والاستخارة: أن تَسْألَ خيرَ الأمرين لك. وكل هذا من الاستخارة، وهي الاستعطاف. ويقال استخرتُه. قالوا: وهو من استِخارة الضّبُع، وهو أن تَجْعلَ خشبةً في ثُقْبَةِ بيتها حتى تَخرُج من مكانٍ إلى آخَر. وقال الهذليّ([2]):
    لعَلَّكَ إِمَّا أُمُّ عمروٍ تبدَّلَتْ *** سواكَ خليلاً شاتِمِي تَستخِيرُها ثم يُصَرّف الكلامُ فيقال رجلٌ خَيِّرٌ وامرأةٌ خَيِّرة: فاضلة. وقومٌ خِيارٌ وأخيار… في صلاحها([3])، وامرأةٌ خَيْرةٌ في جَمالها وميسَمِها. وفي القرآن: {فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسَانٌ} [الرحمن 70ٍ]. ويقال خايَرْتُ فلاناً فَخِرْتُه. وتقول: اخْتَرْ بَني فُلاَنٍ رَجُلا. قال الله تعالى: {واختارَ مُوسَى قومَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} [الأعراف 154]. تقول هو الخِيرَة خَفيفة، مصدر اختار خِيرَةً، مثل ارتاب رِيبَة.
    (خيس) الخاء والياء والسين أُصَيلٌ يدلُّ على تذليلٍ وتليين. يقال خيَّستُه، إذا لَيَّنْتَهُ وذلَّلته. والمُخيَّس: السِّجن. قال:
    تجَلّلْتُ العَصَا وعلمتُ أنِّي *** رَهِينُ مُخَيَّسٍ إِن يَثْقَفُونِي وأمّا قولُهم خاسَ بالعهد فقد ذكرناه في الواو. والكلمة مشتركة. ومن الغريب في هذا الباب، قولُهم: قَلَّ خَيْسُه، أي غَمُّه. والخِيسُ: الشجر الملتَفُّ.
    (خيص) الخاء والياء والصاد كلمةٌ مشترَكة أيضاً؛ لأنّ للواوِ فيها حَظّاً([4])، وقد ذكرت في الخوص. فأمّا الياء فالخَيْصُ: النَّوالُ القَليل. قال الأعشى:
    لَعَمرِي لئن أمْسى من الحيِّ شاخِصا *** لقد نالَ خيْصاً من عُفَيرَةَ خائصا([5]) والباب كُّله في الواو والياء واحدٌ.
    ومن الشاذّ -والله أعلم بصحّته- قولُهم وَعِلٌ أخْيَصُ، إذا انتصَبَ أحدُ قَرنَيه وأقْبلَ الآخَر على وجهه.
    (خيط) الخاء والياء والطاء أصلٌ واحد يدلُّ على امتدادِ الشَّيء في دِقّةٍ، ثم يحمل عليه فيقال في بعض ما يكون منتصِباً. فالخَيْط معروفٌ. والخَيط الأبيض: بياضُ النهار. والخيط الأسود: سوادُ الليل. قال الله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ} [البقرة آية 187]. ويقال لما يَسِيلُ من لُعاب الشَّمس: خَيْطُ باطلٍ. قال:
    غَدَرتُم بعَمروٍ يا بَنِي خَيْطِ باطِلٍ *** ومثلُكُمُ بَنى البُيوتَ على غَدْرِ فأمّا قولُهم للّذي بَدا الشَّيبُ في رأسه خُيِّطَ، فهو من الباب، كأنَّ البادِيَ من ذلك مشبَّهٌ بالخُيُوط. قال الهذلي([6]):
    * حَتَّى تخَيَّطَ بالبَيَاضِ قُرُونِي([7]) *
    ويقال نعامة خَيْطاءُ؛ وخَيَطُها طُول عُنُقِها. والْخِياطة معروفةٌ، فأمَّا الْخِيط بالكسر، فالجماعةُ من النَّعام؛ وهو قياس الباب؛ لأنّ المجتمِع يكون كالذي خِيطَ بعضُه إلى بعض. وأمَّا قولُ الهذليّ([8]):
    تَدَلّى عليها بين سِبٍّ وَخَيْطَةٍ *** *بِجَرْدَاء مثلِ الوَكْفَ يَكبُو غُرابُها فقد قيل إنّ الخَيْطة الحَبْل. فإن كان كذا فهو القياس المطَّرِد. وقد قيل الخَيْطة الوتد. وقد ذكرنا أنّ هذا ممَّا حمل على الباب؛ لأنّ فيه امتداداً في انتصاب.
    (خيف) الخاء والياء والفاء أصلٌ واحد يدل على اختلافٍ. فالخَيَف: أن تكون إحدى العينَين من الفَرَس زرقاءَ والأُخْرى كَحْلاء. ويقال: النَّاس أخْيافٌ، أي مختلِفون. والخَيْفَان: جرادٌ تصير فيه خطوطٌ مختلِفة. والْخَيْف: ما ارتَفَع عن مَسِيل الوادي ولم يبلُغْ أن يكون جبلاً، فقد خالَفَ السّهلَ والجبَل. ومن هذا الْخَيْف: جِلْدُ الضَّرع، مشبّهٌ بخَيْف الأرض. وناقَةٌ خَيْفَاءُ: واسعةُ جِلْد الضَّرع. وبعيرٌ أخيَفُ: واسع جلد الثِّيل. فأمّا الخِيفُ فجمع خِيفَةٍ، وليس من هذا الباب، وقد ذكر في باب الواو بعد الخاء، وإنّما صارت الواو ياءً لكسرةِ ما قبلها. وقال:
    فلا تَقْعُدَنّ على زَخَّةٍ *** وتُضْمِرَ في القَلْبِ وجْداً وخِيفا([9]) (خيل) الخاء والياء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ في تلوُّن. فمن ذلك الخَيَال، وهو الشَّخص. وأصله ما يتخيَّلُه الإنسان في مَنامه؛ لأنّه يتشبّه ويتلوّن. ويقال خَيَّلْتُ للنّاقة، إذا وضَعْتَ لولدِها خيالاً يفزَّع منه الذِّئب فلا يقرُبه. والخَيْل معروفة. وسمِعت مَن يَحْكِي عن بِشر الأسديّ عن الأصمعي قال: كنتُ عند أبي عمرو بن العَلاء، وعنده غلامٌ أعرابيٌّ فسُئل أبو عمرو: لم سمِّيت الخيلُ خيلاً؟ فقال: لا أدرِي. فقال الأعرابيُّ: لاخْتيالِها. فقال أبو عمرو: اكتُبوا. وهذا صحيحٌ؛ لأنّ المختالَ في مِشيتِه يتلوَّن في حركته ألواناً. والأخْيَلُ: طائرٌ، وأظنُّه ذا ألوانٍ، يقال هو الشِّقِرَّاق. والعرب تتشاءم به. يقال بعير مَخْيُولٌ([10])، إذا وقع الأخيلُ على عجُزِه فقَطَّعه. وقال الفرزدق:
    إذا قَطَناً بَلَّغْتِنِيهِ ابنَ مُدْرِكٍ *** فَلاقَيتِ مِن طَير الأشائم أخْيَلا([11]) يقول: إذا بلّغْتِني هذا الممدوحَ لم أُبَلْ بهلَكتك؛ كما قال ذو الرُّمّة:
    إذا ابنَ أبي مُوسى بِلالاً بَلغْتِهِ *** فقامَ بفأسٍ بين وُِصْلَيْكِ جازِرُ([12]) وقال الشمّاخ:
    إذا بلّغْتِنِي وحَمَلْتِ رَحْلي *** عَرَابَةَ فاشرَقِي بدَمِ الوَتينِ([13]) ويقال تخيَّلت السَّماء، إذا تهيّأَتْ للمطَر، ولابدّ أنْ يكون عند ذلك تغيُّرُ لونٍ. والمَخيلة: السَّحابة([14]). والمخيلة([15]): التي تَعِد بمَطَرٍ. فأمّا قولهم خَيَّلْتُ على الرّجُل تَخييلاً، إذا وجَّهتَ التّهمَة إليه، فهو من ذلك؛ لأنّه يقال: يشبه أن يكون كذا يُخَيَّلُ([16]) إليّ أنّه كذا، ومنه تخيَّلْت عليه تخيُّلاً، إذا تفَرَّسْتَ فيه([17]).
    (خيم) الخاء والياء والميم أصلٌ واحد يدلُّ على الإقامة والثَّبات. فالخَيْمة معروفة؛ والخَيْم: عيدانٌ تُبنَى عليها الخَيْمة. قال:
    * فلم يَبْقَ إلاّ آلُ خيْمٍ مُنَضَّدٍ([18]) *
    ويقال خَيَّم بالمكان: أقامَ به. ولذلك سمِّيت الخَيْمة. والخِيم: السجِيَّة، بكسر الخاء، لأنّ الإنسانَ يُبنَى عليها ويكون مرجعُه أبداً إليها.
    ومن الباب قولُهم للجبان خائم، لأنَّه من جُبنِه لا حَرَاك به. ويقال قد خَامَ يَخِيم. فأمّا قولُه:
    رَأَوْا فَتْرَةً بالسَّاقِ مِنِّي فحاوَلُوا *** جُبُورِيَ لما أنْ رأَوْنِي أَخِيمُها([19]) فإنّه أرادَ رَفْعها، فكأنّه شبّهها بالخَيْم، وهي عِيدانُ الخَيْمة.
    فأمّا الألف التي تجيء بعد الخاء في هذا الباب، فإنّها لا تخلو من أن تكون من ذوات الواو [أو] من [ذوات] الياء. فالخال الذي بالوجه هو من التلوُّن الذي ذكرناه. يقال منه رجل مَخِيلٌ ومخُول. وتصغير الخال خُيَيْلٌ فيمن قال مَخِيل، وخُوَيْلٌ فيمن قال مَخُول. وأما خالُ الرَّجُل أخو أُمِّه فهو من قولك خائل مالٍ، إذا كان يتعهَّدُه. وخالُ الجيش: لواؤُه، وهو إمّا من تغيُّرِ* الألوان، وإمّا أن الجيشَ يُراعونَه وينظُرون إليه كالذي يتعهَّد الشيء. والخال: الجبل الأسود فيما يقال، فهو من باب الإبدال.
    (خام) وأما الخاء والألف والميم فمن المنقلب عن الياء. الخامَةُ: الرّطْبة من النّبات والزّرْع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ المؤمِنِ مَثَلُ الخامَة من الزّرع"([20]). وقال الطرمّاح:
    إنّما نحن مثل خامةَ زَرْعٍ *** فَمتى يَأنِ يَأْتِ مُحْتَصِدُهْ([21]) فهذا من الخائم، وهو الجبان الذي لا حَرَاك به.
    وأمّا الخاء والألف والفاء فحرف واحدٌ، وهو الخافَةُ، وهي الخَريطة من الأدَم يُشتار فيها العسَل. فهذه محمولةٌ على خَيْف الضَّرع، وهي جِلدتُه. والقياس واحد.
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) في الأصل: "جرم" بالجيم.
    ([2]) هو خالد بن زهير الهذلي. انظر ديوان الهذليين (1: 157) واللسان (خير).
    ([3]) في الكلام نقص، يدل عليه ما في اللسان: "قال الليث: رجل خير وامرأة خيرة: فاضلة في صلاحها. وامرأة خيرة في جمالها وميسمها".
    ([4]) في الأصل: "لأن الواو فيها خطأ"، تحريف.
    ([5]) ديوان الأعشى 108 واللسان (خيص)، وهو مطلع قصيدة له.
    ([6]) هو بدر بن عامر الهذلي. انظر شرح السكري للهذليين 128 ونسخة الشنقيطي 98 واللسان (خيط 170).
    ([7]) صدره كما في المراجع المتقدمة: * تالله لا أنسى منيحة واحد *
    ([8]) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه 79 واللسان (خيط، سبب، وكف).
    ([9]) البيت لصخر الغي الهذلي. ديوان الهذليين 2: 74 واللسان (خوف 448، زخخ 498). وسيأتي في زخ.
    ([10]) هذا اللفظ مما لم يرد في المعاجم المتداولة.
    ([11]) ديوان الفرزدق 701 واللسان (خيل).
    ([12]) ديوان ذي الرمة 253 وخزانة الأدب (1: 455).
    ([13]) ديوان الشماخ 92.
    ([14]) في الأصل: "السحاب". وفي اللسان: "المخيلة بفتح الميم: السحابة، وجمعها مخايل".
    ([15]) المخيلة هذه بضم الميم وكسر الخاء، وبضمها وفتح الخاء وكسر الياء المشددة.
    ([16]) في الأصل: "الخيل".
    ([17]) في المجمل: "إذا تفرست فيه الخير". وانظر للكلام على بقية هذه المادة، نهاية المادة التي تليها.
    ([18]) صدر بيت للنابغة، في اللسان (خيم، عثلب). وعجزه:*وسفع على آس ونؤي معثلب*
    ([19]) في اللسان (خيم): "رأوا وقرة".
    ([20]) تمامه كما في اللسان: "تميلها الريح مرة هكذا ومرة هكذا".
    ([21]) ديوان الطرماح 113 واللسان (خوم). وقد سبق في (حصد) ص 71 من هذا الجزء.
    ـ (باب الخاء والباء وما يثلثهما)
    (خبت) الخاء والباء والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على خُشوع: يقال أَخْبَتَ يخبِتُ إخباتاً، إذا خشَع. وأخْبَتَ لله تعالى. قال عزّ ذكره: {وَبَشِّرِ المُخْبِتِين} [الحج 34]، وأصلُه من الخَبْت، وهو المفازة لا نباتَ فيها.
    ومن ذلك الحديث: "ولو بِخَبْتِ الجَمِيش([1])". ألا تراه سمَّاها جَميشاً، كأنّ النَّباتَ قد جُمِشَ منها، أي حُلِق.
    (خبث) الخاء والباء والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على خلاف الطّيّب. يقال خبيثٌ، أي ليس بطيِّب. وأخْبَثَ، إذا كانَ أصحابُه خُبثاء. ومن ذلك التعوُّذ مِن الخبيث المُخْبِث. فالخبيث في نفسه، والمُخْبِث الذي أصحابُه وأعوانُه خُبَثاء.
    (خبج) الخاء والباء والجيم ليس أصلاً يُقاس عليه، وما أحسَِب فيه كلاماً صحيحاً. يقال خَبَجَ، إذا حَصَمَ([2]). وربما قالوا: خَبَجَه بالعصا، أي ضربه. ويقولون إنّ الخَبَاجاءَ من الفُحول: الكثير الضِّرَاب، وهذا كما ذكرناه، إلاّ أنْ يصحّ الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إذا أُقيمت الصلاة ولّى الشيطان وله خَبَجٌ كَخَبَج الحِمار". فإن صحّ هذا فالصحيح ما قاله عليه الصلاة والسلام، بآبائنا وأُمَّهاتنا هُو!
    (خبر) الخاء والباء والراء أصلان: فالأول العِلم، والثاني يدل على لينٍ ورَخاوة وغُزْرٍ.
    فالأول الخُبْر: العِلْم بالشَّيءِ. تقول: لي بفلان خِبْرَةٌ وخُبْرٌ. والله تعالى الخَبير، أي العالِم بكلِّ شيء. وقال اللهُ تعالى: {وَلاَ يُنَبِّئكَ مِثْلُ خبِيرٍ} [فاطر 14].
    والأصل الثاني: الخَبْراء، وهي الأرض الليِّنة. قال عَبيدٌ يصف فرساً:
    * سَدِكاً بِالطَّعْنِ ثَبْتاً في الخَبارِ *
    والخَبِير: الأكّار، وهو مِن هذا، لأنّه يُصْلِح الأرضَ ويُدَمِّثُها ويلَيِّنها. وعلى هذا يجري هذا البابُ كلُّه؛ فإنهم يقولون: الخبير الأكّار، لأنه يخابر الأرض، أي يؤاكِرُها. فأمّا المخابرة التي نُهِيَ عنها فهي المزارعة بالنِّصف لها [أو] الثّلث أو الأقلِّ([3]) من ذلك أو الأكثر. ويقال له: "الخِبْرُ، أيضاً. وقال قوم: المخابَرة مشتقٌّ من اسم خَيْبر.
    ومن الذي ذكرناه من الغُزْر قولُهم للناقة الغزيرة: خَبْرٌ. وكذلك المَزَادة العظيمة خَبْرٌ؛ والجمع خُبور.
    و[من] الذي ذكرناه من اللِّين تسميتُهم الزَّبَدَ([4]) خبِيراً. والخَبير: النَّبات الليِّن. وفي الحديث: "ونَسْتَخْلِبُ الخَبير([5])".
    والخَبير: الوَبَر. قال الراجز:
    *حتَّى إذا ما طار من خَبِيرِها([6]) *
    ويقال مكانٌ خَبِرٌ، إذا كان دفيئاً كثيرَ الشَّجَر والماء([7]). وقد خَبِرَت الأرضُ. وهو قياسُ الباب.
    ومما شذَّ عن الأصل الخُبْرَةُ، وهي الشّاة يَشتريها القومُ يذبحونها ويقتسِمون لحمها. قال:
    إذا ما جعلْتَ الشّاةَ للقوم خُبْرةً *** فشَأْنَكَ إنِّي ذاهبٌ لشُؤُوني (خبز) الخاء والباء والزاء أصلٌ واحد يدلُّ على خَبْط الشيء باليد.تخبَّزَت الإِبلُ السَّعْدَانَ، إذا خَبطَتْه بأيديها. ومن ذلك خَبَزَ الخَبَّازُ الخُبْز. قال:
    لا تَخْبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسّاً *** ولا تُطِيلا بِمُناخٍ حَبْسا([8]) ويقال: الخَبْزُ ضَرْب البعير بيديه الأرضَ.
    (خبس) الخاء* والباء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على أخْذ الشيء قهراً وغَلَبة. يقال تَخَبَّسْتُ الشَّيءَ: أخذْتُه. وذلك الشيءُ خُبَاسَة. والخُباسة: المَغْنَم؛ يقال اختبَس الشَّيءَ: أخذَه مُغالَبة. وأسدٌ خَبُوس. قال:
    ولكِنِّي ضُبارِمَةٌ جَموحٌ *** على الأقرانِ مُجْتَرِئٌ خَبُوسُ([9]) (خبش) الخاء والباء والشين ليس أصلاً. وربَّما قالوا: خَبَش الشّيءَ: جَمَعه. وليس هذا بشيء.
    (خبص) الخاء والباء والصاد قريبٌ من الذي قبله. يقولون خَبَص الشَّيءَ: خَلَطه.
    (خبط) الخاء والباء والطاء أصلٌ واحد يدلُّ على وطْءٍ وضَرب. يقال خَبَط البعير الأرضَ بيده: ضربَها. ويقال خَبَطَ الورَقَ من الشَّجَر، وذلك إذا ضربَه ليسقُط. وقد يُحمَل على ذلك، فيقال لداءٍ يُشبه الجنونَ: الخُبَاط، كأنَّ الإنسان يتخبَّط. قال الله تعالى: {إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسّ} [البقرة 275]. ويقال لما بَقِيَ مِن طعامٍ أو غيرِه: خِبْطة. والخِبْطة: الماء القليل؛ لأنّه يتخبَّط فلا يمتنع. فأمَّا قولهم اختبط فلانٌ [فلاناً] إذا أتاهُ طالباً عُرْفهُ، فالأصل فيه أنَّ الساريَ إليه أو السائر لابدّ من أن يختبط الأرضَ، ثم اختُصِر الكلامُ فقيل للآتي طالباً جَدْوَى: مُخْتَبِط. ويقال إنّ الخِبْطة: المَطْرةُ الواسعةُ في الأرض. وسمِّيت عندنا بذلك لأنّها تَخْبِط الأرضَ تَضرِبُها. وقد روى ناسٌ عن الشَّيباني، أنَّ الخابط النائم، وأنشدوا عنه:
    * يَشْدَخْنَ باللّيل الشُّجاع الخابِطا([10]) *
    فإنْ كان هذا صحيحاً فلأنَّ النائم يخبِط الأرضَ بجِسمه، كأنَّه يضربُها به.ويجوز أن يكون الشُّجاع الخابطُ إنَّما سُمِّي به لأنَّه يُخْبَط، تَخبِطه المارّةُ، كما قال القائل:
    تُقطِّعُ أعناقَ التُّنَوِّطِ بالضُّحى *** وتَفْرِسُ بالظَّلْمَاءِ أَفعى الأجارِعِ([11]) فأمَّا الخِباط فسِمَةٌ في الفَخِذ([12])، وسمِّي بذلك لأنَّ الفخذ تُخبَطُ به.
    (خبع) الخاء والباء والعين ليس أصلاً؛ وذلك أنَّ العين فيه مبدلة من همزة. يقال خَبَأْتُ الشيءَ وخبَعْتُه. ويقال خَبَع الرَّجُل بالمكان: أقام به. وربَّما قالوا: خبَعَ الصبيُّ خُبوعاً، وذلك إذا فُحِم من البُكاء. فإن كان صحيحاً فهو من الباب، كأن بكاءه خُبِئَ.
    (خبق) الخاء والباء والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على الترفُّع. فالخِبِقَّى: جنْسٌ من مرفوع السَّير. قال:
    * يَعْدُو الخِبِقّى والدِّفِقَّى مِنْعَبُ([13]) *
    ومن الباب الخِبَقُّ والخِبِقُّ: الرجل الطَّويل، وكذلك الفَرَس.
    (خبل) الخاء والباء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على فساد الأعضاء. فالخَبَل: الجُنون. يقال اختبله الجنّ. والجّنيُّ خابل، والجمع خُبَّل. والخَبَل: فساد الأعضاء. ويقال خُبِلت يده، إذا قُطِعت وأُفسِدَت. قال أوس:
    أبَنِي لُبَيْنَى لستمُ بيدٍ *** إلا يداً مَخبولةَ العَضُدِ([14]) أي مُفْسَدة العضُد. ويقال فُلانٌ خَبَالٌ على أهله، أي عَنَاء عليهم لا يُغْنِي عنهم شيئاً. وطِينة الخَبَال الذي جاء في الحديث([15])، يقال إنّه صَدِيد أهل النّار.
    ومما شذّ عن الباب الإخبال، ويقال هو أن يجعل الرّجُل إبلَه نِصفين، يُنتِج كلَّ عام نصفاً، كما يُفعل بالأرض في الزّراعة. ويقال الإخبال أن يُخْبِل الرّجلَ، وذلك أن يُعِيرَه ناقةً يركبُها، أو فرساً يغزُو عليه. ويُنشد في ذلك قولُ زهير:
    هُنالك إن يُستَخْبَلُوا المالَ يُخْبِلُوا *** وإن يُسألوا يُعْطُوا وإن يَيْسِرُوا يُغْلُوا([16]) (خبن) الخاء والباء والنون أُصَيْلٌ واحد يدلُّ على قَبْض ونقص. يقال خَبَنْت الشَّيءَ، إذا قبَضْته. وخَبَنْت الثوبَ، إذا رفعتَ ذَلاذِلَه حتّى يتقلَّص بعد أن تَخِيطه وتكُفَّه. والخُبْنَةُ: ثِبَان الرّجُل([17])؛ وسمِّي بذلك لأنَّه يُخبَن فيه الشّيء. تقول: رفَعَه في خُبْنَتِه. وفي الحديث: "فليأكُلْ منها ولا يَتَّخِذْ* خُبْنَةً([18])". ويقال إنّ الخُبْنَ من المَزَادة ما كان دون المِسْمَع. فأمّا قولهم خَبَنْت الرّجل، مثلُ غبَنْته، فيجوز أن يكون من الإبدال، ويجوز أن يكون من أنّه إذا غَبنَه فقد اختبَنَ عنه من حَقِّه.
    (خبأ) الخاء والباء والحرف المعتل والهمزة يدلُّ على سَتْرِ الشّيء. فمن ذلك خبأْت الشيء أخبَؤه خَبْأً. والخُبَأَةُ: الجارية تُخْبَأُ. ومن الباب الخِباء؛ تقول أخبَيْتُ إخباءً، وخَبَّيْتُ، وتخبَّيْت، كلُّ ذلك إذا اتخذْتَ خِباءً.
    ــــــــــــــــ
    ([1]) الحديث بتمامه كما في الإصابة 5978 "عن عمرو بن يثربي قال: شهدت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى، وكان فيما خطب به أن قال: لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه. فقلت: يا رسول الله، أرأيت لو لقيت غنم ابن عمي فاجتزرت منها شاة هل علي في ذلك شيء؟ قال: إن لقيتها تحمل شفرة وزناداً فلا تهجها". ويبدو أنه سقط من نسخة الإصابة ما ورد في اللسان، وهو "إن لقيتها تحمل شفرة وزناداً بخبت الجميش فلا تهجها".
    ([2]) حصم، بالمهملتين، أي ضرط.
    ([3]) في الأصل: "أو أقل".
    ([4]) الزبد، هنا، بالتحريك. بعضهم يخص الخبير بزبد أفواه الإبل.
    ([5]) نستخلب، بالخاء المعجمة، أي نقطع، كما في اللسان (خلب، خبر). وفي الأصل: "نستحلب". بالحاء المهملة، تحريف. قال في اللسان (خبر): "شبه بخبير الإبل، وهو وبرها؛ لأنه ينبت كما ينبت الوبر".
    ([6]) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (خبر، غرر).
    ([7]) هذا التفسير لم يرد في غير المجمل من المعاجم المتداولة. وفي اللسان بعد ذكر "الخبراء": "يقال خبر الموضع بالكسر فهو خبر".
    ([8]) الرجز للهفوان العقيلي. انظر شرح الحيوان (4: 490).
    ([9]) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (خبس). والضبارمة: الجريء، وفي الأصل: "ضبارة" محرف، صوابه من اللسان والمجمل.
    ([10]) البيت لأباق الدبيري كما في اللسان (خبط). وقد صحف "أباق" في اللسان "بدباق"، بصوابه ما أثبت من اللسان (مرط). وفي القاموس (أبق): "وكشداد: شاعر دبيري".
    ([11]) البيت في اللسان (نوط).
    ([12]) زاد في اللسان: طويلة عرضا، وهي لبني سعد، أي من سمات إبلهم.
    ([13]) البيت في اللسان (خبق).
    ([14]) في الأصل: "أبني أبينا"، صوابه من المجمل وديوان أوس بن حجر واللسان (خبل). على أن رواية عجز البيت في الأصل والمجمل واللسان غير مستقيمة، والبيت من قصيدة مضمومة الروي، وهو في الديوان:
    أبني لبينى لستم بيد *** إلا يد ليست لها عضد ([15]) هو حديث: "من أكل الربا أطعمه الله من طينة الخبال يوم القيامة".
    ([16]) ديوان زهير 112 والمجمل واللسان (خبل).
    ([17]) الثبان، ككتاب: الموضع الذي يحمل فيه من الثوب. نحو أن يعطف ذيل قميصه فيجعل فيه شيئاً. وفي الأصل: "ثبات"، وفي المجمل: "التبان"، وفي اللسان: "ثياب الرجل"، صواب كل أولئك ما أثبت.
    ([18]) سبق في مادة (ثبن) برواية: "ولا يتخذ ثبانا".
    رد مع اقتباس  
     

  11. #11  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الخاء والتاء وما يثلثهما)
    (ختر) الخاء والتاء والراء أصلٌ يدلُّ على تَوانٍ وفُتُورٍ. يقال تَخَتَّرَ الرجلُ في مِشيته، وذلك أن يَمشي مِشْية الكَسْلان. ومن الباب الخَتْر، وهو الغَدْر، وذلك أنّه إذا خَتَر فقد قعَد عن الوفاء. والخَتَّار: الغَدَّار. قال الله تعالى: {وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان 32].
    (ختع) الخاء والتاء والعين أصلٌ واحد يدلُّ على الهجوم والدّخولِ فيما يَغِيب الداخلُ فيه. فيقول خَتَع الرجل خُتُوعاً، إذا ركب الظُّلْمة.
    ومن الباب الخَيْتَعَة: قطعةٌ مِن أدمٍ يلُفُّها الرَّامِي على يده عند الرَّمي.
    ويُحمَل على ذلك، فيقال للنَّمِرة الأنثى الخَتْعَة؛ وذلك لجُرأتها وإقدامها. وقال العجّاجُ([1]) في الدليل الذي ذكرناه:
    * أَعْيَتْ أَدِلاَّءَ الفلاة الخُتَّعَا([2]) *
    (ختل) الخاء والتاء واللام أُصَيل فيه كلمةٌ واحدة، وهي الخَتْل، قال قومٌ: هو الخَدْع. وكان الخليل يقول: تخاتَلَ عن غَفْلةٍ.
    (ختن) الخاء والتاء والنون كلمتان: إحداهما خَتْن الغُلام الذي يُعْذَر. والخِتان: موضع القَطْع من الذَّكَر([3]). والكلمة الأُخرى الخَتَن، وهو الصِّهر، وهو الذي يتزوَّج في القوم.
    (ختم) الخاء والتاء والميم أصلٌ واحد، وهو بُلوغ آخِرِ الشّيء. يقال خَتَمْتُ العَمَل، وخَتم القارئ السُّورة. فأمَّا الخَتْم، وهو الطَّبع على الشَّيء، فذلك من الباب أيضاً؛ لأنّ الطَّبْع على الشيءِ لا يكون إلاّ بعد بلوغ آخِرِه، في الأحراز. والخاتَم مشتقٌّ منه؛ لأنّ به يُختَم. ويقال الخاتِمُ، والخاتام، والخَيْتام. قال:
    * أخذْتِ خاتامِي بغيرِ حَقِّ([4]) *
    والنبي صلى الله عليه وسلم خاتَِمُ الأنبياء؛ لأنّه آخِرُهم. وخِتام كلِّ مشروبٍ: آخِرُه. قال الله تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين 26]، أي إنّ آخرَ ما يجِدونه منه عند شُربهم إياه رائِحَةُ المسك.
    (ختا) الخاء والتاء والحرف المعتل والمهموز ليس أصلاً، وربّما قالوا: اختَتَأْتُ له اختِتاءً، إذا ختلْتَه([5]).
    ــــــــــــــــــــ
    ([1]) كذا. والصواب أنه "رؤبة". وقصيدة البيت في ديوانه 87-93.
    ([2]) ديوان رؤبة 89 واللسان (ختع) حيث نسب البيت إلى رؤبة.
    ([3]) هذا مذهب من يخصص الختان للذكور، والخفض للإناث. ومن جعل الختان لهما زاد: "وموضع القطع من نواة الجارية".
    ([4]) ويروى: "خيتامي" كما في اللسان. وقبله: * يا هند ذات الجورب المنشق *
    ([5]) في الأصل: "إذا أختلت"، صوابه من المجمل واللسان.
    ـ (باب الخاء والثاء وما يثلثهما)
    (خثر) الخاء والثاء والراء أصلٌ يدلُّ على غِلَظٍ في الشّيءِ مع استِرخاء. يقال خَثُِر اللّبنُ، وهو خاثر. وحكى بعضهم: خَثِر فلانٌ في الحيِّ، إذا أَقام فلم يكَدْ يبرح. وليس هذا بشيء.‏
    (خثل) الخاء والثاء واللام كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها. قال الكِسائيّ: خَثَلة البَطْن: ما بين السُّرّة والعانة؛ ويقال خَثْلَة، والتخفيف أكثر(1).‏
    (خثم) الخاء والثاء والميم ليس أصلاً. وربَّما قالوا لِغلَظ الأنف الخَثَم، والرّجلُ أخثَم.‏
    (خثا) الخاء والثاء والحرف المعتل ليس أصلاً. وربّما قالوا امرأةٌ خَثْوَاءُ: مستَرخِية البطن. وواحدُ الأخثاء خِثْيٌ. وليس بشيء. والله أعلم.‏
    ـــــــــــــــــ
    (1) في المجمل: "ويقال حثله بالتخفيف، وهو أكثر". يراد بالتخفيف سكون الثاء.‏
    ـ (باب الخاء والجيم وما يثلثهما في الثلاثي)
    (خجل) الخاء والجيم واللام أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وتردُّد. حكَى بعضُهم: عليه ثوبٌ خَجِلٌ، إذا لم يكن [تقطيعُه] تقطيعاً* مستوِياً، بل كان مضطرباً عليه عند لُبْسه. ومنه الخَجَل الذي يعتري الإنسانَ، وهو أن يَبقى باهتاً لا يتحدَّث. يقال منه: خَجِل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنِّساءِ: "إنّكُنّ إذا جُعْتُنّ دَقِعْتُنّ، وإذا شَبِعْتُنّ خَجِلْتُنّ" . قال الكميت:‏
    ولَمْ يَدْقَعُوا عندما نابَهُم *** لِوَقْعِ الحروب ولم يَخْجَلُوا(1)‏
    يقال في خَجِلتُنّ: بَطِرْتُنّ وأَشِرْتُنّ؛ وهو قياس الباب. ويقال منه خَجِلَ الوادِي، إذا كثُر صوتُ ذُبابه. ويقال أخْجَلَ الحَمْضُ: طالَ؛ وهو القياس؛ لأنّه إذا طالَ اضطرب.‏
    (خجا) الخاء والجيم والحرف المعتل أو المهموز ليس أصلاً. يقولون رجل خُجَأَةٌ، أي أحمق. وخَجَأَ الفحلُ أُنْثَاه، إذا جامَعَها. وفحلٌ خُجَأَةٌ: كثير الضِّراب.‏
    ـــــــــــــــــــــ
    (1) البيت في اللسان (خجل). وسيأتي في (دقع).‏
    ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء)
    من ذلك (الخَلْجَم)، وهو الطَّويل، والميم زائدة، أصله خلج. وذلك أنّ الطويل يتمايَلُ، والتخلُّج: الاضطراب والتّمايُل، كما يقال تخلَّج المجنون.
    ومنه (الخُشَارِم)، وهي الأصوات، والميم والراء زائدتان، وإنَّما هو من خَشَّ([1]).
    وكذلك (الخَشْرَم): الجماعة من النَّحْل، إنَّما سمِّي بذلك لحكاية أصواتِه.
    ومن ذلك (الخِضْرِم)، وهو الرجُل الكثير العطيَّة. وكلُّ كثيرٍ خِضْرِمٌ. والراء فيه زائدة، والأصل الخاء [والضاد] والميم. ومنه الرجل الخِضَمّ، وقد فسرناه.
    ومن ذلك (الخُبَعْثِنَة)، وهو الأسد الشديد، وبه شُبِّه الرجُل، والعين والنون فيه زائدتان، وأصله الخاء والباء والثاء.
    ومنه (الخَدَلَجَّة)، وهي الممتلئة الساقَين والذراعين، والجيم زائدة، وإنَّما هو من الخَدَالة. وقد مضى ذِكره.
    ومنه (الخِرْنِق) وهو ولد الأرنب. والنون [زائدة]، وإنَّما سمِّي بذلك لضَعفه ولُزوقِهِ بالأرض([2]). من الخَرَق، وقد مَرَّ. ويقال أرضٌ مُخَرْنِقةٌ. وعلى هذا قولهم: خَرنَقَتِ النَّاقةُ، إذا كثُر في جانِبيْ سَنامها الشّحم حتَّى تراه كالخَرانِقِ.
    ومنه رجل (خَلَبُوتٌ([3])) أي خَدَّاع. والواو والتاء زائدتان، إنما هو من خَلَب.
    ومنه (الخَنْثَر([4])): الشَّيء الخسيس يبقَى من متاعِ القوم في الدار إذا تحمَّلوا.
    وهذا منحوتٌ من خَنَثَ وخثر. وقد مرَّ تفسيرهما.
    ومنه (المُخْرَنْطِم): الغضبان. وهذه منحوتةٌ من خطم وخرط؛ لأنّ الغَضُوب خَرُوطٌ راكبٌ رأسَه. والخَطْم: الأنف؛ وهو شَمَخ بأنفِه. قال الراجز في المخْرنْطِم:
    يا هَيْءَ مالي قَلِقَتْ مَحَاوِرِي([5]) وصار أمثالَ الفَغَا ضرائرِي([6]) مُخْرَنْطِماتٍ عُسُراً عَوَاسِرِي قوله قلقت محاوِري، يقول: اضطربَتْ حالي ومصايِر أمري. والفَغَا: البُسر الأخضر الأغبر. يقول: انتفخن من غضبهن. ومخرنْطِمات: متغضِّبات. وعواسِرِي: يطالبْنَني بالشيء عند العُسْر. و(المخرَنْشِم) مثل المخرنطم، ويكون الشين بدلاً من الطاء.
    ومن ذلك (خَرْدَلْتُ) اللحم: قَطّعته وفرّقته. والذي عندي في هذا أنّه مشبَّه بالحبّ الذي يسمَّى الخَرْدَل، وهو اسمٌ وقع فيه الاتّفاق بين العرب والعجَم، وهو موضوعٌ من غير اشتقاق. ومن قال (خَرْذَل) جعل الذال بدلاً من الدال.
    و(الخُثَارِمُ): الذي يتطيَّر، والميم زائدةٌ لأنّه إذا تطيّر خَثِرَ وأقام. قال:
    ولستُ بهيَّابٍ إذا شَدَّ رحلَه *** يقول عَدانِي اليومَ واقٍ وحاتمُ ولكنني أَمضِي على ذاك مُقْدِماً *** إذا صَدَّ عن تلك الهَناتِ الخُثارِمُ([7]) ومنه (الخُلابِس): الحديثُ الرّقيق. ويقال خَلْبَسَ قلبَه: فَتَنَه. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: خلَب وخلَس، وقد مضى.
    ومن ذلك (الخنْثَعْبَة([8])) الناقة الغزيرة. وهي منحوتةٌ من كلمتين من خَنَثَ وثَعَبَ، فكأنّها ليّنة الخِلْف* يَثْعَبُ باللبن ثَعْباً.
    ومنه (الخُضَارِع([9])) قالوا: هو البخيل([10]). فإن كان صحيحاً فهو من خضع وضرع، والبخيل كذا وصفُه.
    ومنه (الخَيْتَعُور)، ويقال هي الدُّنيا. وكلُّ شيءٍ يتلوَّنُ ولا يدوم على حالٍ خيتعورٌ. والخَيتعور: المرأة السيِّئة الخُلُق. والخَيتعور: الشّيطان. والأصل في ذلك أنَّها منحوتةٌ من كلمتين: من خَتَرَ وخَتَعَ، وقد مضى تفسيرهما.
    ومنه (الخَرْعَبَة) و(الخُرْعُوبة)، وهي الشابّة الرَّخْصَة الحَسنة القَوام. وهي منحوتةٌ من كلمتين: من الخَرَع وهو اللِّين، ومن الرُّعْبوبة([11])، وهي الناعمة. وقد فُسّر في موضعه. ثم يُحمَل على هذا فيقال جَمَلٌ خُرْعُوبٌ: طويلٌ في حُسْن خَلْق. وغُصْنٌ خُرْعُوبٌ: مُتَثَنٍّ. [قال]:
    * كخُرْعُوبَة البانَةِ المُنْفَطِرْ([12]) *
    ومنه (خَرْبَقَ) عملَه: أفسدَه. وهي منحوتةٌ من كلمتين من خَرَب وخَرِق. وذلك أنّ الأخرقَ: الذي لا يُحسِن عمله. وخَرَبَه: إذا ثَقَبه. وقد مضى.
    وأمَّا قولهم لذكَر العَناكب (خَدَرْنَق) فهذا من الكلام الذي لا يُعوَّل على مثله، ولا وجه للشُّغْل به.
    و[أمّا] قولهم للقُرْطِ (خَربَصِيص) فالباء زائدة، لأنّ الخُِرص الحَلْقة. وقد مرَّ. قال في الخَربصيص:
    جَعَلَتْ في أخْراتِها خَرْبصيصاً *** مِنْ جُمَانٍ قد زان وجهاً جميلاً([13]) ويقولون (خَلْبَصَ) الرّجُلُ، إذا فرّ. والباء فيه زائدة، وهو من خَلَصَ. وقال:
    لمّا رآنِي بالبَرَاز حصْحَصا *** في الأرض منِّي هرَباً وخَلْبَصَا([14]) ويقولون (الخَنْبَصَة): اختلاط الأمر. فإن كان صحيحاً فالنون زائدة، وإنّما هو من خبص، وبه سُمِّي الخَبيص.
    و(الخُرطُوم) معروف، والراء زائدة، والأصل فيه الخطم، وقد مرّ. فأمّا الخمر فقد تُسمَّى بذلك. ويقولون: هو أوّلُ ما يَسِيل عند العَصْر. فإن كان كذا فهو قياسُ الباب؛ لأنّ الأوّلَ متقدِّم.
    ومن ذلك اشتقاقُ الخَطْم والخِطام. ومن الباب تسميتُهم سادةَ القوم الخراطيمَ.
    ومن ذلك (الخُنْطُولة): الطائِفة من الإبل والدّوابّ وغيرِها. والجمع حناطيل. قال ذو الرُّمَّة:
    دَعَتْ مَيّةَ الأعْدَادُ واستبدَلَتْ بها *** خَناطِيلَ آجالٍ من العِينِ خُذَّلِ([15]) والنون في ذلك زائدة؛ لأنّ في الجماعات إذا اجتمعتْ الاضطرابَ وتردُّدَ بعضٍ على بعض.
    ومن ذلك (تَخَطْرَفَ) الشَّيءَ، إذا جاوزَه. وهي منحوتةٌ من كلمتين: خطر وخطف؛ لأنّه يَثِبُ كأنّه يختطِف شيئاً. قال الهُذَليّ([16]):
    فماذا تَخَطْرَف من حالقٍ *** ومن حَدَبٍ وحِجابٍ وَجالِ([17]) ومن ذلك (الخُذْروف)، وهو السَّريع في جَرْيِه، والرّاء فيه زائدة، وإنَّما هو من خَذَف، كأنّه في جريه يتخاذف، كما يقال يتقاذَفُ إذا ترامَى. والخُدْروف: عُوَيْدٌ أو قصبةٌ يُفْرض في وسطه([18]) ويشدُّ بخيطٍ إذا مُدّ دارَ([19]) وسمعتَ له حفيفا. ومن ذلك تركت اللّحمَ خَذَاريفَ، إذا قطّعته، كأنَّك شبَّهتَ كلَّ قطعةٍ منه بحصاةِ خَذْف.
    وأمَّا (الخَنْدَريس) وهي الخمر، فيقال إنّها بالرومية، ولذلك لم نَعْرِض لاشتقاقها. ويقولون: هي القديمة؛ ومنه حنطةٌ خندريسٌ: قديمة.
    و(المُخْرَنْبِق): الساكت، والنون والباء زائدتان، وإنما هو من الخَرَق وهو خَرَق الغزال [ولُزوقُه([20])] بالأرض خوفاً. فكأنَّ الساكت خَرِقٌ خائفٌ.
    ويقولون: ناقةٌ بها (خَزْعال([21]))، أي ظَلْع. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من خَزَل أي قطع، وخَزعَ أي قطع. وقد مرّا.
    ومما وُضِع وضعاً وقد يجوز أن يكون عند غيرنا مشتقاً. رجلٌ (مُخَضْرَمُ) الحسبِ، وهو الدعِيُّ. ولحمٌ مخضْرَم: لا يُدرَى أمن ذكرٍ هو أو من أنثى.
    ومنه المرأة (الخَبَنْداةُ([22]))، وهي التامَّة القَصَب.
    و(الخَيْعل): قميصٌ لا كُمَّىْ له. قال تَأَبّط([23]):
    * عَجوزٌ عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ([24]) *
    و(الخناذيذ)* الشَّماريخ من الجِبال الطِّوال. والخنذيذ: الفَحْل. والخنذيذ: الخَصِيُّ.
    و(الخَنْشَلِيل): الماضي.
    و(الخَنْفَقِيق): الداهية. و(الخُوَيْخِيَة): الداهية. قال:
    وكلُّ أُناسٍ سوف تَدخُل بينَهم *** خُوَيْخِيَةٌ تصفرُّ منها الأناملُ([25]) (والخُنْزُوانة): الكِبْر. و(الخَيزُرانة): سُكّانُ السّفينة.
    و(الخازِبازِ): الذُّبابُ، أو صوتُه. والخَازِبازِ: نَبْتٌ. والخازباز: وجعٌ يأخُذ الحلق. قال:
    * يا خَازِبازِ أَرْسِلِ اللَّهازِمَا([26]) *
    و(الخَبَرْنَجُ): الحَسَن الغِذاء.
    ومما اشتُقَّ اشتقاقاً قولُهم للثَّقيل([27]) الوخِم القبيح الفَحَج (خَفَنْجَلٌ). وهذا إنَّما هو من الخفج وقد مضى، لأنّهم [إذا] أرادوا تشنيعاً وتقبيحاً زادوا في الاسم.
    وممّا وضِع وضْعاً (الخَرْفَجَة): حُسْنُ الغِذاء. وسَرَاويلُ مُخَرْفَجَةٌ، أي واسعة.
    وأمّا (الخَيْسَفُوجة): سُكَّان السَّفينة، فمن الكلام الذي لا يُعَرَّج على مِثْله.
    وأمّا قولُهم للقديم (خُنَابِسٌ) فموضوعٌ([28]) أيضاً لا يُعرف اشتقاقُه. قال:
    * أبَى اللهُ أنْ أَخْزَى وعِزٌّ خُنابِسُ([29]) *
    والله أعلمُ بالصَّواب.
    ( تم كتاب الخاء )
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) الخشخشة: صوت السلاح. وقد أهمل ابن فارس هذا الأصل في مادة (خش) وجعله هنا أصلاً.
    ([2]) في الأصل: "ولزوم بالأرض". وانظر مادة (خرق).
    ([3]) ويقال أيضاً "خلبوب" بالباء الموحدة في آخره.
    ([4]) فيه خمس لغات، يقال بفتح الخاء والنون مع كسر الثاء وفتحها، وكجعفر، وزبرج، وقنفذ.
    ([5]) ياهيء مالي: كلمة أسف وتلهف. قال الجميح:
    يا هيء مالي من يعمر يفنه *** مر الزمان عليه والتقليب ([6]) هذا البيت في اللسان (فغا).
    ([7]) الشعر لخثيم بن عدي، المعروف بالرقاص الكلبي. انظر الحيوان وحواشيه (3: 437).
    ([8]) الخنثعبة، بتثليث الخاء مع سكون النون والعين وفتح الثاء. وفي الأصل: "الخثعبة" تحريف.
    ([9]) في الأصل: "الخثارع"، صوابه بالضاد المعجمة، كما في الجمهرة (3: 394) واللسان والقاموس.
    ([10]) الأدق في تفسيره ما ورد في اللسان: "البخيل المتسمح وتأبى شيمته السماحة". وفي الجمهرة والقاموس: البخيل المتسمح". وأنشد في الجمهرة واللسان:
    خضارع رد إلى أخلاقه *** لما نهته النفس عن إنفاقه ([11]) في الأصل: "الرعوبة"، تحريف.
    ([12]) لامرئ القيس في ديوانه 8 واللسان (خرعب، بره). وصدره:
    * برهرهة رودة رخصة *
    ([13]) الأخرات: جمع خرت، بالضم والفتح، وهو الثقب في الأذن. وفي الأصل: "أخراسها" محرف.
    ([14]) الرجز لعبيد المري، كما في اللسان (خلبص).
    ([15]) ديوان ذي الرمة 503 واللسان (خنطل، عدد). دعتها الأعداد، أي ارتحلت إلى حيث الأعداد، وهي المياه التي لا تنقطع، واحدها عد. استبدلت بها، أي استبدلت الدار بمية تلك الوحوش. وسيعيد إنشاده في (دعو). ([16]) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. وقصيدة البيت في شرح السكري 180 ونسخة الشنقيطي 97.
    ([17]) الحدب، بالمهملة: المكان المشرف. والحجاب: ما حجبك وارتفع. وفي الأصل: "جدب وحجال"، صوابه من أشعار الهذليين.
    ([18]) يفرض، أي يحز. وفي الأصل: "يعرض" صوابه بالفاء كما في المجمل واللسان.
    ([19]) وكذا في المجمل واللسان في موضع. وفي موضع آخر: "فإذا أمر دار".
    ([20]) التكملة مما سبق في (خرق) وكذا (الخرنق) ص248.
    ([21]) هو أحد ما جاء على فعلال مفتوح الفاء من غير ذوات التضعيف. والآخر "الفهقار" حكاه ثعلب. انظر اللسان (خزعل) والمزهر (2: 52).
    ([22]) يقال خبنداة وبخنداة أيضاً بمعناه.
    ([23]) يريد تأبط شرا. انظر ما سبق في حواشي ص 200 من هذا الجزء.
    ([24]) صدره كما سبق في الحواشي * نهضت إليها من جثوم كأنها *
    ([25]) للبيد في ديوانه 28 طبع 1881 واللسان (خوخ).
    ([26]) البيت في اللسان (خوز).
    ([27]) في الأصل: "الثقل".
    ([28]) في الأصل: "فموضع"، تحريف.
    ([29]) للقطامي في ديوانه 28 واللسان (خنبس). وصدره: * وقالو عليك ابن الزبير فلذ به *
    كتاب الدال:
    ـ (باب الدال وما بعدها في المضاعف والمطابق)
    (در) الدال والراء في المضاعف يدلُّ على أصلين: أحدهما تولُّد شيء عن شيء، والثاني اضطرابٌ في شيء.
    فالأوّل الدَّرُّ دَرُّ اللَّبَن. والدَِّرَّة دَِرّة السّحاب: صَبُّه. ويقال سَحابٌ مِدْرارٌ. ومن ذلك قولهم: "لله دَرُّه"، أي عمله، وكأنّه شُبِّه بالدَّر الذي يكونُ من ذوات الدّرّ. ويقولون في الشَّتْم: "لا دَرّ دَرُّه" أي لا كَثُر خَيره. ومن الباب: دَرّت حَلُوبةُ المسلمين، أي فَيْئُهم وخَراجهم. ولهذه السُّوق دِرَّة، أي نَفَاق، كأنّها قد دَرَّت. وهو خلاف الغِرار. قال:
    ألا يا لَقومي لا نَوَارُ نَوارُ ولِلسُّوق منها دِرَّةٌ وغِرارُ ومن هذا قولهم: استدرَّتِ المِعْزَى استدراراً، إذا أرادت الفحلَ، كأَنّها أرادت أنْ يَدِرَّ لها ماءُ فَحْلِها.
    وأمَّا الأصل الآخرُ فالدّرِيرُ من الدوابّ: الشديدُ العَدْو السريعُهُ. قال:
    دَرِيرٌ كَخُذْرُوف الوَلِيد أَدَرَّهُ *** تَتَابُعُ كَفَّيْه بخَيطٍ مُوَصَّلِ([1]) والدُّرْدُرُ: مَنابت أسنانِ الصبِيّ. وهو من تَدَرْدَرَتِ اللحمةُ تَدَرْدُراً، إذا اضطربَتْ، ودَرْدَر الصبيُّ الشَّيءَ، إذا لاكَهُ، يُدَرْدِرُه.
    وَدَرَرُ الرِّيح: مَهَبُّها. ودَرَرُ الطَّريق: قَصْدُهُ؛ لأنّه لا يخلو مِن جاءٍ وذاهب. والدُّرُّ: كبار اللُّؤلؤ، سمِّي بذلك لاضطرابٍ يُرَى فيه لصفائه، كأنّه ماءٌ يضطرب. ولذلك قال الهذليّ([2]):
    فجاء بها ما شِئْتَ مِن لَطَمِيَّةٍ *** يَدُوم الفُراتُ فوقَها ويموجُ([3]) يقول: كأنَّ فيها ماءً يموج فيها، لصفائها وحسنها.
    والكوكب الدُّرّيّ: الثاقب المُضِيء. شُبِّه بالدُّر ونُسب إليه لبياضه.
    (دس) الدال والسين في المضاعف والمطابق أصلٌ واحد يدلُّ على دُخول الشيءِ تحت خفاءٍ وسِرّ. يقال دَسَسْتُ الشَّيءَ في التُّراب أدُسُّه دَسّاً. قال الله تعالى: {أَيُمْسِكُه عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ في التُّرابِ} [النحل 59]. والدّسَّاسة: حيَّة صَمَّاء تكون تحت التراب.
    فأمّا قولهم دُسَّ البَعيرُ ففيه قولان، كلُّ واحدٍ منهما من قياس الباب.
    فأحدُهما أن يكون به قليل من جَرَب. فإن كان كذا فلأنّ ذلك الجربَ كالشَّيء الخفيف المُنْدَسّ. والقول الآخَر، هو أن يُجعل الهِنَاءُ على مَسَاعِرِ البعير. ومن الباب* الدَّسيس([4]). وقولهم: "العِرْق دَسَّاس"؛ لأنَّه يَنْزِع في خَفَاءٍ ولُطف.
    (دظ) الدّال والظاء ليس أصلاً يعوَّل عليه ولا يَنْقَاس منه. ذكروا عن الخليل أنَّ الدَّظَّ الشَّلُّ([5])؛ يقال دظَظْناهم، إذا شَلَلْناهم. وليس ذا بشيءٍ. (دع) الدال والعين أصلٌ واحد مُنقاسٌ مطّرد، وهو يدلُّ على حركة ودَفْع واضطراب. فالدَّعُّ: الدفع؛ يقال دَعَعْتُه أَدُعُّه دَعَّاً. قال الله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جهَنَّمَ دعّاً} [الطور 13]. والدَّعْدَعَةُ: تحريك المِكيال ليستوعب الشَّيءَ. والدَّعْدَعةُ: عَدْوٌ في التِواء. ويقال جَفْنةٌ مدَعدَعة. وأصلُه ذاك، أي أنَّها دُعدِعَتْ حتّى امتلأَتْ.
    فأمّا قولُهم الدَّعْدَعَةُ زَجْر الغنم، والدَّعدعةُ قولُك للعاثر: دَعْ دَعْ، كما يقال لَعاً، فقد قلنا: إنَّ الأصواتَ وحكاياتِها لا تكاد تنقاس، وليست هي على ذلك أصولاً.
    وأمّا قولهم للرجل القصير دَعْدَاعٌ، فإن صحّ فهو من الإبدال من حاءٍ([6]): دَحْدَاح.
    (دف) الدال والفاء أصلان: أحدهما [يدُلّ] على عِرَضٍ في الشَّيء، والآخَر على سُرعة.
    فالأوَّل الدَّفُّ، وهو الجَنْب. ودَفَّا البعيرِ: جنباه. قال:
    له عُنُقٌ تُلْوِي بما وُصِلَتْ به *** ودَفّانِ يَشْتَفَّانِ كلَّ ظِعانِ([7]) ويقال سَنَامٌ مُدَفِّفٌ، إذا سقَط على دفّيِ البعير. والدَّفّ والدُّفّ: ما يُتلهَّى به. والثاني دَفّ الطّائرُ دفيفاً، وذلك أن يَدُفَّ على وجه الأرض، يحرِّك جناحَيْه ورجلاه في الأرض. ومنه دفَّتْ علينا من بَنِي فلان دَافَّةٌ، تدِفّ دفيفا. ودَفِيفُهم: سَيْرهم([8]). وتقول: داففْتُ الرّجُلَ، إذا أجْهزْتَ عليه دِفَافاً ومُدَافَّة. ومن ذلك حديثُ خالدِ بن الوليد: "من كان معه أسيرٌ فليُدَافَِّه"، أي ليُجْهِزْ عليه. وهو من الباب؛ لأنَّه يعجِل الموتَ عليه.
    (دق) الدال والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على صِغَر وحَقارة. فالدَّقيق: خِلافُ الجَليل. يقال: ما أدَقَّنِي فُلانٌ ولا أَجَلَّني، أي ما أعطاني دقيقةٌ ولا جَليلة. وأدقَّ فُلانٌ وأجلّ، إذا جاء بالقليل والكثير. قال:
    سَحوحٍ إذا سَحَّتْ هُمُوع إذا هَمَتْ *** بكَتْ فأَدَقَّتْ في البُكَا وأجَلَّتِ([9]) والدّقيق: الرجل القليل الخَير. والدَّقيق: الأمر الغامض. والدقيق: الطَّحين. وتقول: دققتُ الشَّيْءَ أدُقُّه دَقاًّ.
    وأمّا الدَّقْدَقة فأصواتُ حوافر الدوابّ في تردُّدها. كذا يقولون. والأصل عندنا هو الأصل، لأنَّها تدقّ الأرضَ بحوافرها دَقّاً.
    (دك) الدال والكاف أصلان: أحدهما يدلُّ على تطامُن وانسطاحٍ. من ذلك الدكّان، وهو معروف. قال العَبْدِيّ([10]):
    * كدُكّان الدَّرابِنَة المَطِينِ([11]) *
    ومنه الأرضُ الدَّكَّاءُ: وهي الأرض العريضة المستوية. قال الله تعالى:{جَعَلَهُ دَكَّاءَ} [الكهف 98]. ومنه النَّاقة الدّكّاء، وهي التي لا سَنامَ لها.
    قال الكسائيّ: الدُّكُّ من الجبال: العِراضُ، واحدها أدَكُّ. وفرس أدَكُّ الظّهر، أي عريضُهُ.
    والأصل الآخر يقرب من باب الإبدال، فكأنَّ الكاف فيه قائمةٌ مَقام القاف. يقال دكَكْت الشيء، مثل دقَقته، وكذلك دكَّكته. ومنه دُكَّ الرَّجُل فهو مدكوكٌ، إذا مَرِض. ويجوز أن يكون هذا من الأوَّل، كأنَّ المرض مَدَّه وبَسَطَه؛ فهو محتملٌ للأمرين جميعاً.

    والدَّكْدَاك من الرّمل كأنه قد دُكَّ دَكّاً، أي دُق دَقّاً. قال أهلُ اللغة: الدَّكداك من الرَّمل: ما التَبَد بالأرض فلم يرتفِع. ومن ذلك حديثُ جرير بن عبد الله حين سأله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن منزلِهِ بِبيشة، فقال: "سَهْلٌ * ودَكْداكٌ، وسَلَمٌ وأرَاكٌ".
    ومن هذا الباب: دَكَكت التُّرابَ على الميّت أدُكّه دَكَّاً، إذا هِلْتَهُ عليه. وكذلك الرّكِيَّة تدفِنها. وقيل ذلك لأنَّ الترابَ كالمدقوق.
    ومما شذّ عن هذين الأصلين قولهم، إن كان صحيحاً: أَمَةٌ مِدَكَّةٌ: قويّةٌ على العمل. ومن الشاذّ قولهم: أقمت عنده حولاً دكيكا، أي تامّاً.
    (دل) الدال واللام أصلان: أحدهما إبانة الشيء بأمارةٍ تتعلّمها، والآخَر اضطرابٌ في الشيء.
    فالأوَّل قولهم: دلَلْتُ فلاناً على الطريق. والدليل: الأمارة في الشيء. وهو بيِّن الدَّلالة والدِّلالة.
    والأصل الآخَر قولهم: تَدَلْدَل الشَّيءُ، إذا اضطرَبَ. قال أوس:
    أمْ مَن لحَيٍّ أضاعوا بعضَ أمرِهِمُ *** بَيْنَ القُسوط وبين الدِّينِ دَلْدَالِ([12]) والقُسوط: الجَوْر. والدِّين: الطّاعة.
    ومن الباب دَلال المرأة، وهو جُرْأتها في تغَنُّجٍ وشِكْلٍ، كأنَّها مخالِفَةٌ وليس بها خِلاف. وذلك لا يكون إلاّ بتمايُلٍ واضطراب. ومن هذه الكلمة: فلانٌ يُدِلُّ على أقرانِهِ([13]) في الحرب، كالبازي يُدِلُّ على صيده.
    ومن الباب الأوّل قولُ الفرّاء عن العرب: أدَلّ يُدِلّ، إذا ضَرَبَ بقَرابَةٍ([14]).
    (دم) الدال والميم أصلٌ واحد يدلُّ على غِشْيان الشَّيء، مِن ناحيةِ أنْ يُطْلَى به. تقول دَممْتُ([15]) الثَّوبَ، إذا طليتَه أيَّ صِبْغ، وكلُّ شيءٍ طُلِي على شيءٍ فهو دِمام([16]). فأمّا الدّمدمة فالإهلاك. قال الله تعالى: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهمْ} [الشمس 14]. وذلك لِمَا غَشّاهم به من العذاب والإهلاك. وقِدْرٌ دميمٌ: مطلِيَّة بالطِّحال. والدَّامَّاء: جُحْر اليربوع، لأنّه يدُمُّه دمّاً، أي يُسَوِّيه تسويةً.
    فأمَّا قولهم رجلٌ دميمُ الوجه فهو من الباب، كأنّ وجهَه قد طلِيَ بسوادٍ أو قُبْحٍ. يقال دَمَّ وجههُ يَدُِمّ دَمامةً، فهو دميم.
    وأمَّا الدَّيْمُومَة، وهي المَفَازة لا ماءَ بها، فمن الباب؛ لأنّها كأنَّها في استوائها قد دُمَّت، أي سُوِّيت تسويةً، كالشَّيء الذي يُطلى بالشيء. والدَّمادِم من الأرض: رَوَابٍ سَهْلَةٌ.
    (دن) الدال والنون أصلٌ واحد يدلّ على تطامُنٍ وانخفاض. فالأدَنُّ: الرجل المنحنِي الظَّهر. يقال منه قد دَنِنْتَ دَنَناً. ويقال بيتٌ أدنّ، أي متطامِنٌ. وفرسٌ أدَنّ، أي قصير اليدين. وإذا كان كذلك كان منْسجُهُ منْخفضاً([17]). ومن ذلك الدَّنْدَنَة، وهو أنْ تُسمَع من الرَّجل نَغْيَةٌ لا تُفْهَم، وذلك لأنّه يخفِض صوتَه بما يقوله ويُخفيه. ومنه الحديث: "فأمَّا دَنْدَنَتُكَ ودندنةُ مُعاذٍ فلا نُحْسِنُهُمَا([18])".
    ومما يقارب هذا القياسَ وليس هو بعينه قولهم للسيف الكَليل: دَدَانٌ([19]). ومما شذَّ عن الباب الدَّيْدَن، وهي العادة.
    ومما يقاس على الأصل الأول الدِّنْدِنُ، وهو ما اسودَّ من النّبات لِقدَمه.
    (ده) الدال والهاء ليس أصلاً يُقاس عليه ولا يُفرَّع منه، وإنّما يجيء في قولهم تَدَهْدَهَ الشيءُ، إذا تدحرَج؛ فكأنَّ الدَّهْدَهَةُ الصَّوتُ التي يكون منه هناك. وقد قلنا إنَّ الأصواتَ لا يُقاس عليها.
    ويقولون: ما أدرِي أيُّ الدَّهْدَاءِ([20]) هو، أيْ أيُّ الناس هو؟ والدَّهْدَاهُ: الصِّغار من الإبل. ويقال الدَّهْدَهانُ: الكثيرُ من الإِبل.
    وممّا يدلُّ على ما قُلناه أنّ هذا ليس أصلاً، قول الخليل في كتابه: وأمّا قول رؤبة:
    * وقُوَّلٌ إلاّ دَهٍ فَلاَ دَهِ([21]) *
    فإنّه يقال إنّها فارسية، حَكَى قولَ دايَتِه([22]). والذي قاله الخليل فعلى ما تراه، بعد قولـه في أول الباب: دَهٍ كلمةٌ كانت العرب تتكلّم بها، إذا رأى أحدُهم ثَأرَه يقول له "يا فلانُ إلاّ دَهٍ فلا * دَهٍ"، أي إنّك إنْ لم تَثْأَرْ به الآن لم تثأَرْ به أبداً وفي نحو ذلك من الأمر. وهذا كله مما يدلُّ على ما قلناه.
    (دو) الدال والحرف المعتل بعدها أو المهموز، قريبٌ من الباب الذي قبله. فالدَّوُّ والدَّوِّيّة المفازة. وبعضهم يقول: إنَّما سمِّيت بذلك لأنّ الخالي فيها يسمع كالدّوِيّ، فقد عاد الأمرُ إلى ما قلناه من أنّ الأصواتَ لا تُقاس. قال الشاعر في الدَّوِّيّة:
    وَدوِّيّةٍ قفرٍ تَمَشَّى نَعَامُها *** كَمَشْيِ النَّصارى في خِفاف اليَرَنْدَجِ ([23]) ومن الباب الدّأْدَأَةُ: السَّير السريع. والدأدأة: صوتُ وَقْع الحجارة في المَسِيل. فأمّا الدآدئ فهي ثلاثُ ليالٍ في آخِر الشهر، قبل ليالي المُِحاق. فله قياسٌ صحيح؛ لأن كلّ إناءٍ قارَبَ أن يمتلئَ فقد تدأدأ. وكذلك هذه الليالي تكُونُ إذا قاربَ الشّهرُ أن يكمُل. فأمّا قولُ مَن قال سُمِّيت دآدِئَ لظَلْمتها، فليس بشيءٍ ولا قياسَ له.
    وأمّا الدَّوادِي فهي أراجيح الصِّبيان، وليس بشيء.
    (دب) الدال والباء أصلٌ واحد صحيح مُنقاس، وهو حركةٌ على الأرض أخفُّ من المشْي. تقول: دَبَّ دبيباً. وكلُّ ما مَشى على الأرض فهو دابة. وفي الحديث: "لا يَدخُل الجنَّةَ دَيْبُوبٌ ولا قَلاّع". يُراد بالدَّيبوب النَّمام الذي يدِب بين النّاس بالنمائم. والقَلاَّع: الذي يَشِي بالإنسان إلى سُلطانه ليَقلَعه عن مرتبةٍ له عندَه. ويقال ناقة دَبُوبٌ، إذا كانت لا تَمْشي من كثرة اللّحم إلاّ دَبيباً. ويقال ما بالدار دِبِّيٌّ ودُبِّيٌّ، أي أحدٌ يدِبّ. ويقال طَعنةٌ دبُوب([24])، إذا كانت تَدِبُّ بالدّم. قال الهذَليّ([25]):
    * بصَفْحتهِ دَبُوبٌ تَقْلِسُ([26]) *
    ويقال ركب فلانٌ دُبَّة فُلانٍ، وأخَذَ بدُبّته، إذا فعل مِثل فِعلِه، كأنّه مَشى مِثل مشيه. والدُّبَّاء([27]): القَرْع. ويجوز أن يكون شاذّاً، ومحتملٌ أن يكون سمِّي بذلك لملاسَته، كأنّه يَخِفُّ إذا دُحْرِجَ. قال امرؤ القيس:
    إذا أقْبلَتْ قلتَ دُبَّاءَةً *** من الخُضْرِ مَغْمُوسَةًٌ في الغُدُرْ([28]) وأمَّا الدَّبَبُ في الشّعَْرِ فمن باب الإبدال؛ لأنَّ الدال فيه مبدلةٌ من زاءٍ. والأدْبَبُ من الإبل: الأزبُّ. وفي الحديث-إنْ صحّ-: "أيَّتُكُنَّ صاحبة الجَمَل الأدْبَب([29])". وأمَّا الدَّبُوب، فيقال إنّه الغار البعيد القَعْر([30]). وليس هذا بشيء.
    (دث) الدال والثاء كلمةٌ واحدة، وهو المَطَر الضَّعيف([31]).
    (دج) الدال والجيم أصلان: أحدهما كشِبه الدَّبيب، والثاني شيءٌ يُغَشِّي ويغطِّي.
    فالأوَّل قولهم: دَجَّ دَجيجاً([32]) إذا دبّ وسَعَى. وكذلك الداجُّ الذين يسعَون مع الحاجِّ في تجاراتهم. وفي [الحديث([33])]: "هؤلاء الدّاجُّ ولَيسُوا بالحاجّ". فأمَّا حديث أنس: "ما تركت من حاجَةٍ ولا داجَة" فليس من هذا الباب، لأنَّ الدَّاجَة مخفّفة، وهي إِتْباعٌ للحاجَة. وأما الدَِّجاجَة فمعروفةٌ: لأنَّها تُدَجْدِجُ، أي تَجِيء وتذهَب. والدَّجاجة: كُبَّةُ المِغْزَل. فإن كان صحيحاً فهو على معنى التشبيه. وكذلك قولهم: لفلانٍ دَجاجة، أي عيالٌ. وهو قياسٌ؛ لأنَّهم إليه يدِجُّون.
    وأمّا الآخَر فقولهم تَدَجْدَج الليل: إذا أظْلَم. وليلٌ دَجُوجيّ. ودَجَّجت السماء تدجيجاً: تغيَّمت. وتدَجْدَجَ الفارسُ بشِكَّته، كأنَّه تغطَّى بها. وهو مدجِّج ومدَجَّج. وقولهم للقُنْفذ مُدَجَِّج([34]) من هذا. قال:
    ومُدَجَِّجٍ يَعدُو بشِكّته *** محمَرَّةٍ عيناهُ كالكَلْبِ([35]) وأمّا قولهم للنّاقة المنبسطة على الأرض دَجَوْجَاةٌ، فهو من الباب، لأنّها كأنها تُغَشِّي الأرض.
    (دح) الدال والحاء أصلٌ واحد يدلُّ على اتساع وتبسُّط. تقول العرب: دحَحْتُ البيت وغيرَه، إذا وسَّعته*. واندَحَّ بطنُه، إذا اتَّسع. قال أعرابيّ: "مُطِرْنا لليلتين بقيتا من الشّهر، فاندحَّتِ الأرضُ كَلأً". ويقال دَحَّ الصَّائدُ بيتَه، إذا جَعَلَه في الأرض. قال أبو النَّجم:
    * بيْتاً خَفِيّاً في الثَّرَى مَدْحُوحَا([36]) *
    ومن الباب الدَّحْدَاح: القصير، سمِّي لتطامُنِه وجُفُورِه([37]). وكذلك الدُّحَيْدِحَةُ. قال:
    أغَرَّكِ أَنَّني رجلٌ دميم *** دُحَيْدِحَة وأنَّكِ عَيْطَمُوسُ([38]) (دخ) الدال والخاء ليس أصلاً يُفَرّع منه، لكنّهم يقولون: دخدَخْنا القومَ: أذْلَلْناهم، دَخدَخةً. وذكر الشَّيبانيّ أنَّ الدخدخة الإعياء. فأما الدَُّخُّ فقد ذُكِر في بابه، وهو الدُّخان. قال:
    * عند سُعَارِ النّارِ يَغْشَى الدَُّخَّا([39]) *
    (دد) الدال والدال كلمةٌ واحدة. الدَّدُ: اللهو واللَّعِب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنَا مِن دَدٍ ولا الدَّدُ مِنِّي([40])".
    ويقال: دَدٌ، وَدَداً، ودَدَنٌ. قال:
    أيُّها القلبُ تَعَلَّلْ بدَدَنْ *** إنَّ همِّي في سَمَاعٍ وَأَذَنْ([41]) ودَد([42])-فيما يقال- اسمُ امرأةٍ. والله أعلم.
    ــــــــــــــــــــ
    ([1]) لامرئ القيس في معلقته. والرواية المشهورة: "أمره" بدل: "أدره".
    ([2]) هو أبو ذؤيب الهذلي. انظر ديوانه 50-62 (واللسان، دوم).
    ([3]) وكذا رواية الديوان 57. وفي اللسان: "تدور البحار فوقها وتموج".
    ([4]) لم يفسره. والدسيس: إخفاء المكر. والدسيس أيضاً: من تدسه ليأتيك بالأخبار كالمتجسس. والدسيس: الصنان الذي لا يقلعه الدواء، والدسيس: المشوي. والدسيس: المرائي بعمله، يدخل مع القراء وليس قارئاً.
    ([5]) جعله في اللسان لغة أهل اليمن.
    ([6]) كلمة "من" ليست في الأصل. وفي الأصل: "جاء".
    ([7]) البيت لكعب بن زهير كما في اللسان (شفف). وهو في اللسان (ظعن) بدون نسبة وسيعيده في (شف).
    ([8]) في الأصل: "سيرتهم"، تحريف. وفي المجمل: "ودفيفهم: سير في لين".
    ([9]) في الأصل: "هموع إذا حرات همت وادقت"، وأصلحته مستضيئاً بما سبق في مادة (جل) من الجزء الأول 418.
    ([10]) هو المثقب العبدي. وقصيدة البيت في المفضليات (2: 88-92).
    ([11]) صدره كما في المفضليات واللسان (دكك، دربن، طين):
    * فأبقى باطلي والجد منها *
    ([12]) ديوان أوس بن حجر 23 واللسان (دلل). قال: "وقوم دلدال، إذا تدلدلوا بين أمرين فلم يستقيموا".
    ([13]) الأقران: جمع قرن، بالكسر. وفي الأصل: "على امرأته"، وهو من عجيب التحريف.
    ([14]) في الأصل: "بقراته"، صوابه من المجمل.
    ([15]) في الأصل: "دمدمت"، تحريف.
    ([16]) ويقال "دم" أيضاً بتشديد الميم، للطلاء.
    ([17]) منسج الفرس، كمنبر ومجلس: ما بين العرف وموضع اللبد.
    ([18]) هو كلام أعرابي، سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تقول في التشهد؟" قال: "أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، فأما دندنتك ودندنة معاذ فلا نحسنهما".
    ([19]) الحق أن هذه الكلمة في مادة (ددن) لا (دن).
    ([20]) يقال أي الدهداء، وأي الدهدا، بالمد والقصر.
    ([21]) قبله كما في الديوان 166 واللسان (دهده): * فاليوم قد نهنهني تنهنهني*
    ([22]) الداية: الظئر، كلاهما عربي فصيح. وفي الأصل: "دابته" تحريف. وفي اللسان: "يقال إنها فارسية، حكى قول ظئره". والظئر: المرضعة لغير ولدها.
    ([23]) البيت للشماخ في ديوانه 11 برواية: "وداوية". وهي لغة ثالثة صحيحة. والبيت أيضاً في اللسان (دوا، ردج).
    ([24]) في الأصل: "ناقة ربوب"، صوابه في المجمل.
    ([25]) هو أبو قلابة الهذلي. وقصيدة البيت في بقية أشعار الهذليين 15 وديوان الهذليين نسخة الشنقيطي 106.
    ([26]) البيت بتمامه كما في المرجعين السابقين:
    واستجمعوا نفراً وزاد جنابهم *** رجل بصفحته دبوب تقلس ([27]) اختلف اللغويون في "الدباء" فجعله الزمخشري في (دبأ) وصاحب القاموس في (دبب) وصاحب اللسان في (دبي).
    ([28]) ديوان امرئ القيس 16 واللسان (دبي).
    ([29]) قيل أظهر التضعيف لموازنة الكلام. والحديث بتمامه أن رسول الله قال: "ليت شعري، أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تخرج فتنبحها كلاب الحوأب".
    ([30]) ورد في المجمل والقاموس: "الدبوب: الغار القعير". وأغفله صاحب اللسان.
    ([31]) هذا تفسير للدث بالفتح.
    ([32]) في الأصل: "دجيجاً وكذلك"، والكلمة الأخيرة مقحمة.
    ([33]) التكملة من المجمل.
    ([34]) في المخصص (8: 95): "المدجج والمدجج: الدلدل من القنافذ". وأنشد البيت.
    ([35]) البيت لعامر بن الطفيل كما في الحيوان (1: 313). وأنشده المبرد في الكامل 609: "ومدججا".
    ([36]) البيت في المجمل واللسان (دحح).
    ([37]) الجفور: مصدر جفر، ولم يصرح اللغويون بهذا المصدر إلا في قولهم: جفر الفحل جفورا إذا عجز عن الضراب. وفي الأصل: "جفون". وأراه محرفاً عن "الجفور". والجفر: الصبي إذا انتفخ لحمه وأكل وصارت له كرش.
    ([38]) أنشده في اللسان (دحح) برواية:
    أغرك أنني رجل جليد *** دحيدحة وأنك علطميس والعيطموس من النساء: التامة الخلق. والعلطميس: الضخمة الشديدة.
    ([39]) في الأصل: "يخشى الدخا" صوابه من اللسان والتاج (دخخ) وأمالي ثعلب 451 وأمالي الزجاجي 78 والخزانة (3: 104) وقد نقل البغدادي نسبة الرجز إلى العجاج، وليس في ديوانه المطبوع. وسيعيده ابن فارس في (درن).
    ([40]) في الأصل: "ولا دد مني"، صوابه من المجمل واللسان.
    ([41]) البيت لعدي بن زيد، كما في اللسان (أذن، ددن).
    ([42]) في كل ثنائي من أعلام الإناث لغتان: الصرف، وعدمه.
    ـ (باب الدال والراء وما يثلثهما)
    (درز) الدال والراء والزاء ليس بشيء، ولا أحسب العربَ قالت فيه. إلاّ أنَّ ابنَ الأعرابيّ حُكِي أنه قال: يقول العرب للسِّفْلة: هم أولادُ دَرْزَة، كما تقول للُّصوص وأشباهِهم: بنو غَبْرَاء. وأنشد:
    * أولادُ دَرْزَةَ أسلموكَ وطارُوا([1]) *
    (درس) الدال والراء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاء وخفضٍ وعَفَاءٍ. فالدَّرْس: الطَّريق الخفيّ. يقال دَرَسَ المنزلُ: عفا. ومن الباب الدَّرِيس: الثّوب الخَلَق. ومنه دَرَسَتِ المرأةُ: حاضَت. ويقال إنَّ فرجَها يكنّى أبا أَدْرَاس([2]) وهو من الحَيْض. ودَرَسْتُ الحَنْطَة وغيرَها في سُنْبُلها. إذا دُسْتَها. فهذا محمولُ على أنّها جُعِلت تحتَ الأقدام، كالطَّريق الذي يُدرْس ويُمشَى فيه. قال:
    * سَمْرَاءَ مما دَرَسَ ابنُ مِخْرَاقْ([3]) *
    والدَّرْس: الجَرَب القليل يكون بالبَعير.
    ومن الباب دَرَسْتُ القُرآنَ وغيرَه. وذلك أنّ الدّارِسَ يتتبَّع ما كان قرأ، كالسَّالك للطريق يتَتبَّعُه.
    ومما شذَّ عن الباب الدِّرْوَاس: الغليظ العُنق من النّاسِ والدّوابّ.
    (درص) الدار والراء والصاد ليس أصلاً يُقاس عليه ولا يفرَّع منه، لكنّهم يقولون الدِّرص ولدُ الفأرة، وجمعهُ دِرَصَةٌ. ويقولون: وقع القوم في أُمِّ أدْرَاصٍ، إذا وقعوا في مَهْلَََُِكَة. وهو ذاك الأوّل؛ لأنّ الأرض الفارغَة يكون فيها أدراص. قال:
    وما أمُّ أدراصٍ بأرضٍ مَضَلَّةٍ *** بأغْدَرَ مِن قيسٍ إذا اللَّيلُ أَظلما([4]) ويقولون للرّجُل إذا عَيَّ بأمرِه: "ضَلَّ دُرَيْصٌ نَفَقَهُ".
    (درع) الدال والراء والعين أصلٌ واحد، وهو شيءٌ [من اللِّباس] ثم يُحمَل عليه تشبيهاً. فالدِّرع دِرْعُ الحديد مؤنثة، والجمع دُروع وأدراع. ودِرْع المرأة: قميصُها، مذكّر.
    وهذا هو الأصل. ثمَّ يقال: شاةٌ دَرْعاء، وهي التي اسوَدَّ رأسُها وابيضَّ سائرُها. وهو القياس؛ لأنَّ بياضَ سائِر بدنِها كدرعٍ لها قد لبِسَتْهُ. ومنه الليالي الدُّرَْع، وهي ثلاثٌ تسودّ أوائلُها ويبيضُّ سائرُها، شُبِّهت بالشَّاة الدَّرْعاء. فهذا مشبَّهٌ بمشبَّهٍ بغيره.
    ومما شذَّ عن الباب الاندراعُ: التقدُّمُ في السير. قال:
    * أَمامَ الخَيْل تَنْدَرِعُ اندرَاعا([5]) *
    (درق) الدال والراء والقاف ليس هو عندي أصلاً يُقاس عليه. لكن الدَّرَقَة معروفة، والجمع دَرَق وأدْراق. قال رؤبة:
    * لو صَفَّ أدْرَاقاً مَضَى من الدّرَقْ([6]) *
    والدَّرْدَق: صِغار الإِبل، وأطفالُ الوِلْدان.
    (درك) الدال والراء والكاف أصلٌ واحد، وهو لُحوق الشَّيء بالشّيء ووُصوله إليه. يقال أدْرَكْتُ *الشّيءَ أُدْرِكُه إدراكاً. ويقال فرس دَرَكُ الطريدةِ، إذا كانت لا تَفوتُه طريدة. ويقال أدرك الغلامُ والجارية، إذا بلَغَا. وتدارَكَ القومُ: لَحِق آخرُهم أوّلَهم. وتدارَكَ الثَّرَيَانِ، إذا أدرك الثَّرَى الثاني المَطَرَ الأوّل. فأمَّا قوله تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَة} [النمل 66]، فهو من هذا؛ لأنَّ عِلْمَهم أدركَهم في الآخرة حين لم ينفَعْهم.
    والدَّرَك: القطعة من الحَبْل تُشَدُّ في طَرَف الرِّشاء إلى عَرْقُوَة الدَّلو؛ لئلاَّ يأكلَ الماءُ الرِّشاء. وهو وإن كان لهذا فبِهِ تُدرَك الدَّلْو([7]).
    ومن ذلك الدَّرَك، وهي منازِل أهل النار. وذلك أن الجنّة [درجاتٌ، والنَّار([8])] دركات. قال الله تعالى: {إنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء 145]، وهي منازلُهم التي يُدْرِكونها ويَلْحَقُون بها. نعوذُ بالله منها!
    (درم) الدار والراء والميم أصلٌ يدلُّ على مقاربةٍ ولِين. يقال دِرْعٌ درِمَةٌ، أي ليِّنة مُتَّسقة. والدَّرَمان: تقارُبُ الخَطْو. وبذلك سمِّي الرَّجُل دارماً.
    ومن الباب الدَّرَم، وهو استواءٌ في الكَعْب تحت اللَّحم حتَّى لا يكونُ له حَجْم. يقال له كَعْبٌ أدْرَمُ. قال:
    قامتْ تُرِيكَ خَشْيةً أن تَصْرِما *** سَاقاً بخَنْدَاةً وكَعْباً أدْرَما([9]) ويقال دَرِمَتْ أسنانُه؛ وذلك إذا انسحَجَتْ ولانت غُرُوبُها.
    ومن هذا قولُهم أدْرَمَ الفَرَسُ، إذا سقَطَتْ سِنُّه فخرَجَ من الإثْناء إلى الإرباع. والدَّرَّامة: المرأة القصيرة. وهو عندنا مُقارَبَة الخطْو؛ لأنَّ القصيرة كذا تكون. قال:
    مِن البِيض لا دَرَّامةٌ قَمَلِيَّةٌ *** تبُذُّ نِساءَ الحيِّ دَلاًّ وَمِيسَمَا([10]) ثم يشتقّ من هذا الذي ذكرناه ما بَعدَه. فبَنُو الأدرَم: قَبيلة. قال:
    * إنَّ بَنِي الأَدْرَمِ لَيْسُوا مِنْ أحَدْ *
    ودَرِمٌ: اسمُ رجلٍ في قول الأعشى:
    * كما قِيل في الحيِّ أوْدَى دَرِمْ([11]) *
    وهو رجلٌ من شيبان قُتِل ولم يُدرَكْ بثأرِه.
    (درن) الدال والراء والنون أصلٌ صحيح، وهو تقادُمٌ في الشَّيء مع تغيُّرِ
    لَون. فالدَّرِين: اليَبِيسُ الحَوْليّ. ويقال للأرض المجْدبة: أمُّ دَرِينٍ. قال:
    تَعَالَيْ نُسَمِّطْ حُبَّ دعْدٍ ونَغْتَدِي *** سواءَيْنِ والمرعَى بأُمِّ دَرِينِ([12]) يقول: تعالَيْ نلزَمْ حُبَّنَا وأرضَنا وعَيْشَنَا.
    ومن الباب الدَّرَن، وهو الوسَخ. ومنه دُرَيْنَةُ، وهو نعتٌ للأحمق([13]). فأمّا قولُهم إنَّ الإدْرَوْنَ الأصلُ فكلامٌ قد قِيل، وما ندري ما هُو([14]).
    (دره) الدال والراء والهاء ليس أصلاً؛ لأن الهاء مبدلة من همزة. يقال: دَرَأ أي طلع، ثم يقلب هاءً؛ فيقال دَرَهَ. والمِدْرَه: لسان القوم والمتكلِّم عنهم.
    (دري) الدال والراء والحرف المعتلّ والمهموز. أمّا الذي ليس بمهموزٍ فأصلان: أحدهما قَصْد الشيء واعتمادُهُ طلَباً، والآخَر حِدَّةٌ تكون في الشَّيء. وأمّا المهموز فأصلٌ واحد، وهو دَفْع الشَّيء.
    فالأول قولُهم: ادّرَى بنُو فلانٍ مكانَ كذا، أي اعتمدوه بغَزْوٍ أو غارة قال:
    أتتنا عامرٌ من أرض رَامٍ *** مُعَلَّقةَ الكنائنِ تَدَّرِينا([15]) والدّرِيَّة: الدّابّة التي يَستَتِرُ بها الذي يَرمِي الصَّيدَ ليصيده. يقال منه دَرَيت وادَّرَيْت. قال الأخطل:
    وإنْ كُنْتِ قد أقصَدْتِنِي إذ رميِتِني *** بسَهمِكِ والرَّامي يَصِيدُ ولا يَدْرِي([16]) قال ابنُ الأعرابيّ: تدرَّيت الصّيدَ، إذا نظرْتَ أين هُوَ ولم تَرَهُ بَعدُ([17]). ودريتُه: ختَلْتُه. فأمّا قوله تدرَّيت أي تعلَّمت لدريته([18]) أين هو، والقياسُ واحد. يقال دَرَيتُ الشَّيءَ، والله تعالى أدرانيهِ. قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ} [يونس 16]، وفلانٌ حَسَنُ الدِّرْيَة، كقولك حسن الفِطْنة.
    والأصل الآخَر قولهم للذي يُسَرَّحُ به الشَّعَْر ويُدْرَى: مِدْرىً؛ لأنّه محدَّد. ويقال شاةٌ مُدْرَاةٌ([19]): حديدة القَرْنَين. ويقال تَدَرَّت المرأةُ، إذا سرَّحَتْ شعرَها. ويقال إنّ المِدْرَيَيْنِ طُِبْيَا الشَّاةِ([20]). و*قد يُستعمل في أخلاف النّاقة. قال حُميدٌ:
    * تجودُ بِمدْرَيَيْنِ([21]) *
    وإنّما صارا مدْرَيَيْنِ لأنّهما إذا امتَلأَا تحدّدَ طَرَفاهما.
    وأما المهموز قولهم دَرَأْتُ الشَّيءَ: دفعتُه. قال الله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْها الْعَذَابَ} [النور 8]. قال:
    تقولُ إذا دَرَأْتُ لها وَضِِيني *** أهذا دينُهُ أبداً ودِيني([22]) ومن الباب الدَّرِيئة: الحلقة التي يُتعلَّم عليها الطَّعْن. قال عمرو([23]):
    ظلِلْتُ كَأنِّي للرِّماحِ دَرِيئَةٌ *** أُقاتِلُ عن أبناء جَرْمٍ وفَرَّتِ يقال: جاء السَّيل دَرْءًا، إذا جاءَ من بلدٍ بعيد. وفلان ذُو تُدْرَأٍ، أي قويٌّ على دفْع أعدائه عن نفْسه. قال:
    وقد كنتُ في الحربِِ ذا تُدْرَأٍٍ *** فلم أُعْطَ شيئاً ولم أُمْنَعِِ([24]) ودَرَأَ فلانٌ، إذا طَلَع مفاجَأةً، وهو من الباب، كأنّه اندرَأ بنفسه، أي اندفع([25]). ومنه دارأْتُ فلاناً، إذا دافَعْتَه. وإذا ليّنْت الهمزة كان بمعنى الخَتْل والخِداع، ويرجعُ إلى الأصل الأوَّل الذي ذكرناه في دَرَيت وادَّريت. قال:
    فماذا يَدّرِي الشُّعَراءُ منِّي *** وقد جاوزتُ حَدَّ الأربعينِ([26]) فأما الدّرْءُ، الذي هو الاعوجاج؛ فمن قياسِ الدّفْع؛ لأنّه إذا اعوجَّ اندفَعَ من حدّ الاستواء إلى الاعوجاج. وطريق ذو دَرْءٍ، أي كُسور وجِرَفَةٍ([27])، وهو من ذلك. ويقال: أقَمْت من دَرْئهِ، إذا قوَّمْتَه. قال:
    وكنّا إِذا الجَبَّار صعَّرَ خدَّه *** أَقَمنا لـه مِن دَرْئِه فتقوَّما([28]) ويقولون: دَرَأَ البَعيرُ، إذا وَرِم ظَهْره. فإن كان صحيحاً فهو من الباب؛ لأنّه يندفعُ إذا وَرِم. ومن الباب: أدرأَتِ النّاقةُ فهي مُدْرِئٌ، وذلك إذا أرخَتْ ضَرْعَها عند النِّتاج.
    (درب) الدار والراء والباء الصّحيح منه أصلٌ واحد، وهو أن يُغْرَى بالشّيءِ ويلزمه. يقال دَرِبَ بالشّيء، إذا لزِمَه ولصق به. ومن هذا الباب تسميتُهم العادةَ والتّجرِبة دُرْبَة. ويقال طَيْرٌ دَوَارِبُ بالدِّماء، إذا أُغْرِيَت. قال الشاعر([29]):
    يصاحِبْنَهم حتَّى يُغِرْنَ مُغارَهم *** مِن الضّاريات بالدّماءِ الدّوارِب وَدَرْبُ المدينة معروف، فإنْ كان صحيحاً عربيّاً فهو قياسُ الباب؛ لأنّ النّاسَ يَدْرَبُون به قصداً لـه. فأما تَدَرْبَى الشّيءُ، إذا تَدَهْدَى، فقد قيل([30]). والدّرْبانِيّة: جنسٌ من البقر. والدّردابُ: صوت الطَّبل. فكلُّ هذا كلامٌ ما يُدْرَى ما هو.
    (درج) الدار والراء والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على مُضِيِّ الشّيءِ والمُضيِّ في الشّيء. من ذلك قولُهم دَرَجَ الشّيءُ، إذا مَضَى لسبيله. ورجَع فُلانٌ أدراجَه، إذا رَجع في الطّريق الذي جاء منه. ودَرَج الصَّبيُّ، إذا مَشَى مِشْيته. قال الأصمعيّ: دَرَجَ الرجُلُ، إذا مَضَى ولم يُخْلِفْ نَسْلاً. ومَدَارج الأكمَة: الطُّرق المعترِضة فيها. قال:
    تَعَرّضي مَدَارِجاً وسُومِي *** تعرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجوم([31]) فأمّا الدُّرج لبعض الأصوِنة والآلات، فإن كان صحيحاً فهو أصلٌ آخَرُ يدلُّ على سَترٍ وتَغْطية. من ذلك أدْرَجْتُ الكتابَ، وأدْرَجْتُ الحَبْل. قال:
    * مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إدْراجَ الطّلَقْ([32]) *
    ومن هذا الباب الثاني الدُّرْجة، وهي خِرَقٌ تُجعَل في حياء النّاقة ثم تُسَلُّ، فإذا شمّتْها الناقةُ حسِبتْها ولدَها فعطفَتْ عليه. قال:
    * ولم تُجعَلْ لها دُرَجُ الظِّئارِ([33]) *
    (درد) الدال والراء والدال أُصَيْلٌ فيه كلامٌ يسير. فالدَّرَدُ من الأسنان: لصوقُها بالأسناخ وتأكُلُ ما فَضَل منها. وقد دَرِدَتْ وهي دُرْدٌ. ورجلٌ أدْرَدُ وامرأةٌ درداء.
    (درح) الدال والراء والحاء أُصَيلٌ أيضاً. يقولون للرجل القصير: دِرْحايَة، ويكون مع ذلك ضَخْماً. قال:
    * عَكَوَّكاً إذا مَشَى دِرحايَهْ([34]) *
    والله أعلم.
    ــــــــــــــــــــــ
    ([1]) البيت لبعض الشراة، وهو حبيب بن خدرة الهلالي، يخاطب زيد بن علي، وكان خرج معه خياطون من أهل الكوفة فتركوه وانهزموا. انظر ثمار القلوب 215 والكامل 709-710. قال:
    يابا حسين لو شراة عصابة *** صبحوك كان لوردهم إصدار يابا حسين والجديد إلى بلى *** أولاد درزة أسلموك وطاروا ([2]) يقال أبو أدراس، وأبو دراس أيضاً، بالدال المكسورة.
    ([3]) الرجز لابن ميادة؛ كما في اللسان (درس). وقبل البيت:
    * هلا اشتريت حنطة بالرستاق *
    ([4]) ينسب البيت إلى طفيل الغنوي، ولقيس بن زهير، ولشريح بن الأحوص. انظر اللسان (درص) وملحقات ديوان طفيل ص64.
    ([5]) للقطامي في ديوانه 42 برواية: "أمام الركب". وصدره: * قطعت بذات ألواح تراها *
    ([6]) ديوان رؤبة 108.
    ([7]) في الأصل: "فيه تدرك الدلو".
    ([8]) تكملة ضرورية. وفي المجمل: "والنار دركات والجنة درجات".
    ([9]) للعجاج في ديوانه 57 واللسان (درم، بخند) وفي الديوان: "رهبة أن تصرما".
    ([10]) في الأصل والمجمل: "ومبسما"، صوابه من اللسان (درم، قمل).
    ([11]) صدره كما في ديوان الأعشى 31 واللسان (درم): * ولم يود من كنت تسعى له *
    ([12]) البيت في اللسان (درن، سمط).
    ([13]) ذكر في اللسان أنه لغة أهل الكوفة.
    ([14]) أورد له صاحب اللسان قول القلاخ:
    ومثل عتاب رددناه إلى *** إدرونه ولؤم أصه على ([15]) لسحيم بن وثيل الرياحي، كما في اللسان (دري). في الأصل: "يدرينا"، تحريف.
    ([16]) ديوان الأخطل 128 واللسان (دري). وقبله، وهو مطلع القصيدة:
    ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر وإن كان حيانا عدىً آخر الدهر ([17]) في الأصل: "ولم يره بعده".
    ([18]) كذا. ولعله: "دريت الشيء أي علمت بدريته".
    ([19]) هذا اللفظ ومعناه لم يرد في المعاجم المتداولة سوى المجمل.
    ([20]) وهذا اللفظ بمعناه لم يرد أيضاً في المعاجم المتداولة سوى المجمل.
    ([21]) لم أجد هذه القطعة في ديوان حميد بن ثور الذي أعده العلامة الميمني للنشر، وهو محفوظ بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، ولعله من شعر حميد الأرقط.
    ([22]) البيت للمثقب العبدي، كما في اللسان (درأ، وضن)، وقصيدته في المفضليات (2: 87-92).
    ([23]) عمرو بن معد يكرب. وقصيدة البيت الآتي في الأصمعيات 17-18 منسوبة إلى دريد بن الصمة. ونسبتها إلى عمرو بن معد يكرب في الحماسة (1: 44-45). وانظر اللسان (درأ).
    ([24]) البيت للعباس بن مرداس كما في اللسان (درأ) والخزانة (1: 73) حيث أنشد في الأخيرة قصيدة البيت.
    ([25]) في الأصل: "إذا اندفع".
    ([26]) لسحيم بن وثيل الرياحي، من أبيات في الأصمعيات 73. والبيت في اللسان (دري).
    ([27]) الجرفة، كعنبة: جمع جرف، بالضم وبضمتين، وهو ما تجرفته السيول وأكلته من الأرض. وفي الأصل: "حرفة"، تحريف.
    ([28]) البيت للمتلمس في ديوانه ص1 مخطوطة الشنقيطي واللسان (درأ).
    ([29]) هو النابغة الذبياني، والبيت التالي من القصيدة الأولى في ديوانه ص4.
    ([30]) لم يذكر في اللسان والجمهرة، وذكر في القاموس مع المهموز"تدربأ".
    ([31]) الرجز لعبد الله ذي البجادين، دليل النبي صلى الله عليه وسلم كما في اللسان (درج).
    ([32]) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 104 واللسان (حملج)، وقد سبق في ص146.
    ([33]) لعمران بن حطان. وصدره: * جماد لا يراد الرسل منها *
    ([34]) الرجز لدلم أبي زعيب العبشمي، كما في اللسان (عكك). وقبله في اللسان (درج، دعك): * إما تريني رجلاً دعكايه
    رد مع اقتباس  
     

  12. #12  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    29
    معدل تقييم المستوى
    0
    ـ (باب الدال والسين وما يثلثهما في الثلاثي)
    (دسم) الدال والسين والميم أصلان: أحدهما يدلُّ على سَدّ الشيء، والآخر يدلُّ على تلطخ الشّيء بالشيء.
    فالأوّل الدِّسام، وهو سِدَادُ كلِّ شَيء. وقال قومٌ: دَسَم البابَ: أغلَقَه.
    والثاني الدَّسَم معروف، وسمِّي بذلك لأنّه يلطَّخ بالشّيء. والدُّسْمة: الدّنيءُ، من الرِّجال الرديّ. وسمِّي بذلك لأنّه كالملطَّخ بالقبيح. ويقال للغادِرِ: هو دَسِم الثياب، كأنّه قد لُطِّخ بقبيح. قال:
    يا ربِّ إنّ الحارثَ بن الجَهْمِ([1]) *** أَوْذَمَ حَجّاً في ثِيابٍ دُسْمِ ومن التّشبيه قولهم: دَسَمَ المطرُ الأرضَ، إذا قلَّ ولم يبلُغْ أن يُبلَّ الثَّرى. ومما شذّ عن الباب: الدّيْسَم، وهو ولد الذِّئب من الكلبة. والدّيسم أيضاً: النبات الذي يقال له: "بُستَانْ أفْرُوز([2])". ويقال إن الدّيسمة الذَّرّة([3]).
    (دسو/ا) الدال والسين والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاءٍ وسَتْر. يقال دَسَوْتُ الشّيءَ أدْسُوه، ودسَا يدسُو، وهو نقيض زَكَا. فأمّا قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس 10]، فإنّ أهل العلم قالوا: الأصل دَسَّسَهَا، كأنَّه أخفاها، وذلك أنَّ السَّمْحَ ذا الضِّيافةِ يَنزِل بكلِّ بَراز، وبكل يَفَاع؛ ليَنْتابَه الضِّيفَانُ، والبَخيلَ لا ينزِلُ إلاَّ في هَبْطَةٍ أو غامض، فيقول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسّاهَا} [الشمس 9- 10]، أي أخفاها، أو أغْمَضها. وهذا هو المعوَّل عليه. غير أنّ بعضَ أهلِ العِلم قال: دَسّاها، أي أغواها وأغراها بالقَبيح. وأنشد:
    وأنتَ الذي دَسّيْتَ عَمْراً فأصبحتْ *** حلائلُه منه أَرامِلَ ضُيَّعَا([4]) (دست) الدال والسين والتاء ليس أصلاً، لأنّ الدّسْت الصَّحراء وهو فارسيٌّ معرَّب([5]). قال الأعشى:
    قد علمَتْ فَارِسٌ وحِمْيرُ والـْ *** أَعْرابُ بالدّسْتِ أيُّكُمْ نَزَلا([6]) (دسر) الدال والسين والراء أصلٌ واحد يدلُّ على الدَّفْع. يقال دَسَرْتُ الشّيءَ دَسْرَا، إذا دَفَعتَه دَفْعاً شديداً. وفي الحديث([7]): "ليس في العَنْبَر زَكاةٌ، إنّما هو شيءٌ دسرَه البَحرُ"، أي رماهُ ودفع بِه. وفي حديث عُمَر [رضي الله عنه]: "إنّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكم أن يُؤخَذ الرّجلُ([8]) فيُدْسَر كما تُدسَر الجَزور"، أي يُدفَع.
    ومن الباب: دَسَره بالرُّمْح، ورُمْحٌ مِدْسَرٌ ([9]). قال:
    عَنْ ذي قَدَامِيسَ لُهَامٍ لو دَسَرْ([10]) برُكْنِهِ أرْكَان دَمْخٍ لاَنْقَعَرْ([11]) أي لو دَفَعَها. ويقال للجمل الضّخْم القويّ: دَوْسَريٌّ([12]). ودَوْسَر: كتيبةٌ([13])؛ لأنّها تدفع الأعداء.
    ومما شذَّ عن الباب وهو صحيحٌ: الدِّسارُ: خَيْطٌ من ليفٍ تُشَدّ به ألواحُ السَّفينة، والجمع دُسُرٌ. قال الله تعالى: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} [القمر 13].ويقال الدُّسُر: المَسامير.
    (دسع) الدال والسين والعين أصلٌ يدلُّ على الدَّفْع. يقال دسَعَ البعيرُ بجِرَّتِه، إذا دَفَع بها. والدَّسْع: خُروج الجِرَّة. والدَّسِيعة: كَرَمُ فِعْلِ الرّجل في أموره. وفلانٌ ضَخْم الدَّسيعة، يقال هي الجَفْنة، ويقال المائدة. وأيُّ ذلك كانَ فهو من الدَّفْع والإعطاء.
    ومنه حديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في كتابه بينَ قريشٍ والأنصار: "إنّ المؤمنين أيديهم على من بَغَى عليهم([14]) أو ابتغَى دَسيعةَ ظُلْم" فإنّه أراد الدّفْعَ أيضاً. يقول: ابتغى دفْعاً بظُلْم. وفي حديثٍ آخر: "يقول الله تعالى: يا ابنَ آدمَ ألَمْ أجعلْك تَرْبَعُ وَتَدْسَع". فقوله تَرْبَعُ، أي تأخذ المِرباع؛ وقوله تدسع، أي تدفع وتُعطِي العطاءَ الجزيل.
    (دسق) الدال والسين والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على الامتلاء. يقال ملأت الحوضَ حَتَّى دَسِقَ، أي امتلأَ حتى ساح ماؤُه*. والدَّيْسق: الحوض الملآنُ. ويقال الدَّيْسَق: تَرَقْرُق السَّراب على الأرض.

    ـــــــــــــــــــ
    ([1]) في اللسان (وذم، دسم): * لا هم إن عامر بن جهم *
    ([2]) بالفارسية. ويقال أيضاً "بستان أبروز" بالباء المفخمة. معجم استينجاس 185. ولم يذكر هذا الاسم في اللسان والقاموس، مع حرص الأخير على إيراد نظائره.
    ([3]) الذرة: واحدة الذر، وهو ضرب من صغار النمل. وقد ضبط في اللسان والقاموس بضم الذال وفتح الراء المخففة، وهو ضبط غير صحيح. انظر الحيوان (6: 380).
    ([4]) هو لرجل من طيء. وقد جعل في اللسان "عمرا" قبيلة من القبائل. وأنشده:
    وأنت الذي دسيت عمرا فأصبحت *** نساؤهم منهم أرامل ضيع ([5]) لم يذكر صاحب اللسان "الدست" بالمهملة، وذكرها بالشين المعجمة فحسب، وكان أجدر به أن يذكر التي بالسين المهملة. أما صاحب القاموس فذكر المادتين. وأصلها الفارسية بالشين المعجمة. وانظر معجم استينجاس.
    ([6]) ديوان الأعشى 157 واللسان (دشت) والمعرب للجواليقي 138.
    ([7]) هو حديث ابن عباس وقد سئل عن زكاة العنبر.
    ([8]) في اللسان: "الرجل المسلم البريء عند الله".
    ([9]) لم يذكر في اللسان والقاموس. وفي المجمل: "ورجل مدسر".
    ([10]) في المجمل واللسان (دسر): "كهام"، تحريف. وفي (قدمس): "بذي قداميس".
    ([11]) في اللسان (دمخ): "تركته"، تحريف. وفي معجم البلدان: "لا تقر"، محرف كذلك.
    ([12]) ويقال أيضاً دوسر، ودوسراني، ودواسري.
    ([13]) اسم كتيبة كانت للنعمان بن المنذر. اللسان.
    ([14]) في الأصل: "اتقى عليهم"، صوابه من اللسان.

    ـ (باب الدال والعين وما يثلثهما)
    (دعو) الدال والعين والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو أن تميل الشَّيءَ إليك بصوتٍ وكلامٍ يكون منك. تقول: دعوت أدعُو دعاءً. وَالدَّعوة إلى الطَّعام بالفتح، والدِّعوة في النَّسب بالكسر. قال أبو عبيدة: يقال في النَّسب دِعوة، وفي الطعام دَعوة. هذا أكثرُ كلام العرب إلاّ عَدِيَّ الرِّباب، فإنّهم ينصبون الدّالَ في النّسب ويكسرونها في الطَّعام. قال الخليل: الادِّعاء أن تدَّعِيَ حقّاً لك أو لغيرك. تقول ادَّعَى حقّاً أو باطلاً. قال امرؤ القيس:
    لا وأبيكِ ابنةَ العامِرِ ***يِّ لا يدَّعِي القومُ أنِّي أَفِرّ([1]) والادِّعاء في الحرب: الاعتِزاء، وهو أنْ تقول: أنا ابنُ فُلاَنٍ قال:
    * ونجِرُّ في الهَيْجَا الرّماحَ ونَدَّعِي([2]) *
    وداعِية اللَّبن: ما يُترَك في الضَّرع ليدعُوَ ما بعدَه. وهذا تمثيلٌ وتشبيه. وفي الحديث أنّه قال للحالِب: "دَعْ داعِيَةَ اللَّبن". ثمّ يُحمل على الباب ما يُضاهِيه في القياس الذي ذكرناه، فيقولون: دَعَا الله فلاناً بما يَكرَهُ؛ أي أنزل به ذلك قال:
    * دَعَاكِ الله من ضَبُعٍ بأفْعَى([3]) *
    لأنَّه إذا فَعَل ذلك بها فقد أماله إليها.
    وتداعَت الحِيطان، وذلك إذا سقط واحدٌ وآخَرُ بَعده، فكأنَّ الأوَّل دعا الثاني. وربَّما قالوا: داعَيْناهَا عليهم، إذا هدمْناها، واحداً بعد آخَر. ودَوَاعِي الدَّهر: صُروفه، كأنّها تُميل الحوادث. ولبني فُلانٍ أُدْعِيَّةٌ يتداعَوْن بها، وهي مثل الأغلوطة، كأنّه يدعو المسؤول إلى إخراج ما يعمِّيه عليه. وأنشد أبو عبيد عن الأصمعي:
    أُداعِيك ما مُسْتَصْحَبَاتٌ مع السُّرَى *** حِسانٌ وما آثارُها بحِسانِ([4]) ومن الباب: ما بالدَّار دُعْوِيٌّ، أي ما بها أَحَدٌ، كأنّه ليس بها صائحٌ يدعُو بصِياحه.
    ويُحمَل على الباب مجازاً أنْ يقال: دعا فُلاناً مَكَانُ كذا، إذا قَصَد ذلك المكان، كأنَّ المكانَ دعاه. وهذا من فصيح كلامهم. قال ذو الرّمّة:
    دَعَتْ مَيَّةَ الأعدادُ واستبدلَتْ بها *** خَناطيلَ آجالٍ من العِين خُذَّلِ([5]) (دعق) الدال والعين والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على التأثير في الشَّيءِ والإذلال له. يقال للمكان الذي تَطَؤُه الدوابُّ وتؤثِّر فيه بحوافرها: دَعَقٌ. قال رُؤبة:
    * في رَسْمِ آثارٍ ومِدْعاسٍ دَعَقْ([6]) *
    ومن الباب: شَلَّ إبلَهُ شَلاًّ دعْقاً، إذا طرَدَهَا. وأغارَ غارةً دعقا. وخيلٌ مَدَاعِيقُ. قال:
    * لا يَهُمُّون بإدْعاقِ الشَّلَلْ([7]) *
    (دعك) الدال والعين والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على تمريس الشيء. يقال دَعَكَ الجِلْد وغيرَه، إذا دَلَكَه. وتداعَكَ الرَّجُلانِ في الحرب، إذا تحرَّش كلُّ واحدٍ منهما بصاحبه. ويقولون: الدُّعَكُ، على فُعَلٍ: الرجلُ الضَّعيف. وأنشدوا لحسان([8]):
    * وأنت إذا حارَبُوا دُعَكْ([9]) *
    (دعم) الدال والعين والميم أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يكون قياماً لشيءٍ ومِساكاً. تقول: دَعَمْتُ الشّيءَ أدعِمُهُ دَعْماً، وهو مدعومٌ. والدِّعامتانِ: خشبَتَا البَكَرة. ودِعامةُ القوم: سيِّدهم. ويقال لا دَعْم بِفلانٍ، أي لا قُوَّةَ له ولا سِمَن. قال الراجز:
    لا دَعْمَ بي لكن بِلَيْلَى الدَّعْمُ *** جاريةٌ في وَرِكَيْها شَحْمُ([10]) ودُعْمِيٌّ: اسمٌ مشتقٌّ مِن هذا.
    (دعب) الدال والعين والباء أَصلٌ يدلُّ على امتدادٍ في الشيء وتَبَسُّط. فالدُّعْبُوب: الطريق السهل. وربَّما قالوا: فرسٌ دُعْبُوبٌ، إذا كان مديداً. وقياس الدُّعابة من هذا؛ لأنّ ثَمَّ تبسُّطاً وتندُّحاً.
    (دعث) الدال والعين والثاء كلمةٌ واحدة([11]) وهي الدِّعْثُ* وهو الحقد.
    (دعج) الدال والعين والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على لونٍ أسودَ. فمنه الأدعَج، وهو الأسْوَد. والدَّعَج في العين: شِدَّة سوادها في شدَّة البياض.
    (دعد) الدال والعين والدال ليس بشيء. وربَّما سَمَّوا المرأة "دَعْدَ".
    (دعر) الدال والعين والراء أَصلٌ واحد يدلُّ على كراهةٍ وأذىً، وأصله الدُّخَان؛ يقال عُودٌ دَعِرٌ، إذا كان كثيرَ الدُّخان. قال ابنُ مُقبِل:
    باتَتْ حواطِبُ لَيلَى يلتمسْن لها *** جَزْل الجذَى غَيْرَ خَوَّارٍ ولا دَعِرِ([12]) ومن ذلك اشتقاق الدَّعارة في الخُلُق. والدَّعَر: الفَساد. والزَّنْد الأدْعَر: الذي قُدِح به مِراراً فاحترَقَ طَرَفُه فصار لا يُورِي. وداعِرٌ: فحلٌ تنسب إليه الداعِرِيّة.
    (دعز) الدال والعين والزاء ليس بشيءٍ، ولا مُعَوَّلَ على قولِ من يقول: إنّه الدَّفْعُ والنِّكاح.
    (دعس) الدال والعين والسين أُصَيلٌ. وهو يدلُّ على دفْع وتأثيرٍ. فالمداعَسَة: المطاعَنَة؛ لأنّ الطّاعن يدفَع المطعونَ. ورُمْحٌ مِدْعَسٌ ورِماحٌ مداعِسُ. والدَّعْس: النِّكاح؛ وهذا تشبيهٌ. والدَّعْس: الأثر، وهو ذاك؛ لأنَّ المؤثِّر يدفع ذلك الشيءَ حين يؤثَّر فيه.
    (دعص) الدال والعين والصاد أصلٌ يدلُّ على دِقّة ولين. فالدِّعْصُ: ما قلَّ ودقَّ من الرمل. والدَّعْصاء: الأرضُ السَّهْلة. ومن الباب: تَدَعَّصَ اللَّحمُ، إذا بالغ في النُّضْجِ. ويقولون أدْعَصَه الحَرُّ، إذا قتلَه، كأنَّه أنضجَه فقتلَه.
    (دعض) الدال والعين والضاد ليس بشيء([13]).
    (دعظ) الدال والعين والظاء ليس بشيء. ويقولون: الدَّعظ: النِّكاح([14]).
    ـــــــــــــــــ
    ([1]) ديوان امرئ القيس 4. وفيه: "فلا وأبيك" بدون الخرم.
    ([2]) للحادرة الذبياني. انظر المفضليات (1: 43). وصدره كما فيها:
    * ونقي بآمن مالنا أحسابنا *
    وقد سبق في (جر 1: 214). وأنشده في اللسان (جرر).
    ([3]) نظيره في اللسان (قيس، دعا):
    دعاك الله من قيس بأفعى *** إذا نام العيون سرت عليكا والقيس: الذكر. وأنشد الجاحظ في الحيوان (1: 176/ 4: 258):
    رماك من الله أير بأفعى *** ولا عافاك من جهد البلاء ([4]) في المجمل واللسان (دعا): "ما مستحقبات".
    ([5]) سبق البيت ص252.
    ([6]) ديوان رؤبة 106 واللسان (دعق، دعس).
    ([7]) البيت للبيد، وليس في ديوانه، وسيعيده في (شل، عور). وهو في اللسان (دعق). وفي البيت كلام. وصدره: * في جميع حفاظي عوراتهم *
    ([8]) البيت التالي ليس في ديوان حسان. ونسبه في اللسان (دعك) إلى عبد الرحمن بن حسان يقوله في ولد لعمرو بن الأهتم كان مليح الصورة وفيه تأنيث.
    ([9]) جزء من بيت. وهو وسابقه:
    قل للذي كاد لولا خط لحيته *** يكون أنثى عليه الدر والمسك هل أنت إلا فتاة الحي إن أمنوا *** يوماً وأنت إذا ما حاربوا دعك ([10]) البيتان في اللسان (دعم).
    ([11]) الحق أن في المادة كلمات ومعاني كثيرة. منها الوطء الشديد، وأول المرض. وهذان بالفتح. والدعث، بالكسر: بقية الماء في الحوض.
    ([12]) البيت في اللسان (دعر، جذا).
    ([13]) هي مادة أهملت، ولم ترد في المعاجم المتداولة، ومثلها كثير، ولست أدري لم رسم لها، مخالفاً بذلك عادته.
    ([14]) في الأصل: "ويقولون لولد النكاح عظ"، وهذا تحريف ناشئ من اضطراب عين الناسخ حيث زاد الواو، وأخر "عظ" عن موضعها بعد الدال.
    ـ (باب الدال والغين وما يثلثهما)
    (دغل) الدال والغين واللام أصلٌ يدلُّ على التباسٍ والتواءٍ من شيئين يتدَاخلان. من ذلك الدَّغَلُ، وهو الشَّجَر الملتفّ. ومنه الدَّغَل في الشَّيء، وهو الفساد. ويقولون أَدْغَلَ في الأمر، إذا أدْخَلَ فيه ما يخالِفُه.
    (دغم) الدال والغين والميم أصلان: أحدُهما من باب الألوان، والآخر دخولُ شيءٍ في مَدْخَلٍ ما.
    فالأوَّل الدُّغمة في الخيل: أن يخالِف لونُ الوجه لونَ سائر الجسَد. ولا يكون إلا سَواداً. ومن أمثال العرب: "الذِّئْبُ أدْغَمُ". تفسير ذلك أنَّه أدغَمُ ولَغَ أو لم يَلَغْ. فالدُّغْمة لازمةٌ له، فربَّما قيل قد وَلَغَ وهو جائع. يضرب هذا مثلاً لَمنْ يُغْبَط بما لم ينَلْه. ومن هذا الباب دَغمَهم الحرُّ، إذا غشِيَهم؛ لأنّه يغيِّر الألوان.
    والأصل الآخر: قولُهم أدغَمْتُ اللِّجام في فم الفرس، إذا أدخَلْتَه فيه. ومنه الإدغام في الحُروف. والدَّغْم: كَسْرُ الأنف [إلى([1])] باطنِه هَشْماً.
    (دغر) الدال والغين والراء أصلٌ واحد، وهو الدَّفْع والتَّقَحُّمُ في الشَّيء، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للنِّساء: "لا تُعذِّبْنَ أولادَكُنَّ بالدَّغْرِ". فالدَّغْر: غَمْزُ الحَلْق من العُذْرة([2])، والعُذْرة: داءٌ يَهِيج في الحَلْق من الدَّم، ويقال هُوَ مَعْذُور. قال جرير:
    غَمَزَ ابنُ مُرَّة يا فَرزْدَقُ كَيْنَها *** غَمَزَ الطّبيبِ نغَانِغَ المَعذُورِ([3]) ودَغَرْت القومَ، إذا دخَلْتَ عليهم. وكلامٌ لهم، يقولون: "دَغْراً لاَصَفَّاً([4])"، يقول: ادْغُروا عليهم، لا تُصَافُّوهُم. والدَّغرة: الخَلْسَة؛ لأنَّ المختلِس يدفع نفْسَه على الشيء. وفي الحديث: "لا قَطْعَ في الدَّغْرة".
    (دغص) الدال والغين والصاد، كلمةٌ تقال للَّحْمة التي تموج فوقَ رُكبة البَعير: الدّاغصة.
    (دغش) الدال والغين والشين ليس بشيء. وهم يَحْكُون: دَغَشَ عليهم([5]).
    (دغف) الدال والغين والفاء ليس بشيء، إلاّ أنّ ابنَ دُريد([6]) زعم أنّ الدَّغْف الإكثارُ من أخْذ الشّيء.
    ـــــــــــــــ
    ([1]) التكملة من المجمل واللسان.
    ([2]) فسر الحديث في اللسان بهذا التفسير وبتفسير آخر فانظره.
    ([3]) ديوان جرير 194 واللسان (عذر، كين)، وسيعيده في (عذر، كين، نغ).
    ([4]) يقال أيضاً "دغرى لاصفى"، كلاهما بوزن دعوى.
    ([5]) ذكر في اللسان أنها لغة يمانية. وقد خالف ابن فارس نهجه في إيراد هذه المادة بعد سابقتها وقد جرى على هذه المخالفة في المجمل أيضاً.
    ([6]) في الجمهرة (2: 286).
    ـ (باب* الدال والفاء وما يثلثهما)
    (دفق) الدال والفاء والقاف أصلٌ واحد مطَّردٌ قياسُه، وهو دفْع الشَّيء قُدُما. من ذلك: دَفَقَ الماءُ، وهو ماءٌ دافق. وهذه دُفْقَةٌ مِن ماء.
    ويُحمَل قولُهم: جاؤوا دُفْقَةً واحدة، أي مرَّةً واحدة. وبعيرٌ أدفَقُ، إذا بانَ مِرْفَقاه عن جَنبَيه. وذلك أنَّهما إذا بانا عنه فقد اندفعا عنه واندفَقا. والدِّفَقُّ، على فِعَلٍّ، من الإبل: السريع. ومشى فلان الدّفِقَّى، وذلك إذا أسرَعَ. قال أبو عبيدة: الدِّفِقَّى أقْصَى العَنَق. ومنه حديث الزّبرقان: "تمشي الدّفِقَّى، وتجلسُ الهَبَنْقَعَة". ويقال سيلٌ دُفَاقٌ: يملأ الوَادِي. ودَفَقَ الله رُوحَه، إذا دُعِي عليه بالموت.
    (دفل) الدال والفاء واللام ليس أصلاً، وإن كان قد جاء فيه الدِّفْلَى، وهو شَجَرٌ.
    (دفن) الدال والفاء والنون أصلٌ واحد يدلُّ على استخفاءٍ وغموض([1]). يقال دُفنَ الميّتُ، وهذه بئرٌ دَفْنٌ: ادَّفَنَتْ. فأما الادِّفانُ فاستِخفاء العَبْد لا يريد الإباق الباتَّ. وقال قومٌ: الادّفان: إبَاقُ العَبد وذَهابه على وَجهِه. والأوَّل أجْوَد؛ لما ذكرناه من الحديث. والداء الدَّفين: الغامض الذي لا يُهْتدَى لوَجهِه. والدَّفُون: الناقة تَبرُكُ مع الإبل فتكونُ وَسْطَهنّ. والدَّفَنِيُّ: ضَربٌ من الثِّياب. وسمعتُ بعضَ أهلِ العلم يقولون: إنَّه صِبغ يُدْفن في صِبغٍ يكون أشبَعَ منه.
    (دفأ) الدال والفاء والهمزة أصلٌ واحد يدلُّ على خلاف البَرْد. فالدِّفء: خِلاف البرد. يقال دَفُؤَ يومنا، وهو دفيءٌ. قال الكلابيّ: دَفِئٌ. والأوَّل أعرف في الأوقات، فأمّا الإنسان فيقال دَفِئَ فهو دَفَآنُ وامرأةٌ دَفْأَى. وثوبٌ ذو دِفْءٍ ودَفاء. وما عَلَى فلان دِفْءٌ ، أي ما يدفئه. وقد أدفأني كذا، واقعُد في دِفءِ هذا الحائط، أي كِنِّه.
    ومن الباب الدَّفَئِيُّ من الأمطار، وهو الذي يجيء صيفاً. والإبل المُدْفَأَة: الكثيرة؛ لأنَّ بعضَها تُدفئ بعضاً بأنفاسها. قال الأمويّ: الدِّفء عند العرب: نِتاج الإبل وألبانُها والانتفاعُ بها. وهو قوله جلَّ ثناؤه: {لَكُمْ فِيها دِفْءٌ ومَنَافِعُ} [النحل 5]. ومن ذلك حديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لنا مِن دِفئهم [وصِرَامِهِمْ([2])] ما سلّموا بالميثاق". ومن الباب الدَّفَأُ: الانحناء. وفي صفة الدّجّال: "أنّ فيه دَفَأً" أي انحناء. فإنْ كان هذا صحيحاً فهو من القياس؛ لأنَّ كلَّ ما أدفَأَ شيئاً فلا بدّ من أن يَغْشاه ويجْنَأَ عليه([3]).
    (دفا) الدال والفاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على طولٍ في انحناءٍ قليل فالدَّفَا: طُول جناح الطّائر. يقال طائرٌ أَدْفَى. وهو من الوُعول: ما طال قَرْناه. ويقال للنَّجيبة الطَّويلة العُنق: دَفْواء. والدَّفواء: الشَّجَرة العظيمة الطَويلة. ومنه الحديث: "أنّه أبصَرَ شجرةً دَفْواءَ تُسمَّى ذاتَ أنْواط". ويقال للعُقَاب دَفْواء، وذلك لِطُول مِنقارها وعَوَجه. ويقال تَدَافَى البعيرُ تَدَافِياً، إذا سار سيراً متجافِيا.
    (دفر) الدال والفاء والراء أصلٌ واحد، وهو تغيُّر رائحةٍ. والدَّفَر: النَّتْن. يقولون للأَمَة: يَا دَفَارِ. والدُّنيا تسمَّى أمَّ دَفْرٍ. وكتيبةٌ دَفْرَاءُ، يُراد بذلك روائحُ حديدِها.
    وقد شذت عن الباب كلمةٌ واحدة إن كانت صحيحة، يقولون: دَفَرْتُ الرّجلَ عنِّي، إذا دفعْتَه([4]).
    (دفع) الدال والفاء والعين أصلٌ واحد مشهور، يدلُّ على تنحيَة الشيء. يقال دَفَعْتُ الشّيءَ أدفعُه دفْعا. ودافع الله عنه السُّوءَ دِفاعا. والمدفَّع: الفقير؛ لأن هذا يدافِعُه عند سؤالِهِ([5]) إلى ذلك. وهو قوله:
    والنّاس أعداءٌ لكُلِّ مدفَّعٍ *** صِفْرِ اليدَينِ وإخوةٌ للمُكْثِرِ وإيّاه أراد الشَّاعرُ بقوله:
    ومَضروب يئنُّ بغير ضربٍ *** يُطاوِحُه الطرافُ* إلى الطِّرافِ([6]) والدُّفْعة من المطر والدّم وغيرِه. وأما الدُّفَّاع فالسَّيل العظيم. وكل ذلك مشتقٌّ من أنَّ بعضَه يدفَعُ بعضاً. والمدفَّع: البعير الكريم، وهو الذي كلما جِيءَ به ليُحمَل عليه أُخِّر وجِيء بغيره إكراماً له. وهو في قول حُميد:
    * وقرّبن للتَّرْحالِ كُلَّ مُدَفَّعٍ([7]) *
    ـــــــــــــــــ
    ([1]) في الأصل: "استحقاق غموض"، تحريف.
    ([2]) التكملة من المجمل واللسان.
    ([3]) جنأ عليه يجنأ وفي الأصل: "يحنأ عليه".
    ([4]) ذكر في اللسان أنها لغة يمانية.
    ([5]) في الأصل: "عنه سواله".
    ([6]) في الأصل: "تطاوحه إلى الطراب الطراب"، وفيه تحريف وتشويه. والطراف: بيت من أدم.
    ([7]) في الأصل: "للرجال"، ولا يستقيم به الوزن. وفي اللسان: "وقربن للأظعان" مع نسبة هذا الجزء إلى ذي الرمة. ووجدت في ديوان ذي الرمة 457:
    وقربن للأحداج كل ابن تسعة *** تضيق بأعلاه الحوية والرحل
    ـ (باب الدال والقاف وما يثلثهما)
    (دقل) الدال والقاف واللام ليس بأصلٍ يُقاس عليه، ولا له فروعٌ. وإنَّما يقال دَقَلُ السَّفينة. والدَّقَل: أردأ التَّمْر. وذُكِر عن الخليل، ولا أَدري أصحيحٌ عنْهُ ذلك أمْ لا: دَوْقَلَ الرَّجُل لنَفْسه، إذا اختَصَّها بشيءٍ من المأكول.‏
    (دقس) الدال والقاف والسين قريب(1)، إلا أنَّهم يقولون: الدُّقْسَة: دُوَيْبَّة. ويقولون: دَنْقَسَ الرجُلُ دَنقْسةً، وربَّما قالوا بالشين، إذا نظرَ بمُؤْخِرِ عينَيه، وليس هذا من أصيلِ كلام العرب. وكذلك الدال والقاف والشين. وذكروا أن أبا الدُّقَيش(2) سُئِل عن معنى كُنْيته فقال: لا أدري، هي أسماءٌ نسمعها فنتسمَّى بها. وما أقرَبَ هذا الكلامَ من الصِّدْق. وذكر السِّجِستانيّ أنَّ الدُّقْشَة دُوَيْبَّة رَقْطاء، وأنَّ الدَّقْش النَّقْش. وكل ذلك تعلُّلٌ، وليس بشيء.‏
    (دقم) الدال والقاف والميم أُصَيل فيه كلمة. يقال: "دَقَم أسنانَه: كَسرها.‏
    (دقي) الدال والقاف والياء كلمةٌ واحدة. دَقِيَ الفَصيل دَقىً، إذا بَشِمَ عن اللَّبن. والذّكرُ دَقٍ والأنثى دَقِيَةٌ.‏
    (دقر) الدال والقاف والراء أصل يدل على ضعفٍ ونقصان. فالدَّقارير: الأباطيل. والدواقير- فيما يقال- جمع دَوْقَرَةٍ، وهي غائطٌ من الأرض لا يُنْبِت. والدِّقْرَارة: الرجُل النَّمَّام. والدِّقرار: التُّبَّان. وقياسُه قياسُ الباب، لنُقْصانه.‏
    (دقع) الدال والقاف والعين أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على الذّلّ. وأصله الدَّقْعاء، وهو التراب. يقال دَقَِعَ الرَّجل: لَصِِقَ بالتراب ذُلاًّ. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، للنِّساء: "إنَّكُنَّ إذا جُعتُنّ دَقَِعْتُنّ، وإذا شبِعتن خجِلْتُنَّ" فالدّقَع هذا. قال الكميت:‏
    ولَم يَدْقَعُوا عند ما نابهُمْ *** لوَقْعِ الحُروبِ ولم يَخْجَلُوا(3)‏
    والمَدَاقيعِ مِن الإبل: التي تأكل النَّبْتَ حتى تلصِقَهُ بالأرض، من الدَّقعاء(4). والداقعُ من الرّجال: الذي يطلُب مَدَاقَّ الكَسْب. وفي بعض اللغات: "رماهُ اللهُ بالدَّوْقَعَة"، وهي فوعلة من الدَّقَع.‏
    ـــــــــــــــــــ
    (1) كذا في الأصل.‏
    (2) أبو الدقيش: أحد الأعراب الفصحاء الذين أخذت عنهم اللغة. انظر فهرست ابن النديم 70. قال: "أبو الدقيش القناني الغنوي". وفي الأصل: "أبو الدهس"، تحريف. انظر اللسان (دقش).‏
    (3) سبق البيت في مادة (خجل) ص247. والخجل في البيت والحديث بمعنى الأشر والبطر.‏
    (4) في الأصل: "حتى تلصق الدقعاء"، صوابه من المجمل. وفي اللسان: "حتى تلصقه بالدقعاء، لقلته".‏
    ـ (باب الدال والكاف وما يثلثهما)
    (دكل([1])) الدال والكاف واللام أُصَيلٌ يدلُّ على تعظُّم. يقال تدكَّل الرّجل، إذا تعظّم في نفسه، ومنه الدَّكَلة: القوم لا يُجِيبون السُّلطان مِن عِزِّهم.
    (دكن) الدال والكاف والنون أصَيلٌ يدلُّ على تنضِيد شيءٍ إلى شيء. يقال دَكَنْتُ المَتَاع، إذا نَضَّدْتَ بعضَه فوق بعض. ومنه اشتقاق الدُّكَّان، وهو عربيٌّ. قال العبديّ([2]):
    فأبْقَى باطِلِي والجِدُّ منها *** كدُكّانِ الدَّرابِِنَةِ المَطِينِ([3]) (دكع) الدال والكاف والعين كلمةٌ واحدة، وهي قولُهم لداءٍ يأخُذُ الخيلَ والإبلَ في صُدورها: دُكَاعٌ. قال القطاميّ:
    ترى مِنهُ صُدورَ الخَيلِ زُوراً *** كأنَّ بها نُحازاً أو دُكاعَا([4]) ويقولون: هو السُّعال.
    (دكأ) الدال والكاف والهمزة كلمةٌ [واحدة] تَدَاكَأَ القومُ، إذا ازْدَحَمُوا.
    (دكس) الدال والكاف والسين أُصَيلٌ يدلُّ على غِشْيان الشّيء بالشيء. قال ابنُ الأعرابيّ. الدُّكاس: ما يَغْشى الإنسانَ من النُّعاس. قال:
    كأنَّه من الكَرَى الدُّكَاسِ *** باتَ بِكأسَيْ قَهوةٍ يُحاسِي([5]) ويقال: الدَّوْكس: العدد الكثير. وقال: الدَّكَس: تراكُبُ الشيءِ بعضه على بعض. وذُكر عن الخليل أنّ الدَّوْكس الأسد، فإِنْ كان صحيحاً فهو من الباب؛ لجرأته وغِشْيانِهِ* الأهوال.
    ـــــــــــــــ
    ([1]) في الأصل: "دكم"، والكلام في مادة "دكل" كما ترى. وإليك مادة (دكم) من المجمل: "الدكم: كسر الشيء بعضه على بعض".
    ([2]) هو المثقب العبدي، وقصيدة البيت في المفضليات (2: 87-92) ومنتهى الطلب (1: 299-301).
    ([3]) انظر المرجعين السابقين واللسان (دكك، دربن، طين). وقد سبق إنشاده في (دك). وبين اللغويين خلاف في أصل مادة (الدكان).
    ([4]) ديوان القطامي ص38 والمجمل واللسان (دكع).
    ([5]) الرجز في المجمل واللسان (دكس).
    ـ (باب الدال واللام وما يثلثهما)
    (دلم) الدال واللام أصلٌ يدلُّ على طولٍ وتَهدُّل في سواد. فالأدلم من الرِّجال: الطويل الأسود؛ وكذلك هو من الجِمال والجِبال. وزعم ناسٌ أن الدَّيلم: سوادُ اللّيل وظُلْمته. فأمَّا قول عنترة:
    * زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عَنْ حِيَاضِ الدَّيْلَمِ([1]) *
    فيقال إنّهم الأعداء. فإن كان كذا فالأعداء يُوصَفون بهذا. قال الأعشى:
    * هم الأعداء فالأكبادُ سُودُ([2]) *
    وقال قومٌ: الديلم مكانٌ أو قبيلٌ. ويقال: جاء بالدَّيْلَم، أي بالدَّاهية. وهذا تشبيهٌ. والدَّلَمُ: الهَدَلُ في الشَّفَة.
    (دله) الدال واللام والهاء أُصَيلٌ يدلُّ على ذَهاب الشّيء. يقال ذهب دَمُ فُلانٍ دَلْهاً، أي بُطْلاً. وَدَلَّهَ عقلَه الحُبُّ وغيرُه، أي أذهب.
    (دلي) الدال واللام والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على مقارَبة الشَّيء ومداناتِه بسُهولةٍ ورِفْق. يقال: أدلَيْتُ الدّلوَ، إذا أرسلْتَها في البئر، فإذا نَزَعْتَ فقد دَلَوْت. والدَّلْو: ضَربٌ من السَّير سهلٌ. قال:
    * لا تَعْجَلا بالسَّيْرِ وادلُوَاها([3]) *
    والدَّلاَة: الدَّلوُ أيضاً، ويُجْمع على الدِّلاء. فأمَّا قولـه:
    آليت لا أُعطي غلاماً أبداً *** دَلاتَه إنِّي أُحِبُّ الأسودا([4]) فإنّه أراد بِدَلاتِه سَجْلَه ونَصِيبَه من الوُدّ. والأسودُ ابْنهُ.
    ويقال أدلى فلانٌ بحجَّته، إذا أتى بها. وأدلى بمالِهِ إلى الحاكم: إذا دَفعَه إليه. قال جلَّ ثناؤه: {وَتُدْلُوا بِهَا إلى الحُكَّامِ} [البقرة 188].
    ويقال دلَوْتُ إليه بفلانٍ: استشفعت به إليه. ومن ذلك حديث عمر في استسقائه بالعباس: "اللهمَّ إنّا نتقرَّبُ إليك بعَمِّ نبيِّك، وقَفِيَّةِ آبائه، وكُبْرِ رِجاله. ودلَوْنا به إليك مستَشْفِعِين".
    ويحمل على هذا قولهم: جاء فلانٌ بالدَّلْو، أي الدَّاهية. وأنشد:
    يحمِلْن عَنْقَاءَ وعَنقَفِيرا([5]) والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفيرا([6]) ويقال: دَالَيتُ الرّجلَ، إذا داريتَه([7]). ويقال هو دَلاَّءُ مالٍ، إذا كان سائِس مالٍ وخائِلَه.
    (دلب) الدال واللام والباء ليس بشيء. والدُّلْبُ فيما يقال: شَجَرٌ([8]).
    (دلث) الدال واللام والثاء أصلٌ يدلُّ على الاندفاع. يقال لمدَافع السيل المدالث؛ الواحد مَدْلَثٌ. والناقة الدِّلاث: السريعة. يقال اندلَثَتِ النّاقةُ
    تندَلِثُ اندلاثاً. وحكى بعضُهم: دلَثَ الشَّيخُ، مثل دَلَف. ويقال اندلَثَ فُلانٌ على فُلانٍ، إذا اندرَأَ عليه وانصبَّ.
    (دلج) الدال اللام والجيم أصلٌ يدلُّ على سَيرٍ ومَجيءٍ وذَهاب. ولعلَّ ذلك أكثرَ ما كان في خُِفْيَةٍ. فالدَّلَج: سَيْر اللَّيل. ويقال أَدْلَجَ القومُ، إذا قطعوا الليلَ كلَّه سيراً؛ فإِنْ خرَجُوا مِن آخِر الليل فقد ادَّلجوا، بتشديد الدال. ويقال إنَّ أبا المُدْلِج([9]) القُنْفذ، ويزعُمون أنَّ أكثرَ حركتِه باللَّيل. والدَّوْلج: السَّرب. والدَّوْلَج: كِناس الوحشيّ. وهو قياسُ الباب؛ لأنّهما يُستخفَى فيهما.
    ثم يُحمَل على الباب، فيقال للذي يأخذ الدَّلو من رأس البئر إلى الحوض: الدَّالج، وذلك المكان المَدْلَج. والفِعل دَلَج يَدْلُجُ دُلُوجا([10]). قال:
    كأنَّ رِماحَهُم أَشْطَانُ بِئْرٍ *** لها في كلِّ مَدْلَجةٍ خُدودُ([11]) وأمَّا قولُ الشَّمَّاخ:
    وتشكو بعَينٍ ما أكلَّ ركابَها *** وقيلَ المنَادِي أصبَحَ القومُ أدْلِجِي([12]) فإنّه حكَى صوتَ المنادِي، أنّه كان مرّةً ينادي: أصبَحَ القَومُ، ومرة ينادي: أدلجي([13])، يَأمُرُ بذلك.
    (دلح) الدال واللام والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على مَشْي وثِقَل المحمول. يقول العرب: دَلَحَ البعيرُ بحِمْلِهِ، إذا مشى به بثقَل. وسَحابةٌ دَلوحٌ: كأنَّها تجرِي بمائها، ومن ذلك حديث سَلْمان: "أنّه اشترى هو وأبو الدَّرداءِ لحماً، فتدالَحَاهُ بينهما علىعُودٍ"، أي حَمَلاه ونَهَضَا به. ويقال سحابةٌ دَلوحٌ، وسَحائب دُلَّح. قال:
    بينما نَحْنُ مُرْتِعُون بفَلْجٍ *** قالت الدُّلَّحُ الرِّواءُ إنيهِِ([14]) (دلس) الدال واللام والسين أصلٌ *يدلُّ([15]) على سَتْرٍ وظُلْمة. فالدَّلَس: دَلَسُ الظَّلام. ومنه قولهم: لا يُدالِسُ، أي لا يُخادع. ومنه التَّدْليس في البيع، وهو أن يبِيعَه من غير إبانةٍ عن عيبه، فكأنّه خادَعَه وأتاهُ به في ظلامٍ.
    وأصلٌ آخَرُ يدل على القِلّة. يقول العرب: تدلَّسْتُ الطَّعامَ، إذا أخذْتَ منه قليلاً قليلاً. وأصل ذلك من الأَدْلاس، وهي من النبات رِبَبٌ([16]) تُورِقُ في آخِر الصيف. يقولون: تَدَلَّسَ المالُ، إذا وقع بالأَدلاس([17]).
    (دلص) الدال واللام والصاد تدلُّ على لِينٍ ونَعْمة. فالدِّلاص: الدِّرع الليِّنة. ويقولون: دَلَصت السُّيول الصّخرةَ، كأنها ليَّنَتْها. قال:
    * صَفاً دَلَصَتْهُ طَحْمَةُ السَّيلِ أخْلَقُ([18]) *
    والدَّليص: البَرَّاق. ويقال اندَلَصَ الشَّيءُ مِن يَدي، إذا سَقَط. وكأنَّ هذا مشتقٌّ، أو تكونُ الدّالُ بدلاً من الميم، وهو من انْمَلَصَ وأَمْلصت المرأة، إذا أَسْقَطَت.
    (دلظ) الدال واللام والظاء أُصَيلٌ يدلُّ على الدَّفْع. يقال دَلَظْته. دَلْظاً، إذا دفَعْتَه. وَحكى بعضُهم: أقبل الجيش يَتَدَلْظَى([19])، إذا دَفَعَ بعضُه بعضاً.
    (دلع) الدال واللام والعين أُصَيلٌ يدلُّ على خُروجٍ. تقول: دَلَعَ لسانُه: خرجَ. ودَلَعَهُ هو، إِذا أخرجَه. والدَّلِيع: الطريق السَّهل. ويقال اندلَعَ بطنُه، إذا أخرج أمامَه.
    (دلف) الدال واللام والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على تقدُّمٍ في رِفق فالدَّليف: المشْيُ الرُّوَيد. يقال دَلَفَ دَلِيفاً؛ وهو فَوْقَ الدَّبِيب. ودلَفَت الكتيبة في الحرب. قال أبو عُبيد: الدَّلْف: التقدُّم؛ دَلَفْناهم، أي تقدَّمناهم([20]). والدَّالف: السَّهم الذي يقَع دون الغَرَض ثم ينبُو عن موضِعِه.
    (دلق) الدال واللام والقاف أصلٌ واحد مطّرد، يدلُّ على خروج الشيء وتقدُّمه. فالنّاقة الدَّلوق هي التي تَكَسَّرَ أسنانُها فالماء يخرُج من فمها. ويقال اندلَقَ السَّيفُ مِنْ غِمده، إذا خرج من غير أن يُسَلّ. واندلقت أقتابُ بَطْنه، إذا خرجَتْ أمعاؤُه. واندلَقَ السَّيلُ على القَوم، واندلَقَ الجيش. قال طرفة:
    دُلُقٌ في غارَةٍ مَسْفُوحَةٍ *** كرِعَال الطَّيرِ أسراباً تَمُرّْ([21]) وناقة دُلُقٌ: شديدة الدُّفعة. والاندلاق: التقدُّم. وكان يقال لعُمارةَ بن زيادٍ العبسيّ أخِي الرَّبيع: "دالق"([22]).
    (دلك) الدال واللام والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على زَوالِ شيءٍ عن شيء، ولا يكون إلاَّ برِفْق. يقال دَلَكَت الشّمسُ: زالت. ويقال دَلَكَتْ غابت. والدَّلَكُ: وقتُ دُلوك الشَّمس. ومن الباب دَلَكْتُ الشَّيء، وذلك أنّك إذا فعلْتَ ذلك لم تكَدْ يدُك تستقرُّ على مكانٍ دُونَ مكان. والدَّلُوك: ما يتدلَّكُ به الإنسان مِن طِيبٍ وغَيره. والدَّلِيكُ: طعامٌ يُتَّخَذ من زُبدٍ وتَمْرٍ شبه الثّرِيد، والمدلوك: البعير الذي قد دلَكَتْه الأسفار وكَدَّتْه. ويقال بل هو الذي في رُكْبتيه([23]) دَلَكٌ، أي رخاوة؛ وذلك أخَفُّ من الطَّرَق. وفرسٌ مَدلُوك الحَجَبَةِ، أي ليس بحَجَبَتِه إشرافٌ. وأرضٌ مدلوكة، أي مأكولة؛ وذلك إذا كانت كأنّها دُلِكَتْ دَلْكاً. ويقال الدُّلاكة آخِرُ ما يكون في الضَّرع من اللّبن، كأنّه سُمِّي بذلك لأنَّ اليد تَدْلُك الضَّرع.
    قال أحمد بن فارس: إنّ لله تعالى في كلِّ شيءٍ سِرّاً ولطيفةً. وقد تأمّلْتَ في هذا الباب من أوّله إلى آخره فلا تَرَى الدّالَ مؤتلفةً مع اللام بحرفٍ ثالث إلا وهي تدلُّ على حركةٍ ومجيءٍ، وذَهابٍ وزَوَالٍ من مكانٍ إلى مكان، والله أعلم([24]).
    ــــــــــــــــــ
    ([1]) من معلقة عنترة. وصدره: * شربت بماء الدحرضين فأصبحت *
    ([2]) ديوان الأعشى 215 واللسان (سود). وصدره: * فما أجشمت من إتيان قوم *
    ([3]) الرجز في اللسان (دلا). ([4]) الرجز في اللسان (دلا).
    ([5]) في الأصل: "والزقرا"، صوابه من المواضع السابقة.
    ([6]) في الأصل: "وعقنقيرا"، صوابه في اللسان (عنق، خشب، دلا، دلم، زفر)، وأمالي ثعلب 589.
    ([7]) في الأصل: "دارأته"، صوابه من اللسان.
    ([8]) في الأصل: "الشجر"، صوابه من المجمل.
    ([9]) يقال للقنفذ "مدلج" و"أبو مدلج" ذكرهما في القاموس، ولم يذكر في المجمل واللسان إلا الأول.
    ([10]) ويقال أيضاً دلج يدلج، بكسر اللام في المضارع، دلجا، بالفتح.
    ([11]) ديوان عنترة 63 واللسان (دلج).
    ([12]) لم يرد البيت في ديوان الشماخ. وكذا ورد ضبطه في اللسان (دلج، صبح).
    ([13]) في الأصل هنا وفي متن البيت: "ادلج"، صوابه من اللسان.
    ([14]) البيت في المجمل. و"إنيه" بكسر الهمزة والنون: كلمة تقال عند الإنكار. انظر اللسان (أنى 53).
    ([15]) في الأصل: "يقال".
    ([16]) الربب: جمع ربة بكسر الراء وتشديد الباء، وهي نبتة صيفية.
    ([17]) الأدلاس: جمع دلس، بالتحريك. وفي الأصل: "بالأدلال" محرف.
    ([18]) لذي الرمة في ديوانه 396 واللسان (دلص). وصدره: *إلى صهوة تحدو محالا كأنه*
    ([19]) في الأصل: "شد لظى"، صوابه من المجمل. والذي في اللسان والقاموس: "ادلنظى".
    ([20]) في الأصل: "التقديم، ولغناهم، أي تقدمنا" صوابه من المجمل واللسان.
    ([21]) ديوان طرفة 72 واللسان والمجمل (دلق).
    ([22]) في القاموس وشرحه أنه سمي بذلك لكثرة غاراته.
    ([23]) في الأصل: "بكيت"، تحريف.
    ([24]) بنهاية هذه المادة ينتهي الجزء المطبوع من المجمل. وسأستمر في مقابلته بعد ذلك بالنسخة المخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 382 لغة.
    ـ (باب الدال والميم وما يثلثهما)
    (دمن) الدال والميم والنون أصلٌ واحد يدلُّ على ثباتٍ ولزوم. فالدِّمْنُ: ما تَلبَّد من السِّرجين والبَعْر في مَبَاءات النَّعَم؛ وموضع ذلك الدِّمْنةُ، والجمع دِمَن. ويقال دَمَنْتُ الأرض بذلك، مثلُ دَمَلْتُها. والدِّمنة: ما اندفَن من الحِقْد في الصدر*. وذلك تشبيه بما تدمَّن من الأبعار في الدِّمَن. ويقال: دمَّن فلانٌ فِناءَ فُلانٍ، إذا غَشِيَه ولَزِمه. وفلانٌ دِمْنُ مالٍ، مثل قولهم إزاءُ مالٍ. وإنما سُمِّي بذلك لأنّه يلازم المال. ودَمُّونُ: مكانٌ. وكل هذا قياسٌ واحد.
    وأمّا الدّمَانُ، فهو عَفَنٌ يُصِيب النَّخْل، فإن كان صحيحاً فهو مشتقٌّ ممّا ذكرْناه من الدِّمْن؛ لأنّ ذلك يَعْفَنُ لا محالة.
    (دمث) الدل والميم والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على لينٍ وسُهولة. فالدَّمَث: اللِّين؛ يقال دَمِث المكانُ يَدْمَثُ دَمَثاً؛ وهو دَمْثٌ وَدَمِثٌ. ويكون ذا رَمْلٍ، ومن ذلك الحديث: "أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم مال إلى دَمَثٍ، وقال: إذا بال أحَدُكُم فليرتَدْ لبَوْله([1])". والدّماثة: سُهولة الخُلُق. ويقال دَمِّثْ لي الحديثَ، أي سهِّلْه ووَطِّئْه.
    (دمج) الدال والميم والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على الانطواء والسَّتر. يقال أدمَجْت الحَبلَ، إذا أدرَجْتَه وأحكَمْتَ فَتْلَه. وقال الأصمعيّ في قول أوس:
    بَكَيْتمْ على الصُّلح الدُِّماجِ ومِنْكُمُ *** بذِي الرِّمْثِ من وادي هُبَالَة مِقْنَبُ([2]) قال: هو من دامَجَه دِمَاجاً، إذا وافَقَه على الصُّلح. يقال تدامَجُوا. ويقال فلان على دَمَجِ فُلانٍ، أي على طريقتِه. وكلّ هذا الذي قاله فليس يَبْعُد عمّا ذكَرْناه من الخَفاء والسَّتْر.
    (دمخ) الدال والميم والخاء ليس أصلاً. إنما هو دَمْخٌ: جبلٌ، في قول القائل:
    كَفَى حَزَناً أنِّي تطالَلْتُ كَيْ أَرَى *** ذُرَى عَلَمَيْ دَمْخ فما يُريَانِ([3]) (دمر) الدال والميم والراء أصلٌ واحد يدلُّ على الدُّخول في البيت وغيرِه. يقال دَمَرَ الرّجُل بيتَه، إذا دَخَلَه. وفرَقَ ناسٌ بين أن يكون دخولُه بإذْنٍ أو غير إذْن، فقال أبو عُبيد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: "مَن اطَّلَعَ في بيتِ قومٍ بغير إذْنٍ فقد دمر"، أي دخل. قال أبو عبيد: هذا إذا كان بغير إذْن، فإن كان بإذنٍ فليس بدُمُور. وهذا تفسيرٌ شرعيّ، وأمّا قِياس الكلمة فما ذكرناه أوَّلاً. ومنه قول أوس:
    فلاقَى عليه من صُبَاحَ مُدَمِّراً *** لناموسه من الصَّفيحِ سَقائفُ([4]) قال الشّيبانيُّ والأصمعيُّ: المدمِّر الداخل في القُتْرة. ويقال دَمَر القُنفذُ إذا دخَلَ جُحْره. وقال ناسٌ: المدَمّر الصّائد يدخِّن بأوبار الإبلِ وغيرِها حتّى لا يَجد الصَّيدُ رِيحَه. والذي عندنا أنّ المدمّر هو الدّاخِلُ قُتْرتَه، فإِذا دخَلَها دَخّن. وليس المدمِّر من نعت المُدَخِّن، والقياس لا يقتضيه. وقال الله تعالى([5]): {دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد 10]. والدَّمار: الهلاك. ويقال إن التّدْمُرِيَّ: ضَربٌ من اليَرابيع. فإِن كان صحيحاً فهو القياس، لأنه يدمِّر في جِحَرَتِه.
    (دمس) الدال والميم والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاء الشّيء. ومن ذلك قولُهم: دَمَّسْتُ الشيء، إِذا أخفَيْتَه. وأتانا بأُمورٍ دُمْس مثل دُبْس، وهي الأمور التي لا يُهْتَدَى لوَجْهها. ويقولون: دَمَس الظّلامُ: اشتدَّ. ومنه الدِّيماس، يقال إنّه السَّرَب. وهو ذلك التماس([6]). وفي حديث عيسى عليه السلام: "كأنّمَا خَرَج مِن دِيماسٍ".
    (دمص) الدال والميم والصاد ليس عندي أصلاً. وقد ذُكِرَتْ على ذاك فيه كلماتٌ إنْ صحَّتْ فهي تتقارَبُ في القياس. يقولون الدَّوْمَصُ: بَيضة الحديد، فهذا يدلُّ على مَلاسَةٍ في الشّيء. ثم يقولون لمَنْ رَقَّ حاجبُه أدْمَصُ، وهو قريبٌ من ذلك. ويقال إنّ كل عِرْق من حائطٍ دِمْصٌ. وفي كلِّ ذلك نَظَرٌ.
    (دمع) الدال والميم والعين أصلٌ واحد يدلُّ على ماءٍ أو عَبْرةٍ([7]). فمن ذلك الدَّمْع ماءُ العَين، والقَطرةُ دَمْعةٌ. والفِعْل دَمَعَتِ العينُ دَمْعاً ودَمِعَتْ دَمَعاً* ودَمَعَتْ دُمُوعاً أيضاً. وعينٌ دامعةٌ. وجمعُ الدَّمْع دُموع. قال الخليل: المَدْمَع مجتَمَع الدَّمع في نَوَاحي العَيْن، والجميع المَدامع. ويقال امرأة دَمِعَةٌ: سريعةُ البكاء كثيرةُ الدَّمْع. ويقال شَجَّةٌ دامعةٌ: تسيل دَماً. كذا هو في كتاب الخليل. والأصحُّ مِن هذا أنّ التي تسيلُ دماً هي الدَّامِية، فأمّا الدّامعة، فأمْرُها دون ذلك، لأنّها التي كأنّها يَخْرُج منها ماءٌ أحمرُ رقيق، وذكر اليزيديُّ أنّ الدُّمَاع أَثَرُ الدَّمْع على الخَدّ. وأنشد:
    يا مَنْ لِعَينٍ لا تَنِي تَهْماعَا *** قد تَرَك الدّمْعُ بها دِمَاعا([8]) ويقال دُماعاً. والدُّماع مخفَّف ومثقّل: ما يَسِيل من الكَرْم أيَّامَ الرَّبيع.
    (دمغ) الدال والميم والغين كلمةٌ واحدة لا تتفرّع ولا يقاس عليها. فالدِّماغ معروف. ودَمَغْتُه: ضربْتُه على رأسِه حتّى وصلْتُ إلى الدماغ. وهي الدّامِغة([9]).
    (دمق) الدال والميم والقاف ليس أصلاً، وإن كانوا قد قالوا دَمَقَ في البيت واندمَقَ، إذا دخَل، وإنَّما القاف فيما يُرَى مبدلةٌ مِن جيم، والأصل دَمَج، وقد مضى ذِكْرُه.
    (دمك) الدال والميم والكاف يدلُّ على معنيين: أحدهما الشِّدَّة، والآخر السُّرعة؛ وربَّما اجتمع المعنيانِ.
    فأمَّا الشِّدّة فالدَّمَكْمَكُ: الشديد. والدّامِكَة: الدّاهية والأمرُ العظيم. والمِدْماك: الخشبة تكون تحت قدمَي السّاقي.
    وأمّا الآخر فيقال إنّهم يقولون دَمَكَتِ الأرنب، إذا أسرعَتْ في عَدْوِها. والدَّموك: البَكَرْة العظيمة. فقد اجتمع فيها المعنيانِ: الشدّة، والسُّرعة. والدَّموك: الرَّحَى. وهي في المعنى والبَكَرة سواءٌ.
    (دمل) الدال والميم واللام أُصَيلٌ يدلُّ على تجمُّع شيءٍ في لِينٍ وسُهولة. من ذلك اندمَلَ الجُرْح؛ وذاكَ اجتماعُه في بُرْءٍ وصَلاح. ودُمِلت الأرض بالدَّمَال، وهو السِّرجين. ودامَلْتُ الرَّجُل، إذا داجَيْته. وهو ذلك القياسُ؛ لأنّه مقارَبةٌ في سهولةٍ، والدُّمّل عربيٌّ، وهو قياسُ ما ذكرناه من التجمُّع في لِينٍ. ألا ترى أنّ أبا النجم يقول:
    * وامْتَهَدَ الغارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ([10]) *
    والله أعلم.
    ــــــــــــــــــــ
    ([1]) في اللسان: "وإنما فعل لئلا يرتد إليه رشاش البول".
    ([2]) الدماج ككتاب وغراب. والبيت في ديوان أوس بن حجر ص2. ويوم هبالة من أيامهم. وفي الديوان: "ولم يكن* بذي الرمث من وادي تبالة".
    ([3]) البيت لطهمان بن عمرو الكلابي، كما في اللسان (دمخ)، وقصيدته في معجم البلدان (دمخ).
    ([4]) صباح بالضم: اسم لعدة قبائل. عليه، أي على "المنهل" في بيت قبله، وهو:
    فأوردها التقريب والشد منهلا *** قطاه معيد كرة الورد عاطف انظر الديوان 16. وفي اللسان: "عليها" تحريف، كما أن "صباح" ضبطت فيه بفتح الصاد خطأ.
    ([5]) بدلها في الأصل: "ويقال" فقط.
    ([6]) كذا في الأصل.
    ([7]) في الأصل: "أو غيره"، وهو كلام لا يصح.
    ([8]) البيتان في اللسان (دمع). واقتصر في اللسان على ضبط هذه الكلمة بالضم. وضبط متن البيت وتذييله هو من الأصل. ولم ترد الكلمة في القاموس.
    ([9]) أي الضربة. وفي الأصل: "وهي الدماغ"، صوابه من اللسان.
    ([10]) البيت في اللسان (مهد، دمل). وسيعيده في (مهد) وكذا في (3: 159).
    ـ (باب الدال والنون وما يثلثهما في الثلاثي)
    (دنـي) الدال والنون والحرف المعتل أصلٌ واحد يُقاس بعضُه على بعض، وهو المقارَبَة. ومن ذلك الدّنِيُّ، وهو القَريب، مِن دنا يدنُو. وسُمِّيت الدُّنيا لدنوّها، والنِّسبة إليها دُنْياوِيّ. والدَّنِيُّ من الرجال: الضعيف الدُّونُ، وهو مِن ذاكَ لأنّه قريب المأخذ والمنزلة. ودانَيْت بين الأمرَين: قاربْتُ بينهما. وهو ابن عَمِّهِ دُِنْيا(1) ودِنْيَةً. والدّنِيُّ: الدُّون، مهموز. يقال رجلٌ دنيءٌ، وقد دَنُؤَ يَدْنُؤُ دَناءةً(2). وهو من الباب أيضاً، لأنّه قريبُ المنزِلة. والأدْنَأُ من الرّجال: الذي فيه انكبابٌ على صدرِهِ. وهو من الباب، لأنّ أعلاه دانٍ من وَسطه. وأدْنَتِ الفَرَسُ وغيرُها، إذا دنا نِتاجُها. والدَّنِيّة: النقيصة. وجاء في الحديث: "إذا أكْلتُم فَدَنُّوا" أي كلُوا ممّا يلِيكُم مما يدنُو منكم. ويقال لقيتُه أدنَى دَنِيٍّ، أي أوّل كلِّ شيء.‏
    (دنب) الدال والنون والباء لا أصل له. على أنّهم قد قالوا: رجلٌ دِنَّبَةُ ودِنَّابَةٌ، وهو القَصير. وهذا إن صحّ فهو من الإبدال لأن الأصل الميم دِنَّمَةٌ.‏
    (دنخ) الدال والنون والخاء ليس أصلاً يُعوَّل عليه. وقد قالوا دنَّخ الرجل، إذا ذَلّ ونكَّسَ رأسه. وأنشدوا:‏
    * إذا رآنِي الشُّعراءُ دنَّخُوا(3) *‏ ويقولون: إِنّ التّدنيخ في البِطّيخة أن تنْهزِمَ إلى داخِلِها. ويقولون: التَّدنيخ: ضَعْف البَصَر. ويقال* دَنَّخَ في بيته، إذا أقامَ ولم يبرَحْ. فإِن كان ما ذُكر من هذا صحيحاً فكله قياسٌ يدلُّ على الضَّعف والانكسار.‏
    (دنس) الدال والنون والسين كلمةٌ واحدة، وهي الدَّنَس، وهو اللَّطْخ بقبيحٍ.‏
    (دنع) الدال والنون والعين أصلٌ يدلُّ على ضَعْف وقِلَّةٍ ودناءة. فالرجل الدَّنِع: الفَسْل الذي لا خَيرَ فيه. والدَّنَعُ: الذلّ. ويزعمون أنّ الدَّنَعَ ما يطرَحُه الجازرُ من البعير إذا جُزِر.‏
    (دنف) الدال والنون والفاء أصلٌ يدلُّ على مشارَفَةِ ذَهاب الشيء. يقال دَنِفَ الأمرُ، إذا أشرَفَ على الذَّهاب والفَراغ منه. والدَّنَف: المرضُ الملازم؛ والمريض دَنَفٌ، كأنّه قد قارب الذَّهاب؛ لا يثنَّى ولا يجمع. فإنْ قلتَ دَنِفٌ ثَنَّيتَ وَجمعت. فأمّا قولُ العجّاج:‏
    * والشّمسُ قد كادَت تكونُ دَنَفا(4) *‏
    فهو من الباب؛ لأنّه يريد اصفرارَهَا ودنُوِّها للمَغيب. وقد يقال منه أَدْنَفَتْ.‏
    (دنق) الدال والنون والقاف قريبٌ مِن الذي قبْلَه. يقال دَنَّقَ وجْهُ الرجُل، إذا اصفرَّ من المرض. ودنَّقَت الشّمس، إذا دانَت الغُروبَ.‏
    (دنم) الدال والنون والميم أصلٌ يدلُّ على ضعْفٍ وقِلَة. فالتَّدنيم: الإسفاف للأمور الدنيّة(5). والدِّنَّامة: الرجلُ القصير؛ ذكره الفَرّاء. ويقولون: الدِّنَّامة: النَّملة الصَّغيرة(6).‏
    (دنر) الدال والنون والراء كلمةٌ واحدة، وهي الدِّينار. ويقولون: دَنَّرَ وَجْهُ فُلانٍ، إذا تلأْلأَ وأشْرَق. والله أعلم.‏
    ـــــــــــــــ
    (1) بكسر الدال وسكون النون منون وغير منون، وكذلك دنيا، بالضم مقصور.‏
    (2) ويقال أيضاً من بان "منع".‏
    (3) للعجاج في ديوانه 14 واللسان (دنخ). وفي اللسان: "وإن رآني".‏
    (4) ديوان العجاج 82 واللسان (دنف).‏
    (5) في الأصل: "والتنديم الإسعاف للأمور" تحريف. والكلمة لم ترد في اللسان. وفي القاموس "والتدنيم: النذالة". وأثبت ما في المجمل.‏
    (6) ذكرت في القاموس، ولم تذكر في اللسان.‏
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. معجم عجائب اللغة .. شوقي حمادة
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى لسان الضاد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 19/12/2010, 09:57 PM
  2. كتاب رائد في اللغة العربية
    بواسطة طارق صلاح الدين في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 13/09/2009, 09:40 AM
  3. معجم عجائب اللغة ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى لسان الضاد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 23/05/2009, 06:47 AM
  4. موسوعة نقض النصرانية ... كتاب الكتروني رائع ..
    بواسطة الدكتور مروان الظفيري في المنتدى إسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19/06/2006, 07:38 PM
  5. كتاب ابن فارس...2
    بواسطة زينب القرشية في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 07/08/2004, 10:08 PM
ضوابط المشاركة
  • تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •