قد يطول العيش بالمرء فيرد الى أرذل العمر يمله الجلاس ويتفرق عنه الأصحاب فلا يصلح حاله الا التقوى وتحضير الزاد للرحيل فقلنا
تصارعني نفسي ولم أدر مابيا= وأيام عمري قد غدون لياليا
فلو رأى حالي العدو وراعه= مصابي تحاماني ورقّ َ لحاليا
يكنفني همّ ٌ بفعله ظالم= فكم روعتني في الحياة الأداهيا
ولو قد رأى حالي الصديق لهدّه= مصابي وسال الدمع منه لما بيا
تمر بي الساعات وهي مريرة= بعيدا وقلبي متعب قد رثا ليا
تذكرت من يحنو عليَّ فلم أجد= سوى مخلص قد كان في الدهر حانيا
تخطاني العيش السعيد بُعيد َما= غزا الشيب مني مفرقي والنواصيا
وهل يصلح الشيخ القعيد صُبابة ً= من العمر لم يبق ِ لها الدهر باقيا
ولقد أقفرت مني الديار حزينة= كما أنكرت مثلي الربى والنوادي
أنادي بصوت ٍ ناشز ٍ قد نَكِرتُهُ= وكم أنكر الأصحاب مثلي مناديا
رهينَ مقام ٍ يستغيث وما به= من العيش مايصبوا به لمراديا
تفرق من حولي أناس احبّهم= وخلّو أماني العمر فيّ َ وشانيا
يرقّ لي الغادون إذ يلحظوني= وكم منهم يسلّم لاهيا
مللت حياتي والبقاء ووحشتي= وحيدا ً وقد عفت الصديق المواتيا
تقطعت الآمال مني ولم أَعُد= أداري ولم يبق لي أمانيا
إذ المرء شاخت في الزمان فعالُه= وأصبح في هذي المنافع عاريا
وأصبح مهجور الصحاب مُذ َمَمَا ً= وعن فعل ما يرجوه في الناس واهيا
وأبعده الخل الوفي مجافيا ً= وألقى على شط ِّ الحياة المراسيا
عليه بتقوى الله جلّ جلاله= فأنَّى أتى الرحمن يلقاه راضيا
هو الراحم الرحمن يقبل تائبا= وان كان فيما قد مضى العمر عاصيا
ولا يصلح العبد البئيس سوى التقى= وكل تقيّ ٍ في القيامة ناجيا
لقد خاب من يمسي لاهيا = وتمضي به الأيام والموت دانيا
وأفلح عبد في الجنان مقامه= يروح ويغدو في التنعّم راضيا