هل للمسيح صاحبة وولدا وإخوة عددا ...؟؟





المسيح عيسى بن مريم – عليه السلام – شخصية رائعة وعظيمة شغلت العالم أجمع ، بل وجعلت البعض يعتقد بألوهية صاحبها !
يمثل المسيح بن مريم عاصفة فكرية لما صاحبه من أحداث معجزة بداية من مولده ، وحتى رفعه عليه السلام .
اليهود يقولون أنه – وحاشاه – ابن زنى ، وأنهم قتلوه ، وينتظرون مسيحهم الموعود
النصارى يقولون أنه - والعياذ بالله - صلب وقام بعد موته وأنه هو الله المتجسد وابن الله !!
المسلمون يعتقدون أنه ولد بدون أب بمعجزة إلهية وأنه لم يصلب وأنه رسول الله ، وأمه مريم البتول الطاهرة أفضل نساء العالمين على الإطلاق .
ويبدو للملاحظ أن معسكر الإسلام هو الأفضل على الإطلاق فى تقدير وتبجيل المسيح – عليه السلام ..
ولعلنا نلحظ التقدير الذى حظى به المسيح وأمه فى القرآن الكريم وما يُقابل ذلك فى الأناجيل :
توجد بالقرآن الكريم سورة كاملة باسم " مريم " والدة المسيح ... لا يوجد فى العهد الجديد بأكمله أى سفر مخصوص باسم " مريم ".
ورد ذكر مريم فى القرآن الكريم 34 مرة فى 14 سورة .. مريم فى الأناجيل تُسمى " المرأة " .
القرآن الكريم ينسب المسيح لأمه مريم ، تأكيداً على ولادته الإعجازية بدون أب ... الأناجيل تنسب المسيح إلى يوسف النجار !!
القرآن الكريم يقول عن المسيح أنه باراً بوالدته ، ويذكر على لسانه " وبارا بوالدتى " .... الأناجيل تقول أن المسيح كان يُنادى أمه دائماً " امرأة " : " مالى ومالك يا امرأة " يوحنا 2/4 .
القرآن الكريم فضل مريم على نساء العالمين حتى على أم نبينا الأعظم صلى الله عليه وسلم ، لدرجة أن قال أحد الصحابة " خديجة خير من ركب الإبل من النساء " ، ولما تذكر قول القرآن الكريم عن اصطفاء مريم على نساء العالمين ، قال مستدركاً : " ومريم بنت عمران لم تركب الإبل قط " .
يقول الحق سبحانه وتعالى : ((وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ )) ( آل عمران : 42، 43 )
القرآن الكريم ينفى أن يكون المسيح قد قتل أو صلب : ((وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ )) ( النساء : 157 ) .
الأناجيل تقول أن المسيح قُتل وصُلب .
يقولون أن المسيح بن الله وأنه هو الله ذاته ، لكن القرآن الكريم يقول : ((لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) ( المائدة : 17 ) .
وأيضاً : ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً )) ( النساء : 171 )
وأيضاً : ((لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا )) ( النساء : 172 ) .
خلافات كبير جدا ًبين الإسلام والنصرانية حول المسيح عليه السلام ، ولكل إنسان عاقل الخيار فى أن يحكم على الطرف الذى يرى أنه صحيحاً وعلى صواب .
لكن هل كان للمسيح صاحبةٌ وولدٌ وإخوةٌ ؟؟؟
لندع الأناجيل تُجيب على هذا السؤال المحير الذى شغل عقول الكثيرين .
ورد بإنجيل مرقص بخصوص إخوة المسيح : ((فجاءت حينئذ اخوته و امه و وقفوا خارجا و ارسلوا اليه يدعونه و كان الجمع جالسا حوله فقالوا له هوذا أمك و إخوتك خارجا يطلبونك فأجابهم قائلا من أمي و إخوتي )) ( مرقص : 3 " 31-33" )
ومن هذا النص يتضح أن للمسيح إخوة فعلاً والدليل ما جاء مباشرة بعد هذا النص :
(( ثم نظر حوله إلى الجالسين و قال ها أمي و إخوتي لأن من يصنع مشيئة الله هو أخي و أختي و أمي
أى أن أخوة الدين والهوية والعقيدة ، أهم عند المسيح من أخوة الدم ، يؤيد ذلك أيضا تساءل الناس فى إنجيل مرقص عن المسيح : ((أليس هذا هو النجار ابن مريم و أخو يعقوب و يوسي و يهوذا و سمعان أوليست أخواته ههنا عندنا فكانوا يعثرون به )) ( مرقص 6:3 ) .
ومن هذا النص نرى أن للمسيح إخوة ذكور وأخوات إناث ، ونجد فى يوحنا :
((لأن أخوته أيضا لم يكونوا يؤمنون به )) ( يوحنا 7: 5 ) .
وفى لوقا : ((و جاء إليه أمه و أخوته و لم يقدروا أن يصلوا إليه لسبب الجمع فاخبروه قائلين أمك و إخوتك واقفون خارجا يريدون أن يروك فأجاب و قال لهم أمي و إخوتي هم الذين يسمعون كلمة الله و يعملون بها )). ( لوقا 8 : 19-21 ) .
نصوص توضح بجلاء أن للمسيح إخوة ، وأنه لا يُريد أن يُقابلهم لأن أخوته هم الذين يسمعون كلمة الله وليس إخوة الدم .
وهذه النصوص تفرض علينا أن نسلم أن مريم قد تزوجت بعد ميلاد المسيح ، وأنجبت من زوجها إخوة للمسيح ، إلا أن الدكتور " موريس بوكاى " يقف بشدة ضد هذا الرأى ، ويقول أن القرآن الكريم وصف مريم بالتى " أحصنت فرجها " ، ويقول لا يمكن أن يكون لها من أولاد سوى المسيح عليه السلام ، فهو " استثناء بيولوجى " ويُفسر ما جاء فى الإنجيل إلى " أخ " و " أخت " المسيح بأنه خطأ فى الترجمة " يُراجع كتاب " القرآن والتوراة والإنجيل فى ضوء العلم الحديث " لموريس بوكاى .
ويعترض الكاتب الإسلامى " محمد جلال كشك " – رحمه الله – على " موريس بوكاى " قائلاً :
(( ليس هناك ما يمنع تزوج مريم من يوسف النجار بعد أن حملت وولدت المسيح وليس قبل ذلك ، وربما أنجبت اخوة للمسيح واخوات من أمه طبعا .. فهو بشر معجزته أنه بلا أب .. والاحصان لا يعنى الرهبنة أو العقم .. بل العفة ، ولا نقول أن المسيو " بوكايل " متأثر بتراث " ألوهية " المسيح ومن ثم فالفرج الذى وطأه الله أو حمل بالرب ( سبحانه وتعالى عما يصفون ) لا يجوز له أن يُلقّح أو يحمل بانسان ! .. لا .. فالرجل موحد والحمد لله . والمسيح استثناء بيولوجى من ناحية " انعدام الأب " وليس استثناء لمريم ! .. وليس هناك ما يمنع فى مفهومنا الاسلامى – من أن تكون له أم عادية ، وزوج أم واخوة واخوات .. بل وحتى أن يكون له هو ابن )) ( خواطر مسلم عن الجهاد ، الأقليات ، الأناجيل ) ص 129
وننتقل إلى موضوع زوجة المسيح .. هل تزوج المسيح ؟؟ )) ( مرقص 3 : 34-35 ) .
هذا ما يُجيب عليه إنجيل " فيليب " ، الذى تم العثور عليه ضمن أوراق نجع حمادى ، إذ جاء بهذا الإنجيل :
(( المسيح كان يمشى دائماً مع ثلاث نساء ، مريم أمه وأختها خالته ومريم المجدلية وهى رفيقة المخلص ، ولكن المسيح كان يُحبها أكثر من كل تلاميذه وكان معتاداً على تقبيلها فى فمها ، مما أغضب بقية التلاميذ وجعلهم يقولون : لماذا تحبها أكثر منا جميعا ؟ فأجاب المخلص : ولماذا أحبكم مثلها ؟ "
ويُضيف إنجيل فيليب : " عظيم سر الزواج ، لأنه بدونه ما كان العالم . الآن وجود العالم يتوقف على الانسان . ووجود الانسان يتوقف على الزواج " " إنجيل فيليب ، أوراق نجع حمادى ، الطبعة الإنجليزية ص 138 ) .
هذا عن زوجة المسيح ، فماذا عن ابنه ؟؟ هذا ما نجد الإجابة عليه فى إنجيل يوحنا :
((و كانت واقفات عند صليب يسوع أمه و أخت أمه مريم زوجة كلوبا و مريم المجدلية فلما رأى يسوع أمه و التلميذ الذي كان يحبه واقفا قال لأمه يا امرأة هوذا ابنك ثم قال للتلميذ هوذا أمك و من تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته )) ( يوحنا 19 : 25 – 27 ) .
ولفهم هذا النص يجب علينا أن نضع فى حسباننا أن المسيح لم يناد أمه بلفظ " أمى " أو " أماه " على الإطلاق ، بل يقول لها " امرأة " ، إذاً فلفظة " أمك " الواردة بالنص يقصد بها أخرى غير أمه ، فماذا كان يقصد حينما قال للتلميذ : " هوذا أمك " وفى نسخة أخرى " خللى بالك من الأم " ..؟؟ هل كان يقصد أم التلميذ التى هى زوجة المسيح ؟؟
وهل كانت وصيته لأمه أن ترعى حفيدها الذى هو ابن المسيح ؟؟
وهل أم التلميذ التى جلست معه هى زوجة المسيح ؟؟
أسئلة عديدة بخلاف هذه الأسئلة تدور فى رأسى الآن ، ربما لبعضها إجابات ، وربما البعض الآخر ليست له إجابات ، لكن الأكيد لدى أن المسيح بشر مثلنا ، ربما كان له إخوة وصاحبة وولد ، وربما لا .
وسبحان من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا .




بقلم : محمود القاعود

ولكم منى جُل الشكر
أخوكم: محمود كامل

قال تعالى: ( وما ينطق عن الهوى )... الأية
صدق الله العظيم.