بين الجبال والأرياف،كانت تعيش ميمونة بعد أن زفت لابن خالها عبد الرحمان المعروف بقساوته.
فكانت زوجته الطيبة ،تأمل أن يتصلح سلوكه وحاله .فقد كان جنديا بالقوات المسلحة ،يأتي إلى
القرية خلال العطل والمناسبات ،وكانت ميمونة تلقى الراحة في غيابه ،لأنه كان سريع
القلق ولأبسط الأشياء، فيندفع نحو المسكينة ميمونة ويهوي عليها ضربا مبرحا ،
وأولادها وبناتها يتألمون لتصرفات هذا الأب الخالي قلبه من العطف.
ولايرتاح حتى يقيدها مع البهائم ،سئمت ميمونة هذه الحياة وقررت أن تسافر إلى المدينة التي
تتواجد بها عائلتها ، وتستنجد بهم .لحق بها عبد الرحمان ،وتظاهر بالندم على ماصدرمنه،
وطالب ميمونة بالعودة وقال لها، بأن الأبناء قد اشتاقوا إليها وسيموتون كمدا على فراقها.
تأثرت ميمونة بما قال الزوج ،وعادت معه إلى الأرياف ،ولم تمض أسابيع حتى عاود صاحبنا التنكيل
بزوجته ، وزجها مع الأبقار انتقاما منها.
تخلصت ميمونة من قيودها ، وأخذت الصغار من أبنائها ووعدت الآخرين بالرجوع لأخذهم.
وقطعت الفيافي والأدغال ،فكانت تختبئ في الغابة نهارا، وتتابع سيرها ليلا .
واستمرت على هذا الحال مدة أسبوع ، وقصدت أخاها بمدينة بعيدة وبقيت معه .
كان عبد الرحمان يتعقب طريقها ،وبندقيته على كتفه يتمنى رؤيتها ليفرغ الرصاصات في
رأسها .لقدظل شبح عبد الرحمان، يلاحقها وكانت تعمل جاهدة لإيجاد عمل تعيل به
صغارها وبالفعل كانت تهيء الخبز بأحد المطاعم .فاستطاعت أن توفر نقودا لتطور حياتها.
ثم عزمت أخيراعلى المغامرة من جديد وإحضار الأبناء الباقين.....
وبالفعل تركت الصغار عند أخيها ، وذات صباح حلت متنكرة بالقرية وقصدت جارة لها
كانت تحس بها وتقدر ظروفها. اتصلت هذه الاخير ة ببنت ميمونة ،وأخبرتها بأن أمها
عادت لأخذهم وحددت معها موعدا لإحضار إخونها بعد نوم الأب عبد الرحمان.
وتنجح مهمة ميمونة ،و يعض الأب يده عندما يتأكد أن زوجته أخذت كل الأبناء.
وتستمر ميمونة في الكفاح، من أجل إنقاذ نفسها وفلذات كبدها من جحيم هذا
الظالم، وتتعلم البنات الخياطة وتتزوجن ،أما الأولاد فبعد تعلم صنعة البناء،
يهاجرن إلى أوربا وتلتحق بهما أختاهما.
لقد تحسن حال أولاد ميمونة ، وحنوا لزيارة الأب عبد الرحمان ،فاخترقوا الأدغال
بسياراتهم .استقبل الأب الأبناء والدموع تتساقط من عينيه ،يأسف عما صدر منه.
لم تتغير الحاجة ميمونة ،فقد بقيت مناضلة ومكافحة تتولى خدمة الأبناء والأحفاد.
ونسيت أنها كانت زوجة لابن خالها،
