عمر أضحكني وأبو بكر أبكاني
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كنت أقرأ ما تيسر لي من كتاب المحاسن والمساوئ للشيخ إبراهيم بن محمد البيهقي، فأتت قصة تذكر الخليفة العادل عمر بن الخطاب فضحكت ملياً ، ثم أجبرت نفسي على كبتها وقد خجلت من أمير المؤمنين ،وقد أكبرت و أعظمت تهافت رجال هذه الأمة على التسابق في الخير وكلفهم بدينهم ورسولهم، ثم تلتها قصة عن سيدنا خليفة رسول الله أبي بكر رضي الله عنه، فأبكاني هذا الشيخ الصديق ورقة قلبه وعظم فكرته ورجاحة عقله وشد تعلقه وحبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
القصة التي أضحكتني
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال :أمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، بالصدقة ووافق ذلك مالاً عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته، فجئته بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : النصف.
وجاء أبو بكر بكل ماله ، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك ؟ قال الله حقاً ورسوله ، فقلت : والله لا أسبقك إلى شيء أبداً.
وعنه رضي الله عنه أنه قال: وددت أني شعرة في صدر أبي بكر رضي الله عنه.
القصة معروفة للجميع والجميل أنه بهذه الرواية ترد على لسان الخليفة العادل عمر بن الخطاب ، هذا الرجل القوي الصلب ينكسر داخلياً و يعترف بالهزيمة أمام الشيخ الصدّيق، والذي أقام الميزان الحقيقي هو سيد الحق ونبيها الصالح محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يقارن بين مال عمر ومال أبي بكر ، بل قارن بين ما أعطيا نسبه لما أبقيا، وفي هذا تصويب وتصحيح لعقولنا كي نقيس أعمال الناس بميزان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنعطي الناس الحق والعدل لأعمالهم.
والقصة التي أبكتني
عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه وهو عاصب رأسه حتى صعد المنبر فقال : إني قائم الساعة على الحوض وإن عبداً عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة، فلم يفطن لها أحد إلا أبو بكر ، رضي الله عنه فقال : بأبي أنت وأمي بل نفديك بآبائنا وأنفسنا وأموالنا ! وبكى ، فقال : لا تبك يا أبا بكر ، إنّ من الناس عليّ في صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً من الناس لاتخذت أبا بكر. ولكن أخي في الإسلام لا يبقى في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر.
فبكى أبو بكر وقال: أنا ومالي لك يا رسول الله ." انتهى
بكى أبو بكر وبكيت هذا الرجل الذي لم تعرف الأمة مثله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أول من آمن برسول الله ،رجل صدّق الرسول وقد كذبته عشيرته وارتد بعض من آمن به بعد خبر الإسراء والمعراج ، فسماه الصديق، وراح لقبه إلى يوم الدين، ويوم يبعث يأتي أبواب الجنة فما منها باب إلا يناديه هلم هلم أدخل ، رجل لو وزن إيمان الأمة في كفة وإيمانه في كفه لرجح إيمانه، رجل أقرأه الله السلام على لسان جبريل إلى قلب النبي الكريم وكان ثاني اثنين في الغار .
رحمك الله أبا بكر الصديق وعليك أزكى الصلاة والسلام.
أبو بكر وعمر
قال عنهما الرسول صلى الله عليه وسلم حين رآهما قادمين: هذان السمع والبصر
و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال:" إن الله تبارك وتعالى أيدني من أهل السماء بجبريل و ميكائيل ومن أهل الأرض بأبي بكر وعمر.
طارق شفيق حقي
21/8/2009